أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 48 - صـ 304

جلسة 20 من فبراير سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد بدر الدين المتناوي، محمد الجابري، ماجد قطب نواب رئيس المحكمة وأحمد عبد الكريم.

(58)
الطعن رقم 2459 لسنة 63 القضائية

(1 - 3) إيجار "إيجار الأماكن": عقد الإيجار. التأجير من الباطن. التنازل عن الإيجار. تأجير الصيدلية. بيع. بيع الجدك.
(1) لورثة الصيدلي إنابة وكيل عنهم لإدارة الصيدلية استثناءً من وجوب ملكية الصيدلية لصيدلي. م 31 ق 127 لسنة 1955 المعدل بق 44 لسنة 1982. شرطه. عدم تخليهم عن العين أو تأجيرها من الباطن بغير موافقة المالك.
(2) حق المالك في الحالات التي يجوز فيها للمستأجر بيع الجدك أو التنازل عن الإيجار أن يتقاضى نسبة 50% من ثمن البيع أو مقابل التنازل مخصوماً منه قيمة ما بها من منقولات. م 20 ق 136 لسنة 1981. التزام المستأجر قبل الاتفاق بإعلان المؤجر بالثمن المعروض. إغفاله ذلك. أثره. بطلان البيع أو التنازل وإخلاء المتنازل إليه. لا أثر لذلك على عقد الإيجار الأصلي.
(3) قضاء الحكم المطعون فيه بإخلاء الطاعنين من الصيدلية لانقضاء مدة العشر سنوات المنصوص عليها في المادة 31 ق 127 لسنة 1955 منذ وفاة المستأجر الأصلي بعد أن قضي ببطلان عقد البيع الصادر من الطاعنة الأولى للطاعن الثاني. خطأ. وجوب الوقوف عند القضاء بإخلاء الطاعن الثاني المشتري كأثر لبطلان البيع. علة ذلك. عدم استحداث المادة المذكورة سبباً للإخلاء.
1 - إذا كان القانون رقم 127 لسنة 1955 المعدل بالقانون رقم 44 لسنة 1982 بشأن مزاولة مهنة الصيدلة - قد نص في المادة 31 منه على أن "إذا توفي صاحب الصيدلية جاز أن تُدار الصيدلية لصالح الورثة لمدة لا تجاوز عشر سنوات ميلادية. وفي حالة وجود أبناء للمتوفى لم يتموا الدراسة في نهاية المدة المشار إليها في الفقرة السابقة تمتد هذه المدة حتى يبلغ أصغر أبناء المتوفى سن السادسة والعشرين أو حتى تخرجه من الجامعة أو أي معهد علمي من درجتها أيهما أقرب ويعين الورثة وكيلاً عنهم تُخطر به وزارة الصحة، على أن تُدار الصيدلية بمعرفة صيدلي. وتغلق الصيدلية إدارياً بعد انتهاء المهلة الممنوحة للورثة ما لم يتم بيعها لصيدلي وتجدد جميع التراخيص التي تكون قد أُلغيت وفقاً لحكم هذه المادة قبل تعديلها، ما لم يكن قد تم التصرف في الصيدلية" يدل على أن المشرع أباح لورثة الصيدلي إنابة وكيل عنهم لإدارة صيدلية مورثهم تحت إشرافهم - استثناءً مما استلزمه ذات القانون من وجوب أن يكون مالك الصيدلية صيدلياً - وذلك رعاية من المشرع لهم لضمان استمرار مورد رزقهم حتى يتدبروا أمرهم - حسبما ورد بالمذكرة الإيضاحية وتقرير لجنة الشؤون الصحية والبيئة عن مشروع القانون المذكور - ودون أن يمتد ذلك إلى التخلي عن العين بأي صورة من صور التخلي أو تأجيرها من الباطن ذلك أن النص سالف البيان لا يخول لورثة الصيدلي حقوقاً أكثر مما كان لمورثهم الذي لا يحق له هذا التخلي.
2 - المقرر - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن مفاد نص المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 يدل على أن المشرع قد خول المالك الحق في أن يقتسم مع المستأجر الأصلي قيمة ما يجنيه هذا الأخير من التصرف ببيع الجدك أو التنازل عن الإيجار وأن يتقاضى نسبة 50% من ثمن البيع أو مقابل التنازل بحسب الأحوال بعد خصم قيمة ما قد يوجد بالعين من منقولات شملها التصرف وأوجب على المستأجر إعلان المالك على يد محضر بالثمن المعروض ورتب على مخالفة هذا الإجراء جزاء البطلان المنصوص عليه في المادة 25 من هذا القانون فيبطل البيع أو التنازل الذي تم واعتباره كأن لم يكن مع إعادة الحال إلى ما يتفق وأحكام القانون بما مؤداه أن يعود أطراف النزاع المالك والمستأجر الأصلي والمشتري أو المتنازل له عن الإجارة إلى المركز القانوني الذي كان عليه كل منهم قبل إبرام هذا التصرف المخالف فيبقى عقد المستأجر الأصلي قائماً منتجاً لآثاره بين عاقديه ولا يلحق البطلان سوى عقد البيع أو التنازل الذي تم بين المستأجر الأصلي والمشتري أو المتنازل إليه ويلتزم الأخير وحده بإخلاء العين كأثر من آثار إبطال التنازل وزوال السبب القانوني لوضع يده عليها.
3 - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن مدة العشر سنوات المنصوص عليها في المادة 31 من القانون رقم 127 لسنة 1955 في شأن مزاولة مهنة الصيدلة قد انقضت منذ وفاة المستأجر الأصلي - مورث الطاعنة الأولى في.... وحتى تاريخ رفع الدعوى الماثلة في..... ورتب على ذلك قضاءه بإخلاء العين المؤجرة والتسليم في حين أنه كان يتعين عليه أن يقف عند حد القضاء بإخلاء الطاعن الثاني وحده المشتري من العين المؤجرة محل النزاع إعمالاً للأثر المترتب على بطلان عقد البيع المؤرخ..... الصادر لصالحه سيما وأنه لم يستأنف هذا الحكم دون مساس بالطاعنة الأولى لأنها وإن زالت صفتها كبائعة في هذا العقد بعد زواله إلا أنها تعود كما كانت من قبل مستأجرة لتلك العين من مورثة المطعون ضدهم بالعقد المؤرخ.... ولا يترتب على انتهاء مدة العشر سنوات المنصوص عليه في قانون الصيدليات إلا غلق الصيدلية إدارياً بعد أن قضت المحكمة ببطلان بيعها للطاعن الثاني سيما وإن المادة 31 من قانون الصيدليات لم تستحدث أسباباً لإنهاء العلاقة الإيجارية وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر بقضائه بإخلاء العين المؤجرة وتسليمها إلى المطعون ضدهم فإنه يكون قد قضى ضمنياً بفسخ عقد إيجار الطاعنة الأولى وبإلزامها بإخلاء العين المؤجرة وتسليمها كأثر من آثار الفسخ وفي هذا ما يعيبه بالقصور والفساد في الاستدلال.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن مورثة المطعون ضدهم أقامت على الطاعنة الأولى الدعوى رقم 13954 لسنة 1990 أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء الصيدلية المبينة بصحيفة الدعوى والتسليم وبطلان التصرف الصادر من الطاعنة الأولى إلى الطاعن الثاني، وقالت بياناً لها إنه بموجب عقد مؤرخ 1/ 8/ 1974 استأجر منها المرحوم الصيدلي (.......) زوج الطاعنة العين المبينة بالصحيفة لاستعمالها صيدلية وقد توفي منذ أكثر من عشر سنوات ولم يرزق بأولاد وقد أدارت الطاعنة الأولى الصيدلية لصالحها منذ وفاته وحتى الآن لمدة جاوزت العشر سنوات مما يعد مخالفة لنص المادة 31/ 2 من القانون رقم 127 لسنة 1955 في شأن مزاولة مهنة الصيدلة كما تصرفت المذكورة في الصيدلية ببيعها إلى الطاعن الثاني قبل انتهاء المهلة الممنوحة لها دون أن تتخذ الإجراءات التي نصت عليها المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 ولم تعلمها بالثمن المعروض قبل البيع ومن ثم يكون تصرفها باطلاً فأقامت الدعوى. أدخلت مورثة المطعون ضدهم الطاعن الثاني خصماً في الدعوى للحكم لها بذات الطلبات سالفة البيان. حكمت المحكمة ببطلان التصرف الصادر من الطاعنة الأولى للخصم المدخل - الطاعن الثاني - واعتباره كأن لم يكن وبعدم قبول الدعوى بشأن الإخلاء لرفعها قبل الأوان. استأنفت مورثة المطعون ضدهم وحدها هذا الحكم بالاستئناف رقم 14010 لسنة 108 ق القاهرة. وبتاريخ 27/ 1/ 1993 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبالإخلاء والتسليم. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه بالنسبة للدفع المبدى من الطاعنة بعدم دستورية نص المادة 31 من القانون رقم 127 لسنة 1955 والذي أبدي لأول مرة أمام هذه المحكمة، فإن المحكمة تلتفت عنه لعدم جديته.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم قضى بالإخلاء وتسليم العين محل النزاع للمطعون ضدهم مما ينطوي على قضاء بفسخ عقد إيجار المستأجر الأصلي وإخلاء الطاعنة الأولى من العين المؤجرة جزاء لمخالفتها الإجراءات المنصوص عليها في المادة 31 من القانون رقم 127 لسنة 1955 في شأن مزاولة مهنة الصيدلة في حين أن هذه المادة تتعلق بالشروط الخاصة بتراخيص الصيدليات وإدارتها ولا تنصرف للعلاقة القائمة فيما بين ورثة الصيدلي - المستأجر الأصلي - والمكان المؤجر هذا إلى أنه بفرض انطباق المادة المشار إليها فإنه لا يترتب على ذلك القضاء بالإخلاء والتسليم لأنها لا تقضي بذلك، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه لما كان المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن النص في المادة 31 من القانون رقم 127 لسنة 1955 المعدل بالقانون رقم 44 لسنة 1982 في شأن مزاولة مهنة الصيدلة على أنه "إذا توفي صاحب الصيدلية جاز أن تُدار الصيدلية لصالح الورثة لمدة لا تجاوز عشر سنوات ميلادية. وفي حالة وجود أبناء للمتوفى لم يتموا الدراسة في نهاية المدة المشار إليها في الفقرة السابقة تمتد المدة حتى يبلغ أصغر أبناء المتوفى سن السادسة والعشرين أو حتى تخرجه من الجامعة أو أي معهد علمي من درجتها أيهما أقرب. ويعين الورثة وكيلاً عنهم تُخطر به وزارة الصحة، على أن تُدار الصيدلية بمعرفة صيدلي. وتغلق الصيدلية إدارياً بعد انتهاء المهلة الممنوحة للورثة ما لم يتم بيعها لصيدلي. وتجدد جميع التراخيص التي تكون قد أُلغيت وفقاً لحكم هذه المادة قبل تعديلها، ما لم يكن قد تم التصرف في الصيدلية" - يدل على أن المشرع أباح لورثة الصيدلي إنابة وكيل عنهم لإدارة صيدلية مورثهم تحت إشرافهم - استثناءً مما استلزمه ذات القانون من وجوب أن يكون مالك الصيدلية صيدلياً - وذلك رعاية من المشرع لهم لضمان استمرار مورد رزقهم حتى يتدبروا أمرهم - حسبما ورد بالمذكرة الإيضاحية وتقرير لجنة الشؤون الصحية والبيئة عن مشروع القانون المذكور - ودون أن يمتد ذلك إلى التخلي عن العين بأي صورة من صور التخلي أو تأجيرها من الباطن ذلك أن النص سالف البيان لا يخول لورثة الصيدلي حقوقاً أكثر مما كان لمورثهم الذي لا يحق له هذا التخلي. وأن مفاد نص المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 يدل على أن المشرع قد خول المالك الحق في أن يقتسم مع المستأجر الأصلي قيمة ما يجنيه هذا الأخير من التصرف ببيع الجدك أو التنازل عن الإيجار وأن يتقاضى نسبة 50% من ثمن البيع أو مقابل التنازل بحسب الأحوال بعد خصم قيمة ما قد يوجد بالعين من منقولات شملها التصرف وأوجب على المستأجر إعلان المالك على يد محضر بالثمن المعروض ورتب على مخالفة هذا الإجراء جزاء البطلان المنصوص عليه في المادة 25 من هذا القانون فيبطل البيع أو التنازل الذي تم واعتباره كأن لم يكن مع إعادة الحال إلى ما يتفق وأحكام القانون بما مؤداه أن يعود أطراف النزاع المالك والمستأجر الأصلي والمشتري أو المتنازل له عن الإجارة إلى المركز القانوني الذي كان عليه كل منهم قبل إبرام هذا التصرف المخالف فيبقى عقد المستأجر الأصلي قائماً منتجاً لآثاره بين عاقديه ولا يلحق البطلان سوى عقد البيع أو التنازل الذي تم بين المستأجر الأصلي والمشتري أو المتنازل إليه ويلتزم الأخير وحده بإخلاء العين كأثر من آثار إبطال التنازل وزوال السبب القانوني لوضع يده عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن مدة العشر سنوات المنصوص عليها في المادة 31 من القانون رقم 127 لسنة 1955 في شأن مزاولة مهنة الصيدلة قد انقضت منذ وفاة المستأجر الأصلي - مورث الطاعنة الأولى في 19/ 9/ 1976 - وحتى تاريخ رفع الدعوى الماثلة في20/ 8/ 1990 ورتب على ذلك قضاءه بإخلاء العين المؤجرة والتسليم في حين أنه كان يتعين عليه أن يقف عند حد القضاء بإخلاء الطاعن الثاني وحده المشتري - من العين المؤجرة محل النزاع إعمالاً للأثر المترتب على بطلان عقد البيع المؤرخ 2/ 11/ 1986 الصادر لصالحه سيما وأنه لم يستأنف هذا الحكم دون مساس بالطاعنة الأولى لأنها وإن زالت صفتها كبائعة في هذا العقد بعد زواله إلا أنها تعود كما كانت من قبل مستأجرة لتلك العين من مورثة المطعون ضدهم بالعقد المؤرخ 1/ 8/ 1974 ولا يترتب على انتهاء مدة العشر سنوات المنصوص عليها في قانون الصيدليات إلا غلق الصيدلية إدارياً بعد أن قضت المحكمة ببطلان بيعها للطاعن الثاني سيما وأن المادة 31 من قانون الصيدليات لم تستحدث أسباباً لإنهاء العلاقة الإيجارية، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر بقضائه بإخلاء العين المؤجرة وتسليمها إلى المطعون ضدهم فإنه يكون قد قضى ضمنياً بفسخ عقد إيجار الطاعنة الأولى وبإلزامها بإخلاء العين المؤجرة وتسليمها كأثر من آثار الفسخ، وفي هذا ما يعيبه بالقصور والفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه جزئياً في هذا الخصوص ورفض الطعن بالنسبة للطاعن الثاني.
وحيث إن الموضوع في هذا الشق صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين الحكم في موضوع الاستئناف برفض طلب إخلاء الطاعنة الأولى من الصيدلية محل النزاع.