مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثامنة والثلاثون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1992 إلى آخر فبراير سنة 1993) - صـ 460

(47)
جلسة 9 من يناير سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ رأفت محمد يوسف ومحمد أبو الوفا عبد المتعال وعلي فكري صالح وسعيد أحمد برغش - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 940 لسنة 37 القضائية

( أ ) جامعات - أعضاء هيئات التدريس - تأديب - التلاعب في درجات الإجابة - إثبات - خبرة - يمين.
اللجان العلمية التي تشكلها الجامعات لاستظهار الحقيقة في بعض الموضوعات يمكن الاستناد إلى تقاريرها في مجال الاتهام - لا يجوز الاستناد إلى تلك التقارير أمام المحاكم ومجالس التأديب إلا إذا توافرت فيها العناصر والضوابط المقررة في الإثبات - تقرير اللجنة الفنية الذي يستند إليه مجلس التأديب هو في حقيقته عمل من أعمال الخبرة الفنية التي يجوز الاستناد إليها كدليل في الإثبات - أثر ذلك: وجوب أداء الخبير اليمين القانونية - أساس ذلك: أن الخبير يقوم بمهمة تتعلق بإثبات وقائع القضية فيجب عليه مثله في ذلك مثل الشاهد أن يحلف يميناً بأن يؤدي عمله بالصدق والأمانة وإلا كان العمل باطلاً - يجب أن يتضمن تقرير اللجنة الفنية النتيجة التي انتهى إليها والأوجه التي استندت إليها - لا وجه للقول بأن تقدير الدرجات العلمية عملية فنية بحتة لا تخضع للتسبيب - أساس ذلك: أن هذا القول جائز بالنسبة للتصحيح الأول للمادة عقب الامتحان ولا يصلح الأخذ به بالنسبة لمراجعة التقديرات من لجان فنية شكلت بعد ذلك - يجب على هذه اللجان توضيح أسس تقديرها اختلافاً أو اتفاقاً مع التقدير الأول - تطبيق.
(ب) مجالس التأديب - اختصاصها - حذف التوصيات من منطوق الحكم.
اختصاص مجلس التأديب ينحصر في المخالفة التأديبية - ليس له أن يتطرق إلى غير ذلك من مسائل لا تدخل في اختصاصه وتكون من صميم اختصاص السلطات الجامعية - مثال ذلك: التوصية بحث الجامعة على منع الطاعنة من الاشتراك في أعمال الامتحانات والكنترول ومن تولي المناصب الإدارية الجامعية مستقبلاً - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 13/ 2/ 1991 أودع الأستاذ محمد رشاد متولي المحامي نائباً عن الأستاذ/ محمد رشاد نبيه المحامي أمام المحكمة الإدارية العليا قلم كتاب المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 940/ 37 ق - في القرار الصادر من مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بجامعة طنطا بجلسة 23/ 12/ 1990 بمجازاة الطاعنة بعقوبة اللوم مع تأخير العلاوة المستحقة لفترة واحدة مع عدم صرف ربع المرتب الموقوف صرفه عن مدة الوقف وتوصية المجلس للسلطات الجامعية بأن تصدر القرارات اللازمة بمنعها من الاشتراك في أعمال الامتحانات والكنترول ومن تولي المناصب الإدارية الجامعية مستقبلاً أو اتخاذ الإجراءات المنصوص عليها في المادة 83 من القانون رقم 79/ 1972 بشأن تنظيم الجامعات لنقلها إلى وظيفة خارج الجامعات - وطلبت الطاعنة للأسباب المبينة في تقرير الطعن - الحكم أولاً: وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه حتى يفصل في الموضوع مع تنفيذ الحكم بمسودته - ثانياً: إلغاء القرار الصادر من مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بجامعة طنطا في 23/ 12/ 1990 سالف الذكر والتوصيات التي تضمنها مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضدهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وبعد أن تم إعلان الطعن للمطعون ضدهما في 26/ 12/ 1991 وتحضيره قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني، انتهت فيه إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بجامعة طنطا المطعون فيه وببراءة الطاعنة مما نسب إليها مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وبعرض الطعن على دائرة فحص الطعون قررت بجلسة 8/ 7/ 1992 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الرابعة" وحددت لنظره جلسة 10/ 10/ 1992 وبجلسة 7/ 11/ 1992 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 28/ 11/ 1992 وفيها تقرر مد أجل النطق لجلسة 26/ 12/ 1992 ثم أجل مرة أخرى لجلسة اليوم حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية ومن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة - تتلخص - حسبما يبين من القرار المطعون فيه وسائر الأوراق المرفقة به - في أن بعض طلاب قسم التربية الرياضية بكلية التربية بطنطا تقدموا بشكاوى لإدارة الجامعة ضد كل من الدكتورة/ ( أ ) والدكتور (ب) يتضررون فيها من قيام الدكتورة / ( أ ) بتصحيح ورقة الإجابة التي تحمل رقم سري 218 في مادة التنظيم والإدارة، بمفردها - كما تقدم بعض الطلاب بشكاوى لإدارة الكلية بشأن مادة التدريب الرياضي للفرقة الثالثة بقسم التربية الرياضية بالكلية يتضررون فيها من منحهم درجات للمادة المذكورة تقل عن الدرجات المستحقة لهم مع منح زملائهم درجات تفوق التي تم منحها لهم رغم انخفاض المستوى العلمي لهم - وبناءً على تلك الشكاوى شكلت الكلية لجنة من خارج الجامعة لإعادة تصحيح أوراق إجابة الطلاب الشاكين والمشكو في حقهم وقدمت اللجنة تقريرها بنتيجة المراجعة والذي تضمن حصول بعض الطلاب على درجات تفوق الدرجات المستحقة لكل منهم، وحصول آخرين على درجات تقل بكثير عن الدرجات المستحقة لكل منهم وذلك بالنسبة للأوراق التي أعيد تصحيحها والتي تحمل أرقام سرية 118، 16، 28، 54، 70، 63، 67، 75، 76، 32، 134 - وبناءً على تقرير لجنة المراجعة أحال رئيس الجامعة الموضوع للتحقيق الذي أجراه المستشار القانوني للجامعة، الذي انتهى فيه إلى إحالة الدكتورة ( أ ) الأستاذ بقسم التربية الرياضية بطنطا - لمجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس لمساءلتها عن المخالفات التي ثبتت في حقها من التحقيق وفقاً لقانون تنظيم الجامعات رقم 49/ 1972، وتنفيذاً لذلك صدر قرار رئيس الجامعة رقم 1220 المؤرخ 9/ 10/ 1989 بإحالة الطاعنة إلى مجلس التأديب لمساءلتها تأديبياً عن المخالفات التي نسبت إليها بذلك القرار وهي: -
1 - حصولها على مكافآت من الكلية مقابل قيامها بتصحيح امتحان مادة التدريب الرياضي للسنة الثالثة دور مايو 1989 بدون وجه حق.
2 - قيامها والدكتور (ب) بمنح بعض الطلاب في امتحان مادة علم التدريب الرياضي للسنة الثالثة دور مايو 1989 تفوق الدرجات المستحق لكل منهم ومن منح آخرين درجات تقل بكثير عن الدرجات المستحقة لكل منهم وذلك بالنسبة لأوراق - الإجابة التي تحمل أرقام سرية 118، 16، 28، 54، 70، 67، 75، 76، 32، 134 دون وجه حق.
3 - قيامها بإجراء تعديل في مجموع درجات الإجابة للكراسة التي تحمل رقم سري 118 في امتحان مادة علم التدريب الرياضي للسنة الثالثة دور مايو 1989 من أربع درجات إلى أربعين درجة دون وجه حق وإضافة صفر أمام درجات إجابة السؤال الأول لتصبح عشرة درجات بدلاً من درجة واحدة وإضافة صفر أمام درجات إجابة السؤال الثالث لتصبح عشرون درجة بدلاً من درجتين وإضافة صفر أمام درجات إجابة السؤال الرابع لتصبح عشر درجات بدلاً من درجة واحدة وذلك دون وجه حق.
4 - إجراء شطب وتغيير بدرجات إجابة الأسئلة داخل كراسة الإجابة والتي تحمل رقم سري 218 في امتحان مادة التنظيم والإدارة للفرقة الرابعة دور مايو 1989 وكذا في الجمع والتفقيط على غلاف الكراسة ومنح ورفع درجة إجابة الطالب المذكور من 26 إلى 73 درجة من 80 درجة دون وجه حق.
وبتاريخ 14/ 11/ 1989 صدر قرار رئيس الجامعة رقم 1282 بإضافة مخالفات جديدة للطاعنة أحيلت إلى مجلس التأديب وهي: -
1 - قيامها بالإشراف على مجموعة من الطلبة وليس الطالبات في التربية العملية للسنة الرابعة في العام الجامعي 88/ 1989 بمدرسة الكامل الثانوية بالمنصورة وذلك بالمخالفة لما جرى عليه العمل بالقسم والعرف من إشرافها على الطالبات وليس الطلبة.
2 - انفرادها بوضع درجات المذكورين دون اشتراك مشرف خارجي معها وذلك بالمخالفة للائحة الداخلية للقسم والتي تنص على ضرورة أن يقوم بوضع الدرجة لطلاب البكالوريوس ممتحن خارجي وآخر داخلي وتخصيص نسبة من الدرجة لكل منهما.
3 - قيامها بمنح الطالب، (ج) في التربية العملية في السنة الرابعة في العام الجامعي 88/ 1989 - 185 درجة من 200 درجة في التربية العملية وعدم تناسب هذه الدرجة 100 درجة في التربية العملية وعدم تناسب هذه الدرجة مع درجات الطالب الحاصل عليها في المواد الأخرى.
4 - اتهامها لعميد الكلية بقبول شقة من الدكتور (د) الأستاذ المساعد بالقسم وذلك بصفة هدية نظير وعد العميد له بتعيينه رئيساً للقسم ووكيلاً للكلية وثبوت عدم صحة هذا الادعاء.
وطلبت الجامعة من مجلس التأديب مساءلة المذكورة (الطاعنة) تأديبياً - عما تقدم وفقاً لأحكام قانون الجامعات رقم 49/ 1972.
وبجلسة 23/ 12/ 1990 أصدر مجلس التأديب قراره بمعاقبة الدكتورة/ ( أ ) بعقوبة اللوم مع تأخير العلاوة المستحقة لفترة واحدة مع عدم صرف ربع المرتب الموقوف صرفه كما أوصى المجلس السلطات الجامعية بأن تصدر القرارات اللازمة بمنعها من الاشتراك في أعمال الامتحانات والكنترول ومن تولي المناصب الإدارية الجامعية مستقبلاً أو اتخاذ الإجراءات المنصوص عليها في المادة 83 من القانون بنقلها إلى وظيفة خارج الجامعة.
وأقام مجلس التأديب قراره على أساس ثبوت المخالفة الثانية دون الأولى استناداً إلى تقرير إعادة تقييم بعض الكراسات لمادة التدريب الرياضي لطلبة الفرقة الثالثة بقسم التربية الرياضية بكلية التربية الرياضية بطنطا المحرر بمعرفة اللجنة المشكلة لذلك الغرض وإلى أنه وإن كانت عملية تقدير الدرجات عن الإجابة عملية تقديرية إلا أن هذا التقدير متى تجاوز الحد المألوف فإن التقدير يكون قد تجاوز حد المصلحة العامة إلى تحقيق غايات أخرى وقد ثبت من التقرير أن هناك تجاوز في عملية التقدير لكراسات الإجابة التي تحمل أرقام 16، 28، 32، 54، 63، 67، 70، 75، 76، 118، 134 ومن ثم تسأل المحالة ومن اشترك معها عن ذلك وقد تأكد ذلك من قيام اللجنة بتصحيح بعض الكراسات التي لم يرد بشأنها شكاوى فكانت الدرجات متقاربة جداً مع الدرجات الأصلية لها وهي الأوراق التي تحمل أرقام سرية 97، 54، 154، 160 حيث كان تقييم اللجنة 30 من 80، 32 من 80، 16 من 80 على التوالي في حين أن التقييم الأصلي 29 من 80، 27 من 80، 24/ 80، 13/ 80 ومن ذلك يتضح التقارب الشديد بين التقييمين مما يثبت أن عملية التقدير تتفاوت إيجابياً وسلبياً في حدود ضيقة أما إذا اتسعت الهوة بين التقييمين فإن المسألة تخرج من التقدير إلى التحكم وبذلك تكون المحالة مسئولة عن التهمة الثانية دون الأولى على اعتبار ثبوت اشتراكها في التصحيح وليس هناك ما يؤكد اشتراكها صورياً في عملية التصحيح.
كما أدان مجلس التأديب الطاعنة عن المخالفة الثالثة على أساس أن التعديل في ورقة الإجابة التي تحمل رقم 118 تم بالقلم المطابق لقلم الدكتورة ( أ ) وأنه ليس هناك ما يثبت أن الدكتور (د) اشترك معها في تصحيح هذه الورقة وبذلك تكون المخالفة ثابتة في حقها.
وبالنسبة إلى ثبوت المخالفة الرابعة استند مجلس التأديب في ذلك إلى أن الكراسة التي تحمل رقم سري 218 - جرى شطب وتغيير الدرجات داخل كراسة الإجابة وكذا في الجمع والتفقيط على غلاف كراسة الإجابة ورفعت الدرجة من 53 إلى 73 من ثمانين درجة دون وجه حق في حين أنها لا تستحق أكثر من 26 درجة فقط حسبما قدرته اللجنة الفنية الخارجية.
وبالنسبة لمخالفة انفرادها بوضع درجات للطلاب بالتربية العملية دون اشتراك مشرف خارجي، فقد ثبت قيامها منفردة بتقدير الدرجات بالمخالفة للائحة الداخلية للقسم التي توجب أن يضع الدرجة لطلاب البكالوريوس ممتحن خارجي وآخر داخلي وبذلك تكون المخالفة ثابتة في حقها.
ومن حيث إن الطعن يقوم على الأسباب الآتية: - 1 - أن اللجنة التي شكلت لإعادة التصحيح مشكلة من الدكتور (هـ) وزوجته الدكتورة (و) أستاذي الميكانيكا الحيوية - أي لجنة عائلية - تفقد صفتها كلجنة يمكن أن تتعدد فيها الآراء وتثير الشك حول تشكيلها على هذه الصورة - فضلاً عن أن تلك اللجنة غير متخصصة في المادة محل التصحيح مما يبطل تقديرها للدرجات المستحقة للطلاب، ولا يجوز التعويل عليه لا سيما وأنها لم تبين الأسس التي بنت عليها ذلك التقدير ووجه مخالفته لتقدير الطاعنة والأستاذ الذي تولى التصحيح معها - ومع ذلك فإنه أياً كان الرأي في تقدير الطاعنة للدرجات المستحقة لبعض الطلاب فإنه لا يعدو أن يكون تقديراً يختلف من أستاذ لآخر لا يصح أن يكون محل مساءلة ما لم يثبت بيقين أن التقدير صادر بدافع الهوى والغرض - وليس في الأوراق ما يفيد ذلك.
ومن حيث إنه عن هذا السبب من أسباب الطعن فإن الثابت من قرار مجلس التأديب المطعون فيه أنه استند في إدانة الطاعنة بشأن تقدير درجات إجابة بعض الطلاب إلى ما ورد في تقرير اللجنة التي شكلتها الجامعة لمراجعة تصحيح أوراق الإجابة - وإذا كان للجامعة ولسلطات التحقيق فيها تشكيل لجان فنية لمعاونتها في الحصول على الحقيقة فإنها وإن كانت يمكن الاستناد إليها في الاتهام إلا أنه لا يجوز الاستناد إليها أمام المحاكم ومثلها مجلس التأديب - إلا إذا توافرت في أعمال وتقارير تلك اللجان العناصر الأساسية والضوابط التي يصح معها الاستناد إليها في الإثبات - فإن تقرير اللجنة الفنية الذي استند إليه مجلس التأديب - هو في التكييف القانوني الصحيح عمل من أعمال الخبرة الفنية التي أجاز القانون للمحاكم الاستناد إليها والاستعانة بها في سبيل الوصول إلى الحقيقة وتأكيد وإثبات الوقائع موضوع الدعوى - ومن ثم فإنه تخضع لما تخضع له أعمال الخبرة من ضوابط وأحكام وردت في قانون الإثبات كإجراء يعتمد عليه في مجال الإثبات ومن هذه الضوابط وجوب أداء الخبير اليمين القانونية بألا يقول إلا الصدق، لأن الخبير يقوم بمهمة تتعلق بإثبات وقائع القضية فإنه يجب عليه - مثله في ذلك مثل الشاهد أن يحلف يميناً بأن يؤدي عمله بالصدق والأمانة وإلا كان العمل باطلاً (م 139 إثبات) كما يجب أن يبين التقرير النتيجة التي انتهى إليها والأوجه التي استند إليها ولا شك أن تلك أمور جوهرية لا يقوم التقرير إلا بها وبغيرها لا يعد دليلاً قانونياً يصح الاستناد إليه في الإثبات ولا يغير من ذلك القول بأن تقدير الدرجات عملية فنية بحتة لا تخضع للتسبيب، ذلك أنه إن جاز القول بذلك بالنسبة للتصحيح الأول للمادة عقب الامتحان وأنه غير ملزم بتسبيب تقديره للدرجات، فإن الأمر غير ذلك بالنسبة لمراجعة هذه التقديرات من لجان فنية، التي يجب عليها توضيح أسس تقديرها اختلافاً أو اتفاقاً مع التقدير الأول - حتى يكون لتقديرها التخصصي سنده الذي يبرره وأسسه المقدمة به - وهو في الحالة الثانية - يكون أساس للحكم على التقدير الأول - ومن ثم يجب أن يبين أساس اختلافه أو اتفاقه معه - هذا بالإضافة أنه في هذه الحالة يعتبر عملاً من أعمال الخبرة يخضع له ما يخضع له تقارير الخبراء من ضرورة بيان الأسس التي استند إليها على النحو السابق بيانه وما نصت عليه المادة 150 من قانون الإثبات.
ومن حيث إنه بناءً على ما تقدم، وكان الثابت من أن مجلس التأديب استند في إدانة الطاعنة عن المخالفتين الثالثة والرابعة بالنسبة لتقدير درجات إجابة بعض الطلاب - إلى تقرير اللجنة التي شكلتها الجامعة من اثنين فقط - طعن الطاعن في تخصصهما في المادة التي تم تصحيحها - وأنهما لم يحلفا اليمين القانونية وفقاً للقانون وباعتبار أن ما يقررانه سيكون سنداً في الإثبات مثل الشاهد تماماً - وأن تقديرهما بتقرير لم يشتمل على الأسس التي استندوا عليها في التقدير - واختلفوا فيه مع التقدير الأول للطاعنة وزميله المصحح للمادة - فإن تقرير اللجنة على هذا النحو يكون قد فقد عناصره القانونية الجوهرية التي تبطله وتفقده الصلاحية القانونية التي تجعل منه تقريراً فنياً يصح الاستناد إليه في الإثبات. ومن ثم فإن استناد مجلس التأديب على تقرير اللجنة المشار إليها يكون على غير أساس سليم من القانون ويكون هذا الوجه من أوجه الطعن في محله متعيناً قبوله وتبرئة ساحة الطاعنة من هذا الاتهام.
وحيث إنه عن السبب الثاني من أسباب الطعن بشأن ما نسب إلى الطاعنة من أنها قامت بإجراء تعديل في مجموع درجات الإجابة للكراسة رقم 118 في امتحان مادة التدريب الرياضي للسنة الثالثة دور مايو 1989 استناداً إلى أن التعديل تم بقلم مطابق لقلم توقيع الطاعنة على كراسة الإجابة وأن ذلك غير سليم لأنه ليس ثمة دليل على أن قلم الطاعنة ليس فريداً في نوعه ولا مثيل له - فضلاً عن تداول الكراسة المشار إليها بين أيدي عديدة بالكنترول وغيره الأمر الذي يغدو معه أمر التعديل شائعاً بين الطاعنة وغيرها وأنه من الممكن أن يكون آخر قد أجراه بقصد الكيد لها ومن ثم فإن إسناد تلك الواقعة للطاعنة مستند إلى دليل غير قاطع في الدلالة عليه وإنما على إجراء ظني الدلالة بما لا يصلح أن يكون دليلاً على الإدانة فمن المقرر في قواعد العقاب أن الإدانة يجب أن تقوم على القطع واليقين لا على الظن والتخمين وأنه إذا تسرب إلى الدليل الاحتمال فسد الاعتماد عليه في الاستدلال ومن ثم فإذا استند القرار المطعون فيه، في مجال إدانة الطاعنة وعقابها - إلى أن واقعة تغيير أرقام الورقة تحمل رقم سري 118 تمت بقلم من نوع القلم الذي وقعت به الطاعنة على كراسة الإجابة فإنها تكون قد استندت إلى دليل احتمالي وظني في الدلالة أساسه تشابه خط التعديل مع خط القلم الذي وقعت به الطاعنة على كراسة الإجابة، في الوقت الذي يمكن أن تصل ورقة الإجابة إلى التغير والعبث فيها وفي ضوء أن حيازة أوراق الإجابة لا تقتصر على الطاعنة وحدها وإنما تسمح الإجراءات بنقلها إلى آخرين الأمر الذي لا يمكن معه القطع بأن الطاعنة هي التي أجرت هذا التعديل، ومن ثم فإن مجلس التأديب إذ قرر مسئوليتها عن هذه الواقعة فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون لعدم وجود الدليل القاطع على تلك المسئولية والمثبت لها.
وحيث إنه عن السبب الثالث من أسباب الطعن بشأن إدانة الطاعنة عما نسب إليها من أنها منحت الطالب (جـ) في مادة التربية العملية في السنة الرابعة 185 درجة من 200 استناداً إلى أن هذه الدرجة لا تتناسب مع درجاته الحاصل عليها في المواد الأخرى - وأن هذا الاستناد مبناه مجرد ظن لا يكفي للإدانة - فضلاً عن أن النجاح في مادة التربية العملية يتوقف على معايير معينة في الطالب لا يتوصل إليها سوى الأستاذ المشرف، عليه - هذا بالإضافة إلى أن تدني درجة الطالب في بعض المواد لا يحول دون تفوقه في بعضها الآخر، فإن هذا السبب من أسباب الطعن يقوم على فكر سليم ومنطق سائغ - فصحيح في المنطق والواقع أن تدني الطالب في بعض المواد لا يعني حتماً انخفاض مستواه وضعفه أيضاً في المواد الأخرى أو أن ذلك يحول دون تفوقه في مادة أو مواد أخرى والاستناد في صدد عدم صحة درجة الطالب في مادة التربية العملية - إلى تدني درجاته في المواد الأخرى، استناد غير سليم في المنطق والقانون فليس ذلك دليلاً في القانون ولا يكفي لتقرير مسئولية الطاعنة في ذلك، لقيامها على مجرد ترجيح وظن - وهو ما يتنافى كما سبق - القول - مع أسس وقواعد العقاب التي توجب أن يقوم على القطع واليقين لا على الظن والشك والتخمين، هذا فضلاً عن الثابت من الأوراق أن الطالب المطعون في درجته هذه حاصل في السنة السابقة الفرقة الثالثة في هذه المادة على 170 درجة ( - ممتاز) (مستند رقم 94) - ومن ثم ليس غريباً أن يحصل الطالب على نفس المستوى (ممتاز) في السنة اللاحقة - وتبعاً لذلك تكون إدانة الطاعنة عن تلك الواقعة على غير أساس سليم ويعتبر دليل يؤدي إليها.
وحيث إنه عن السبب الرابع من أسباب الطعن القائم على أنه ليس هناك دليل على مسئولية الطاعنة عما نسب إليها من قيامها بإجراء شطب وتغيير بدرجات كراسة الإجابة رقم 218 في امتحان مادة التنظيم والإدارة للفرقة الرابعة دور مايو 1989، استناداً إلى أن التغيير والتعديل في ورقة الإجابة مشابه لخط الطاعنة طالما أنه لم يتم استكتابها ولم تتم المضاهاة بالطريق القانوني بالإحالة إلى خبير مختص فضلاً عن أن تلك الورقة تم تداولها بين كثيرين مما يجعل التهمة شائعة ولا سبيل إلى نسبتها إلى الطاعنة دون غيرها فإنه وإن كانت الطاعنة لم تنكر هذا التعديل، بل أنها قررت عند سؤالها عن سبب الشطب والتعديل بكراسة الطالب التي تحمل رقم سري 218 قررت أنها راجعت هذه الورقة بالاشتراك مع الدكتور (د) أستاذ المادة وتم التعديل من 53 إلى 73 درجة، فإن التعديل في ذاته ليس فيه مخالفة طالما أنه تم مع أستاذ المادة والمصحح الآخر المشترك في التصحيح، وإذا كان أساس الاتهام أن هذه الدرجة أكبر مما قدرته لجنة إعادة التصحيح التي شكلت لذلك من الأستاذ الدكتور/ (ز) نائب رئيس الجامعة الأمريكية والأستاذ الدكتورة؟ (ح) أستاذ التنظيم والإدارة المساعد جامعة حلوان وحصلت الكراسة على 26 ستة وعشرون درجة فقط (مستند رقم 132) فقد ثبت للمحكمة إلى أن أعمال تلك اللجان وتقاريرها تفتقد الشرعية القانونية لعدم خضوعها للضوابط الخاصة بأعمال الخبرة الفنية أمام المحاكم ومجالس التأديب وبالتالي فالاستناد إليها في إثبات الإدانة غير سليم في القانون.
وحيث إنه عن السبب الخامس من أسباب الطعن حول الاتهام الخاص بانفراد الطاعنة بوضع درجات للطلاب في التربية العملية دون اشتراك مشرف خارجي معها في حين أن الثابت أنها أخطرت الدكتور (ط) بكتاب رسمي موقع عليه من مدير المدرسة بتحديد موجهين من خارج المدرسة وامتنعوا عن المشاركة لعدم صرف مكافآتهم ورغم ذلك قام المدرس الأول بالمدرسة بمشاركتها في عملية التقييم، فإنه مردود عليه بما نصت عليه اللائحة الداخلية للقسم من ضرورة أن يقوم بوضع الدرجة لطلاب البكالوريوس ممتحن خارجي وآخر داخلي وتخصيص نسبة من الدرجة لكل منهما "وإذ كان الثابت من كشف الدرجات لطلاب التربية العملية شعبة تربية رياضية، الصف الرابع لعام 88/ 1989 قيامها منفردة بتقدير الدرجات فإنها بذلك تكون قد خالفت ما نصت عليه اللائحة الداخلية للقسم في هذا الشأن ويكون الاتهام ثابت في حقها ولا يغير من ذلك ما أثارته الطاعنة من اشتراك المدرس الأول بمدرسة الملك الكامل في عملية التقييم فذلك غير كاف لتبرئتها من هذه المخالفة، لأنه وفقاً لأحكام لائحة القسم تخصص لكل من الممتحن الداخلي والممتحن الخارجي نسبة معينة من درجات المادة وهو ما لم يثبت من الأوراق ومن ثم يكون هذا السبب من أسباب الطعن غير قائم على أساس متعيناً رفضه.
ومن حيث إن القرار المطعون فيه قام على أساس ثبوت المخالفات الثانية والثالثة والرابعة من قرار الإحالة رقم 1220 لسنة 1989 وكذلك ثبوت المخالفتين الثانية والثالثة من قرار الإحالة رقم 1282 المؤرخ 4/ 11/ 1989.
وحيث إنه وإن كان قد تبين للمحكمة عدم ثبوت المخالفتين الثالثة والرابعة من قرار الاتهام الأول وكذلك المخالفة الثالثة من قرار الاتهام الثاني على النحو المتقدم - وبقى ثابتاً في حق الطاعنة المخالفة الثانية فقط من قرار الإحالة وكان مجلس التأديب قد قرر مجازاة الطاعنة عما ثبت في حقها بعقوبة اللوم مع تأخير العلاوة المستحقة لفترة واحدة مع عدم صرف ربع المرتب - فإنه على ضوء ما انتهت إليه المحكمة من ثبوت مخالفة واحدة من المخالفات التي نسبت إليها وجوزيت من أجلها - وكانت المخالفة التي ثبتت في حقها لا تكافئ مجمل الجزاء الموقع عليها مما يتعين معه تعديل قرار الجزاء بما يتناسب مع المخالفة الوحيدة التي ثبتت في حقها والذي تقدره المحكمة بعقوبة التنبيه مع صرف ما يكون قد أوقف من مرتبها وفقاً لنص المادة 106 من قانون الجامعات رقم 49/ 1977 التي نصت على صرف ما يكون قد أوقف من مرتب إذا تقرر حفظ التحقيق أو حكم بالبراءة أو وقعت عقوبة التنبيه أو اللوم.
وحيث إنه عن التوصيات التي وردت في منطوق الحكم من حث الجامعة على منع الطاعنة من الاشتراك في أعمال الامتحانات والكنترول ومن تولي المناصب الإدارية الجامعية مستقبلاً أو اتخاذ الإجراءات المنصوص عليها في المادة 83 من القانون لنقلها إلى وظيفة خارج الجامعات، فإن اختصاص مجلس التأديب ينحصر في المساءلة التأديبية لمن يحال إليه من أعضاء هيئة التدريس وتوقيع الجزاء المناسب في حالة ثبوت مسئوليته - من بين الجزاءات الواردة حصراً في قانون الجامعات - وليس له أن يتطرق إلى غير ذلك من مسائل لا تدخل في اختصاصه وتدخل في صميم اختصاص السلطات الجامعية، الذي يجب أن يترك لهم وحدهم تقرير ما يرونه مناسباً وفقاً للقانون. الأمر الذي يتعين معه حذف هذه التوصية من منطوق القرار المطعون فيه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً وفي الموضوع بتعديل القرار المطعون فيه ليكون بمجازاة الطاعنة بعقوبة التنبيه مع صرف ما يكون قد أوقف من مرتبها.