أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 40 - صـ 97

جلسة 18 من يناير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ناجي أسحق وفتحي خليفة نائبي رئيس المحكمة وإبراهيم عبد المطلب ووفيق الدهشان.

(13)
الطعن رقم 6151 لسنة 58 القضائية

(1) نقد. قانون "تفسيره". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". جريمة "أركانها".
إدخال أو إخراج النقد المصري. على غير الشروط والأوضاع المقررة قانوناً. مؤثم. المادة 9 من القانون 97 لسنة 1976.
العقوبات المقررة لمخالفة أحكام القانون 97 لسنة 1976 أو الشروع فيها؟
(2) نقد. قانون "تفسيره" "العلم بالقانون". جريمة "أركانها". قصد جنائي. دفوع "الدفع بالاعتذار بالجهل بالقانون". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الجريمة المنصوص عليها في المادة التاسعة من القانون 97 لسنة 1976. عمدية. لم يستلزم القانون لها قصداً خاصاً. مؤدى ذلك؟
الجهل بالقانون أو الغلط في فهم نصوصه. لا ينفي القصد الجنائي. أساس ذلك؟
العلم بالقانون الجنائي والقوانين العقابية المكملة له. مفترض في حق الكافة.
الدفع بالجهل أو الغلط فيه لنفي القصد الجنائي. غير مقبول.
1- إن الفعل الذي قارفه الطاعن, وهو إدخاله إلى البلاد أوراق نقد مصري - سبعة آلاف جنيه - على غير الشروط والأوضاع المقررة قانوناً, مؤثم بالمادة التاسعة من القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي, التي تنص على أنه "لا يجوز إدخال أو إخراج النقد المصري إلا وفقاً للشروط التي يصدر بها قرار من الوزير المختص" وقد صدر قرار وزير الاقتصاد والتعاون الاقتصادي رقم 316 لسنة 1976 بإصدار اللائحة التنفيذية للقانون - المار ذكره - ونص في المادة 43 منها على أنه "يجوز حمل أوراق نقد مصري رفق القادمين إلى البلاد والمسافرين منها في حدود عشرين جنيهاً مصرياً لكل فرد" ونصت المادة 14 من القانون - المار ذكره - في فقرتها الأولى من أن "كل من خالف أحكام هذا القانون أو شرع في مخالفتها أو خالف القواعد المنفذة لها يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهر وبغرامة لا تقل عن مائتي جنيه ولا تزيد على ألف جنيه, أو بإحدى هاتين العقوبتين، ولا يجوز الحكم بوقف تنفيذ عقوبة الغرامة وفي حالة العود تضاعف العقوبة, وفي جميع الأحوال تضبط المبالغ محل الدعوى ويحكم بمصادرتها, فإن لم تضبط حكم بغرامة إضافية تعادل قيمتها".
2- لما كانت الجريمة المنصوص عليها في المادة التاسعة - من القانون رقم 97 لسنة 1976 - هي من الجرائم العمدية, ولم يستلزم القانون لهذه الجريمة قصداً خاصاً، بل يكفي لقيامها توافر القصد الجنائي العام, والذي يقتضي تعمد اقتراف الفعل المادي وتعمد النتيجة المترتبة على هذا الفعل وكان ما أثبته الحكم عن واقعة الدعوى كافياً في الدلالة على توافر القصد الجنائي لدى الطاعن فإن ما يثيره في خصوص انتفاء هذا القصد لديه بدعوى الجهل بالواقعة - محل التجريم - والغلط فيها, لما أحاط بها من ظروف تتمثل في قيامه باستبدال النقد المصري المضبوط - بالنقد السعودي - من إحدى المصارف بالمملكة العربية السعودية لا يعدو أن يكون مجرد اعتقاد خاطئ بمشروعية الواقعة وعدم فهمه للقانون وهو في حقيقته دفع بالاعتذار بالجهل بالقانون - وهو لا يقبل منه, لما هو مقرر من أن الجهل بالقانون أو الغلط في فهم نصوصه لا ينفي القصد الجنائي, باعتبار أن العلم بالقانون العقابي وفهمه على وجهه الصحيح أمر مفترض في الناس كافة وإن كان هذا الافتراض يخالف الواقع في كثير من الأحيان، إلا أنه افتراض تمليه الدواعي العملية لحماية مصلحة المجموع, وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن العلم بالقانون الجنائي - والقوانين العقابية المكلمة له - مفترض في حق الكافة, ومن ثم فلا يقبل الدفع بالجهل أو الغلط فيه كذريعة لنفي القصد الجنائي. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد أطرح ما دفع به الطاعن من انتفاء القصد الجنائي لديه لقيام حالة من الغلط في الواقعة والجهل بها, واعتبره - في خصوصية واقعة الدعوى الراهنة والظروف التي أحاطت بوقوعها - مجرد دفع بالاعتذار بالجهل بالقانون, فإنه يكون قد صادف التطبيق القانوني الصحيح ويضحى النعي عليه في هذا الصدد غير مقبول.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه - ادخل إلى البلاد أوراق النقد المصري المبينة بالمحضر على غير الشروط والأوضاع المقررة قانوناً, وطلبت عقابه بالمادتين 9, 14 من القانون رقم 97 لسنة 1976 والمادة 43 من اللائحة التنفيذية للقانون، ومحكمة جنح الجرائم المالية بالقاهرة قضت حضورياً عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهم مما أسند إليه وأمرت برد المبالغ المضبوطة إليه على أن يكون ذلك حال خروجه بها إلى خارج البلاد. استأنفت النيابة العامة, ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية "بهيئة استئنافية" قضت حضورياً بإجماع الآراء بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف, وتغريم المتهم مائتي جنيه والمصادرة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إدخال أوراق نقد مصري إلى البلاد على غير الشروط والأوضاع المقررة قانوناً، قد أخطأ في تطبيق القانون، وشابه القصور في التسبيب، ذلك بأن دفاع الطاعن قام على انتفاء القصد الجنائي لديه بالواقعة والغلط فيها, تأسيساً على أنه قام باستبدال النقد المصري المضبوط بالنقد السعودي - وهو مقابل أجره عن عمله بالمملكة العربية السعودية - عن طريق أحد المصارف المعتمدة بها, وقدم الدليل على صحة هذا الدفاع، وكان من شأن هذا العمل المصرفي حمله على الاعتقاد بمشروعية الواقعة عند قدومه إلى البلاد ومعه النقد المضبوط, إلا أن الحكم لم يعن ببحث وتمحيص دفاعه, كما أن ما أورده الحكم - في مقام استظهار القصد الجنائي ينبئ عن اختلاف فكرته بين إطراح الجهل بالواقعة والغلط فيها باعتباره من أسباب انتفاء القصد الجنائي, وبين افتراض العلم بالقانون, مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إدخال نقد مصري إلى البلاد على خلاف الشروط والأوضاع المقررة قانوناً التي دان الطاعن بها, وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة مما أثبت بمحضر الضبط ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها, وأطرح الحكم ما قام عليه حكم محكمة الدرجة الأولى - تبريراً لقضائه ببراءة الطاعن - من اقتناعه بفكرة الغلط في الواقعة والجهل بها, التي دفع الطاعن بها مسئوليته عن الجريمة المسندة إليه تأسيساً على أن هذه الجريمة يكفي لقيامها توافر القصد الجنائي العام, الذي يقوم على عنصرين هما العلم والإرادة, وأن عنصر العلم المتطلب لتوافر القصد الجنائي في الجريمة التي دين بها الطاعن لا يسوغ الدفع بانتفائه على قيام فكرة الغلط في الواقعة والجهل بها, لأن العلم بالقانون هو عنصر في القصد الجنائي, والعلم بقانون العقوبات - والقوانين العقابية المكملة له - مفترض ولا يعتد بالاعتذار بالجهل به. لما كان ذلك, وكان الفعل الذي قارفه الطاعن, وهو إدخاله إلى البلاد أوراق نقد مصري - سبعة آلاف جنيه - على غير الشروط والأوضاع المقررة قانوناً, مؤثم بالمادة التاسعة من القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي, التي تنص على أنه "لا يجوز إدخال أو إخراج النقد المصري إلا وفقاً للشروط التي يصدر بها قرار من الوزير المختص" وقد صدر قرار وزير الاقتصاد والتعاون الاقتصادي رقم 316 لسنة 1976 بإصدار اللائحة التنفيذية للقانون - المار ذكره - ونص في المادة 43 منها على أنه "يجوز حمل أوراق نقد مصري رفق القادمين إلى البلاد والمسافرين منها في حدود عشرين جنيهاً مصرياً لكل فرد" ونصت المادة 14 من القانون - المار ذكره - في فقرتها الأولى من أن "كل من خالف أحكام هذا القانون أو شرع في مخالفتها أو خالف القواعد المنفذة لها يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهر وبغرامة لا تقل عن مائتي جنيه ولا تزيد على ألف جنيه, أو بإحدى هاتين العقوبتين، ولا يجوز الحكم بوقف تنفيذ عقوبة الغرامة وفي حالة العود تضاعف العقوبة, وفي جميع الأحوال تضبط المبالغ محل الدعوى ويحكم بمصادرتها, فإن لم تضبط حكم بغرامة إضافية تعادل قيمتها". لما كان ذلك, وكانت الجريمة المنصوص عليها في المادة التاسعة - من القانون رقم 97 لسنة 1976 على السياق المتقدم - هي من الجرائم العمدية, ولم يستلزم القانون لهذه الجريمة قصداً خاصاً، بل يكفي لقيامها توافر القصد الجنائي العام, والذي يقتضي تعمد اقتراف الفعل المادي وتعمد النتيجة المترتبة على هذا الفعل وكان ما أثبته الحكم عن واقعة الدعوى كافياً في الدلالة على توافر القصد الجنائي لدى الطاعن فإن ما يثيره في خصوص انتفاء هذا القصد لديه بدعوى الجهل بالواقعة - محل التجريم - والغلط فيها, لما أحاط بها من ظروف تتمثل في قيامه باستبدال النقد المصري المضبوط - بالنقد السعودي - من إحدى المصارف بالمملكة العربية السعودية لا يعدو أن يكون مجرد اعتقاد خاطئ بمشروعية الواقعة وعدم فهمه للقانون وهو في حقيقته دفع بالاعتذار بالجهل بالقانون - وهو لا يقبل منه, لما هو مقرر من أن الجهل بالقانون أو الغلط في فهم نصوصه لا ينفي القصد الجنائي, باعتبار أن العلم بالقانون العقابي وفهمه على وجهه الصحيح أمر مفترض في الناس كافة وإن كان هذا الافتراض يخالف الواقع في كثير من الأحيان، إلا أنه افتراض تمليه الدواعي العملية لحماية مصلحة المجموع, وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن العلم بالقانون الجنائي - والقوانين العقابية المكلمة له - مفترض في حق الكافة, ومن ثم فلا يقبل الدفع بالجهل أو الغلط فيه كذريعة لنفي القصد الجنائي. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد أطرح ما دفع به الطاعن من انتفاء القصد الجنائي لديه لقيام حالة من الغلط في الواقعة والجهل بها, واعتبره - في خصوصية واقعة الدعوى الراهنة والظروف التي أحاطت بوقوعها - مجرد دفع بالاعتذار بالجهل بالقانون, فإنه يكون قد صادف التطبيق القانوني الصحيح ويضحى النعي عليه في هذا الصدد غير مقبول. لما كان ما تقدم, فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً, ومصادرة الكفالة.