أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 48 - صـ 250

جلسة 27 من فبراير سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ مجدي الجندي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسين الشافعي ووفيق الدهشان وإبراهيم الهنيدي نواب رئيس المحكمة ومحمود مسعود شرف.

(35)
الطعن رقم 62550 لسنة 59 القضائية

(1) اشتباه. عقوبة "تطبيقها". دستور. محكمة دستورية. قانون "إلغاؤه". محكمة النقض. "سلطتها".
المشتبه فيه والعقوبة المقررة له. ماهيتهما المادتان 5، 6 من المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 بشأن المتشردين والمشتبه فيهم.
قضاء المحكمة الدستورية بعدم دستورية نص المادة 5 من الرسوم بقانون 98 لسنة 1945 وبسقوط المواد المرتبطة بها. أثره: اعتبار الأحكام التي صدرت بالإدانة استناداً إلى ذلك النص كأن لم تكن ويتحقق به معنى القانون الأصلح. ما دامت الدعوى الجنائية لم يفصل فيها بحكم بات. أساس ذلك؟
لمحكمة النقض أن تنقض الحكم من تلقاء نفسها لمصلحة المتهم. المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959.
(2) حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". تشريد.
خلو حكم الإدانة في جريمة التشرد من بيان واقعة الدعوى والأسباب التي بني عليه قضاءه. قصور.
1 - لما كانت المادة الخامسة من المرسوم بقانون 98 لسنة 1945 بشأن المتشردين والمشتبه فيهم المعدل بالقوانين أرقام 157 لسنة 1959، 110 لسنة 1980، 195 لسنة 1983 قد نصت على أنه "يعد مشتبهاً فيه كل شخص تزيد سنه على ثماني عشرة سنة حكم عليه أكثر من مرة في إحدى الجرائم الآتية أو اشتهر عنه لأسباب مقبولة أنه اعتاد ارتكاب بعض الجرائم أو الأفعال الآتية:... ثم أوردت المادة سالفة الذكر حصراً للجرائم والأفعال من بينها جرائم الاعتداء على النفس أو المال أو التهديد بذلك والاتجار في المواد السامة أو المخدرة. وتنص المادة السادسة من القانون ذاته على أنه: يعاقب المشتبه فيه بأحد التدابير الآتية: 1 - تحديد الإقامة في مكان معين. 2 - الوضع تحت مراقبة الشرطة. 3 - الإيداع في إحدى مؤسسات العمل التي تحدد بقرار من وزير الداخلية..... 4 - الأبعاد للأجنبي".
ولما كانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت بحكمها الصادر بتاريخ 2 من يناير سنة 1993 في القضية المقيدة برقم 3 لسنة 10 قضائية دستورية - بعدم دستورية نص المادة (5) من المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 بشأن المتشردين والمشتبه فيهم وبسقوط أحكام المواد المرتبطة بها وهي المواد (6)، (13)، (15) منه. وكانت المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 تنص على أن "أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة. وتنشر الأحكام والقرارات المشار إليها في الفقرة السابقة في الجريدة الرسمية وبغير مصروفات خلال خمسة عشر يوماً على الأكثر من تاريخ صدورها. ويترتب على الحكم بعد دستورية نص في قانون أو لائحة بعدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم. فإذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقاً بنص جنائي تعتبر الأحكام التي صدرت بالإدانة استناداً إلى ذلك النص كأن لم تكن. ويقوم رئيس هيئة المفوضين بتبليغ النائب العام بالحكم فور النطق به لإجراء مقتضاه" ومن ثم فإن حكم المحكمة الدستورية العليا سالف الذكر يعد بمثابة تشريع ناسخ لأحكام المواد 5، 6، 13، 15 من المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 المعدل سالفة البيان - والتي عوقب الطاعن بمقتضاها - وتعتبر هذه المواد بعدم جواز تطبيقها ملغاة ضمناً مما يخرج التهمة الأولى المنسوبة إلى الطاعن من نطاق التجريم ما دام السند التشريعي في تجريمها قد ألغي لأنه جريمة ولا عقوبة إلا بنص. لما كان ذلك، وكان قضاء المحكمة الدستورية سالف الذكر يتحقق به معنى القانون الأصلح للطاعن واجب تطبيقه في شأن التهمة الأولى ما دامت الدعوى الجنائية المرفوعة عليه ما زالت قائمة لم يفصل فيها بحكم بات وذلك إعمالاً لنص الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات، وكانت المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تخول لمحكمة النقض أن تنقض الحكم من تلقاء نفسها لمصلحة المتهم إذا صدر بعد الحكم المطعون فيه قانون يسري على واقعة الدعوى ومن ثم فإنه إعمالاً لحكم هذه المادة وعملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض المشار إليه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والقضاء بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة الطاعن من التهمة الأولى المسندة إليه وذلك بغير حاجة لبحث ما يثيره الطاعن في شأنها.
2 - لما كانت النيابة العامة قد أسندت إلى الطاعن إلى جانب جريمة الاشتباه تهمة التشرد وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد عاقب الطاعن بالوضع تحت مراقبة الشرطة لمدة ستة أشهر عن تلك التهمة وكانت أحكام المواد 5، 6، 13، 15 الصادر في شأنها حكم المحكمة الدستورية سالف الذكر لا تسري على جريمة التشرد وقد خلا الحكم من بيان واقعة الدعوى والأسباب التي بني عليها قضاءه بإدانة الطاعن عن هذه التهمة فإنه يكون قاصراً مما يتعين معه نقضه في خصوص جريمة التشرد موضوع التهمة الثانية والإعادة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه (1) عد مشتبهاً فيه إذ جاوز الثامنة عشر من عمره وحكم عليه أكثر من مرة في جرائم. (2) عد متشرداً إذ ليست له وسيلة مشروعة للتعيش. وطلبت محاكمته بالمواد 1/ 1، 2/ 1، 5، 6/ 1 من المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 المعدل بالقانونين رقمي 110 لسنة 1980، 195 لسنة 1983. ومحكمة جنح الاشتباه بالإسكندرية قضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام بوضع المتهم تحت مراقبة الشرطة لمدة ستة أشهر عن كل تهمة والنفاذ. عارض وقضى في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. استأنف ومحكمة الإسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي الاشتباه والتشرد قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن الحكم دانه بجريمة الاشتباه رغم أن صحيفة الحالة الجنائية له خلت من أية سوابق له فضلاً عن عدم توافر أركان تلك الجريمة في حقه إذ أن السابقة الأولى كانت عن جريمة إحراز سلاح أبيض بغير ترخيص وهي تختلف عن جريمة الاتجار في الأسلحة والذخائر المؤثمة بالفقرة الثامنة من المادة الخامسة من قانون الاشتباه، كما أن السابقة الثانية كانت عن جريمة ضرب ولم يرد ذكرها بصحيفة الحالة الجنائية، فضلاً عن أنها سابقة واحدة لا تفيد سبق الحكم عليه أكثر من مرة في جريمة الاعتداء على النفس كما تطلبت المادة الخامسة سالفة الذكر، هذا إلى أن الحكم دانه بجريمة التشرد دون أن تعرض المحكمة لما قدمه المدافع عنه من بطاقته الشخصية الثابت بها أن مهنته عامل حرفي مما يفيد أن له وسيلة مشروعة للتعيش، وأخيراً فقد خلا الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه من بيان أدلة الإدانة، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن النيابة العامة أسندت إلى الطاعن أنه في يوم 31/ 8/ 1988 أولاً: عد مشتبهاً فيه إذ جاوز الثامنة عشر من عمره وحكم عليه أكثر من مرة في جرائم. ثانياً: عد متشرداً إذ ليست له وسيلة مشروعة للتعيش. وطلبت عقابه بالمواد 1/ 1، 2/ 1، 5، 6/ 1 من المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 المعدل بالقانونين رقمي 110 لسنة 1980، 195 لسنة 1983 وقضت محكمة أول درجة في 6/ 12/ 1988 غيابياً بمعاقبته بالوضع تحت مراقبة الشرطة لمدة ستة أشهر عن كل تهمة والنفاذ، فعارض وقضت المحكمة في 11/ 4/ 1989 بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه. فاستأنف، ومحكمة ثاني درجة قضت في 27/ 7/ 1989 حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. لما كان ذلك، وكانت المادة الخامسة من المرسوم بقانون 98 لسنة 1945 بشأن المتشردين والمشتبه فيهم المعدل بالقوانين أرقام 157 لسنة 1959، 110 لسنة 1980، 195 لسنة 1983 قد نصت على أنه: "يعد مشتبهاً فيه كل شخص تزيد سنه على ثماني عشرة سنة حكم عليه أكثر من مرة في إحدى الجرائم الآتية أو اشتهر عنه لأسباب مقبولة أنه اعتاد ارتكاب بعض الجرائم أو الأفعال الآتية... ثم أوردت المادة سالفة الذكر حصراً للجرائم والأفعال من بينها جرائم الاعتداء على النفس أو المال أو التهديد بذلك والاتجار في المواد السامة أو المخدرة، وتنص المادة السادسة من ذات القانون على أنه: "يعاقب المشتبه فيه بأحد التدابير الآتية: 1 - تحديد الإقامة في مكان معين. 2 - الوضع تحت مراقبة الشرطة. 3 - الإيداع في إحدى مؤسسات العمل التي تحدد بقرار من وزير الداخلية... 4 - الأبعاد للأجنبي وكانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت بحكمها الصادر بتاريخ 2 من يناير سنة 1993 في القضية المقيدة برقم 3 لسنة 10 قضائية دستورية - بعدم دستورية نص المادة (5) من المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 بشأن المتشردين والمشتبه فيهم وبسقوط أحكام المواد المرتبطة بها وهي المواد (6)، (13)، (15) منه. لما كان ذلك، وكانت المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 تنص على أن "أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة. وتنشر الأحكام والقرارات المشار إليها في الفقرة السابقة في الجريدة الرسمية وبغير مصروفات خلال خمسة عشر يوماً على الأكثر من تاريخ صدورها، ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم. فإذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقاً بنص جنائي تعتبر الأحكام التي صدرت بالإدانة استناداً إلى ذلك النص كأن لم تكن. ويقوم رئيس هيئة المفوضين بتبليغ النائب العام بالحكم فور النطق به لإجراء مقتضاه" ومن ثم فإن حكم المحكمة الدستورية العليا سالف الذكر يعد بمثابة تشريع ناسخ لأحكام المواد 5، 6، 13، 15 من المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 المعدل سالفة البيان - والتي عوقب الطاعن بمقتضاها - وتعتبر هذه المواد بعدم جواز تطبيقها ملغاة ضمناً مما يخرج التهمة الأولى المنسوبة إلى الطاعن من نطاق التجريم ما دام السند التشريعي في تجريمها قد ألغي لأنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص. لما كان ذلك، وكان قضاء المحكمة الدستورية سالف الذكر يتحقق به معنى القانون الأصلح للطاعن واجب تطبيقه في شأن التهمة الأولى ما دامت الدعوى الجنائية المرفوعة عليه ما زالت قائمة لم يفصل فيها بحكم بات وذلك إعمالاً لنص الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات، وكانت المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تخول لمحكمة النقض أن تنقض الحكم من تلقاء نفسها لمصلحة المتهم إذا صدر بعد الحكم المطعون فيه قانون يسري على واقعة الدعوى ومن ثم فإنه إعمالاً لحكم هذه المادة وعملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض المشار إليه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والقضاء بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة الطاعن من التهمة الأولى المسندة إليه وذلك بغير حاجة لبحث ما يثيره الطاعن في شأنها، إلا أنه لما كانت النيابة العامة قد أسندت إلى الطاعن إلى جانب جريمة الاشتباه تهمة التشرد وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد عاقب الطاعن بالوضع تحت مراقبة الشرطة لمدة ستة أشهر عن تلك التهمة وكانت أحكام المواد 5، 6، 13، 15 الصادر في شأنها حكم المحكمة الدستورية سالف الذكر لا تسري على جريمة التشرد وقد خلا الحكم من بيان واقعة الدعوى والأسباب التي بني عليها قضاءه بإدانة الطاعن عن هذه التهمة فإنه يكون قاصراً مما يتعين معه نقضه في خصوص جريمة التشرد موضوع التهمة الثانية والإعادة.