أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 40 - صـ 482

جلسة 4 من إبريل سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ أحمد محمود هيكل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وطلعت الاكيابى وجابر عبد التواب وأمين عبد العليم.

(80)
الطعن رقم 6770 لسنة 58 القضائية

(1) حكم "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
وجوب بيان الحكم نص القانون الذي حكم بمقتضاه. لم يرسم القانون شكلاً لصياغة هذا البيان.
مثال لتسبيب سائغ.
(2) باعث. تزوير. جريمة "أركانها".
قيام شخص بوضع صورته على بطاقة شخصية صادرة باسم غيره. تزوير. معاقب عليه بالأشغال الشاقة أو السجن. أساس ذلك؟
(3) تزوير. قصد جنائي. محررات رسمية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
القصد الجنائي في جريمة التزوير. تحققه: بتعمد تغيير الحقيقة في محرر تغييراً من شأنه أن يسبب ضرراً وبنية استعمال المحرر فيما غيرت من أجله الحقيقة فيه.
تحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن هذا الركن. لا يلزم. ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل على قيامه.
دفاع الطاعن بأنه وضع صورته على بطاقة المجني عليه ليسهل له مواجهة رجال المرور. دفاع قانوني ظاهر البطلان. عدم تعرض الحكم المطعون فيه لهذا الدفاع. لا يعيبه.
(4) عقوبة "العقوبة المبررة". نقض "المصلحة في الطعن".
عدم جدوى النعي على الحكم بشأن جريمة سرقة سيارة المجني عليه. ما دامت العقوبة الموقعة عليه مبررة لجريمتي التزوير واستعمال محرر مزور الثابتتين قبله.
(5) مسئولية جنائية "الإعفاء منها". أسباب الإباحة وموانع العقاب "موانع العقاب". ظروف مخففة. تزوير. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الظروف المخففة".
الجنون أو عاهة العقل دون غيرهما هما مناط الإعفاء من العقاب. أساس ذلك؟
الحالة النفسية والعصبية تعد من الأعذار القضائية المخففة التي يرجع الأمر فيها لتقدير محكمة الموضوع دون معقب.
(6) وقف التنفيذ. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير العقوبة".
الأمر في إيقاف التنفيذ. كالأمر في تقدير العقوبة. موضوعي.
1 - من المقرر أن المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية وإن أوجبت على الحكم أن يبين نص القانون الذي حكم بمقتضاه إلا أن القانون لم يرسم شكلاً يصوغ فيه الحكم هذا البيان. ولما كان الثابت أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، قد أشار إلى نصوص القانون التي آخذ الطاعن بها بقوله: "مما يتعين معه وعملاً بالمادة 304/ 2 إجراءات جنائية معاقبته بالمواد 211، 212، 214، 317/ 4 عقوبات" فإن ما أورده الحكم يكفي في بيان مواد القانون التي حكم بمقتضاها بما يحقق حكم القانون.
2 - لما كان الشارع قد أضاف بالقانون رقم 9 لسنة 1984 الصادر في 20 من فبراير سنة 1984 المعدل للمادة 211 من قانون العقوبات - الذي حدثت الواقعة في ظله - صورة من صور التزوير في المحررات الرسمية هي وضع صور أشخاص آخرين مزورة، ويستفاد منه ومن نص المادة 212 من قانون العقوبات أن قيام شخص بوضع صورته على البطاقة الشخصية الصادرة باسم غيره بدلاً من صورة صاحبها يعد جناية تزوير في أوراق رسمية عقوبتها الأشغال الشاقة أو السجن مدة لا تزيد عن عشر سنين، فإن الحكم المطعون فيه إذ التزم هذا النظر يكون قد وافق صحيح القانون، ولا ينال من سلامة الحكم ما يثيره الطاعن من أنه وضع صورته على بطاقة المجني عليه ليسهل له مواجهة رجال المرور لأن الباعث لا أثر له على جريمة التزوير.
3 - من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة التزوير إنما يتحقق بتعمد تغيير الحقيقة في محرر تغييراً من شأنه أن يسبب ضرراً وبنية استعمال المحرر فيما غيرت من أجله الحقيقة فيه ولا يلزم التحدث صراحة واستقلالاً في الحكم عن هذا الركن ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل على قيامه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ولا على الحكم إن هو لم يعرض لهذا الدفاع لأنه دفاع قانوني ظاهر البطلان.
4 - لا جدوى لما ينعاه الطاعن بشأن جريمة سرقة سيارة المجني عليه ما دامت العقوبة التي أنزلها به الحكم مبررة بثبوت ارتكاب جريمتي التزوير واستعمال المحرر المزور.
5 - من المقرر أن مناط الإعفاء من العقاب لفقدان الجاني لشعوره واختياره وقت ارتكاب الحادث هو أن يكون سبب هذه الحالة راجعاً على ما تقضي به المادة 62 من قانون العقوبات لجنون أو عاهة في العقل دون غيرهما، وكان المستفاد من دفاع الطاعن أمام المحكمة هو أنه ارتكب جرائمه تحت تأثير ما كان يعانيه من حالة نفسية وعصبية فإن دفاعه على هذه الصورة لا يتحقق به دفع بانعدام المسئولية لجنون أو عاهة في العقل وهما مناط الإعفاء من المسئولية بل هو دفاع لا يعدو أن يكون مقروناً بتوافر عذر قضائي مخفف يرجع مطلق الأمر في إعماله أو إطراحه لتقدير محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض.
6 - من المقرر أن الأمر بإيقاف تنفيذ العقوبة هو كتقدير العقوبة في الحدود المقررة في القانون مما يدخل في حدود سلطة قاضي الموضوع ومن حقه تبعاً لما يراه من ظروف الجريمة وحال مرتكبها أن يأمر بوقف تنفيذ العقوبة التي يحكم بها عليه، وهذا الحق لم يجعل الشارع للمتهم شأناً فيه بل خص به قاضي الموضوع ولم يلزمه باستعماله بل رخص له في ذلك وتركه لمشيئته وما يصير إليه رأيه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: - وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية ارتكب تزويراً في محرر رسمي هو بدل فاقد البطاقة الشخصية رقم....... سجل مدني... والخاصة بـ...... وذلك بنزع صورة صاحبها ووضع صورته بدلاً منها. ثانياً: - استعمل المحرر الرسمي المزور سالف البيان بأن قدمه إلى الرائد....... رئيس مباحث قسم شرطة....... مع علمه بتزويره. ثالثاً: - سرق السيارة رقم....... أجرة القاهرة ورخصة تسييرها والبطاقة الشخصية المبينة بالوصف الأول المملوكة لـ........ وكان ذلك ليلاً. وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة حضورياً عملاً بالمواد 211، 212، 214، 317/ 4 من قانون العقوبات مع تطبيق المادتين 32، 17 من قانون العقوبات والمادة 30 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة ومصادرة الأوراق المزورة المضبوطة لما هو مسند إليه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجرائم التزوير في محرر رسمي واستعماله والسرقة قد شابه البطلان والقصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون. ذلك بأنه خلا من بيان نصوص القانون التي دان الطاعن بموجبها، ولم يرد الحكم على دفاع الطاعن القائم على عدم توافر القصد الجنائي في جريمتي السرقة والتزوير، لأنه أخذ سيارة المجني عليه بقصد التنزه بها وإعادتها وليس بنية تملكها ووضع صورته على بطاقة المجني عليه ليسهل له مواجهة رجال المرور أثناء قيادته السيارة. فضلاً عن أن الحكم لم يعرض للشهادة الطبية المقدمة من الطاعن للتدليل على إصابته بمرض نفسي يوم وقوع الفعل مما يعفيه من المسئولية. كما أن المحكمة لم تأمر بوقف تنفيذ العقوبة وفقاً للمادة 55 من قانون العقوبات. مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله "إنه بتاريخ.... وبينما كان....... يقود سيارة رقم أجرة القاهرة بضاحية..... استوقفه المتهم - الطاعن - ليركب معه، وأمام أحد المحلات طلب منه المتهم شراء علبة سجائر له بعلة عجزه عن ذلك لإصابة قدمه وإحاطتها بالجبس وما أن استجاب لذلك وترك السيارة ليبتاع السجائر حتى فوجئ بالمتهم يستولي على السيارة ويهرب بها، وفي يوم.... ضبط المتهم يعرض هذه السيارة للبيع بثمن بخس، وتبين أنه استولى منها على البطاقة الشخصية لصاحبها ونزع الصورة الفوتوغرافية منها ووضع بدلاً منها صورته هو تمهيداً لبيعها بموجب هذه البطاقة الشخصية المزورة ورخصة السيارة المقيدة باسم صاحب البطاقة..... وذلك بعد أن تمسك أمام الشرطة بالبطاقة المزورة قبل اكتشاف الجريمتين سالفتي الذكر بمناسبة ضبطه حال عرضه السيارة للبيع وقد دلل الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة بما ينتجها من وجوه الأدلة السائغة التي استمدها من أقوال شهود الإثبات وإقرار الطاعن بالتحقيقات. لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية وإن أوجبت على الحكم أن يبين نص القانون الذي حكم بمقتضاه إلا أن القانون لم يرسم شكلاً يصوغ فيه الحكم هذا البيان. ولما كان الثابت أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، قد أشار إلى نصوص القانون التي آخذ الطاعن بها بقوله: "مما يتعين وعملاً بالمادة 304/ 2 إجراءات جنائية معاقبته بالمواد 211، 212، 214، 317/ 4 عقوبات فإن ما أورده الحكم يكفي في بيان مواد القانون التي حكم بمقتضاها بما يحقق حكم القانون. لما كان ذلك، وكان الشارع قد أضاف بالقانون رقم 9 لسنة 1984 الصادر في 20 من فبراير سنة 1984 المعدل للمادة 211 من قانون العقوبات الذي حدثت الواقعة في ظله - صورة من صور التزوير في المحررات الرسمية هي وضع صور أشخاص آخرين مزورة، ويستفاد منه ومن نص المادة 212 من قانون العقوبات أن قيام شخص بوضع صورته على البطاقة الشخصية الصادرة باسم غيره بدلاً من صورة صاحبها يعد جناية تزوير في أوراق رسمية عقوبتها الأشغال الشاقة أو السجن مدة لا تزيد عن عشر سنين، فإن الحكم المطعون فيه إذ التزم هذا النظر يكون قد وافق صحيح القانون، ولا ينال من سلامة الحكم ما يثيره الطاعن من أنه وضع صورته على بطاقة المجني عليه ليسهل له مواجهة رجال المرور لأن الباعث لا أثر له على جريمة التزوير. وأن القصد الجنائي في جريمة التزوير إنما يتحقق بتعمد تغيير الحقيقة في محرر تغييراً من شأنه أن يسبب ضرراً وبنية استعمال المحرر فيما غيرت من أجله الحقيقة فيه ولا يلزم التحدث صراحة واستقلالاً في الحكم عن هذا الركن ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل على قيامه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ولا على الحكم إن هو لم يعرض لهذا الدفاع لأنه دفاع قانوني ظاهر البطلان. لما كان ذلك، وكان لا جدوى لما ينعاه الطاعن بشأن جريمة سرقة سيارة المجني عليه ما دامت العقوبة التي أنزلها به الحكم مبررة بثبوت ارتكاب جريمتي التزوير واستعمال المحرر المزور. لما كان ذلك، وكان مناط الإعفاء من العقاب لفقدان الجاني لشعوره واختياره وقت ارتكاب الحادث هو أن يكون سبب هذه الحالة راجعاً على ما تقضي به المادة 62 من قانون العقوبات لجنون أو عاهة في العقل دون غيرهما، وكان المستفاد من دفاع الطاعن أمام المحكمة هو أنه ارتكب جرائمه تحت تأثير ما كان يعانيه من حالة نفسية وعصبية فإن دفاعه على هذه الصورة لا يتحقق به دفع انعدام المسئولية لجنون أو عاهة في العقل وهما مناط الإعفاء من المسئولية بل هو دفاع لا يعدو أن يكون مقروناً بتوافر عذر قضائي مخفف يرجع مطلق الأمر في إعماله أو إطراحه لتقدير محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض. ومن ثم لا يعيب الحكم عدم رده على هذا الدفاع لما كان ذلك، وكان الأمر بإيقاف تنفيذ العقوبة هو كتقدير العقوبة في الحدود المقررة في القانون مما يدخل في حدود سلطة قاضي الموضوع ومن حقه تبعاً لما يراه من ظروف الجريمة وحال مرتكبها أن يأمر بوقف تنفيذ العقوبة التي يحكم بها عليه، وهذا الحق لم يجعل الشارع للمتهم شأناً فيه بل خص به قاضي الموضوع ولم يلزمه باستعماله بل رخص له في ذلك وتركه لمشيئته وما يصير إليه رأيه، ومن ثم فإن نعي الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.