أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 40 - صـ 103

جلسة 19 من يناير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد رفيق البسطويسي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد أحمد حسن وعبد الوهاب الخياط نائبي رئيس المحكمة وعبد اللطيف أبو النيل وأحمد جمال عبد اللطيف.

(14)
الطعن رقم 6156 لسنة 58 القضائية

(1) قانون "التفويض التشريعي". لوائح. قرارات وزارية. دستور. نقد.
حق السلطة التنفيذية. دستورياً. إصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين. دون زيادة أو تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها. ليس معناه نزول السلطة التشريعية عن سلطتها في سن القوانين للسلطة التنفيذية.
اللائحة لا تضع قيداً على خلاف نص في القانون.
(2) قانون "التفويض التشريعي". لوائح. قرارات وزراية. نقد.
صحة القرار الصادر بموجب التفويض التشريعي. رهينة بعدم وجود تضاد بينه وبين نص القانون المحدد لأوضاعه وشروطه.
تغليب نص القانون عند التعارض بينه وبين نص وراد في لائحته. واجب.
(3) قانون "التفويض التشريعي". لوائح. قرارات وزارية. دستور. نقد.
تقييد اللائحة التنفيذية للقانون 97 لسنة 1976. حق المسافر في حمل النقد الأجنبي السابق إثبات دخوله إلى البلاد بالمخالفة لنص القانون. أثره؟
(4) نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون".
إدانة الطاعن بجريمة الشروع في إخراج نقد أجنبي من البلاد رغم ما أورده الحكم من إثبات الطاعن لهذا النقد بالإقرار الجمركي عند قدومه إلى مصر في مرة سابقة. خطأ في القانون.
خطأ الحكم في تطبيق القانون - حق محكمة النقض تصحيحه.
1 - لئن كان من المقرر أن من حق السلطة التنفيذية - طبقاً للمبادئ الدستورية المتواضع عليها - أن تتولى أعمالاً تشريعية عن طريق إصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين بما ليس فيه تعديل لها أو إعفاء من تنفيذها إلا أن هذا الحق لا يعني نزول السلطة التشريعية عن سلطتها في سن القوانين بل هو دعوة لهذه السلطة لاستعمال حقها في وضع القواعد التفصيلية اللازمة لتنفيذ القوانين دون أن تزيد عليها شيئاً جديداً أو أن تعدل فيها أو أن تعطل تنفيذها أو أن تعفى من هذا التنفيذ، ومن ثم فإن اللائحة التنفيذية لا يصح أن تضع قيداً على خلاف نص في القانون.
2 - يشترط لصدور القرار في حدود التفويض التشريعي ألا يوجد أدنى تضاد بين الحظر الوارد في نص القانون وبين الشروط والأوضاع المحددة في القرار، وأنه عند التعارض بين نصين أحدهما وارد في القانون والآخر وارد في لائحته التنفيذية، فإن النص الأول يكون هو الواجب التطبيق باعتباره أسمى درجة وأصلاً للائحة.
3 - لما كان النص في البند ( أ ) من المادة 42 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 97 لسنة 1976 سالفة الذكر، على قصر حق المسافر في حمل نقد أجنبي على ما يكون قد أثبت بإقراره الجمركي عند وصوله للبلاد في المرة الأخيرة فحسب يتعارض مع ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة الأولى المشار إليها من القانون ذاته، من حظر فرض أية قيود على إخراج النقد الأجنبي الثابت إدخاله للبلاد، فإنه يتعين الاعتداد بما نص عليه القانون في هذا الخصوص والالتفات عما فرضته اللائحة التنفيذية من قيود في هذا الصدد، ومن ثم يكون للمسافر إلى الخارج حق حمل أي نقد أجنبي أثبته بإقراره الجمركي عند دخوله إلى مصر، أو إخراجه منها، ويكون فعله في هذه الحالة، حملاً للنقد الأجنبي، أو إخراجاً له بمنأى عن التجريم، ويستوي في ذلك أن يتم الخروج بالنقد الأجنبي في السفرة التالية مباشرة للدخول به أو في أي سفرة أخرى لاحقه.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه - على الرغم مما أثبته في مدوناته من أن النقد الأجنبي المسند إلى الطاعن الشروع في إخراجه من البلاد مثبت بالإقرار الجمركي المحرر بمعرفة الطاعن عند قدومه إلى مصر في مرة سابقة قد خالف النظر المتقدم فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. لما كان ذلك، وكان العيب الذي شاب الحكم المطعون فيه مقصوراً على الخطأ في تطبيق القانون على واقعة الدعوى كما صار إثباتها فيه، وكان ما أسند إلى الطاعن - على السياق المتقدم لا جريمة فيه، فإنه يتعين عملاً بنص المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، أن تصحح محكمة النقض الخطأ وتحكم بنقض الحكم المطعون فيه وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من براءة الطاعن ورد المبالغ المضبوطة إليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: شرع في إخراج النقد الأجنبي المبين بالمحضر من البلاد وعلى غير الشروط والأوضاع المقررة قانوناً وعن غير طريق المصارف المعتمدة، وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو ضبطه والجريمة متلبس بها. وطلبت عقابه بالمادتين 45، 47 من قانون العقوبات والمادتين 1، 14 من القانون رقم 97 لسنة 1976 المعدل بالقانون رقم 67 لسنة 1980 والمادة 42 من اللائحة التنفيذية، ومحكمة الجرائم المالية قضت حضورياً ببراءة المتهم مما نسب إليه وبرد المبالغ المضبوطة إلى من ضبطت معه. استأنفت النيابة العامة. ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بإجماع الآراء بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وتغريم المتهم مائتي جنيه والمصادرة.
فطعن الأستاذ/ ........ المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الشروع في تصدير نقد أجنبي إلى الخارج على خلاف الشروط المقررة قانوناً، قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه استند إلى ما نصت عليه اللائحة التنفيذية للقانون رقم 97 لسنة 1976 من صلاحية الإقرار الجمركي المثبت به إدخال نقد أجنبي إلى البلاد، لتصدير هذا النقد عند السفر في المرة التالية فحسب للدخول به، على الرغم من مخالفة هذا النص لما حظرته المادة الأولى من القانون المشار إليه من وضع قيود على إخراج النقد الأجنبي الثابت إدخاله للبلاد.
ومن حيث إن البين من الأوراق أن النيابة العامة أسندت إلى الطاعن أنه شرع في إخراج أوراق نقد أجنبي من البلاد بغير الشروط المقررة قانوناً وطلبت معاقبته بالمادتين 45 و47 من قانون العقوبات والمادتين 1 و14 من القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي المعدل ولائحته التنفيذية، ومحكمة أول درجة قضت ببراءة الطاعن ورد المبالغ المضبوطة إليه واستأنفت النيابة العامة هذا الحكم، فقضت المحكمة الاستئنافية بحكمها المطعون فيه بإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وبتغريم الطاعن مائتي جنيه والمصادرة وألزمته المصاريف الجنائية، وقد أسس الحكم المطعون فيه قضاءه على قوله: "..... وكان الثابت من الأوراق أن المتهم سبق أن وصل إلى البلاد وحرر إقراراً جمركياً بتاريخ 20/ 12/ 1984 أثبت به ما بصحبته من نقد أجنبي وحال مغادرته للبلاد بتاريخ 31/ 3/ 1985 - تاريخ الضبط - تبين أن بصحبته نقداً أجنبياً وعندما استفسر منه عن مصدر هذا النقد أخرج لمحرر محضر الضبط الإقرار الجمركي سالف الإلمام - وعند مطالعة محرر المحضر لجواز سفر المتهم تبين أن له سفرية أخرى للخارج بتاريخ 2/ 2/ 1985، ومن ثم فإن هذا الإقرار الجمركي يكون قد استنفد الغرض منه وفقد قوته في إثبات مصدر النقد الأجنبي المضبوط مع المتهم، ويكون الأخير قد خالف نص الفقرة ( أ ) من المادة 42 من اللائحة التنفيذية والتي جاء نصها واضحاً في أن الإقرار الجمركي الذي يعتد به هو الإقرار الجمركي عند الوصول عن السفرية السابقة مباشرة". لما كان ذلك، وكانت الفقرة الأخيرة من المادة الأولى من القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي قد نصت على أنه "ويحدد الوزير المختص شروط إخراج النقد الأجنبي صحبة المغادرين مع مراعاة عدم وضع قيود على إخراج النقد الأجنبي الثابت إدخاله للبلاد "وكانت المادة 42 من اللائحة التنفيذية لهذا القانون الصادر بها قرار وزير الاقتصاد رقم 316 لسنة 1976 تنص - بعد تعديلها بالقرار رقم 74 لسنة 1984 - تنص على أنه "يحق للمسافرين إلى الخارج حمل أوراق نقد أجنبي وأدوات دفع أخرى بالنقد الأجنبي وذلك وفقاً للحدود التالية ( أ ) المبالغ المثبتة بالإقرار الجمركي عند الوصول عن السفرية السابقة مباشرة". لما كان ذلك ولئن كان من المقرر أن من حق السلطة التنفيذية - طبقاً للمبادئ الدستورية المتواضع عليها - أن تتولى أعمالاً تشريعية عن طريق إصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين بما ليس فيه تعديل لها أو إعفاء من تنفيذها إلا أن هذا لحق لا يعني نزول السلطة التشريعية عن سلطتها في سن القوانين بل هو دعوة لهذه السلطة لاستعمال حقها في وضع القواعد التفصيلية اللازمة لتنفيذ القوانين دون أن تزيد عليها شيئاً جديداً أو أن تعدل فيها أو أن تعطل تنفيذها أو أن تعفى من هذا التنفيذ، ومن ثم فإن اللائحة التنفيذية لا يصح أن تضع قيداً على خلاف نص في القانون، كما أنه يشترط لصدور القرار في حدود التفويض التشريعي ألا يوجد تضاد بين الحظر الوارد في نص القانون وبين الشروط والأوضاع المحددة في القرار، وأنه عند التعارض بين نصين أحدهما وارد في القانون والآخر وارد في لائحته التنفيذية، فإن النص الأول يكون هو الواجب التطبيق باعتباره أسمى درجة وأصلاً للائحة. لما كان ذلك، وكان النص في البند ( أ ) من المادة 42 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 97 لسنة 1976 سالفة الذكر، على قصر حق المسافر في حمل نقد أجنبي على ما يكون قد أثبت بإقراره الجمركي عند وصوله للبلاد في المرة الأخيرة فحسب يتعارض مع ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة الأولى المشار إليها من القانون ذاته، من حظر فرض أية قيود على إخراج النقد الأجنبي الثابت إدخاله للبلاد، فإنه يتعين الاعتداد بما نص عليه القانون في هذا الخصوص والالتفات عما فرضته اللائحة التنفيذية من قيود في هذا الصدد، ومن ثم يكون للمسافر إلى الخارج حق حمل أي نقد أجنبي أثبته بإقراره الجمركي عند دخوله إلى مصر، أو إخراجه منها، ويكون فعله في هذه الحالة، حملاً للنقد الأجنبي، أو إخراجاً له بمنأى عن التجريم، ويستوي في ذلك أن يتم الخروج بالنقد الأجنبي في السفرة التالية مباشرة للدخول به أو في أي سفرة أخرى لاحقه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه - على الرغم مما أثبته في مدوناته من أن النقد الأجنبي المسند إلى الطاعن الشروع في إخراجه من البلاد، مثبت بالإقرار الجمركي المحرر بمعرفة الطاعن عند قدومه إلى مصر في مرة سابقة قد خالف النظر المتقدم فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. لما كان ذلك، وكان العيب الذي شاب الحكم المطعون فيه مقصوراً على الخطأ في تطبيق القانون على واقعة الدعوى كما صار إثباتها فيه، وكان ما أسند إلى الطاعن - على السياق المتقدم لا جريمة فيه، فإنه يتعين عملاً بنص المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، أن تصحح محكمة النقض الخطأ وتحكم بنقض الحكم المطعون فيه وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من براءة الطاعن ورد المبالغ المضبوطة إليه.