أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 48 - صـ 1193

جلسة 4 من نوفمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم ومصطفى عبد المجيد وزغلول البلشي نواب رئيس المحكمة، وعبد الرحمن فهمي.

(179)
الطعن رقم 30909 لسنة 59 القضائية

(1) اختصاص "الاختصاص الولائي". قانون "تفسيره".
المحاكم العادية هي صاحبة الولاية العامة بالفصل في الجرائم كافة إلا ما استثنى بنص خاص. أساس ذلك؟
إجازة بعض القوانين إحالة جرائم معينة إلى محاكم خاصة لا يسلب المحاكم العادية ولايتها في الفصل في تلك الجرائم. ما دام أن القانون لم يرد به أي نص على انفراد المحكمة الخاصة بالاختصاص. سواء أكان معاقباً عليها بمقتضى قانون عام أم خاص.
(2) اختصاص "الاختصاص الولائي". محاكم عسكرية. قانون "تفسيره". قوة الأمر المقضي. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
قانون الأحكام العسكرية الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1966. خول المحاكم العسكرية الاختصاص بنوع معين من الجرائم ومحاكمة فئة خاصة من المتهمين. إلا أنه لم يؤثرها في غير نطاق الأحداث الخاضعين لأحكامه بهذه المحاكمة وذلك الاختصاص أو يحظرها على المحاكم العادية.
الاختصاص يكون مشتركاً بين المحاكم العادية والمحاكم العسكرية ولا يمنع نظر أيهما فيها من نظر الأخرى إلا أن تحول دون ذلك قوة الأمر المقضي.
عدم التزام الحكم بالرد على الدفاع القانوني ظاهر البطلان.
(3) دعوى جنائية "قيود تحريكها". موظفون عموميون.
لا يجوز لغير النائب العام أو المحامي العام أو رئيس النيابة تحريك الدعوى الجنائية ضد موظف عام أو من في حكمه بجريمة وقعت منه أثناء وبسبب وظيفته. أساس ذلك؟
(4) دعوى جنائية "قيود تحريكها". موظفون عموميون.
متى يعد الشخص موظفاً عاماً؟
أفراد القوات المسلحة وكل من يقوم بأداء عمل يتصل بالخدمة العامة. اعتبارهم في حكم الموظفين العموميين بالنسبة لجرائم الرشوة والاختلاس وتلك الواردة في البابين الثالث والرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات. سواء كانت الوظيفة أو الخدمة دائمة أو مؤقتة. بأجر أو بغير أجر. طواعية أو جبراً.
المجندين في القوات المسلحة. عدم سريان المادة 63 إجراءات عليهم. علته: عدم اعتبارهم في حكم الموظفين العموميين. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر. لا خطأ.
1 - لما كان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن المحاكم العادية هي صاحبة الولاية العامة بالفصل في الجرائم كافة إلا ما استثنى بنص خاص عملاً بنص الفقرة الأولى من المادة الخامسة عشرة من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972، في حين أن غيرها من المحاكم ليست إلا محاكم استثنائية وخاصة، وأنه وإن أجازت القوانين في بعض الأحوال، إحالة جرائم معينة إلى محاكم خاصة، إلا أن هذا لا يسلب المحاكم العادية ولايتها في الفصل في تلك الجرائم ما دام أن القانون لم يرد به أي نص على انفراد المحكمة الخاصة بالاختصاص، يستوي في ذلك أن تكون الجريمة معاقباً عليها بموجب القانون العام أو بمقتضى قانون خاص.
2 - من المقرر أن المحاكم العسكرية المنصوص عليها في القانون رقم 25 لسنة 1966 بإصدار قانون الأحكام العسكرية ليست إلا محاكم خاصة ذات اختصاص خاص، وأنه وإن ناط بها هذا القانون الاختصاص بنوع معين من الجرائم، ومحاكمة فئة خاصة من المتهمين، إلا أنه لم يؤثرها بهذه المحاكمة وذلك الاختصاص أو يحظرهما على المحاكم العادية، وإنه لا يحول بين المحاكم العادية وبين الاختصاص بالفصل في الجرائم المنصوص عليها فيه - عدا جرائم الأحداث الخاضعين لأحكامه - مانع من القانون، ويكون الاختصاص في شأنها مشتركاً بين القضاء العسكري وبين المحاكم العادية، ولا يمنع نظر أيهما فيها من نظر الأخرى، إلا أن تحول دون ذلك قوة الأمر المقضي، فإن ما يثيره الطاعن من عدم اختصاص المحكمة المطعون في حكمها بنظر الدعوى يكون على غير سند من القانون، ويتمخض دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان لم يكن الحكم في حاجة إلى الرد عليه أو حتى إيراده.
3 - لما كانت الفقرة الثالثة من المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية لم تسبغ الحماية المقررة بها في شأن عدم جواز رفع الدعوى الجنائية إلا من النائب العام أو المحامي العام أو رئيس النيابة إلا بالنسبة للموظفين أو المستخدمين العامين، دون غيرهم، لما يرتكبوه من جرائم أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها.
4 - لما كان من المقرر أن الموظف أو المستخدم العام هو الذي يعهد إليه بعمل دائم في خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام. عن طريق شغله منصباً يدخل في التنظيم الإداري لذلك المرفق، وكان المشرع كلما رأى اعتبار أشخاص معينين في حكم الموظفين العامين في موطن ما، أورد به نصاً، كالشأن في جرائم الرشوة واختلاس الأموال الأميرية والتسبب خطأ في إلحاق ضرر جسيم بالأموال، وغيرها من الجرائم الواردة بالبابين الثالث والرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات حين أورد في الفقرتين الثالثة والسادسة من المادة 119 مكرراً منه، أنه يقصد بالموظف العام في حكم هذا الباب أفراد القوات المسلحة. وكل من يقوم بأداء عمل يتصل بالخدمة العامة بناء على تكليف صادر إليه بمقتضى القوانين أو من موظف عام في حكم الفقرات السابقة متى كان يملك هذا التكليف بمقتضى القوانين أو النظم المقررة، وذلك بالنسبة للعمل الذي يتم التكليف به. ونصت ذات المادة في فقرتها السابقة على أنه يستوي أن تكون الوظيفة أو الخدمة دائمة أو مؤقتة بأجر أو بغير أجر طواعية أو جبراً. فجعل هؤلاء في حكم أولئك الموظفين العامين في هذا المجال المعين فحسب دون سواه، فلا يجاوزه إلى مجال الفقرة الثالثة من المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية فيما أسبغته من حماية خاصة على الموظف أو المستخدم العام. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المتهم مجند بالقوات المسلحة، فإن ما تسبغه الفقرة الثالثة من المادة 63 سالفة الذكر من حماية الموظف العام أو المستخدم العام، بعدم جواز رفع الدعوى الجنائية ضده لجريمة وقعت منه أثناء تأديته وظيفته أو بسببها إلا من النائب العام أو المحامي العام أو رئيس النيابة لا تنطبق عليه لأنه لا يعد في حكم الموظفين العامين في معنى هذه المادة. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر، فإنه يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح، ويكون النعي عليه في هذا الصدد غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة.... (محكوم عليه) بوصف أنه تسبب خطأ في وفاة..... و..... وكان ذلك ناشئاً عن إهماله ورعونته بأن قاد مركبة آلية "سيارة نقل عام خاصة بالجيش" بحالة ينجم عنها الخطر فصدم الدراجة البخارية التي كان يستقلها المجني عليهما فأحدث بها الإصابات الثابتة بالأوراق التي أودت بحياتهما. ثانياً: قاد مركبة آلية بحالة ينجم عنها الخطر. ثالثاً: تسبب بإهماله في إتلاف الدراجة البخارية رقم... قليوبية. وطلبت عقابه بالمادتين 238/ 1، 378/ 6 من قانون العقوبات المعدل بالقانون رقم 169 لسنة 1981، والمواد 1، 3، 4، 77 من القانون رقم 66 لسنة 1973 المعدل بالقانون رقم 210 لسنة 1980 والمادتين 2، 116 من اللائحة التنفيذية. وادعى ورثة المجني عليهما مدنياً قبل المتهم ووزير الدفاع بصفته المسئول عن الحقوق المدنية عن الأول بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً وعن الثاني بمبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح بنها قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام أولاً: في الدعوى الجنائية برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً. ثانياً: - برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق القانوني. ثالثاً: بتغريم المتهم مائتي جنيه. وفي الدعوى المدنية بإلزامه بالتضامن مع وزير الدفاع بصفته بأن يؤديا للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً ومائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. استأنف المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية. ومحكمة بنها الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى واختصاصها وبرفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق القانوني وبقبولها وبتغريم المتهم مائتي جنيه.
فطعن الأستاذ/.... المستشار بهيئة قضايا الدولة نيابة عن السيد وزير الدفاع.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن المحاكم العادية هي صاحبة الولاية العامة بالفصل في الجرائم كافة إلا ما استثنى بنص خاص عملاً بنص الفقرة الأولى من المادة الخامسة عشرة من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972، في حين أن غيرها من المحاكم ليست إلا محاكم استثنائية وخاصة، وأنه وإن أجازت القوانين في بعض الأحوال، إحالة جرائم معينة إلى محاكم خاصة، إلا أن هذا لا يسلب المحاكم العادية ولايتها في الفصل في تلك الجرائم ما دام أن القانون لم يرد به أي نص على انفراد المحكمة الخاصة بالاختصاص، يستوي في ذلك أن تكون الجريمة معاقباً عليها بموجب القانون العام أو بمقتضى قانون خاص، وأن المحاكم العسكرية المنصوص عليها في القانون رقم 25 لسنة 1966 بإصدار قانون الأحكام العسكرية ليست إلا محاكم خاصة ذات اختصاص خاص، وأنه وإن ناط بها هذا القانون الاختصاص بنوع معين من الجرائم، ومحاكمة فئة خاصة من المتهمين، إلا أنه لم يؤثرها بهذه المحاكمة وذلك الاختصاص أو يحظرهما على المحاكم العادية، وأنه لا يحول بين المحاكم العادية وبين الاختصاص بالفصل في الجرائم المنصوص عليها فيه - عدا جرائم الأحداث الخاضعين لأحكامه - مانع من القانون، ويكون الاختصاص في شأنها مشتركاً بين القضاء العسكري وبين المحاكم العادية، ولا يمنع نظر أيهما فيها من نظر الأخرى، إلا أن تحول دون ذلك قوة الأمر المقضي، فإن ما يثيره الطاعن من عدم اختصاص المحكمة المطعون في حكمها بنظر الدعوى يكون على غير سند من القانون، ويتمخض دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان لم يكن الحكم في حاجة إلى الرد عليه أو حتى إيراده، فضلاً عن أنه رد عليه رداً سائغاً ومقبولاً. لما كان ذلك، وكانت الفقرة الثالثة من المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية، لم تسبغ الحماية المقررة بها في شأن عدم جواز رفع الدعوى الجنائية، إلا من النائب العام أو المحامي العام أو رئيس النيابة إلا بالنسبة للموظفين أو المستخدمين العامين، دون غيرهم، لما يرتكبوه من جرائم أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها، وكان من المقرر أن الموظف أو المستخدم العام هو الذي يعهد إليه بعمل دائم في خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام، عن طريق شغله منصباً يدخل في التنظيم الإداري لذلك المرفق، وكان المشرع كلما رأي اعتبار أشخاص معينين في حكم الموظفين العامين في موطن ما، أورد به نصاً، كالشأن في جرائم الرشوة واختلاس الأموال الأميرية والتسبب خطأ في إلحاق ضرر جسيم بالأموال، وغيرها من الجرائم الواردة بالبابين الثالث والرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات حين أورد في الفقرتين الثالثة والسادسة من المادة 119 مكرراً منه، أنه يقصد بالموظف العام في حكم هذا الباب أفراد القوات المسلحة، وكل من يقوم بأداء عمل يتصل بالخدمة العامة بناء على تكليف صادر إليه بمقتضى القوانين أو من موظف عام في حكم الفقرات السابقة متى كان يملك هذا التكليف بمقتضى القوانين أو النظم المقررة، وذلك بالنسبة للعمل الذي يتم التكليف به. ونصت ذات المادة في فقرتها السابقة على أنه يستوي أن تكون الوظيفة أو الخدمة دائمة أو مؤقتة بأجر أو بغير أجر طواعية أو جبراً، فجعل هؤلاء في حكم أولئك الموظفين العامين في هذا المجال المعين فحسب دون سواه، فلا يجاوزه إلى مجال الفقرة الثالثة من المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية فيما أسبغته من حماية خاصة على الموظف أو المستخدم العام. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المتهم مجند بالقوات المسلحة، فإن ما تسبغه الفقرة الثالثة من المادة 63 سالفة الذكر من حماية الموظف العام أو المستخدم العام، بعدم جواز رفع الدعوى الجنائية ضده لجريمة وقعت منه أثناء تأديته وظيفته أو بسببها إلا من النائب العام أو المحامي العام أو رئيس النيابة لا تنطبق عليه لأنه لا يعد في حكم الموظفين العامين في معنى هذه المادة. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر، فإنه يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح، ويكون النعي عليه في هذا الصدد غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس ومن ثم يتعين التقرير بعدم قبوله موضوعاً.