أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 48 - صـ 507

جلسة 5 من مايو سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمد زايد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سري صيام ومحمد حسام الدين الغرياني ومحمد شتا وأحمد عبد القوي نواب رئيس المحكمة.

(73)
الطعن رقم 8310 لسنة 65 القضائية

(1) حكم "بيانات التسبيب".
عدم رسم القانون نمطاً خاصاً لإيراد بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها.
(2) حكم "بياناته".
تجهيل الحكم لأدلة الثبوت في الدعوى. غير جائز.
(3) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
استناد المحكمة في إدانة المتهم لقول من أقوال محاميه. غير جائز.
إدانة الطاعن استناداً لإقراره في التحقيقات الإدارية بصحة الواقعة دون بيان مؤداه وتحريات أمن الشركة المجني عليها دون إيراد مضمونها. وأخذه بإقرار محاميه بجلسة المحاكمة بعجز البضائع والتصرف فيها. قصور.
(4) إثبات "بوجه عام".
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداها؟
1 - لما كان القانون حين أوجب أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بما يتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها وأدلة ثبوتها في حق المتهم ومؤداها لم يرسم للحكم نمطاً خاصاً لإيراد هذه البيانات ولم يشترط لاستيفاء كل بيان منها وإعمال أثره أن يستقل به موضع معين من مواضع الحكم دون سواه.
2 - من المقرر أنه يجب ألا يجهل الحكم أدلة الثبوت في الدعوى بل عليه أن يبينها بوضوح بأن يورد مؤداها في بيان مفصل يتحقق به الغرض الذي قصده الشارع من تسبيب الأحكام وتتمكن معه محكمة النقض من إعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً.
3 - لما كان من المقرر أنه لا يجوز للمحكمة أن تستند في إدانة المتهم إلى قول من أقوال محاميه، وكان الحكم المطعون فيه قد عول - ضمن ما استند إليه في الإدانة إلى إقرار الطاعن في التحقيقات الإدارية بصحة الواقعة دون أن يبين مؤدى هذا الإقرار وكيف أنه يفيد صحة الواقعة كما استقرت في عقيدة المحكمة، وإلى تحريات إدارة المتابعة والتوجيه بأمن الشركة المجني عليها دون إيراد مضمون هذه التحريات، كما أخذ الطاعن بإقرار محاميه بجلسة المحاكمة بعجز البضائع والتصرف فيها بمعرفة الطاعن، وهو بهذه المثابة دليل باطل، فإن الحكم يكون معيباً بالقصور في البيان والفساد في الاستدلال.
4 - من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يشد بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذ سقط أحدها أو استبعد تعذر تعرف الأثر الذي كان له في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بصفته موظفاً عاماً ومن الأمناء على الودائع "أمين مخزن....." اختلس البضائع المبينة وصفاً بالتحقيقات والبالغ قيمتها 3840.053 جنيه والمملوكة لجهة عمله سالفة الذكر والمسلمة إليه بسبب وظيفته وصفته آنفتي البيان. وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 112/ 1، 2/ أ، 118، 119 ب، 119 مكرر أ، هـ من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالسجن مدة ثلاث سنوات وتغريمه 3840.053 جنيهاً وبإلزامه برد مثل هذا المبلغ وعزله من وظيفته.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجناية الاختلاس قد شابه القصور في التسبيب، ذلك بأنه لم يبين واقعة الدعوى بعناصرها القانونية كافة وأدلة ثبوتها في حقه ومؤداها. مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن القانون حين أوجب أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بما تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها وأدلة ثبوتها في حق المتهم ومؤداها ولم يرسم للحكم نمطاً خاصاً لإيراده هذه البيانات ولم يشترط لاستيفاء كل بيان منها وإعمال أثره أن يستقل به موضع معين من مواضع الحكم دون سواه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه وإن أورد في بيان أدلة إدانة الطاعن ومؤداها أقوال شهود الإثبات.... و.... و.... و...... و..... و.... و..... و.... و....، إلا أنه ساق في بيان واقعة الدعوى أنها قد تأكدت من أدلة وقرائن أخرى منها إقرار الطاعن بالتحقيقات الإدارية بصحة الواقعة وتحريات إدارة المتابعة والتوجيه بأمن الشركة، كما أورد الحكم في موضع آخر منه أن محامي الطاعن أقر بجلسة المحاكمة بعجز البضائع والتصرف فيها بمعرفة الطاعن الذي أبدى استعداده لسداد قيمتها للشركة لكنها رفضت، وخلص الحكم من جميع ما أورده على النحو السالف إلى ثبوت قيام الطاعن بالتصرف من تلقاء نفسه في بعض البضائع المسلمة إليه بحكم وظيفته وإضافة مقابلها لذمته المالية الخاصة وإبداء استعداده للسداد بعد افتضاح أمره، فإن المحكمة تكون قد كونت عقيدتها في الإدانة وتأثر وجدان قاضيها بكافة الأدلة والقرائن التي أوردتها في مواضع حكمها المختلفة، بحيث لا يسوغ القول أن ما ساقه الحكم خارج نطاق الموضع الذي أفرده لبيان أقوال شهود الإثبات لم يكن ذا أثر في تكوين عقيدة المحكمة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب ألا يجهل الحكم أدلة الثبوت في الدعوى بل عليه أن يبينها بوضوح بأن يورد مؤداها في بيان مفصل يتحقق به الغرض الذي قصده الشارع من تسبيب الأحكام وتتمكن معه محكمة النقض من إعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً، وكان من المقرر أيضاً أنه لا يجوز للمحكمة أن تستند في إدانة المتهم إلى قول من أقوال محاميه، وكان الحكم المطعون فيه قد عول - ضمن ما استند إليه في الإدانة إلى إقرار الطاعن في التحقيقات الإدارية بصحة الواقعة دون أن يبين مؤدى هذا الإقرار وكيف أنه يفيد صحة الواقعة كما استقرت في عقيدة المحكمة، وإلى تحريات إدارة المتابعة والتوجيه بأمن الشركة المجني عليها دون إيراد مضمون هذه التحريات، كما أخذ الطاعن بإقرار محاميه بجلسة المحاكمة بعجز البضائع والتصرف فيها بمعرفة الطاعن، وهو بهذه المثابة دليل باطل، فإن الحكم يكون معيباً بالقصور في البيان والفساد في الاستدلال. ولا يغني عن ذلك ما أورده من أدلة أخرى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يشد بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذ سقط أحدها أو استبعد تعذر تعرف الأثر الذي كان له في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بغير حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن.