أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 39 - صـ 772

جلسة 8 من يونيه سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ محمد وجدي عبد الصمد رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم حسين رضوان ومحمد رفيق البسطويسي نائبي رئيس المحكمة وفتحي خليفة وعلي عبد الصادق عثمان.

(116)
الطعن رقم 2434 لسنة 58 القضائية

(1) دعارة. فجور. جريمة. "أركانها". نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون" "نظر الطعن والحكم فيه".
مباشرة الفحشاء مع الناس بغير تمييز وعلى وجه الاعتياد. بغاء. اعتباره دعارة إذا مارسته المرأة وفجور إذا مارسه الرجل.
الفجور هو إباحة الرجل عرضه لغيره من الرجال بغير تمييز. أساس ذلك؟
اعتبار الحكم المطعون فيه ممارسة الطاعن الفحشاء مع النساء فجوراً خطأ في القانون. علة ذلك: خروج هذا الفعل عن نطاق التأثيم.
(2) دعارة. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
جريمة فتح أو إدارة محل للدعارة. تستلزم لقيامها أن يعد الجاني المحل لذلك الغرض أو يقوم بتشغيله وتنظيم العمل فيه مع الاعتياد على ذلك.
إدانة الطاعن بجريمة إدارة منزل للدعارة. دون استظهار توافر عنصري الإدارة والعادة والتدليل على قيامهما في حقه. قصور.
(3) دعارة. جريمة "أركانها". قصد جنائي. اتفاق جنائي. عقوبة "العقوبة المبررة". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
جريمة تسهيل الدعارة. توافرها بقيام الجاني بأي فعل بقصد تسهيل البغاء لغيره بغرض تمكين هذا الغير من ممارسته. فلا تقوم إلا إذا لم ينصرف قصد الجاني إلى ذلك بصفة أساسية ولو جاء التسهيل عرضاً أو تبعاً.
مثال لانتفاء تطبيق نظرية العقوبة المبررة.
(4) إثبات "اعتراف" إكراه. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره".
الدفع ببطلان الاعتراف للإكراه. جوهري. وجوب مناقشته والرد عليه سواء تمسك بالبطلان المتهم المقر أو متهم آخر في الدعوى. متى كان الحكم قد عول على هذا الاعتراف في الإدانة.
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟
(5) نقض "أثر الطعن".
أثر اتصال الوجه الذي بني عليه النقض بالمتهم الذي كان طرفاً في الخصومة الاستئنافية؟
1 - لما كانت الفقرة الثالثة من المادة التاسعة من القانون رقم 10 لسنة 1961 قد نصت على عقاب "كل من اعتاد ممارسة الفجور أو الدعارة"، وكان مفهوم دلالة هذا النص أن الجريمة الواردة فيه لا تتحقق إلا بمباشرة الفحشاء مع الناس بغير تمييز وأن يكون ذلك على وجه الاعتياد سواء بالنسبة لبغاء الرجل أو بغاء الأنثى، والأنثى حين ترتكب الفحشاء وتبيح عرضها لكل طالب بلا تمييز فتلك هي "الدعارة" تنسب للبعض فلا تصدر إلا منها، ويقابلها الفجور ينسب للرجل حين يبيح عرضه لغيره من الرجال بغير تمييز فلا يصدر إلا منه، وهو المعنى المستفاد من تقرير لجنتي العدل الأولى والشئون الاجتماعية بمجلس الشيوخ عن مشروع القانون رقم 68 لسنة 1951، والذي تضمن القانون الحالي رقم 10 لسنة 1961 ذات أحكامه على ما يبين من مراجعة أحكامه ومما أوردته مذكرته الإيضاحية صراحة - إذ ورد به "كما رأت الهيئة عدم الموافقة على ما رآه بعض الأعضاء من حذف كلمة "الدعارة" اكتفاء بكلمة "الفجور" التي تفيد من الناحية اللغوية المنكر والفساد بصفة عامة بغير تخصيص للذكر أو الأنثى، لأن العرف القضائي قد جرى على إطلاق كلمة "الدعارة" على بغاء الأنثى وكلمة "الفجور" على بغاء الرجل فرأت الهيئة النص على الدعارة والفجور لكي يشمل النص بغاء الأنثى والرجل على السواء." يؤيد هذا المعنى ويؤكده استقراء نص المادة الثامنة ونص الفقرتين أ، ب من المادة التاسعة من قانون مكافحة الدعارة، فقد نص الشارع في المادة الثامنة على أن "كل من فتح أو أدار محلاً للفجور أو الدعارة أو عاون بأية طريقة كانت في إدارته يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن ثلاث سنوات. وإذا كان مرتكب الجريمة من أصول من يمارس الفجور أو الدعارة أو المتولين تربيته تكون العقوبة....." وفي الفقرة "أ" من المادة التاسعة على أن "كل من أجر أو قدم بأية صفة كانت منزلاً أو مكاناً يدار للفجور أو الدعارة". وفي الفقرة "ب" من المادة ذاتها على أن "كل من يملك أو يدير منزلاً مفروشاً أو غرفة مفروشة أو محلاً مفتوحاً للجمهور يكون قد سهل عادة الفجور أو الدعارة......" فاستعمال الشارع عبارة "الفجور أو الدعارة" في هاتيك النصوص يفصح بجلاء عن قصده في المغايرة بين مدلول كلا اللفظين بما يصرف الفجور إلى بغاء الرجل بالمعنى بادي الذكر، وللدعارة إلى بغاء الأنثى، وهو ما يؤكده أيضاً أن نص المادة الثامنة من مشروع القانون رقم 68 لسنة 1951 الذي كان يجرى بأن "كل من فتح أو أدار منزلاً للدعارة أو ساهم أو عاون في إدارته يعاقب بالحبس...... ويعتبر محلاً للدعارة كل محل يتخذ أو يدار للبغاء عادة ولو اقتصر استعماله على بغي واحدة" وقد عدل هذا النص في مجلس النواب فأصبح "كل من فتح أو أدار محلاً للفجور أو الدعارة أو عاون بأية طريقة في إدارته ويعتبر محلاً للفجور أو الدعارة: كل مكان يتخذ أو يدار لذلك ولو كان من يمارس فيه الفجور والدعارة شخصاً واحداً". وقد جاء بتقرير الهيئة المكونة من لجنتي العدل والشئون التشريعية والشئون الاجتماعية والعمل المقدم لمجلس النواب في 22 من يونيو سنة 1949 أن كلمة "فجور" أضيفت حتى يشمل النص بغاء الذكور والإناث، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف النظر المتقدم واعتبر ممارسة الطاعن الفحشاء مع النساء فجوراً، فإنه يكون قد أخطأ في القانون، إذ يخرج هذا الفعل عن نطاق التأثيم لعدم وقوعه تحت طائلة أي نص عقابي آخر.
2 - لما كان مقتضى نص المادتين الثامنة والعاشرة من القانون رقم 10 لسنة 1966 أن جريمة فتح أو إدارة محل للدعارة تستلزم لقيامها نشاطاً إيجابياً من الجاني تكون صورته أما فتح المحل بمعنى تهيئته وإعداده للغرض الذي خصص من أجله أو تشغيله وتنظيم العمل فيه تحقيقاً لهذا الغرض وهي من جرائم العادة التي لا تقوم إلا بتحقق ثبوتها، ولما كانت صورة الواقعة التي أوردها الحكم المطعون فيه لجريمة إدارة منزل للدعارة التي أسندها للطاعن الأول قد خلت من استظهار توافر عنصري الإدارة والعادة والتدليل على قيامهما في حقه بما تقوم به تلك الجريمة، فإنه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال.
3 - لما كانت جريمة تسهيل الدعارة تتوافر بقيام الجاني بفعل أو أفعال يهدف من ورائها إلى أن ييسر لشخص يقصد مباشرة الفسق تحقيق هذا القصد أو قيام الجاني بالتدابير اللازمة لممارسة البغاء وتهيئة الفرصة له أو تقديم المساعدة المادية أو المعنوية إلى شخص لتمكينه من ممارسة البغاء أياً كانت طريقة أو مقدار هذه المساعدة فيجب انصراف قصد الجاني إلى تسهيل البغاء فجوراً كان أو دعارة لغيره بغير تمكين هذا الغير من ممارسته، فلا تقوم الجريمة إذا لم ينصرف قصد الجاني إلى ذلك بصفة أساسية ولو جاء التسهيل عرضاً أو تبعاً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خلا من استظهار انصراف قصد الطاعن الأول إلى تسهيل دعارة المتهمات من الثانية إلى السادسة ومن إيراد الوقائع المؤدية إلى ذلك، وأطلق القول بقيام الجريمة في حقه لمجرد ضبط هؤلاء المتهمات في مسكنه ومعهن بعض الرجال دون أن يدلل بتدليل سائغ على توافر هذا القصد لديه، فإنه يكون فوق قصوره في التسبيب مشوباً بالفساد في الاستدلال مما يعيبه ويوجب نقضه بالنسبة للطاعن الأول - والطاعنين الثاني والثانية....... والمحكوم عليهن الثانية والثالثة والخامسة..... و..... و....... اللاتي كن طرفاً في الخصومة الاستئنافية نظراً لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة، ولا يقدح في ذلك أن يكون الطاعن الأول قد دين بجريمة الاتفاق الجنائي وقضى عليه فيها بحبسه شهراً ما دام الحكم قد وقع عليه عقوبة الحبس لمدة سنتين وهي العقوبة المقررة لجريمة تسهيل الدعارة ذات العقوبة الأشد، إذ لا يمكن القول أن العقوبة الموقعة عليه مبررة.
4 - من المقرر أن الدفع ببطلان الاعتراف لصدوره تحت تأثير الإكراه هو دفع جوهري يجب على محكمة الموضوع مناقشته والرد عليه يستوي في ذلك أن يكون المتهم المقر هو الذي آثار البطلان أو أن يكون متهم آخر في الدعوى قد تمسك به ما دام الحكم قد عول في قضائه بالإدانة على هذا الإقرار. لما كان ذلك، وكان البين مما سلف أن المدافع عن الطاعن الرابع والمتهمة السابعة قد دفع أمام المحكمة الاستئنافية ببطلان اعتراف الأخيرة والتي كانت قد عزت هذا الاعتراف إلى الاعتداء عليها بالضرب من رجال الشرطة، وكان الحكم المطعون فيه رغم تحصيله أقوال الأخيرة في هذا الخصوص إلا أنه عول على اعترافها ضمن ما عول عليه في إدانتها والطاعن الرابع دون أن يعرض إلى ما أثير في صدد هذا الاعتراف ويقول كلمته فيه، فإنه يكون قاصر التسبيب، يبطله ويجوب نقضه بالنسبة للطاعن الرابع. ولا يغير من ذلك ما أوردته المحكمة من أدلة أخرى لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط إحداها أو استبعد تعذر التعرف على الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة.
5 - لما كان الوجه الذي بني عليه النقض بالنسبة لهذا الطاعن يتصل بالمتهمة السابعة التي كانت طرفاً في المحاكمة الاستئنافية، فيتعين كذلك نقض الحكم بالنسبة إليها عملاً بحكم المادة 42 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من 1 -...... (طاعن) 2 -...... 3 -...... 4 -...... 5 -...... 6 -...... 7 -........ 8 -...... (طاعنة) 9 -...... (طاعن) 10 -....... (طاعن) بأنهم أولاً: المتهم الأول: 1 - اعتاد ممارسة الفجور مع النساء بدون تمييز بأن ارتكب الفحشاء مع كل من المتهمات الثانية والخامسة والسابعة على النحو المبين بالأوراق. 2 - أدار محلاً للدعارة على النحو المبين بالأوراق. 3 - سهل دعارة المتهمات من الثانية إلى السادسة بأن قدمهن إلى الرجال بدون تمييز لممارسة الفحشاء على النحو المبين بالأوراق. ثانياً المتهمات من الثانية حتى السابعة اعتدن ممارسة الدعارة مع الرجال بدون تمييز لقاء أجر على النحو المبين بالأوراق.
ثالثاً: المتهمة الثامنة استغلت بغاء المتهمات الرابعة والسادسة والسابعة. رابعاً: المتهم التاسع سهل دعارة المتهمة السابعة بأن قدمها إلى الرجال بدون تمييز لممارسة الفحشاء حال كونه ممن له سلطة عليها "زوجها". خامساً: المتهمان الثامنة والعاشر ساعدا المتهمات الرابعة والسادسة والسابعة على الدعارة وذلك على النحو المبين بالأوراق. سادساً: المتهمان الثامنة والعاشر سهلا دعارة المتهمات الرابعة والسادسة والسابعة وذلك على النحو المبين بالأوراق. سابعاً: المتهمون الأول والثامنة والعاشرة اتفقوا فيما بينهم على ارتكاب جنحة معاقب عليها وهي تسهيل دعارة المتهمات الرابعة والسادسة والسابعة، وطلبت عقابهم بالمادة رقم 48 من قانون العقوبات والمواد 1/ أ، 4، 6/ ب، 7، 8/ 1، 9/ جـ من القانون رقم 10 لسنة 1961 ومحكمة جنح مركز الجيزة قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام. أولاً: بتغريم المتهم الأول مائة جنيه عن التهمة الأولى وحبسه سنة مع الشغل والنفاذ وبتغريمه مائة جنيه وغلق مسكنه الخاص به لمدة ثلاث شهور عن التهمة الثانية وبحبسه سنة مع الشغل والنفاذ وتغريمه مائة جنيه عن التهمة الثالثة وحبسه مدة شهر والنفاذ عن تهمة الاتفاق الجنائي. ثانياً: حبس المتهمات الثانية والثالثة والرابعة والخامسة والسابعة ثلاثة أشهر لكل مع الشغل والنفاذ والمراقبة لمدة ثلاثة أشهر لكل منهن ثالثاً: حبس المتهمة الثامنة سنة مع الشغل والنفاذ عن التهمة الأولى لها وبحبسها والمتهم العاشر سنة لكل منهما مع الشغل والنفاذ عن التهمة الثانية والحبس شهراً لكل منهما مع الشغل والنفاذ عن التهمة الثالثة والحبس شهراً لكل منهما عن تهمة الاتفاق الجنائي. رابعاً: حبس المتهم التاسع ثلاث سنوات مع الشغل والنفاذ. استأنف المحكوم عليهم عدا الرابعة والسادسة، كما استأنفت النيابة العامة هذا الحكم ومحكمة الجيزة الابتدائية بهيئة استئنافية قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف بإجماع الآراء على النحو التالي: ( أ ) بالنسبة للمتهم الأول بحبسه سنتين مع الشغل وتغريمه مائة جنيه وغلق مسكنه ووضعه تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة عقوبة الحبس عما نسب إليه. (ب) بالنسبة للمتهمة الثامنة بحبسها سنتين مع الشغل ووضعها تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة عقوبة الحبس عما نسب إليها. (ج) بالنسبة للمتهم العاشر بحبسه سنة مع الشغل وغرامة مائة جنيه ووضعه تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة عقوبة الحبس عما نسب إليه، وتأيد الحكم المستأنف فيما قضى به بالنسبة لباقي المتهمين بعد أن عدلت وصف التهمة المسندة إلى المتهم الأول إلى الشروع في تسهيل الدعارة للمتهمات من الثانية إلى السادسة، وبتعديل التهمة المسندة إلى المتهمين العاشر والثامنة إلى تسهيل والشروع في تسهيل دعارة أخريات على النحو المبين بالأوراق.
فطعن المحكوم عليه الأول والأستاذ/..... المحامي نيابة عنه، والمحكوم عليهما التاسع والعاشر في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن الأول على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الاتفاق الجنائي واعتياد ممارسة الفجور مع النساء وإدارة محل للدعارة والشروع في تسهيل الدعارة قد أخطأ في القانون وشابه قصور في التسبيب، ذلك بأنه اعتبر ممارسته الفحشاء مع النساء فجوراً ولم يستظهر أركان باقي الجرائم التي دانه بها ولم يدلل على توافرها في حقه رغم دفاعه بعدم قيامها، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن حصل الواقعة بما مفاده أن الطاعن اعتاد ممارسة الفحشاء مع بعض الساقطات وأنه بتفتيش مسكنه وجد بعضهن - المتهمات من الثانية إلى السادسة - يجالسن ثلاثة رجال من مواطني بلدة الطاعن وقرروا أنهم إثر وصولهم إلى مصر دعاهم الطاعن لتناول العشاء بمسكنه فحضر أولهم مع المتهم العاشر الذي اصطحب معه المتهمتين الرابعة والسادسة ووجدوا باقي المتهمات اللائي كن ينتوين قضاء الليلة معهم بالفندق الذي ينزلون فيه - خلص إلى إدانته عن التهمة الأولى لما ثبت من اعتياده ممارسة الفحشاء مع النسوة الساقطات. لما كان ذلك، وكانت الفقرة الثالثة من المادة التاسعة من القانون رقم 10 لسنة 1961 قد نصت على عقاب "كل من اعتاد ممارسة الفجور أو الدعارة"، وكان مفهوم دلالة هذا النص أن الجريمة الواردة فيه لا تتحقق إلا بمباشرة الفحشاء مع الناس بغير تمييز وأن يكون ذلك على وجه الاعتياد سواء بالنسبة لبغاء الرجل أو بغاء الأنثى حين ترتكب الفحشاء وتبيح عرضها لكل طالب بلا تمييز فتلك هي "الدعارة" تنسب للبعض فلا تصدر إلا منها، ويقابلها الفجور ينسب للرجل حين يبيح عرضه لغيره من الرجال بغير تمييز فلا يصدر إلا منه، وهو المعنى المستفاد من تقرير لجنتي العدل الأولى والشئون الاجتماعية بمجلس الشيوخ عن مشروع القانون رقم 68 لسنة 1951، والذي تضمن القانون الحالي رقم 10 لسنة 1961 ذات أحكامه على ما يبين من مراجعة أحكامه ومما أوردته مذكرته الإيضاحية صراحة - إذ ورد به "كما رأت الهيئة عدم الموافقة على ما رآه بعض الأعضاء من حذف كلمة "الدعارة" اكتفاء بكلمة "الفجور" التي تفيد من الناحية اللغوية المنكر والفساد بصفة عامة بغير تخصيص للذكر أو الأنثى، لأن العرف القضائي قد جرى على إطلاق كلمة "الدعارة" على بغاء الأنثى وكلمة "الفجور" على بغاء الرجل فرأت الهيئة النص على الدعارة والفجور لكي يشمل النص بغاء الأنثى والرجل على السواء" يؤيد هذا المعنى ويؤكده استقراء، نص المادة الثامنة ونص الفقرتين( أ، ب)من المادة التاسعة من قانون مكافحة الدعارة، فقد نص الشارع في المادة الثامنة على أن "كل من فتح أو أدار محلاً للفجور أو الدعارة أو عاون بأية طريقة كانت في إدارته يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات. وإذ كان مرتكب الجريمة من أصول من يمارس الفجور أو الدعارة أو المتولين تربيته تكون العقوبة....." وفي الفقرة ( أ ) من المادة التاسعة على أن "كل من أجر أو قدم بأية صفة كانت منزلاً أو مكاناً يدار للفجور أو الدعارة". وفي الفقرة (ب) من المادة ذاتها على أن "كل من يملك أو يدير منزلاً مفروشاً أو غرفاً مفروشة أو محلاً مفتوحاً للجمهور يكون قد سهل عادة الفجور أو الدعارة...." فاستعمال الشارع عبارة "الفجور أو الدعارة" في هاتيك النصوص يفصح بجلاء عن قصده في المغايرة بين مدلول كلا اللفظين بما يصرف الفجور إلى بغاء الرجل بالمعنى بادي الذكر، وللدعارة إلى بغاء الأنثى، وهو ما يؤكده أيضاً أن نص المادة الثامنة من مشروع القانون رقم 68 لسنة 1951 كان يجرى بأن "كل من فتح أو أدار منزلاً للدعارة أو ساهم أو عاون في إدارته يعاقب بالحبس..... ويعتبر محلاً للدعارة كل محل يتخذ أو يدار للبغاء عادة ولو اقتصر استعماله على بغي واحدة" وقد عدل هذا النص في مجلس النواب فأصبح "كل من فتح أو أدار محلاً للفجور أو الدعارة أو عاون بأية طريقة كانت في إدارته ويعتبر محلاً للفجور أو الدعارة كل مكان يتخذ أو يدار لذلك عادة ولو كان من يمارس فيه الفجور أو الدعارة شخصاً واحداً" وقد جاء بتقرير الهيئة المكونة من لجنتي العدل والشئون التشريعية والشئون الاجتماعية والعمل المقدم لمجلس النواب في 22 من يونيو سنة 1949 أن كلمة "فجور" أضيفت حتى يشمل النص بغاء الذكور والإناث، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر المتقدم واعتبر ممارسة الطاعن الفحشاء مع النساء فجوراً، فإنه يكون قد أخطأ في القانون، إذ يخرج هذا الفعل عن نطاق التأثيم لعدم وقوعه تحت طائلة أي نص عقابي آخر. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لتهمة إدارة الطاعن الأول محلاً للدعارة بقوله: "وحيث إنه عن التهمة الثانية المنسوبة للمتهم الأول فإنه من المقرر طبقاً لنص المادة 8/ 1 من القانون رقم 10 لسنة 1961 أن كل من فتح أو أدار محلاً للفجور أو الدعارة أو عاون بأية طريقة كانت في إدارته يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تزيد على ثلاثمائة جنيه ويحكم بإغلاق المحل ومصادرة الأمتعة والأثاث الموجودين وفي هذا تقول محكمة النقض أنه يعتبر محلاً للدعارة أو الفجور في حكم المادتين 8 و9 كل مكان يستعمل عادة لممارسة دعارة الغير أو فجوره ولو كان من يمارس فيه الدعارة أو الفجور شخصاً وحداً ولا تثريب على المحكمة إن هي عولت في إثبات ركن الاعتياد على اعترافات المتهمين إذ أن القانون لم يستلزم طريقاً معيناً لإثباته، وأنه لا يقدح في اعتبار المنزل الذي أجرى تفتيشه محلاً للدعارة أنه مسكن خاص للزوجية ما دام الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن المتهم قد أعد هذا المسكن في الوقت ذاته لاستقبال نساء ورجال لارتكاب الفحشاء فيه متى كان ذلك، وكان العقيد..... ضابط الواقعة قد أثبت في محضره المؤرخ 3/ 9/ 1987 كما شهد بتحقيقات النيابة وأمام محكمة أول درجة بأنه انتقل إلى مسكن المتهم الأول نفاذاً لإذن النيابة بضبطه وتفتيشه وتفتيش مسكنه ومن يتواجد معه في حالة مخالفة القانون رقم 10 لسنة 1961 فقد شهد في حجرة المواجهة المتهمات من الثانية إلى السادسة وقد جلسن بجوار ثلاثة رجال هم....... و..... و....... في أوضاع خليعة واعترفت له النسوة باعتيادهن ممارسة الدعارة كما اعترف المتهم الأخير الذي تواجد بالمسكن محل الواقعة بأنه أحضر المتهمتين الرابعة والسادسة من مسكنهما بمعاونة المتهمة الثامنة لتسهيل واستغلال دعارتهم للرجال الثلاثة سالفي الذكر الذين قرروا أنهم حضروا لشقة الواقعة بناء على دعوة المتهم الأول الذين لا يعرفونه من قبل ولما كان كل من..... و..... و..... قد شهدوا في محضر الضبط بأنهم حضورا لمسكن المتهم الأول بناء على دعوته رغم عدم سابقة معرفتهم به وأنهم كانوا سيمارسون الفحشاء مع المتهمات المضبوطات ولما كانت تحريات الشرطة قد أكدت أن المتهم الأول يستضيف في مسكنه المذكور بعض أصدقائه ونسوة ساقطات ويمارسون معهن الفحشاء في هذا المسكن ومن ثم يقر في عقيدة المحكمة أن المتهم الأول قد أعد مسكنه الكائن بالشقة رقم...... بالعقار رقم....... لاستقبال بائعات الهوى وراغبي شراء هذه المتعة المرذولة من الرجال ولتطمئن المحكمة إلى ما قرره الشاهدان اللذان أحضرهما دفاع المتهم الأول من تواجد زوجته بشقة الواقعة وقت حضور رجال الشرطة الأمر الذي يتعين معه عقاب المتهم المذكور طبقاً لنص المادة 8/ 1 من القانون رقم 10 لسنة 1966 وعملاً بالمادة 304/ 2 إجراءات جنائية" لما كان ذلك وكان مقتضى نص المادتين الثامنة والعاشرة من القانون رقم 10 لسنة 1966 أن جريمة فتح أو إدارة محل للدعارة تستلزم لقيامها نشاطاً إيجابياً من الجاني تكون صورته إما فتح المحل بمعنى تهيئته وإعداده. للغرض الذي خصص من أجله أو تشغيله وتنظيم العمل فيه تحقيقاً لهذا الغرض وهي جرائم العادة التي لا تقوم إلا بتحقق ثبوتها، ولما كانت صورة الواقعة التي أوردها الحكم المطعون فيه لجريمة إدارة منزل للدعارة التي أسندها للطاعن الأول قد خلت من استظهار توافر عنصري الإدارة والعادة والتدليل على قيامهما في حقه بما تقوم به تلك الجريمة، فإنه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أخذ الطاعن الأول بجريمة تسهيل الدعارة في قوله: "وحيث إنه عن التهمة الثالثة المنسوبة للمتهم الأول تطبيقاً لنص المادة 1/ أ من القانون 10 لسنة 1961 أن كل من حرض ذكراً، كان أو أنثى على ارتكاب الفجور أو الدعارة أو ساعده على ذلك أو سهله له يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة من مائة جنيه إلى ثلاثمائة جنيه وطبقاً لنص المادة 7 من ذات القانون يعاقب على الشروع بالعقوبة المقررة للجريمة في حالة تمامها - وتبياناً لهذه الجريمة تقول محكمة النقض أنه تتوافر جريمة تسهيل الدعارة بقيام الجاني بفعل أو أفعال يهدف من ورائها إلى أن ييسر لشخص يقصد مباشرة الفسق تحقيق هذا القصد أو قيام الجاني بالتدابير اللازمة لممارسة البغاء وتهيئة الفرصة له أو تقديم المساعدة المادية أو المعنوية إلى شخص لتمكينه من ممارسة البغاء أياً كانت طريقة أو مقدار هذه المساعدة ومتى كان ذلك وكان الثابت من محضر الضبط المؤرخ 30/ 9/ 1987 وما شهد به محرره أمام النيابة وأمام محكمة أول درجة أنه شاهد المتهمات من الثانية إلى السادسة بمسكن المتهم الأول وهن في أوضاع خليعة بجوار الرجال....... و....... و....... الذين قرروا في محضر الضبط أنهم حضروا لشقة الواقعة تلبية لدعوة صاحبها المتهم الأول وأنهم كانوا سيمارسون الفحشاء مع المتهمات المذكورات اللائي اعترفن بأنهن من البغايا ومن ثم يستقر في وجدان المحكمة أن المتهم الأول قد جلب المتهمات من الثانية إلى السابعة بائعات الرذيلة إلى شقته التي استضاف فيها في ذات الوقت الرجال الثلاثة سالفي الذكر ليمارسوا معهن البغاء وقد أوقفت هذه الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو حضور رجال الشرطة وضبطهم جميعاً ومن ثم تعين عقابه طبقاً لنص المادتين 1/ أ و7 من القانون رقم 10 لسنة 1961 عملاً بالمادة 304/ 2 إجراءات جنائية" لما كان ذلك، وكانت جريمة تسهيل الدعارة تتوافر بقيام الجاني بفعل أو أفعال يهدف من ورائها إلى أن ييسر لشخص يقصد مباشرة الفسق تحقيق هذا القصد أو قيام الجاني بالتدابير اللازمة لممارسة البغاء وتهيئة الفرصة له أو تقديم المساعدة المادية أو المعنوية إلى شخص لتمكينه من ممارسة البغاء أياً كانت طريقة أو مقدار هذه المساعدة فيجب انصراف قصد الجاني إلى تسهيل البغاء - فجوراً كان أم دعارة - لغيره بغرض تمكين هذا الغير من ممارسته، فلا تقوم الجريمة إذا لم ينصرف قصد الجاني إلى ذلك بصفة أساسية ولو جاء التسهيل عرضاً أو تبعاً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خلا من استظهار انصراف قصد الطاعن الأول إلى تسهيل دعارة المتهمات من الثانية إلى السادسة ومن إيراد الوقائع المؤدية إلى ذلك، وأطلق القول بقيام الجريمة في حقه لمجرد ضبط هؤلاء المتهمات في مسكنه ومعهن بعض الرجال دون أن يدلل بتدليل سائغ على توافر هذا القصد لديه فإنه يكون فوق قصوره في التسبيب مشوباً بالفساد في الاستدلال مما يعيبه ويوجب نقضه بالنسبة للطاعن الأول - والطاعنين الثاني...... و...... والمحكوم عليهن الثانية والثالثة والخامسة........ و........ و....... اللائي كن طرفاً في الخصومة الاستئنافية نظراً لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة، ولا يقدح في ذلك أن يكون الطاعن الأول قد دين بجريمة الاتفاق الجنائي وقضى عليه فيها بحبسه شهراً ما دام الحكم قد وقع عليه عقوبة الحبس سنتين وهي العقوبة المقررة لجريمة تسهيل الدعارة ذات العقوبة الأشد، إذ لا يمكن القول أن العقوبة الموقعة عليه مبررة.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن الرابع........ على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة تسهيل الدعارة قد شابه قصور في التسبيب، ذلك بأنه عول في إدانته ضمن ما عول عليه على اعتراف زوجته المتهمة السابعة رغم ما دفعا به من بطلانه لكونه وليد إكراه ودون أن يرد الحكم على ذلك، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه حصل اعتراف المتهمة السابعة....... بمحضر الضبط من اعتيادها ممارسة الدعارة وأن زوجها الطاعن الرابع يسهل لها ذلك، كما أورد الحكم أنها عدلت عن هذا الاعتراف عند استجوابها بالتحقيقات وعزته لاعتداء رجال الشرطة عليها بالضرب، كما تبين من محضر جلسة 3 من فبراير سنة 1988 أمام المحكمة الاستئنافية أن المدافع عن الطاعن والمتهمة السابعة كليهما قد دفع ببطلان اعترافات المتهمين. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع ببطلان الاعتراف لصدوره تحت تأثير الإكراه هو دفع جوهري يجب على محكمة الموضوع مناقشته والرد عليه يستوي في ذلك أن يكون المتهم المقر هو الذي أثار البطلان أو أن يكون متهم آخر في الدعوى قد تمسك به ما دام الحكم قد عول في قضائه بالإدانة على هذا الإقرار. لما كان ذلك، وكان البين مما سلف أن المدافع عن الطاعن الرابع والمتهمة السابعة قد دفع أمام المحكمة الاستئنافية ببطلان اعتراف الأخيرة والتي كانت قد عزت هذا الاعتراف إلى الاعتداء عليها بالضرب من رجال الشرطة، وكان الحكم المطعون فيه رغم تحصيله أقوال الأخيرة في هذا الخصوص إلا أنه عول على اعترافها ضمن ما عول عليه في إدانتها والطاعن الرابع دون أن يعرض إلى ما أثير في صدد هذا الاعتراف ويقول كلمته فيه، فإنه يكون قاصر التسبيب بما يبطله ويوجب نقضه بالنسبة للطاعن الرابع. ولا يغير من ذلك ما أوردته المحكمة من أدلة أخرى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط إحداها أو استبعد تعذر التعرف على الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة لما كان ذلك وكان الوجه الذي بني عليه النقض بالنسبة لهذا الطاعن يتصل بالمتهمة السابعة التي كانت طرفاً في المحاكمة الاستئنافية، فيتعين كذلك نقض الحكم بالنسبة إليها عملاً بحكم المادة 42 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.