أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 48 - صـ 1096

جلسة 14 من أكتوبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ الصاوي يوسف نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وأمين عبد العليم وعمر بريك نواب رئيس المحكمة، وفؤاد نبوي.

(164)
الطعن رقم 706 لسنة 60 القضائية

(1) سب وقذف. قصد جنائي.
القصد الجنائي في جرائم القذف والسب والإهانة. تحققه. متى كانت الألفاظ الموجهة إلى المجني عليه شائنة بذاتها؟
(2) نشر "جرائم النشر". سب وقذف. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير مرامي العبارات التي يحاكم عليها الناشر وبيان مناحيها. واجب في جرائم النشر.
اشتمال المقال على عبارات الغرض منها المصلحة العامة وأخرى القصد منها التشهير. لمحكمة الموضوع تقدير أيهما له الغلبة في نفس الناشر.
(3) سب وقذف. إهانة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تعرف حقيقة ألفاظ السب أو القذف أو الإهانة. موضوعي. ما دام الحكم لم يخطئ في التطبيق القانوني على الواقعة.
(4) نشر "جرائم النشر". سب وقذف. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
النقد المباح. هو إبداء الرأي في أمر أو عمل دون المساس بشخص صاحب الأمر أو العمل بغية التشهير به أو الحط من كرامته.
إيراد الحكم أو عبارات المقال من قبيل النقد المباح ولا يقصد منها التشهير بالطاعن. كاف لقضائه بالبراءة.
مثال.
(5) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها" دعوى مدنية.
كفاية تشكك القاضي في صحة التهمة للقضاء بالبراءة ورفض الدعوى المدنية. ولو تردى الحكم في خطأ قانوني.
مثال.
1 - من المقرر أن القصد الجنائي في جرائم القذف والسب والإهانة لا يتحقق إلا إذا كانت الألفاظ الموجهة إلى المجني عليه شائنة بذاتها.
2 - من المقرر أنه في جرائم النشر يتعين لبحث وجود جريمة فيها أو عدم وجودها تقدير مرامي العبارات التي يحاكم عليها الناشر وتبين مناحيها فإذا ما اشتمل المقال على عبارات يكون الغرض منها الدفاع عن مصلحة عامة وأخرى يكون القصد منها التشهير فللمحكمة في هذه الحالة أن توازن بين القصدين وتقدير أيهما له الغلبة في نفس النشر.
3 - لما كان الأصل أن المرجع في تعرف حقيقة ألفاظ السب أو القذف أو الإهانة هو بما يطمئن إليه القاضي من تحصيله لفهم الواقع في الدعوى ولا رقابة عليه في ذلك لمحكمة النقض ما دام لم يخطئ في التطبيق القانوني على الواقعة.
44 - ولما كانت محكمة الموضوع قد اطمأنت في فهم سائغ لواقعة الدعوى أن العبارات المنشورة في المقال الذي حرره المطعون ضده الأول لا يقصد منها سب الطاعن أو القذف في حقه أو إهانته والتشهير به وأنها من قبيل النقد المباح وكان النقد المباح هو إبداء الرأي في أمر أو عمل دون المساس بشخص مصدر الأمر أو صاحب العمل بغير التشهير به أو الحط من كرامته وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره ذلك أن النقد كان من واقعة عامة وهي سياسة حماية الفيلم المصري من الفيلم الأجنبي وهو أمر عام. لما كان ذلك وكانت عبارات المقال تتلاءم وظروف الحال وهدفها الصالح العام ولم يثبت أن المطعون ضده قصد التشهير بشخص معين فإن ما أورده الحكم يكفي لحمل قضائه بالبراءة.
5 - من المقرر أنه يكفي أن يتشكك القاضي في صحة التهمة كي يقضي بالبراءة وما يترتب على ذلك من رفض الدعوى المدنية إذ ملاك الأمر كله يرجع إلى وجدانه وما يطمئن إليه، فإن تعييب الحكم في باقي دعاماته - وهي الخاصة بالتفسير الخاطئ للقرار رقم 374 لسنة 1973 - بغرض صحته - يكون غير منتج.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر ضد المطعون ضدهم بوصف أنهم أسندوا إليه بطريق النشر أموراً لو كانت صادقة لأوجبت احتقاره عند أهل وطنه وطلب عقابهم بالمواد 171، 302، 303، 307، 195 من قانون العقوبات وإلزامهم بأن يؤدوا له مبلغ خمسمائة وواحد جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً ببراءة المتهمين مما أسند إليهم ورفض الدعوى المدنية. استأنف المدعي بالحقوق المدنية ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً للأول وحضورياً للثاني والثالث بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/..... المحامي نيابة عن المدعي بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أورد واقعة الدعوى فيما محصله أن المطعون ضده الأول نشر مقالاً في صحيفة.... انتقد فيه قيام المدعي بالحقوق المدنية - بصفته مستغلاً لدار سينما.... بعرض أحد الأفلام الهندية ستة عشر أسبوعاً بالمخالفة لقرار وزير الثقافة رقم 101 لسنة 1973 الذي يقضي بمنع استمرار عرض أي فلم هندي لأكثر من خمسة أسابيع متتالية ووصف فعله بأنه جريمة تحدى فيها وزارة الثقافة وحرض عليه أجهزة الدولة والرقابة على المصنفات الفنية وألقى بالمسئولية على غرفة صناعة السينما لعدم حمايتها مصالح منتجي الأفلام المصرية وبعد أن بين الحكم دور الصحافة في المجتمع ووظيفتها الاجتماعية وأنه يمكن تحقيقاً لهذه الوظيفة المساس بشرف أحد الأشخاص وترجيحاً للمصلحة العامة انتهى إلى أن ما نشر من تعليق على الواقعة لا يعدو أن يكون بلاغاً للجهات المسئولة عن واقعة مخالفة لقرار وزير الثقافة سالف البيان ومطالبة باتخاذ ما يلزم من إجراءات تنفيذاً لذلك القرار وحماية للفيلم المصري ومنتجيه واستطرد الحكم قائلاً أنه لا دليل على سوء نية المتهم سوى قول مرسل للمدعي بالحقوق المدنية، لما كان ذلك، وكان القصد الجنائي في جرائم القذف والسب والإهانة لا يتحقق إلا إذا كانت الألفاظ الموجهة إلى المجني عليه شائنة بذاتها، وقد استقر القضاء على أنه في جرائم النشر يتعين لبحث وجود جريمة فيها أو عدم وجودها تقدير مرامي العبارات التي يحاكم عليها الناشر وتبين مناحيها فإذا ما اشتمل المقال على عبارات يكون الغرض منها الدفاع عن مصلحة عامة وأخرى يكون القصد منها التشهير فللمحكمة في هذه الحالة أن توازن بين القصدين وتقدير أيهما له الغلبة في نفس النشر. لما كان ذلك وكان الأصل أن المرجع في تعرف حقيقة ألفاظ السب أو القذف أو الإهانة هو بما يطمئن إليه القاضي من تحصيله لفهم الواقع في الدعوى ولا رقابة عليه في ذلك لمحكمة النقض ما دام لم يخطئ في التطبيق القانوني على الواقعة. ولما كانت محكمة الموضوع قد اطمأنت في فهم سائغ لواقعة الدعوى أن العبارات المنشورة في المقال الذي حرره المطعون ضده الأول لا يقصد منها سب الطاعن أو القذف في حقه أو إهانته والتشهير به وأنها من قبيل النقد المباح وكان النقد المباح هو إبداء الرأي في أمر أو عمل دون المساس بشخص مصدر الأمر أو صاحب العمل بغير التشهير به أو الحط من كرامته وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره ذلك أن النقد كان من واقعة عامة وهي سياسة حماية الفيلم المصري من الفيلم الأجنبي وهو أمر عام. لما كان ذلك وكانت عبارات المقال تتلاءم وظروف الحال وهدفها الصالح العام ولم يثبت أن المطعون ضده قصد التشهير بشخص معين فإن ما أورده الحكم يكفي لحمل قضائه بالبراءة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يكفي أن يتشكك القاضي في صحة التهمة كي يقضي بالبراءة وما يترتب على ذلك من رفض الدعوى المدنية إذ ملاك الأمر كله يرجع إلى وجدانه وما يطمئن إليه، فإن تعييب الحكم في باقي دعاماته. وهي الخاصة بالتفسير الخاطئ للقرار رقم 374 لسنة 1973 - بفرض صحته - يكون غير منتج. لما كان ما تقدم فإن الطعن يكون على غير أساس مفصحاً عن عدم قبوله موضوعاً مع مصادرة الكفالة وهو ما يتعين التقرير به.