أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 47 - صـ 1022

جلسة 15 من أكتوبر سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم وطه سيد قاسم نائبي رئيس المحكمة وزغلول البلش وعبد الرحمن فهمي.

(145)
الطعن رقم 19835 لسنة 64 القضائية

(1) أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". دفوع "الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
حق الدفاع الشرعي عن النفس. شرع لرد أي اعتداء بفعل يعتبر جريمة من الجرائم الواردة في المادة 246/ 2 عقوبات. ومنها جرائم الحريق العمد والتخريب والتعييب والإتلاف وانتهاك حرمة ملك الغير.
الدفاع بقيام حالة الدفاع الشرعي. جوهري. وجوب مناقشته والرد عليه. إغفال ذلك. قصور وإخلال بحق الدفاع.
(2) قتل عمد. شروع. قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
تميز القتل العمد والشروع فيه بنية خاصة. هي إزهاق الروح. وجوب استظهار الحكم له وإيراد ما يدل على توافره.
الحديث عن الأفعال المادية. لا ينبئ بذاته عن توافره.
مثال لتسبيب معيب في استخلاص نية القتل.
1 - لما كان حق الدفاع الشرعي عن النفس قد شرع لرد أي اعتداء على نفس المدافع أو على نفس غيره، وكان من المقرر أن حق الدفاع الشرعي عن المال ينشأ كلما وجد اعتداء أو خطر اعتداء بفعل يعتبر جريمة من الجرائم التي أوردتها الفقرة الثانية من المادة 246 من قانون العقوبات ومنها جرائم الحريق العمد والتخريب والتعييب والإتلاف وانتهاك حرمة ملك الغير. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإدانة الطاعن دون أن يعرض للدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي، أو يرد عليه بما يفنده مع أنه من الدفوع الجوهرية التي ينبغي على المحكمة أن تناقشها في حكمها وترد عليه، إذ أنه من شأن هذا الدفع - لو صح - أن يؤثر في مسئولية الطاعن، وفي إغفال المحكمة التحدث عنه ما يجعل حكمها مشوباً بالقصور في التسبيب فضلاً عن إخلاله بحق الدفاع.
2 - من المقرر أن جرائم القتل العمد والشروع فيه تتميز قانوناً بنية خاصة هي انتواء القتل وإزهاق الروح وهذه تختلف عن القصد الجنائي العام الذي يتطلبه القانون في سائر الجرائم العمدية. لما كان ذلك، فإن من الواجب أن يعنى الحكم الصادر بالإدانة في هذه الجرائم عناية خاصة باستظهار هذا العنصر وإيراد الأدلة التي تثبت توافره، ولما كان الحكم المطعون فيه قد ذهب في التدليل عليه إلى القول بأنه "وحيث إنه عن نية القتل فهي أمر خفي يضمره الجاني ولكن يستدل عليها من الظروف والملابسات المحيطة بالدعوى ومن السلاح المستخدم في الحادث ومواضع الضربات، وحيث إن المتهم استخدم في العدوان على المجني عليهما السلاح الناري المرخص له بحمله وهو سلاح قاتل بطبيعته ووجه فوهته إلى المجني عليه الأول.... وأطلق عليه عياراً نارياً أصابه في جانبه الأيمن، وإذ حضر المجني عليه الثاني..... لمعاتبته بادره هو الأخر بعيار ناري أصابه في ظهره بجوار العمود الفقري ولم يكن الأخير طرفاً في المشاجرة الكلامية بين المجني عليه الأول ونجله، وإذ كان المستقر عليه قضاء أن نية القتل قد تكون وليدة اللحظة، فإن جماع تلك الملابسات يقطع بتوافر نية القتل لدى المتهم، وكان هذا الذي أورده الحكم لا يفيد في مجموعه سوى الحديث عن الأفعال المادية التي اقترفها الطاعن والتي لا تنبئ بذاتها عن توافر هذا القصد لديه. لما كان ما تقدم، وكان الحكم لم يستظهر القصد الجنائي الخاص بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التي تدل عليه وتكشف عنه، فإنه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، مما يعيبه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه شرع في قتل....... عمداً من غير سبق إصرار ولا ترصد بأن أطلق عليه عياراً نارياً من السلاح الناري المرخص له فأحدث به إصابته الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وقد خاب أثر جريمته لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركة المجني عليه بالعلاج وقد اقترنت بهذه الجناية أخرى هي أنه في ذات المكان والزمان سالفي الذكر شرع في قتل....... عمداً بغير سبق إصرار أو ترصد بأن أطلق عليه عياراً نارياً من ذات السلاح سالف البيان فأحدث به إصابته الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وقد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركة المجني عليه بالعلاج أيضاً. وأحالته إلى محكمة جنايات طنطا لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وأدعى كل من....... و...... بصفته ولياً طبيعياً على نجله المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 45/ 1، 46/ 3، 234/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات ومصادرة السلاح والذخيرة المضبوطين وإلزامه بأن يؤدي إلى كل من المدعيين بالحقوق المدنية بصفتيهما وليين طبيعيين مبلغ خمسمائة وواحد جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الشروع في القتل العمد المقترنة بجناية شروع في قتل عمد قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وران عليه الإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن المدافع عن الطاعن تمسك بقيام حالة الدفاع الشرعي بيد أن الحكم لم يعرض لهذا الدفاع إيراداً ورداً ودلل على نية القتل بما لا يوفرها في حق الطاعن - مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مجمله أنه وعلى أثر مشاحنة بين المجني عليه...... و....... نجل الطاعن - خرج الطاعن من مسكنه وأطلق من مسدسه المرخص - على المجني عليه عياراً نارياً أصابه في جانبه الأيمن، وعندما حضر.... وعاتبه على فعلته أطلق عليه عياراً نارياً أصابه في ظهره، وحصل الحكم في أقوال الطاعن قوله أنه حال نومه في غرفته تناهى إلى سمعه صوت أعيرة نارية، ولما خرج لاستطلاع الأمر وجد ابنه يقف في ردهة المسكن ويمسك بالمسدس وأخبره أنه أطلق عياريين ناريين لمنع.... من اقتحام المنزل وكان معهما سنج وسيوف. كما حصل من أقوال شاهد النفي..... أنه شاهد مشاجرة بين أسرة..... والطاعن وسمع عياراً نارياً ورأى.... يمسك جانبه الأيمن وينزف دماً، وبينما كان..... يمسك بأنبوبة غاز يمنع إلقاءها على مسكن الطاعن فأصابه عيار ناري. ومن أقوال.... أنه شاهد لغط وتكسير على باب مسكن الطاعن. ومن أقوال..... أنها شاهدت المجني عليه...... يخرج من مسكن الطاعن مصاباً. لما كان ذلك، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن أثار دفاعاً مؤداه أن المجني عليه وآخرين حاولوا اقتحام منزله، وكان هذا الذي أبداه الدفاع بجلسة المحاكمة مفاده التمسك بقيام حالة الدفاع الشرعي عن النفس والمال الذي لا يشترط في التمسك به إيراده بصريح لفظه وبعبارته المألوفة، وكان الثابت مما أورده الحكم في مدوناته - على نحو ما سلف - ما يرشح لهذا الدفاع. ولما كان حق الدفاع الشرعي عن النفس قد شرع لرد أي اعتداء على نفس المدافع أو على نفس غيره، وكان من المقرر أن حق الدفاع الشرعي عن المال ينشأ كلما وجد اعتداء أو خطر اعتداء بفعل يعتبر جريمة من الجرائم التي أوردتها الفقرة الثانية من المادة 246 من قانون العقوبات ومنها جرائم الحريق العمد والتخريب والتعييب والإتلاف وانتهاك حرمة ملك الغير. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإدانة الطاعن دون أن يعرض للدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي، أو يرد عليه بما يفنده مع أنه من الدفوع الجوهرية التي ينبغي على المحكمة أن تناقشها في حكمها وترد عليها، إذ أنه من شأن هذا الدفع - لو صح - أن يؤثر في مسئولية الطاعن، وفي إغفال المحكمة التحدث عنه ما يجعل حكمها مشوباً بالقصور في التسبيب فضلاً عن إخلاله بحق الدفاع. هذا إلى أن جرائم القتل العمد والشروع فيه تتميز قانوناً بنية خاصة هي انتواء القتل وإزهاق الروح وهذه تختلف عن القصد الجنائي العام الذي يتطلبه القانون في سائر الجرائم العمدية. لما كان ذلك، فإن من الواجب أن يعنى الحكم الصادر بالإدانة في هذه الجرائم عناية خاصة باستظهار هذا العنصر وإيراد الأدلة التي تثبت توافره، ولما كان الحكم المطعون فيه قد ذهب في التدليل عليه إلى القول بأنه "وحيث إنه عن نية القتل فهي أمر خفي يضمره الجاني ولكن يستدل عليها من الظروف والملابسات المحيطة بالدعوى ومن السلاح المستخدم في الحادث ومواضع الضربات، وحيث إن المتهم استخدم في العدوان على المجني عليهما السلاح الناري المرخص له بحمله وهو سلاح قاتل بطبيعته ووجه فوهته إلى المجني عليه الأول..... وأطلق عليه عياراً نارياً أصابه في جانبه الأيمن، وإذ حضر المجني عليه الثاني..... لمعاتبته بادره هو الآخر بعيار ناري أصابه في ظهره بجوار العمود الفقري ولم يكن الأخير طرفاً في المشاجرة الكلامية بين المجني عليه الأول ونجله، وإذ كان المستقر عليه قضاء أن نية القتل قد تكون وليدة اللحظة، فإن جماع تلك الملابسات يقطع بتوافر نية القتل لدى المتهم، وكان هذا الذي أورده الحكم لا يفيد في مجموعه سوى الحديث عن الأفعال المادية التي اقترفها الطاعن والتي لا تنبئ بذاتها عن توافر هذا القصد لديه. لما كان ما تقدم، وكان الحكم لم يستظهر القصد الجنائي الخاص بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التي تدل عليه وتكشف عنه، فإنه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، مما يعيبه ويوجب نقضه والإعادة.