أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 48 - صـ 601

جلسة 19 من مايو سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمد زايد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سري صيام ومحمد حسام الدين الغرياني ومحمد شتا ومحمد الصيرفي نواب رئيس المحكمة.

(89)
الطعن رقم 30134 لسنة 59 القضائية

(1) تزوير "أوراق رسمية". اشتراك. جريمة "أركانها". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
تغيير الحقيقة بطريق الغش بإحدى الوسائل المحددة قانوناً. كفايته لتحقق جريمة التزوير في الأوراق الرسمية. حدوث ضرر لشخص معين. غير لازم. علة ذلك؟
إدلاء الشاهد بأقوال تغاير الحقيقة في محاضر جمع الاستدلالات والتحقيق الابتدائي ليس من قبيل التزوير في الأوراق الرسمية. علة ذلك؟
(2) شهادة زور. جريمة "أركانها". قصد جنائي.
مناط العقاب على شهادة الزور. كونها قد أديت أمام القضاء بعد حلف اليمين. بقصد تضليله.
(3) وصف التهمة. إثبات "بوجه عام". نيابة عامة. محكمة الموضوع "سلطتها في تكييف الدعوى".
عدم التزام محكمة الموضوع بوصف النيابة العامة للواقعة. واجبها تمحيصها وإنزال الوصف القانوني الصحيح عليها.
(4) قانون "تفسيره". جريمة "أركانها". قصد جنائي. نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
أثر الطعن. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". عقوبة "العقوبة المبررة".
يشترط للعقاب على الأفعال المنصوص عليها في المادة 145 عقوبات أن يكون الباعث عليها هو إعاقة الجاني على القرار من وجه القضاء.
دفاع الطاعنين أنهما حرضا آخر على قول غير الحقيقة في محضر الشرطة ابتغاء تجنب تشريح جثة والده. جوهري.
وجوب تحقيقه والفصل فيه. إغفال ذلك. قصور وإخلال بحق الدفاع.
عدم امتداد أثر نقض الحكم لمحكوم عليه أنزلت به عقوبة مبررة ولو اتصل وجه النقض به.
1 - من المقرر أن جريمة التزوير في الأوراق الرسمية تتحقق بتغيير الحقيقة بطريق الغش بالوسائل التي نص عليها القانون ولو لم يتحقق عنه ضرر يلحق شخصاً بعينه لأن هذا التغيير نتج عنه حتماً حصول ضرر بالمصلحة العامة لما يترتب عليه من عبث بالأوراق الرسمية ينال من قيمتها وحجيتها في نظر الجمهور، وليس من هذا القبيل إدلاء الشاهد بأقوال تغاير الحقيقة في محاضر جمع الاستدلالات والتحقيق الابتدائي لأن مثل هذه الشهادة هي مما يحتمل الصدق والكذب ولا ينال كذبها من قيمة المحرر وحجيته ما دام أنه لا يتخذ حجة في إثبات صحة مضمونها.
2 - من المقرر أن جريمة شهادة الزور يتطلب القانون للعقاب عليها أن يقرر الشاهد أمام المحكمة بعد حلف اليمين أقوالاً يعلم أنها تخالف الحقيقة بقصد تضليل القضاء.
3 - من المقرر أنه ليس لزاماً على محكمة الموضوع أن تتقيد بالوصف القانوني الذي أسبغته النيابة العامة على الواقعة محل الدعوى بل من واجبها أن تمحص الواقعة المطروحة بجميع كيوفها وأوصافها وصولاً إلى إنزال حكم القانون صحيحاً عليها.
4 - من المقرر أن الإدلاء بمعلومات تتعلق بجناية أو جنحة مع العلم بعدم صحتها لإعانة الجاني على الفرار هو مما ينطبق عليه حكم المادة 145 من قانون العقوبات، إلا أنه يشترط للعقاب على الأفعال المنصوص عليها في هذه المادة أن يكون الباعث عليها هو إعانة الجاني على الفرار من وجه القضاء، وهو ما لم يستظهره الحكم على الرغم من إيراده قول المحكوم عليه أن الطاعنين حرضاه واتفقا معه على قول غير الحقيقة في محضر الشرطة ابتغاء تجنب تشريح جثة والده المجني عليه، وهو دفاع جوهري في الدعوى لم تقسطه المحكمة حقه ولم تقل رأيها فيه مع أنه إذا صح تغير به وجه الرأي في الدعوى. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع متعيناً نقضه والإعادة بالنسبة إلى الطاعنين، دون المحكوم عليه..... الذي وإن اتصل وجه النقض به بالنسبة إلى الجريمة محل الطعن، إلا أن المحكمة أنزلت به عقوبة واحدة عنها وعن جريمتين أخريين، وهي عقوبة مبررة لإحدى هاتين الجريمتين.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين بأنهم اشتركوا بطريق التحريض والاتفاق فيما بينهم وبطريق المساعدة مع موظف عمومي حسن النية هو في ارتكاب تزوير في محرر رسمي محضر الأحوال رقم.. حال تحريره المختص بوظيفته وذلك بجعلهم واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمهم بتزويرها بأن اتفق المتهمين مع المتهم الآخر وحرضوه على ذلك فأقر بالمحضر سالف الذكر على خلاف الحقيقة أن والده توفى قضاءً وقدراً نتيجة سقوطه من أعلى منزله فوقعت الجريمة بناء على هذا التحريض وذلك الاتفاق وتلك المساعدة وأحالتهم إلى محكمة جنايات لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً - عملاً بالمواد 40، 41، 45/ 1، 3، 211، 213/ 225/ 236/ 1، 241، 242/ 1، 3 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة كلاً من المتهمين بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

ومن حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة الاشتراك بطريقي التحريض والاتفاق في تزوير محرر رسمي قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه أسبغ على الواقعة وصف الاشتراك في تزوير محضر الشرطة مع أنها تشكل الجنحة المنصوص عليها في المادة 145 من قانون العقوبات التي تتطلب توافر قصد إعانة الجاني على الفرار من وجه العدالة الذي دفع الطاعنان بانتفائه قولاً أن القصد كان توقى تشريح جثة المجني عليه بيد أن الحكم أغفل هذا الدفع إيراداً ورداً ولم يستظهر أفعال الاشتراك بما يقيمها في حقهما. مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بالنسبة إلى الطاعنين بما مفاده أن المحكوم عليه.... تعدى على شقيقه.... بعصا على رأسه دون أن يقصد قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته، وأن الطاعنين حرضا المحكوم عليه.... نجل المجني عليه واتفقا معه على أن يشهد بمحضر جمع الاستدلالات - على خلاف الحقيقة - بأن والده توفى قضاءً وقدراً نتيجة سقوطه من أعلى منزله، فقرر في المحضر المذكور بذلك نتيجة هذا التحريض وذلك الاتفاق، وأورد الحكم - قول المحكوم عليه أن الطاعنين طلبا منه أن يدلي بالشهادة سالفة البيان على خلاف الحقيقة لتجنب تشريح جثة والده فوافقهما على ذلك، وبعد أن التفت الحكم عن إنكار الطاعنين خلص إلى إدانتهما بالاشتراك بطريقي التحريض والاتفاق في تزوير محرر رسمي هو المحضر سالف البيان. لما كان ذلك، وكانت جريمة التزوير في الأوراق الرسمية تتحقق بتغيير الحقيقة بطريق الغش بالوسائل التي نص عليها القانون ولو لم يتحقق عنه ضرر يلحق شخصاً بعينه لأن هذا التغيير نتج عنه حتماً حصول ضرر بالمصلحة العامة لما يترتب عليه من عبث بالأوراق الرسمية ينال من قيمتها وحجيتها في نظر الجمهور، وليس من هذا القبيل إدلاء الشاهد بأقوال تغاير الحقيقة في محاضر جمع الاستدلالات والتحقيق الابتدائي لأن مثل هذه الشهادة هي مما يحتمل الصدق والكذب ولا ينال كذبها من قيمة المحرر وحجيته ما دام أنه لا يتخذ حجة في إثبات صحة مضمونها، فإن الإدلاء في محضر الشرطة المشار إليه سلفاً بالواقعة سالفة الذكر المغاير للحقيقة لا تقوم به جريمة التزوير في محرر رسمي ولا يكون التحريض والاتفاق عليها المنسوب للطاعنين اشتراكاً في تلك الجريمة. كما أن الواقعة تلك لا تتوافر بها - من جهة أخرى جريمة شهادة الزور لما يتطلبه القانون للعقاب على هذه الجريمة من أن يقرر الشاهد أمام المحكمة بعد حلف اليمين أقوالاً يعلم أنها تخالف الحقيقة بقصد تضليل القضاء - وليس هذا هو الشأن في الدعوى. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس لزاماً على محكمة الموضوع أن تتقيد بالوصف القانوني الذي أسبغته النيابة العامة على الواقعة محل الدعوى بل من واجبها أن تمحص الواقعة المطروحة بجميع كيوفها وأوصافها وصولاً إلى إنزال حكم القانون صحيحاً عليها، وكان الإدلاء بمعلومات تتعلق بجناية أو جنحة مع العلم بعدم صحتها لإعانة الجاني على الفرار هو مما ينطبق عليه حكم المادة 145 من قانون العقوبات، إلا أنه يشترط للعقاب على الأفعال المنصوص عليها في هذه المادة أن يكون الباعث عليها هو إعانة الجاني على الفرار من وجه القضاء، وهو ما لم يستظهره الحكم على الرغم من إيراده قول المحكوم عليه.... أن الطاعنين حرضاه واتفقا معه على قول غير الحقيقة في محضر الشرطة ابتغاء تجنب تشريح جثة والده المجني عليه، وهو دفاع جوهري في الدعوى لم تقسطه المحكمة حقه ولم تقل رأيها فيه مع أنه إذا صح تغير به وجه الرأي في الدعوى. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع متعيناً نقضه والإعادة بالنسبة إلى الطاعنين، دون المحكوم عليه..... الذي وإن اتصل وجه النقض به بالنسبة إلى الجريمة محل الطعن، إلا أن المحكمة أنزلت به عقوبة واحدة عنها وعن جريمتين أخريين، وهي عقوبة مبررة لإحدى هاتين الجريمتين.