أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 40 - صـ 409

جلسة 16 من مارس سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد رفيق البسطويسي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد أحمد حسن وعبد الوهاب الخياط نائبي رئيس المحكمة وعبد اللطيف أبو النيل وعمار إبراهيم.

(69)
الطعن رقم 8243 لسنة 58 القضائية

(1) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لمحكمة الجنايات أن تورد أقوال الشهود كما تضمنتها قائمة أدلة الإثبات. متى كانت تصلح بذاتها سنداً للإدانة.
(2) قتل عمد. جريمة "أركانها". قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
قصد القتل أمر خفي. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والمظاهر الخارجية التي تنم عنه. استخلاص توافره. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر نية القتل.
(3) جريمة "أركانها". رابطة السببية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قتل عمد.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر علاقة السببية بين إصابات المجني عليها والوفاة.
(4) إثبات "بوجه عام".
لا عبرة بما اشتمل عليه بلاغ الواقعة. أو بما قرره المبلغ بمحضر الشرطة. العبرة بما اطمأنت إليه المحكمة من التحقيقات.
(5) قتل عمد. جريمة "أركانها". قصد جنائي.
اعتبار نشوء نية القتل لدى الجاني إثر مشادة وقتية. جائز.
(6) قتل عمد. جريمة "أركانها". باعث.
الباعث ليس ركناً في الجريمة.
(7) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق المحكمة في الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر. متى رأت أن هذه الأقوال قد صدرت عنه حقيقة وكانت تمثل الواقع في الدعوى.
(8) دعوى مدنية. مسئولية مدنية. ضرر. بطلان "حكم" تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بيان عناصر الضرر الذي قدر على أساسه مبلغ التعويض.
1 - من المقرر أنه لا يوجد في القانون ما يمنع محكمة الجنايات أن تورد في حكمها أقوال شهود الإثبات كما تضمنتها قائمة أدلة الإثبات المقدمة من النيابة العامة، ما دامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة - وهو الحال في الدعوى المطروحة - فإن النعي على حكمها في هذا الصدد - بفرض صحته - يكون على غير سند.
2 - من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان الحكم قد دلل على توافر نية القتل بقوله "...... إن المحكمة تستخلص نية القتل مما هو ثابت في الأوراق من لجوء المتهم إلى استعمال سكين من شأنه إحداث القتل وتسديده إلى مقتل ومن تعدد الطعنات في رقبة المجني عليها وصدرها وملاحقتها بعد خروجها إلى ردهة المنزل ومعاودة طعنها حتى أيقن أنه أزهق روحها كل هذا مما يكشف عن قيام هذه النية بنفس الجاني ويؤكدها أيضاً ما صرح به بعد بلوغه غايته أنه قتل المجني عليها ثم طعن نفسه بعد ذلك" وكان ما أورده الحكم تدليلاً على ثبوت نية القتل في حق الطاعن على السياق المتقدم - سائغاً وكافياً لحمل قضائه، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم يكون على غير أساس.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد التي دان الطاعن بها وأورد مؤدى أقوال شهود الإثبات نقل عن تقرير الصفة التشريحية "أن الإصابات الموصوفة بجثة المجني عليها إصابات طعنية قطعية حيوية حديثة حدثت من إصابة بنصل آلة حادة وهي جائزة الحدوث من مثل السكين التي ضبطت بمكان الحادث وأن السحجات الموصوفة بجثة المجني عليها احتكاكية حيوية حدثت من مرور جسم مدبب على سطح الجلد" واستظهر قيام علاقة السببية بين إصابات القتيلة التي أورد تفصيلها من تقرير الصفة التشريحية وبين وفاتها، أورد من واقع ذلك التقرير قوله "إن وفاة المجني عليها المذكورة حدثت من إصاباتها الطعنية لما أحدثته من قطع بالرئة اليسرى والأوردة الدموية بالعنق وما نتج عن ذلك من نزيف وصدمة" فإنه ينحسر عن الحكم ما يثيره الطاعن من قصور في بيان علاقة السببية بين الاعتداء والوفاة.
4 - لا عبرة بما اشتمل عليه بلاغ الواقعة أو بما قرره المبلغ بمحضر الشرطة مغايراً لما استند إليه الحكم وإنما العبرة بما اطمأنت إليه المحكمة مما استخلصته من التحقيقات.
5 - من المقرر أنه لا مانع قانوناً من اعتبار نية القتل إنما نشأت لدى الجاني إثر مشادة وقتية.
6 - إن الباعث على الجريمة ليس ركناً من أركانها أو عنصراً من عناصرها.
7 - لما كان القانون لا يمنع المحكمة من الأخذ براوية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك الأقوال قد صدرت منه حقيقة وكانت تمثل الواقع في الدعوى - فإن ما يثيره الطاعن في هذا يضحى ولا محل له.
8 - لما كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد التي دان الطاعن بها، وكان هذا البيان يتضمن في ذاته الإحاطة بأركان المسئولية المدنية من خطأ وضرر وعلاقة سببية مما يستوجب الحكم على الطاعن بالتعويض فإنه لا تثريب على المحكمة إذ هي لم تبين عناصر الضرر الذي قدر على أساسه مبلغ التعويض المحكوم به إذ الأمر في ذلك متروك لتقديرها بغير معقب ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قتل زوجته....... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيت النية على قتلها وأعد لهذا الغرض آلة حادة (سكين) وما أن ظفر بها حتى انهال عليها طعناً بالسكين في عنقها وصدرها قاصداً من ذلك إزهاق روحها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها. وأحالته إلى محكمة جنايات طنطا لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعت....... (والدة المجني عليها) مدنياً قبل المتهم بمبلغ 250 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 234/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وبإلزامه بأن يؤدي للمدعية بالحقوق المدنية بمبلغ 250 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت بعد أن عدلت وصف التهمة باستبعاد ظرف سبق الإصرار.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وذلك بأنه لم يبين مضمون الأدلة التي استند إليها في قضائه إذ سردها كما هي واردة بقائمة أدلة الإثبات المقدمة من النيابة العامة، ولم يدلل على توافر نية القتل، وعول في الإدانة على تقرير الصفة التشريحية دون أن يورد مضمونه بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة ودون أن يستظهر رابطة السببية بين موت المجني عليها ووقائع الاعتداء المسندة إلى الطاعن. هذا إلى أن الطاعن أثار بجلسة المحاكة دفاعاً مؤداه أن الواقعة لا تعدو أن تكون ضرباً أفضى إلى موت لانتفاء نية القتل، بدلالة ما جاء ببلاغ الحادث، وما قررته والدة المجني عليها بمحضر الضبط وما ذكره ضابط الواقعة من أنها مشاجرة بين الطاعن وزوجته استل على أثرها سكيناً طعنها بها، كما وأن أياً من شهود الإثبات لم يشاهد الواقعة، إلا أن الحكم لم يعرض لهذا الدفاع إيراداً ورداً رغم جوهريته، وأخيراً فإن الحكم لم يبين أركان المسئولية المدنية عند قضائه في الدعوى المدنية مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومن تقرير الصفة التشريحية وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان لا يوجد في القانون ما يمنع محكمة الجنايات أن تورد في حكمها أقوال شهود الإثبات كما تضمنتها قائمة أدلة الإثبات المقدمة من النيابة العامة، ما دامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة - وهو الحال في الدعوى المطروحة - فإن النعي على حكمها في هذا الصدد - بفرض صحته - يكون على غير سند، لما كان ذلك، وكان
من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية وكان الحكم قد دلل على توافر نية القتل بقوله "..... إن المحكمة تستخلص نية القتل مما هو ثابت في الأوراق من لجوء المتهم إلى استعمال سكين من شأنه إحداث القتل وتسديده إلى مقتل ومن تعدد الطعنات في رقبة المجني عليها وصدرها وملاحقتها بعد خروجها إلى ردهة المنزل ومعاودة طعنها حتى أيقن أنه أزهق روحها كل هذا مما يكشف عن قيام هذه النية بنفس الجاني ويؤكدها أيضاً ما صرح به بعد بلوغه غايته أنه قد قتل المجني عليها ثم طعن نفسه بعد ذلك" وكان ما أورده الحكم تدليلاً على ثبوت نية القتل في حق الطاعن على السياق المتقدم - سائغاً وكافياً لحمل قضائه، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم يكون على غير أساس، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد التي دان الطاعن بها وأورد مؤدى أقوال شهود الإثبات نقل عن تقرير الصفة التشريحية "أن الإصابات الموصوفة بجثة المجني عليها إصابات طعنية قطعية حيوية حديثة حدثت من إصابة بنصل آلة حادة وهي جائزة الحدوث من مثل السكين التي ضبطت بمكان الحادث وأن السحجات الموصوفة بجثة المجني عليها احتكاكية حيوية حدثت من مرور جسم مدبب على سطح الجلد" واستظهر قيام علاقة السببية بين إصابات القتيلة التي أورد تفصيلها من تقرير الصفة التشريحية وبين وفاتها، أورد من واقع ذلك التقرير قوله "إن وفاة المجني عليها المذكورة حدثت من إصاباتها الطعنية لما أحدثته من قطع بالرئة اليسرى والأوردة الدموية بالعنق وما نتج عن ذلك من نزيف وصدمة" فإنه ينحسر عن الحكم ما يثيره الطاعن من قصور بيان علاقة السببية بين الاعتداء والوفاة، هذا إلى أنه لا عبرة بما اشتمل عليه بلاغ الواقعة أو بما قرره المبلغ بمحضر الشرطة مغايراً لما استند إليه الحكم وإنما العبرة بما اطمأنت إليه المحكمة مما استخلصته من التحقيقات، فضلاً عن أنه من المقرر - كذلك أنه لا مانع قانوناً من اعتبار نية القتل إنما نشأت لدى الجاني إثر مشادة وقتية كما أن الباعث على الجريمة ليس ركناً من أركانها أو عنصراً من عناصرها، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص، يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان القانون لا يمنع المحكمة من الأخذ براوية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك الأقوال قد صدرت منه حقيقة وكانت تمثل الواقع في الدعوى - فإن ما يثيره الطاعن في هذا يضحى ولا محل له. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد التي دان الطاعن بها، وكان هذا البيان يتضمن في ذاته الإحاطة بأركان المسئولية المدنية من خطأ وضرر وعلاقة سببية مما يستوجب الحكم على الطاعن بالتعويض فإنه لا تثريب على المحكمة إذ هي لم تبين عناصر الضرر الذي قدر على أساسه مبلغ التعويض المحكوم به إذ الأمر في ذلك متروك لتقديرها بغير معقب ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سند. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن المصاريف المدنية.