مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1968 إلى آخر سبتمبر سنة 1968) - صـ 509

(68)
جلسة 17 من فبراير سنة 1968

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعادل عزيز زخاري وعبد الستار عبد الباقي آدم ومحمد بهجت محمود عتيبه المستشارين.

القضية رقم 632 لسنة 11 القضائية

محكمة إدارية عليا "دائرة فحص الطعون". التماس إعادة النظر - دائرة فحص الطعون هي محكمة ذات ولاية قضائية - يترتب على ذلك اختصاصها بالنظر في الطعن في حكمها بالتماس إعادة النظر - لا تختص المحكمة الإدارية العليا بنظر هذا الطعن.
إن دائرة فحص الطعون هي محكمة ذات ولاية قضائية تختلف عن ولاية المحكمة الإدارية العليا وتشكل على نحو يغاير تشكليها وتصدر أحكامها على استقلال طبقاً لقواعد نص عليها القانون وهي بهذه المثابة محكمة ذات كيان بذاته ومن ثم تكون دائرة فحص الطعون هذه وقد أصدرت حكمها في الطعنين رقمي 1359 لسنة 10 القضائية و1596 لسنة 10 القضائية الملتمس فيهما هي المختصة بنظر الالتماس المرفوع عنهما، وهو ما يقتضي الحكم بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وإحالتها إلى دائرة فحص الطعون المختصة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة:
من حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما استظهرته المحكمة من الأوراق تتحصل في أن المفتش السيد/ عبد الغني عبد الموجود حسن أقام الدعوى رقم 1257 لسنة 8 القضائية أمام المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات والسكك الحديدية طالباً إلغاء قرار مدير عام القسم الطبي بالهيئة العامة للسكك الحديدية الثابت بأورنيك المرض رقم 88032 في 11 من يوليو سنة 1961 فقضت المحكمة في 16 من يناير سنة 1963 بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وألزمت المدعي المصروفات مستندة في ذلك إلى أن اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري محدد بالمسائل المنصوص عليها في المادة 8 من قانون مجلس الدولة وأن القرار المطعون فيه لا يدخل ضمن القرارات النهائية التي تدخل في اختصاص مجلس الدولة، فرفع الملتمس الدعوى من جديد أمام محكمة القضاء الإداري "هيئة الفصل بغير الطريق التأديبي" وقيدت الدعوى برقم 721 لسنة 17 القضائية وطلب إلغاء قرار مدير عام القسم الطبي المشار إليه وفي 27 من مايو سنة 1964 قضت محكمة القضاء الإداري بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات وأقامت قضائها على أن الثابت أن المدعي وهو يشغل وظيفة سائق قطار إنما ينتمي إلى الكادر المتوسط وليس إلى الكادر العالي وأنه طبقاً لنص المادتين 13 و24 من القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة لا تختص محكمة القضاء الإداري بنظر دعواه وإنما ينعقد الاختصاص بنظرها للمحكمة الإدارية لوزارة المواصلات والسكك الحديدية، وطعنت هيئة مفوضي الدولة في الحكم الصادر بمحكمة القضاء الإداري في الحكم رقم 721 لسنة 17 القضائية بالطعن الذي قيد برقم 1359 لسنة 10 القضائية وطلبت إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي بقبوله شكلاً وفي الموضوع باختصاص المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات والسكك الحديدية بنظر الدعوى وإحالتها إليها لتفصل في الموضوع وذلك استناداً إلى أن المادة 56 من قرار رئيس الجمهورية رقم 2190 لسنة 1956 بنظام موظفي هيئة سكك حديد مصر تنص على حالات انتهاء الخدمة ومن بينها عدم اللياقة للخدمة صحياً كما تنص المادة 58 من القرار المذكور على أن تثبت عدم اللياقة الصحية بقرار من مجلس طبي بالهيئة بناء على طلب الموظف أو الهيئة ولا يجوز فصل الموظف لعدم اللياقة قبل نفاذ إجازاته المرضية والدورية إلا بموافقته، كما أن المادة 77 من قرار رئيس الجمهورية رقم 1640 لسنة 1960 باللائحة التنفيذية لقرار رئيس الجمهورية رقم 2190 سنة 1959 تقضي بأن الموظف الذي يثبت عدم لياقته الطبية أثناء الخدمة ويكون شاغلاً لإحدى الوظائف المبينة بها ومن بينها وظيفة سائق قطارات ينقل إلى وظيفة أخرى خالية بالكادر الفني المتوسط مناسبة لحالته من حيث طبيعة العمل ومعادلة لوظيفته في المرتب من حيث مربوطها وذلك بشرط ثبوت لياقته الطبية لشغلها ولا يجوز نقله إلى وظيفة مرتبة أدنى إلا برضائه فإذا لم توجد وظيفة مماثلة أو أدنى أو إذا لم يقبل الموظف الوظيفة الأدنى أحيل إلى الاستيداع لحين خلو مرتبة معادلة لمرتبة وظيفته الأصلية وتثبت لياقته الطبية لها وتكون إحالته إلى الاستيداع وإعادته بقرار من مدير السكك الحديدية، وأنه يبين من ذلك أن قرار المجلس الطبي للهيئة بتقرير حالة اللياقة الطبية للموظف يؤثر مآلاً في حالة الموظف الوظيفية من حيث إبقاء الموظف في وظيفته أو نقله إلى وظيفة أخرى أو بإحالته إلى الاستيداع أو بفصله من الخدمة لذلك فإنه يعتبر بمثابة القرار الإداري النهائي مما يتدرج في عموم الطلبات المنصوص عليها في الفقرتين الثالثة والخامسة في المادة الثامنة من قانون مجلس الدولة وأنه لما كان قضاء المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات قد جرى على خلاف ذلك فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله، ثم ذكرت الهيئة في صحيفة الطعن أن الطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 721 لسنة 17 القضائية بعدم اختصاصها يفتح باب الطعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات بعدم اختصاصها وذلك طبقاً لما جرى به قضاء المحكمة الإدارية العليا وانتهت الهيئة إلى طلب الحكم بالطلبات السالف بيانها، وفي 27 من أغسطس سنة 1964 أودع محامي الملتمس سكرتيرية المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 721 لسنة 17 القضائية الآنف ذكرها وقيد الطعن برقم 596 لسنة 10 القضائية وطلب للأسباب المبينة بعريضة الطعن إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم الاختصاص بنظر الدعوى وبنظرها وإلغاء قرار القسم الطبي الصادر بتاريخ 11 من يوليه سنة 1961 القاضي بعدم لياقته لوظيفة سائق مع ما يترتب على ذلك من آثار، وفي 3 من إبريل سنة 1965 قضت دائرة فحص الطعون في الطعن رقم 1359 لسنة 10 القضائية بإجماع الآراء بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وذلك استناداً إلى أن الحكم المطعون فيه الصادر في 27 من مايو سنة 1964 صحيح لأسبابه وأنه ليس هناك ثمة تنازع سلبي في الاختصاص يبيح النظر في حكم المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات والسكك الحديدية في القضية رقم 1257 لسنة 8 القضائية الصادر في 16 من يناير سنة 1963 حيث قضى هذا الحكم بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى ولم يقض في توزيع الاختصاص بين المحاكم الإدارية ومحكمة القضاء الإداري أو بين المحاكم الإدارية فيما بينها، كما قضت في الطعن رقم 1596 لسنة 10 القضائية بإجماع الآراء بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن بالمصروفات وأمرت بمصادرة الكفالة.
وفي 2 من يونيه سنة 1965 أودع محامي الملتمس عريضة التماس إعادة النظر في الحكمين الصادرين من هيئة فحص الطعون في الطعنين رقمي 1359 لسنة 10 القضائية و1956 لسنة 10 القضائية وطلب للأسباب التي أوردها في عريضة الالتماس قبول الالتماس شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكمين رقمي 1359 لسنة 10 القضائية الصادرين من دائرة فحص الطعون والإحالة إلى المحكمة الإدارية العليا للحكم بإلغاء قرار القسم الطبي في 11 من يوليو سنة 1961 القاضي بأن الملتمس غير لائق لوظيفة سائق وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الملتمس ضدها المصروفات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً انتهت فيه لما أبدته من أسباب إلى أنها ترى الحكم بعدم قبول الالتماس مع إلزام الملتمس بالمصروفات.
وقدمت الملتمس ضدها مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم جواز قبول الالتماس مع إلزام الملتمس المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة استناداً إلى أن قضاء المحكمة الإدارية العليا جرى بعدم قبول الطعن في الأحكام الصادرة من المحكمة الإدارية العليا بطريق التماس إعادة النظر وأنه طالما أن الحكمين الملتمس فيهما صادران من دائرة فحص الطعون وهي إحدى هيئات المحكمة الإدارية العليا لذلك يسري في شأنهما ما يسري على الأحكام الصادرة من المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إن الملتمس يطعن بالتماس إعادة النظر في الحكمين الصادرين من دائرة فحص الطعون رقم 1359 لسنة 10 القضائية ورقم 1596 لسنة 10 القضائية.
ومن حيث إن المادة 3 من القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة للجمهورية العربية المتحدة تقضي بأن تطبق الإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون وتطبق أحكام المرافعات فيما لم يرد فيه نص وذلك إلى أن يصدر قانون بالإجراءات الخاصة بالقسم القضائي، فإنها جعلت الأصل في المنازعات الإدارية وجوب تطبيق الإجراءات المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة وتطبيق قانون المرافعات فيما لم يرد فيه نص في قانون المجلس وبالقدر الذي لا يتعارض مع أحكام قانون تنظيم المجلس.
ومن حيث إن قانون مجلس الدولة لم يرد به نص يجدد المحكمة المختصة بنظر التماس إعادة النظر لذلك فإن ما تقضي به المادة 419 من قانون المرافعات من أن الالتماس يرفع إلى المحكمة التي أصدرت الحكم تطبق في شأن الالتماس الذي يرفع أمام محاكم القضاء الإداري.
ومن حيث إنه وقد صدر الحكمان الملتمس فيهما من دائرة فحص الطعون وقد نظرت دائرة فحص الطعون هذا الالتماس وقررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا، لذلك فإن الأمر يقتضي تحديد أي من المحكمتين هي المختصة بالفصل في الالتماس.
ومن حيث إن المادة الرابعة من قانون مجلس الدولة تقضى بأن يرأس المحكمة الإدارية العليا رئيس المجلس وتصدر أحكامها من دوائر من خمسة مستشارين ويكون بها دائرة أو أكثر لفحص الطعون وتشكل من ثلاثة مستشارين، وتنص المادة 15 من القانون على أنه يجوز الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري أو المحاكم الإدارية أو المحاكم التأديبية وذلك في الأحوال المبينة في المادة، كما تنص المادة 17 من القانون على أن تنظر دائرة فحص الطعون الطعن بعد سماع إيضاحات مفوضي الدولة وذوي الشأن إن رأى رئيس الدائرة وجهاً لذلك وإذا رأت دائرة فحص الطعون أن الطعن جدير بالعرض على المحكمة الإدارية العليا إما لأن الطعن مرجح القبول أو لأن الفصل في الطعن يقتضي تقرير مبدأ قانوني لم يسبق للمحكمة تقريره أصدرت قراراً بإحالته إليها، أما إذا رأت بإجماع الآراء أنه غير مقبول شكلاً أو باطل أو غير جدير بالعرض حكمت برفضه وتكتفي بذكر القرار أو الحكم بمحضر الجلسة وتبين المحكمة في المحضر بإيجاز وجهة النظر إذا كان الحكم صادراً بالرفض ولا يجوز الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن وإذا قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا يؤشر قلم كتاب المحكمة بذلك على تقرير الطعن ويخطر ذوو الشأن وهيئة مفوضي الدولة بقرار المحكمة، وتنص المادة 18 من القانون على أن تسري القواعد المقررة لنظر الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا على الطعن أمام دائرة فحص الطعون ويجوز أن يكون من بين أعضاء المحكمة الإدارية العليا من اشترك من أعضاء دائرة فحص الطعون في إصدار قرار الإحالة.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن دائرة فحص الطعون هي محكمة ذات ولاية قضائية تختلف عن ولاية المحكمة الإدارية العليا وتشكل على نحو يغاير تشكيلها وتصدر أحكامها على استقلال طبقاً لقواعد نص عليها القانون وهي بهذه المثابة محكمة ذات كيان قائم بذاته ومن ثم تكون دائرة فحص الطعون هذه وقد أصدرت حكمها في الطعنين رقمي 1359 لسنة 10 القضائية و1596 لسنة 10 القضائية الملتمس فيهما هي المختصة بنظر الالتماس المرفوع عنهما وهو ما يقتضي الحكم بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وإحالتها إلى دائرة فحص الطعون المختصة.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر هذا الالتماس وبإحالته إلى دائرة فحص الطعون للفصل فيه.