أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 40 - صـ 491

جلسة 4 من إبريل سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ أحمد محمود هيكل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وطلعت الاكيابى ومحمود إبراهيم عبد العال ومحمود عبد الباري.

(81)
الطعن رقم 152 لسنة 59 القضائية

(1) إعدام. نيابة عامة. نقض "نظر الطعن والحكم فيه".
وظيفة محكمة النقض في شأن الأحكام الصادرة بالإعدام؟
اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام بمجرد عرضها عليها.
(2) مواد مخدرة. جلب. قصد جنائي. جريمة "أركانها".
الجلب في حكم القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون 40 لسنة 1966. معناه؟
(3) مواد مخدرة. قصد جنائي. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
التزام المحكمة بالتحدث استقلالاً عن العلم بالجوهر المخدر. غير لازم. طالما كان ما أوردته في حكمها من وقائع وظروف يكفي للدلالة على توافره.
(4) إثبات "شهود". مواد مخدرة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود. وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم. موضوعي.
(5) مأمورو الضبط القضائي. تفتيش. تهريب جمركي.
حق موظفي الجمارك الذين لهم صفة الضبط القضائي في تفتيش الأشياء والأشخاص داخل الدائرة الجمركية أو في حدود نطاق الرقابة الجمركية. عدم تقيدهم في ذلك - بالنسبة للأشخاص - بقيود القبض والتفتيش المبينة بقانون الإجراءات الجنائية. أساس ذلك؟
كشف موظفي الجمارك حال إجراء التفتيش على دليل يكشف عن جريمة غير جمركية يعاقب عليها في القانون العام. صحة الاستدلال بهذا الدليل أمام المحاكم. لأنه ظهر أثناء إجراء مشروع في ذاته ولم يرتكب في سبيل الحصول عليه أية مخالفة.
(6) مأمورو الضبط القضائي. استدلالات. استجواب.
حق مأمور الضبط القضائي في سؤال المتهم دون استجوابه.
سؤال موظف الجمارك للمتهم بمحضره وإقرار الأخير بالجريمة المسندة إليه. حق المحكمة في التعويل على هذا الإقرار متى اطمأنت إليه.
(7) إجراءات "إجراءات التحقيق" "إجراءات المحاكمة". نيابة عامة الأصل أن تجرى إجراءات المحاكمة باللغة العربية. ما لم تر سلطة التحقيق أو المحاكمة الاستعانة بمترجم. طلب المتهم ذلك يخضع لتقديرها.
لا يعيب إجراءات التحقيق أن تكون الجهة القائمة به قد استعانت بوسيط لتولي ترجمة أقوال المحكوم عليه. تعلق ذلك بظروف التحقيق ومقتضياته وخضوعه دائماً لتقدير من يباشره. طالما أن المحكوم عليه لم يذهب إلى أن أقواله قد نقلت على غير حقيقتها.
العبرة في الأحكام. بالإجراءات والتحقيقات التي تجريها المحكمة. تعييب التحقيق السابق على المحاكمة. غير جائز.
(8) محكمة النقض "سلطتها".
حق محكمة النقض في نقض الحكم من تلقاء نفسها لمصلحة المتهم. أساس ذلك؟
(9) مواد مخدرة. جلب. تهريب جمركي. ارتباط. عقوبة "تطبيقها" "عقوبة الجرائم المرتبطة" "عقوبة الجريمة الأشد". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
مناط تطبيق كل من فقرتي المادة 32 عقوبات وأثر التفرقة بينهما في تحديد العقوبة؟
قضاء الحكم بإلزام المحكوم عليه بعقوبة التعويض الجمركي المقرر لجريمة الشروع في التهريب بالإضافة إلى ما قضى به من العقوبة المقررة لجريمة الجلب. خطأ في القانون. أساس ذلك؟
(10) إعدام. جلب. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الحكم الصادر بالإعدام. ما يلزم لإقراره؟
1 - لما كانت النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي فيها عرض القضية في ميعاد الأربعين يوماً المبين بالمادة 34 من القانون ذاته، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين - من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
2 - من المقرر أن القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 إذ عاقب في المادة 33 منه على جلب المواد المخدرة فقد دل على أن المراد بجلب المخدر هو استيراده بالذات أو بالواسطة ملحوظاً في ذلك طرحه وتداوله بين الناس سواء أكان الجالب قد استورده لحساب نفسه أم لحساب غيره متى تجاوز بفعله الخط الجمركي قصداً من الشارع إلى القضاء على انتشار المخدرات في المجتمع الدولي، وهذا المعنى يلابس الفعل المادي المكون للجريمة ولا يحتاج في تقريره إلى بيان ولا يلزم الحكم أن يتحدث عنه على استقلال إلا إذا كان الجوهر المجلوب لا يفيض عن حاجة الشخص أو استعماله الشخصي أو دفع المتهم بقيام قصد التعاطي أو لدى من نقل المخدر لحسابه وكان ظاهر الحال من ظروف الدعوى وملابساتها تشهد له. يدل على ذلك فوق دلالة المعني اللغوي والاصطلاحي للفظ الجلب أن المشرع نفسه لم يقرن نصه على الجلب بالإشارة إلى القصد منه بعكس ما استنه في الحيازة أو الإحراز لأن ذلك يكون ترديداً للمعنى المتضمن في الفعل مما يتنزه عنه الشارع إذ الجلب بطبيعته لا يقبل تفاوت القصود ولا كذلك حيازة المخدر أو إحرازه.
3 - من المقرر أن المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن العلم بجوهر المخدر طالما كان ما أوردته في حكمها من وقائع وظروف يكفي للدلالة على توافره.
4 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، وكان الحكم قد اطمأن إلى أقوال شهود الإثبات في الدعوى والتي دلت على أن الحقيبة المضبوط بها المخدر من أمتعة المحكوم عليه فإن في ذلك ما يكفي رداً على دفاعه الثابت بمحضر جلسة المحاكمة والقائم على انتفاء صلته بالحقيبة المضبوطة، هذا فضلاً عن أنه لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً يستفاد الرد عليه من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم واطمأن إليها.
5 - لما كان البين من استقراء نصوص المواد من 26 إلى 30 من القانون رقم 66 لسنة 1963 بإصدار قانون الجمارك أن الشارع منح موظفي الجمارك الذين أسبغت عليهم القوانين صفة الضبط القضائي في أثناء قيامهم بتأدية وظائفهم حق تفتيش الأماكن والأشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية، أو في حدود نطاق الرقابة الجمركية، إذ قامت لديهم دواعي الشك في البضائع والأمتعة أو مظنة التهريب فيمن يوجدون بداخل تلك المناطق وأن الشارع بالنظر إلى طبيعة التهريب الجمركي وصلته المباشرة بصالح الخزانة العامة ومواردها أو بمدى الاحترام الواجب للقيود المنظمة للاستيراد والتصدير لم يتطلب بالنسبة للأشخاص توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية أو اشتراط وجود المراد تفتيشه في إحدى الحالات المقررة في نطاق الفهم القانوني للمبادئ المقررة في القانون المذكور بل يكفي أن يقوم لدى الموظف المنوط بالمراقبة والتفتيش في تلك المناطق حالة تنم عن شبهة توافر التهريب الجمركي فيها في الحدود المعرف بها في القانون حتى يثبت له حق الكشف عنها، فإذا هو عثر أثناء التفتيش الذي تجريه على دليل يكشف عن جريمة غير جمركية معاقب عليها في القانون العام فإنه يصح الاستدلال بهذا الدليل أمام المحاكم في تلك الجريمة لأنه ظهر أثناء إجراء مشروع في ذاته ولم ترتكب في سبيل الحصول عليه أية مخالفة، وإذ كان الثابت من مدونات الحكم والرد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش - على نحو ما سلف بيانه - أن واقعة ضبط المحكوم عليه باشرها مأمور جمرك الركاب بميناء...... ورؤساؤهم ومساعدوهم، وهم من يملكون حق التفتيش طبقاً لمواد قانون الجمارك المتقدم ذكرها وقرار وزير الخزانة رقم 71 لسنة 1963 وذلك إثر اشتباههم في أمره أثناء إنهاء الإجراءات الجمركية معه، فإن إجراءات القبض والتفتيش تكون صحيحة ومتفقة مع القانون ويكون دفاع المحكوم عليه بشأنها غير سديد.
6 - من المقرر طبقاً لنص المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية أن لمأمور الضبط القضائي أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة إليه دون أن يستجوبه تفصيلاً وأن يثبت في محضره ما يجيب به المتهم بما في ذلك اعترافه بالتهمة ويكون هذا المحضر عنصراً من عناصر الدعوى تحقق النيابة ما ترى وجوب تحقيقه منه وللمحكمة أن تستند في حكمها إلى ما ورد به ما دام قد عرض مع أوراق الدعوى على بساط البحث والتحقيق أمامها بالجلسة.
7 - الأصل أن تجرى المحاكمة باللغة الرسمية للدولة - وهي اللغة العربية - ما لم يتعذر على إحدى سلطتي التحقيق أو المحاكمة مباشرة إجراءات التحقيق دون الاستعانة بوسيط يقوم بالترجمة أو يطلب منها المتهم ذلك ويكون طلبه خاضعاً لتقديرها فإنه لا يعيب إجراءات التحقيق أن تكون الجهة القائمة به قد استعانت بوسيط تولى ترجمة أقوال المحكوم عليه من الانجليزية إلى العربية إذ هو متعلق بظروف التحقيق ومقتضياته خاضع دائماً لتقدير من يباشره. وإذ كان المحكوم عليه لم يذهب إلى أن أقواله قد نقلت على غير حقيقتها نتيجة الاستعانة بوسيط فإن ما أثاره من تعييب لهذه الإجراءات يكون غير سديد. هذا فضلاً عن أن ما يثيره المحكوم عليه في هذا الشأن لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة بما لا يصلح أن يكون سبباً للطعن على الحكم، إذ العبرة في الأحكام هي بإجراءات المحاكمة وبالتحقيقات التي تحصل أمام المحكمة.
8 - من المقرر أن الفقرة الثانية من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض تخول هذه المحكمة أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت فيه أنه مبني على مخالفة القانون أو على خطأ في تطبيقه أو في تأويله.
9 - لما كانت المادة 32 من قانون العقوبات إذ نصت في فقرتها الأولى على أنه "إذا كون الفعل الواحد جرائم متعددة وجب اعتبار الجريمة التي عقوبتها أشد والحكم بعقوبتها دون غيرها. فقد دلت بصريح عبارتها على أنه في الحالة التي يكون فيها للفعل الواحد عدة أوصاف يجب اعتبار الجريمة التي تمخض عنها الوصف أو التكييف القانوني الأشد للفعل والحكم بعقوبتها وحدها دون غيرها من الجرائم التي قد تتمخض عنها الأوصاف الأخف والتي لا قيام لها البتة مع قيام الجريمة ذات الوصف الأشد، إذ يعتبر الجاني كأن لم يرتكب هذه الجريمة الأخيرة وذلك على خلاف حالة التعدد الحقيقي للجرائم المرتبطة ارتباطاً لا يقبل التجزئة التي اختصت بها الفقرة الثانية من المادة 32 سالفة الذكر، إذ لا أثر لاستبعاد العقوبات الأصلية للجرائم الأخف في وجوب الحكم بالعقوبات التكميلية المتعلقة بهذه الجرائم ضرورة أن العقوبة التكميلية إنما تتعلق بطبيعة الجريمة ذاتها لا بعقوبتها، يؤكد هذا النظر صيغة الفقرتين إذ أردف الشارع عبارة "الحكم بعقوبة الجريمة الأشد" بعبارة "دون غيرها" في الفقرة الأولى الخاصة بالتعدد المعنوي بينما أسقط تلك العبارة في الفقرة الثانية الخاصة بالتعدد الحقيقي ولو كان مراده التسوية بينهما في الحكم لجرت صياغتهما بعبارة واحدة وعلى نسق واحد ولما كانت ثمة حاجة إلى فقرة لكيلهما. لما كان ذلك، وكان الفعل الذي قارفه المحكوم عليه يتداوله وصفان قانونيان جلب جوهر مخدر دون الحصول على ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة والشروع في تهريب هذا المخدر بالعمل على إخفائه عن أعين السلطات الجمركية المختصة بقصد التخلص من سداد ما استحق عليه من رسوم جمركية مما يقتضي إعمالاً لنص الفقرة الأولى من المادة 32 من قانون العقوبات اعتبار الجريمة التي تمخض عنها الوصف الأشد وهي جريمة جلب المخدر والحكم بعقوبتها المنصوص عليها في المادتين 33/ أ، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها دون عقوبة الشروع في التهريب الجمركي المنصوص عليها في المادة 122 من قانون الجمارك الصادر بقرار رئيس الجمهورية رقم 66 لسنة 1963 أصلية كانت أو تكميلية، فإن الحكم المطروح إذ انتهى إلى القضاء بإلزام المحكوم عليه بعقوبة التعويض الجمركي المقررة لجريمة الشروع في التهريب بالإضافة إلى ما قضى به من العقوبة المقررة لجريمة الجلب ورغم إثباته في مدوناته إعمال حكم المادة 32 من قانون العقوبات يكون قد خلق عقوبة جديدة مستمدة من الجمع بين العقوبة المقررة للجريمتين وليس تطبيقاً لأشدها مما لا سند له من القانون وبما يتنافر مع نص الفقرة الأولى من المادة 32 سالفة الذكر وهو ما يكون معه قد أخطأ في تأويل القانون وفي تطبيقه بما يوجب تصحيحه بإلغاء ما قضى به من تعويض جمركي.
10 - لما كان الحكم المطروح قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة جلب المخدر التي دين المحكوم عليه بالإعدام بها وساق عليها أدلة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً للمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية، وجاء خلواً من قالة مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وقد صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغاير ما انتهى إليه هذا الحكم، ومن ثم يتعين مع قبول عرض النيابة إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه (1) جلب لداخل جمهورية مصر العربية جوهراً مخدراً (هيروين) دون الحصول على ترخيص كتابي بذلك من الجهة الإدارية المختصة. (2) شرع في تهريب البضائع المبينة الوصف بالأوراق بأن أدخلها للبلاد بطريقة غير شرعية بالمخالفة للنظم والقواعد الخاصة بها باعتبارها من البضائع الأجنبية الممنوع استيرادها بأن أخفاها عن أعين السلطات الجمركية المختصة بقصد التهرب من أداء الضرائب والرسوم الجمركية المستحقة عليها وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو ضبطه والجريمة متلبس بها. وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قررت إحالة الأوراق إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي وحددت جلسة...... للنطق بالحكم.
وبالجلسة المحددة قضت حضورياً وبإجماع الآراء عملاً بالمواد 1، 2، 3، 33/ أ، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند رقم 103 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول المعدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 والمواد 5، 13، 28، 30، 121، 122، 124، 124 مكرراً من القانون رقم 66 لسنة 1963 المعدل بالقانون 75 لسنة 1980 والمواد 32 ، 45، 47 من قانون العقوبات أولاً: - بمعاقبة المتهم بالإعدام وبتغريمه ثلاثة آلاف جنيه. ثانياً: - بإلزامه بأن يؤدي إلى مصلحة الجمارك مبلغ 361900.720 جنيه. ثالثاً: - مصادرة الجوهر المخدر المضبوط.
فعرضت النيابة العامة القضية على هذه المحكمة مشفوعة بمذكرة برأيها طلبت فيها إقرار الحكم.


المحكمة

ومن حيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي فيها عرض القضية في ميعاد الأربعين يوماً المبين بالمادة 34 من القانون ذاته، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين - من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
ومن حيث إن الحكم المعروض فيه بين واقعة الدعوى بقوله "إنه بتاريخ....... وصلت طائرة شركة مصر للطيران قادمة من كراتشي إلى ميناء القاهرة الجوي وكان من بين ركابها...... وأثناء مروره بالخط الأخضر بصالة الوصول رقم 2 لإنهاء الإجراءات الجمركية على أمتعته المكونة من شنطة سمسونيت كبيرة بنية اللون وطلب من....... المأمور إنهاء إجراءاته الجمركية وقدم له جواز سفره رقم...... فطلب من المساعد الإداري بالجمرك...... تفتيش الراكب، وتفتيش الحقيبة اشتبه الاثنان في قاعها لاحتمال وجود جيب سحري بها، وعرضا الأمر على....... مدير إدارة الجمرك الذي أمر بتشكيل لجنة من...... و...... و...... لكسر الحقيبة وتفتيش ما بها وتم ذلك فعثر بقاعها على الجيب السحري به أربعة أكياس، وأربعة أكياس أخرى بغطاء الحقيبة والأكياس بها مادة بيج اللون تشبه الهيروين وتم وزن المخدر بالأكياس فبلغ 2.350 كيلو جرام على ميزان غير حساس وتحرر محضر بالواقعة وبمواجهة المتهم بالمضبوطات فأقر بحيازتها وأن أربعة أشخاص باكستانيين أعطوه خمسمائة دولار مصاريف السفر لكي يوصل هذه الشنطة للقاهرة في فندق الليدو وبمجرد تسليم الحقيبة سيتم استلامه خمسة ألاف دولار". وقد ساق الحكم على ثبوت هذه الواقعة أدلة مستمدة مما شهد به........ رئيس قسم الركاب بميناء القاهرة الجوي و........ مساعد إداري بجمرك الركاب بميناء القاهرة الجوي و....... مأمور جمرك الركاب بميناء القاهرة الجوي و...... مساعد إداري بجمرك الركاب بميناء القاهرة الجوي وما أورده تقرير المعامل الكيماوية وحصل الحكم مؤدى هذه الأدلة تحصيلاً سليما له أصله الثابت في الأوراق - وعلى ما تبين من الاطلاع على المفردات - ثم خلص إلى إدانة المتهم بجناية جلب جوهر مخدر الهيروين إلى داخل جمهورية مصر العربية دون الحصول على ترخيص كتابي بذلك من الجهة الإدارية المختصة وجنحة الشروع في تهريب المخدر سالف الذكر بأن أدخلها إلى البلاد بطريقة غير مشروعة بالمخالفة للنظم والقواعد الخاصة بها باعتبارها من البضائع الأجنبية الممنوع استيرادها بأن أخفاها عن أعين السلطات الجمركية المختصة بقصد التهرب من أداء الضرائب والرسوم الجمركية المستحقة عليها وأوقف أثر الجريمة بسبب لا دخل لإرادته فيه وهو ضبطه والجريمة متلبس بها وأنزل عليه العقاب المنصوص عليه في المواد 1، 2، 33/ أ، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند رقم 103 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول المعدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 والمواد 5، 13، 28، 30، 121، 122، 124، 124 مكرراً من القانون رقم 66 المعدل بالقانون رقم 75 لسنة 1980 والمواد 32، 45، 47، عقوبات، لما كان ذلك وكان من المقرر أن القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 إذ عاقب في المادة 33 منه على جلب المواد المخدرة فقد دل على أن المراد بجلب المخدر هو استيراده بالذات أو بالوساطة ملحوظاً في ذلك طرحه وتداوله بين الناس سواء أكان الجالب قد استورده لحساب نفسه أو لحساب غيره متى تجاوز بفعله الخط الجمركي قصداً من الشارع إلى القضاء على انتشار المخدرات في المجتمع الدولي، وهذا المعنى يلابس الفعل المكون للجريمة ولا يحتاج في تقريره إلى بيان ولا يلزم الحكم أن يتحدث عنه على استقلال إلا إذا كان الجوهر المجلوب لا يفيض عن حاجة الشخص أو استعماله الشخصي أو دفع المتهم بقيام قصد التعاطي لديه أو لدى من نقل المخدر لحسابه وكان ظاهر الحال من ظروف الدعوى وملابساتها تشهد له. يدل على ذلك فوق دلالة المعنى اللغوي والاصطلاحي للفظ الجلب أو المشرع نفسه لم يقرن نصه على الجلب بالإشارة إلى القصد منه بعكس ما استنه في الحيازة أو الإحراز لأن ذلك يكون ترديداً للمعنى المتضمن في الفعل مما يتنزه عنه الشارع إذ الجلب بطبيعته لا يقبل تفاوت القصود ولا كذلك حيازة المخدر أو إحرازه. وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن المخدر المجلوب 2.350 كيلو جراماً من مخدر الهيروين أخفاه الطاعن في مخبأين داخل حقيبة ودخل به ميناء القاهرة الجوي قادماً من كراتشي، فإن ما أثبته الحكم من ذلك هو الجلب بعينه كما هو معرف به في القانون بما يتضمنه من طرح الجوهر في التعامل. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون. لما كان ذلك، وكان الحكم قد استظهر علم الطاعن بوجود المخدر داخل المخبأين بالحقيبة بقوله "وحيث إنه عن علم المتهم بأن ما يحمله مخدر فإن هذا العلم ثابت في حقه، ذلك أن هذه المادة قد ضبطت في قاعين سحريين في قاع الحقيبة وغطائها وأن وزن الحقيبة كان ثقيلاً وهي فارغة ودلالة علمه أنه ارتبك وأصبح لا يركز عندما تم تشكيل لجنة لكسر القاع والغطاء فضلاً عن ذلك ما ذكره المتهم في معرض دفاعه حال ضبطه في محضر الضبط الذي وقع عليه أن أربعة أشخاص أعطوه تلك الحقيبة مقابل خمسمائة دولار لتوصيلها إلى القاهرة إلى فندق الليدو وأنه بعد توصليها سيتقاضى مبلغ خمسة آلاف دولار كل ذلك يقطع بأن هذا المتهم ما قصد إلا إلى تهريب هذه المادة عبر الحدود وأنه كان يعلم تمام العلم بكنه ما يحمله والذي جعل له مبلغ خمسمائة دولار مقدماً أخذها وقبضها وخمسة آلاف دولار عند التسليم كل هذا المال مقابل تسليم شنطة سمسونيت فهذا يقطع أيضاً أنه كان يعلم أن هذا المبلغ الكبير لقاء نقل المخدر وتهريبه وجلبه داخل الشنطة إلى الأراضي المصرية". وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن العلم بجوهر المخدر طالما كان ما أوردته في حكمها من وقائع وظروف يكفي للدلالة على توافره، وكان الحكم قد دلل تدليلاً سائغاً على النحو المتقدم على أن المحكوم عليه كان يعلم بما يحويه المخبأين السريين في الحقيبة الخاصة به، فإن الحكم يكون قد رد على دفاع المحكوم عليه بانتفاء هذا العلم بما يرخصه ما دام هذا الذي استخلصه الحكم لا يخرج عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، وكان الحكم قد اطمأن إلى أقوال شهود الإثبات في الدعوى والتي دلت على أن الحقيبة المضبوط بها المخدر من أمتعة المحكوم عليه فإن في ذلك ما يكفي رداً على دفاعه الثابت بمحضر جلسة المحاكمة والقائم على انتفاء صلته بالحقيبة المضبوطة، هذا فضلاً عن أنه لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً يستفاد الرد عليه من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم واطمأن إليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما أثاره الدفاع بجلسة المحاكمة من بطلان الإجراءات ورد عليه بقوله "إن الإجراءات كانت سلمية وقانونية ومشروعة ذلك أن رجال الجمارك لهم الحق في تفتيش الركاب وأمتعتهم داخل الدائرة الجمركية وهو ما حدث فعلاً" وما أورده الحكم على النحو المتقدم سليماً ويتفق وصحيح القانون. ذلك أن البين من استقراء نصوص المواد من 26 إلى 30 من القانون رقم 66 لسنة 1963 بإصدار قانون الجمارك أن الشارع منح موظفي الجمارك الذين أسبغت عليهم القوانين صفة الضبط القضائي في أثناء قيامهم بتأدية وظائفهم حق تفتيش الأماكن والأشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية، أو في حدود نطاق الرقابة الجمركية، إذ قامت لديهم دواعي الشك في البضائع والأمتعة أو مظنة التهريب فيمن يوجدون بداخل تلك المناطق وأن الشارع بالنظر إلى طبيعة التهريب الجمركي وصلته المباشرة بصالح الخزانة العامة ومواردها أو بمدى الاحترام الواجب للقيود المنظمة للاستيراد والتصدير لم يتطلب بالنسبة للأشخاص توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية أو اشتراط وجود المراد تفتيشه في إحدى الحالات المقررة في نطاق الفهم القانوني للمبادئ المقررة في القانون المذكور بل يكفي أن يقوم لدى الموظف المنوط بالمراقبة والتفتيش في تلك المناطق حالة تنم عن شبهة توافر التهريب الجمركي فيها في الحدود المعرف بها في القانون حتى يثبت له حق الكشف عنها، فإذا هو عثر أثناء التفتيش الذي يجريه على دليل يكشف عن جريمة غير جمركية معاقب عليها في القانون العام فإنه يصح الاستدلال بهذا الدليل أمام المحاكم في تلك الجريمة لأنه ظهر أثناء إجراء مشروع في ذاته ولم ترتكب في سبيل الحصول عليه أية مخالفة، وإذ كان الثابت من مدونات الحكم والرد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش - على نحو ما سلف بيانه أن واقعة ضبط المحكوم عليه باشرها مأمور جمرك الركاب بميناء القاهرة ورؤساؤهم ومساعدوهم، وهم من يملكون حق التفتيش طبقاً لمواد قانون الجمارك المتقدم ذكرها وقرار وزير الخزانة رقم 71 لسنة 1963 وذلك إثر اشتباههم في أمره أثناء إنهاء الإجراءات الجمركية معه، فإن إجراءات القبض والتفتيش تكون صحيحة ومتفقة مع القانون ويكون دفاع المحكوم عليه بشأنها غير سديد. لما كان ذلك، وكان المدافع عن المحكوم عليه قد أثار بجلسة المحاكمة دفعاً ببطلان الإجراءات تأسيساً على أن المحكوم عليه قبض عليه يوم 16/ 3/ 1987 ولم يعرض على النيابة إلا في 18/ 3/ 1987 وقد رد الحكم على هذا الدفع بأن الإجراءات كانت سليمة وقانونية ومشروعة، ولما كان الثابت من المفردات المضمومة أن المحكوم عليه ضبط يوم 16/ 3/ 1987 وعرض على النيابة العامة يوم 17/ 3/ 1987 وليس يوم 18/ 3/ 1987 كما زعم المدافع عن المحكوم عليه - وأن النيابة العامة هي التي أمرت بحجزه لليوم التالي لعدم وجود مترجم ثم أجرت التحقيق معه في الميعاد الذي حددته، ومن ثم فإن ما أثاره الدفاع في هذا الخصوص يكون على غير أساس. هذا فضلاً عن أن هذا الإجراء لم يسفر عن دليل عول عليه الحكم في قضائه. لما كان ذلك، وكان من المقرر طبقاً لنص المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية أن لمأمور الضبط القضائي أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة إليه دون أن يستجوبه تفصيلاً وأن يثبت في محضره ما يجيب به المتهم بما في ذلك اعترافه بالتهمة ويكون هذا المحضر عنصراً من عناصر الدعوى تحقق النيابة ما ترى وجوب تحقيقه منه وللمحكمة أن تستند في حكمها إلى ما ورد به ما دام قد عرض مع أوراق الدعوى على بساط البحث والتحقيق أمامها بالجلسة. وإذ كان الثابت من مطالعة المفردات أن رئيس قسم الوصول بجمرك ميناء القاهرة الجوي بصالة رقم 2 - وهو من مأموري الضبط القضائي. قد أثبت في محضره إقرار المحكوم عليه بحيازته للحقيبة التي ضبط بها المخدر والتي تسلمها من أربعة باكستانيين في باكستان لتوصيلها إلى القاهرة بفندق ليدو مقابل خمسمائة دولار مصاريف للسفر، وخمسة آلاف بمجرد تسليم الحقيبة، فإنه لا تثريب على مأمور الضبط القضائي أن أثبت هذا الإقرار في محضره دون أن يستوجب المحكوم عليه تفصيلاً، وللمحكمة أن تعول عليه في حكمها ما دامت قد اطمأنت إليه ومن ثم يكون ما يثيره الدفاع عن المحكوم عليه بجلسة المحاكمة من بطلان في الإجراءات يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الأصل أن تجرى المحاكمة باللغة الرسمية للدولة - وهي اللغة العربية - ما لم يتعذر على إحدى سلطتي التحقيق أو المحاكمة مباشرة إجراءات التحقيق دون الاستعانة بوسيط يقوم بالترجمة أو يطلب منها المتهم ذلك ويكون طلبه خاضعاً لتقديرها فإنه لا يعيب إجراءات التحقيق أن تكون الجهة القائمة به قد استعانت بوسيط تولى ترجمة أقوال المحكوم عليه من الانجليزية إلى العربية إذ هو متعلق بظروف التحقيق ومقتضياته خاضع دائماً لتقدير من يباشره، وإذ كان المحكوم عليه لم يذهب إلى أن أقواله قد نقلت على غير حقيقتها نتيجة الاستعانة بوسيط فإن ما أثاره من تعييب لهذه الإجراءات يكون غير سديد. هذا فضلاً عن أن ما يثيره المحكوم عليه في هذا الشأن لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة بما لا يصلح أن يكون سبباً للطعن على الحكم، إذ العبرة في الأحكام هي بإجراءات المحاكمة وبالتحقيقات التي تحصل أمام المحكمة.
لما كان ذلك، وكانت باقي أوجه الدفاع التي أثارها المحكوم عليه تعتبر من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً صريحاً من المحكمة بل الرد يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ومن ثم فلا وجه للنعي على الحكم في هذا الخصوص. لما كان ذلك، وكانت النيابة العامة في مذكرتها بعرض القضية قد طلبت مع إقرار الحكم بإعدام المحكوم عليه، تصحيحه بإلغاء ما قضى به من تعويض لمصلحة الجمارك، ولما كان هذا الطلب في محله، كما أن الفقرة الثانية من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض تخول هذه المحكمة أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت فيه أنه مبني على مخالفة القانون أو على خطأ في تطبيقه أو في تأويله. لما كان ذلك، وكانت المادة 32 من قانون العقوبات إذ نصت في فقرتها الأولى على أنه "إذا كون الفعل الواحد جرائم متعددة وجب اعتبار الجريمة التي عقوبتها أشد والحكم بعقوبتها دون غيرها". فقد دلت بصريح عبارتها على أنه في الحالة التي يكون فيها للفعل الواحد عدة أوصاف يجب اعتبار الجريمة التي تمخض عنها الوصف أو التكييف القانوني الأشد للفعل والحكم بعقوبتها وحدها دون غيرها من الجرائم التي قد تتمخض عنها الأوصاف الأخف والتي لا قيام لها البتة مع قيام الجريمة ذات الوصف الأشد، إذ يعتبر الجاني كأن لم يرتكب هذه الجريمة الأخيرة، وذلك على خلاف حالة التعدد الحقيقي للجرائم المرتبطة ارتباطاً لا يقبل التجزئة التي اختصت بها الفقرة الثانية من المادة 32 سالفة الذكر، إذ لا أثر لاستبعاد العقوبات الأصلية للجرائم الأخف في وجوب الحكم بالعقوبات التكميلية المتعلقة بهذه الجرائم ضرورة أن العقوبة التكميلية إنما تتعلق بطبيعة الجريمة ذاتها لا بعقوبتها، يؤكد هذا النظر صيغة الفقرتين إذ أردف الشارع عبارة "الحكم بعقوبة الجريمة الأشد" بعبارة "دون غيرها" في الفقرة الأولى الخاصة بالتعدد المعنوي بينما أسقط تلك العبارة في الفقرة الثانية الخاصة بالتعدد الحقيقي ولو كان مراده التسوية بينهما في الحكم لجرت صياغتهما بعبارة واحدة وعلى نسق واحد ولما كانت ثمة حاجة إلى فقرة لكليهما. لما كان ذلك، وكان الفعل الذي قارفه المحكوم عليه يتداوله وصفان قانونيان جلب جوهر مخدر دون الحصول على ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة والشروع في تهريب هذا المخدر بالعمل على إخفائه عن أعين السلطات الجمركية المختصة بقصد التخلص من سداد ما استحق عليه من رسوم جمركية مما يقتضي إعمالاً لنص الفقرة الأولى من المادة 32 من قانون العقوبات اعتبار الجريمة التي تمخض عنها الوصف الأشد وهي جريمة جلب المخدر والحكم بعقوبتها المنصوص عليها في المادتين 33/ أ، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها دون عقوبة الشروع في التهريب الجمركي المنصوص عليها في المادة 122 من قانون الجمارك الصادر بقرار رئيس الجمهورية رقم 66 لسنة 1963 أصلية كانت أو تكميلية، فإن الحكم المطروح إذ انتهى إلى القضاء بإلزام المحكوم عليه بعقوبة التعويض الجمركي المقررة لجريمة الشروع في التهريب بالإضافة إلى ما قضى به من العقوبة المقررة لجريمة الجلب ورغم إثباته في مدوناته إعمال حكم المادة 32 من قانون العقوبات يكون قد خلق عقوبة جديدة مستمدة من الجمع بين العقوبة المقررة للجريمتين وليس تطبيقاً لأشدهما مما لا سند له من القانون وبما يتنافر مع نص الفقرة الأولى من المادة 32 سالفة الذكر وهو ما يكون معه قد أخطأ في تأويل القانون وفي تطبيقه بما يوجب تصحيحه بإلغاء ما قضى به من تعويض جمركي قدره 361900.720 جنيه ومن حيث إنه فيما عدا ذلك، وكان يبين إعمالاً لنص المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض أن الحكم المطروح قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة جلب المخدر التي دين المحكوم عليه بالإعدام بها وساق عليها أدلة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً للمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية، وجاء خلواً من قالة مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وقد صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغاير ما انتهى إليه هذا الحكم، ومن ثم يتعين مع قبول عرض النيابة إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.