أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 47 - صـ 1221

جلسة 21 من نوفمبر سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي الجندي وحسين الشافعي ووفيق الدهشان ومحمود شريف فهمي نواب رئيس المحكمة.

(176)
الطعن رقم 23717 لسنة 64 القضائية

(1) حكم "بيانات التسبيب".
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون ما أورده الحكم مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها. المادة 310 إجراءات.
(2) مواد مخدرة. حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إيراد الحكم في بيانه لأقوال الضابطين شاهدي الإثبات ما يفيد توافر قصد الاتجار في المخدرات. انتهاؤه فيما بعد إلى اقتناعه بعدم توافر هذا القصد. لا يعيبه.
(3) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
التناقض الذي يعيب الحكم. ماهيته؟
(4) إثبات "بوجه عام". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
للمحكمة التعويل على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة.
(5) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بشهادة شاهد؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز. أمام النقض.
(6) مواد مخدرة. تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". استدلالات. إثبات "بوجه عام".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش. موضوعي.
(7) تفتيش "التفتيش بإذن" "إذن التفتيش. إصداره". إثبات "بوجه عام". استدلالات. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مواد مخدرة.
إثبات الحكم بمدوناته صدور إذن التفتيش بعد أن دلت التحريات أن المتهمة تتجر في المواد المخدرة. مفهومه. صدور الإذن لضبط جريمة تحقق وقوعها لا ضبط جريمة مستقبلة.
(8) دفوع "الدفع بنفي التهمة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الدفع بنفي التهمة. موضوعي. لا يستلزم رداً صريحاً. استفادة الرد عليه من الأدلة التي أوردها الحكم. المجادلة في تقدير أدلة الدعوى. غير جائزة أمام النقض.
(9) نقض "أسباب الطعن. إيداعها. ما لا يقبل منها".
خلو تقرير الأسباب التكميلي من تاريخ إيداعه وثبوت عدم قيده في السجل المعد لذلك. أثره: الالتفات عنه.
1 - لما كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة، كما ذلك محققاً لحكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية.
2 - لما كان الحكم المطعون فيه لم يورد في بيانه لواقعة الدعوى أن الطاعنة تتجر في المواد المخدرة وإن أورد على لسان الضابطين شاهدا الإثبات أنها تتجر بالمادة المخدرة إلا أن البين من أسبابه أنه حصل مؤدى أدلة الثبوت في الواقعة كما هي قائمة في الأوراق وإذ أورد بعد ذلك ما قصد إليه في اقتناعه من عدم توافر قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي في حق الطاعنة فإن ذلك يكون استخلاصاً موضوعياً للقصد من الإحراز ينأى عن قالة التناقض في التسبيب.
3 - من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما يثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة.
4 - لا تثريب على المحكمة إن هي أخذت بتحريات رجال المباحث ضمن الأدلة التي استندت إليها لما هو مقرر من أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة.
5 - لما كان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بأقوال شاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة اطمئنانها إلى أقواله، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الشاهد الأول فإن النعي على الحكم في شأن استدلاله بها يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل مما لا شأن لمحكمة النقض به.
6 - لما كان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، فإذا كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه - كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، مما يضحى معه نعي الطاعنة في هذا الشأن في غير محله.
7 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت بمدوناته أن مفتش مكافحة المخدرات........ قد استصدر إذن النيابة بالتفتيش بعد أن دلت التحريات على أن المتهمة تتجر في المواد المخدرة فإن مفهوم ذلك أن الإذن قد صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها لا لضبط جريمة مستقبلة وإذ انتهى الحكم في الرد على هذا الدفع بأن الإذن صدر لضبط جريمة واقعة بالفعل وليس عن جريمة مستقبلة وأن الدفع افتقد السند القانوني والواقع الصحيح فأطرحه، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون منعى الطاعنة ببطلان إذن التفتيش لوروده على جريمة مستقبلة غير سديد.
8 - لما كانت الطاعنة قد أرسلت القول بأن المحكمة لم تحقق دفاعها المؤيد بالمستندات أو تبين ماهية ذلك الدفاع ووسيلة تحقيقه على وجه التحديد ومن ثم فإن هذا الوجه من النعي يكون غير مقبول هذا إلى أن نفي التهمة من قبيل الدفاع الموضوعي الذي لا يستلزم رداً صريحاً بل يعتبر الرد عليه مستفاداً من القضاء بالإدانة للأدلة التي أوردتها المحكمة في حكمها. لما كان ذلك، وكان النعي على المحكمة في شأن إطراح أقوال شهود النفي لا يعدو المجادلة في تقدير المحكمة لأدلة الدعوى ومبلغ اطمئنانها إليها مما لا يجوز مصادرتها فيه أو الخوض بشأنه لدى محكمة النقض.
9 - لما كانت الطاعنة قد قدمت مذكرة تكميلية لأسباب طعنها وإذ كانت هذه المذكرة لا تحمل تاريخاً ولا ما يدل على إثبات تاريخ إيداعها بالسجل المعد لذلك في قلم الكتاب وكان يبين أيضاً من كتاب نيابة طنطا الكلية أن هذه المذكرة لم تثبت في دفتر إثبات التاريخ ومن ثم فلا يلتفت إلى أسباب الطعن الواردة بهذه المذكرة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها أحرزت بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "حشيش" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً - وأحالتها إلى محكمة جنايات طنطا لمحاكمتها طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 38/ 1، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم 57 من القسم الثاني من الجدول رقم 1 الملحق بمعاقبة المتهمة بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وبتغريمها خمسين ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط باعتبار أن إحراز المخدر كان مجرداً من القصود.
فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمة إحراز جوهر مخدر "حشيش" بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال واعتوره الإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الحكم لم يبين واقعة الدعوى بياناً كافياً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعنة بها ولم يورد مضمون أدلة الثبوت التي عول عليها في قضائه بالإدانة ومؤداها، هذا إلى أن الحكم في تحصيله للواقعة أورد في مدوناته أن المتهمة أقرت بالتحقيقات أن إحرازها للمخدر كان بقصد الاتجار ثم عاد ونفى عنها هذا القصد، وعول في قضائه على تحريات الشرطة وأقوال الشاهد رغم أن كان منهما لا يصلح لإدانتها، ورد على دفعها ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات التي سبقته ولصدوره عن جريمة مستقبلة بما لا يصلح رداً، والتفتت المحكمة عن تحقيق دفاع الطاعنة المؤيد بالمستندات والخاص بنفي التهمة كما لم تستمع لأقوال شهود النفي في هذا الشأن. كل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز مخدر الحشيش بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي التي دان بها الطاعنة وأورد على ثبوتها في حقها أدلة سائغة مستقاة مما قرره شاهدا الواقعة ومن تقرير المعامل الكيماوية. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة. كان ذلك محققاً لحكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية، ومن ثم يضحى ما تثيره الطاعنة في هذا الصدد في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يورد في بيانه لواقعة الدعوى أن الطاعن تتجر في المواد المخدرة وإن أورد على لسان الضابطين شاهدا الإثبات أنها تتجر بالمادة المخدرة إلا أن البين من أسبابه أنه حصل مؤدى أدلة الثبوت في الواقعة كما هي قائمة في الأوراق وإذ أورد بعد ذلك ما قصد إليه في اقتناعه من عدم توافر قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي في حق الطاعنة فإن ذلك يكون استخلاصاً موضوعياً للقصد من الإحراز ينأى عن قالة التناقض في التسبيب، ذلك أن التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما يثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة وهو ما لم يترد الحكم فيه، ومن ثم يكون هذا النعي غير سديد. لما كان ذلك، وكان لا تثريب على المحكمة إن هي أخذت بتحريات رجال المباحث ضمن الأدلة التي استندت إليها لما هو مقرر من أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة - كما هو الحال في الحكم المطعون فيه - فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بأقوال شاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة اطمئنانها إلى أقواله، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الشاهد الأول فإن النعي على الحكم في شأن استدلاله بها يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل مما لا شأن لمحكمة النقض به. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، فإذا كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه - كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، مما يضحى معه نعي الطاعنة في هذا الشأن في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت بمدوناته أن مفتش مكافحة المخدرات...... قد استصدر إذن النيابة بالتفتيش بعد أن دلت التحريات على أن المتهمة تتجر في المواد المخدرة فإن مفهوم ذلك أن الإذن قد صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها لا لضبط جريمة مستقبلة وإذ انتهى الحكم في الرد على هذا الدفع بأن الإذن صدر لضبط جريمة واقعة بالفعل وليس عن جريمة مستقبلة وأن الدفع افتقد السند القانوني والواقع الصحيح فأطرحه، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون منعى الطاعنة ببطلان إذن التفتيش لوروده على جريمة مستقبلة غير سديد. لما كان ذلك، وكانت الطاعنة قد أرسلت القول بأن المحكمة لم تحقق دفاعها المؤيد بالمستندات أو تبين ماهية ذلك الدفاع ووسيلة تحقيقه على وجه التحديد ومن ثم فإن هذا الوجه من النعي يكون غير مقبول هذا إلى أن نفي التهمة من قبيل الدفاع الموضوعي الذي لا يستلزم رداً صريحاً بل يعتبر الرد عليه مستفاداً من القضاء بالإدانة للأدلة التي أوردتها المحكمة في حكمها. لما كان ذلك، وكان النعي على المحكمة في شأن إطراح أقوال شهود النفي لا يعدو المجادلة في تقدير المحكمة لأدلة الدعوى ومبلغ اطمئنانها إليها مما لا يجوز مصادرتها فيه أو الخوض بشأنه لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكانت الطاعنة قد قدمت مذكرة تكميلية لأسباب طعنها وإذ كانت هذه المذكرة لا تحمل تاريخاً ولا ما يدل على إثبات تاريخ إيداعها بالسجل المعد لذلك في قلم الكتاب وكان يبين أيضاً من كتاب نيابة طنطا الكلية أن هذه المذكرة لم تثبت في دفتر إثبات التاريخ ومن ثم فلا يلتفت إلى أسباب الطعن الواردة بهذه المذكرة. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.