أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 40 - صـ 310

جلسة 22 من فبراير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ناجي أسحق وفتحي خليفة نائبي رئيس المحكمة وسري صيام وإبراهيم عبد المطلب.

(49)
الطعن رقم 494 لسنة 58 القضائية

(1) إجراءات "إجراءات المحاكمة". حكم "وصف الحكم". محكمة ثاني درجة "الإجراءات أمامها". نقض "ما يجوز الطعن فيه من الأحكام".
وصف الحكم. العبرة فيه بحقيقة الواقع لا بما تذكره المحكمة عنه.
وجوب حضور المتهم بنفسه بجنحة معاقب عليها بالحبس الذي يوجب القانون تنفيذه فور صدور الحكم به. جواز إنابته وكيلاً عنه في الأحوال الأخرى. المادة 237 إجراءات.
استئناف الطاعن وحده للحكم الابتدائي القاضي بمعاقبته بالغرامة وحضور وكيل عنه. أثره: صدور الحكم حضورياً. جواز الطعن فيه بالنقض.
(2) حكم "بيانات حكم الإدانة" "تسبيبه. تسبيب معيب" بلاغ كاذب. مسئولية مدنية.
بيانات حكم الإدانة؟ المادة 310 إجراءات.
ما يشترط لتحقق جريمة البلاغ الكاذب؟
- إغفال حكم الإدانة في جريمة البلاغ الكاذب بيان واقعة الدعوى وعدم استظهاره أركان تلك الجريمة والتدليل على توفراها في حق الطاعن وإلزامه بالتعويض المدني المؤقت دون الإحاطة بأركان المسئولية المدنية. قصور.
1 - لما كان الحكم المطعون فيه، وإن وصف بأنه غيابي، إلا أن العبرة في ذلك هي بحقيقة الواقع، لا بما تذكره المحكمة عنه، وكانت المادة 237 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 170 لسنة 1981 توجب على المتهم بجنحة معاقب عليها بالحبس الذي يوجب القانون تنفيذه، فور صدور الحكم به، الحضور بنفسه أمام المحكمة وأجازت في الأحوال الأخرى أن ينيب وكيلاً عنه، ولما كان الثابت من الحكم الابتدائي الذي استأنفه الطاعن وحده، أنه قضى بتوقيع عقوبة الغرامة عليه، فإنه يجوز له في هذه الحالة إنابة محام في الحضور عنه، لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه حضور محام كوكيل عن الطاعن وأبدى دفاعه في الاتهام المسند إليه، فإن الحكم المطعون فيه يكون في حقيقته حكماً حضورياً، ويجوز من ثم الطعن فيه بالنقض عملاً بالمادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
2 - لما كانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها، والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة حتى يتضح وجه استدلاله بها وسلامة مأخذها تمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة صحة التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم وإلا كان قاصراً، وكان من المقرر قانوناً أنه يشترط لتحقق جريمة البلاغ الكاذب، توافر ركنين هما ثبوت كذب الوقائع المبلغ عنها، وأن يكون الجاني عالماً بكذبها ومنتوياً السوء والإضرار بالمجني عليه، وأن يكون الأمر المبلغ به مما يستوجب عقوبة فاعله، ولو لم تقم دعوى بما أخبر به، وكان الحكم المطعون فيه لم يبين واقعة الدعوى المستوجبة للعقوبة، ولم يستظهر أركان جريمة البلاغ الكاذب - كما هي معرفة به في القانون - ولم يدلل على توافرها في حق الطاعن، كما ألزم الطاعن بالتعويض المدني المؤقت، دون أن يحيط بأركان المسئولية المدنية من خطأ وضرر وعلاقة السببية، فإنه يكون معيباً بالقصور.


الوقائع

أقام المدعون بالحقوق المدنية دعواهم بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح بندر كفر الشيخ ضد الطاعن بوصف أنه أبلغ قسم شرطة..... ضدهم كذباً مع سوء القصد بأنهم شرعوا في قتله بأن أطلقوا عليه أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتله وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه. وطلبوا عقابه بالمادة 305 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدي لهم مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بتغريم المتهم عشرين جنيهاً وإلزامه بأن يؤدي للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. استأنف المحكوم عليه ومحكمة كفر الشيخ الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الحكم المطعون فيه، وإن وصف بأنه غيابي، إلا أن العبرة في ذلك هي بحقيقة الواقع، لا بما تذكره المحكمة عنه، وكانت المادة 237 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 170 لسنة 1981 توجب على المتهم بجنحة معاقب عليها بالحبس الذي يوجب القانون تنفيذه، فور صدور الحكم به، الحضور بنفسه أمام المحكمة وأجازت في الأحوال الأخرى أن ينيب وكيلاً عنه، ولما كان الثابت من الحكم الابتدائي الذي استأنفه الطاعن وحده، أنه قضى بتوقيع عقوبة الغرامة عليه، فإنه يجوز له في هذه الحالة إنابة محام في الحضور عنه، لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه حضور محام كوكيل عن الطاعن وأبدى دفاعه في الاتهام المسند إليه، فإن الحكم المطعون فيه يكون في حقيقته حكماً حضورياً، ويجوز من ثم الطعن فيه بالنقض عملاً بالمادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
ومن حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة البلاغ الكاذب، وقضى بإلزامه بالتعويض المدني المؤقت، قد شابه القصور في التسبيب، ذلك بأنه خلا من بيان واقعة الدعوى المستوجبة للعقوبة، ولم يورد مضمون الأدلة التي استخلص منها ثبوتها في حق الطاعن، ودون أن يستظهر أركان المسئولية المدنية من خطأ وضرر وعلاقة السببية، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم الابتدائي - المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد اقتصر في بيانه لواقعة الدعوى والتدليل على ثبوتها في حق الطاعن على قوله "من حيث إن التهمة المسندة إلى المتهم ثابتة في حقه مما ورد في محضر الضبط من ارتكابه المخالفة بوصف النيابة وتنطبق عليها مواد الاتهام، ومن ثم يتعين معاقبة المتهم بالعقوبة المقررة فيها عملاً بنص المادة 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية". لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها، والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة حتى يتضح وجه استدلاله بها وسلامة مأخذها تمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة صحة التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم وإلا كان قاصراً، وكان من المقرر قانوناً أنه يشترط لتحقق جريمة البلاغ الكاذب، توافر ركنين هما ثبوت كذب الوقائع المبلغ عنها، وأن يكون الجاني عالماً بكذبها ومنتوياً السوء والإضرار بالمجني عليه، وأن يكون الأمر المبلغ به مما يستوجب عقوبة فاعله، ولو لم تقم دعوى بما أخبر به، وكان الحكم المطعون فيه لم يبين واقعة الدعوى المستوجبة للعقوبة، ولم يستظهر أركان جريمة البلاغ الكاذب - كما هي معرفة به في القانون - ولم يدلل على توافرها في حق الطاعن، كما ألزم الطاعن بالتعويض المدني المؤقت، دون أن يحيط بأركان المسئولية المدنية من خطأ وضرر وعلاقة السببية، فإنه يكون معيباً بالقصور الذي يبطله ويوجب نقضه والإعادة، مع إلزام المطعون ضدهم - المدعين بالحقوق المدنية - المصاريف المدنية.