أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 48 - صـ 1436

جلسة 16 من ديسمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ فتحي خليفة نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وأمين عبد العليم وعمر بريك نواب رئيس المحكمة، وفؤاد نبوي.

(218)
الطعن رقم 17660 لسنة 60 القضائية

جمارك. عقوبة "تطبيقها" "العقوبة التكميلية". تعويض. نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
التعويضات المنصوص عليها في القوانين المتعلقة بالضرائب والرسوم. عقوبات تكميلية تنطوي على عنصر التعويض. جواز تدخل الخزانة العامة أمام المحكمة الجنائية. علة ذلك وأساسه؟
القضاء ببراءة المطعون ضده يشمل بالضرورة الشق الخاص بالتعويض. أثر ذلك؟
جواز استئنافه من قبل مصلحة الجمارك. مخالفة ذلك والقضاء بعدم قبول الاستئناف. خطأ في تطبيق القانون.
لما كان البين من مطالعة الأوراق أن الحكم الابتدائي قضى ببراءة المطعون ضده من جريمة حيازة بضائع أجنبية بقصد الاتجار دون تقديم المستندات الدالة على سداد الضرائب الجمركية المستحقة عليها فاستأنف المدعي بالحقوق المدنية بصفته فقضت محكمة ثاني درجة بعدم قبول الاستئناف شكلاً تأسيساً على أن الحكم المستأنف لم يفصل في الدعوى المدنية. لما كان ذلك، وكانت المادة 124 مكرراً من قانون الجمارك الصادر بالقرار رقم 66 لسنة 1963 المضافة بالقانون رقم 75 لسنة 1980 المنطبقة على واقعة الدعوى قد نصت في فقرتها الأولى على أنه "مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد يقضي بها قانون آخر يعاقب على تهريب البضائع الأجنبية بقصد الاتجار أو الشروع فيه أو على حيازتها بقصد الاتجار مع العلم أنها مهربة بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه وتطبق سائر العقوبات والأحكام الأخرى المنصوص عليها في المادة 122 وفي حالة العود يجب الحكم بمثلي العقوبة والتعويض" كما نصت المادة 122 من القانون ذاته على أنه "ويحكم على الفاعلين والشركاء متضامنين بتعويض يعادل مثلي الضرائب الجمركية المستحقة فإذا كانت البضائع موضوع الجريمة من الأصناف الممنوعة كان التعويض معادلاً لمثلي قيمتها أو مثلي الضرائب المستحقة أيهما أكثر وفي جميع الأحوال يحكم علاوة على ما تقدم بمصادرة البضائع موضوع التهريب فإذا لم تضبط حكم بما يعادل قيمتها ويجوز الحكم بمصادرة وسائل النقل والأدوات والمواد التي استعملت في التهريب وذلك فيما عدا السفن والطائرات ما لم تكن قد أعدت أو أجرت فعلاً لهذا القصد". وكان قضاء محكمة النقض قد جرى على اعتبار التعويضات المنصوص عليها في القوانين المتعلقة بالضرائب والرسوم ومن بينها قانون الجمارك - آنف الذكر - من قبيل العقوبات التكميلية التي تنطوي على عنصر التعويض وأجاز نظراً لتوافر هذا العنصر تدخل الخزانة العامة أمام المحكمة الجنائية بطلب الحكم ثم الطعن في الحكم الذي يصدر بشأنه وإذ كان هذا هو النظر الصحيح في القانون ذلك بأن الصفة المختلطة للجزاءات المقررة بالقوانين آنفة الذكر يختلط فيها معنى الزجر والردع المستهدف من توقيع العقوبة بما في ذلك التشديد في حالة العود بالتعويض المدني للخزانة جبراً للضرر وهذه الصفة المختلطة تجعل من المتعين أن يطبق في شأنها باعتبارها عقوبة، القواعد القانونية العامة في شأن العقوبات ويترتب على ذلك أنه لا يجوز الحكم بها إلا من المحكمة الجنائية وحدها دون المحكمة المدنية وأن المحكمة تحكم بها من تلقاء نفسها بغير توقف على تدخل الخزانة العامة ولا يقضي بها إلا على مرتكبي الجريمة فاعلين أصلين أو شركاء دون سواهم فلا تمتد إلى ورثتهم ولا المسئولين عن الحقوق المدنية وتلتزم المحكمة في تقديرها الحدود التي رسمها القانون ولأنها لا تقوم إلا على الدعوى الجنائية فإن وفاة المتهم بارتكاب الجريمة يترتب عليه انقضاء الدعوى عملاً بالمادة 14 من قانون الإجراءات الجنائية كما تنقضي أيضاً بمضي المدة المقررة في المادة 15 من ذات القانون ولا تسري في شأنها أحكام اعتبار المدعي بالحق المدني تاركاً دعواه هذا ومن جهة أخرى ونظراً لما يخالط العقوبة من صفة التعويض المترتب على الجريمة فإنه يجوز للجهة الممثلة للخزانة العامة صاحبة الصفة والمصلحة في طلب الحكم بهذه التعويضات أن تتدخل أمام المحكمة الجنائية طالبة الحكم بها وذلك إعمالاً للأصل العام المقرر في المادة 251 من قانون الإجراءات الجنائية وأن تطعن فيما يصدر بشأن طلبها من أحكام ذلك بأن هذا التدخل وإن وصف بأنه دعوى مدنية أو وصفت مصلحة الجمارك بأنها مدعية بالحقوق المدنية - لا يغير من طبيعة التعويض المذكور ما دام أنه ليس مقابل ضرر نشأ عن الجريمة بالفعل بل هو في الحقيقة والواقع عقوبة رأى الشارع أن يكمل بها العقوبة الأصلية وليس من قبيل التعويضات المدنية الصرفة كما أن طلب مصلحة الجمارك فيه يخرج في طبيعة خصائصه عن الدعوى المدنية التي ترفع بطريق التبعية أمام المحكمة الجنائية وكان قضاء الحكم الابتدائي ببراءة المطعون ضده يشمل بالضرورة الشق الخاص بالتعويض بما يجوز معه لمصلحة الجمارك الطعن عليه بالاستئناف بشأن طلبها ومتى رفع استئنافها كان على المحكمة الاستئنافية أن تعرض لبحث عناصر الجريمة من حيث توافر أركانها وثبوت الفعل المكون لها في حق المتهم من جهة وقوعه وصحة نسبته إليه لترتب على ذلك آثاره القانونية غير مقيدة في ذلك بقضاء محكمة أول درجة وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر لقضائه بعدم قبول الاستئناف فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون خطأ حجب المحكمة عن نظر موضوع الاستئناف.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه حاز كمية البضائع الأجنبية المبينة بالأوراق بقصد الاتجار فيها دون أن يقدم المستندات الدالة على سداد الرسوم والجمارك المقررة. وطلبت عقابه بمواد القانون رقم 75 لسنة 1980، وادعى وزير المالية "بصفته" ضد المتهم مدنياً قبل المتهم بمبلغ 4463.750 جنيهاً. ومحكمة جنح.... قضت حضورياً عملاً بنص المادة 304/ 1 إجراءات ببراءة المتهم مما أسند إليه. استأنف المدعي بالحقوق المدنية "بصفته" ومحكمة الزقازيق الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بعدم قبول الاستئناف شكلاً لرفعه من غير ذي صفة.
فطعنت هيئة قضايا الدولة نيابة عن وزير المالية "بصفته" في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم قبول استئناف السيد وزير المالية بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الجمارك لرفعه من غير ذي صفة قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك أن قضاء الحكم المستأنف ببراءة المطعون ضده ينطوي ضمناً على الفصل في الدعوى المدنية برفضها مما يحق له استئناف هذا الحكم مما يعيبه ويستوجب نقضه.
حيث إنه يبين من مطالعة الأوراق أن الحكم الابتدائي قضى ببراءة المطعون ضده من جريمة حيازة بضائع أجنبية بقصد الاتجار دون تقديم المستندات الدالة على سداد الضرائب الجمركية المستحقة عليها فاستأنف المدعي بالحقوق المدنية بصفته. فقضت محكمة ثاني درجة بعدم قبول الاستئناف شكلاً تأسيساً على أن الحكم المستأنف لم يفصل في الدعوى المدنية. لما كان ذلك، وكانت المادة 124 مكرراً من قانون الجمارك الصادر بالقرار بقانون رقم 66 لسنة 1963 المضافة بالقانون رقم 75 لسنة 1980 المنطبقة على واقعة الدعوى قد نصت في فقرتها الأولى على أنه "مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد يقضي بها قانون آخر يعاقب على تهريب البضائع الأجنبية بقصد الاتجار أو الشروع فيه أو على حيازتها بقصد الاتجار مع العلم أنها مهربة بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه وتطبيق سائر العقوبات والأحكام الأخرى المنصوص عليها في المادة 122 وفي حالة العود يجب الحكم بمثلي العقوبة والتعويض" كما نصت المادة 122 من القانون ذاته على أنه "ويحكم على الفاعلين والشركاء متضامنين بتعويض يعادل مثلي الضرائب الجمركية المستحقة فإذا كانت البضائع موضوع الجريمة من الأصناف الممنوعة كان التعويض معادلاً لمثلي قيمتها أو مثلي الضرائب المستحقة أيهما أكثر وفي جميع الأحوال يحكم علاوة على ما تقدم بمصادرة البضائع موضوع التهريب فإذا لم تضبط حكم بما يعادل قيمتها ويجوز الحكم بمصادرة وسائل النقل والأدوات والمواد التي استعملت في التهريب وذلك فيما عدا السفن والطائرات ما لم تكن قد أعدت أو أجرت فعلاً لهذا القصد....". وكان قضاء محكمة النقض قد جرى على اعتبار التعويضات المنصوص عليها في القوانين المتعلقة بالضرائب والرسوم ومن بينها قانون الجمارك - آنف الذكر - من قبيل العقوبات التكميلية التي تنطوي على عنصر التعويض وأجاز نظراً لتوافر هذا العنصر تدخل الخزانة أمام المحكمة الجنائية بطلب الحكم ثم الطعن في الحكم الذي يصدر بشأنه وإذ كان هذا هو النظر الصحيح في القانون ذلك بأن الصفة المختلطة للجزاءات المقررة بالقوانين آنفة الذكر يختلط فيها معنى الزجر والردع المستهدف من توقيع العقوبة بما في ذلك التشديد في حالة العود بالتعويض المدني للخزانة جبراً للضرر وهذه الصفة المختلطة تجعل من المتعين أن يطبق في شأنها باعتبارها عقوبة، القواعد القانونية العامة في شأن العقوبات ويترتب على ذلك أنه لا يجوز الحكم بها إلا من المحكمة الجنائية وحدها دون المحكمة المدنية وأن المحكمة تحكم بها من تلقاء نفسها بغير توقف على تدخل الخزانة العامة ولا يقضى بها إلا على مرتكبي الجريمة فاعلين أصليين أو شركاء دون سواهم فلا تمتد إلى ورثتهم ولا المسئولين عن الحقوق المدنية وتلتزم المحكمة في تقديرها الحدود التي رسمها القانون ولأنها لا تقوم إلا على الدعوى الجنائية فإن وفاة المتهم بارتكاب الجريمة يترتب عليه انقضاء الدعوى عملاً بالمادة 14 من قانون الإجراءات الجنائية كما تنقضي أيضاً بمضي المدة المقررة في المادة 15 من ذات القانون ولا تسري في شأنها أحكام اعتباراً المدعي بالحق المدني تاركاً دعواه هذا ومن جهة أخرى ونظراً لما يخالط هذه العقوبة من صفة التعويض المترتب على الجريمة فإنه يجوز للجهة الممثلة للخزانة العامة صاحبة الصفة والمصلحة في طلب الحكم بهذه التعويضات أن تتدخل أمام المحكمة الجنائية طالبة الحكم بها وذلك إعمالاً للأصل العام المقرر في المادة 251 من قانون الإجراءات الجنائية وأن تطعن فيما يصدر بشأن طلبها من أحكام ذلك بأن هذا التدخل وإن وصف بأنه دعوى مدنية أو وصفت مصلحة الجمارك بأنها مدعية بالحقوق المدنية - لا يغير من طبيعة التعويض المذكور ما دام أنه ليس مقابل ضرر نشأ عن الجريمة بالفعل بل هو في الحقيقة والواقع عقوبة رأي الشارع أن يكمل بها العقوبة الأصلية وليس من قبيل التعويضات المدنية الصرفة كما أن طلب مصلحة الجمارك فيه يخرج في طبيعة خصائصه عن الدعوى المدنية التي ترفع بطريق التبعية أمام المحكمة الجنائية وكان قضاء الحكم الابتدائي ببراءة المطعون ضده يشمل بالضرورة الشق الخاص بالتعويض بما يجوز معه لمصلحة الجمارك الطعن عليه بالاستئناف بشأن طلبها ومتى رفع استئنافها كان على المحكمة الاستئنافية أن تعرض لبحث عناصر الجريمة من حيث توافر أركانها وثبوت الفعل المكون لها في حق المتهم من جهة وقوعه وصحة نسبته إليه لترتب على ذلك آثاره القانونية غير مقيدة في ذلك بقضاء محكمة أول درجة وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر لقضائه بعدم قبول الاستئناف فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون خطأ حجب المحكمة عن نظر موضوع الاستئناف مما يعيبه ويوجب نقضه والإعادة.