أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 48 - صـ 1361

جلسة 6 من ديسمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ صلاح البرجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود عبد الباري ومحمد حسين مصطفى ورجب فراج نواب رئيس المحكمة وحمد عبد اللطيف.

(207)
الطعن رقم 22122 لسنة 65 القضائية

(1) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره. بياناته". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش. موضوعي. ما دام سائغاً.
عدم بيان محل إقامة الطاعن محدداً بمحضر الاستدلالات. غير قادح في جدية ما تضمنه من تحريات.
(2) استدلالات. حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". مواد مخدرة".
استدلال الحكم على جدية التحريات بأن التفتيش أسفر عن العثور على المخدر. تزيد لا يؤثر على سلامته. ما دام قد أثبت أن إذن التفتيش بني على تحريات جدية.
(3) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الأدلة في المواد الجنائية. اقناعية.
للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية. ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي أدلة الدعوى.
الجدل الموضوعي. غير جائز أمام النقض.
(4) مواد مخدرة. مسئولية جنائية.
لا يشترط لاعتبار الجاني حائزاً لمادة مخدرة أن يكون محرزاً لها. كفاية انبساط سلطانه عليها ولو كان المحرز لها شخص غيره.
تحدث الحكم استقلالاً عن هذا الركن. غير لازم. كفاية أن يكون ما أورده من وقائع وظروف ما يدل عليه.
(5) دفوع "الدفع بشيوع التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الدفع بشيوع التهمة. موضوعي. لا يستأهل رداً خاصاً استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(6) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". دفوع "الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط".
الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط والتفتيش. دفاع موضوعي. كفاية اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على الإذن رداً عليه.
(7) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". نيابة عامة.
لجوء الضابط إلى وكيل النيابة في منزله لاستصدار الإذن بالتفتيش. لا مخالفة فيه للقانون.
(8) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "شهود". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
للمحكمة التعويل على أقوال شهود الإثبات. والإعراض عن قالة شهود النفي دون التزامها بالإشارة إلى أقوالهم. قضاؤها بالإدانة لأدلة الثبوت مفاده: إطراحها لها.
(9) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على الحكم بشأن ما ثبت بدفتر أحوال قسم مكافحة المخدرات. غير مقبول. ما دام الحكم لم يعول عليه في الإدانة.
(10) نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". سلاح.
تمسك الطاعن أن الذخائر المضبوطة تستعمل في سلاح ناري مرخص له بحيازته. غير جائز لأول مرة أمام النقض.
1 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره - كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. وإذ كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لا ينازع الطاعن في أن لها أصلاً ثابتاً بالأوراق، فضلاً عن أن عدم ذكر بيان دقيق عن محل إقامة الطاعن أو عدم إيراده محدداً في محضر الاستدلال لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات.
2 - لما كان ما قاله الحكم استدلالاً على جدية التحريات من العثور على المخدر بعد التفتيش فهو تزيد لا يؤثر فيما أثبته الحكم من أن أمر التفتيش قد بني على تحريات جدية سبقت صدوره.
3 - لما كانت الأدلة في المواد الجنائية اقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى، وكان ما أورده الحكم تأسيساً على أقوال شهود الإثبات ومعاينة النيابة العامة يسوغ به إطراح دفاع الطاعن سالف الذكر فإن ما يثيره في هذا الخصوص يكون في غير محله ويعد جدلاً موضوعياً مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
4 - لما كان لا يشترط لاعتبار الجاني حائزاً لمادة مخدرة أن يكون محرزاً للمادة المضبوطة بل يكفي لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطاً عليها ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصاً غيره، ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن هذا الركن بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ما يكفي للدلالة على قيامه.
5 - من المقرر أن الدفع بشيوع التهمة هو من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة رداً خاصاً اكتفاء بما تورده من أدلة الثبوت التي تطمئن إليها.
6 - من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها.
7 - لما كان لجوء الضابط يوم تحرير محضر تحرياته إلى وكيل النيابة في مكان تواجده - بمنزله - لاستصدار الإذن بالتفتيش هو أمر متروك لمطلق تقديره ولا مخالفة فيه للقانون وبالتالي ليس فيه ما يحمل على الشك في سلامة إجراءاته.
8 - من المقرر أن للمحكمة أن تعول على أقوال شهود الإثبات وتعرض عن قالة شهود النفي دون أن تكون ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم أو الرد عليها رداً صريحاً، فقضاؤها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي بينتها يفيد دلالة أنها أطرحت شهادتهم ولم تر الأخذ بها ومن ثم فإن ما أثاره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.
9 - لما كان الحكم قد استند في إثبات التهمة في حق الطاعن إلى أقوال شهود الإثبات ومعاينة النيابة العامة وتقريري تحليل المعمل الكيماوي وقسم الأدلة الجنائية ولم يعول في ذلك على دفتر أحوال قسم مكافحة المخدرات فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الخصوص يكون في غير محله.
10 - لما كان الطاعن لا يدعي في أسباب طعنه أنه كان قد تمسك أمام محكمة الموضوع بأن الذخائر المضبوطة مما تستعمل في سلاح ناري لديه مرخصاً له بحيازته أو إحرازه، فإنه ليس له أن يثير ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بوصف أنه أولاً: - حاز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "حشيش" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. ثانياً: - حاز ذخائر "عدد ثماني عشرة طلقة" مما تستعمل في سلاح ناري مششخن دون أن يكون مرخصاً له بحيازته أو إحرازه. وأحالته إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 38/ 1، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم 57 من القسم الثاني من الجدول رقم واحد الملحق والمواد 1، 26/ 5، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل مع أعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه عن التهمة الأولى وبالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر وبتغريمه خمسين جنيهاً عن التهمة الثانية وبمصادرة المخدر والميزان والطلقات المضبوطة باعتبار أن حيازة المخدر مجردة من القصود.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

حيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي حيازة جوهر مخدر، بغير قصد من القصود المسماة في القانون، وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً وحيازة ذخائر مما تستعمل في الأسلحة النارية المششخنة دون أن يكون مرخصاً له بحيازتها أو إحرازها. قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال. ذلك بأنه دفع ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية استناداً إلى أنه لا يقيم بالمسكن الذي أثبته مستصدر الإذن بمحضره وتم تفتيشه وضبط فيه المضبوطات بل هو مسكن زوجته وأخرى ومن ثم فسلطانه لم يكون مبسوطاً عليه بيد أن الحكم أطرح ذلك لأسباب غير سائغة إذ استند على ضبط المخدر للاستدلال على جدية التحريات وهو ما لا يسوغ به إطراحه. كما دفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل الإذن بهما تأسيساً على تلاحق الإجراءات باستصدار الإذن من وكيل النيابة بمنزله يوم إجراء التحريات، وأقوال شهود النفي بيد أن الحكم رد على ذلك رداً غير سائغ بمقولة الاطمئنان إلى أدلة الثبوت وما ثبت بدفتر الأحوال دون أن يورد مؤدى الدليل المستمد من هذا الدفتر، هذا فضلاً عن أن الحكم دان الطاعن بجريمة حيازة ذخائر دون أن يبين ما إذا كان الطاعن مرخصاً له بحيازة سلاح ناري من عدمه، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها استمدها من أقوال شهود الإثبات ومحضر معاينة النيابة العامة لمكان الضبط وما ورد بتقريري تحليل المعمل الكيماوي بمصلحة الطب الشرعي وقسم الأدلة الجنائية. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره - كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. وإذ كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لا ينازع الطاعن في أن لها أصلاً ثابتاً بالأوراق، فضلاً عن أن عدم ذكر بيان دقيق عن محل إقامة الطاعن أو عدم إيراده محدداً في محضر الاستدلال لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات. فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في محله. أما ما قاله الحكم استدلالاً على جدية التحريات من العثور على المخدر بعد التفتيش فهو تزيد لا يؤثر فيما أثبته الحكم من أن أمر التفتيش قد بني على تحريات جدية سبقت صدوره. لما كان ذلك، وكان الحكم قد واجه دفاع الطاعن في أنه لا يقيم في مكان الضبط الذي تستقل زوجته بما هو كاف لإطراحه مستنداً إلى أنها اطمأنت إلى ما قرره شهود الإثبات وما أسفرت عنه معاينة النيابة العامة لمكان الضبط من أن الطاعن يقطن بالعنوان المقصود بالتحريات والذي تم ضبطه وتفتيشه به، وكانت الأدلة في المواد الجنائية اقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى، وكان ما أورده الحكم تأسيساً على أقوال شهود الإثبات ومعاينة النيابة العامة يسوغ به إطراح دفاع الطاعن سالف الذكر فإن ما يثيره في هذا الخصوص يكون في غير محله ويعد جدلاً موضوعياً مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان لا يشترط لاعتبار الجاني حائزاً لمادة مخدرة أن يكون محرزاً للمادة المضبوطة بل يكفي لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطاً عليها ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصاً غيره، ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن هذا الركن بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ما يكفي للدلالة على قيامه، فضلاً عن أنه من المقرر أن الدفع بشيوع التهمة هو من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة رداً خاصاً اكتفاء بما تورده من أدلة الثبوت التي تطمئن إليها، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما استقر في عقيدة ووجدان المحكمة من انبساط سلطان الطاعن على المخدر المضبوط تأسيساً على أدلة سائغة لها أصلها في الأوراق وتتفق والاقتضاء العقلي فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها. وكانت المحكمة قد عرضت لهذا الدفع وأطرحته برد كاف وسائغ فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان لجوء الضابط يوم تحرير محضر تحرياته إلى وكيل النيابة في مكان تواجده - بمنزله - لاستصدار الإذن بالتفتيش هو أمر متروك لمطلق تقديره ولا مخالفة فيه للقانون وبالتالي ليس فيه ما يحمل على الشك في سلامة إجراءاته - لما للمحكمة أن تعول على شهود الإثبات وتعرض عن قالة شهود النفي دون أن تكون ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم أو الرد عليها رداً صريحاً، فقضاؤها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي بينتها يفيد دلالة أنها أطرحت شهادتهم ولم تر الأخذ بها ومن ثم فإن ما أثاره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد استند في إثبات التهمة في حق الطاعن إلى أقوال شهود الإثبات ومعاينة النيابة العامة وتقريري تحليل المعمل الكيماوي وقسم الأدلة الجنائية ولم يعول في ذلك على دفتر أحوال قسم مكافحة المخدرات فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الطاعن لا يدعي في أسباب طعنه أنه كان قد تمسك أمام محكمة الموضوع بأن الذخائر المضبوطة مما تستعمل في سلاح ناري لديه مرخصاً له بحيازته أو إحرازه، فإنه ليس له أن يثير ذلك لأول مرة أمام النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.