أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 48 - صـ 781

جلسة 21 من يوليه سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسام الدين الغرياني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد شتا وأحمد عبد القوي ومحمد الصيرفي وعبد الرحمن هيكل نواب رئيس المحكمة.

(120)
الطعن رقم 21970 لسنة 62 القضائية

(1) قانون "تفسيره". تبديد. اختلاس أشياء محجوزة. جريمة "أركانها".
كون الشيء المبدد غير مملوك لمرتكب الاختلاس من شروط وقوع جريمة التبديد. علة ذلك؟
جريمة اختلاس المال المحجوز عليه من مالكه والمؤثمة بالمادة 342 عقوبات استثناء من هذا الأصل. عدم جواز القياس عليه. أساس ذلك؟
(2) تبديد. إثبات "بوجه عام". قصد جنائي" دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره".
العبرة في عقود الأمانة بحقيقة الواقع.
تمسك الطاعن بنفي مسئوليته عن جريمة التبديد وانتفاء القصد الجنائي لديه وتقديمه مستندات تمسك بدلالتها على ذلك. دفاع جوهري.
التفات الحكم عن تحقيقه. قصور وإخلال بحق الدفاع.
(3) نقض "الطعن للمرة الثانية".
نقض الحكم للمرة الثانية. أثره: وجوب تحديد جلسة لنظر الموضوع. المادة 45 من القانون 57 لسنة 1959.
1 - من المقرر أن جريمة التبديد لا تتحقق إلا بتوافر شروط من بينها أن يكون الشيء المبدد غير مملوك لمرتكب الاختلاس. فلا عقاب على من بدد ماله لأن مناط التأثيم هو المساس والعبث بملكية المال الذي يقع الاعتداء عليه من غير صاحبه، ولم يستثن المشرع من ذلك إلا حالة اختلاس المال المحجوز عليه من مالكه، فاعتبرها جريمة خاصة نص عليها في المادة 342 من قانون العقوبات وهو استثناء جاء على خلاف الأصل العام المقرر فلا يمتد حكمه إلى ما يجاوز نطاقه، كما لا يصح القياس عليه إذ لا جريمة ولا عقوبة بغير نص في القانون.
2 - من المقرر أن العبرة في عقود الأمانة بحقيقة الواقع لا بعبارة الأوراق وألفاظها وكان البين من الاطلاع على المفردات أن الطاعن تقدم بمستندات تمسك بدلالتها على نفي مسئوليته عن جريمة التبديد وانتفاء القصد الجنائي لديه، وكان الحكم قد التفت عن تلك المستندات ولم يتحدث عنها مع ما قد يكون لها من دلالة على صحة دفاع الطاعن ولو أنه عنى ببحثها ومحص الدفاع المؤسس عليها لجاز أن يتغير وجه الرأي في الدعوى، فإنه يكون مشوباً - فضلاً عن قصوره - بالإخلال بحق الدفاع.
3 - لما كان الطعن مقدماً لثاني مرة فإنه يتعين تحديد جلسة لنظر الموضوع إعمالاً لنص المادة 45 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية بصفته دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح عابدين ضد الطاعن بوصف أنه تسلم منه مستندات شحن بضائع عبارة عن أسمنت قيمتها 435000 دولار أمريكي وذلك للإفراج عنها جمركياً وأن المتهم قد وقع إيصالاً باستلامه تلك البضاعة وتعهد بإيداعها بمخازن البنك إلا أنه لم يفعل رغم التنبيه عليه بذلك وطلب عقابه بالمادتين 336، 341 من قانون العقوبات، وإلزامه بأن يؤدي له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم سنة مع الشغل وكفالة خمسمائة جنيه وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. استأنف ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف والإيقاف وإثبات تنازل المدعي بالحقوق المدنية عن دعواه المدنية.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنوب القاهرة الابتدائية لتفصل فيها من هيئة استئنافية أخرى. ومحكمة الإعادة قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف والإيقاف.
فطعن الأستاذ.... المحامي نائباً عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية.... الخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة التبديد قد أخطأ في القانون وشابه قصور في التسبيب وانطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه لم يستظهر القصد الجنائي لدى الطاعن ولم يفطن إلى انتفاء هذا القصد في حقه إذ أن البضاعة المنسوب إليه تبديدها مملوكة له وأن علاقته بالبنك المجني عليه مدنية قوامها وجود حساب بينهما وقد أوفى الطاعن بالتزاماته إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا الدفاع إيراداً له أو رداً عليه مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن البين من المفردات أن الطاعن قدم مذكرات ضمنها الدفاع المشار إليه بوجه الطعن واستند في تأييد صحته إلى المستندات المرفقة بملف الدعوى، وتمسك بدلالة هذه المستندات على ملكيته للبضاعة المسند إليه تبديدها وبالتالي انتفاء القصد الجنائي لديه، وقد دانه الحكم المطعون فيه بجريمة التبديد دون أن يواجه دفاعه المار ذكره، وما ينطوي عليه هذا الدفاع من انتفاء القصد الجنائي لديه، كما لم يفصل في المنازعة التي أثارها بشأن ملكية البضاعة التي دانه الحكم بتبديدها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن جريمة التبديد لا تتحقق إلا بتوافر شروط من بينها أن يكون الشيء المبدد غير مملوك لمرتكب الاختلاس، فلا عقاب على من بدد ماله لأن مناط التأثيم هو المساس والعبث بملكية المال الذي يقع الاعتداء عليه من غير صاحبه، ولم يستثن المشرع من ذلك إلا حالة اختلاس المال المحجوز عليه من مالكه، فاعتبرها جريمة خاصة نص عليها في المادة 342 من قانون العقوبات وهو استثناء جاء على خلاف الأصل العام المقرر فلا يمتد حكمه إلى ما يجاوز نطاقه، كما لا يصح القياس عليه إذ لا جريمة ولا عقوبة بغير نص في القانون. وإذ كانت العبرة في عقود الأمانة بحقيقة الواقع لا بعبارة الأوراق وألفاظها، وكان البين من الاطلاع على المفردات أن الطاعن تقدم بمستندات تمسك بدلالتها على نفي مسئوليته عن جريمة التبديد وانتفاء القصد الجنائي لديه، وكان الحكم قد التفت عن تلك المستندات ولم يتحدث عنها مع ما قد يكون لها من دلالة على صحة دفاع الطاعن ولو أنه عنى ببحثها ومحص الدفاع المؤسس عليها لجاز أن يتغير وجه الرأي في الدعوى، فإنه يكون مشوباً - فضلاً عن قصوره - بالإخلال بحق الدفاع بما يبطله ويوجب نقضه بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن. ولما كان الطعن مقدماً لثاني مرة، فإنه يتعين تحديد جلسة لنظر الموضوع إعمالاً لنص المادة 45 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959.