أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 48 - صـ 493

جلسة 4 من مايو سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسام عبد الرحيم والبشري الشوربجي وسمير مصطفى نواب رئيس المحكمة وفتحي جودة.

(72)
الطعن رقم 5858 لسنة 65 القضائية

(1) إثبات. "شهود". إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود وإذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً. المادة 289 إجراءات.
مثال.
(2) دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الطلب الجازم الذي تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه. ماهيته؟
مثال لطلب غير جازم.
(3) إجراءات "إجراءات المحاكمة". إكراه. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
استعمال المحكمة حقها في حبس المتهم احتياطياً. لا يحول بين الدفاع وحقه في طلب التأجيل. ولا يعد إكراهاً للتنازل عن سماع الشهود. المادة 380 إجراءات.
(4) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
التناقض الذي يعيب الحكم. ماهيته؟
مثال لتسبيب سائغ لنفي التناقض.
(5) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة إغفالها الرد على دفاع لم يثر أمامها. غير مقبول.
(6) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". استجواب. إكراه. دفوع "الدفع ببطلان الاستجواب" "الدفع ببطلان الاعتراف".
عدم تعويل الحكم على الدليل المستمدة من استجواب أو اعتراف الطاعن ينحسر معه الالتزام بالرد على الدفع ببطلانهما.
(7) تلبس. مأمورو الضبط القضائي "سلطاتهم". قبض. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
التلبس بالجناية. يبيح لمأمور الضبط القضائي القبض على المتهم الحاضر وتفتيشه. أساس ذلك؟
تقدير توافر حالة التلبس. لرجل الضبط بداءة. تحت رقابة سلطة التحقيق وإشراف محكمة الموضوع.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر حالة التلبس في جريمة حيازة عملة ورقية مقلدة.
(8) ترويج عملة مقلدة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". عملة.
مثال لاستدلال سائغ على توافر قصد ترويج عملة والعلم بتقليدها.
(9) دفوع "الدفع بتلفيق التهمة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بتلفيق التهمة. موضوعي. لا يستلزم رداً صريحاً كفاية الأخذ بأدلة الثبوت رداً عليه.
1 - لما كان نص المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديله بالقانون رقم 113 لسنة 1957 يجيز للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك، يستوي في ذلك أن يكون القبول صريحاً أو ضمنياً بتصرف المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه. لما كان ذلك، وكان يبين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن الثاني وإن استهل طلباته بطلب سماع شهود الإثبات وشاهد الواقعة.... إلا أنه عاد وتنازل عن طلبه وترافع في موضوع الدعوى طالباً الحكم ببراءة الطاعن، ولم يبد هذا الأخير اعتراضاً على تصرف الدفاع عنه فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن سماع أقوالهم ولا تكون المحكمة مخطئة إذا عولت على أقوالهم في التحقيقات ما دامت تلك الأقوال كانت مطروحة على بساط البحث في الجلسة. ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد في غير محله.
2 - لما كان من المقرر أن الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية وكان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن الثاني وإن طلب الاستعلام من البنك المركزي عما إذا كانت العملة الورقية المضبوطة متداولة في الولايات المتحدة الأمريكية وجمهورية مصر العربية من عدمه وضم قرار ندب رئيس نيابة الشئون المالية الذي أحال الدعوى للمحكمة للقيام بأعمال المحامي العام، إلا أنه عاد وترافع في الدعوى دون أن يتناول الطلبات سالفة البيان في دفاعه أو يصر عليها في طلباته الختامية مما مفاده نزوله عنها، بما تنحسر عن الحكم في هذا الصدد قالة الإخلال بحق الدفاع.
3 - لا ينال من سلامة إجراءات المحاكمة ما أمرت به المحكمة من حبس الطاعنين على ذمة الدعوى، فإن ذلك منها كان استعمالاً لحقها المقرر بالمادة 380 من قانون الإجراءات الجنائية، ولم يكن من شأنه أن يحول بين الدفاع وبين حقه في طلب تأجيل نظر الدعوى لسماع الشهود والطلبات سالفة البيان.. أما وهو لم يفعل بحجة غير مقبولة هي أنه أُكره على التنازل عن سماع الشهود والطلبات آنفة الذكر فإن نعيه على الحكم بهذا السبب يكون غير سديد.
4 - لما كان من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما يثبت البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه حصل واقعة الدعوى وأورد أقوال شاهدي الإثبات كما هي قائمة في الأوراق، ثم ساق ما قصد إليه في اقتناعه من قيام المتهم الأول بتقليد العملة المضبوطة وشروعه في ترويجها بما ينفي قيام التناقض، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل.
5 - لما كان البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن الأول يدفع ببطلان أمر إحالة الطاعنين للمحاكمة، وكان من المقرر أنه لا يقبل من الطاعن النعي على المحكمة بأنها أغفلت الرد على دفاع لم يتمسك به أمامها فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص يكون غير سديد.
6 - لما كان ما يثيره المدافع عن الطاعن الثاني من بطلان استجوابه لإجرائه بمعرفة مأمور ضبط قضائي وببطلان اعترافه لصدوره تحت وطأة تعذيب رجال الضبط له ولكونه نتيجة استجواب باطل مردوداً بأن الحكم قد بنى قضاءه على ما اطمأن إليه من أدلة الثبوت التي قام عليها ولم يعول على أي دليل مستمد من استجواب الطاعن أو اعترافه، ومن ثم فإنه قد انحسر عنه الالتزام بالرد استقلالاً على هذين الدفعين.
7 - من المقرر أن حالة التلبس بالجناية تبيح لمأمور الضبط القضائي - طبقاً للمادتين 34، 46 من قانون الإجراءات الجنائية - أن يقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه وأن يفتشه، وتقدير توافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من الأمور الموضوعية البحت التي توكل بداءة لرجل الضبط القضائي على أن يكون تقديره خاضعاً لرقابة سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وفق الوقائع المعروضة عليها - بغير معقب ما دامت النتيجة التي انتهت إليها تتفق منطقياً مع المقدمات والوقائع التي أثبتتها في حكمها، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد صورة الواقعة حصل دفاع الطاعن الثاني من دفعه ببطلان القبض والتفتيش ورد بقوله "وحيث إنه عن الدفع المبدى من محامي المتهم الثاني ببطلان القبض عليه وتفتيشه لانتفاء حالة التلبس وعدم صدور إذن من النيابة العامة بهما، فمردود بما هو مقرر قانوناً أن التلبس حالة تلازم الجريمة نفسها ويكفي لتوافرها أن يكون شاهدها قد حضر ارتكابها بنفسه وأدرك وقوعها بأية حاسة من حواسه، وأن قيام حالة التلبس تجيز القبض على مرتكب الجريمة وتتيح تفتيشه بغير إذن من النيابة العامة. ولما كان ذلك، وكان الثابت من أقوال الضابطين شاهدي الواقعة أنهما جلسا بمحل..... في مكان قريب من مجلس المصدر السري يمكنهما من مشاهدة ما يدور حيث أقبل المتهم الأول - المأذون بضبطه وتفتيشه - وقابل المصدر السري وتأكد من وجود النقد المصري معه ثمن الدولارات التي كان قد اتفق معه على شرائها منه ودار بينهما حديث قصير خرج على أثره المتهم الأول من المحل وعاد بعد حوالي خمس دقائق ومعه المتهم الثاني ودار بينهما وبين المصدر السري حديث أخرج على أثره المتهم الثاني لفافة من الورق الأبيض من داخل السويتر الذي يرتديه وقام بفضها فتبين الضابطان أن بداخلهما كمية من الدولارات الأمريكية المقلدة - المتفق على بيعها للمصدر السري - فقام شاهدا الإثبات الأول بضبط المتهم المذكور وكذا المتهم الأول والدولارات المقلدة، فإن المتهم الثاني يكون بما فعل قد أوجد الضابطين إزاء جريمتي إحراز عملة ورقية مقلدة بقصد ترويجها وشروعه في ترويجها بعرضها على المصدر السري لشرائها - متلبساً بهما تجيزان القبض عليه وتبيحان تفتيشه بغير إذن من النيابة العامة، مما يبعد عن هذا القبض وذلك التفتيش قالة البطلان التي وردت على لسان الدفاع عن المتهم الثاني، ويضحى أمر القبض عليه وتفتيشه قد جاء في جادة الصواب ومتفق وحكم القانون"، وهو رد كاف وسائغ في الرد على الدفع ويتفق وصحيح القانون، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد.
8 - لما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر علم الطاعنين بتقليد العملة المضبوطة وقصدهما ترويجهما في قوله "أما ما أثاره الدفاع عن كل من المتهمين قولاً بانتفاء علمه بتقليد الدولارات الأمريكية المقلدة، فمردود، أيضاً بما تؤكده ظروف الواقعة وملابساتها من توافر علم كل منهما بتقليد العملة الورقية المضبوطة فبالنسبة للمتهم الأول...... - فالثابت من التحريات السرية التي أجراها ضابط الواقعة - وفقاً لما هو ثابت بمحضر التحريات - وأقوال المذكورين بصددها - أنها انتهت إلى صحة ما أبلغهما به مصدرهما السري من قيام المتهم الأول بتقليد العملات الأجنبية - خاصة الدولارات الأمريكية والدينارات الليبية - وأنه يقوم بترويجها بكميات كبيرة داخل مدينة الإسكندرية، فضلاً عما قرره من أن مصدرهما السري قد أبلغهما أن المتهم الأول قد اتفق معه على أن يبيعه 9600 دولار أمريكي مقلدة بسعر جنيه واحد للدولار، وهو ما يقل كثيراً - بالعلم العام - من سعر الدولار الصحيح وحدد الزمان والمكان لإتمام تلك الصفقة المؤثمة والذي تم ضبطه فيها حائزاً للعملة المقلدة المضبوطة..... وكل ذلك يكشف في غير عناء - على ثبوت علم ذلك المتهم بتقليد العملة المضبوطة التي حازها بقصد الترويج بل وشروع في ترويجها وهو عالم بتقليدها على نحو ما سلف بيانه.... أما بالنسبة للمتهم الثاني فتوافر علمه بتقليدها ثابت، فضلاً عن ضبطه محرزاً لها وهو ما يوفر قرينة علمه بتقليدها - فإنه في طريقه إحرازه لها مغلقة في لفافة من الورق الأبيض - مخفيها داخل السويتر الذي كان يرتديه يؤكد علمه بتقليدها لأنه أمر لا يتبع عادة في حمل الأوراق المالية الصحيحة فلا يحتاج الحال إلى تغليفها بتلك الصورة وإخفائها في الملابس، علاوة على ضبطه مع المتهم الأول الذي اتفق مع المصدر السري على بيع تلك الدولارات المقلدة بسعر جنيه واحد للدولار وخروجه من محل....... بعد حديثه مع المصدر السري بعد أن تأكده من وجود ثمنها معه وعودته مع المتهم الثاني بعد بضع دقائق حاملاً الأخير تلك العملة المقلدة بالطريقة السالف ذكرها لتسليمها للمصدر السري إتماماً للصفقة التي أجراها المتهم الأول مع المصدر السري لتكشف بوضوح على توافر علم المتهم الثاني بحقيقة تلك العملة". وكان ما أورده الحكم مما سلف يسوغ به الاستدلال على توافر قصد الترويج والعلم بأن العملة المضبوطة مقلدة، ومن ثم فإن منعى الطاعنين في هذا الصدد يكون غير سديد.
9 - من المقرر أن الدفع بتلفيق التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب بحسب الأصل رداً صريحاً من المحكمة بل يستفاد الرد عليه دلالة من قضاء المحكمة بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما (1) حازا بقصد الترويج عملة ورقية مقلدة متداولة قانوناً في الخارج "ست وتسعين ورقة مالية من فئة المائة دولار أمريكي" مع علمهما بتقليدها. (2) شرعا في ترويج الأوراق المالية المقلدة سالفة الذكر بأن عرضاها للبيع مقابل نقد مصري وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهما فيه هو ضبطهما بالجريمة متلبساً بها على النحو المبين بالأوراق وأحالتهما إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 45/ 1، 46، 202/ 1، 202 مكرر، 203 من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 30، 32/ 1 من ذات القانون بمعاقبة المتهمين بالسجن لمدة ثلاث سنوات ومصادرة الأوراق المالية المقلدة.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

من حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمتي حيازة عملة ورقية مقلدة والشروع في ترويجها، قد شابه البطلان والقصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن المدافع عن الطاعن الثاني تمسك بطلب سماع شاهدي الإثبات وشاهد الواقعة..... والاستعلام من البنك المركزي عما إذا كانت العملة الورقية المضبوطة متداولة في الولايات المتحدة الأمريكية وجمهورية مصر العربية من عدمه وضم قرار ندب رئيس نيابة الشئون المالية الذي أحال الدعوى للمحكمة للقيام بأعمال المحامي العام إلا أن المحكمة لم تستجب لتلك الطلبات وفصلت في الدعوى رقم تأجيلها نظر الدعوى أكثر من مرة لهذا الغرض، وكان قرار المحكمة بالقبض على المتهمين وحبسهما دافعاً لإجبار الدفاع عن التنازل عن الطلبات سالفة البيان، كما أورد الحكم في مدوناته أن تحريات الشرطة توصلت إلى قيام المتهم الأول بتقليد العملة الأجنبية وترويجها ثم عاد وأورد في ذات الموضع إلى أنه يعلم بتقليد العملة المضبوطة ثم انتهى إلى إدانة المتهمين بجريمتي حيازة عملة مقلدة والشروع في ترويجها، كما أن المدافع عن الطاعن الثاني دفع ببطلان أمر الإحالة لصدوره من رئيس نيابة خلت الأوراق من قرار ندبه من المحامي العام المختص وسانده المدافع عن الطاعن الأول في هذا الدفع إلا أن المحكمة التفتت عن ذلك الدفع إيراداً ورداً، كما أن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان استجوابه لإجرائه بمعرفة مأمور ضبط قضائي وببطلان اعترافه لصدوره تحت وطأة تعذيب رجال الضبط له ولكونه نتيجة استجواب باطل إلا أن المحكمة التفتت عن تلك الدفوع إيراداً ورداً، كما أن المدافع عن الطاعن الثاني دفع ببطلان القبض لعدم توافر حالة التلبس كما دفع بانتفاء علمه بأن العملة المضبوطة مقلدة وسانده المدافع عن الطاعن الأول في دفعه هذا إلا أن الحكم أطرح الدفعين بما لا يسوغ إطراحهما، هذا إلى أن الحكم استظهر توافر قصد الترويج لدى الطاعن الثاني بما لا يسوغ توافر هذا القصد، وأخيراً قام دفاع الطاعن الثاني على أن الواقعة حدثت بتلفيق من المصدر السري إلا أن الحكم رد على ذلك بما لا يصلح رداً كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي حيازة عملة ورقية مقلدة والشروع في ترويجها والتي دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقهما أدلة مستمدة من أقول شاهدي الإثبات وما أثبته تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان نص المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديله بالقانون رقم 113 لسنة 1957 يجيز للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذ قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك، يستوي في ذلك أن يكون القبول صريحاً أو ضمنياً بتصرف المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه. لما كان ذلك، وكان يبين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن الثاني وإن استهل طلباته بطلب سماع شهود الإثبات وشاهد الواقعة..... إلا أنه عاد وتناول عن طلبه وترافع في موضوع الدعوى طالباً الحكم ببراءة الطاعن، ولم يبد هذا الأخير اعتراضاً على تصرف الدفاع عنه فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن سماع أقوالهم ولا تكون المحكمة مخطئة إذا عولت على أقوالهم في التحقيقات ما دامت تلك الأقوال كانت مطروحة على بساط البحث في الجلسة، ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية، وكان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن الثاني وإن طلب الاستعلام من البنك المركزي عما إذا كانت العملة الورقية المضبوطة متداولة في الولايات المتحدة الأمريكية وجمهورية مصر العربية من عدمه وضم قرار ندب رئيس نيابة الشئون المالية الذي أحال الدعوى للمحكمة للقيام بأعمال المحامي العام. إلا أنه عاد وترافع في الدعوى دون أن يتناول الطلبات سالفة البيان في دفاعه أو يصر عليها في طلباته الختامية مما مفاده نزوله عنها، بما تنحسر عن الحكم في هذا الصدد قالة الإخلال بحق الدفاع. لما كان ذلك، فإنه لا ينال من سلامة إجراءات المحاكمة ما أمرت به المحكمة من حبس الطاعنين على ذمة الدعوى، فإن ذلك منها كان استعمالاً لحقها المقرر بالمادة 380 من قانون الإجراءات الجنائية، ولم يكن من شأنه أن يحول بين الدفاع وبين حقه في طلب تأجيل نظر الدعوى لسماع الشهود والطلبات سالفة البيان، أما وهو لم يفعل بحجة غير مقبولة هي أنه أُكره على التنازل عن سماع الشهود والطلبات آنفة الذكر فإن نعيه على الحكم بهذا السبب يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما يثبت البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه حصل واقعة الدعوى وأورد أقوال شاهدي الإثبات كما هي قائمة في الأوراق، ثم ساق ما قصد إليه في اقتناعه من قيام المتهم الأول بتقليد العملة المضبوطة وشروعه في ترويجها بما ينفي قيام التناقض، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن الأول يدفع ببطلان أمر إحالة الطاعنين للمحاكمة، وكان من المقرر أنه لا يقبل من الطاعن النعي على المحكمة بأنها أغفلت الرد على دفاع لم يتمسك به أمامها فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص يكون غير سديد، ويشار في هذا الصدد إلى أن المدافع عن الطاعن الثاني وإن دفع ببطلان أمر الإحالة إلا أنه عاد وتنازل عن دفعه هذا بجلسة.... لما كان ذلك وكان ما يثيره المدافع عن الطاعن الثاني من بطلان استجوابه لإجرائه بمعرفة مأمور ضبط قضائي وببطلان اعترافه لصدوره تحت وطأة تعذيب رجال الضبط له ولكونه نتيجة استجواب باطل مردوداً بأن الحكم قد بنى قضاءه على ما اطمأن إليه من أدلة الثبوت التي قام عليها ولم يعول على أي دليل مستمد من استجواب الطاعن أو اعترافه، ومن ثم فإنه قد انحسر عنه الالتزام بالرد استقلالاً على هذين الدفعين. لما كان ذلك، وكانت حالة التلبس بالجناية تبيح لمأمور الضبط القضائي - طبقاً للمادتين 34، 46 من قانون الإجراءات الجنائية - أن يقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه وأن يفتشه، وتقدير توافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من الأمور الموضوعية البحت التي توكل بداءة لرجل الضبط القضائي على أن يكون تقديره خاضعاً لرقابة سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وفق الوقائع المعروضة عليها - بغير معقب ما دامت النتيجة التي انتهت إليها تتفق منطقياً مع المقدمات والوقائع التي أثبتتها في حكمها، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد صورة الواقعة حصل دفاع الطاعن الثاني من دفعه ببطلان القبض والتفتيش ورد بقوله "وحيث إنه عن الدفع المبدى من محامي المتهم الثاني ببطلان القبض عليه وتفتيشه لانتفاء حالة التلبس وعدم صدور إذن من النيابة العامة بهما، فمردود بما هو مقرر قانوناً أن التلبس حالة تلازم الجريمة نفسها ويكفي لتوافرها أن يكون شاهدها قد حضر ارتكابها بنفسه وأدرك وقوعها بأية حاسة من حواسه، وأن قيام حالة التلبس تجيز القبض على مرتكب الجريمة وتتيح تفتيشه بغير إذن من النيابة العامة. لما كان ذلك، وكان الثابت من أقوال الضابطين شاهدي الواقعة أنهما جلسا بمحل.... في مكان قريب من مجلس المصدر السري يمكنهما من مشاهدة ما يدور حيث أقبل المتهم الأول - المأذون بضبطه وتفتيشه - وقابل المصدر السري وتأكد من وجود النقد المصري معه ثمن الدولارات التي كان قد اتفق معه على شرائها منه ودار بينهما حديث قصير خرج على أثره المتهم الأول من المحل وعاد بعد حوالي خمس دقائق ومعه المتهم الثاني ودار بينهما وبين المصدر السري حديث أخرج على أثره المتهم الثاني لفافة من الورق الأبيض من داخل السويتر الذي يرتديه وقام بفضها فتبين الضابطان أن بداخلها كمية من الدولارات الأمريكية المقلدة - المتفق على بيعها للمصدر السري، فقام شاهدا الإثبات الأول بضبط المتهم المذكور وكذا المتهم الأول والدولارات المقلدة، فإن المتهم الثاني يكون بما فعل قد أوجد الضابطين إزاء جريمتي إحراز عملة ورقية مقلدة بقصد ترويجها وشروعه في ترويجها بعرضها على المصدر السري لشرائها - متلبساً بهما تجيزان القبض عليه وتبيحان تفتيشه بغير إذن من النيابة العامة، مما يبعد عن هذا القبض وذلك التفتيش قالة البطلان التي وردت على لسان الدفاع عن المتهم الثاني، ويضحى أمر القبض عليه وتفتيشه قد جاء في جادة الصواب ومتفق وحكم القانون"، وهو رد كاف وسائغ في الرد على الدفع ويتفق وصحيح القانون، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر علم الطاعنين بتقليد العملة المضبوطة وقصدهما ترويجها في قوله "أما ما أثاره الدفاع عن كل من المتهمين قولاً بانتفاء علمه بتقليد الدولارات الأمريكية المقلدة، فمردود، أيضاً بما تؤكده ظروف الواقعة وملابساتها من توافر علم كل منهما بتقليد العملة الورقية المضبوطة، فبالنسبة للمتهم الأول..... فالثابت من التحريات السرية التي أجراها ضابط الواقعة - وفقاً لما هو ثابت بمحضر التحريات - وأقوال المذكورين بصددها - أنها انتهت إلى صحة ما أبلغهما به مصدرهما السري من قيام المتهم الأول بتقليد العملات الأجنبية - خاصة الدولارات الأمريكية والدينارات الليبية، وأنه يقوم بترويجها بكميات كبيرة داخل مدينة الإسكندرية، فضلاً عما قرره من أن مصدرهما السري قد أبلغهما أن المتهم الأول قد اتفق معه على أن يبيعه 9600 دولار أمريكي مقلدة بسعر جنيه واحد للدولار، وهو ما يقل كثيراً - بالعلم العام - من سعر الدولار الصحيح وحدد الزمان والمكان لإتمام تلك الصفقة المؤثمة والذي تم ضبطه فيها حائزاً للعملة المقلدة المضبوطة..... وكل ذلك يكشف في غير عناء - على ثبوت علم ذلك المتهم بتقليد العملة المضبوطة التي حازها بقصد الترويج بل وشروع في ترويجها وهو عالم بتقليدها على نحو ما سلف بيانه..... أما بالنسبة للمتهم الثاني فتوافر علمه بتقليدها ثابت، فضلاً عن ضبطه محرزاً لها، وهو ما يوفر قرينة علمه بتقليدها، فإنه في طريقة إحرازه لها مغلقة في لفافة من الورق الأبيض - مخفيها داخل السويتر الذي كان يرتديه يؤكد علمه بتقليدها لأنه أمر لا يتبع عادة في حمل الأوراق المالية الصحيحة فلا يحتاج الحال إلى تغليفها بتلك الصورة وإخفائها في الملابس، علاوة على ضبطه مع المتهم الأول الذي اتفق مع المصدر السري على بيع تلك الدولارات المقلدة بسعر جنيه واحد للدولار وخروجه من محل..... بعد حديثه مع المصدر السري بعد تأكده من وجود ثمنها معه وعودته مع المتهم الثاني بعد بضع دقائق حاملاً الأخير تلك العملة المقلدة بالطريقة السالف ذكرها لتسليمها للمصدر السري إتماماً للصفقة التي أجراها المتهم الأول مع المصدر المسئول لتكشف بوضوح على توافر علم المتهم الثاني بحقيقة تلك العملة". وكان ما أورده الحكم مما سلف يسوغ به الاستدلال على توافر قصد الترويج والعلم بأن العملة المضبوطة مقلدة. ومن ثم فإن منعى الطاعنين في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الدفع بتلفيق التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب بحسب الأصل رداً صريحاً من المحكمة بل يستفاد الرد عليه دلالة من قضاء المحكمة بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الثاني نعياً على الحكم رده على دفاعه بأن الواقعة حدثت بتلفيق من المصدر السري بما لا يصلح رداً يكون غير مقبول. لما كان ذلك، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.