أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 48 - صـ 1448

جلسة 17 من ديسمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ ناجي اسحق نقديموس نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم عبد المطلب وأحمد عبد الباري سليمان وحسين الجيزاوي ومجدي أبو العلا نواب رئيس المحكمة.

(220)
الطعن رقم 16015 لسنة 65 القضائية

(1) اختلاس أموال أميرية. قانون "تفسيره". عقوبة "تطبيقها". ظروف مشددة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
المادة 112 عقوبات. مجال تطبيقها؟
كون الجاني من الأمناء على الودائع وسلم إليه المال بهذه الصفة. وجوب معاقبته بالفقرة الثانية من المادة 112 عقوبات. النعي على الحكم في هذا الشأن. غير مقبول.
(2) إثبات "بوجه عام". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
الأدلة التي يعول عليها الحكم. لا يلزم فيها أن ينبئ كل منها وتقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى. كفاية أن تكون الأدلة في مجموعها مؤدية إلى ما قصده الحكم منها.
لا يلزم لصحة الحكم أن يكون الدليل الذي استندت إليه المحكمة صريحاً أو مباشراً في الدلالة على ما استخلصته المحكمة. لها تكوين عقيدتها عن الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية. ما دام استخلاصها سائغاً.
(3) دفوع "الدفع بنفي التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الدفع بنفي التهمة. موضوعي. لا يستوجب رداً. استفادة الرد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(4) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
حسب الحكم إيراد الأدلة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم. تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه. غير لازم. مفاد التفاته عنها. إطراحها.
الجدل الموضوع في تقدير الدليل وفي سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها. غير جائز أمام النقض.
(5) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات. موضوعي.
تقدير عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن اعترافه كان وليد إكراه. موضوعي. ما دام سائغاً.
(6) موظفون عموميون. قطاع عام. اختلاس أموال أميرية.
اعتبار الحكم جميع فئات العاملين بالحكومة والجهات التابعة لها. موظفون عموميون في حكم المادة 119 عقوبات أياً كان نوع العمل المكلفين به أو مدته بأجر أو بدون أجر. أساس ذلك وعلته"؟
(7) اختلاس أموال أميرية. عقوبة "الإعفاء منها" "الرد". جريمة "أركانها".
قيام المتهم برد مقابل المال الذي اختلسه. لا يؤثر في قيام الجريمة وإن أعفاه من الحكم بالرد في حدود ما سدد.
1 - لما كان من المقرر أن مجال تطبيق المادة 112 من قانون العقوبات يشمل كل موظف أو مستخدم عمومي ومن في حكمهم ممن نصت عليهم المادة 119 مكرراً من القانون ذاته يختلس ما لا تحدت يده متى كان قد وجد في حيازته بسبب وظيفته، فإذا كان الجاني من الأمناء على الودائع وسلم إليه المال بهذه الصفة تعين معاقبته بالعقوبة المغلظة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 112 سالفة البيان، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته أن الطاعن قد تسلم المواد البترولية محل الاتهام من شركة البترول بموجب فواتير توريد - وهو ما لا يجادل فيه الطاعن وكان تسليم هذه المواد إليه حاصلاً بسبب وظيفته كأمين مخزن الوقود وأنه حرر أذون صرف وهمية تفيد استهلاك تلك الكميات وأنه اختلس الفرق بين المنصرف الفعلي وما تم توريده منها، فإن الحكم يكون قد دلل على توافر أركان جريمة الاختلاس التي دان الطاعن بها والمنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات وطبق القانون تطبيقاً سليماً. ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد.
2 - من المقرر أنه لا يلزم في الأدلة التي يعول عليها الحكم أن ينبئ كل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ولا يلزم لصحة الحكم أن يكون الدليل الذي تستند إليه المحكمة صريحاً ومباشراً في الدلالة على ما تستخلصه المحكمة منه بل لها أن تركن في تكوين عقيدتها عن الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى واستظهار الحقائق القانونية المتصلة بها، إلى ما تخلص إليه من جماع العناصر المطروحة بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام استخلاصها سليماً لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي.
3 - من المقرر أن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليه مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
4 - بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها. فإن ما يثيره الطاعن في شأن إسناد الحكم إلى أقوال أعضاء لجنة الجرد على الرغم من أنها لا تفيد مقارفته لما أسند إليه وأن أذون الصرف سليمة، والتفاته عن دفعه بعدم ارتكابه الجريمة وأن مرتكبها شخص آخر لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
5 - لما كان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها أن تأخذ به متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحقيقة والواقع كما أن لها أن تقدر عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة. وكانت المحكمة فيما أوردته في ردها على دفاع الطاعن في هذا الشأن قد أفصحت عن اطمئنانها إلى أن اعتراف المتهم إنما كان طواعية واختياراً ولم يكن نتيجة إكراه أدبي أو مادي واقتنعت بصحته، فإن رد الحكم على ما دفع به المدافع في هذا الصدد يكون كافياً وسائغاً، ويضحى النعي عليه في هذا الخصوص غير سديد.
6 - لما كان الشارع في المادة 119 مكرراً من قانون العقوبات المتضمن للمادة 112 منه المنطبقة على واقعة الدعوى، أراد معاقبة جميع فئات العاملين بالحكومة والجهات التابعة لها فعلاً أو المحلقة بها حكماً، مهما تنوعت أشكالها وهو ما أكدته الفقرة الثانية من المادة 119 مكرراً من قانون العقوبات بادية الذكر بقولها "ويستوي أن تكون الوظيفة أو الخدمة دائمة أو مؤقتة بأجر أو بغير أجر طواعية أو جبراً، وأياً كانت درجة الموظف العام أو من في حكمه وأياً كان نوع العمل المكلف به أو مدته، مؤقتاً كان أم غير مؤقت، بأجر أم بغير أجر، طواعية أو جبراً" وإذ كان الطاعن يعمل أميناً لمخزن وقود شركة..... وهي إحدى وحدات القطاع العام المملوك للدولة، فإنه يدخل في عداد الموظفين العامين، ولو كان يعمل بعقد مؤقت، ويكون ما يثيره في هذا الوجه من الطعن غير قويم.
7 - من المقرر أن قيام المتهم برد مقابل المال الذي تصرف فيه لا يؤثر في قيام جريمة الاختلاس وإن أعفاه من الحكم بالرد في حدود ما قام به من سداد فإن نعي الطاعن بأنه رد قيمة المال المختلس لا يكون له محل.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بصفته موظفاً عاماً "أمين مخزن وقود مجمع.... التابع لشركة...." اختلس كمية الوقود المبين وصفاً بالأوراق والبالغ قيمتها 21135.200 جنيه "واحد وعشرون ألفاً ومائة وخمسة وثلاثين جنيهاً ومائتي مليماً" والمملوكة لجهة عمله آنف البيان والتي وجدت في حيازته بسبب وظيفته حالة كونه من الأمناء على الودائع وسلمت إليه بهذه الصفة على النحو المبين بالأوراق. وأحالته إلى محكمة جنايات طنطا لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 112/ 1 - 2 - أ، 118، 118/ مكرر، 119/ ب، من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه مبلغ 20895.200 جنيه "عشرون ألفاً وثمانمائة وخمسة وتسعون جنيهاً ومائتي مليماً وبرد مبلغ 17255.600 جنيه "سبعة عشر ألفاً ومائتين وخمسة وخمسين جنيهاً ستمائة مليماً" وبعزله من وظيفته.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة اختلاس، قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وأخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن استند في توافر أركان الجريمة وثبوتها في حق الطاعن إلى مجرد أقوال مرسلة للعاملين بالشركة المجني عليها على الرغم من أن الثابت بتقرير الخبير أن الفواتير التي تسلم الطاعن بموجبها المواد البترولية محل الاتهام لم تقيد بدفتر الصنف وأن أذون الصرف سليمة وموقع عليها من المختصين ولم يقم الدليل على تزويرها وتضمنت محاضر أعماله أن الطاعن لم يتسلم مخزن الوقود وإنما كان في عهدة شخص آخر، وأطرح بما لا يسوغ دفعه ببطلان الاعتراف المعزو إليه لصدوره وليد إكراه وقع عليه، كما أن الطاعن يعمل بعقد عمل مؤقت مما ينفي عنه صفة الموظف العام بالإضافة إلى قيامه بسداد المبلغ محل الاختلاس، وكل هذا يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان مجال تطبيق المادة 112 من قانون العقوبات يشمل كل موظف أو مستخدم عمومي ومن في حكمهم ممن نصت عليهم المادة 119 مكرراً من القانون ذاته يختلس ما لا تحدت يده متى كان قد وجد في حيازته بسبب وظيفته، فإذا كان الجاني من الأمناء على الودائع وسلم إليه المال بهذه الصفة تعين معاقبته بالعقوبة المغلظة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 112 سالفة البيان، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته أن الطاعن قد تسلم المواد البترولية محل الاتهام من شركة البترول بموجب فواتير توريد - وهو ما لا يجادل فيه الطاعن وكان تسليم هذه المواد إليه حاصلاً بسبب وظيفته كأمين مخزن الوقود وأنه حرر أذون صرف وهمية تفيد استهلاك تلك الكميات وأنه اختلس الفرق بين المنصرف الفعلي وما تم توريده منها، فإن الحكم يكون قد دلل على توافر أركان جريمة الاختلاس التي دان الطاعن بها والمنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات، وطبق القانون تطبيقاً سليماً. ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان لا يلزم في الأدلة التي يعول عليها الحكم أن ينبئ كل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه - كما هو الشأن في الدعوى - ولا يلزم لصحة الحكم أن يكون الدليل الذي تستند إليه المحكمة صريحاً ومباشراً في الدلالة على ما تستخلصه المحكمة منه بل لها أن تركن في تكوين عقيدتها عن الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى واستظهار الحقائق القانونية المتصلة بها، إلى ما تخلص إليه من جماع العناصر المطروحة بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام استخلاصها سليماً لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي، وكان من المقرر أن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليه مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصته من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها. فإن ما يثيره الطاعن في شأن إسناد الحكم إلى أقوال أعضاء لجنة الجرد على الرغم من أنها لا تفيد مقارفته لما أسند إليه وأن أذون الصرف سليمة، والتفاته عن دفعه بعدم ارتكابه الجريمة وأن مرتكبها شخص آخر لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها أن تأخذ به متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحقيقة والواقع، كما أن لها أن تقدر عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة. وكانت المحكمة فيما أوردته في ردها على دفاع الطاعن في هذا الشأن قد أفصحت عن اطمئنانها إلى أن اعتراف المتهم إنما كان طواعية واختياراً ولم يكن نتيجة إكراه أدبي أو مادي واقتنعت بصحته، فإن رد الحكم على ما دفع به المدافع في هذا الصدد يكون كافياً وسائغاً، ويضحى النعي عليه في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك، وكان الشارع في المادة 119 مكرراً من قانون العقوبات المتضمن للمادة 112 منه المنطبقة على واقعة الدعوى، أراد معاقبة جميع فئات العاملين بالحكومة والجهات التابعة لها فعلاً أو الملحقة بها حكماً، مهما تنوعت أشكالها وهو ما أكدته الفقرة الثانية من المادة 119 مكرراً من قانون العقوبات بادية الذكر بقولها "ويستوي أن تكون الوظيفة أو الخدمة دائمة أو مؤقتة بأجر أو بغير أجر طواعية أو جبراً". وأياً كانت درجة الموظف العام أو من في حكمه وأياً كان نوع العمل المكلف به أو مدته، مؤقتاً كان أم غير مؤقت، بأجر أم بغير أجر، طواعية أو جبراً". وإذ كان الطاعن يعمل أميناً لمخزن وقود شركة.... وهي إحدى وحدات القطاع العام المملوك للدولة، فإنه يدخل في عداد الموظفين العامين، ولو كان يعمل بعقد مؤقت، ويكون ما يثيره في هذا الوجه من الطعن غير قويم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن قيام المتهم برد مقابل المال الذي تصرف فيه لا يؤثر في قيام جريمة الاختلاس وإن أعفاه من الحكم بالرد في حدود ما قام به من سداد، وهو الحال في الدعوى، فإن نعي الطاعن بأنه رد قيمة المال المختلس لا يكون له محل. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس، متعيناً رفضه موضوعاً.