أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 48 - صـ 675

جلسة 2 من يونيه سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ نجاح سليمان نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي منتصر وحسن حمزة وحامد عبد الله ومصطفى كامل نواب رئيس المحكمة.

(101)
الطعن رقم 27028 لسنة 59 القضائية

(1) أحزاب سياسية. سب وقذف. محكمة دستورية. قانون "تفسيره". صحافة. مسئولية جنائية "المسئولية المفترضة".
القضاء بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة 15 من قانون نظام الأحزاب والفقرة الأولى من المادة 195 من قانون العقوبات وبسقوط الفقرة الثانية منها. مؤداه: عدم مسئولية رئيس الحزب ورئيس تحرير جريدته والمحرر المسئول عن القسم الذي حصل فيه النشر عما ينشر بالجريدة. أساس ذلك؟
(2) دعوى مدنية. اختصاص. دعوى جنائية "نظرها والحكم فيها". تعويض. ارتباط.
اختصاص محكمة الجنح والمخالفات بنظر الدعوى المدنية الناشئة عن الجرائم. استثناء. قيامه على الارتباط بين الدعويين الجنائية والمدنية ووحدة السبب الذي تقوم عليه كل منهما، مؤدى ذلك؟
المحكمة الجنائية لا ولاية لها في الفصل في الدعوى المدنية. متى كان الفعل موضوع الدعوى الجنائية مناط التعويض في الدعوى المدنية المرفوعة تبعاً لها. غير معاقب عليه قانوناً. أثر ذلك؟
1 - لما كانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت بالحكم الصادر في الدعوى الدستورية رقم 25 لسنة 16 ق بجلسة 2/ 1/ 1995 بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة 15 من قانون الأحزاب الصادر بالقانون رقم 40 لسنة 1977 المعدل بالقانون رقم 36 لسنة 1979 والتي كانت تتضمن مسئولية رئيس الحزب مع رئيس تحرير جريدته التي يتم النشر فيها كما قضت في الدعوى الدستورية رقم 59 لسنة 18 ق بتاريخ 1/ 2/ 1997 بعدم دستورية ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة 195 من قانون العقوبات - وكذلك بسقوط الفقرة الثانية منها والتي كانت تتضمن معاقبة رئيس التحرير أو المحرر المسئول عن القسم الذي حصل فيه النشر، وكذلك حالات الإعفاء من تلك المسئولية. لما كان ذلك، وكانت المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون 48 لسنة 1979 قد نصت على أن "أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة...... ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم، فإذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقاً بنص جنائي تعتبر الأحكام التي صدرت بالإدانة استناداً إلى ذلك النص كأن لم تكن....." لما كان ذلك، وإنه على فرض ما يدعيه الطاعن في أسباب طعنه من مخالفة الثابت بالأوراق يكون غير ذي موضوع إذ أن الفعل المسند إلى المطعون ضدهما الأول والثاني يكون بمنأى عن التأثيم إذ أن كليهما لم يكن فاعلاً أصلياً في الجريمة المدعى بارتكابها وإنما ادعى الطاعن مسئوليتهما الجنائية عنها باعتبار أحدهما رئيساً لتحرير الجريدة والآخر لكونه رئيساً للحزب الذي يصدر الجريدة ارتكاناً إلى نص المادة 195 من قانون العقوبات والفقرة الثانية من المادة 15 من القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية وهما ما قضت المحكمة الدستورية بعدم دستوريتهما في الدعويين الدستوريتين سالفتي البيان بما مفاده بطريق اللزوم إنه لا جريمة يمكن إسناد فعلها إلى كل منهما بما يستوجب مسئوليتهما عنها.
2 - من المقرر طبقاً لنصي المادة 220، 235 من قانون الإجراءات الجنائية أن ولاية محكمة الجنح والمخالفات تقتصر في الأصل على نظر ما يطرح أمامها من تلك الجرائم واختصاصها بنظر الدعوى المدنية الناشئة عنها استثناء من القاعدة مبني على الارتباط بين الدعويين ووحدة السبب الذي تقوم عليه كل منهما ومشروط فيه ألا تنظر الدعوى المدنية إلا بالتبعية للدعوى الجنائية بحيث لا يصح رفعها استقلالاً أمام المحكمة الجنائية ومؤدى ذلك أن المحاكم الجنائية لا تكون لها ولاية الفصل في الدعوى المدنية متى كان الفعل موضوع الدعوى الجنائية ومناط التعويض في الدعوى المدنية والمرفوعة تبعاً لها غير معاقب عليه قانوناً. ومن ثم فإن المحكمة الجنائية لا تكون مختصة تبعاً لذلك بنظر الدعوى المدنية بعد أن انحسر عنها الاختصاص بالدعوى الجنائية لانتفاء قيام الجريمة التزاماً بأحكام المحكمة الدستورية العليا. مما يتعين معه القضاء بنقض الحكم المطعون فيه في خصوص الدعوى المدنية وبإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به فيها وبعدم اختصاص المحكمة الجنائية بنظرها ومصادرة الكفالة.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح قصر النيل ضد المطعون ضدهم بوصف أنهم الأول والثاني تعمدا الإساءة للمجني عليه بأن ضمنا جريدة..... العدد.... ألفاظاً وعبارات لو صحت لأوجبت عقابه واحتقاره عند أهل وطنه. وطلب عقابهما بالمواد 195، 197، 200، 302، 303، 306، 307، 308 من قانون العقوبات والمادة 15 من قانون نظام الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977 المعدل وإلزامهما متضامنين مع المسئول عن الحقوق المدنية "المطعون ضده الثالث" بأن يؤدوا له مبلغ مائة ألف جنيه على سبيل التعويض. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بتغريم كل من المتهمين مائتي جنيه وفي الدعوى المدنية بإلزامهما متضامنين مع المسئول عن الحقوق المدنية بأن يؤدوا للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ خمسة آلاف جنيه تعويضاً شاملاً ورفض ما عدا ذلك من طلبات. استأنف كل من المحكوم عليهم والمدعي بالحق المدني. ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع ببراءة المتهمين مما أسند إليهما ورفض الدعوى المدنية.
فطعن الأستاذ/...... المحامي عن الأستاذ/...... المحامي عن المدعي بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بتبرئة المطعون ضدهما من تهمة السب والقذف ورفض دعواه المدنية قد خالف الثابت بالأوراق وشابه فساد في الاستدلال، ذلك أنه أقام قضاءه على أن العبارات الواردة بالجريدة وإن كانت تشكل سباً وقذفاً إلا أنها لا تفصح عن أنها قصد بها المدعي بالحق المدني. وذلك خلافاً للثابت بالأوراق من أن الصحيفة إنما قصدت بذلك المدعي بالحق المدني ودأبت على ذلك منذ زمن طويل وآية ذلك ما ثبت من مدونات الحكم الصادر في الدعوى.... جنح قصر النيل وبعض المنشورات الأخرى التي تثبت ذلك والمقدمة للمحكمة. إلا أنها قضت على خلاف الثابت بالأوراق ولم تعرض للدليل المستمد منها مما أوقع الحكم في فساد الاستدلال يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الدعوى أقامها الطاعن بطريق الادعاء المباشر قبل المطعون ضدهم وذكر شرحاً لدعواه أن جريدة حزب.... التي يرأس تحريرها المطعون ضده الأول والثاني باعتباره رئيساً للحزب الذي يصدر تلك الجريدة - والتي تعمدت في مقالاتها الإساءة إليه والتشهير به مما يعد سباً وقذفاً الأمر المعاقب عليه بالمادتين 200، 203 من قانون العقوبات. وطلب في ختام صحيفة دعواه الحكم بتوقيع العقوبة المقررة قانوناً على المطعون ضدهما الأول والثاني وإلزامهما مع المطعون ضده الثالث بصفته أن يؤدوا له مبلغ مائة ألف جنيه على سبيل التعويض والمصروفات. ومحكمة أول درجة قضت بتاريخ 28/ 3/ 1987 حضورياً بتغريم المطعون ضدهما الأول والثاني كل مائتي جنيه وفي الدعوى المدنية بإلزامهما والمسئول عن الحقوق المدنية "المطعون ضده الثالث" بالتضامن بدفع مبلغ خمسة آلاف جنيه والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. استأنف المطعون ضدهم الحكم ومحكمة الدرجة الثانية قضت في 29/ 6/ 1988 حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع ببراءة المتهمين مما أسند إليهما ورفض الدعوى المدنية وألزمت المدعي بالحق المدني المصروفات.
ومن حيث إن المحكمة تشير في بادئ الأمر إلى أن المعروض عليها الدعوى المدنية دون الدعوى الجنائية التي قضى الحكم المطعون فيه بخصوصها بالبراءة لم تطعن عليه النيابة ومن ثم فإن طعن المدعي بالحق المدني يكون مقصوراً على الدعوى المدنية والتي رفعها تبعاً للدعوى الجنائية. لما كان ما تقدم، وكانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت بالحكم الصادر في الدعوى الدستورية رقم 25 لسنة 16 ق بجلسة 2/ 1/ 1995 بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة 15 من قانون الأحزاب الصادر بالقانون رقم 40 لسنة 1977 المعدل بالقانون رقم 36 لسنة 1979 والتي كانت تتضمن مسئولية رئيس الحزب مع رئيس تحرير جريدته التي يتم النشر فيها كما قضت في الدعوى الدستورية رقم 59 لسنة 18 ق بتاريخ 1/ 2/ 1997 بعدم دستورية ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة 195 من قانون العقوبات - وكذلك بسقوط الفقرة الثانية منها والتي كانت تتضمن معاقبة رئيس التحرير أو المحرر المسئول عن القسم الذي حصل فيه النشر. وكذلك حالات الإعفاء من تلك المسئولية. لما كان ذلك، وكانت المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون 48 لسنة 1979 قد نصت على أن "أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة..... ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم، فإذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقاً بنص جنائي تعتبر الأحكام التي صدرت بالإدانة استناداً إلى ذلك النص كأن لم تكن....". لما كان ذلك، وإنه على فرض ما يدعيه الطاعن في أسباب طعنه من مخالفة الثابت بالأوراق يكون غير ذي موضوع إذ أن الفعل المسند إلى المطعون ضدهما الأول والثاني يكون بمنأى عن التأثيم إذ أن كليهما لم يكن فاعلاً أصلياً في الجريمة المدعى بارتكابها وإنما ادعى الطاعن مسئوليتهما الجنائية عنها باعتبار أحدهما رئيساً لتحرير الجريدة والآخر لكونه رئيساً للحزب الذي يصدر الجريدة ارتكاناً إلى نص المادة 195 من قانون العقوبات والفقرة الثانية من المادة 15 من القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية وهما ما قضت المحكمة الدستورية بعدم دستوريتهما في الدعويين الدستوريتين سالفتي البيان بما مفاده بطريق اللزوم إنه لا جريمة يمكن إسناد فعلها إلى كل منهما بما يستوجب مسئوليتهما عنها. لما كان ذلك، وكان من المقرر طبقاً لنص المادتين 220، 235 من قانون الإجراءات الجنائية أن ولاية محكمة الجنح والمخالفات تقتصر في الأصل على نظر ما يطرح أمامها من تلك الجرائم واختصاصها بنظر الدعوى المدنية الناشئة عن استثناء من القاعدة مبني على الارتباط بين الدعويين ووحدة السبب الذي تقوم عليه كل منهما ومشروط فيه ألا تنظر الدعوى المدنية إلا بالتبعية للدعوى الجنائية بحيث لا يصح رفعها استقلالاً أمام المحكمة الجنائية ومؤدى ذلك أن المحاكم الجنائية لا تكون لها ولاية الفصل في الدعوى المدنية متى كان الفعل موضوع الدعوى الجنائية ومناط التعويض في الدعوى المدنية والمرفوعة تبعاً لها غير معاقب عليه قانوناً - كما هو الحال في الدعوى المعروضة - ومن ثم فإن المحكمة الجنائية لا تكون مختصة تبعاً لذلك بنظر الدعوى المدنية بعد أن انحسر عنها الاختصاص بالدعوى الجنائية لانتفاء قيام الجريمة التزاماً بأحكام المحكمة الدستورية العليا سالفة الذكر. مما يتعين معه القضاء بنقض الحكم المطعون فيه في خصوص الدعوى المدنية وبإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به فيها وبعدم اختصاص المحكمة الجنائية بنظرها ومصادرة الكفالة.