أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 47 - صـ 1171

جلسة 12 من نوفمبر سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم ومصطفى عبد المجيد نائبي رئيس المحكمة وزغلول البلش وعبد الرحمن فهمي.

(168)
الطعن رقم 50161 لسنة 59 القضائية

(1) اختصاص "الاختصاص المحلي". قانون "تفسيره". شيك بدون رصيد. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
تعيين الاختصاص المحلي بمكان وقوع الجريمة أو إقامة المتهم أو القبض عليه. المادة 217 إجراءات.
مجرد إعطاء الشيك إلى المستفيد مع العلم بأنه بغير مقابل وفاء للسحب تتم به جريمة إعطاء شيك بدون رصيد. علة ذلك؟
تحرير الشيك وتوقيعه من الأعمال التحضيرية التي لا يصح بناء الاختصاص المحلي بنظر الجريمة عليها. مخالفة ذلك. خطأ في القانون.
المعول عليه في تحديد الاختصاص المحلي بالمكان الذي تم فيه إعطاء الشيك للمستفيد. مخالفة ذلك. قصور.
(2) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
التأخير في الإدلاء بالدفاع. لا يدل حتماً على عدم جديته. المحاكمة هي الوقت الذي كفل فيه القانون لكل متهم حقه في أن يدلى بطلبات التحقيق وأوجه الدفاع وألزم المحكمة النظر فيه وتحقيقه ما دام فيه تجلية للحقيقة وهداية للصواب.
استعمال المتهم حقه في الدفاع عن نفسه في مجلس القضاء. لا يصح نعته بعدم الجدية ولا بأنه جاء متأخراً. علة ذلك؟
رفض المحكمة الدفع بتزوير الشيك بحجة عدم جديته للتأخر في إبدائه. يعيب الحكم.
(3) تزوير "الادعاء بالتزوير". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". شيك بدون رصيد.
الدفع بتزوير الشيك. جوهري. وجوب تمحيصه لتعلقه بتحقيق الدليل. إغفال ذلك. يعيب الحكم.
1 - لما كان الاختصاص المحلي يتعين كأصل عام بالمكان الذي وقعت فيه الجريمة أو الذي يقيم فيه المتهم أو الذي يقبض عليه فيه وفقاً لما جرى به نص المادة 217 من قانون الإجراءات الجنائية. إلا أن جريمة إعطاء شيك بدون رصيد المنصوص عليها في المادة 337 من قانون العقوبات تتم - خلافاً لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه - بمجرد إعطاء الساحب الشيك إلى المستفيد مع علمه بأنه ليس له مقابل وفاء قابل للسحب إذ يتم بذلك طرح الشيك في التداول فتنعطف عليه الحماية القانونية التي أسبغها الشارع على الشيك بالعقاب على هذه الجريمة باعتباره أداة وفاء تجرى مجرى النقود في المعاملات، أما الأفعال السابقة على ذلك من تحرير الشيك وتوقيعه فتعد من قبيل الأعمال التحضيرية، ومن ثم يكون ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من جعل الاختصاص لمحكمة مكان تحرير الشيك قد بني على خطأ في تأويل القانون إذ المعول عليه في تحديد الاختصاص المحلي في هذه الدعوى بالمكان الذي تم فيه إعطاء الشيك للمستفيد وهو ما لم تعن المحكمة بالوقوف عليه بما يجعل حكمها مشوباً بالقصور.
2 - لما كان التأخير في الإدلاء بالدفاع لا يدل حتماً على عدم جديته ما دام منتجاً ومن شأنه أن تندفع به التهمة أو يتغير به وجه الرأي في الدعوى، كما أن استعمال المتهم حقه المشروع في الدفاع عن نفسه في مجلس القضاء لا يصح البتة أن ينعت بعدم الجدية ولا أن يوصف بأنه جاء متأخراً لأن المحاكمة هي وقته المناسب الذي كفل فيه القانون لكل متهم حقه في أن يدلى بما يعن له من طلبات التحقيق وأوجه الدفاع، وألزم المحكمة النظر فيه وتحقيقه ما دام فيه تجلية للحقيقة وهداية إلى الصواب. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أطرح دفع الطاعن بتزوير الشيك المعزو إليه إصداره في قوله: "كما تلتفت المحكمة عن الدفع المبدى من الحاضر مع المتهم بالتزوير ذلك لأنه لو كان جاد في دفعه بالتزوير لدفع به أمام محكمة أول درجة". لما كان ذلك، وكان الحكم قد صادر الطاعن في دفاعه المشار إليه بدعوى أنه غير جاد فيه، لأنه تأخر في الإدلاء به فإن ذلك يعيبه.
3 - لما كان الدفاع المسوق من الطاعن يعد في صورة الدعوى المطروحة دفاعاً جوهرياً لتعلقه بتحقيق الدليل المقدم في الدعوى ويترتب عليه - لو صح - تغير وجه الرأي فيها، وإذ لم تقسطه المحكمة حقه وتعنى بتحقيقه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه، واقتصرت في هذا الشأن على ما أوردته في حكمها لإطراح ذلك الدفاع من أسباب لا تؤدي إلى النتيجة التي رتبت عليها، فإن الحكم يكون معيباً بما يوجب نقضه والإحالة.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح الموسكي ضد الطاعن بوصف أنه أعطاه شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب مع عمله بذلك وطلب عقابه بالمادتين 336، 337 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يدفع له مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بحبس المتهم ثلاث سنوات وكفالة خمسمائة جنيه لوقف التنفيذ وإلزامه بأن يدفع للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. استأنف ومحكمة جنح القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وتأييده فيما عدا ذلك.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في....... إلخ.


المحكمة

من حيث إنه مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إعطاء شيك بدون رصيد وإلزامه بالتعويض المدني المؤقت قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه رد على الدفع بعدم اختصاص المحكمة محلياً بنظر الدعوى بما لا يصلح رداً، كما إن الطاعن أثار دفاعاً جوهرياً بتزوير الشيك المعزو إليه إصداره مستهدفاً التصريح له بالطعن فيه بالتزوير بيد أن المحكمة لم تستجب له وردت على طلبه برد غير سائغ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه عرض للدفع المبدى من الطاعن بعدم اختصاص محكمة أول درجة محلياً بنظر الدعوى وأطرحه في قوله: "وتلتفت المحكمة عن الدفع المبدى من الحاضر مع المتهم بعدم اختصاص محكمة أول درجة للاختصاص بنظر الدعوى إذ أن الشيك حرر في موطن المدعي المدني...... ومن ثم ينعقد الاختصاص لمحكمة......". لما كان ذلك، وكان الاختصاص المحلي يتعين كأصل عام بالمكان الذي وقعت فيه الجريمة أو الذي يقيم فيه المتهم أو الذي يقبض عليه فيه وفقاً لما جرى به نص المادة 217 من قانون الإجراءات الجنائية، إلا أن جريمة إعطاء شيك بدون رصيد المنصوص عليها في المادة 337 من قانون العقوبات تتم - خلافاً لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه - بمجرد إعطاء الساحب الشيك إلى المستفيد مع علمه بأنه ليس له مقابل وفاء قابل للسحب إذ يتم بذلك طرح الشيك في التداول فتنعطف عليه الحماية القانونية التي أسبغها الشارع على الشيك بالعقاب على هذه الجريمة باعتباره أداة وفاء تجرى مجرى النقود في المعاملات، أما الأفعال السابقة على ذلك من تحرير الشيك وتوقيعه فتعد من قبيل الأعمال التحضيرية، ومن ثم يكون ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من جعل الاختصاص لمحكمة مكان تحرير الشيك قد بني على خطأ في تأويل القانون إذ المعول عليه في تحديد الاختصاص المحلي في هذه الدعوى بالمكان الذي تم فيه إعطاء الشيك للمستفيد وهو ما لم تعن المحكمة بالوقوف عليه بما يجعل حكمها مشوباً بالقصور وهو مما يعجز محكمة النقض عن إعمال رقابتها على الواقعة - كما صار إثباتها بالحكم - لما كان ذلك، وكان الحكم قد أطرح دفع الطاعن بتزوير الشيك المعزو إليه إصداره في قوله: "كما تلتفت المحكمة عن الدفع المبدى من الحاضر مع المتهم بالتزوير ذلك لأنه لو كان جاد في دفعه بالتزوير لدفع به أمام محكمة أو درجة". لما كان ذلك، وكان الحكم قد صادر الطاعن في دفاعه المشار إليه بدعوى أنه غير جاد فيه، لأنه تأخر في الإدلاء به، مع أن التأخير في الإدلاء بالدفاع لا يدل حتماً على عدم جديته ما دام منتجاً ومن شأنه أن تندفع به التهمة أو يتغير به وجه الرأي في الدعوى، كما أن استعمال المتهم حقه المشروع في الدفاع عن نفسه في مجلس القضاء لا يصح البتة أن ينعت بعدم الجدية ولا أن يوصف بأنه جاء متأخراً لأن المحاكمة هي وقته المناسب الذي كفل فيه القانون لكل متهم حقه في أن يدلى بما يعن له من طلبات التحقيق وأوجه الدفاع، وألزم المحكمة النظر فيه وتحقيقه ما دام فيه تجلية للحقيقة هداية إلى الصواب. ولما كان الدفاع المسوق من الطاعن يعد في صورة الدعوى المطروحة دفاعاً جوهرياً لتعلقه بتحقيق الدليل المقدم في الدعوى ويترتب عليه - لو صح - تغير وجه الرأي فيها، وإذ لم تقسطه المحكمة حقه وتعنى بتحقيقه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه، واقتصرت في هذا الشأن على ما أوردته في حكمها لإطراح ذلك الدفاع من أسباب لا تؤدي إلى النتيجة التي رتبت عليها، فإن الحكم يكون معيباً بما يوجب نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.