أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 48 - صـ 390

جلسة 23 من مارس سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ محمد علي عبد الواحد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد طلعت الرفاعي وعادل الشوربجي وأنس عمارة نواب رئيس المحكمة وعاصم عبد الجبار.

(55)
الطعن رقم 3681 لسنة 65 القضائية

(1) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى" "سلطتها في تقدير الدليل".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي.
للمحكمة تكوين عقيدتها مما ترتاح إليه من أقوال الشهود.
مفاد أخذ المحكمة بشهادة شاهد؟
(2) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله. لا يعيب الحكم. ما دام استخلص الحقيقة من أقواله بما لا تناقض فيه.
(3) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
للمحكمة الأخذ بأقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل التحقيق. دون التزام منها ببيان العلة أو تحديد موضع الدليل من الأوراق. ما دام له أصل فيها.
للمحكمة الإعراض عن أقوال شاهد نفي. ما دامت لا تثق بما شهد به.
الجدل الموضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى. غير جائز. أمام النقض.
(4) إجراءات "إجراءات التحقيق". استعراف. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
التعرف. لم يرسم له القانون صورة خاصة يتم عليها.
حق محكمة الموضوع الأخذ بتعرف الشاهد على المتهم. ولو لم يجر عرضه في جمع من أشباهه. ما دامت قد اطمأنت إليه. أساس ذلك؟
تعويل المحكمة على الدليل المستمد من تعرف الشاهدة على الطاعن. لا يعيب الحكم. المجادلة في ذلك أمام النقض. غير مقبولة.
(5) إثبات "معاينة". إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
حق المحكمة في الإعراض عن أوجه دفاع المتهم. متى كانت الواقعة قد وضحت لديها أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى.
طلب المعاينة الذي لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة. دفاع موضوعي. لا تلتزم المحكمة بإجابته.
(6) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم التزام المحكمة بإجابة طلب أو الرد عليه. إلا إذا أصر عليه مقدمه.
التفات المحكمة عن إجابة طلب الطاعن ضم حرز ملابس المجني عليها المبدى أمام هيئة سابقة. لا يخل بحقه في الدفاع. طالما لم يتمسك به أمامها.
(7) إجراءات "إجراءات التحقيق". نيابة عامة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". إثبات "شهود".
تعييب تحقيق النيابة. لا أثر له. على سلامة الحكم. إجراؤه في غيبة المتهم. لا بطلان.
العبرة عند المحاكمة. هي بالتحقيق الذي تجريه المحكمة بنفسها.
غياب المتهم عند سؤال الشاهد. لا يبطل أقواله.
1 - من المقرر أن محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ولها كامل الحرية في تكوين عقيدتها مما ترتاح إليه من أقوال الشهود ومتى أخذت بشهادة شاهد، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
2 - من المقرر أن تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله - بفرض صحة وجوده - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الحقيقة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه.
3 - لما كان للمحكمة أن تأخذ بأقواله في أية مرحلة من مراحل التحقيق والمحاكمة دون أن تبين العلة في ذلك ودون أن تلتزم بتحديد موضوع الدليل من أوراق الدعوى ما دام له أصل فيها - كما هو الحال في الدعوى - وكان لها كذلك أن تعرض عن أقوال شاهد النفي ما دامت لا تثق بما شهد به. فلا عليها إن هي أطرحت أقوال شاهدي النفي ما دامت لم تطمئن إلى أقوالهما. ومن ثم كان ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير الأدلة القائمة في مبلغ اطمئنانها إليه مما لا يجوز مصادرتها فيه أو الخوض بشأنه أمام محكمة النقض.
4 - لما كان القانون لم يرسم للتعرف صورة خاصة يبطل بها إذا لم يتم عليها. وكان من حق محكمة الموضوع أن تأخذ بتعرف الشاهد على المتهم ولو لم يجر عرضه في جمع من أشباهه ما دامت قد اطمأنت إليه إذ العبرة هي باطمئنان المحكمة إلى صدق الشاهد نفسه، فلا على المحكمة إن هي اعتمدت على الدليل المستمد من تعرف الشاهدة على الطاعن، ما دام تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع وحدها، وتكون المجادلة في هذا الخصوص غير مقبولة.
5 - من المقرر أن القانون وإن أوجب سماع ما يبديه المتهم من أوجه الدفاع وتحقيقه إلا أنه إذا كانت المحكمة قد وضحت لديها الواقعة أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى، فإن لها أن تعرض عنه ولا تثريب إن هي أغفلت الرد عليه، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لطلب الطاعن إجراء معاينة لمكان الحادث وأطرحه للأسباب السائغة التي أوردها فإن دعوى الإخلال بحق الدفاع لا تكون مقبولة سيما وأن طلب إجراء المعاينة لم يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إثبات حصوله بل المقصود منه إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة، فإن مثل هذا الطلب يعد دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته.
6 - من المقرر أن المحكمة لا تكون ملزمة بإجابة طلب أو الرد عليه إلا إذا كان من قدمه قد أصر عليه وكان الثابت من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يتمسك أمام الهيئة الجديدة التي نظرت الدعوى وأصدرت الحكم المطعون فيه بطلب ضم حرز ملابس المجني عليها والذي كان قد أبداه أمام هيئة سابقة، فلا يكون له أن يطالب هذه الهيئة بالرد على دفاع لم يبد أمامها أو إجراء لم يطلب منها، ومن ثم يكون منعى الطاعن على الحكم في هذا الخصوص في غير محله.
7 - من المقرر أن تعييب التحقيق الذي تجريه النيابة لا تأثير له على سلامة الحكم، فإذا ما أجرت النيابة تحقيقاً في غيبة المتهم - بفرض حصوله - فذلك من حقها ولا بطلان فيه والأصل أن العبرة عند المحاكمة هي بالتحقيق الذي تجريه المحكمة بنفسها وكل ما يكون للمتهم هو أن يتمسك لدى المحكمة بما يراه من عيب فيقع تقدير ذلك في سلطة المحكمة بوصف تحقيق النيابة دليلاً من أدلة الدعوى التي تستقل المحكمة بتقديرها ومجرد غياب المتهم عند سؤال الشاهد ليس من شأنه أن يبطل أقواله، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه شرع في قتل...... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن عقد العزم على قتلها وأعد لذلك سلاحاً أبيض (مطواة) وتربص لها في الطريق الذي أيقن مرورها سلفاً وما أن ظفر بها حتى انهال عليها طعناً بالمطواة قاصداً قتلها فأحدث بها الإصابات المبينة والموصوفة بتقرير الطب الشرعي وقد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو مداركة المجني عليها بالعلاج، وإحالته إلى محكمة جنايات الفيوم لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، وادعى والد المجني عليها (بصفته ولياً طبيعياً عليها) قبل المتهم مدنياً بمبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 45، 46/ 1، 230، 232 من قانون العقوبات وإعمالاً للمادة 17 من ذات القانون - بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وبإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية بصفته مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجناية الشروع في القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه عول في قضائه بالإدانة على أقوال الشاهدة..... على الرغم من تناقضها وعدولها عن أقوالها بجلسة المحاكمة، ولم يعول على أقوال شاهدي النفي بوجود الطاعن معهما بعيداً عن مسرح الحادث وعلل إطراحه لها بما لا يسوغ، كما اعتمد في قضائه على نتيجة تعرف الشاهدة سالفة الذكر على الرغم من أن العرض لم يكن قانونياً. هذا إلى أن المحكمة لم تجب طلبه إجراء معاينة لمكان الحادث وضم حرز ملابس المجني عليها، فضلاً عن أن الحكم لم يرد على دفاع الطاعن ببطلان تحقيق النيابة لإجرائه في غيبته لدى سؤال الشاهدة سالفة الذكر، مما يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات والتقارير الطبية والشرعي وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ولها كامل الحرية في تكوين عقيدتها مما ترتاح إليه من أقوال الشهود ومتى أخذت بشهادة شاهد. فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله - بفرض صحة وجوده - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الحقيقة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه). وكان للمحكمة أن تأخذ بأقواله في أية مرحلة من مراحل التحقيق والمحاكمة دون أن تبين العلة في ذلك ودون أن تلتزم بتحديد موضوع الدليل من أوراق الدعوى ما دام له أصل فيها - كما هو الحال في الدعوى - وكان لها كذلك أن تعرض عن أقوال شاهد النفي ما دامت لا تثق بما شهد به، فلا عليها إن هي أطرحت أقوال شاهدي النفي ما دامت لم تطمئن إلى أقوالهما، ومن ثم كان ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير الأدلة القائمة في مبلغ اطمئنانها إليه مما لا يجوز مصادرتها فيه أو الخوض بشأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان القانون لم يرسم للتعرف صورة خاصة يبطل بها إذا لم يتم عليها. وكان من حق محكمة الموضوع أن تأخذ بتعرف الشاهد على المتهم ولو لم يجر عرضه في جمع من أشباهه ما دامت قد اطمأنت إليه إذ العبرة هي باطمئنان المحكمة إلى صدق الشاهد نفسه. فلا على المحكمة إن هي اعتمدت على الدليل المستمد من تعرف الشاهدة على الطاعن، ما دام تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع وحدها، وتكون المجادلة في هذا الخصوص غير مقبولة. لما كان ذلك، وكان القانون وإن أوجب سماع ما يبديه المتهم من أوجه الدفاع وتحقيقه إلا أنه إذا كانت المحكمة قد وضحت لديها الواقعة أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى، فإن لها أن تعرض عنه ولا تثريب إن هي أغفلت الرد عليه. وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لطلب الطاعن إجراء معاينة لمكان الحادث وأطرحه للأسباب السائغة التي أوردها فإن دعوى الإخلال بحق الدفاع لا تكون مقبولة سيما وأن طلب إجراء المعاينة لم يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إثبات حصوله بل المقصود منه إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة، فإن مثل هذا الطلب يعد دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة لا تكون ملزمة بإجابة طلب أو الرد عليه إلا إذا كان من قدمه قد أصر عليه، وكان الثابت من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يتمسك أمام الهيئة الجديدة التي نظرت الدعوى وأصدرت الحكم المطعون فيه بطلب ضم حرز ملابس المجني عليها والذي كان قد أبداه أمام هيئة سابقة، فلا يكون له أن يطالب هذه الهيئة بالرد على دفاع لم يبد أمامها أو إجراء لم يطلب منها، ومن ثم يكون منعى الطاعن على الحكم في هذا الخصوص في غير محله. لما كان ذلك وكان من المقرر أن تعييب التحقيق الذي تجريه النيابة لا تأثير له على سلامة الحكم، فإذا ما أجرت النيابة تحقيقاً في غيبة المتهم - بفرض حصوله - فذلك من حقها ولا بطلان فيه والأصل أن العبرة عند المحاكمة هي بالتحقيق الذي تجريه المحكمة بنفسها وكل ما يكون للمتهم هو أن يتمسك لدى المحكمة بما يراه من عيب فيقع تقدير ذلك في سلطة المحكمة بوصف تحقيق النيابة دليلاً من أدلة الدعوى التي تستقل المحكمة بتقديرها ومجرد غياب المتهم عند سؤال الشاهد ليس من شأنه أن يبطل أقواله. فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس حرياً برفضه موضوعاً.