مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثامنة والثلاثون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1992 إلى آخر فبراير سنة 1993) - صـ 600

(62)
جلسة 30 من يناير سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد محمود الدكروري - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأستاذة/ محمد مجدي محمد خليل وحسني سيد محمد أبو جبل والسيد محمد العوضي ومحمد عبد الحميد مسعود - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعنان رقما 3404/ 3418 لسنة 33 القضائية

أ) دعوى - شروط قبولها - الصفة في الدعوى (الهيئة العامة للاستثمار).
المادة (25) من القانون رقم 43 لسنة 1974 - نائب رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار هو صاحب الصفة في تمثيلها أمام القضاء أو الغير في كل ما يثور من منازعات وكل ما يرفع منها أو عليها في دعاوى - لا ينال من ذلك: تمتع المناطق الحرة بشخصية اعتبارية وفقاً لحكم المادة 30 من القانون المذكور - إذ أن ذلك يقوم في نطاق الشخصية الاعتبارية الأشمل للهيئة العامة للاستثمار بحكم إنشائها وتكوينها فضلاً عن أن الهيكل التنظيمي لقطاع الشئون القانونية بالهيئة المعمول به في 1/ 9/ 1980 هو هيكل واحد يشمل كلاً من الإدارة المركزية القانونية لشئون الاستثمار والإدارة المركزية لشئون المناطق الحرة - تطبيق.
ب) إدارات قانونية - العاملون بها - نقلهم.
المادتان 19، 24 من القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية - المادة الأولى من القانون رقم 73 لسنة 1976 بشأن منح الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة حق وضع اللوائح المتعلقة بنظم العاملين بها - يجوز نقل العاملين من إحدى شركات القطاع العام إلى الهيئة العامة للاستثمار أو العكس على ألا يترتب على النقل أي تغير في حالة الموظف المنقول - نتيجة ذلك: يستصحب العامل المنقول مركزه القانوني في الجهة المنقول منها بما في ذلك أقدميته في الفئة التي كان يشغلها قبل النقل - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 27/ 7/ 1987 أودع الأستاذ/ محمد عز رزق المحامي بصفته وكيلاً عن الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 3404 لسنة 33 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 3/ 6/ 1987 في الدعوى رقم 2158 لسنة 40 ق والذي قضى بأحقية المدعي في تسوية حالته باعتباره شاغلاً لوظيفة مدير عام إدارة قانونية اعتباراً من 29/ 10/ 1980 وما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق المالية في مرتبه الأساسي من ذلك التاريخ وصرف كافة البدلات والحوافز والمميزات المالية لشاغل تلك الوظيفة اعتباراً من 22/ 12/ 1985 ورفض ما عدا ذلك من طلبات وإلزام الهيئة المصروفات، وطلبت الهيئة الطاعنة في ختام تقرير الطعن الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغائه وبعدم قبول دعوى المطعون ضده رقم 2158 لسنة 40 ق.
وبتاريخ 30/ 7/ 1987 أودع الأستاذ/ أحمد صالح المحامي بصفته وكيلاً عن السيد...... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 3418 لسنة 33 ق عليا في ذات الحكم المشار إليه طلب فيه الحكم أولاً بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من حرمانه من الحوافز ومقابل الجهود غير العادية وبدلي التمثيل والانتقال اعتباراً من 11/ 12/ 1980 تاريخ إعارته للهيئة وحتى 22/ 12/ 1985 والحكم بأحقيته فيها عن الفترة من 11/ 12/ 1980 إلى 22/ 12/ 1985 وإلزام المطعون ضدها المصروفات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً ارتأت فيه قبول الطعنين شكلاً ورفضهما موضوعاً مع إلزام الطاعنين المصروفات.
ونظر الطعنان أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حيث قررت بجلسة 14/ 1/ 1991 ضمهما للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد وبجلسة 25/ 5/ 1992 قررت الدائرة إحالتهما إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) لنظرها بجلسة 27/ 6/ 1992 وفيها قررت المحكمة حجز الطعنين للحكم بجلسة 25/ 7/ 1992 وبهذه الجلسة قررت المحكمة إعادة الطعنين للمرافعة بجلسة 17/ 10/ 1992، ثم تدوول نظر الطعنين على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت بجلسة 12/ 12/ 1992 إصدار الحكم بجلسة 30/ 1/ 1993 مع التصريح بالاطلاع وتقديم مذكرات خلال ثلاثة أسابيع وخلال هذا الأجل أودع كل من الطاعنين مذكرة بدفاعه وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته مشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية فإنهما يكونان مقبولين شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أنه بتاريخ 12/ 2/ 1986 أقام السيد...... الدعوى رقم 2158 لسنة 40 ق أمام محكمة القضاء الإداري ضد رئيس الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة ووزير الاقتصاد والتجارة الخارجية طلب فيها الحكم بتسوية حالته الوظيفية طبقاً لما انتهى إليه الحكم الصادر في الدعوى رقم 963 لسنة 1981 عمال كلي وذلك على وظيفة مدير عام إدارة قانونية اعتباراً من 29/ 10/ 1980 مع صرف ما يترتب على ذلك من فروق مالية تتمثل في فروق المرتب والحوافز والجهود غير العادية وكذلك كافة البدلات والمميزات المقررة لشاغلي وظيفة مدير عام بالهيئة العامة للاستثمار اعتباراً من تاريخ إعارته للعمل بالهيئة من 11/ 12/ 1980 مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقال المدعي شرحاً لدعواه أنه حصل على ليسانس الحقوق دفعة مايو سنة 1956 والتحق بالخدمة بوزارة التربية في 29/ 5/ 1957 ثم نقل للشركة المصرية للحوم والدواجن من 1/ 1/ 1976 حيث شغل وظيفة مدير إدارة قضايا بها اعتباراً من 15/ 9/ 1979 وأعير بعد ذلك للعمل بالهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة اعتباراً من 11/ 12/ 1980 ثم نقل إليها نهائياً اعتباراً من 11/ 6/ 1981 بوظيفة مدير الإدارة القانونية بالمناطق الحرة العامة بمدينة نصر وكان قد أقام الدعوى رقم 963 لسنة 1981 عمال كلي جنوب القاهرة ضد الشركة المذكورة وصدر الحكم فيها لصالحه بجلسة 31/ 3/ 1984 قاضياً بعدم الاعتداد بقرار الشركة المدعى عليها الصادر برقم 109 لسنة 1981 وبأحقية المدعي في التسكين على الهيكل الوظيفي المعتمد في 29/ 10/ 1980 على وظيفة مدير عام إدارة قانونية كما صدر حكم آخر في ذات الدعوى بجلسة 31/ 12/ 1984 وقضى بإلزام الشركة المدعى عليها بأن تؤدي إلى المدعي مبلغاً مقداره 64.400 جنيه كفروق مالية مستحقة عن المدة من 29/ 10/ 1980 تاريخ تسكينه إلى 10/ 12/ 1980 تاريخ إعارته للعمل بهيئة الاستثمار المدعى عليها. واستطرد المدعي أنه تنفيذاً للحكم المذكور أصدر مجلس إدارة الشركة المدعى عليها القرار رقم 157 لسنة 1985 بتسكينه على وظيفة مدير عام إدارة قانونية اعتباراً من 29/ 10/ 1980 وأخطرت الهيئة العامة للاستثمار في 22/ 12/ 1985 بذلك إلا أن الهيئة رفضت تنفيذ الحكم المذكور ونظراً لأنه كان وقت اعتماد الهيكل الخاص بالإدارة القانونية للشركة المصرية العامة للدواجن واللحوم في 29/ 10/ 1980 من بين المحامين العاملين بها بالإدارة القانونية وتوافرت في شأنه كافة الشروط اللازمة لشغل وظيفة مدير عام فتسكينه عليها من تاريخ اعتماد الهيكل كان من ثم أمراً حتمياً وقد كشف الحكم الصادر لصالحه في الدعوى رقم 963 لسنة 1981 عن حقه المستمد من أحكام القانون مباشرة ولا تملك جهة الإدارة حياله منحاً أو منعاً ومن ثم فإن تسكين المدعي على النحو المتقدم يعتبر مركزاً قانونياً يتعين الإقرار به على اعتبار أنه أحد عناصر حالته الوظيفية ويستصحبه إلى أي جهة عمل ينقل إليها وأضاف المدعي أن في هيكل الإدارة القانونية بالهيئة العامة للاستثمار درجة مدير عام شاغرة ورفض تسوية حالته عليها طبقاً لما انتهى إليه الحكم في الدعوى رقم 963 لسنة 1983 عمال كلي ليس له ما يبرره اللهم إلا الإضرار به وذلك بتجميد وضعه على وظيفة لا تتناسب مع خبرته التي بلغت ثلاثين عاماً.
وردت الجهة الإدارية على الدعوى بان أودعت حافظة مستندات ضمت كتاب رئيس قطاع الأمانة العامة بالهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة المؤرخ 23/ 4/ 1987 والمتضمن إرفاق صورة من الهيكل الوظيفي لقطاع الشئون القانونية بتلك الهيئة المعتمد من نائب رئيس مجلس الوزراء للشئون الاقتصادية والمالية ووزير الاقتصاد بالقرار رقم 153 الصادر بتاريخ 27/ 8/ 1980 والمعمول به من 1/ 9/ 1980 وأنه توجد بالهيكل الوظيفي لقطاع الشئون القانونية درجتا مدير عام يشغل أحدهما السيد...... وظيفة مدير عام بالإدارة المركزية القانونية لشئون الاستثمار بصفة أصلية وتشغل السيدة...... وظيفة مدير عام بالإدارة المركزية القانونية لشئون المناطق الحرة وذلك بالندب عليها كما أودعت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاع الجهة الإدارية طلب في ختامها الحكم أولاً بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للمدعى عليه الثاني وبرفض الدعوى موضوعاً استناداً إلى أن الحكم الصادر لصالح المدعي بتسكينه في وظيفة مدير عام إدارة قانونية حكم منشئ لذلك المركز القانوني وليس كاشفاً وكذلك فإن الحكم قد صدر في 31/ 3/ 1984 بعد تاريخ نقل المدعي إلى الهيئة ولم يصدر في مواجهة الهيئة وبالتالي فلا إلزام عليها في تنفيذه، كما أن الإدارة القانونية ليس بها درجة مدير عام إدارة قانونية خالية.
وبجلسة 3/ 6/ 1987 حكمت محكمة القضاء الإداري بأحقية المدعي في تسوية حالته باعتباره شاغلاً لوظيفة مدير عام إدارة قانونية اعتباراً من 29/ 10/ 1980 وما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق المالية في مرتبه الأساسي من ذلك التاريخ وصرف كافة البدلات والحوافز والمميزات المالية لشاغل تلك الوظيفة اعتباراً من 22/ 12/ 1985 ورفض ما عدا ذلك من طلبات وإلزام الهيئة المصروفات. وقد أقامت قضاءها بأحقية المدعي في وظيفة مدير عام إدارة قانونية اعتباراً من 29/ 10/ 1980 على أساس أن الحكم في الدعوى رقم 963 لسنة 1981 عمال كلي بجلسة 31/ 3/ 1984 هو حكم كاشف عن المركز القانوني للمدعي من التاريخ المشار إليه وليس حكماً منشئاً ولذلك فقد قامت الشركة المدعى عليها بتنفيذه بأثر رجعي بالقرار رقم 540 لسنة 1985 والهيئة وإن لم تكن خصماً في تلك الدعوى ولم يصدر في مواجهتها إلا أن المدعي أعير إليها بتاريخ 11/ 12/ 1973 ثم نقل إليها بتاريخ 11/ 6/ 1981 وقد قرر المشرع في القانون رقم 47 لسنة 1973 ضمانات لشاغلي وظائف الإدارات القانونية بالإضافة إلى القواعد العامة في أنظمة العاملين المدنيين في الدولة التي تقضي باستصحاب عضو ومدير الإدارة القانونية المنقول لوضعه الوظيفي في الجهة المنقول إليها دون أن يمس النقل بأي وجه مستواه أو درجته أو فئته أو مرتبه أو حقوقه الأساسية في الجهة المنقول منها وإلا كان هذا النقل جزاءاً تأديبياً مقنعاً صدر بالمخالفة للقانون وتتفق مع النقل في تلك الآثار الإعارة من جهة إلى أخرى فيما عدا توقيت تلك الآثار بمدة الإعارة وهو ما نفذت مقتضاه الشركة التي كان يتبعها بالقرار الذي أصدرته في هذا الشأن ولذلك فلا سند من القانون للهيئة المدعى عليها في عدم إعمال آثار استصحاب المدعي لمركزه القانوني الصحيح الذي كشف عنه الحكم الصادر لصالحه سواء خلال فترة إعارته أو بعد تمام نقله من الشركة إليها كما أقامت قضاءها بالنسبة لأحقية المدعي في صرف البدلات والحوافز لوظيفة مدير عام إدارة قانونية اعتباراً من 22/ 12/ 1985 على أساس أن البدلات والحوافز وغيرها مما يماثلها من ملحقات للمرتب الأساسي المقررة كمزايا مالية تصرف لمن يشغل الوظيفة ويتولى أعباءها وأعمالها ولا حجة للمدعي في الاستناد إلى المادة 24 من القرار رقم 154 لسنة 1980 بلائحة شئون العاملين بالهيئة للقول باستحقاق البدلات ومزايا الوظيفة المذكورة لأن تلك المادة تشترط صراحة شغل الوظيفة بالفعل والمدعي لم يشغلها وإن كان ذلك يحرمه من الاستحقاق مباشرة من أحكام القانون لتلك البدلات والحوافز والمزايا إلا أنه يستحق صرفها على سبيل التعويض إذا ثبت خطأ الإدارة في عدم تمكينه من شغل وظيفته ومباشرة أعبائها على خلاف ما يقتضيه القانون دون تقاعس أو امتناع من العامل في هذا الشأن والثابت أن الهيئة المدعى عليها لم تقم بمنع المدعي من مباشرة أعباء الوظيفة المذكورة إلا اعتباراً من تاريخ إخطار الشركة للهيئة بما انتهت إليه طبقاً للحكم الصادر لصالحه وقد تم ذلك في 22/ 12/ 1985 أما عن الفترة السابقة على ذلك فإن السبب في عدم تمكين المدعي من استصحاب مركزه القانوني السليم عند إعارته عند نقله للهيئة وما ترتب على ذلك من عدم صرفه للبدلات والمزايا المالية للوظيفة التي لم يشغلها هو ذلك التصرف الخاطئ من جانب الشركة التي كان يتبعها والمدعي وشأنه معها بالنسبة لمطالبته بتلك الحقوق.
ومن حيث إن الطعن رقم 3404 لسنة 33 ق يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله وذلك للأسباب التالية: أولاً: صدوره على غير ذي صفة ذلك لأن صاحب الصفة الواجب اختصامه في الدعوى الماثلة هو رئيس مجلس إدارة المنطقة الحرة بمدينة نصر وليس نائب رئيس الهيئة العامة للاستثمار لأن المنطقة المذكورة وحدة اقتصادية قائمة بذاتها لها شخصية اعتبارية وهي بذلك تنفصل عن الشخصية القانونية للهيئة إعمالاً لنص المادتين 30، 33 من القانون رقم 43 لسنة 1974. وأن لكل من الهيئة في المنطقة الحرة هيكلها وجهازها الوظيفي المستقل عن الآخر وأن الهيكل الوظيفي للمنطقة الحرة ينتهي عند درجة مدير إدارة قانونية - فئة أولى - وهي الوظيفة التي نقل إليها وشغلها المطعون ضده بالفعل.
ثانياً: أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه استناداً إلى تنفيذ الشركة التي كان يعمل بها المدعي للحكم الصادر لصالحه في الدعوى رقم 963 لسنة 1981 عمال كلي جنوب القاهرة وأقامت بتسكينه على وظيفة مدير عام إدارة قانونية بالهيكل الوظيفي بها وهذا الحكم صدر ضد الشركة وفي مواجهتها وفي ضوء الأوراق والمستندات التي أودعتها ملف الدعوى والتي أبانت أن هيكلها الوظيفي يسمح بتسكين المدعي على الوظيفة المذكورة وهو ما لا يسمح به الهيكل الوظيفي للإدارة القانونية بالمنطقة الحرة بمدينة نصر حيث ينتهي هذا الهيكل عند وظيفة مدير إدارة قانونية وبالتالي فإن هيكلها الوظيفي لا يتلاءم وتسكين المطعون ضده على وظيفة مدير عام بالمنطقة الحرة لذلك فإن الحكم المذكور ينصرف تطبيقه إلى الشركة وحدها دون سواها.
ثالثاً: أن الحكم المطعون فيه أخطأ حين استند إلى المادتين 19، 24 من القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية كأساس لأحقية المطعون ضده في تسوية حالته باعتباره شاغلاً لوظيفة مدير عام إدارة قانونية اعتباراً من 29/ 10/ 1980 لأن حكم المادة الأولى مقصور على حالة نقل مديري وأعضاء الإدارات القانونية إلى وظائف غير قانونية وهو الأمر غير المتحقق في الدعوى الراهنة. وأن المادة الثانية لا تنطبق على ظروف وملابسات الدعوى إذ أنها (المادة 24) لا تنطبق فيما لم يرد به نص خاص وأن نص المادتين 30، 33 قد أصبح مقيداً لأعمال نص هذه المادة باعتبارهما واردين في قانون خاص هو القانون رقم 43 لسنة 1974 المعدل بالقانون رقم 32 لسنة 1977 هذا فضلاً عن أن لائحة شئون العاملين بالهيئة الصادر بها القرار رقم 154 لسنة 1980 قد وضعت هيكلاً تنظيمياً للعاملين بها راعت فيه ما ورد بالقانون رقم 47 لسنة 1973 سالف الذكر.
ومن حيث إن الطعن رقم 3418 لسنة 33 ق يقوم على أسباب حاصلها مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله ذلك لأنه استند في عدم أحقية الطاعن للبدلات والمميزات الخاصة بوظيفة مدير عام بهيئة الاستثمار في الفترة من 11/ 12/ 1980 حتى 22/ 12/ 1985 على أساس عدم شغله لهذه الوظيفة إعمالاً للأصل العام الذي يقضي بعدم استحقاق البدلات والحوافز إلا لمن يقوم بأعباء الوظيفة وشغلها في حين أن العاملين بالهيئة يخضعون لحكم المادة 24 من لائحة شئون العاملين بها وهو حكم خاص يتقرر بموجبه حقهم في البدلات والحوافز بمجرد تحقق واقعة استحقاقهم للأجر الأساسي للوظيفة بغض النظر عن شغلهم الفعلي لها من عدمه وذلك حسبما ورد بنص الفقرة الثانية من المادة المذكورة التي توجب استمرار صرف كافة المخصصات وبدلات الوظيفة خلال الإجازات من أي نوع ومهما طالت وكذلك خلال المأموريات التدريبية أو الرسمية أو أثناء الندب الذي قد يتم على وظيفة غير مقرر لها بدل أصلاً وذلك كله على سبيل الاستثناء من القواعد العامة التي تربط البدل بالوظيفة ذاتها وتجعله حقاً لمن يشغلها فعلاً سواء كانت بدلات ترتبط بالوظيفة وتعتبر من المميزات الملحقة بها كبدل التمثيل أو بدل الانتقال أو حوافز وبدلات لا ترتبط بالوظيفة ولا تعتبر من المميزات الملحقة بها وإنما تعتبر من ملحقات الأجر ذاته كالحوافز والجهود غير العادية.
ومن حيث إنه بالنسبة للدفع المبدى من الهيئة بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بمقولة أن صاحب الهيئة الواجب اختصامه فيها هو رئيس مجلس إدارة المنطقة الحرة بمدينة نصر وليس نائب رئيس الهيئة العامة للاستثمار فإنه لما كانت المادة 25 من القانون رقم 43 لسنة 1974 بشأن نظام استثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة تنص على أن "تنشأ هيئة عامة تتبع رئيس مجلس الوزراء أو من ينوب عنه... ويكون للهيئة شخصية اعتبارية ومجلس إدارة يصدر تشكيله بقرار من رئيس الجمهورية... ويتولى نائب رئيس مجلس الإدارة إدارة الهيئة وتصريف شئونها ويمثلها أمام القضاء أو أمام الغير....".
ومن حيث إنه يبين من النص المشار إليه أن نائب رئيس مجلس إدارة الهيئة هو صاحب الصفة في تمثيلها أمام القضاء أو الغير في كل ما يثور من منازعات وكل ما يرفع منها أو عليها من دعاوى ولا ينال من ذلك تمتع المناطق الحرة بشخصية اعتبارية وفقاً لحكم المادة 30 من القانون المذكور إذ أن هذه الشخصية تقوم في نطاق الشخصية الاعتبارية الأشمل للهيئة العامة للاستثمار بحكم إنشاؤها وتكوينها هذا فضلاً عن أن الهيكل التنظيمي لقطاع الشئون القانونية بالهيئة المعمول به في 1/ 9/ 1980 هو هيكل واحد يشمل كلاً من الإدارة المركزية القانونية لشئون الاستثمار والإدارة المركزية لشئون المناطق الحرة وهو يضم الوظيفة مثار المنازعة الراهنة وبهذه المثابة فإن اختصام نائب رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار في المنازعة الماثلة يكون موافقاً لصحيح حكم القانون ويكون الدفع المبدى في هذا الخصوص على غير أساس سليم من القانون متعين رفضه.
ومن حيث إن المادة 19 من القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية تنص على أن "لا يجوز نقل أو ندب مديري وأعضاء الإدارات القانونية إلى وظائف غير قانونية إلا بموافقتهم الكتابية..." وتنص المادة 24 منه على أن "يعمل فيما لم يرد به نص في هذا القانون بأحكام التشريعات السارية بشأن العاملين المدنيين بالدولة أو بالقطاع العام على حسب الأحوال وكذلك باللوائح المعمول بها في الجهات المنشأة بها الإدارات القانونية....".
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 73 لسنة 1976 بشأن منح الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة حق وضع اللوائح المتعلقة بنظم العاملين بها تنص على أن "لمجلس إدارة الهيئة العامة لاستثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة في سبيل تنفيذ أغراضها اتخاذ الوسائل الآتية: أ) ...... ب) ...... ج) وضع اللوائح المتعلقة بنظم العاملين ومرتباتهم وأجورهم والمكافآت والمزايا والبدلات الخاصة بهم".
وتنفيذاً لذلك فقد أصدر نائب رئيس مجلس الوزراء للشئون الاقتصادية والمالية ووزير الاقتصاد القرار رقم 154 لسنة 1980 بلائحة شئون العاملين بالهيئة ونصت في المادة 69 منها على أنه "يجوز نقل العامل من الهيئة إلى إحدى الوحدات التي تطبق أحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة أو الهيئات العامة أو وحدات القطاع العام وبالعكس وذلك بناءً على طلبه ويكون النقل في هذه الحالات بقرار من السلطة المختصة بالتعيين بعد العرض على لجنة شئون العاملين....".
ومن حيث إنه وفقاً للنصوص المتقدم بيانها فقد أجيز نقل العامل من إحدى شركات القطاع العام إلى الهيئة العامة للاستثمار أو العكس والأصل في النقل بمفهومه الاصطلاحي ألا يترتب عليه أي تغيير في حالة الموظف المنقول فيستصحب مركزه القانوني في الجهة المنقول منها بما في ذلك أقدميته في الفئة التي كان يشغلها قبل النقل دون مساس بالمركز القانوني للعامل المنقول وإلا خرج النقل عن المعنى الذي حدده القانون ورتب عليه آثاره.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق ومن مطالعة ملف خدمة المدعي أنه كان من العاملين بالشركة المصرية العامة للحوم والدواجن وأعير إلى الهيئة المدعى عليها لمدة ستة أشهر تمهيداً لنقله اعتباراً من 11/ 12/ 1980 بالقرار رقم 488 لسنة 1980 ثم نقل نقلاً نهائياً إليها بالقرار رقم 337 لسنة 1981 الصادر في 23/ 6/ 1981 ليشغل وظيفة مدير إدارة الشئون القانونية - درجة أولى - بالمنطقة الحرة بمدينة نصر بالهيئة وبأقدميته فيها من 15/ 9/ 1979. وكان المدعي قد أقام الدعوى رقم 963 لسنة 1981 عمال كلي جنوب القاهرة ضد الشركة المذكورة وصدر فيها الحكم بجلسة 21/ 3/ 1984 قاضياً بأحقية المدعي في التسكين على الهيكل الوظيفي المعتمد في 29/ 10/ 1980 على وظيفة مدير عام إدارة قانونية كما صدر حكم آخر في ذات الدعوى بجلسة 31/ 12/ 1984 قضى بإلزام المدعى عليه بأن يؤدي للمدعي فروق مالية قدرها 64.400 جنيه عن الفترة من 29/ 10/ 1980 حتى 11/ 12/ 1980 وتنفيذاً لهذا الحكم أصدر مجلس إدارة الشركة القرار رقم 157 لسنة 1985 في 20/ 11/ 1985 بالموافقة على تنفيذ منطوق الحكم المشار إليه ثم صدر قرار الشركة رقم 540 لسنة 1985 في 15/ 12/ 1985 بتسكين المدعي على وظيفة مدير عام إدارة قانونية اعتباراً من 29/ 10/ 1980 وبصرف مبلغ 64.400 جنيه قيمة الفروق المالية المقضى بها. ومتى كان ذلك وكان الحكم المشار إليه يعد كاشفاً للمركز القانوني للمدعي وليس منشئاً له ومن ثم يكون المدعي قد اكتسب مركزاً قانونياً بهذا الحكم فيما تضمنه من أحقيته في التسكين على درجة مدير عام شئون قانونية بأقدمية فيها ترجع إلى 29/ 10/ 1980. ومتى كان المدعي قد نقل إلى الهيئة على نحو ما سلف بيانه فإنه يتعين استصحابه للمركز القانوني الذاتي الذي كشف عنه هذا الحكم واعتباره في درجة مدير عام شئون قانونية بالهيئة ولا ينال ذلك ما تدعيه الهيئة من أن الهيكل الوظيفي للمنطقة الحرة بمدينة نصر ينتهي عند درجة مدير إدارة قانونية التي نقل إليها المدعي إذ أن الواضح من مطالعة الهيكل التنظيمي لقطاع الشئون القانونية بالهيئة والمعمول به من 1/ 9/ 1980 أنه يشمل كلاً من الإدارة المركزية القانونية لشئون الاستثمار والإدارة المركزية القانونية لشئون المناطق الحرة فهو هيكل واحد للقطاع المذكور يشمل الإدارتين سالفتي البيان، ومتى كان ما تقدم فإنه لا يجوز للهيئة بأي حال تعديل الآثار القانونية المترتبة على نقل المدعي إليها أياً كانت الاعتبارات التي قام عليها وأخص هذه الآثار استصحابه الدرجة المنقول منها وأقدميته فيها على النحو الذي كشف عنه الحكم المذكور وقامت بتنفيذ مقتضاه الشركة المذكورة، ومن ثم فإن المدعي يكون محقاً في طلبه بتسوية حالته باعتباره شاغلاً لدرجة مدير عام شئون قانونية اعتباراً من 29/ 10/ 1980 والاعتداد في نقله إلى الهيئة بشغله لتلك الدرجة. وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بهذا النظر فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون ويكون الطعن عليه في غير محله متعين الرفض.
ومن حيث إنه بالنسبة للبدلات والحوافز وغيرها مما يماثلها من ملحقات المرتب الأساسي المقررة كمزايا مالية للوظيفة المذكورة والتي يطالب بها المدعي فإنه لما كان من المقرر أن مناط استحقاق هذه المزايا - كأصل عام - أن يكون الموظف شاغلاً للوظيفة المقرر لها البدل أو الميزة وقائماً بأعبائها وأعمالها وبهذه المثابة فإنه لا يجوز للعامل أن يتمسك في مواجهة الإدارة بأن له حقاً مكتسباً فيها ما لم يكن قد باشر أعمال هذه الوظيفة فعلاً لو حيل بينه وبين مباشرتها بسبب من جانب الإدارة لا دخل لإرادته فيه.
ومن حيث إنه ولئن كان الحكم الصادر لصالح المدعي في الدعوى رقم 963 لسنة 1981 عمال كلي قد كشف عن المركز القانوني الصحيح للمدعي وعلى مقتضاه أصدرت الشركة المصرية العامة للحوم والدواجن المدعى عليها القرار رقم 540 لسنة 1985 في 15/ 12/ 1985 بتسكينه على وظيفة مدير عام شئون قانونية اعتباراً من 29/ 10/ 1980 إلا أن هذا الحكم لم تختصم فيه الهيئة ولم يصدر في مواجهتها ولم تخطر بما أسفر عنه إلا بكتاب الشركة المدعى عليها في 22/ 12/ 1985 وإذ لم تقم الهيئة - بعد هذا الإخطار - بتعديل الوضع الوظيفي للمدعي واستصحاب مركزه القانوني السليم وحالت بذلك من تمكينه من مباشرة الوظيفة المذكورة والقيام بأعبائها وأعمالها فمن ثم فإنه اعتباراً من هذا التاريخ وحده يكون للمدعي الحق في صرف مقابل المزايا المقررة للوظيفة المذكورة من بدلات وحوافز وغيرها مما يماثلها على سبيل التعويض عن خطأ الهيئة مما يوجب مسئوليتها عن ذلك وفقاً لقواعد المسئولية الإدارية وذلك اعتباراً من التاريخ المذكور وإذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب فإنه يكون قد أصاب الحق فيما قضى به ويكون الطعن عليه على غير سند من القانون جديراً بالرفض.
ومن حيث إن من خسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً بأحكام المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً ورفضهما موضوعاً وألزمت الطاعنين المصروفات.