أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 48 - صـ 472

جلسة 22 من إبريل سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ محمد نبيل رياض نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وأمين عبد العليم وعمر بريك وفرحان بطران نواب رئيس المحكمة.

(70)
الطعن رقم 21148 لسنة 64 القضائية

(1) إجراءات "إجراءات المحاكمة". إثبات "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
حق المحكمة الاستغناء عن سماع شهود الإثبات بقبول المتهم أو المدافع عنه ذلك. صراحة أو ضمناً. عدم حيلولة ذلك دون استعانتها بأقوالهم في التحقيقات. ما دامت مطروحة على بساط البحث.
(2) دفاع "الإخلال بحق الدفاع، ما لا يوفره".
الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته. ماهيته؟
مثال.
(3) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
حق محكمة الموضوع أن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل التحقيق. ولو عدل عنها بعد ذلك.
(4) استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات". تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". رشوة.
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ على الدفع ببطلان إذن الضبط والتفتيش لعدم جدية التحريات في جريمة رشوة.
(5) مأمورو الضبط القضائي. تفتيش "إذن التفتيش. بياناته. تنفيذه".
تنفيذ إذن التفتيش من أي من مأموري الضبط القضائي. صحيح. ما دام لم يعين الإذن مأموراً بعينه لذلك. عدم تعيين اسم المأذون له بإجراء التفتيش. لا يعيب إذن التفتيش.
(6) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إقامة الحكم قضاءه على ما له مأخذه الصحيح من الأوراق. انحسار الخطأ في الإسناد عنه.
(7) إثبات بوجه عام إجراءات "إجراءات التحقيق". بطلان. تسجيل المحادثات.
بطلان التسجيل. لا يحول دون أخذ القاضي بجميع عناصر الإثبات الأخرى المستقلة عنه والمؤدية إلى النتيجة التي أسفر عنها التسجيل. أخذ المحكمة بأقوال رجال الضبط فيما باشروه من إجراءات ونما إليهم من معلومات فيما لا يتصل بالتسجيل المدعى ببطلانه. لا بطلان.
(8) رشوة. جريمة "أركانها". موظفون عموميون. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
كون الموظف له اتصال بالعمل يسمح له بتنفيذ الغرض من الرشوة. واتجار الراشي معه على هذا الأساس. كفايته لقيام جريمة الرشوة.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر جريمة رشوة.
(9) رشوة. جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
القصد الجنائي في جريمة الرشوة. مناط توافره؟
استنتاج هذا القصد من الظروف والملابسات التي صاحبت العمل أو الامتناع أو الإخلال بواجبات الوظيفة.
مثال لتسبيب سائغ في استظهار تحقق ذلك القصد في حق الطاعن.
(10) دفوع "الدفع بتلفيق التهمة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الدفع بتلفيق التهمة. موضوعي. لا يستوجب رداً صريحاً. استفادة الرد عليه. من الأدلة التي عولت عليها المحكمة.
(11) إثبات "بوجه عام" "أوراق رسمية". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لمحكمة الموضوع أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية. ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها.
(12) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
تعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي. غير لازم.
سلامة الحكم. رهن ببيان أركان الجريمة والأدلة على وقوعها من المتهم.
(13) نقض "أسباب الطعن. تحديدها. ما لا يقبل منها". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
وجه الطعن: وجوب أن يكون واضحاً ومحدداً.
عدم إفصاح الطاعن عن ماهية المستندات وأوجه الدفاع والدفوع الذي ينعى على الحكم الالتفات عنها. أثره: عدم قبول النعي.
(14) نقض "نطاق الطعن". محكمة الإعادة "نظرها الدعوى والحكم فيها". عقوبة "توقيعها".
عدم جواز إضارة المتهم بطعنه.
عدم تقيد محكمة النقض إلا بالأسباب المقدمة في الميعاد القانوني.
ليس لمحكمة الإعادة أن تشدد عقوبة قضى بها الحكم المنقوض. ما دام أن طعن النيابة لم ينصرف إلى تلك العقوبة.
مثال.
(15) نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون". "نظر الطعن والحكم فيه". طعن "الطعن لثاني مرة". محكمة النقض "سلطتها".
لمحكمة النقض. نقض الحكم لمصلحة المتهم إذا بني على مخالفة القانون أو خطأ في تطبيقه أو تأويله. لها أن تحكم في الطعن لثاني مرة بغير تحديد جلسة. ما دام العوار لم يرد على بطلان الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر فيه. أساس ذلك؟
1 - من المقرر أن للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً دون أن يحول عدم سماعهم من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة الأخيرة أن النيابة والدفاع اكتفيا بتلاوة أقوال الشهود الواردة بالتحقيقات والمحكمة أمرت بتلاوتها ولم يثبت أن الطاعن قد اعترض على ذلك فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن سماعهم ويكون منعاه في هذا الشأن في غير محله.
2 - من المقرر أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية، وكان البين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن وإن كان قد طلب في الجلسات السابقة ضم تقرير الرقابة الإدارية الخاص بترقيته إلى درجة مدير عام إلا أنه لم يعد إلى التحدث عن طلبه هذا في مرافعته بجلسة 9/ 3/ 1994 التي حجزت فيها الدعوى للحكم والتي اقتصر فيها على طلب البراءة. لما كان الطلب بهذا النحو غير جازم ولم يصر عليه الدفاع في ختام مرافعته، فإن ما ينعاه الطاعن من قالة الإخلال بحق الدفاع لا يكون له محل.
3 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع التعويل على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل التحقيق ولو عدل عنها بعد ذلك.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان إذن النيابة العامة بالضبط والتسجيل لعدم جدية التحريات ورد عليه بقوله "إن المحكمة لا تساير الدفاع فيما ذهب إليه في هذا الشأن وترى المحكمة أن ما أجراه عضو الرقابة الإدارية..... ما يدل على كفاية ما بسطه من تحريات أمام النيابة العامة ويؤيد اقتناعها بجديتها بما يكفي لتسويغ ذلك الإذن وإصداره محمولاً عليها وإن كانت هذه التحريات مستقاة من مصادر سرية لم يفصح عنها مجريها فإن المحكمة ترى أن هذه التحريات التي اطمأنت المحكمة إليها وإلى شخص من قام بإجرائها تعد مسوغة لإصدار الإذن ذلك أن ما ورد بها من وقائع تشكل جرائم قارفها من حدثت التحريات عنه وهو المتهم وإذ كانت النيابة العامة وقد اطمأنت إلى صحة هذه التحريات فإن المحكمة على نحو ما أشارت إليه من قبل تسايرها في اطمئنانها ومن ثم بعد الإذن القاضي بالضبط والتفتيش والتسجيل قد بني على تحريات جدية تقبلها المحكمة وتطمئن إليها ومن ثم يضحى هذا الدفاع قائماً على غير سند من القانون متعيناً طرحه وعدم التعويل عليه وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وأنه متى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة العامة على تصرفها في شأن ذلك فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، وكانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت رداً سائغاً على الدفع ببطلانه على السياق المتقدم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله.
5 - من المقرر أنه لا يقدح في صحة التفتيش أن ينفذه أي واحد من مأموري الضبط القضائي إذا كان الإذن لم يعين مأموراً بعينه وأن عدم تعيين اسم المأذون له بإجراء التفتيش لا يعيب الإذن.
6 - لما كان يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة لملف الطعن صحة ما نسبه الحكم للطاعن من اعترافه بمضمون محضر تفريغ التسجيلات عند مواجهته به بمعرفة النيابة العامة واستلامه للمبالغ موضوع التحقيقات فإن ما يثيره الطاعن من قالة الخطأ في الإسناد في هذا الصدد يكون على غير أساس.
7 - من المقرر أن بطلان التسجيل - بفرض وقوعه - لا يحول دون أخذ القاضي بجميع عناصر الإثبات الأخرى المستقلة عنه والمؤدية إلى النتيجة التي أسفر عنها التسجيل ومن بينها إقرار المتهم اللاحق بحيازته المبلغ المضبوط بحوزته كما لا يحول دون أخذ المحكمة بأقوال رجال الضبط فيما باشروه من إجراءات ونما إليهم من معلومات فيما لا يتصل بالتسجيل المدعى ببطلانه.
8 - من المقرر أنه لا يشترط في جريمة الرشوة أن تكون الأعمال التي يطلب من الموظف أداؤها داخلة في نطاق الوظيفة مباشرة بل يكفي أن يكون له نصيب فيها يسمح له بتنفيذ الغرض منها، وأن يكون من طلب منه الرشوة قد اتجر معه على هذا الأساس، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن أنه وهو رئيس مجلس مدينة..... ورئيس اللجنة الفرعية للمحاجر بها وهي المختصة بالترخيص باستغلال المحاجر وتحرير محاضر لمن يخالف لائحة استغلالها من المرخص لهم طلب مبلغ الرشوة مقابل قيامه بتسهيل أعماله في استغلال محجر الرمل وعدم تحرير مخالفات له سواء بإصدار أمره للعاملين تحت سيطرته بعدم تحريرها أو بالتغاضي عنها ودان الطاعن على هذا الاعتبار فإنه يكون قد طبق القانون على واقعة الدعوى تطبيقاً صحيحاً ويكون منعاه في هذا الشأن لا أساس له.
9 - من المقرر أن القصد الجنائي في الرشوة يتوافر بمجرد علم المرتشي عند طلب أو قبول الوعد أو العطية أو الفائدة أنه يفعل هذا لقاء القيام بعمل أو الامتناع عن عمل من أعمال الوظيفة أو للإخلال بواجباته وأنه ثمن لاتجاره بوظيفته أو استغلالها، ويستنتج هذا الركن من الظروف والملابسات التي صاحبت العمل أو الامتناع أو الإخلال بواجبات الوظيفة، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على أن المبلغ قدم للطاعن مقابل قيامه بتسهيل أعمال الشاهد في استغلال المحجر وعدم تحرير مخالفات له سواء بإصدار أمره للعاملين تحت إشرافه بعدم تحريرها وبالتغاضي عنها إذ لم يكن بينهما من علاقة أخرى نتيجة دفع ذلك المبلغ وتناول دفاعه في هذا الخصوص وأطرحه. وهو ما يتحقق به معنى الاتجار بالوظيفة ويتوافر به القصد الجنائي في حقه وأنه أخذ المبلغ لقاء إصلاح المواسير التي أتلفتها سيارة المبلغ لا يكون لا محل له.
10 - من المقرر أن الدفع بتلفيق الاتهام من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً من الحكم بل يكفي أن يكون الرد مستفاداً من الأدلة التي عولت عليها المحكمة بما يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمه ببيان علة إطراحها إياها.
11 - من المقرر أن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة فإن النعي على الحكم بأنه لم يعرض لدفاع الطاعن القائم على نفي التهمة والتفاته عما قدمه من مستندات رسمية تأييداً لذلك يكون في غير محله.
12 - من المقرر أن المحكمة ليست ملزمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي في كل جزئية يثيرها فإنه يكفي لسلامة الحكم أن يثبت أركان الجريمة ويبين الأدلة على وقوعها من المتهم.
13 - من المقرر أن يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً وكان الطاعن لم يكشف بأسباب طعنه عن ماهية المستندات وأوجه الدفاع والدفوع التي ساقها أمام المحكمة ولم يعرض الحكم لها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً.
14 - لما كان البين من مطالعة المفردات المضمومة لملف الطعن أن الطاعن قد قرر بالطعن على الحكم المنقوض كما طعنت النيابة العامة أيضاً على هذا الحكم وبنت طعنها على سبب واحد هو خطأ الحكم في تطبيق القانون إذ نزل بعقوبة الغرامة عن الحد الأدنى المقرر لها، وكانت هذه المحكمة قد قضت بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة محاكمته من جديد أمام دائرة أخرى ولم تر حاجة إلى بحث الطعن المقدم من النيابة العامة. وكان من المبادئ الأساسية في المحاكمات ألا يضار طاعن بطعنه، وكان الأصل طبقاً لنص الفقرة الأولى من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض أن تتقيد محكمة النقض بالأسباب المقدمة في الميعاد القانوني، ومن ثم فإن محكمة النقض ما كان بوسعها لو تعرضت في حكمها إلى طعن النيابة العامة وقبلته أن تقضي إلا بتعديل عقوبة الغرامة إلى الحد المقرر قانوناً، وبالتالي فإنه ما كان يحق لمحكمة الإعادة أن تشدد عقوبة العزل بإطلاقها في حين أن الحكم المنقوض قضى بتأقيتها.
15 - من المقرر أن لمحكمة النقض طبقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم إذا تبين مما هو ثابت فيه أنه مبني على مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه، أو تأويله فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً لمصلحة المتهم وتصحيحه بتأقيت عقوبة العزل على نحو ما قضى به الحكم المنقوض ورفض الطعن فيما عدا ذلك دون حاجة إلى إعمال المادة 45 من القانون المذكور بتحديد جلسة لنظر الموضوع باعتبار أن الطعن للمرة الثانية ما دام أن العوار لم يرد على بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم مما كان يقتضي التعرض لموضوع الدعوى.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بصفته موظفاً عمومياً "رئيس مجلس مدينة..... ورئيس لجنة المحاجر الفرعية بها" طلب لنفسه وأخذ رشوة للإخلال بواجبات وظيفته بأن طلب لنفسه وأخذ من..... ألفاً وخمسمائة جنيه وذلك على سبيل الرشوة مقابل تسهيل أعمال وإجراءات ترخيص محجر الرمال الذي يديره المبلغ والامتناع عن تحرير محاضر بالمخالفات الناشئة عنه. وإحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا ببنها لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 103، 104 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من نفس القانون بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وبتغريمه مبلغ ألف وخمسمائة جنيه وبعزله من وظيفته لمدة ثلاث سنوات تبدأ من نهاية تنفيذ العقوبة. فطعن المحكوم عليه والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض برقم.... لسنة 57 قضائية. ومحكمة النقض قضت بقبول الطعنين شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة أمن الدولة العليا ببنها للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى. ومحكمة الإعادة - بهيئة مغايرة - قضت حضورياً عملاً بالمادتين 103، 104 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وتغريمه ثلاث آلاف جنيه وعزله من وظيفته.
فطعن الأستاذ/...... نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية.... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الرشوة قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت في الأوراق ذلك أن المحكمة لم تجبه إلى طلب مناقشة شهود الإثبات وضم تقرير الرقابة الإدارية الخاص بترقية الطاعن إلى درجة مدير عام وعول الحكم في الإدانة على أقوال المبلغ وباقي شهود الإثبات بتحقيقات النيابة ولم يعرض لها بمحاضر جلسات المحاكمة رغم تناقضها، ودفع الطاعن ببطلان إذن النيابة العامة بالضبط والتسجيل لابتنائه على تحريات غير جدية ولخلوه من اسم المنفذ له، وبطلان محضر تفريغ التسجيل لإجرائه بدون إذن النيابة العامة إلا أن الحكم أطرح دفعه الأول بأسباب غير سائغة ومخالفاً لحكم محكمة النقض الذي أحال الدعوى للفصل فيها مجدداً، وأطرح الثاني استناداً إلى اعترافه لما جاء به من وقائع وهو ما يخالف الثابت في الأوراق إذ أن محضر تفريغ التسجيل لم يعرض عليه ولم يعترف بما ورد به وعلى الرغم من ذلك لم يبين مضمون ذلك الاعتراف ودانه بجريمة الرشوة رغم عدم اختصاصه بالعمل الذي قبض الجعل مقابلاً له فلم يكن مختصاً بالإشراف على لجنة المحاجر أو تحرير محاضر خاصة بها واستندت المحكمة في إثبات ذلك إلى ما يخالف الثابت في الأوراق ولم يحسم الحكم أمر ذلك الاختصاص رغم المنازعة فيه وأعرض عن دفاعه القائم على انتفاء القصد الجنائي في حقه ذلك الذي تأيد بأقوال المبلغ بمحاضر جلسات المحاكمة من أن دفعه للمبالغ المشار إليها كان بقصد إصلاح المواسير التي أتلفتها سيارته وأغفل دفاعه بتلفيق الاتهام له من قبل القائمين بالضبط لخلافات سابقة بينهما، وذهب الحكم إلى أن الطاعن لم يجحد بتحقيقات النيابة استلامه للمبالغ المشار إليها وهو ما يخالف ما جاء بأقواله بتلك التحقيقات كما لم يعرض للمستندات والتقارير المنضمة لملف الدعوى سيما وأن من بينها تقارير أمنية تثبت حسن سمعته وتقطع بعدم جدية التحريات التي بني عليها إذن النيابة العامة وضرب صفحاً عن دفاعه المؤيد بأقوال المبلغ من أن المحجر الخاص بالأخير مرخص به منذ عام 1982 قبل تعيين الطاعن رئيساً لمجلس مدينة..... بما يجعل وصف الاتهام مخالفاً للوقائع التي حوتها الأوراق ولم يعرض لسائر دفاعه، ودفوعه الأخرى والتي تضمنتها مذكراته بما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله "أن المتهم..... وقد كان رئيساً لمجلس مدينة..... التقى بالشاهد..... وهو عضو جمعية تعاونية ومدير لها يستغل محجر رمل يتبع مدينة....... وأفهمه أنهم يكسبون كثيراً من محجر الرمل ولا بأس من أن يكسب معهم وطلب منهم مبلغ 500 جنيه شهرياً نظير تسهيل أعماله في استغلال محجر الرمل بل وأفهمه أن هناك آخرين يستغلون محجر طفلة وأنه سوف يسعى لاشتراكه معهم مقابل 500 جنيه أخرى عن استغلال محجر الطفلة بحسبان أن رئيس المدينة هو رئيس اللجنة الفرعية للمحاجر وهي المختصة بالترخيص باستغلال المحاجر وتحرير محاضر لمن يخالف لائحة استغلالها من المرخص لهم في ذلك وقام الشاهد المذكور بإبلاغ الأمر إلى جهاز الرقابة الإدارية وحرر عضوها..... محضراً بمضمون بلاغه بتاريخ 7/ 10/ 1985 حيث عرضه على النيابة العامة "أمن دولة عليا" مشفوعاً بتحرياته عن سلوك المتهم من أن التحريات توصلت إلى أن سمعة المذكور ليست فوق مستوى الشبهات وأنه سبق وأن قدمت شكاوى عن سلوكه في عمله بخصوص تسامحه مع أصحاب التقاسيم المخالفة وبتاريخ 15/ 10/ 1985 إذن وكيل نيابة أمن الدولة بتسجيل ما يدور بين المبلغ والمتهم من حديث أو مكالمات تليفونية في الأماكن العامة والخاصة مما يتعلق بموضوع الاتهام، وبتاريخ 22/ 10/ 1985 تقابل الشاهد مع المتهم وصار بينهما حديث سجله جهاز تسجيل أمدت الرقابة الشاهد به ثبت فيه تقاضي المتهم من الشاهد مبلغ 1000 جنيه (ألف جنيه) عن شهري سبتمبر وأكتوبر سنة 1985 عن تسهيل أعمال الشاهد في استغلال محجر الرمل فقط بعد أن تحدث المتهم مع من كان سيشترك معهم الشاهد في استغلال محجر الطفلة واتفقا على أن يقوم الشاهد بدفع مبلغ 500 جنيه (خمسمائة جنيه) المخصصة عن شهر نوفمبر سنة 1985 وبتاريخ 2/ 11/ 1985 المتفق عليها بينهما أمدت الرقابة الإدارية الشاهد بمبلغ الخمسمائة جنيه المبينة أرقامها بالتحقيقات، وبجهاز التسجيل (إرسال) لما يدور بينهما من حديث واتفقا على إشارة عند تمام الواقعة بحيث يضبطها الشاهدان..... و..... عضوا الرقابة الإدارية اللذان كان يراقبان لقاء المتهم والشاهد من سيارتي الرقابة الإدارية مجهزتين بأجهزة استقبال للحديث وواحدة منهما مزودة بجهاز تسجيل أيضاً لما يدور بينهما من حديث وتوجه الشاهد إلى مسكن المتهم (فيلا....) حيث كان قد التقى معه في المرة السابقة وجلسا إلى منضدة بحديقة المنزل وكان المتهم مرتدياً جلبابه، وبعد حديث مقتضب بينهما قام الشاهد بتسليم المتهم مبلغ الخمسمائة جنيه المرقمة أوراقها بالمحضر السابق وضعها الأخير في جيب جلبابه وتوجه الشاهد إلى باب الحديقة للانصراف حيث داهمهما عضو الرقابة....... الذي توجه إلى المتهم وأفهمه شخصيته وفتش جلبابه فعثر على مبلغ الخمسمائة جنيه بجيبه ثم لحق به الشاهد...... عضو الرقابة الذي شارك الأول في ضبط الواقعة، وكان دفع هذه المبالغ على سبيل الرشوة ليقوم المتهم بتسهيل أعمال الشاهد في استغلال محجر الرمل المرخص به وعدم تحرير محاضر مخالفات في هذا الصدد وأورد الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة أدلة مستمدة من أقوال الشهود..... و..... و...... أعضاء الرقابة الإدارية ومن الثابت بمحضر جمع الاستدلالات ومحضري التسجيل والتفريغ وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً دون أن يحول عدم سماعهم من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة الأخيرة أن النيابة والدفاع اكتفيا بتلاوة أقوال الشهود الواردة بالتحقيقات والمحاكمة أمرت بتلاوتها - ولم يثبت أن الطاعن قد اعترض على ذلك فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن سماعهم ويكون منعاه في هذا الشأن في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية، وكان البين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن وإن كان قد طلب في الجلسات السابقة ضم تقرير الرقابة الإدارية الخاص بترقيته إلى درجة مدير عام إلا أنه لم يعد إلى التحدث عن طلبه هذا في مرافعته بجلسة 9/ 3/ 1994 التي حجزت فيها الدعوى للحكم والتي اقتصر فيها على طلب البراءة، ولما كان الطلب بهذا النحو غير جازم ولم يصر عليه الدفاع في ختام مرافعته، فإن ما ينعاه الطاعن من قالة الإخلال بحق الدفاع لا يكون له محل، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع التعويل على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل التحقيق ولو عدل عنها بعد ذلك، فإن النعي على الحكم استناده إلى أقوال المبلغ وباقي شهود الإثبات بالتحقيقات على الرغم من تناقضها مع أقوالهم بمحاضر جلسات المحاكمة لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان إذن النيابة العامة بالضبط والتسجيل لعدم جدية التحريات ورد عليه بقوله "إن المحكمة لا تساير الدفاع فيما ذهب إليه في هذا الشأن، وترى المحكمة أن ما أجراه عضو الرقابة الإدارية..... ما يدل على كفاية ما بسطه من تحريات أمام النيابة العامة، ويؤيد اقتناعها بجديتها بما يكفي لتسويغ ذلك الإذن وإصداره محمولاً عليها وإن كانت هذه التحريات مستقاة من مصادر سرية لم يفصح عنها مجريها فإن المحكمة ترى أن هذه التحريات التي اطمأنت المحكمة إليها وإلى شخص من قام بإجرائها تعد مسوغة لإصدار الإذن ذلك أن ما ورد بها من وقائع تشكل جرائم قارفها من حدثت التحريات عنه وهو المتهم، وإذ كانت النيابة العامة وقد اطمأنت إلى صحة هذه التحريات فإن المحكمة على نحو ما أشارت إليه من قبل تسايرها في اطمئنانها، ومن ثم يعد الإذن القاضي بالضبط والتفتيش والتسجيل قد بني على تحريات جدية تقبلها المحكمة وتطمئن إليها، ومن ثم يضحى هذا الدفع قائماً على غير سند من القانون متعيناً طرحه وعدم التعويل عليه". وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هي من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وأنه متى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة العامة على تصرفها في شأن ذلك فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. وكانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت رداً سائغاً على الدفع ببطلانه على السياق المتقدم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله هذا إلى أنه لا يقدح في صحة التفتيش أن ينفذه أي واحد من مأموري الضبط القضائي إذا كان الإذن لم يعين مأموراً بعينه وهو ما لا ينازع فيه الطاعن وأن عدم تعيين اسم المأذون له بإجراء التفتيش لا يعيب الإذن. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة لملف الطعن صحة ما نسبه الحكم للطاعن من اعترافه بمضمون محضر تفريغ التسجيلات عند مواجهته به بمعرفة النيابة العامة واستلامه للمبالغ موضوع التحقيقات فإن ما يثيره الطاعن من قالة الخطأ في الإسناد في هذا الصدد يكون على غير أساس، هذا فضلاً عن أنه المقرر أن بطلان التسجيل - بفرض وقوعه - لا يحول دون أخذ القاضي بجميع عناصر الإثبات الأخرى المستقلة عنه والمؤدية إلى النتيجة التي أسفر عنها التسجيل ومن بينها إقرار المتهم اللاحق بحيازته المبلغ المضبوط بحوزته كما لا يحول دون أخذ المحكمة بأقوال رجال الضبط فيما باشروه من إجراءات ونما إليهم من معلومات فيما لا يتصل بالتسجيل المدعى ببطلانه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يشترط في جريمة الرشوة أن تكون الأعمال التي يطلب من الموظف أداؤها داخلة في نطاق الوظيفة مباشرة بل يكفي أن يكون له نصيب فيها يسمح له بتنفيذ الغرض منها، وأن يكون من طلب منه الرشوة قد اتجر معه على هذا الأساس، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن أنه وهو رئيس مجلس مدينة...... ورئيس اللجنة الفرعية للمحاجر بها وهي المختصة بالترخيص باستغلال المحاجر وتحرير محاضر لمن يخالف لائحة استغلالها من المرخص لهم طلب مبلغ الرشوة مقابل قيامه بتسهيل أعماله في استغلال محجر الرمل وعدم تحرير مخالفات له سواء بإصدار أمره للعاملين تحت سيطرته بعدم تحريرها أو بالتغاضي عنها، ودان الطاعن على هذا الاعتبار فإنه يكون قد طبق القانون على واقعة الدعوى تطبيقاً صحيحاً ويكون منعاه في هذا الشأن لا أساس له. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في الرشوة يتوافر بمجرد علم المرتشي عند طلب أو قبول الوعد أو العطية أو الفائدة أنه يفعل هذا لقاء القيام بعمل أو الامتناع عن عمل من أعمال الوظيفة أو للإخلال بواجباته وأنه ثمن لاتجاره بوظيفته أو استغلالها ويستنتج هذا الركن من الظروف والملابسات التي صاحبت العمل أو الامتناع أو الإخلال بواجبات الوظيفة - وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على أن المبلغ قدم للطاعن مقابل قيامه بتسهيل أعمال الشاهد في استغلال المحجر وعدم تحرير مخالفات له سواء بإصدار أمره للعاملين تحت إشرافه بعدم تحريرها وبالتغاضي عنها إذ لم يكن بينهما من علاقة أخرى نتيجة دفع ذلك المبلغ وتناول دفاعه في هذا الخصوص وأطرحه. وهو ما يتحقق به معنى الاتجار بالوظيفة ويتوافر به القصد الجنائي في حقه وأنه أخذ المبلغ لقاء إصلاح المواسير التي أتلفتها سيارة المبلغ لا يكون لا محل له. لما كان ذلك، وكان الدفع بتلفيق الاتهام من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً من الحكم بل يكفي أن يكون الرد مستفاداً من الأدلة التي عولت عليها المحكمة بما يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمه ببيان علة إطراحها إياها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة فإن النعي على الحكم بأنه لم يعرض لدفاع الطاعن القائم على نفي التهمة والتفاته عما قدمه من مستندات رسمية تأييداً لذلك يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان المقرر أن المحكمة ليست ملزمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي في كل جزئية يثيرها فإنه يكفي لسلامة الحكم أن يثبت أركان الجريمة ويبين الأدلة على وقوعها من المتهم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب طعنه عن ماهية المستندات وأوجه الدفاع والدفوع التي ساقها أمام المحكمة ولم يعرض الحكم لها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة المفردات المضمومة لملف الطعن أن الطاعن قد قرر بالطعن على الحكم المنقوض كما طعنت النيابة العامة أيضاً على هذا الحكم وبنت طعنها على سبب واحد هو خطأ الحكم في تطبيق القانون إذ نزل بعقوبة الغرامة عن الحد الأدنى المقرر لها، وكانت هذه المحكمة قد قضت بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة محاكمته من جديد أمام دائرة أخرى، ولم تر حاجة إلى بحث الطعن المقدم من النيابة العامة. وكان من المبادئ الأساسية في المحاكمات ألا يضار طاعن بطعنه، وكان الأصل طبقاً لنص الفقرة الأولى من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض أن تتقيد محكمة النقض بالأسباب المقدمة في الميعاد القانوني، ومن ثم فإن محكمة النقض ما كان بوسعها لو تعرضت في حكمها إلى طعن النيابة العامة وقبلته أن تقضي إلا بتعديل عقوبة الغرامة إلى الحد المقرر قانوناً، وبالتالي فإنه ما كان يحق لمحكمة الإعادة أن تشدد عقوبة العزل بإطلاقها في حين أن الحكم المنقوض قضى بتأقيتها، وكان لمحكمة النقض طبقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 المشار إليه أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم إذا تبين مما هو ثابت فيه أنه مبني على مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً لمصلحة المتهم وتصحيحه بتأقيت عقوبة العزل على نحو ما قضى به الحكم المنقوض ورفض الطعن فيما عدا ذلك دون حاجة إلى إعمال المادة 45 من القانون المذكور بتحديد جلسة لنظر الموضوع باعتبار أن الطعن للمرة الثانية ما دام أن العوار لم يرد على بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم مما كان يقتضي التعرض لموضوع الدعوى.