مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثامنة والثلاثون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1992 إلى آخر فبراير سنة 1993) - صـ 178

(16)
جلسة 28 من نوفمبر سنة 1992

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد محمود الدكروري - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد مجدي محمد خليل وعلي عوض محمد صالح وحسني سيد محمد وأحمد حمدي الأمير - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 271 لسنة 37 القضائية

( أ ) عاملون مدنيون بالدولة - مدد خبرة عملية سابقة - تعيين - ميعاد الطعن في القرار الصادر بشأنها.
المادة (27) من القانون رقم 47 لسنة 1978 قبل تعديلها بالقانون رقم 115 لسنة 1983. حساب مدة الخبرة العملية السابقة يرتبط بقرار التعيين - إذا صدر قرار التعيين دون استعمال الإدارة سلطتها التقديرية في حساب هذه المدة فإنها تكون قد استنفذت حقها في هذا الشأن - للعامل أن يسلك طريق الطعن على القرار الصادر بتعيينه خلال الميعاد المقرر قانوناً لدعوى الإلغاء - أساس ذلك: أن التفرقة بين دعاوى الإلغاء ودعاوى التسوية تقوم على أساس النظر إلى المصدر الذي يستمد منه العامل حقه - إذا كان هذا الحق مستمداً من القانون مباشرة كانت الدعوى من دعاوى التسوية وكانت القرارات الصادرة من جهة الإدارة في هذا الشأن مجرد إجراءات تنفيذية تهدف إلى تطبيق القانون على حالة العامل - أما إذا استلزم الأمر صدور قرار إداري خاص ينشئ له مركزاً قانونياً ذاتياً كانت الدعوى من دعاوى الإلغاء - تطبيق.
(ب) دعوى - تظلم - ميعاد رفع الدعوى.
في حالة رفض التظلم يتعين إقامة الدعوى خلال ستين يوماً من تاريخ رفض التظلم - استمرار العامل في تقديم العديد من التظلمات والالتماسات ورفضها لا يفتح له مواعيد الطعن من جديد سواء في قرار تعيينه أو القرار المعدل له - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 17/ 12/ 1990 أودع الأستاذ/ عصمت الهواري المحامي بصفته وكيلاً عن سمير طه الدسوقي تقرير طعن قيد بجدول هذه المحكمة برقم 271 لسنة 37 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري دائرة التسويات ( أ ) بجلسة 29/ 10/ 1990 في الدعوى رقم 2313 لسنة 42 ق المقامة من الطاعن ضد المطعون ضدهما والذي قضى بعدم قبول الدعوى شكلاً وإلزام المدعي المصروفات، وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير طعنه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والحكم بإعادة تسوية حالة الطاعن الوظيفية بضم مدة خدمته الفعلية وإعادة تدرج ترقياته وعلاواته على هذا الوضع الجديد مع ما يترتب على ذلك من فروق مالية وآثار مادية وقانونية وإلزامهما بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه مع إلزام الطاعن المصروفات.
ونظر الطعن بدائرة فحص الطعون حيث قررت بجلسة 13/ 7/ 1992 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) وحددت لنظره جلسة 24/ 10/ 1992 وبهذه الجلسة نظرت المحكمة الطعن وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية - ومن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من أوراق الطعن - في أن الطاعن حاصل على بكالوريوس العلوم العسكرية سنة 1960 وعين بالقوات المسلحة بتاريخ 27/ 7/ 1960 وبسبب إصابته أثناء العمليات الحربية صدر قرار بإنهاء خدمته بالقوات المسلحة بتاريخ 2/ 1/ 1980 مع امتداد خدمته حتى 31/ 1/ 1980 وبتاريخ 19/ 5/ 1980 عين بالجهاز المركزي للتنظيم والإدارة بوظيفة أخصائي أمن أول من الدرجة الأولى بأول مربوطها (80 جنيهاً) وذلك بالقرار رقم 353 لسنة 1980 دون مراعاة مدة خدمته السابقة كاملة فتقدم بطلب لحساب هذه المدة وفقاً لحكم المادة 27/ 2 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 فقام الجهاز بإصدار القرار الإداري رقم 485 لسنة 1981 بإرجاع أقدميته في الدرجة الأولى إلى 24/ 2/ 1979 بدلاً من 19/ 5/ 1980 إعمالاً للحكم الوارد في المادة 27/ 2 من القانون رقم 47 لسنة 1978 مع منحه مرتباً قدره 85 جنيهاً اعتباراً من 21/ 5/ 1980 تاريخ استلامه العمل بالجهاز. إذ لم يرض المذكور بهذا القرار لما يراه من أحقيته في حساب مدة خدمته السابقة وكاملة قدرها تسع عشرة سنة وخمسة شهور وتسعة أيام فقد تقدم بعدة تظلمات للجهاز ثم رفضها ومن ثم فقد أقام دعواه رقم 2313 لسنة 42 ق بتاريخ 2/ 2/ 1988 بعد حصوله بتاريخ 5/ 12/ 1987 على حكم بإعفائه من رسوم الدعوى ضد كل من الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة ورئيس مجلس الوزراء وطلب في ختام عريضة دعواه الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإعادة تسوية حالته الوظيفية بضم مدة خبرته الفعلية وإعادة تدرج ترقياته وعلاواته على هذا الوضع الجديد مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية مع إلزام المطعون ضدهما بالمصروفات.
وبجلسة 29/ 10/ 1990 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها الطعين وأقامت قضاءها على أن التكييف الحقيقي لطلبات المدعي هو الطعن في قرار تعيينه رقم 353 لسنة 1980 الصادر في 19/ 5/ 1980 فيما تضمنه من إغفال ضم المدة الزائدة عن مدة الخبرة المطلوبة لشغل الوظيفة المعين عليها ضمن مدة خبرته العملية إذ لا سبيل إلى تحقيق قصده إلا بالطعن في هذا القرار بطلب إلغائه وإذ صدر القرار الطعين في 19/ 5/ 1980 وعلم به المدعي باستلامه العمل بالجهاز في 21/ 5/ 1980 ولم يقم دعواه بطلب إلغائه إلا في 2/ 2/ 1988 بعد فوات الميعاد المقرر قانوناً لذلك قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى شكلاً.
ويقوم الطعن على أن محكمة القضاء الإداري أخطأت في تكييف طلبات الطاعن بأنها طعن على القرار رقم 353 لسنة 1980 الصادر بتعيينه بالجهاز المطعون ضده بتاريخ 19/ 5/ 1980 دون الالتفات إلى دفاع الطاعن بأن هذا القرار قد تم إلغاؤه بالقرار رقم 485 لسنة 1981 الذي أرجع أقدمية الطاعن إلى 24/ 2/ 1979 بناءً على فتوى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع والذي شابه الخطأ وتظلم الطاعن منه ومن ثم فإن القرارين محل الطعن ولا علاقة لهما بموضوع النزاع الحالي المتعلق بتسوية الحالة الوظيفية للطاعن بعد ضم مدة خدمته السابقة وهذه الطلبات لا تخضع لمواعيد سقوط وأنه مع التسليم جدلاً بصحة التكييف الذي انتهت إليه المحكمة بالنسبة لطلبات الطاعن فإن المشرع وإن حدد مواعيد التظلم من القرارات الإدارية فقد استقرت أحكام المحكمة الإدارية العليا على أن إعادة النظر في الموضوع من قبل الجهة الإدارية بناءً على تظلم العامل بقطع مواعيد رفع الطعن ويبدأ ميعاد التظلم أو الطعن من تاريخ صدور الرأي النهائي والثابت من ملف خدمة الطاعن أنه تقدم بالعديد من التظلمات كانت محل بحث الإدارة ومن ثم فإن مدة الستين يوماً لا تسري في مواجهته إلا من تاريخ انتهاء بحث هذه التظلمات وإخطاره بالنتيجة.
ومن حيث إن المادة 27 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 كانت تنص في فقرتها الثانية قبل تعديلها بالقانون رقم 115 لسنة 1983 على أنه "ويجوز بقرار من السلطة المختصة تعيين العامل الذي تزيد مدة خبرته العملية التي تتفق وطبيعة العمل عن المدة المطلوب توافرها لشغل الوظيفة على أساس أن تضاف إلى بداية أجر التعيين عن كل سنة من السنوات الزائدة قيمة علاوة بحد أقصى خمس علاوات من علاوات درجة الوظيفة المعين عليها وبشرط ألا يسبق زميله المعين في ذات الجهة في وظيفة من نفس الدرجة في التاريخ الفرضي لبداية الخبرة المحسوبة سواء من حيث الأقدمية في درجة الوظيفة أو الأجر:
ويبين من النص المذكور أنه يربط حساب مدة الخبرة العملية السابقة على التعيين بقرار التعيين الذي تصدره السلطة المختصة ويجعل ذلك جائزاً لها عند التعيين ومن ثم فإنها بالتعيين دون استعمال هذه السلطة التقديرية تستنفذ حقها في هذا الشأن ويستقر الأمر على مقتضى ذلك يكون سبيل العامل إن كان ثمة إساءة لاستعمال سلطتها أو غمط لحقه دون مبرر أن يسلك طريق الطعن على القرار الصادر بتعيينه خلال الميعاد القانوني المقرر لدعوى الإلغاء وذلك في ضوء ما هو مستقر من أن التفرقة بين دعاوى الإلغاء ودعاوى التسوية تقوم على أساس النظر إلى المصدر الذي يستمد منه العامل حقه، فإن كان هذا الحق مستمداً مباشرة من قاعدة تنظيمية كانت الدعوى من دعاوى التسوية وكانت القرارات الصادرة من جهة الإدارة في هذا الشأن مجرد إجراءات تنفيذية تهدف إلى تطبيق القانون على حالة العامل، أما إذا استلزم الأمر صدور قرار إداري خاص ينشئ له أو يخوله مركزاً قانونياً ذاتياً كانت الدعوى من دعاوى الإلغاء.
ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم على حالة الطاعن فإنه إذ عين بالجهاز المركزي للتنظيم والإدارة بالقرار رقم 353 لسنة 1980 في وظيفة أخصائي أمن أول من الدرجة الأولى بمجموعة وظائف التنمية الإدارية اعتباراً من 19/ 5/ 1980 مع منحه مرتباً مقداره 80 جنيه شهرياً اعتباراً من تاريخ استلامه العمل، فإنه وقد صدر القرار المذكور في ظل العمل بحكم المادة 27/ 2 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة السالف ذكرها وقبل تعديلها بالقانون رقم 115 لسنة 1983 وإذ تراءى للطاعن أن هذا القرار قد غمطه حقه في حساب مدة خبرته العملية السابقة على التعيين كاملة وإذ ثبت علمه بالقرار المذكور بتاريخ 21/ 5/ 1980 تاريخ استلامه العمل بالجهاز، وقد كان يتعين عليه إقامة دعواه بطلب إلغاء القرار المذكور فيما تضمنه من عدم حساب هذه المدة وذلك خلال الميعاد المقرر أما وقد تراخى في إقامة هذه الدعوى حتى 2/ 2/ 1988 فإن دعواه تغدو غير مقبولة شكلاً.
ومن حيث إنه لا يغير مما تقدم ما أشار إليه الطاعن من تظلمه من قرار تعيينه وقيام الجهاز بإصدار قراره رقم 485 لسنة 1981 بإرجاع أقدميته في الدرجة الأولى إلى 24/ 2/ 1979 بدلاً من 19/ 5/ 1980 إعمالاً للحكم الوارد في المادة 27/ 2 من القانون رقم 47 لسنة 1978 من منحه مرتباً قدره 85 جنيهاً اعتباراً من 21/ 5/ 1980 تاريخ استلامه العمل بالجهاز، ولا يغير ذلك مما تقدم باعتبار أن القرار المذكور قد صدر بتاريخ 26/ 7/ 1981 وارتأى الطاعن أنه لا يحقق مراده لاقتصاره على حساب جزء من مدة الخبرة التي يطالب بحسابها وقام بالتالي بالتظلم منه مطالباً بحساب مدة خبرته كاملة فقد كان يتعين عليه أقامه دعواه خلال ستين يوماً من تاريخ رفض الجهاز لهذا التظلم صراحة أو ضمناً وفقا لحكم المادة 24 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 أما استمراره في تقديم العديد من التظلمات والالتماسات فإن رفض الجهاز لهذه التظلمات والالتماسات الجديدة لا يفتح له من جديد مواعيد الطعن في قرار تعيينه أو القرار المعدل له السالف ذكره.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون عليه قد أصاب الحق في النتيجة التي انتهى إليها ومن أجل ذلك يكون الطعن عليه على غير أساس متعيناً رفضه، مع إلزام الطاعن المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.