أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 48 - صـ 880

جلسة 18 من سبتمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي الجندي وحسين الشافعي ووفيق الدهشان ومحمود شريف فهمي نواب رئيس المحكمة.

(133)
الطعن رقم 13081 لسنة 65 القضائية

(1) حكم "بيانات التسبيب".
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون مجموع ما أورده الحكم مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(2) قبض. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
القبض على الشخص. ماهيته؟ المادتان 280، 282/ 2 عقوبات.
مثال.
(3) تعذيب "تعذيبات بدنية". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
التعذيبات البدنية. عدم اشتراط درجة معينة من الجسامة فيها. تقدير توافرها. موضوعي.
(4) إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة وإيراد مؤدى أقوال شهود الإثبات وتقرير الطب الشرعي في بيان واف. لا قصور.
(5) حكم "بيانات الديباجة".
مواد الاتهام ليست من البيانات التي يجب أن تشتمل عليها ديباجة الحكم.
إيراد الحكم مواد القانون التي آخذ المتهم بها. كفايته بياناً لمواد القانون التي حكم بمقتضاها. أساس ذلك؟
(6) دفوع "الدفع ببطلان القبض". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "المصلحة في الطعن".
النعي على الحكم قصوره في الرد على الدفع ببطلان القبض. غير مجد. ما دام لم يتساند في الإدانة إلى دليل مستمد منه.
(7) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(8) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بشهادة الشاهد؟
(9) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي. استفادة الرد عليه ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(10) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "شهود".
لمحكمة الموضوع التعويل على أقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل التحقيق. ولو عدل عنها بعد ذلك.
(11) إثبات "بوجه عام".
عدم التزام المحكمة بالتحدث إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها.
(12) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل ووزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها. غير جائز أمام النقض.
(13) إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إيراد الحكم ما أثاره الدفاع من تناقض بين الدليلين القولي والفني. غير لازم. متى أورد في مدوناته الرد على هذا الدفاع.
عدم التزام المحكمة بتتبع المتهم في مناحي دفاعه المختلفة. والرد عليها استقلالاً. استفادة الرد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(14) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بعدم وجود الطاعن بمحل الحادث. موضوعي. الرد عليه استقلالاً. غير لازم. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة.
(15) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
تعقب المتهم في كل جزئية من دفاعه الموضوعي. غير لازم. التفات الحكم عنها. مفاده: إطراحها. إثارته أمام النقض غير جائز.
1 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة، كان ذلك محققاً لحكم القانون.
2 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعنين قد اقتادوا المجني عليه إلى مسكن المحكوم عليه الخامس حيث احتجزوه فيه وجرى تعذيبه بتعذيبات بدنية أحدثت به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وإن قصدهم لم ينصرف إلى اقتياده إلى مقر الشرطة وهو ما تتوافر به أركان جريمة القبض دون وجه حق، في حقهم جميعاً، وأركان نفس الجريمة مقترنة بتعذيبات بدنية في حق ثالثهم المنصوص عليها في المادتين 280 و282 فقرة ثانية من قانون العقوبات ذلك بأن القبض على الشخص هو إمساكه من جسمه وتقييد حركته وحرمانه من حرية التجول كما يريد ودون أن يتعلق الأمر بقضاء فترة زمنية معينة.
3 - من المقرر أنه لا يشترط في التعذيبات البدنية درجة معينة من الجسامة والأمر في ذلك متروك لتقدير محكمة الموضوع تستخلصه من ظروف الدعوى.
4 - لما كان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أورد مؤدى أقوال شهود الإثبات وتقرير الطب الشرعي في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ومن ثم ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب.
5 - من المقرر أن مواد الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها ليست من البيانات التي يجب أن تشتمل عليها ديباجة الحكم وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية لم توجب إلا أن يشار في الحكم إلى نص القانون الذي حكم بموجبه، وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين في ديباجته وصف الجرائم المسندة إلى الطاعنين وباقي المحكوم عليهم وحصل الواقعة المستوجبة للعقوبة ومؤدى أدلة الثبوت أشار إلى المواد 280 و281 و282/ 2 من قانون العقوبات التي أخذ المحكوم عليهم بها بقوله "ويتعين لذلك عقابهم بمقتضى هذه المواد عملاً بالمادة 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية". فإن ما أورده الحكم يكفي في بيان مواد القانون التي حكم بمقتضاها بما يحقق حكم القانون.
6 - لا جدوى للنعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان القبض ما دام البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من القبض المدعى ببطلانه وإنما أقام قضاءه على الدليل المستمد من أقوال شهود الإثبات ومن التقرير الطبي الشرعي وهو دليل مستقل عن القبض فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن يكون غير سديد.
7 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
8 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع وزن أقوال الشهود والتعويل عليها مهما وجه إليها من مطاعن ومتى أخذت المحكمة بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
9 - لما كانت المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها والرد على ذلك ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم، وما دامت المحكمة في الدعوى الماثلة قد اطمأنت - في حدود سلطتها التقديرية - إلى أقوال المجني عليه وصحة تصويره للواقعة - على النحو المار ذكره - فلا تثريب عليها إذ هي لم تعرض في حكمها إلى دفاع الطاعنين الموضوعي الذي ما قصد به سوى إثارة الشبهة في الدليل المستمد من تلك الأقوال.
10 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع التعويل على أقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل التحقيق ولو عدل عنها بعد ذلك، فإن النعي على الحكم استناده إلى أقوال المجني عليه في محضر الشرطة وتحقيقات النيابة رغم عدوله عنها أمام المحكمة لا يكون له محل.
11 - من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها.
12 - من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ومن ثم فإن ما يثار من أن الحكم التفت عن الإقرار الرسمي المنسوب للمجني عليه متضمناً عدم ارتكاب الطاعنين للحادث لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
13 - لما كان الحكم المطعون فيه قد خلا مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني، وكان ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع من وجود تناقض بين الدليلين - بدعوى خلو التقرير الطبي من الإشارة إلى وجود أثار للحبل الذي قرر المجني عليه أنه كان مقيداً به - ما دام أن ما أورده الحكم في مدوناته يتضمن الرد على ذلك الدفاع، إذ المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد عليها على استقلال طالما أن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
14 - لما كان دفاع الطاعن الثاني بعدم وجوده بمحل الحادث وقت وقوعه لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً لم تكن المحكمة ملزمة بالرد عليه استقلالاً، طالما أن الرد عليه مستفاد من أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة وأخذت بها، ومن ثم يكون النعي في هذا المقام غير قويم.
15 - لما كان باقي ما يثار في أسباب الطعن لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً، لا على المحكمة إن هي لم تتعقبه في كل جزئية منه إذ أن اطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، دون أن تكون ملزمة ببيان علة إطراحها، فإنه لا يكون مقبولاً إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من: 1 -..... طاعن 2 -..... طاعن 3 -..... طاعن 4 -..... طاعنة 5 -..... 6 -..... بأنهم 1 - المتهمون من الأول إلى الرابع: قبضوا على...... بدون أمر أحد الحكام المختصين بذلك وفي غير الأحوال المصرح بها في قوانين واللوائح بالقبض على ذوي الشبهة 2 - المتهمان الثالث والسادس: حبسا المجني عليه سالف الذكر بمسكن المتهم الخامس بدون أمر أحد الحكام وقاما بتعذيبه تعذيبات بدنية بأن شدا وثاقه وقاما بكيه بالنار وضرباه بأدوات وهدداه بالقتل فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعي المرفق بالتحقيقات 3 - المتهم الخامس: أعد محلاً لحبس غير الجائزين مع علمه بذلك. وأحالتهم إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للأربعة الأوائل وغيابياً للمتهمين الخامس والسادس عملاً بالمواد 280، 281، 282/ 2 من قانون العقوبات مع أعمال المادتين 32، 17 من ذات القانون أولاً: بمعاقبة المتهمين الثالث والخامس والسادس بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات - ثانياً: - بمعاقبة المتهمين الأول والثاني بالحبس مع الشغل سنتين - ثالثاً: بمعاقبة المتهمة الرابعة بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة.
فطعن المحكوم عليهم الأربع الأوائل في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

من حيث إن مبنى الطعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان الطاعنين بجريمة القبض دون وجه حق المقترنة - بالنسبة لثالثهم - بتعذيبات بدنية والحبس دون وجه حق، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في التدليل والخطأ في القانون والإخلال بحق الدفاع، ذلك أنه خلا من بيان الواقعة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دانهم بها ولم يورد على نحو كاف مضمون أدلة الثبوت التي أقام عليها قضاءه، وخلت ديباجته من مواد الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها، ولم يعرض إيراداً ورداً على الدفع ببطلان القبض على الطاعنين رغم جوهريته، واستند الحكم إلى أقوال المجني عليه في محضر الشرطة وتحقيقات النيابة ملتفتاً عما أثاره الدفاع من شواهد على كذبها بدلالة عدول المجني عليه عنها أمام المحكمة وتحريره إقراراً رسمياً بعدم ارتكاب الطاعنين للحادث ولم يورد الحكم ما أثاره الدفاع من وجود تناقض بين الدليلين القولي والفني بدلالة خلو التقرير الطبي من الإشارة إلى وجود أثار للحبل الذي قرر المجني عليه أنه كان مقيداً به، فضلاً عن أن الحكم لم يرد على دفاع الطاعن الثاني بعدم وجوده بمحل الحادث وقت وقوعه - كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة مستقاة من أقوال شهود الإثبات وما أورده التقرير الطبي الشرعي وهي أدلة سائغة وكافية في حمل قضائه ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة، كان ذلك محققاً لحكم القانون. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أن ابنة الطاعنين الثالث والرابعة اختفت وأنه استقر في نفسيهما أن شقيق المجني عليه له صلة باختفائها فاستقر رأيهما مع باقي المحكوم عليهم في سبيل البحث عنها إلى اختطاف المجني عليه وحبسه وإجباره على الإدلاء بمكان اختفائها، فتوجها بصحبة الطاعنين الأول والثاني للبحث عن المجني عليه حتى قابلوه في الطريق وبحجة توجههم به إلى قسم الشرطة اقتادوه إلى مسكن المحكوم عليه الخامس حيث احتجزوه فيه وعذبه الطاعن الثالث والمحكوم عليه السادس بتعذيبات بدنية إلى أن اكتشفت الشرطة الواقعة. وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة في حق الطاعنين أدلة استمدها من تقرير الطب الشرعي ومما شهد به شهود الإثبات، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه - على ما سلف - قد أثبت أن الطاعنين قد اقتادوا المجني عليه إلى مسكن المحكوم عليه الخامس حيث احتجزوه فيه وجرى تعذيبه بتعذيبات بدنية أحدثت به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وأن قصدهم لم ينصرف إلى اقتياده إلى مقر الشرطة وهو ما تتوافر به أركان جريمة القبض دون وجه حق، في حقهم جميعاً، وأركان نفس الجريمة مقترنة بتعذيبات بدنية في حق ثالثهم المنصوص عليها في المادتين 280 و282 فقرة ثانية من قانون العقوبات ذلك بأن القبض على الشخص هو إمساكه من جسمه وتقييد حركته وحرمانه من حرية التجول كما يريد ودون أن يتعلق الأمر بقضاء فترة زمنية معينة كما أنه لا يشترط في التعذيبات البدنية درجة معينة من الجسامة والأمر في ذلك متروك لتقدير محكمة الموضوع تستخلصه من ظروف الدعوى، فإن الحكم يكون قد بين الواقعة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دانهم بارتكابها، فضلاً عن أنه يبين من مدوناته أنه أورد مؤدى أقوال شهود الإثبات وتقرير الطب الشرعي في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ومن ثم ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب ويكون ما يثار في هذا الصدد في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن مواد الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها ليست من البيانات التي يجب أن تشتمل عليها ديباجة الحكم وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية لم توجب إلا أن يشار في الحكم إلى نص القانون الذي حكم بموجبه، وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين في ديباجته وصف الجرائم المسندة إلى الطاعنين وباقي المحكوم عليهم وحصل الواقعة المستوجبة للعقوبة ومؤدى أدلة الثبوت أشار إلى المواد 280 و281 و282/ 2 من قانون العقوبات التي أخذ المحكوم عليهم بها بقوله "ويتعين لذلك عقابهم بمقتضى هذه المواد عملاً بالمادة 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية". فإن ما أورده الحكم يكفي في بيان مواد القانون التي حكم بمقتضاها بما يحقق حكم القانون. لما كان ذلك، وكان لا جدوى للنعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان القبض ما دام البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من القبض المدعى ببطلانه وإنما أقام قضاءه على الدليل المستمد من أقوال شهود الإثبات ومن التقرير الطبي الشرعي وهو دليل مستقل عن القبض فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان لمحكمة الموضوع وزن أقوال الشهود والتعويل عليها مهما وجه إليها من مطاعن ومتى أخذت المحكمة بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكانت المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها والرد على ذلك ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم وما دامت المحكمة في الدعوى الماثلة قد اطمأنت - في حدود سلطتها التقديرية - إلى أقوال المجني عليه وصحة تصويره للواقعة - على النحو المار ذكره - فلا تثريب عليها إذ هي لم تعرض في حكمها إلى دفاع الطاعنين الموضوعي الذي ما قصد به سوى إثارة الشبهة في الدليل المستمد من تلك الأقوال، وإذ كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أيضاً التعويل على أقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل التحقيق ولو عدل عنها بعد ذلك، فإن النعي على الحكم استناده إلى أقوال المجني عليه في محضر الشرطة وتحقيقات النيابة رغم عدوله عنها أمام المحكمة لا يكون له محل، وإذ كانت المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها كما أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ومن ثم فإن ما يثار من أن الحكم التفت عن الإقرار الرسمي المنسوب للمجني عليه متضمناً عدم ارتكاب الطاعنين للحادث لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خلا مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني، وكان ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع من وجود تناقض بين الدليلين - بدعوى خلو التقرير الطبي من الإشارة إلى وجود أثار للحبل الذي قرر المجني عليه أنه كان مقيداً به - ما دام أن ما أورده الحكم في مدوناته يتضمن الرد على ذلك الدفاع، إذ المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد عليها على استقلال طالما أن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ومن ثم يضحى ما يثار في هذا الخصوص على غير سند. لما كان ذلك، وكان دفاع الطاعن الثاني بعدم وجوده بمحل الحادث وقت وقوعه لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً لم تكن المحكمة ملزمة بالرد عليه استقلالاً، طالما أن الرد عليه مستفاد من أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة وأخذت بها، ومن ثم يكون النعي في هذا المقام غير قويم. لما كان ذلك، وكان باقي ما يثار في أسباب الطعن لا يعدو أن يكون أيضاً دفاعاً موضوعياً، لا على المحكمة إن هي لم تتعقبه في كل جزئية منه إذ أن اطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، دون أن تكون ملزمة ببيان علة إطراحها، فإنه لا يكون مقبولاً إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.