أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 48 - صـ 1354

جلسة 6 من ديسمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار صلاح البرجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود عبد الباري ومحمد حسين مصطفى ونير عثمان نواب رئيس المحكمة ود/ صلاح البرعي.

(206)
الطعن رقم 20996 لسنة 65 القضائية

(1) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب. ميعاده".
امتداد ميعاد الطعن إذا صادف نهايته عطلة رسمية إلى اليوم التالي لنهاية هذه العطلة.
مثال.
(2) إثبات "شهود".
عدم التزام الحكم أن يورد من أقوال الشهود إلا ما يقيم عليه قضاءه.
(3) إثبات "شهود".
عدم التزام الحكم بسرد روايات الشاهد المتعددة. حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه.
للمحكمة التعويل على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت اطمأنت إليها.
(4) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله. لا يعيب الحكم. ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال بما لا تناقض فيه.
الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة. غير جائز أمام النقض.
(5) ضرب "عاهة". جريمة "أركانها". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إحداث عاهة مستديمة من الاعتداء بجسم صلب. جائز.
آلة الاعتداء ليست من أركان الجريمة.
مثال: لتسبيب سائغ لتوافر جريمة إحداث عاهة مستديمة.
(6) إثبات "شهود".
النعي على أقوال أحد الشهود. غير مقبول. ما دام الحكم لم يستند إليها في الإدانة.
(7) صلح. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الصلح بين المجني عليه والمتهم. قول جديد. حق محكمة الموضوع الأخذ به أو إطراحه.
مثال: لتسبيب سائغ لإطراح دلالة محضر صلح مقدم في الدعوى.
(8) محكمة الجنايات "الإجراءات أمامها". إجراءات. "إجراءات المحاكمة".
إعادة المحاكمة أمام محكمة الجنايات طبقاً للمادة 395 إجراءات. محاكمة مبتدأة. أثر ذلك؟
1 - لما كان الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 12 مارس سنة 1995 وقد قرر الطاعن بالطعن فيه بطريق النقض بتاريخ 22 إبريل سنة 1995 وقدم مذكرة أسباب طعنه بتاريخ 14 مايو سنة 1995 - ولما كانت المادة 34 من قانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض تنص على وجوب التقرير بالطعن وإيداع الأسباب التي بني عليها في ظرف ستين يوماً من تاريخ الحكم الحضوري، وكان هذا الميعاد ينقضي بالنسبة للحكم المطعون فيه في 11 مايو سنة 1995، بيد أنه لما كان ذلك اليوم عطلة رسمية باعتباره من أيام عيد الأضحى ومن ثم فإن ميعاد الطعن يمتد إلى 14 من مايو سنة 1995 وبذا فإن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان قد تما في الميعاد القانوني، ويكون الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
2 - من المقرر أن الأحكام لا تلتزم بحسب الأصل أن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها.
3 - من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها بل حسبها أن تورد ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، وأن لها أن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليها.
4 - لما كان تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه فإن منعى الطاعن في شأن التعويل على أقوال المجني عليه لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى وهو من إطلاقاتها ولا يجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض.
5 - لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه انتهى في تدليل سائغ لا قصور فيه إلى أن الطاعن قد اعتدى على المجني عليه بأداة صلبة كانت بيده فأحدثت به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تخلفت لديه من جرائها عاهة مستديمة هي انخفاض بقوة إبصار العين وتقدر نحو 35% وإذ كان من المعارف العامة التي لا تحتاج إلى خبرة فنية خاصة أن الاعتداء بجسم صلب - كما هو الشأن في الأداة المستعملة - سواء كان جنزيراً أو بونية حديد يمكن أن تتخلف عنه العاهة سواء تم الاعتداء بهذا أو ذاك، وكان من المقرر أن آلة الاعتداء ليست من الأركان الجوهرية للجريمة، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد.
6 - لما كان الحكم استند في إثبات التهمة في حق الطاعن إلى أقوال المجني عليه وتقرير الطب الشرعي ولم يعول في ذلك على ما شهدت به شقيقة المجني عليه بالتحقيقات - خلافاً لما ذهب إليه الطاعن بأسباب طعنه - فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد.
7 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لمحضر الصلح وأطرحه بقوله: "..... كما تمسك بدلالة إقرار الصلح المقدم منه والذي تضمن إقراراً موثقاً من المجني عليه يفيد تنازله عن حقه المدني المترتب على تلك الدعوى فإن المحكمة وهي بعد تحديد المسئولية الجنائية في تلك الواقعة المطروحة تلتفت عن هذا التصالح...." فإن ما أورده الحكم سائغ وكافي لطرح دلالة محضر الصلح المقدم لما هو مقرر من أن الصلح الذي يتم بين المجني عليه والمتهم لا يعدو أن يكون قولاً جديداً من المجني عليه يتضمن عدولاً عن اتهامه، وهو يدخل في تقدير محكمة الموضوع وسلطتها في تجزئة الدليل، فلها أن تأخذ بما ورد فيه ولها أن تلتفت عنه.
8 - لما كانت إعادة المحاكمة طبقاً للمادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية ليس مبناها تظلم يرفع من المحكوم عليه بل هي بحكم القانون بمثابة محاكمة مبتدأة وبالتالي فإن لمحكمة الإعادة أن تفصل في الدعوى بكامل حريتها غير مقيدة بشيء مما جاء بالحكم الغيابي، ولها أن تشدد العقوبة أو تخفضها وحكمها في كلتا الحالتين صحيح قانوناً ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بشأن العقوبة التي أوقعها الحكم المطعون فيه يكون غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بوصف أنه أحدث عمداً بـ.... الإصابات المبينة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلفت لديه من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي فقد إبصار العين اليسرى والتي قدرت بنحو خمسة وثلاثين في المائة. وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت غيابياً عملاً بالمادة 240 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وأعيدت محاكمته وقضت تلك المحكمة حضورياً عملاً بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة خمس سنوات فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الحكم المطعون فيه قد صدر بتاريخ 12 من مارس 1995 وقد قرر الطاعن بالطعن فيه بطريق النقض بتاريخ 22 إبريل سنة 1995 وقدم مذكرة أسباب طعنه بتاريخ 14 مايو سنة 1995 - ولما كانت المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض تنص على وجوب التقرير بالطعن وإيداع الأسباب التي بني عليها في ظرف ستين يوماً من تاريخ الحكم الحضوري، وكان هذا الميعاد ينقضي بالنسبة للحكم المطعون فيه في 11 مايو سنة 1995، بيد أنه لما كان ذلك اليوم عطلة رسمية باعتباره من أيام عيد الأضحى ومن ثم فإن ميعاد الطعن يمتد إلى 14 من مايو سنة 1995 وبذا فإن التقرير الطعن وتقديم أسبابه يكونان قد تما في الميعاد القانوني، ويكون الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحداث عاهة مستديمة قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه عول في قضائه على أقوال المجني عليه بالرغم من تعدد رواياته وتناقضها إذ قرر بتحقيقات النيابة العامة أن الطاعن محدث إصابته وشهد أمام المحكمة أنه لا يعرف محدثها، وقرر بمحضر جمع الاستدلالات أن الآلة المستخدمة جنزير وفي تحقيقات النيابة العامة بونية حديد ولم يعن الحكم برفع هذا التناقض، كما عول في إدانته أيضاً على أقوال شقيقة المجني عليه من أن كلاً من الطاعن و.... تعديا عليه بالضرب مع أن الإصابة واحدة، وأطرح الحكم محضر الصلح المحرر بين الطرفين رغم أنهما أسرة واحدة، وأخيراً فإن الحكم أضر به حين قضى بمناسبة إعادة إجراءات محاكمته بعقوبة أشد من التي أوقعها الحكم الغيابي، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستقاة من أقوال المجني عليه في تحقيقات النيابة العامة وما ثبت من التقرير الطبي الشرعي، وهي أدلة سائغة وكافية في حمل قضائه ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد حصل من أقوال المجني عليه أن الطاعن اعتدى عليه بالضرب بأداة صلبة كانت بيده على عينه اليسرى فحدثت به إصابته التي استدعت إجراء عملية جراحية ونجم عنها فقد الرؤية بها وإذ كان الطاعن لا ينازع في سلامة إسناد الحكم في هذا الشأن، وكان من المقرر أن الأحكام لا تلتزم بحسب الأصل أن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها، وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها، بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، وأن لها أن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليها، وكان تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - وهو الحال في الدعوى المطروحة - فإن منعى الطاعن في شأن التعويل على أقوال المجني عليه لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى وهو من إطلاقاتها ولا يجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه انتهى في تدليل سائغ لا قصور فيه إلى أن الطاعن قد اعتدى على المجني عليه بأداة صلبة كانت بيده فأحدثت به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تخلفت لديه من جرائها عاهة مستديمة هي انخفاض بقوة إبصار العين وتقدر نحو 35%، وإذ كان من المعارف العامة التي لا تحتاج إلى خبرة فنية خاصة أن الاعتداء بجسم صلب - كما هو الشأن في الأداة المستعملة - سواء كان جنزيراً أو بونية حديد يمكن أن تتخلف عنه العاهة سواء تم الاعتداء بهذا أو ذاك، وكان من المقرر أن آلة الاعتداء ليست من الأركان الجوهرية للجريمة، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم استند في إثبات التهمة في حق الطاعن إلى أقوال المجني عليه وتقرير الطب الشرعي، لم يعول في ذلك على ما شهدت به شقيقة المجني عليه بالتحقيقات - خلافاً لما ذهب إليه الطاعن بأسباب طعنه - فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لمحضر الصلح وأطرحه بقوله ".... كما تمسك بدلالة إقرار الصلح المقدم منه والذي تضمن إقراراً موثقاً من المجني عليه يفيد تنازله عن حقه المدني المترتب على تلك الدعوى فإن المحكمة وهي بعد تحديد المسئولية الجنائية في تلك الواقعة المطروحة تلتفت عن هذا التصالح...." فإن ما أورده الحكم سائغاً وكافياً لطرح دلالة محضر الصلح المقدم. لما هو مقرر من أن الصلح الذي يتم بين المجني عليه والمتهم لا يعدو أن يكون قولاً جديداً من المجني عليه يتضمن عدولاً عن اتهامه، وهو يدخل في تقدير محكمة الموضوع وسلطتها في تجزئة الدليل، فلها أن تأخذ بما ورد فيه ولها أن تلتفت عنه. فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكانت إعادة المحاكمة طبقاً للمادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية ليس مبناه تظلم يرفع من المحكوم عليه بل هي بحكم القانون بمثابة محاكمة مبتدأة وبالتالي فإن لمحكمة الإعادة أن تفصل في الدعوى بكامل حريتها غير مقيدة بشيء مما جاء بالحكم الغيابي، ولها أن تشدد العقوبة أو تخفضها وحكمها في كلتا الحالتين صحيح قانوناً، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بشأن العقوبة التي أوقعها الحكم المطعون فيه يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.