أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 39 - صـ 164

جلسة 14 من يناير سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ قيس الرأي عطية نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد نجيب صالح وعوض جادو نائبي رئيس المحكمة وصلاح عطية وعمار إبراهيم.

(19)
الطعن رقم 4537 لسنة 57 القضائية

(1) نقض "التقرير بالطعن".
التقرير بالطعن بالنقض. ماهيته؟
التوقيع عليه من المقرر. غير لازم.
(2) استيلاء على مال عام. إثبات "بوجه عام". حكم "بيانات التسبيب".
عدم رسم القانون شكلاً معيناً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
جناية الاستيلاء بغير حق على مال للدولة مما نص عليه في المادة 113 عقوبات. تحققها بمجرد الحصول عليه خلسة أو عنوة أو حيلة بقصد ضياع المال على ربه.
(3) نقض "أسباب الطعن. تحديدها" "ما لا يقبل منها".
وجه الطعن. وجوب أن يكون واضحاً محدداً.
(4) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر. ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.
(5) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الخطأ في تحديد مصدر الدليل. لا يضيع أثره. ما دام له أصل صحيح في الأوراق.
مثال.
(6) إثبات "اعتراف". إكراه. دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". بطلان. اعتراف. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الاعتراف. ماهيته؟
حق المحكمة في الأخذ بالاعتراف في أي دور من أدوار التحقيق متى اطمأنت إليه.
عدم جواز النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع. لم يثر أمامها.
(7) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الخطأ المادي الذي لا ينال من حقيقة الواقعة كما استظهرها الحكم ولا أثر له في النتيجة التي انتهى إليها. لا يعيبه.
(8) نيابة عامة. إجراءات "إجراءات التحقيق" "إجراءات المحاكمة". إثبات "معاينة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم جواز النعي على الحكم بسبب عيب شاب التحقيق السابق على المحاكمة.
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها. غير مقبول.
(9) نيابة عامة. أمر إحالة. بطلان. استيلاء على مال عام. تزوير. ارتباط. عقوبة "العقوبة المبررة". نقض "المصلحة في الطعن" "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
أمر الإحالة. إجراء سابق على المحاكمة. الطعن ببطلانه لأول مرة أمام محكمة النقض. غير مقبول.
إصدار المحكمة قراراً بضم جنايتين باعتبار الجرائم التي تضمنتهما جريمة واحدة وتوقيع العقوبة الأشد لجريمة الاستيلاء على مال للدولة المنصوص عليها بالمادة 113 عقوبات عملاً بالمادة 32 من ذات القانون. انتفاء مصلحة الطاعن في النعي على الحكم صدور أمر الإحالة في إحداها قبل الأخرى.
(10) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم جدوى التمسك بمساهمة آخرين في ارتكاب الجريمة. ما دام ذلك لا يحول دون مساءلة الطاعن فيها.
عدم التزام المحكمة بتتبع المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي.
1 - لما كان تقرير الطعن المحرر بالسجل الخاص والموقع من مأمور السجن وإن تضمن اسم الطاعن دون توقيعه إلا أن الطعن يعتبر قائماً قانوناً، إذ يترتب على مجرد التقرير به دخوله في حوزة المحكمة واتصالها به بصرف النظر عن عدم التوقيع عليه من المقرر، ذلك أن القانون لم يشترط في التقرير بالطعن بالنقض - بوصفه عملاً إجرائياً - سوى إفصاح الطاعن صاحب الصفة في الطعن عن رغبته في الاعتراض على الحكم بالشكل الذي رسمه المشرع وهو التقرير به في قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم أو مقر السجن في خلال الأجل المحدد بالمادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض. ولما كان الطعن قد استوفى باقي الشكل المقرر في القانون، فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
2 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون لارتكاب الطاعن لجناية الاستيلاء بغير حق على مال مما نص عليه في المادة 113 من قانون العقوبات التي تتحقق بمجرد الحصول عليه خلسة أو عنوة أو حيلة بقصد ضياع المال على ربه.
3 - من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً.
4 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، وكان يبين من المفردات المضمومة أن أقوال الشهود التي أحال إليها الحكم وأورد مؤداها تتفق مع أقوال الشهود المحالة، فإن نعي الطاعن في هذا الصدد يكون غير صحيح.
5 - لما كان الحكم قد حصل اعتراف الطاعن بقوله: "وقد اعترف المتهم في تحقيقات النيابة العامة بأنه هو الذي أرسل الكتاب المؤرخ في...... إلى قطاع الشئون المالية بالشركة يطلب فيه منه موافاته بمبلغ 18850 جنيهاً وأرفق به إخطار مكتب التحكيم المؤرخ...... وأنه هو الذي أرسل باقي الخطابات وإخطارات مكتب التحكيم المضبوطة والمشار إليها بتقرير إدارة أبحاث التزييف والتزوير لموافاته بالمبالغ الثابتة بتلك الخطابات قيمة الرسوم القضائية المستحقة في ذمة الشركة المجني عليها في طلبات التحكيم المشار إليها بالتحقيقات، كما اعترف المتهم في تحقيقات النيابة العامة أيضاً أنه قام بتوجيه خطاب إلى قطاع الشئون المالية بالشركة يطلب فيه استخراج شيك بمبلغ 38311.680 جنيهاً باسم...... وأرفق صورة فوتوغرافية لحكم نسب صدوره كذباً إلى محكمة استئناف...... في الاستئناف...... يتضمن إلزام الشركة المجني عليها بأن تدفع لـ........ المبلغ المذكور رغم علمه بأن هذا الاستئناف قد قضى فيه لصالح الشركة المجني عليها بالرفض وأنه قام باستلام ذلك الشيك بعد تحريره وإيداعه بنك الإسكندرية فرع....... لتحصيله لحسابه بعد تظهيره وأنه قام بسحب قيمته فعلاً من البنك". لما كان ذلك، وكان يبين من المفردات المضمومة أن إقرار الطاعن الذي حصله الحكم على النحو المتقدم له صداه بالأوراق. ومن ثم فإن نعي الطاعن على الحكم بخطئه في الإسناد لأنه نسب إليه اعترافاً في الجناية رقم...... لم يصدر منه وعلى خلاف الثابت بتلك الجناية يكون لا محل له، لما هو مقرر أن الخطأ في تحديد مصدر الدليل لا يضيع أثره ما دام له أصل صحيح في الأوراق.
6 - من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها في سبيل ذلك أن تأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوال التحقيق متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للواقع وإن عدل عنه في مراحل أخرى، وكان يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن لم يدفع ببطلان الاعتراف الصادر منه في الجناية رقم....... ولا بأنه كان وليد إكراه أو تهديد أو وعد أو إغراء، فإنه لا يكون له من بعد النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثر أمامها ولا يقبل منه التحدي بذلك الدفاع الموضوعي لأول مرة أمام محكمة النقض ويضحى منعى الطاعن في هذا الصدد لا محل له.
7 - لما كان الحكم المطعون فيه قد حصر الوقائع التي دان الطاعن عنها في المدة من أول يناير سنة 1980 وحتى 9 من يناير سنة 1986، إلا أنه يبين من مدوناته ومن سرده لأقوال الشهود وبيانه لأرقام وتواريخ الشيكات المستولى على قيمتها أن جميعها تمت قبل 6 من يناير سنة 1986 وهو التاريخ الذي قرر الطاعن بوجه طعنه أنه كان مقيد الحرية، ومن ثم فإن ذكره لتاريخ التاسع من يناير سنة 1986 باعتباره يدخل خلال الفترة التي دانه الحكم عنها لا يعدو أن يكون خطأ مادياً لا ينال من حقيقة الواقعة كما استظهرها الحكم ولا أثر له في النتيجة التي انتهى إليها، ويكون ما يثيره الطاعن من تعييب الحكم في هذا الصدد لا يكون مقبولاً.
8 - لما كان يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يثر أيهما شيئاً بشأن قعود النيابة العامة عن معاينة محل الواقعة فور إبلاغها بوقوع الجريمة، فإن إثارة هذا الدفاع بوجه الطعن لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم، وليس للطاعن من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها الشهود، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد.
9 - لما كان ما يثيره الطاعن من منعى على النيابة العامة بتعجيلها إصدار قرار الإحالة في الجناية...... قبل أن تستكمل التحقيق في الجناية...... رغم وجود الارتباط بينهما، لا يجديه نفعاً بعد أن أصدرت المحكمة قرارها بضم الجناية الأولى إلى الجناية الثانية. ليصدر فيهما حكم واحد واعتبرت الجرائم التي قارفها الطاعن وتضمنتها هاتان الجنايتان جريمة واحدة وقضت بمعاقبته بعقوبة واحدة عنها جميعاً هي العقوبة الأشد لجريمة الاستيلاء على مال مملوك لإحدى الجهات التابعة للدولة المنصوص عليها في المادة 113 من قانون العقوبات وعملاً بأحكام المادة 32 من القانون ذاته ومن ثم يكون نعيه في هذا الصدد غير مقبول.
10 - لما كان لا يجدي الطاعن النعي بعدم مساءلة موظفي الإدارة المالية بالشركة المجني عليها جنائياً - بفرض مساهمتهم في الجرائم - ما لم يكن ليحول دون مساءلته عن الجرائم المسندة إليه والتي دلل الحكم على مقارفته إياها تدليلاً سائغاً ومقبولاً، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجرائم المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: بصفته موظفاً عمومياً "مدير عام الشئون القانونية بالشركة....... إحدى شركات القطاع العام" استولى بغير حق على قيمة الشيك رقم........ والبالغ قيمته 38311.680 "ثمانية وثلاثين ألفاً وثلاثمائة وأحد عشر جنيهاً وستمائة وثمانين مليماً" المملوك...... وقد ارتبطت هذه الجريمة بجرائم التزوير والاستعمال موضوع التهم التالية ارتباطاً لا يقبل التجزئة هي أنه في الزمان والمكان آنفي الذكر أ - ارتكب تزويراً في محرر رسمي هو الحكم الصادر في الدعوى...... تجاري الإسكندرية وكان ذلك بطريق الاصطناع بأن اصطنع حكماً على غرار الأحكام الصحيحة يتضمن إلزام....... بأن تدفع مبلغاً من النقود لـ...... نسب صدوره إلى محكمة استئناف...... ب - اشترك بطريق المساعدة مع عاملين حسنى النية بالإدارة المالية للشركة......... في ارتكاب تزوير في محررين لهذه الشركة هي الشيك رقم....... وإذن صرفه حال تحريرها المختص بوظيفته بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن أمدهم بصورة فوتوغرافية لحكم مزور أرفق بها خطاب للإدارة المالية لاستخراج شيك بالمبلغ موضوع التهمة الأولى فتم تحريرها بناء على هذه البيانات المزورة جـ - ارتكب تزويراً في محرر عرفي هو المخالصة المؤخرة....... بأن اصطنع مخالصة مهرها بتوقيع نسبه زوراً إلى...... المحامي تفيد أنه استلم الشيك رقم...... د - استعمل المحررات المزورة آنفة الذكر بأن قدمها للشركة المجني عليها لاستخراج شيك بموجبها وقام بتظهير الشيك وتقديمه للبنك وصرف قيمته وقدم المخالصة لإدارة الشركة باعتبارها سنداً من مستنداتها مع علمه بتزويرها. كما اتهمت النيابة العامة الطاعن - أيضاً بأنه أولاً: بصفته سالفة الذكر استولى على قيمة الشيكات المبينة بالتحقيقات والبالغ مقدارها 202032 جنيهاً "مائتين واثنين ألف واثنين وثلاثين جنيهاً" المملوكة للشركة وقد ارتبطت هذه الجريمة بجرائم التزوير والاستعمال موضوع التهم التالية ارتباطاً لا يقبل التجزئة هي أنه في الزمان والمكان آنفي الذكر أ - ارتكب تزويراً في محررات رسمية هي إخطارات الإدارة العامة لشئون مكتب التحكيم "مطالبة الرسوم" بوزارة العدل الموضحة بالتحقيقات بأن اصطنع إخطارات على غرار الصحيح منها تتضمن إلزام الشركة بأن تدفع المبالغ موضوع التهمة الأولى لخزانة وزارة العدل قيمة الرسوم القضائية المستحقة في ذمتها من منازعات التحكيم محل الأوراق نسب صدورها زوراً إلى العاملين بالإدارة العامة لشئون مكتب التحكيم بوزارة العدل ب - اشترك بطريق المساعدة مع موظفين حسنى النية بالإدارة العامة المالية بالشركة في ارتكاب تزوير في محررات لهذه الشركة هي الشيكات الموضحة بالتحقيقات وأذون صرفها حال. تحريرها المختص بوظيفته بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن أمدهم بالإخطارات المزورة موضوع التهمة آنفة البيان أرفق بها خطابات للإدارة المالية لاستخراج شيكات بالمبالغ موضوع التهمة الأولى فتم تحريرها بناء على هذه البيانات المزورة جـ - ارتكب تزويراً في محررات رسمية هي محاضر التحصيل المبينة بالتحقيقات بأن اصطنع محاضر تحصيل على غرار الصحيح منها تتضمن قيام..... بالوفاء بالمبالغ المستحقة في ذمتها كرسوم قضائية في طلبات التحكيم محل الأوراق ومهرها بتوقيعات نسبها زوراً إلى موظفين عموميين هم محضرون محكمة.......... د - استعمل المحررات آنفة الذكر بأن قدمها للشركة المجني عليها لاستخراج شيكات بموجبها باسم رئيس الخزينة ومندوب الصرف بالشركة والذي قام بتقديمها للبنك وصرف قيمتها وسلمها له وقدم محاضر التحصيل المزورة كي تكون سنداً من مستندات الشركة مع علمه بتزويرها. وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بالإسكندرية لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة - بعد أن أصدرت قراراً بضم الجناية الأولى إلى الجناية الثانية ليصدر فيها حكم واحد - قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ ثالثاً، 41، 113/ 1 - 2، 118، 118 مكرراً، 119/ ب، 119 مكرراً/ هـ، 221، 213، 214، 214 مكرراً، 215 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة وبعزله من وظيفته وبتغريمه مبلغ 240343.680 جنيهاً "مائتين وأربعين ألفاً وثلاثمائة وثلاثة وأربعين جنيهاً وستمائة وثمانين مليماً" وبإلزامه برد مبلغ 202032 جنيهاً "مائتين واثنين ألفاً واثنين وثلاثين جنيهاً" للجهة المجني عليها لما هو منسوب إليه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن تقرير الطعن المحرر بالسجل الخاص والموقع من مأمور السجن وإن تضمن اسم الطاعن دون توقيعه إلا أن الطعن يعتبر قائماً قانوناً، إذ يترتب على مجرد التقرير به دخوله في حوزة المحكمة واتصالها به بصرف النظر عن عدم التوقيع عليه من المقرر، ذلك أن القانون لم يشترط في التقرير بالطعن بالنقض - بوصفه عملاً إجرائياً - سوى إفصاح الطاعن صاحب الصفة في الطعن عن رغبته في الاعتراض على الحكم بالشكل الذي رسمه المشرع وهو التقرير به في قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم أو مقر السجن في خلال الأجل المحدد بالمادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض. ولما كان الطعن قد استوفى باقي الشكل المقرر في القانون، فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الاستيلاء على مال مملوك لإحدى الجهات التابعة للدولة المرتبطة بجرائم التزوير في محررات رسمية وعرفية واستعمال تلك المحررات مع العلم بتزويرها قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد وفي تطبيق القانون كما أخل بحق الطاعن في الدفاع، ذلك بأن الحكم لم يبين واقعة الدعوى بياناً كافياً تتحقق به أركان الجرائم التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها ومؤدى الأدلة التي تساند إليها في الإدانة، وأحال إلى أقوال الشاهد السابق بالنسبة لأقوال الشاهد الذي يليه رغم اختلاف أقوالهما وعدم تطابقها مما كان يتعين إيراد مؤدى أقوال كل شاهد. ونسب إلى الطاعن اعترافاً في الجناية رقم....... لم يصدر عنه وعلى خلاف الثابت بأقواله بتلك الجناية، كما أن اعترافه المعزو إليه في الجناية رقم........ كان وليد غش وتحايل بعد أن أوعزت إليه النيابة العامة بإمكان الإفراج عنه وحفظ القضية إذا ما اعترف بالاتهام المسند إليه خاصة وبعد أن كان قد قام بسداد المبلغ المستولى عليه. كما أن الحكم دان الطاعن عن وقائع أورد بمدوناته إنها حدثت في 9 من يناير سنة 1986 حين أنه كان مقيد الحرية على ذمة التحقيق منذ يوم 5 من يناير سنة 1986 مما يدل على أن المحكمة لم تحط بأوراق الدعوى عن بصر وبصيرة. هذا وقد شاب تحقيق النيابة العامة البطلان لمخالفتها لما نصت عليه المادة 31 من قانون الإجراءات الجنائية من وجوب الانتقال إلى مكان الحادث في الجنايات المتلبس بها لمعاينته، فضلاً عن أنها عجلت بإحالة الجناية رقم...... بعد أن كانت قد بدأت في تحقيق الجناية رقم..... ولم تنتظر ما قد يسفر عنه التحقيق في تلك الجناية رغم وجود ارتباط بينهما لوحدة الاتهام والحق المعتدى عليه والخصوم في كل منهما. وأخيراً، فإن الحكم أغفل دفاع الطاعن من أنه ليس مسئولاً وحده عن ارتكابه للجرائم المسندة إليه، وإن موظفي الإدارة المالية بالشركة المجني عليها يشاركونه في هذه المسئولية أو على الأقل لإهمالهم في أداء أعمال وظيفتهم مما سهل للطاعن ارتكاب تلك الجرائم، إذ أن من طبيعة أعمال هؤلاء الموظفين مراجعة مستندات الصرف والتحقق من صحتها قبل إتمام الصرف، وإنه مما يدل على مساءلتهم أنهم وافقوا على صرف مبلغين عن تحكيم واحد أحدهم بتاريخ....... والآخر بتاريخ...... وقد قصرت النيابة في تحديد مسئوليتهم واعتبرتهم حسنى النية مما دفع بهم إلى إلقاء تبعات إهمالهم على عاتق الطاعن وحده، ورغم جوهرية هذا الدفاع، فإن الحكم التفت عنه ولم يعن بتحقيقه وتمحيصه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه. كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله "إن واقعة الدعوى رقم....... تتحصل في أنه في يومي....... وحال قيام المتهم....... بالعمل في وظيفة مدير عام الإدارة العامة للشئون القانونية لشركة....... إحدى وحدات القطاع العام، استولى بغير حق على قيمة الشيك رقم...... والبالغ قدره 38311.680 جنيهاً والمملوك لهذه الشركة، وفي سبيل وصول المتهم إلى قصده الإجرامي، اشترك بطريق المساعدة مع موظفين حسنى النية بالإدارة المالية بالشركة المذكورة في ارتكاب تزوير في محررين لها هما الشيك سالف الذكر وإذن صرفه حال تحريرها المختص بوظيفته بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن أمدهم بصورة فوتوغرافية لحكم نسب صدوره كذباً إلى محكمة استئناف..... في الاستئناف...... يتضمن إلزام...... بأن تدفع مبلغ 38311.680 جنيهاً..... أرفق بها خطاباً للإدارة المالية لاستخراج شيك بالمبلغ المذكور، فتم تحريرها بناء على ذلك. كما ارتكب تزويراً في محرر عرفي هو المخالصة المؤرخة........ بأن اصطنع مخالصة مهرها بتوقيع نسبه زوراً إلى الأستاذ...... المحامي تفيد أنه استلم الشيك سالف الذكر بصفته وكيلاً عن...... ثم استعمل المخالصة المزورة وهو متحقق من بوارها بأن قدمها لإدارة الشركة للاعتداد بما أثبت فيها مخالفاً للحقيقة ولتكون مستنداً من مستنداتها. وأن واقعة الدعوى رقم..... تتحصل في أنه خلال المدة من...... إلى........ وحال قيام المتهم...... بوظيفته المذكورة آنفاً بذات الشركة السابقة استولى بغير حق على قيمة الشيكات....... البالغ قدرها 202032 جنيهاً والمملوكة لهذه الشركة. وفي سبيل وصول المتهم إلى قصده الإجرامي عمد إلى ارتكاب تزوير في محررات رسمية هي إخطارات الإدارة العامة لشئون مكتب التحكيم "مطالبة الرسوم" بوزارة العدل، وكان ذلك بطريق الاصطناع بأن اصطنع إخطارات على غرار الصحيح منها تتضمن إلزام...... بأن تدفع مبلغاً وقدره 202032 جنيهاً لخزانة وزارة العدل قيمة الرسوم القضائية المستحقة في ذمتها في منازعات التحكيم المبينة بالتحقيقات ونسب صدورها زوراً إلى العامين بالإدارة العامة لشئون مكتب التحكيم بوزارة العدل واصطنع محاضر تحصيل على غرار الصحيح منها تتضمن قيام الشركة المذكورة بالوفاء بالمبالغ المستحقة في ذمتها كرسوم قضائية في طلبات التحكيم المشار إليها بالتحقيقات ومهرها بتوقيعات نسبها زوراً إلى موظفين عموميين هم محضرو محكمة...... واشترك بطريق المساعدة مع موظفين حسنى النية بالإدارة المالية بالشركة المذكور في ارتكاب تزوير في محررات لهذه الشركة هي الشيكات آنفة الذكر وأذون صرفها حال تحريرها المختص بوظيفته بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن أمدهم بالإخطارات المزورة سالفة الذكر أرفق بها خطابات للإدارة المالية لاستخراج شيكات بالمبالغ التي بلغ مجموعها 202032 جنيهاً فتم تحريرها بناء على هذه البيانات المزورة. ثم استعمل الإخطارات ومحاضر التحصيل المزورة سالفة الذكر وهو على يقين من فسادها بأن قدم الإخطارات المزورة للشركة المجني عليها لاستخراج شيكات بموجبها باسم رئيس الخزينة ومندوب الصرف بها الذي قام بتقديمها للبنك وصرف قيمتها وسلمه له، ثم قدم المتهم محاضر التحصيل المزورة للإدارة المالية بالشركة للاعتداد بما دون بها مخالفاً للحقيقة ولتكون مستنداً من مستندات الشركة". وقد أقام الحكم الدليل على صحة الواقعة ونسبتها إلى الطاعن من أقوال...... و...... و...... و...... و...... و...... و...... و...... و...... و...... و....... ومما ثبت من كتابي قلم محضري محكمة....... المؤرخين.......، ........ وبكتاب بنك مصر فرع....... المؤرخ..... وبكشف حساب المتهم ببنك الإسكندرية فرع...... ومما ثبت من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير ومن اعتراف المتهم بالتحقيقات، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، لما كان ذلك، وكان ما أثبته الحكم المطعون فيه في مدوناته كاف لتفهم واقعة الدعوى وظروفها - حسبما تبينتها المحكمة - وتتوافر به كافة الأركان القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون لارتكاب الطاعن لجناية الاستيلاء بغير حق على مال مما نص عليه في المادة 113 من قانون العقوبات التي تتحقق بمجرد الحصول عليه خلسة أو عنوة أو حيلة بقصد ضياع المال على ربه، فضلاً عن باقي الجرائم الأخرى التي دانه بها مما يضحى معه منعاه في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً، وكان الطاعن لم يكشف في طعنه عن مواطن الاختلاف في أقوال الشهود التي أحال إليها الحكم وجاءت عبارته بخصوص ذلك مرسلة مبهمة، هذا فضلاً عن أنه من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، وكان يبين من المفردات المضمومة أن أقوال الشهود التي أحال إليها الحكم وأورد مؤداها تتفق مع أقوال الشهود المحالة، فإن نعي الطاعن في هذا الصدد يكون غير صحيح. لما كان ذلك، وكان الحكم قد حصل اعتراف الطاعن بقوله: "وقد اعترف المتهم في تحقيقات النيابة العامة بأنه هو الذي أرسل الكتاب المؤرخ..... إلى قطاع الشئون المالية بالشركة يطلب فيه منه موافاته بمبلغ 18850 جنيهاً وأرفق به إخطار مكتب التحكيم المؤرخ....... وأنه هو الذي أرسل باقي الخطابات وإخطارات مكتب التحكيم المضبوطة والمشار إليها بتقرير إدارة أبحاث التزييف والتزوير لموافاته بالمبالغ الثابتة بتلك الخطابات قيمة الرسوم القضائية المستحقة في ذمة الشركة المجني عليها في طلبات التحكيم المشار إليها بالتحقيقات، كما اعترف المتهم في تحقيقات النيابة العامة أيضاً أنه قام بتوجيه خطاب إلى قطاع الشئون المالية بالشركة يطلب فيه استخراج شيك بمبلغ 38311.680 جنيهاً باسم..... وأرفق صورة فوتوغرافية لحكم نسب صدوره كذباً إلى محكمة استئناف........ في الاستئناف........ يتضمن إلزام الشركة المجني عليها بأن تدفع لـ......... المبلغ المذكور رغم علمه بأن هذا الاستئناف قد قضى فيه لصالح الشركة المجني عليها بالرفض وأنه قام باستلام ذلك الشيك بعد تحريره وإيداعه بنك الإسكندرية فرع...... لتحصيله لحسابه بعد تظهيره وأنه قام بسحب قيمته فعلاً من البنك". لما كان ذلك، وكان يبين من المفردات المضمومة أن إقرار الطاعن الذي حصله الحكم على النحو المتقدم له صداه بالأوراق. ومن ثم فإن نعي الطاعن على الحكم بخطئه في الإسناد لأنه نسب إليه اعترافاً في الجناية رقم...... لم يصدر منه وعلى خلاف الثابت بتلك الجناية يكون ولا محل له، لما هو مقرر أن الخطأ في تحديد مصدر الدليل لا يضيع أثره ما دام له أصل صحيح في الأوراق. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها في سبيل ذلك أن تأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للواقع وإن عدل عنه في مراحل أخرى، وكان يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن لم يدفع ببطلان الاعتراف الصادر منه في الجناية رقم...... ولا بأنه كان وليد إكراه أو تهديد أو وعد أو إغراء، فإنه لا يكون له من بعد النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثر أمامها ولا يقبل منه التحدي بذلك الدفاع الموضوعي لأول مرة أمام محكمة النقض، ويضحى منعى الطاعن في هذا الصدد ولا محل له. لما كان ذلك، ولئن كان الحكم المطعون فيه قد حصر الوقائع التي دان الطاعن عنها في المدة من أول يناير سنة 1980 وحتى 9 من يناير سنة 1986، إلا أنه يبين من مدوناته ومن سرده لأقوال الشهود وبيانه لأرقام وتواريخ الشيكات المستولى على قيمتها أن جميعها تمت قبل 6 من يناير سنة 1986 وهو التاريخ الذي قرر الطاعن بوجه طعنه أنه كان مقيد الحرية، ومن ثم فإن ذكره لتاريخ التاسع من يناير سنة 1986 باعتباره يدخل خلال الفترة التي دانه الحكم عنها لا يعدو أن يكون خطأ مادياً لا ينال من حقيقة الواقعة كما استظهرها الحكم ولا أثر له في النتيجة التي انتهى إليها، ويكون ما يثيره الطاعن من تعييب الحكم في هذا الصدد لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يثر أيهما شيئاً بشأن قعود النيابة العامة عن معاينة محل الواقعة فور إبلاغها بوقوع الجريمة، فإن إثارة هذا الدفاع بوجه الطعن لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم، وليس للطاعن من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها الشهود، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن لم يثر شيئاً بشأن قرار الإحالة الصادر في الجناية رقم.......، وكان هذا القرار إجراء سابقاً على المحاكمة فإنه لا يقبل من الطاعن إثارة أي جدل بشأنه لأول مرة أمام محكمة النقض ما دام أنه لم يثره أمام محكمة الموضوع، هذا فضلاً عن أن ما يثيره الطاعن من منعى على النيابة العامة بتعجيلها إصدار قرار الإحالة في الجناية سالفة الذكر قبل أن تستكمل التحقيق في الجناية رقم....... رغم وجود الارتباط بينهما، لا يجديه نفعاً بعد أن أصدرت المحكمة قرارها بضم الجناية الأولى إلى الجناية الثانية ليصدر فيهما حكم واحد واعتبرت الجرائم التي قارفها الطاعن وتضمنتها هاتان الجنايتان جريمة واحدة وقضت بمعاقبته بعقوبة واحدة عنها جميعاً هي العقوبة الأشد لجريمة الاستيلاء على مال مملوك لإحدى الجهات التابعة للدولة المنصوص عليها في المادة 113 من قانون العقوبات وعملاً بأحكام المادة 32 من القانون ذاته ومن ثم يكون نعيه في هذا الصدد غير مقبول. لما كان ذلك، وكان لا يجدي الطاعن النعي بعدم مساءلة موظفي الإدارة المالية بالشركة المجني عليها جنائياً - بفرض مساهمتهم في الجرائم - ما دام لم يكن ليحول دون مساءلته عن الجرائم المسندة إليه والتي دلل الحكم على مقارفته إياها تدليلاً سائغاً ومقبولاً، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجرائم المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.