أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 40 - صـ 316

جلسة 22 من فبراير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ناجي أسحق، فتحي خليفة نائبي رئيس المحكمة وسري صيام وإبراهيم عبد المطلب.

(50)
الطعن رقم 496 لسنة 58 القضائية

(1) دعوى مدنية "نظرها والحكم فيها". نقض "ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام".
إغفال المحكمة الجنائية الفصل في الدعوى المدنية. يبقى اختصاصها قائماً بالفصل فيها. عند الرجوع إليها. الطعن في الحكم بالنقض في خصوص ما لم تفصل فيه المحكمة غير جائز.
(2) محاماة. دعوى جنائية "تحريكها". بطلان.
عدم حصول المحامي على الإذن المنصوص عليه في المادة 133 من القانون 61 لسنة 1968. مخالفة مهنية لا تجرد العمل الإجرائي من آثاره القانونية. أساس ذلك؟
(3) دعوى جنائية "سقوط الحق في تحريكها". سب وقذف. دفوع "الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
بدء سريان الميعاد المنصوص عليه في المادة 3/ 2 إجراءات من يوم علم المجني عليه بالجريمة ومرتكبها علماً يقينياً لا ظنياً ولا افتراضياً. المنازعة في تاريخ العلم. جدل موضوعي لا يقبل أمام النقض.
(4) سب وقذف. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
المادة 309 عقوبات. تطبيق لمبدأ حرية الدفاع بالقدر الذي يستلزمه الفصل في موضوع الدعوى.
تقدير ما إذا كانت عبارات السب والقذف مما يستلزمه الدفاع. موضوعي.
(5) سب وقذف. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقديم مذكرة تحوي عبارات تخدش الشرف والاعتبار في دعوى. يتحقق به ركن العلانية في جريمة السب. علة ذلك؟
1 - لما كان الحكم الابتدائي المذكور قد عرض لدعوى الطاعن المدنية المرفوعة منه على المطعون ضده (المدعي بالحقوق المدنية) ورفضها في قوله: "ومتى كان ذلك فإن دعوى المتهم المدنية قبل المدعي بالحق المدني في الدعوى المطروحة والمؤسسة على تعمد الإساءة إليه بغير حق تكون على غير أساس من الواقع والقانون ومن ثم يتعين القضاء برفضها وإلزام رافعها المصروفات"، فإن ما يدعيه الطاعن أن الحكم أغفل الإشارة إلى دعواه المدنية ولم يفصل فيها يكون غير صحيح، هذا فضلاً عن أنه على فرض صحة ما يدعيه الطاعن في هذا الشأن فإن الطرق السوية أمامه هي أن يرجع إلى ذات المحكمة التي نظرت الدعوى وأن يطلب منها الفصل فيما أغفلته، وما دام أنها لم تفصل في شق من الدعوى فإن اختصاصها يكون ما زال باقياً بالنسبة له، ويكون الطعن في الحكم بالنقض في خصوص ما لم تفصل فيه المحكمة غير جائز.
2 - من المقرر أن مخالفة حكم المادة 133 من قانون المحاماة رقم 61 لسنة 1968 والمطبقة على واقعة الدعوى - بفرض حصولها - لا تعدو أن تكون مخالفة مهنية لا تستتبع تجريد العمل الإجرائي من آثاره القانونية، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعن بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية لمرور أكثر من ثلاثة أشهر على تاريخ علم المدعي بالحقوق المدنية بالجريمة وعول في إطراحه على أن علم الأخير بجريمة السب قد تحقق بتقديم المذكرة التي تضمنت عباراته إلى المحكمة بجلسة 23 من فبراير سنة 1980 وأنه أودع صحيفة الادعاء المباشر في 21 من إبريل وأعلنت للطاعن في 5 من مايو من العام ذاته، وكان من المقرر أن علم المجني عليه بالجريمة ومرتكبها الذي يبدأ منه سريان مدة الثلاثة أشهر التي نصت عليها المادة 3/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية - والتي يترتب على مضيها عدم قبول الدعوى - يجب أن يكون علماً يقينياً لا ظنياً ولا افتراضياًًً فلا يجرى الميعاد في حق المجني عليه إلا من اليوم الذي يثبت فيه قيام هذا العلم اليقيني، فإن سائر ما يثيره الطاعن في شأن المنازعة في تاريخ العلم ذاك ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير محكمة الموضوع لهذه الواقعة لا تلتزم بالرد عليه ولا يقبل أمام محكمة النقض.
4 - من المقرر أن حكم المادة 309 من قانون العقوبات ليس إلا تطبيقاً لمبدأ عام هو حرية الدفاع بالقدر الذي يستلزمه، وأن هذا الحق أشد ما يكون ارتباطاً بالضرورة الداعية إليه، وأن الفصل فيما إذا كانت عبارات السب والقذف مما يستلزمه الدفاع متروك لمحكمة الموضوع، وكان ما ساقه الحكم في مقام استخلاصه أن العبارات الواردة بالمذكرة المشار إليها تعد سباً وليست من مستلزمات الدفاع في الدعوى التي قدمت فيها سائغاً وصحيحاً ومتفقاً مع القانون فإن منازعته في هذا الخصوص لا تكون مقبولة.
5 - لما كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه قد استظهر ركن العلانية في قوله "وحيث إن المتهم محام وقدم مذكرته التي تتضمن عبارات القذف والسب للمحكمة واستلم محامي المتهم..... صورتها واطلع عليها ومكتوبة على الآلة الكاتبة واطلع عليها كاتبها كما اطلع عليها كاتب الجلسة وأن المتهم وهو محام لا يجهل تداول المذكرة بين هؤلاء وقاموا بإذاعتها ووقعت الإذاعة بفعله فمن ثم يتعين عقابه بمادتي الاتهام سالفتي البيان" وكان العبارات الواردة بالمذكرة تلك والتي وصفت المدعي بالحقوق المدنية بأنه "كذاب ومزور وجبان ورعديد وأشر" هي عبارات تنطوي على خدش للشرف والاعتبار وقد توافر ركن العلانية قانوناً بتقديم المذكرة للمحكمة وتداولها بين أيدي كاتبها والموظفين المختصين كنتيجة لإيداعها ملف الدعوى، فإن ما يدعيه الطاعن في شأن عدم توافر ركن العلانية يكون على غير سند.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة الجيزة ضد الطاعن بوصف أنه ارتكب جريمة السب العلني على النحو المبين بعريضة الدعوى. وطلب عقابه بالمادتين 306، 171 من قانون العقوبات، وإلزامه بأن يدفع له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. كما ادعى المتهم (الطاعن) مدنياً قبل المدعي بالحقوق المدنية بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت وذلك عن الضرر الذي لحقه بسبب إساءته استعمال حقوق الادعاء المدني، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام بتغريم المتهم خمسين جنيهاً وألزمته بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت، ورفض دعوى المتهم المدنية. استأنف المحكوم عليه ومحكمة الجيزة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض. ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة الجيزة الابتدائية للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى، وألزمت المطعون ضده مصاريف دعواه المدنية ودعوى المتهم الطاعن عليه. ومحكمة الإعادة قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
عارض، وقضى في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه.
فطعن الأستاذ....... المحامي عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية)... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة السب العلني ولم يفصل في دعواه المدنية قد شابه قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع وخطأ في تطبيق القانون وخالف الثابت بالأوراق، ذلك بأنه خلا من بيان تاريخ الواقعة رغم أهميته في تحديد الميعاد الذي حدده القانون لقبول الشكوى، وأغفل الإشارة إلى دعوى الطاعن المدنية ولم يفصل فيها، وأطرح بأسباب غير سائغة دفوعه بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية المرفوعتين ضده بطريق الادعاء المباشر لعدم استئذان نقابة المحامين الفرعية وببطلان صحيفة الدعوى المباشرة أمام محكمة الجنح لتوقيعها من المطعون ضده الأستاذ بكلية الحقوق المقبول أمام محكمة النقض، وبعدم قبول الدعوى الجنائية عن جريمة السب لرفعها بعد الميعاد المقرر قانوناً، وعول في رفض الدفع الأخير على التاريخ الذي ادعى المطعون ضده بعلمه بجريمة السب فيه رغم تناقضه مع الثابت بأوراق الدعوى وعدم تأييده بدليل، والتفت عن تحقيق دفاع الطاعن الجوهري القائم على منازعته في ذلك التاريخ، وعن دفاعه أنه لم يقم بتحرير أو توقيع المذكرة التي تضمنت العبارات المعتبرة سباً وإنما عهد بها إلى محام، وأن العبارات المشار إليها مما يستلزمه الدفاع ولا يتوافر بكتابتها في مذكرة دفاعه ركن العلانية. مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه أنه بين تاريخ واقعة السب العلني التي دان الطاعن بها، وذلك في قوله إن المدعي بالحقوق المدنية تسلم مذكرة محررة بمعرفة المتهم (الطاعن) في القضيتين رقمي.... جنح قسم الجيزة وذلك بجلسة 23 من فبراير سنة 1980 وهي المذكرة المتضمنة للعبارات التي اعتبرها سباً في حقه، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من قصور في بيان تاريخ الواقعة في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المذكور قد عرض لدعوى الطاعن المدنية المرفوعة منه على المطعون ضده (المدعي بالحقوق المدنية) ورفضها في قوله: "ومتى كان ذلك فإن دعوى المتهم المدنية قبل المدعي بالحق المدني في الدعوى المطروحة والمؤسسة على تعمد الإساءة إليه بغير حق تكون على غير أساس من الواقع والقانون ومن ثم يتعين القضاء برفضها وإلزام رافعها المصروفات"، فإن ما يدعيه الطاعن أن الحكم أغفل الإشارة إلى دعواه المدنية ولم يفصل فيها يكون غير صحيح، هذا فضلاً عن أنه على فرض صحة ما يدعيه الطاعن في هذا الشأن فإن الطرق السوية أمامه هي أن يرجع إلى ذات المحكمة التي نظرت الدعوى وأن يطلب منها الفصل فيما أغفلته، وما دام أنها لم تفصل في شق من الدعوى فإن اختصاصها يكون ما زال باقياً بالنسبة له، ويكون الطعن في الحكم بالنقض في خصوص ما لم تفصل فيه المحكمة غير جائز، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعن بعدم قبول الدعويين المدنية والجنائية لعدم حصول المدعي بالحقوق المدنية على إذن من النقابة لتحريكهما وأطرحه، وكان من المقرر أن مخالفة حكم المادة 133 من قانون المحاماة رقم 61 لسنة 1968 والمطبقة على واقعة الدعوى - بفرض حصولها - لا تعدو أن تكون مخالفة مهنية لا تستتبع تجريد العمل الإجرائي من آثاره القانونية، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أطرح دفع الطاعن ببطلان صحيفة الادعاء المباشر لتوقيعها من محام يمتنع عليه مباشرة حقوق المحامين أمام غير محكمة النقض المقيد أمامها وذلك في قوله "وحيث إنه عن الدفع ببطلان صحيفة الادعاء المباشر طبقاً لنص المادة 53 من القانون رقم 61 لسنة 1968 لكون المدعي المدني أستاذاً بكلية الحقوق ومقيداً أمام محكمة النقض فهو فاقد لحقوق المحامين أمام المحكمة الأدنى والمبدى من الدفاع فإن المادة 53 من القانون 61 لسنة 1968 لم ترتب البطلان على مخالفتها ومن ثم كان الدفع في غير محله خليقاً بالرفض" وكان ما أورده الحكم - على السياق المتقدم - يتفق وصحيح القانون، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعن بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية لمرور أكثر من ثلاثة أشهر على تاريخ علم المدعي بالحقوق المدنية بالجريمة وعول في إطراحه على أن علم الأخير بجريمة السب قد تحقق بتقديم المذكرة التي تضمنت عباراته إلى المحكمة بجلسة 23 من فبراير سنة 1980 وأنه أودع صحيفة الادعاء المباشر في 21 من إبريل وأعلنت للطاعن في 5 من مايو من العام ذاته، وكان من المقرر أن علم المجني عليه بالجريمة ومرتكبها الذي يبدأ منه سريان مدة الثلاثة أشهر التي نصت عليها المادة 3/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية - والتي يترتب على مضيها عدم قبول الدعوى - يجب أن يكون علماً يقينياً لا ظنياً ولا افتراضياً فلا يجرى الميعاد في حق المجني عليه إلا من اليوم الذي يثبت فيه قيام هذا العلم اليقيني، فإن سائر ما يثيره الطاعن في شأن المنازعة في تاريخ العلم ذاك ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير محكمة الموضوع لهذه الواقعة لا تلتزم بالرد عليه ولا يقبل أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الثابت من المفردات المضمومة أن المذكرة التي تضمنت وقائع السب المقدمة في جلسة 23 من فبراير سنة 1980 صادرة عن الطاعن وموقعة بتوقيع منسوب إليه، فإن ما يدعيه من أنه عهد بهذه المذكرة إلى محام غيره يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن حكم المادة 309 من قانون العقوبات ليس إلا تطبيقاً لمبدأ عام هو حرية الدفاع بالقدر الذي يستلزمه، وأن هذا الحق أشد ما يكون ارتباطاً بالضرورة الداعية إليه، وأن الفصل فيما إذا كانت عبارات السب والقذف مما يستلزمه الدفاع متروك لمحكمة الموضوع، وكان ما ساقه الحكم في مقام استخلاصه أن العبارات الواردة بالمذكرة المشار إليها تعد سباً وليست من مستلزمات الدفاع في الدعوى التي قدمت فيها سائغاً وصحيحاً ومتفقاً مع القانون فإن منازعته في هذا الخصوص لا تكون مقبولة. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه قد استظهر ركن العلانية في قوله "وحيث إن المتهم محام وقدم مذكرته التي تتضمن عبارات القذف والسب للمحكمة واستلم محامي المتهم...... صورتها واطلع عليها ومكتوبة على الآلة الكاتبة واطلع عليها كاتبها كما اطلع عليها كاتب الجلسة وأن المتهم وهو محام لا يجهل تداول المذكرة بين هؤلاء وقاموا بإذاعتها ووقعت الإذاعة بفعله فمن ثم يتعين عقابه بمادتي الاتهام سالفتي البيان". وكان العبارات الواردة بالمذكرة تلك والتي وصفت المدعي بالحقوق المدنية بأنه "كذاب ومزور وجبان ورعديد وأشر" هي عبارات تنطوي على خدش للشرف والاعتبار وقد توافر ركن العلانية قانوناً بتقديم المذكرة للمحكمة وتداولها بين أيدي كاتبها والموظفين المختصين كنتيجة لإيداعها ملف الدعوى، فإن ما يدعيه الطاعن في شأن عدم توافر ركن العلانية يكون على غير سند. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً عدم قبوله ومصادرة الكفالة مع إلزام الطاعن المصاريف المدنية.