أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 40 - صـ 792

جلسة 19 من أكتوبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ حسين كامل حنفي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الدكتور علي فاضل ومحمد زايد وصلاح البرجى نواب رئيس المحكمة وأحمد عبد الرحمن.

(132)
الطعن رقم 1877 لسنة 59 القضائية

(1) استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". تفتيش "إذن التفتيش". إصداره "بياناته". دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
إذن التفتيش لم يشترط القانون له شكلاً معيناً. وجود خطأ في اسم المأذون بتفتيشه أو خلوه من بيان صفته أو صناعته أو محل إقامته. لا يعيبه. طالما كان هو الشخص المقصود بالإذن.
(2) دفوع "الدفع بشيوع التهمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفع بشيوع التهمة. موضوعي. لا يستأهل رداً خاصاً.
(3) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه. هو الطب الجازم الذي يصر عليه مقدمه إلى ما قبل قفل باب المرافعة.
(4) اختصاص "الاختصاص النوعي". محكمة الجنايات "اختصاصها". محكمة الجنح "اختصاصها". جريمة "أنوعها". عقوبة "أنواعها". وصف التهمة. إخفاء أثر مملوك للدولة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
اختصاص المحاكم الجنائية. العبرة فيه بنوع العقوبة التي تهدد الجاني ابتداء.
المعول عليه في تحديد الاختصاص النوعي ابتداء هو الوصف القانوني للواقعة. كما رفعت بها الدعوى.
اختصاص محكمة الجنايات بجريمة إخفاء أثر مملوك للدولة. أساس ذلك؟.
1 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وأن القانون لا يشترط شكلاً معيناً لإذن التفتيش فلا ينال من صحته وجود خطأ في اسم المأذون بتفتيشه أو خلوه من بيان صفته أو صناعته أو محل إقامته طالما أنه الشخص المقصود بالإذن، ولما كان الحكم المطعون فيه قد تناول الرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش على نحو يتفق وصحيح القانون فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً.
2 - من المقرر أن الدفع بشيوع التهمة هو من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة رداً خاصاً اكتفاء بما تورده من أدلة الثبوت التي تطمئن إليها.
3 - إن الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته هو الطلب الصريح الجازم الذي يصر عليه مقدمه إلى ما قبل فقل باب المرافعة في الدعوى.
4 - لما كان مفاد المواد 215، 216، 382 من قانون الإجراءات الجنائية بخاصة وسياسة التشريع الإجرائي بعامة أن توزيع الاختصاص بين محاكم الجنايات والمحاكم الجزئية يجرى على أساس نوع العقوبة التي تهدد الجاني ابتداء من التهمة المسندة إليه بحسب ما إذا كانت جناية أو جنحة أو مخالفة بصرف النظر عن العقوبة التي توقع عليه بالفعل بالنسبة إلى الجريمة التي تثبت في حقه، ولذلك فإن المعول عليه في تحديد الاختصاص النوعي هو بالوصف القانوني للواقعة كما رفعت بها الدعوى إذ يمتنع عقلاً أن يكون المرجع في ذلك ابتداء هو نوع العقوبة التي يوقعها القاضي انتهاء بعد الفراغ من سماع الدعوى. لما كان ذلك، وكانت العقوبة المقررة لإخفاء أثر مملوك للدولة المسندة إلى الطاعن والمنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 42 من القانون رقم 117 لسنة 1983 بشأن حماية الآثار هي السجن مدة لا تقل عن خمس سنوات ولا تزيد على سبع سنوات وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسين ألف جنيه فضلاً عن مصادرة المضبوطات لصالح هيئة الآثار فإن ذلك يقتضي حتماً أن تكون المحكمة المختصة بمحاكمة المتهم هي محكمة الجنايات وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: أحرز أثراً مملوكاً للدولة على النحو المبين بالأوراق. ثانياً: اتجر بدون ترخيص من الجهة الإدارية المختصة في آثار مملوكة للدولة على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالته إلى محكمة جنايات المنيا لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 6، 42/ أ من القانون رقم 117 لسنة 1983 بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة خمس سنوات وتغريمه ثلاثة آلاف جنيه عن التهمة الأولى وبمصادرة الآثار المضبوطة لصالح هيئة الآثار المصرية وببراءته من التهمة الثانية المسندة إليه باعتبار أن التهمة المسندة إليه إخفاء أثر مملوك للدولة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إخفاء أثر مملوك للدولة قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع كما انطوى على الخطأ في القانون ذلك بأن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان إذن التفتيش لقيامه على تحريات غير جدية لعدم إيرادها بيانات كافية عن المتهم وقد رد الحكم على هذا الدفع بما لا يسوغ إطراحه، كما التفت الحكم عن دفاعه بشيوع التهمة المسندة إليه، كما أنه طلب من المحكمة ندب خبير في الدعوى لمعاينة الآثار المضبوطة إذ قام مفتش الآثار بالاشتراك في واقعة الضبط مما يشكك في التقرير الفني الذي حرره بشأن المضبوطات، كما أن ضابط الواقعة حدد قصد الطاعن من حيازته للمضبوطات بالاتجار فيها وهو ما استبعدته المحكمة بما تضحى معه الواقعة جنحة لا تخص محكمة الجنايات بالحكم فيها. كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وأن القانون لا يشترط شكلاً معيناً لإذن التفتيش فلا ينال من صحته وجود خطأ في اسم المأذون بتفتيشه أو خلوه من بيان صفته أو صناعته أو محل إقامته طالما أنه الشخص المقصود بالإذن، ولما كان الحكم المطعون فيه قد تناول الرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش على نحو يتفق وصحيح القانون فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً. لما كان ذلك وكان من المقرر أن الدفع بشيوع التهمة هو من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة رداً خاصاً اكتفاء بما تورده من أدلة الثبوت التي تطمئن إليها، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما استقر في عقيدة ووجدان المحكمة من انبساط سلطان الطاعن على الآثار المضبوطة تأسيساً على أدلة سائغة لها أصلها في الأوراق وتتفق والاقتضاء العقلي فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك وكان يبين من الرجوع إلى محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يصر بجلسة المرافعة على طلب ندب خبير في الدعوى فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي لم تستجب لهذا الطلب الذي يقرر الطاعن أنه أبداه أمام المحكمة لما هو مقرر من أن الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته، هو الطلب الصريح الجازم الذي يصر عليه مقدمه إلى ما قبل فقل باب المرافعة في الدعوى، هذا فضلاً عن أنه لما كان الثابت مما جاء بأسباب الطعن أن الطلب المشار إليه لا يتجه مباشرة إلى نفي الأفعال المكونة للجريمة المسندة للطاعن أو استحالة حصولها بالكيفية التي رواها شهود الإثبات بل المقصود منه في واقع الأمر هو تجريح أقوالهم الأمر الذي لا تلتزم المحكمة بإجابته، فإن النعي على الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك وكان مفاد المواد 215، 216، 382 من قانون الإجراءات الجنائية بخاصة وسياسة التشريع الإجرائي بعامة أن توزيع الاختصاص بين محاكم الجنايات والمحاكم الجزئية يجرى على أساس نوع العقوبة الذي تهدد الجاني ابتداء من التهمة المسندة إليه بحسب ما إذا كانت جناية أو جنحة أو مخالفة بصرف النظر عن العقوبة التي توقع عليه بالفعل بالنسبة إلى الجريمة التي تثبت في حقه، ولذلك فإن المعول عليه في تحديد الاختصاص النوعي هو بالوصف القانوني للواقعة كما رفعت بها الدعوى إذ يمتنع عقلاً أن يكون المرجع في ذلك ابتداء هو نوع العقوبة التي يوقعها القاضي انتهاء بعد الفراغ من سماع الدعوى. لما كان ذلك، وكانت العقوبة المقررة لإخفاء أثر مملوك للدولة المسندة إلى الطاعن والمنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 42 من القانون رقم 117 لسنة 1983 بشأن حماية الآثار هي السجن مدة لا تقل عن خمس سنوات ولا تزيد على سبع سنوات وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسين ألف جنيه فضلاً عن مصادرة المضبوطات لصالح هيئة الآثار فإن ذلك يقتضي حتماً أن تكون المحكمة المختصة بمحاكمة المتهم هي محكمة الجنايات وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.