مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثامنة والثلاثون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1992 إلى آخر فبراير سنة 1993) - صـ 612

(63)
جلسة 31 من يناير سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد معروف محمد ومحمد عبد الغني حسن وأحمد عبد العزيز أبو العزم ود. منيب محمد ربيع - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 3448 لسنة 31 القضائية

عقد - عقد إداري - عقد المساهمة في مشروع ذي نفع عام - خصائصه - (القرارات المنفصلة عن العقد).
عقد المساهمة في نفقات مشروع ذي نفع عام هو عقد إداري يتعهد بمقتضاه شخص برضائه واختياره بأن يشترك في نفقات مشروع من مشروعات الأشغال العامة أو المرافق العامة - مهما اختلفت صور هذا العقد وتباينت أوصافه فهو يقوم على المساهمة الاختيارية في مشروع ذي نفع عام - لهذا العقد خصيصتان أساسيتان الأولى: أنه عقد متميز عن الاستيلاء وعن نزع الملكية للمنفعة العامة إذ كلاهما يتم جبراً والعقد يتكون من عرض من جانب المتعهد يصادف قبولاً من جانب الإدارة - والثانية: أنه عقد إداري ويترتب على ذلك أن العقد لا يسقط بوفاة المتعهد قبل قبول الإدارة وعلة التشدد في العقد الإداري هو اتصاله بالمصلحة العامة - يترتب على هذه الخصيصة أيضاً أنه يجوز للإدارة أن تتحلل من قبولها للعرض إذا قدرت بعد هذا القبول أنه لا يتفق مع الصالح العام - ينبغي التمييز في مقام التكييف بين العقد الذي تبرمه الإدارة وبين الإجراءات التي يمهد بها لإبرام هذا العقد - مثل هذه الإجراءات ما يتم بقرار إداري من الجهة الإدارية المختصة كوضع الإدارة لشروط المناقصة أو المزايدة وقرارات لجنة البت والقرار بإرساء المناقصة أو المزايدة ومثلها في مجال تحديد شخص المتعاقد مع الإدارة في عقد المساهمة في نفقات مشروع ذي نفع عام وقرار تخصيص قطعة الأرض التي سيقام عليها المشروع وكلها قرارات إدارية منفصلة عن العقد يجوز الطعن فيها بالإلغاء استقلالاً - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق 6 من أغسطس سنة 1985 أودع الأستاذ الدكتور/ محمد عصفور المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعنة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 3448 لسنة 31 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالمنصورة في الدعوى رقم 618 لسنة 5 ق بجلسة 4/ 7/ 1985 فيما قضى به من قبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعية المصروفات. وطلبت الطاعنة - للأسباب المبينة في تقرير الطعن - القضاء بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الحكومة المصروفات عن الدرجتين، وقد أعلن الطعن إلى المطعون ضدهما على النحو المقرر قانوناً.
قدم السيد المستشار/ محمود عادل الشربيني مفوض مجلس الدولة تقريراً بالرأي القانوني رأى فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه بشقيه العاجل والموضوعي مع إلزام الطاعنة المصروفات.
وقد تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 17 من ديسمبر سنة 1990 وتداولت نظره بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر، وبجلسة 6 من يوليو سنة 1992 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة التي نظرته بجلسة 4 من أكتوبر سنة 1992 وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 15 من نوفمبر سنة 1992 ثم مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم 31/ 1/ 1993 وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع المنازعة تتلخص - حسبما يبين من أوراق الطعن ومما حصله الحكم المطعون فيه - في أن المدعية أقامت الدعوى المطعون على حكمها ابتداءً بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة بورسعيد الابتدائية بتاريخ 20 من يناير سنة 1983 طالبة الحكم بصفة مستعجلة بعدم الاعتداد بالقرار اللاحق فيما تضمنه من سحب القرار الصحيح السابق صدوره بتاريخ 30/ 3/ 1982 فيما قرره من الموافقة على تخصيص قطعة الأرض الواقعة بامتداد شارع محمد سرحان (الأمين سابقاً) والكائنة بالجهة القبلية الغربية لمبنى اللاسلكي بحي المناخ ببورسعيد وإلزام الجهة الإدارية المصروفات وقالت بياناً لدعواها أنها تقدمت بطلب لمحافظة بورسعيد لمنحها أرض لبناء مسجد عليها، وفي 25/ 7/ 1981 تشكلت لجنة بإدارة أملاك حي المناخ مكونة من المدعية والسيد المهندس مدير أملاك المناخ والمهندس مندوب التخطيط ومندوب أملاك المحافظة لمعاينة واختيار قطعة أرض فضاء للمدعية لإقامة مسجد عليها طبقاً لما جاء بكتابها المؤشر عليه من محافظ بورسعيد بالموافقة، وبعد أن قامت اللجنة بمعاينة عدة مواقع استقر الرأي على قطعة الأرض المشار إليها والسابق تسليمها إلى مديرية الأوقاف لأن المديرية لم تشرع في بنائها حتى الآن، وقد انتقلت اللجنة لمديرية الأوقاف لأخذ رأيها في مدى إمكان تسليم هذه الأرض للمدعية، وقد أفاد المهندس...... بأن المديرية المذكورة لا مانع لديها من قيام المدعية ببناء مسجد على نفقتها أو المساهمة في بنائه. وبتاريخ 17/ 5/ 1982 أخطرت المدعية بموافقة لجنة الشئون الدينية بالمجلس الشعبي المحلي بجلسة 30/ 3/ 1982 على تخصيص قطعة الأرض المشار إليها. وفي 26/ 5/ 1982 تحرر محضر باستلام المدعية الأرض على أن تودع مبلغ خمسون ألفاً من الجنيهات بالبنك لحساب بناء المسجد المذكور وتعهدت المدعية بالشروع في البناء خلال ستة أشهر من تاريخ استلامها الأرض استلاماً نهائياً وعلى أن تحصل قبل البناء على موافقة المجلس التنفيذي وموافقة سلاح الإشارة والمخابرات الحربية وأضافت المدعية أنها أخطرت سلاح الإشارة والمخابرات الحربية كما أسست جمعية لإنشاء مسجد عصفور للخدمات الدينية والاجتماعية أشهرت برقم 186 في 13/ 12/ 1982، وأودعت لحساب المشروع بالبنك الأهلي مبلغ (47000 دولار) بما يعادل (53600 جنيه مصري) وذلك بالحساب رقم 2257، وعندما توجهت إلى مديرية الأوقاف لأخذ الرسم الذي سبق أن وضع لهذه الأرض رفض المهندس بحجة أن هذه الأرض قد منحت لآخر، وقالت المدعية أنها اتصلت بالسيد رئيس المجلس الشعبي المحلي فأفاد بأن الأرض التي سبق أن أصدر المجلس قراره بشأنها في 30/ 3/ 1982 قد منحت لآخر على أن تمنح المدعية قطعة أخرى وأوضحت المدعية أنه نظراً لصدور قرار بتسليمها الأرض وأصبح هذا القرار نهائياً لعدم الطعن عليه خلال ستين يوماً من تاريخ صدوره فيكون قراراً صحيحاً، ويكون القرار اللاحق منعدماً فهو لا يشكل إلا عقبة مادية يجوز إزالتها في أي وقت، ومن ثم أقامت دعواها للحكم لها بطلباتها.
وبجلسة 28/ 2/ 1983 حكمت محكمة بورسعيد الابتدائية بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى المحكمة الإدارية المختصة بمجلس الدولة حيث أحيلت إلى محكمة القضاء الإداري بالمنصورة وقيدت برقم 618 لسنة 5 ق والتي قضت بجلسة 4/ 7/ 1985 بقبول الدعوى شكلاً وبرفضها موضوعاً وإلزام المدعية المصروفات. وقد أقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن قطعة الأرض التي وردت حدودها بقراري المجلس الشعبي ببورسعيد بتاريخ 13/ 4/ 1982، 5/ 12/ 1982 قد خصصتها المحافظة منذ 16/ 8/ 1979 لإقامة مسجد عليها وسلمت فعلاً إلى مديرية الأوقاف ببورسعيد بتاريخ 12/ 9/ 1979 ولكن المديرية لم تشرع في بناء المسجد إلى أن تقدمت المدعية بطلب متضمناً رغبتها في بناء المسجد على قطعة الأرض المذكورة ووافق المجلس الشعبي المحلي على ذلك وسلمت الأرض للمدعية على أن تقوم بإيداع مبلغ خمسون ألفاً من الجنيهات في أحد البنوك لحساب المشروع ولما كان مشروع إقامة مسجد على تلك الأرض هو مشروع ذي نفع عام فإن تقدم المدعية بعرض إقامة هذا المسجد وموافقة جهة الإدارة على هذا العرض يتضمن عقد مساهمة في مشروع ذي نفع عام، وعلى ذلك فموافقة المجلس الشعبي المحلي في 13/ 4/ 1982 هي قبول لعرض المدعية المساهمة في بناء المسجد على قطعة الأرض المذكورة وبهذا القبول يكون قد انعقد عقد المساهمة في مشروع ذي نفع عام (هو إقامة المسجد) بين المدعية والإدارة، وهذا هو نفس الوضع بالنسبة لعرض المواطن الكويتي الجنسية ..... بإقامة هذا المسجد وقبول المحافظ لهذا العرض في 5/ 12/ 1982 يتضمن أيضاً عقد مساهمة في مشروع ذي نفع عام بين المذكور والمحافظة. وأنه لا تعارض بين كلا العقدين حيث يمكن للمدعية مع تمسكها بأن يكون محل تنفيذ التزامها المساهمة منصباً على المسجد الذي سيقام على قطعة الأرض المبينة بقرار المجلس المحلي ببورسعيد في 13/ 4/ 1982 أن تنفذ هذا الالتزام وهذه المساهمة في الحدود التي تقدمت بها في نفس الوقت الذي يقوم فيه المتعهد الآخر بتنفيذ التزاماته بالمساهمة في إتمام هذا المشروع فالأمر لا يتعلق بتخصيص قطعة الأرض سالفة الذكر للمدعية أو للمواطن الكويتي إذ أن هذه الأرض خصصت بصفة مجردة منذ سنة 1979 لإقامة مسجد عليها أما موقف المدعية والمواطن الكويتي فهو ينحصر في ارتباطهما برضائهما واختيارهما في المساهمة في إقامة هذا المسجد على الأرض المذكورة كل منهما في حدود المبالغ المالية اللذان عرضاها وليس للمدعية الحق في أن تقصر تنفيذ هذا المشروع عليها ولجهة الإدارة باعتبارها القائمة على المرافق أو بالمشروعات العامة والمسئولة عن إتمامها وحسن سيرها وتنفيذها - أن تقبل مساهماً أو أكثر في تنفيذ المشروع ذي النفع العام طالما أن ذلك لا يؤثر على تنفيذ المشروع ولا يؤدي إلى تعطيله أو سرعة الانتفاع به. وإذا كانت منازعة المدعية بهذه الدعوى تستهدف في جوهرها كما ورد بالصحيفة قصر تنفيذ هذا المسجد على تلك الأرض على المدعية وحدها وهو ما ليس لها حق فيه باعتبار أن هذا المسجد وهو مشروع ذي نفع عام تساهم فيه المدعية وغيرها ممن تقبل الجهة الإدارية مساهمتهم فيه بما لا يتعارض مع إتمامه وسرعة إنجازه على الوجه الأكمل وبالتالي تكون الدعوى على غير أساس من القانون متعينة الرفض مع إلزام المدعية بالمصروفات.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه يشترط لقيام عقد المساهمة في مشروع ذي نفع عام أن يكون لدى الإدارة مشروع من مشروعات الأشغال العامة أو المرافق العامة ويتقدم أحد المواطنين برضائه واختياره متعهداً بالمساهمة في نفقات هذا المشروع، والحالة المعروضة مختلفة تماماً فنحن أمام تعهد من جهة الإدارة بمعاونة الطاعنة في مشروع من المشروعات الفردية النابع من الطاعنة الذي تبتغي به مرضاة الله تعالى لا مرضاة الدولة، فقرار الإدارة في هذا الشأن قرار إداري شأنه شأن القرارات التي تصدرها الإدارة بمنح الجمعيات الخاصة أعانت تأسيساً على ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون عندما انتهى إلى تكييف الدعوى بأنها عقد مساهمة في مشروع ذي نفع عام. وأنه بافتراض أن ثمة عقد إداري فإن القرار الصادر بسحب قرار التخصيص قد صدر في المراحل التمهيدية للتعاقد في وقت لم يكن التعاقد قد تم لعدم صدور موافقة المجلس التنفيذي وسلاح الإشارة والمخابرات الحربية فإنه يكون قراراً إدارياً نهائياً من القرارات الإدارية المنفصلة مما يجوز الطعن عليه بالإلغاء، ولذلك فإن سحبه لا يجوز.
ومن حيث إن المستقر عليه فقهاً وقضاءً أن العقد المسمى عرض المساهمة في نفقات مشروع ذي نفع عام وهو عقد إداري يتعهد بمقتضاه شخص برضائه واختياره بأن يشترك في نفقات مشروع من مشروعات الأشغال العامة أو المرافق العامة، وقد يكون المتعهد ذا مصلحة في تعهده أو غير ذي مصلحة فيه، وقد يكون بعوض أو يتمخض تبرعاً، وقد يكون مبتدأ من تلقاء المتعهد أو مثاراً من جانب الحكومة، كما لو عرضت على إحدى المدن إنشاء مدرسة بها بشرط مساهمتها في نفقاتها فساهمت فيها، وقد تكون المساهمة بمبلغ من المال أو بشيء عيني كأرض أو غيرها، وقد يكون التعهد منجزاً وقد يكون مشروطاً. ولكن مهما اختلفت صور هذا العقد وتباينت أوصافه فهو يقوم على المساهمة الاختيارية في مشروع ذي نفع عام. ومن هنا تظهر خصيصتاه الأساسيتان: الأولى: أنه عقد يتميز بذلك عن الاستيلاء وعن نزع الملكية للمنفعة العامة إذ كلاهما يتم جبراً والعقد يتكون من عرض من جانب المتعهد يصادف قبولاً من جانب الإدارة وإلى أن يتم هذا القبول يجوز للعارض سحب عرضه فإذا تم بتلاقي القبول بالإيجاب نشأ التزام على جانب المتعهد بأن ينفذ تعهده بالمساهمة في النفقات بحسب موضوعها، وكان الالتزام من جانبه وحده. وإذا كان العرض لا يتضمن سوى قيام الحكومة بالمشروع ذي النفع العام، إذ هي لا تلزم بتنفيذ هذا المشروع أن ارتأت في تقديرها ملاءمة عدم تنفيذه ولا يكون ذلك عندئذٍ خطأً تعاقدياً، وغاية الأمر أن التعهد يسقط لأنه بطبيعته معلق على شرط هو القيام بالمشروع فإن تخلف هذا الشرط سقط التعهد تبعاً، أما إذا اشترط المتعهد في عرضه اشتراطات ثانوية وقامت الإدارة بتنفيذ المشروع ذاته فإنها تلتزم بتنفيذ هذه الاشتراطات فإن لم تنفذها كان ذلك خطأً تعاقدياً من جانبها. والثانية: هي أنه عقد إداري ويترتب على ذلك أن العرض لا يسقط بوفاة المتعهد قبل قبول الإدارة، وعلة التشدد في العقد الإداري هو اتصاله بالمصلحة العامة ويترتب على هذه الخصيصة أيضاً أنه يجوز للإدارة أن تتحلل من قبولها للعرض إذا قدرت بعد هذا القبول أنه لا يتفق مع المصالح العام كما لو ظهر لها أن تنفيذ المشروع يكلفها نفقات طائلة أو أنه عديم النفع أو لا يحقق الصالح العام على خير الوجوه أو أن المشروع على وجه آخر أوفى بهذا الغرض على أنه ينبغي التمييز في مقام التكييف بين العقد الذي تبرمه الإدارة وبين الإجراءات التي يعهد بها لإبرام هذا العقد فإن من هذه الإجراءات ما يتم بقرار إداري من الجهة الإدارية المختصة كوضع الإدارة لشروط المناقصة أو المزايدة وقرارات لجنة البت والقرار بإرساء المناقصة أو المزايدة، ومثلها في مجال تحديد شخص المتعاقد مع الإدارة في عقد المساهمة في نفقات مشروع ذي نفع عام قرار تخصيص قطعة الأرض التي سيقام عليها المشروع وكلها قرارات إدارية منفصلة عن العقد يجوز الطعن فيها بالإلغاء استقلالاً.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه صدر قرار المجلس المحلي لمحافظة بورسعيد بتاريخ 16/ 8/ 1979 بالموافقة على تخصيص قطعة الأرض موضوع النزاع لإقامة مسجد عليها وقد تسلمت مديرية الأوقاف الأرض بموجب محضر تسليم مؤرخ 12/ 9/ 1979 ووضع وزير الأوقاف حجر الأساس للمسجد في 29/ 2/ 1980 وبجلسة المجلس الشعبي المحلي لمحافظة بورسعيد المؤرخة 13/ 4/ 1982 وافق المجلس على تخصيص ذات قطعة الأرض للطاعنة على أن تقوم مديرية الأوقاف بالاشتراك مع مديرية الإسكان بإعداد الرسم المناسب للأرض والارتباط مع الطاعنة لتمويل هذا المشروع وموافاة المجلس بما يتم، وتحرر محضر بتسليمها الأرض بتاريخ 26/ 5/ 1982 أفاد فيه مندوب الأوقاف أن على الطاعنة إيداع مبلغ خمسون ألفاً من الجنيهات وقد تعهدت في المحضر بالشروع في البناء خلال ستة أشهر من تاريخ استلام الأرض استلاماً نهائياً، وإذ لم تقم الطاعنة بأي إجراء تنفيذي خلال الستة شهور التالية لتاريخ استلامها الأرض في 26/ 5/ 1982 ومن ثم صدر قرار المجلس الشعبي المحلي بجلسة 5/ 12/ 1982 بإلغاء القرار الأول الصادر بالتخصيص للطاعنة وإعادة تخصيص الأرض للمواطن الكويتي..... بالشروط الواردة من وزارة الأوقاف، وذلك تحقيقاً للصالح العام بالاستفادة من الإمكانيات المتاحة لبناء المسجد كمركز متكامل بناءً على ما عرضه المواطن الكويتي، ثم صدر قرار آخر من ذات المجلس بتخصيص قطعة أرض بديلة للطاعنة لبناء مسجد عليها وفق إمكانياتها إلا أنها رفضت تنفيذ هذا القرار. وإذ يبين مما سبق أن ثمة قرار إداري منفصل يتمثل في تخصيص قطعة الأرض المشار إليها وقبل إتمام عقد المساهمة في مشروع ذي نفع عام بين المجلس الشعبي المحلي ومديرية الأوقاف والمتبرع بالمال، وقرار التخصيص للأوقاف ثم للطاعنة ثم للمواطن الكويتي إنما هو لتحديد شخص من يتولى المساهمة مع المحافظة ومعها ومع الأوقاف في بناء المسجد وهو قرار سابق على عقد المساهمة وقد اشترط المجلس المحلي في قرار التخصيص على الطاعنة بعد إيداع مبلغ خمسون ألفاً من الجنيهات أن تشرع في البناء خلال ستة أشهر من تاريخ استلامها الأرض في 26/ 5/ 1982 وهو ما لم تقم به الطاعنة خلال المهلة المشار إليها بل أنها قامت بإشهار جمعية مسجد عصفور للخدمات الاجتماعية والدينية برقم 186 في 13/ 12/ 1982 لإنشاء وإدارة المسجد، ومن ثم تكون قد خالفت الشرط المعلق على تحقيقه نهائية واستقرار ونفاذ قرار تخصيص الأرض لها لبناء مسجد عليها فإذا لم يتحقق الشرط كان لجهة الإدارة عدم التقيد بالتخصيص وبناءً على ذلك أعاد المجلس الشعبي المحلي لمحافظة بور سعيد تخصيص الأرض للمواطن الكويتي لبناء المسجد عليها مع تحمله بكافة نفقات البناء. ومن ثم فإن القرار الذي عدل به المجلس عن التخصيص للطاعنة هو قرار سليم ومتفق وأحكام القانون، إلا أنه ولما كانت الطاعنة قد أظهرت رغبة في المساهمة في بناء مسجد وأن المساجد لله وتتحقق تلك المساهمة أياً كان موقع المسجد فقد قام المجلس المحلي بتخصيص موقع آخر للطاعنة لبناء مسجد عليه وهو قرار آخر سليم. وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى ذات النتيجة وإن اختلفت أسبابه عن الأسباب سالفة الذكر فإن الطعن عليه يكون غير قائم على سند صحيح من القانون أو الواقع مما يتعين معه القضاء برفضه وإلزام الطاعنة المصروفات عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعنة بالمصروفات.