أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 40 - صـ 427

جلسة 22 من مارس سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ناجي أسحق وفتحي خليفة نائبي رئيس المحكمة وسري صيام وعلي الصادق عثمان.

(72)
الطعن رقم 4706 لسنة 57 القضائية

(1) محكمة النقض "سلطتها في الرجوع عن أحكامها". نقض "سقوط الطعن". سقوط الطعن.
جواز رجوع محكمة النقض عن حكمها بسقوط الطعن. متى ثبت سقوط التزام الطاعن بالتقدم للتنفيذ قبل إصدار حكمها.
(2) معارضة "نظرها والحكم فيها". إجراءات "إجراءات المحاكمة". إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". شهادة مرضية.
القضاء في المعارضة. صحته رهن بسماع دفاع المعارض. إلا إذا كان تخلفه عن الحضور بغير عذر.
الشهادة المرضية دليل من أدلة الدعوى. خضوعها لتقدير محكمة الموضوع.
إغفال المحكمة التعرض للشهادة الطبية التي تشير إلى المرض الذي تعلل به الطاعن كعذر مانع من الحضور والتفاتها عن التأجيل المبني على هذا العذر. قصور.
1 - لما كان قد سبق لهذه المحكمة، منعقدة في غرفة مشورة، أن قررت بجلسة 26 من أكتوبر سنة 1988 بسقوط الطعن وإلزام الطاعن المصاريف المدنية، وذلك بناء على ما أبدته النيابة العامة من أن الطاعن لم يتقدم لتنفيذ العقوبة المقيدة للحرية المقضى بها عليه إلى يوم الجلسة التي حددت لنظر طعنه، غير أنه تبين بعدئذ أن الطاعن كان قد استشكل في تنفيذ تلك العقوبة وقضى في إشكاله بجلسة 20 من ديسمبر سنة 1986 بوقف التنفيذ مؤقتاً حتى يفصل في الطعن بالنقض، فسقط عنه منذ هذا التاريخ، وقبل صدور القرار بسقوط الطعن، الالتزام بالتقدم للتنفيذ. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين الرجوع في ذلك القرار.
2 - لما كان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أنه لا يصح في القانون الحكم في المعارضة المرفوعة من المتهم عن الحكم الغيابي الصادر بإدانته باعتبارها كأن لم تكن أو برفضها موضوعاً وتأييد الحكم المعارض فيه بغير سماع دفاع المعارض إلا إذا كان تخلفه عن الحضور حاصلاً بغير عذر وأنه إذا كان هذا التخلف يرجع إلى عذر قهري حال دون حضور المعارض الجلسة التي صدر فيها الحكم في المعارضة فإن الحكم يكون غير صحيح لقيام المحاكمة على إجراءات معيبة من شأنها حرمان المعارض من استعمال حقه في الدفاع. ولما كانت الشهادة المرضية لا تخرج عن كونها دليلاً من أدلة الدعوى تخضع لتقدير محكمة الموضوع كسائر الأدلة، فإنه يتعين على المحكمة إذا ما قدمت إليها أن تبدي رأيها فيها بقبولها أو بعدم الاعتداد بها وأن تبني ما تنتهي إليه في هذا الشأن على أسباب سائغة تؤدي إلى ما رتب عليها. لما كان ذلك، وكانت المحكمة لم تعرض في حكمها المطعون فيه للشهادة الطبية التي تشير إلى المرض الذي تعلل به الطاعن كعذر مانع له من الحضور للجلسة، والتفتت عن طلب التأجيل المبني على هذا العذر، فإن الحكم يكون معيباً بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح العطارين ضد الطاعن بوصف أنه: أعطى له بسوء نية شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب. وطلب عقابه بالمادتين 336، 337 من قانون العقوبات، وألزمه بأن يدفع مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة خمسين جنيهاً لإيقاف التنفيذ، وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. استأنف المحكوم عليه، ومحكمة الإسكندرية الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً اعتبارياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
عارض، قضي في معارضته بقبولها شكلاً، وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه.
فطعن الأستاذ....... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
وهذه المحكمة منعقدة في هيئة غرفة مشورة قررت بجلسة 26 من أكتوبر سنة 1988 بسقوط الطعن، وألزمت الطاعن المصاريف المدنية.
وبتاريخ 6 من ديسمبر سنة 1988 تقدم الأستاذ....... المحامي بطلب للرجوع في هذا استناداً إلى أن الحكم المطعون فيه أوقف تنفيذه قبل نظر الطعن لحين الفصل فيه بالنقض وحدد لنظره جلسة اليوم.


المحكمة

من حيث إن سبق لهذه المحكمة، منعقدة في غرفة مشورة، أن قررت بجلسة 26 من أكتوبر سنة 1988 بسقوط الطعن وإلزام الطاعن المصاريف المدنية، وذلك بناء على ما أبدته النيابة العامة أن الطاعن لم يتقدم لتنفيذ العقوبة المقيدة للحرية المقضى بها عليه إلى يوم الجلسة التي حددت لنظر طعنه، غير أنه تبين بعدئذ أن الطاعن كان قد استشكل في تنفيذ تلك العقوبة وقضي في إشكاله بجلسة 20 من ديسمبر سنة 1986 بوقف التنفيذ مؤقتاً حتى يفصل في الطعن بالنقض، فسقط عنه منذ هذا التاريخ، وقبل صدور القرار بسقوط الطعن، الالتزام بالتقدم للتنفيذ. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين الرجوع في ذلك القرار.
ومن حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى في معارضته الاستئنافية بتأييد الحكم المعارض فيه الصادر بإدانته قد شابه قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه لم يتخلف عن حضور الجلسة التي صدر بها الحكم المطعون فيه إلا لسبب قهري هو مرضه الذي قدم وكيله دليله وطلب التأجيل لحضوره، غير أن المحكمة لم تجبه إلى طلبه ولم تحقق عذره أو تتناوله بالرد. مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من محاضر جلسات المعارضة الاستئنافية أن الطاعن تغيب عنها واعتذر الحاضر عنه بمرضه، وبجلسة 26 من يناير سنة 1985 طلب التأجيل لحضوره إلا أن المحكمة أصدرت حكمها المطعون فيه بهذه الجلسة قاضياً في موضوع معارضته برفضها وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه. لما كان ذلك، وكان يبين من الأوراق والمفردات المضمومة أنه وإن كان محضر الجلسة المذكورة قد خلا من إثبات تقديم الشهادة الطبية التي أورد الطاعن في أسباب طعنه أن محاميه قدمها للمحكمة ودلل بها على عذره إلا أن ملف الدعوى قد احتوى على حافظة قدمت للمحكمة بهذه الجلسة تضمنت شهادة طبية تفيد مرض الطاعن وحاجته للراحة التامة مدة شهر اعتباراً من 22 يناير سنة 1985. لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أنه لا يصح في القانون الحكم في المعارضة المرفوعة من المتهم عن الحكم الغيابي الصادر بإدانته باعتبارها كأن لم يكن أو برفضها موضوعاً وتأييد الحكم المعارض فيه بغير سماع دفاع المعارض إلا إذا كان تخلفه عن الحضور حاصلاً بغير عذر وأنه إذا كان هذا التخلف يرجع إلى عذر قهري حال دون حضور المعارض الجلسة التي صدر فيها الحكم في المعارضة فإن الحكم يكون غير صحيح لقيام المحاكمة على إجراءات معيبة من شأنها حرمان المعارض من استعمال حقه في الدفاع. ولما كانت الشهادة المرضية لا تخرج عن كونها دليلاً من أدلة الدعوى تخضع لتقدير محكمة الموضوع كسائر الأدلة، فإنه يتعين على المحكمة إذا ما قدمت إليها أن تبدي رأيها فيها بقبولها أو بعدم الاعتداد بها وأن تبني ما تنتهي إليه في هذا الشأن على أسباب سائغة تؤدي إلى ما رتب عليها. لما كان ذلك، وكانت المحكمة لم تعرض في حكمها المطعون فيه للشهادة الطبية التي تشير إلى المرض الذي تعلل به الطاعن كعذر مانع له من الحضور للجلسة، والتفتت عن طلب التأجيل المبني على هذا العذر، فإن الحكم يكون معيباً بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع متعيناً نقضه والإعادة مع إلزام المطعون ضده "المدعي بالحقوق المدنية" المصاريف المدنية .