أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 39 - صـ 156

جلسة 14 من يناير سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ قيس الرأي عطيه نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد نجيب صالح وعوض جادو نائبي رئيس المحكمة وصلاح عطية وعمار إبراهيم.

(18)
الطعن رقم 4287 لسنة 57 القضائية

(1) دعوى مدنية "إجراءات نظرها". دعوى جنائية.
لا علاقة للمدعي بالحقوق المدنية بالدعوى الجنائية وليس له استعمال ما تخوله من حقوق.
(2) محكمة استئنافية "إجراءات نظرها الدعوى والحكم فيها". وصف التهمة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". استئناف.
عدم جواز إثارة شيء عن وصف التهمة لأول مرة أمام محكمة النقض.
(3) اختصاص "اختصاص المحاكم الجنائية". دفوع "الدفع بعدم قبول الدعوى". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
اختصاص المحاكم الجنائية بالفصل في جميع المسائل التي يتوقف عليها الحكم في الدعوى الجنائية المرفوعة أمامها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك. المادة 221 إجراءات جنائية.
(4) بلاغ كاذب. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
كذب البلاغ أو صحته. تفصل فيه محكمة الموضوع.
(5) بلاغ كاذب. حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم رسم القانون طريقاً خاصاً لإثبات كذب الوقائع المبلغ عنها.
(6) قذف. بلاغ كاذب. جريمة "أركانها". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
القصد الجنائي في جريمة البلاغ الكاذب. قوامه: العلم بكذب الوقائع المبلغ بها وقصد الإساءة إلى المجني عليه.
مثال لتسبيب سائغ على توافر القصد الجنائي في جريمة بلاغ كاذب.
(7) عقوبة "العقوبة المبررة". بلاغ كاذب. قذف. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها" "المصلحة في الطعن". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
انتفاء مصلحة الطاعن في تعييبه الحكم في خصوص جريمة البلاغ الكاذب بعد أن أثبت الحكم توافر جريمة القذف في حقه وأوقع عليه العقوبة المقررة لأيهما إعمالاً للمادة 32 عقوبات.
(8) عقوبة "توقيعها". محكمة الموضوع "سلطتها في توقيع العقوبة".
تقدير العقوبة في الحدود المقررة من سلطة محكمة الموضوع.
(9) إثبات "شهود". إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". استئناف. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الأصل أن محكمة ثاني درجة إنما تحكم على مقتضى الأوراق. هي لا تجري من التحقيقات إلا ما ترى لزوماً لإجرائه.
1 - لما كان المدعي بالحقوق المدنية لا يملك استعمال حقوق الدعوى الجنائية أو التحدث عن الوصف الذي يراه هو لها وإنما يدخل فيها بصفته مضروراً من الجريمة التي وقعت طالباً تعويضاً مدنياً عن الضرر الذي لحقه إذ أن دعواه مدنية بحتة ولا علاقة لها بالدعوى الجنائية إلا في تبعيتها لها.
2 - لما كان الطاعن لم يثر شيئاً أمام محكمة الموضوع - بدرجتيها - بخصوص تعديل وصف التهمة، فلا يجوز له أن يبدي ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض.
3 - من المقرر أن المحكمة الجنائية تختص بموجب المادة 221 من قانون الإجراءات الجنائية بالفصل في جميع المسائل التي يتوقف عليها الحكم في الدعوى الجنائية المرفوعة أمامها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.
4- البحث في كذب البلاغ أو صحته أمراً موكولاً إلى محكمة الموضوع تفصل فيه حسبما يتكون به اقتناعها.
5 - إن القانون لم يجعل لإثبات كذب الوقائع المبلغ عنها طريقاً خاصاً.
6 - لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة مردودة إلى أصلها الصحيح في الأوراق وتؤدي إلى ما رتبه عليها. وذلك في قوله: "وحيث إنه عن الدعوى المباشرة الفرعية ولما كان الثابت مما انتهت إليه المحكمة على النحو متقدم الذكر أن المدعي المدني في الدعوى...... الطاعن قد نسب إلى المتهم في تلك الدعوى - وهو المدعي المدني في الدعوى الفرعية - بواسطة إحدى الطرق المبينة في المادة 171 عقوبات وذلك بأن سطر صحيفة الدعوى المباشرة وتداولتها الأيدي وجاء بها على خلاف الحقيقة التي يفصح عنها الإيصال سند الدعوى ويختلف ما جاء فيه عما ورد بصحيفة الادعاء المباشر ولا يعن أن المتهم قد اقترف جريمة التبديد المنسوبة إليه وهو على اختلاف جذري واضح للوهلة الأولى فليس في الإيصال ما يعني أن المتهم تسلم من المدعو....... ذلك المبلغ على سبيل الأمانة لتوصيله إلى المدعي المدني كما جاء بصحيفة الادعاء المباشر فمن ثم تكون أركان الجريمة المؤثمة بالمادة 302 عقوبات قد قامت إذ أن ما نسبه المدعي المدني إلى المتهم لو كان صادقاً لوجب عقاب الأخير طبقاً للمادة 341 عقوبات، كما وأن أركان جريمة البلاغ الكاذب قائمة باعتبار أن ما أبلغ به المدعي المدني أمر ثبت كذبه على النحو المقدم البيان، كما ثبت مما تقدم أن المدعي المدني لا بد وأن يعلم من الوهلة الأولى أن ما يسطره يخالف الحقيقة ولا يمكن أن يكون ما سطره على النحو الموضح فيه عدم الصدق إلا أن يكون قد قصد به إلحاق الضرر بالمتهم........". وإذ كان هذا الذي أورده الحكم يكفي للتدليل على توفر القصد الجنائي بعنصريه لدى الطاعن - بالنسبة لجريمة البلاغ الكاذب - وهو العلم بكذب الوقائع وقصد الإساءة إلى المجني عليه. فضلاً عن توافر أركان جريمة القذف بكافة عناصرها وأركانها.
7 - لما كانت المحكمة في قضائها قد أعملت أحكام المادة 32 من قانون العقوبات بما يتفق وصحيح القانون وأوقعت على الطاعن عقوبة واحدة مقررة لأي من الجريمتين. ويضحى من ثم منعى الطاعن في هذا الشأن غير سليم.
8 - لما كان تقدير العقوبة في الحدود المقررة هو مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع، وهي غير ملزمة ببيان الأسباب التي دعتها لتوقيع العقوبة بالقدر الذي رأته. ومن ثم فإنه فضلاً عن انتفاء مصلحة الطاعن فيما يثيره في هذا الخصوص فإن هذا الوجه من النعي يكون غير سديد.
9 - لما كان الأصل أن محكمة ثاني درجة إنما تحكم على مقتضى الأوراق، وهي لا تجري من التحقيقات إلا ما ترى هي لزوماً لإجرائه، ولا تلتزم بسماع الشهود إلا من كان يجب على محكمة أول درجة سماعهم، وإذ كان البين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أمام محكمة الموضوع - بدرجتيها - أن الطاعن لم يطلب سماع شهود الواقعة وهو ما لا يدعيه في أسباب طعنه. وكانت المحكمة الاستئنافية لم تر من جانبها حاجة لسماعهم لما ارتأته من وضوح الواقعة فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل.


الوقائع

أقام الطاعن دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح روض الفرج ضد....... بوصف أنه بدد المبلغ المبين بالأوراق والمسلم إليه على سبيل الأمانة فاختلسه لنفسه إضراراً به. وطلب معاقبته بالمادة 341 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدي له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. كما أقام المتهم في تلك الدعوى دعواه الفرعية بطريق الادعاء المباشر أمام المحكمة ذاتها ضد المدعي بالحقوق المدنية في تلك الدعوى بوصف أنه وجه إليه عبارات السب والقذف على النحو المبين بالصحيفة كما أبلغ ضده كذباً متهماً إياه بالتبديد وطلب عقابه بالمواد 171، 302، 303، 305 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يدفع له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام: أولاً: في الدعوى الأصلية ببراءة المتهم ورفض الدعوى المدنية. ثانياً: في الدعوى المباشرة الفرعية بحبس المتهم ستة أشهر وكفالة خمسين جنيهاً لإيقاف التنفيذ وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المختصة. استأنف كل من....... الطاعن و..... ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بتغريم المتهم في الدعوى الفرعية مائة جنيه وتأييده فيما عدا ذلك. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض........ إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه عن جرائم السب والقذف والبلاغ الكاذب قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال، ذلك بأن المحكمة لم تسبغ الوصف القانوني الصحيح على الواقعة. وفصلت في الدعوى قبل التحقق من صدور حكم بات في الدعوى الأصلية المقامة عن جريمة التبديد ولم يعن الحكم باستظهار القصد الجنائي في حقه واستدل على ذلك من مجرد الخطأ في رفع الدعوى المذكورة. كما أعرض الحكم عن تناول الدفع المبدى منه بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان إيراداً ورداً. ولم يورد الأسباب التي حمل عليها قضاءه باستبدال عقوبة الغرامة بالحبس. هذا إلى أن المحكمة لم تستدع شهود الواقعة لمناقشتهم استجلاء للحقيقة وذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه لما كان المدعي بالحقوق المدنية لا يملك استعمال حقوق الدعوى الجنائية أو التحدث عن الوصف الذي يراه هو لها وإنما يدخل فيها بصفته مضروراً من الجريمة التي وقعت طالباً تعويضاً مدنياً عن الضرر الذي لحقه إذ أن دعواه مدنية بحتة ولا علاقة لها بالدعوى الجنائية إلا في تبعيتها لها. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يثر شيئاً أمام محكمة الموضوع - بدرجتيها - بخصوص تعديل وصف التهمة، فلا يجوز له أن يبدي ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض. وحيث إنه من المقرر أن المحكمة الجنائية تختص بموجب المادة 221 من قانون الإجراءات الجنائية بالفصل في جميع المسائل التي يتوقف عليها الحكم في الدعوى الجنائية المرفوعة أمامها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك. لما كان ذلك، وكان البحث في كذب البلاغ أو صحته أمراً موكولاً إلى محكمة الموضوع تفصل فيه حسبما يتكون به اقتناعها. وإن القانون لم يجعل لإثبات كذب الوقائع المبلغ عنها طريقاً خاصاً. وإذ كان الحكم المطعون قد أثبت كذب واقعة التبديد المقامة عنها دعوى الجنحة المباشرة من الطاعن قبل المدعي بالحق المدني في الجنحة المباشرة الفرعية، وكان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة - بدرجتيها - أن الطاعن قد دفع بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان وعلى فرض إبدائه هذا الدفع في مذكرة دفاعه المصرح بها من محكمة أول درجة فإنه والحال كذلك يضحى دفعاً قانونياً ظاهر البطلان ولا يعيب الحكم إغفال الرد عليه. وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة مردودة إلى أصلها الصحيح في الأوراق وتؤدي إلى ما رتبه عليها. وذلك في قوله: (وحيث إنه عن الدعوى المباشرة الفرعية ولما كان الثابت مما انتهت إليه المحكمة على النحو متقدم الذكر أن المدعي المدني في الدعوى....... الطاعن قد نسب إلى المتهم في تلك الدعوى - وهو المدعي المدني في الدعوى الفرعية - بواسطة إحدى الطرق المبينة في المادة 171 عقوبات وذلك بأن سطر صحيفة الدعوى المباشرة وتداولتها الأيدي وجاء بها على خلاف الحقيقة التي يفصح عنها الإيصال سند الدعوى ويختلف ما جاء فيه عما ورد بصحيفة الادعاء المباشر ولا يعن أن المتهم قد اقترف جريمة التبديد المنسوبة إليه وهو على اختلاف جذري واضح للوهلة الأولى فليس في الإيصال ما يعني أن المتهم تسلم من المدعو....... ذلك المبلغ على سبيل الأمانة لتوصيله إلى المدعي المدني كما جاء بصحيفة الادعاء المباشر فمن ثم تكون أركان الجريمة المؤثمة بالمادة 302 عقوبات قد قامت إذ أن ما نسبه المدعي المدني إلى المتهم لو كان صادقاً لوجب عقاب الأخير طبقاً للمادة 341 عقوبات، كما وأن أركان جريمة البلاغ الكاذب قائمة باعتبار أن ما أبلغ به المدعي المدني أمر ثبت كذبه على النحو متقدم البيان، كما ثبت مما تقدم أن المدعي المدني لا بد وأن يعلم من الوهلة الأولى أن ما يسطره يخالف الحقيقة ولا يمكن أن يكون ما سطره على النحو الموضح فيه عدم الصدق إلا أن يكون قد قصد به إلحاق الضرر بالمتهم......). وإذ كان هذا الذي أورده الحكم يكفي للتدليل على توفر القصد الجنائي بعنصرية لدى الطاعن - بالنسبة لجريمة البلاغ الكاذب - وهو العلم بكذب الوقائع وقصد الإساءة إلى المجني عليه. فضلاً عن توافر أركان جريمة القذف بكافة عناصرها وأركانها. كما وأن المحكمة في قضائها قد أعملت أحكام المادة 32 من قانون العقوبات بما يتفق وصحيح القانون وأوقعت على الطاعن عقوبة واحدة مقررة لأي من الجريمتين. ويضحى من ثم منعى الطاعن في هذا الشأن غير سليم. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتنق أسباب الحكم المستأنف - ولا تثريب عليه في ذلك - وأضاف في مدوناته المبرر من ظروف الدعوى وملابساتها الذي جعلها تنزل بعقوبة الحبس إلى الغرامة المقضى بها وهي تدخل في نطاق العقوبة المقررة للجريمة التي دين الطاعن بها، وكان تقدير العقوبة في الحدود المقررة هو مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع، وهي غير ملزمة ببيان الأسباب التي دعتها لتوقيع العقوبة بالقدر الذي رأته. ومن ثم فإنه فضلاً عن انتفاء مصلحة الطاعن فيما يثيره في هذا الخصوص فإن هذا الوجه من النعي يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان الأصل أن محكمة ثاني درجة إنما تحكم على مقتضى الأوراق، وهي لا تجري من التحقيقات إلا ما ترى هي لزوماً لإجرائه، ولا تلتزم بسماع الشهود إلا من كان يجب على محكمة أول درجة سماعهم، وإذ كان البين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أمام محكمة الموضوع - بدرجتيها - أن الطاعن لم يطلب سماع شهود الواقعة وهو ما لا يدعيه في أسباب طعنه. وكانت المحكمة الاستئنافية لم تر من جانبها حاجة لسماعهم لما ارتأته من وضوح الواقعة فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس سليم متعين الرفض.