أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 48 - صـ 449

جلسة 10 من إبريل سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي الجندي وحسين الشافعي وفريد عوض نواب رئيس المحكمة ومحمود مسعود شرف.

(66)
الطعن رقم 29741 لسنة 59 القضائية

(1) حكم "بيانات التسبيب".
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون مجموع ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها.
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(3) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
(4) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تناقض أقوال الشهود في بعض تفاصيلها. لا يعيب الحكم. ما دام استخلاص الإدانة منها استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه.
الجدل الموضوع في تقدير الدليل. غير جائز. أمام محكمة النقض.
(5) إثبات "شهود" محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني. غير لازم. كفاية أن يكون الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
مثال التسبيب سائغ لنفي التناقض بين الدليلين القولي والفني.
(6) اختصاص "الاختصاص النوعي" محكمة الجنايات "اختصاصها" محكمة الجنح "اختصاصها". ارتباط. هتك عرض. ضرب بسيط. استعمال القوة.
إسناد جريمة هتك العرض بالقوة والضرب البسيط واستعمال القسوة للطاعن وجوب أن تتبع الجريمتان الأخيرتان الجريمة الأولى في التحقيق والإحالة واختصاص محكمة الجنايات بهما. أساس ذلك؟
(7) اختصاص "الاختصاص النوعي". وصف التهمة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
العبرة في تحديد الاختصاص النوعي للمحاكم الجنائية هي بالوصف القانوني للواقعة كما رفعت بها الدعوى. أساس ذلك؟
(8) اختصاص "الاختصاص النوعي" محكمة الجنايات "اختصاصها".
إحالة الدعوى إلى محكمة الجنايات بوصفها جناية. تكييفها أنها جنحة قبل التحقيق والمرافعة. وجوب القضاء بعد الاختصاص وإحالتها إلى المحكمة الجزئية. ثبوت أنها جنحة بعد التحقيق والمرافعة. وجوب الفصل فيها.
(9) اختصاص "الاختصاص النوعي". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى. إثارته أمام محكمة النقض لأول مرة. غير جائز. علة ذلك؟
1 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة وظروفها حسبما استخلصته المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون.
2 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
3 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع بغير معقب.
4 - لما كان لا يعيب الحكم تناقض رواية الشهود في بعض تفاصيلها ما دام استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً. وكانت المحكمة قد بينت واقعة الدعوى على الصورة التي استقرت في وجدانها وأوردت أدلة الثبوت المؤدية إليها ومن ثم فلا محل لتعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها ولا في تعويله في قضائه بالإدانة على أقوال شهود الإثبات بدعوى تناقض أقوالهم، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في ذلك المنحى إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه ولا مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض.
5 - لما كان من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني مع الحقيقة التي وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، وكان الحكم قد عرض لما أثاره الدفاع من قيام تعارض بين الدليلين القولي والفني ورد عليه بقوله: "لا أساس لما يزعمه الدفاع من حدوث تضارب أو تناقض بين أقوال الشهود أو تعارض بين ما هو ثابت بالملحوظة التي أثبتها السيد وكيل النيابة المحقق إذ أن الثابت من مطالعة تحقيقات النيابة في هذا الشأن أن المجني عليه..... هو الذي قرر أن به جرحاً أسفل الضمادة الطبية بالحاجب الأيمن وقدم على الفور صورة ضوئية من التقرير الطبي المتوقع عليه يوم الحادث الأمر الذي تخلص معه إلى انتفاء التعارض والتناقض بين ما هو ثابت على لسان المجني عليه وعلى ما هو وارد بالتقرير الطبي الذي سارع بتقديم صورته الضوئية فضلاً عن أن المجني عليه قد قرر صراحة بتحقيقات النيابة إن إصابته سالفة الذكر كانت نتيجة لكمة يد المتهم على عينه اليمنى". وإذ كان هذا الذي رد به الحكم كافياً ويسوغ به إطراح قالة التناقض بين الدليلين القولي والفني فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله.
6 - لما كانت جريمة هتك العرض بالقوة تختص بنظرها محكمة الجنايات وحدها وهي المحكمة الأعلى درجة من المحكمة الجزئية التي تختص بنظر جريمتي الضرب البسيط واستعمال القسوة المسندتين أيضاً إلى الطاعن، فإنه يتعين أن تتبع الجريمتان الأخيرتان الجريمة الأولى في التحقيق والإحالة والاختصاص بالمحاكمة وهو ما يوجبه نص المادة 314 من قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون رقم 170 لسنة 1981 من إحالة الجرائم التي تختص بها محاكم من درجات مختلفة إلى المحكمة الأعلى درجة وهي قاعدة عامة واجبة الإتباع في المحاكمات الجنائية.
7 - لما كان مفاد المواد 215، 216، 382 من قانون الإجراءات الجنائية بخاصة وسياسة التشريع الإجرائي بعامة إن توزيع الاختصاص بين محاكم الجنايات والمحاكم الجزئية يجرى على أساس نوع العقوبة التي تهدد الجاني ابتداء من التهمة المسندة إليه بحسب ما إذا كانت جناية أو جنحة أو مخالفة بصرف النظر عن العقوبة التي توقع عليه بالفعل بالنسبة إلى الجريمة التي تثبت في حقه، ولذلك فإن المعول عليه في تحديد الاختصاص النوعي هو بالوصف القانوني للواقعة كما رفعت بها الدعوى إذ يمتنع عقلاً أن يكون المرجع في ذلك ابتداء هو نوع العقوبة التي يوقعها القاضي انتهاء بعد الفراغ من سماع الدعوى.
8 - لما كان النص في المادة 382 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه "إذا رأت محكمة الجنايات أن الواقعة كما هي مبينة في أمر الإحالة وقبل تحقيقها بالجلسة تعد جنحة فلها أن تحكم بعدم الاختصاص وتحيلها إلى المحكمة الجزئية، أما إذا لم تر ذلك إلا بعد التحقيق تحكم فيها" يدل في صريح لفظه وواضح معناه على أنه إذا رأت محكمة الجنايات أن الواقعة كما هي مبينة في أمر الإحالة وقبل تحقيقها بالجلسة تعد جنحة فلها أن تحكم بعدم الاختصاص والإحالة إلى المحكمة الجزئية. أما إذا كانت الدعوى قد أحيلت إليها أصلاً بوصف الجناية ولم تر هي أن الواقعة تعد جنحة إلا بعد إجراء تحقيق أو بعد تلاوة أقوال الشهود وسماع مرافعة الدفاع عن الخصوم فإن عليها أن تحكم فيها باعتبارها كذلك وليس لها أن تحكم بعدم اختصاصها نوعياً بالفصل في الدعوى وإحالتها إلى المحكمة الجزئية.
9 - لما كان الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى، وكانت مدونات الحكم قد خلت مما يظاهر ما يدعيه الطاعن من عدم اختصاص محكمة الجنايات نوعياً بنظر الدعوى فإنه لا يجوز له أن يثير هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض ولو تعلق بالنظام العام لكونه يحتاج إلى تحقيق موضوعي يخرج عن وظيفتها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجناية رقم....: أولاً هتك عرض بالقوة بأن باغته بوضع أصبعه في دبره - ثانياً: وهو موظف عمومي ضابط بقسم شرطة أسوان استعمل القسوة مع كل من.... و.... اعتماداً على وظيفته بحيث أحدث الإصابات بهما وذلك بأن انهال عليهما ضرباً وصفعاً وأمر قوة من جنود الشرطة التابعين له بالاعتداء عليهم بالعصي فحدثت بهما الإصابات الموصوفة بالتقريرين الطبيين المرفقين - ثالثاً: أحدث بالمجني عليهما سالفي الذكر إصابتهما الموصوفة بالتقريرين الطبيين والتي أعجزتهما عن أشغالهما الشخصية مدة لا تزيد على عشرين يوماً. وأحالته إلى محكمة جنايات أسوان لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة وادعى المجني عليهما مدنياً قبل المتهم بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 129، 242/ 1 - 3 من قانون العقوبات بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة شهر واحد عما أسند إليه في التهمتين الأخيرتين الثانية والثالثة وألزمته بأن يؤدي للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت وببراءته مما أسند إليه بالتهمة الأولى.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

حيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب البسيط واستعمال القسوة قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وانطوى على إخلال بحق الدفاع وخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه لم يبين أركان الجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأدلة الإدانة فيهما، هذا إلى أن كلاً من المجني عليهما أورد تصويراً يخالف تصوير الآخر لواقعة الدعوى وقد تناقضت أقوالهما بمحضر الشرطة عنها بتحقيقات النيابة العامة في شأن تعدي الطاعن وآخرين عليهما بالضرب وكيفية حدوث إصابتهما وشخص محدثها، كما دفع الطاعن بتناقض الدليلين القولي والفني بخصوص إصابة المجني عليه الأول..... حيث قرر المذكور أن إصابته عبارة عن جرح قطعي وهو مما يحدث باستعمال آلة حادة بينما أثبت التقرير الطبي أنها عبارة عن كدمة مما تنشأ عن الاصطدام بجسم صلب راض بيد أن الحكم أطرح هذا الدفع بما لا يسوغه، وأخيراً فقد قضت المحكمة بتبرئة الطاعن من جناية هتك العرض بالقوة فأضحى الاتهام المسند إليه هو جنحتي الضرب البسيط واستعمال القسوة مما لا تختص محكمة الجنايات بالحكم فيهما بما كان يتعين معه عليها أن تقضي بعدم اختصاصها نوعياً بنظرهما وهو ما لم تفطن إليه. كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي الضرب البسيط واستعمال القسوة اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان ما أثبته الحكم المطعون فيه في مدوناته كاف لتفهم واقعة الدعوى وظروفها - حسبما تبينتها المحكمة - وتتوافر به كافة الأركان القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة وظروفها حسبما استخلصته المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون ويكون منعى الطاعن في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع بغير معقب، وكان لا يعيب الحكم تناقض رواية الشهود في بعض تفاصيلها ما دام استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغ، وكانت المحكمة قد بينت واقعة الدعوى على الصورة التي استقرت في وجدانها وأوردت أدلة الثبوت المؤدية إليها ومن ثم فلا محل لتعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها ولا في تعويله في قضائه بالإدانة على أقوال شهود الإثبات بدعوى تناقض أقوالهم، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في ذلك المنحى إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني مع الحقيقة التي وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، وكان الحكم قد عرض لما أثاره الدفاع من قيام تعارض بين الدليلين القولي والفني ورد عليه بقوله: "لا أساس لما يزعمه الدفاع من حدوث تضارب أو تناقض بين أقوال الشهود أو تعارض بين ما هو ثابت بالملحوظة التي أثبتها السيد وكيل النيابة المحقق إذ أن الثابت من طالعة تحقيقات النيابة في هذا الشأن أن المجني عليه.... هو الذي قرر إن به جرح أسفل الضمادة الطبية بالحاجب الأيمن وقدم على الفور صورة ضوئية من التقرير الطبي المتوقع عليه يوم الحادث الأمر الذي تخلص معه إلى انتفاء التعارض والتناقض بين ما هو ثابت على لسان المجني عليه وعلى ما هو وارد بالتقرير الطبي الذي سارع بتقديم صورته الضوئية فضلاً عن أن المجني عليه قد قرر صراحة بتحقيقات النيابة أن إصابته سالفة الذكر كانت نتيجة لكمة يد المتهم على عينه اليمين" وإذ كان هذا الذي رد به الحكم كافياً ويسوغ إطراح قالة التناقض بين الدليلين القولي والفني فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكانت جريمة هتك العرض بالقوة تختص بنظرها محكمة الجنايات وحدها وهي المحكمة الأعلى درجة من المحكمة الجزئية التي تختص بنظر جريمتي الضرب البسيط واستعمال القسوة المسندتين أيضاً إلى الطاعن، فإنه يتعين أن تتبع الجريمتان الأخيرتان الجريمة الأولى في التحقيق والإحالة والاختصاص بالمحاكمة وهو يوجبه نص المادة 314 من قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون رقم 170 لسنة 1981 من إحالة الجرائم التي تختص بها محاكم من درجات مختلفة إلى المحكمة الأعلى درجة وهي قاعدة عامة واجبة الاتباع في المحاكمات الجنائية. ولما كان مفاد المواد 215، 216، 382 من قانون الإجراءات الجنائية بخاصة وسياسة التشريع الإجرائي بعامة أن توزيع الاختصاص بين محاكم الجنايات والمحاكم الجزئية يجري على أساس نوع العقوبة التي تهدد الجاني ابتداء من التهمة المسندة إليه بحسب ما إذا كانت جناية أو جنحة أو مخالفة بصرف النظر عن العقوبة التي توقع عليه بالفعل بالنسبة إلى الجريمة التي تثبت في حقه، ولذلك فإن المعول عليه في تحديد الاختصاص النوعي هو بالوصف القانوني للواقعة كما رفعت بها الدعوى إذ يمتنع عقلاً أن يكون المرجع في ذلك ابتداء هو نوع العقوبة التي يوقعها القاضي انتهاء بعد الفراغ من سماع الدعوى، هذا إلى أن النص في المادة 382 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه "إذا رأت محكمة الجنايات أن الواقعة كما هي مبينة في أمر الإحالة وقبل تحقيقها بالجلسة تعد جنحة فلها أن تحكم بعدم الاختصاص وتحيلها إلى المحكمة الجزئية، أما إذا لم تر ذلك إلا بعد التحقيق تحكم فيها" يدل في صريح لفظه وواضح معناه على أنه إذا رأت محكمة الجنايات أن الواقعة كما هي مبينة في أمر الإحالة وقبل تحقيقها بالجلسة تعد جنحة فلها أن تحكم بعدم الاختصاص والإحالة إلى المحكمة الجزئية، أما إذا كانت الدعوى قد أحيلت إليها أصلاً بوصف الجناية ولم تر هي أن الواقعة تعد جنحة إلا بعد إجراء تحقيق أو بعد تلاوة أقوال الشهود وسماع مرافعة الدفاع عن الخصوم فإن عليها أن تحكم فيها باعتبارها كذلك وليس لها أن تحكم بعدم اختصاصها نوعياً بالفصل في الدعوى وإحالتها إلى المحكمة الجزئية. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه ينحسر عنه دعوى الخطأ في تطبيق القانون ويضحى منعى الطاعن في هذا الصدد غير قويم. هذا فضلاً عن أن الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى، وكانت مدونات الحكم قد خلت مما يظاهر ما يدعيه الطاعن من عدم اختصاص محكمة الجنايات نوعياً بنظر الدعوى فإنه لا يجوز له أن يثير هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض ولو تعلق بالنظام العام لكونه يحتاج إلى تحقيق موضوعي يخرج عن وظيفتها. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.