مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1968 إلى آخر سبتمبر سنة 1968) - صـ 531

(72)
جلسة 18 من فبراير سنة 1968

برئاسة السيد الأستاذ مصطفى كامل إسماعيل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبي ومحمد فتح الله بركات وسليمان محمود جاد ومحمد فهمي طاهر المستشارين.

القضية رقم 139 لسنة 9 القضائية

( أ ) موظف "مدة خدمة سابقة" تعليم حر - قرار مجلس الوزراء الصادر بجلسة 5/ 3/ 1945 - يفيد من أحكامه معلمو التعليم الحر الذين كانوا يعملون في مدارس معانة.
(ب) موظف "مدة خدمة سابقة" قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 - افتتاح ميعاد جديد مدته ثلاثة أشهر للاستفادة من أحكامه وذلك بموجب القرار الجمهوري رقم 942 لسنة 1962 - انتهاء هذا الميعاد الجديد قبل الفصل في الدعوى التي أقامها المدعي للاستفادة من أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 5/ 3/ 1945 - دعوى المدعي لا تغني عن ضرورة تقديم طلب خلال الميعاد للاستفادة من أحكام القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 - أساس ذلك - عدم إمكان صرف قصد المدعي الضمني إلى غير ما اتجه إليه قصده الصريح [(1)].
1 - يبين من المذكرة التي رفعت إلى مجلس الوزراء التي صدر قرار المجلس في 5/ 3/ 1945 بالموافقة على الاقتراحات المبينة بها، أن الذين يفيدون من أحكامه، هم معلمو التعليم الحر الذين كانوا يعملون في مدارس معانة، دون غيرهم حسبما أكدت ذلك الوزارة في تقرير طعنها وفي مذكرتها المتقدمة في الطعن.
2 - إنه لما كان قد صدر في أثناء نظر الدعوى، قرار رئيس الجمهورية رقم 942 لسنة 1962 الذي فتح للموظفين ميعاداً جديداً مدته ثلاثة أشهر لطلب ضم مدد خدمتهم السابقة طبقاً لقرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 وهو الميعاد الذي بدأ في 5 من مارس سنة 1962 وانتهى بعد ثلاثة أشهر من ذلك التاريخ، وقبل الفصل في الدعوى - وكان المدعي قد أقام دعواه، مؤسساً طلب ضم مدة خدمته السابقة فيها على قرار مجلس الوزراء الصادر في 5 من مارس سنة 1945 ومتمسكاً فيها بتطبيق هذا القرار على حالته دون سواه، فإن دعواه لم تكن بالتحديد الوارد فيها لطلباته، وسند هذه الطلبات، لتغني عن تقديمه طلباً بضم مدة خدمته السابقة طبقاً لأحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 خلال الميعاد ولا سيماً إذا ما أخذ في الاعتبار تبيان المزايا في كل من هذين القرارين مما لا يمكن معه صرف القصد الضمني للمدعي إلى غير ما اتجه إليه قصده الصريح.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 316 لسنة 9 القضائية، ضد وزارة التربية والتعليم، بعريضة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم، في 3 من فبراير سنة 1962، بناء على قرار صادر لصالحه في جلسة أول يناير سنة 1962، من لجنة المساعدة القضائية بالمحكمة الإدارية المذكورة، في طلب الإعفاء رقم 184 لسنة 9 القضائية، المقدم منه ضد وزارة التربية والتعليم، في 11 من ديسمبر سنة 1961، وطلب في عريضة الدعوى، "الحكم بأحقيته في تسوية حالته على أساس ضم مدة خدمته السابقة بالتعليم الحر، من أول أكتوبر سنة 1934 لغاية 30 من سبتمبر سنة 1950، واعتباره في الدرجة الثامنة بعد خمس سنوات، مع ما يترتب على ذلك من آثار، مع إلزام المدعى عليه بالمصروفات والأتعاب" وقال بياناً لدعواه، إنه حصل على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية في سنة 1934، ثم عين في أول أكتوبر سنة 1934، مدرساً بمدرسة بطرس رزق - الأمريكان سابقاً - بميت يعيش مركز ميت غمر - التي ضمت إلى الوزارة في أول أكتوبر سنة 1950 وقد صدر بضمه إلى خدمة الوزارة قرار الضم رقم 144 في أكتوبر سنة 1915، فوضع على الدرجة التاسعة، اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1950 وعلى الرغم من أن الوزارة لم تنازع في أنه عمل في التعليم الحر اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1934، فإنها لم تضم له مدة خدمته بهذا التعليم التي يقضي بضمها قرار مجلس الوزراء الصادر في 5 من مارس سنة 1945، وما أعقبه من قرارات في شأن رجال التعليم الحر، كما لم تقم بترقيته إلى الدرجة الثامنة، بعد مضي خمس سنوات طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947 في شأن معلمي التربية البدنية، وذلك على الرغم من صدور أحكام بضم مدد الخدمة السابقة، لكثير من زملائه، ومن بينهم من كان يعمل معه بمدرسة بطرس رزق، ومن أجل ذلك أقام هذه الدعوى. وقد أجابت منطقة المنصورة التعليمية عن الدعوى، بأن المدعي - وهو يعمل مدرساً بمدرسة كفر الشهيد الإعدادية - قد ضم من التعليم الحر إلى خدمة الوزارة في أول ديسمبر سنة 1950 بقرار الضم رقم 144 مع وضعه في الدرجة التاسعة بمرتب قدره خمسة جنيهات شهرياً، اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1950، وقد جاء في هذا القرار أن المدعي المذكور عين في التعليم الحر في أول أكتوبر سنة 1934 كما ذكرت المنطقة أن مدرسة بطرس رزق التي كان المدعي يعمل بها خلال المدة من أول أكتوبر سنة 1934 حتى 30 من سبتمبر سنة 1950 لم تكن معانة وقد أعينت اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1950 - وهو تاريخ ضم المدعي إلى خدمة الوزارة - ومن ثم رأت المنطقة عدم جواز ضم مدة خدمته في المدرسة المشار إليها، ولما تقدم بطلب آخر يشكو فيه من عدم ضم مدة خدمته في التعليم الحر لم توافق المنطقة على إجابة طلبه، لعدم القياس باستمارة تعديل حالته المحررة بوساطة لجنة الضم بالوزارة، ولأنه لا يجوز ضم المدة المذكورة طبقاً لأحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958، لعدم تقدم المدعي بطلب لضمها خلال المدة المحددة لذلك في هذا القرار، وهي المدة من 3 من مارس سنة 1958 حتى 2 من يونيه سنة 1958. وبجلسة 22 من نوفمبر سنة 1962 قضت المحكمة الإدارية "بأحقية المدعي في ضم مدة خدمته السابقة بالتعليم الحر من أول أكتوبر سنة 1934 حتى أول أكتوبر سنة 1950 إلى مدة خدمته الحالية في أقدمية الدرجة والمرتب طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 5 من مارس سنة 1945، واعتباره في الدرجة الثامنة من أول أكتوبر 1950 طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947 وما يترتب على ذلك من آثار على الوجه المبين بالأسباب، وألزمت المدعى عليها المصروفات" وأقامت قضاءها على أن المدعي يفيد من قرار مجلس الوزراء الصادر في 5 من مارس سنة 1945 الذي نص على حساب مدد اشتغال المدرسين بالتعليم الحر كاملة، ولما كان المذكور حاصلاً على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية في 1934، واشتغل مدرساً بمدرسة بطرس رزق من أول أكتوبر سنة 1934 حتى 30 من سبتمبر سنة 1950، فإنه يفيد من هذا القرار الذي جاء عاماً مطلقاً، ولم يشترط أن تكون المدرسة الحرة من نوع خاص كما أن القوانين قد حددت المقصود بالمدرسة الحرة، بأنها كل مؤسسة غير حكومية تقوم بالتربية والتعليم أو الإعداد للمهن الحرة، أو لأية ناحية من نواحي التثقيف وبهذه المثابة تندرج المدرسة المشار إليها تحت هذا التعريف، وبالنسبة إلى اعتبار المدعي بالدرجة الثامنة من أول أكتوبر سنة 1950 أقامت المحكمة قضاءها على أن المذكور يفيد من قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947، إذ أنه كان يعمل مدرساً للتربية البدنية، ونجح في الدراسات الصيفية للتربية البدنية في سنة 1949، وعمل لدى الوزارة مدرساً للتربية البدنية فتوفرت فيه شروط الإفادة من هذا القرار.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه، إذ قضى بضم مدة خدمة المدعي السابقة في مدرسة بطرس رزق طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 5 من مارس سنة 1945، لأن هذا القرار خاص بمدد الخدمة التي تقضي في مدارس حرة معانة حسبما يؤخذ من قرار مجلس الوزراء الصادر في 25 من فبراير سنة 1951، وقرار وزير المعارف الصادر في 12 من نوفمبر سنة 1945 وقرار مجلس التعليم الحر في 20 من فبراير سنة 1948، ومنشور مدير عام التعليم الحر في 22 من مايو سنة 1951، وأخيراً المنشور الصادر في 29 من يوليه سنة 1952 بضم موظفي المدارس الحرة إلى الوزارة، إذ أن تلك القرارات وهذين المنشورين تفرق في الحكم بين المدارس الحرة المعانة، والمدارس الحرة غير المعانة، كما أخطأ الحكم المطعون فيه إذ اعتبر مدة خدمة المدعي السابقة مدة خبرة فنية طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947، بينما هو خاص بمدد الخدمة التي تقضي في جهة حكومية، حسبما قضت بذلك المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 86 لسنة 4 القضائية، كذلك أخطأ الحكم المطعون فيه إذ قضى باستحقاق المدعي الدرجة الثامنة من أول أكتوبر سنة 1950، إذ لو سلم - جدلاً - باستحقاقه هذه الدرجة فإنما يكون ذلك من أول ديسمبر سنة 1950، طبقاً لمنشور مدير التعليم الحر آنف الذكر وأخيراً أخطأ الحكم المطعون فيه أيضاً، فيما قضى به من استحقاق المدعي الفروق المالية التي لم تسقط بالتقادم، إذ أن المدعي لم يطلب ضم مدة خدمته السابقة إلى خدمته الحالية إلا بعد انقضاء المواعيد التي حددها قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 لتقديم طلبات ضم مدد الخدمة السابقة، وقد أقام المدعي هذه الدعوى، وصدر في أثناء نظرها قرار رئيس الجمهورية رقم 942 لسنة 1962 الذي فتح ميعاداً جديداً لتقديم الطلبات المذكورة، فلو صح اعتبار الدعوى بمثابة طلب بضم خدمة المدعي السابقة، فإنه لما كان القرار الجمهوري رقم 942 لسنة 1962 يقضي في المادة الثالثة منه بعدم ترتب أية فروق مالية على ضم مدد الخدمة السابقة فإن المدعي لا يستحق أية فروق مالية.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على ملف خدمة المدعي أنه حصل على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية في شهر يونيه سنة 1934، ثم عمل معلماً للتربية البدنية بمدرسة بطرس رزق "الأمريكان سابقاً" الحرة بميت يعيش مركز ميت غمر اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1934، وقد نجح في الدراسات الصيفية التي أقامتها المراقبة العامة للتربية البدنية في سنة 1949 واستمر بالمدرسة المذكورة حتى آخر سبتمبر سنة 1950 ثم ضم إلى خدمة الوزارة اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1950 بإذن الضم رقم 144 المؤرخ 17 من أكتوبر سنة 1915 تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 25 من فبراير سنة 1951 مع وضعه في الدرجة التاسعة، ورقي بعد ذلك إلى الدرجة الثامنة اعتباراً من أول ديسمبر سنة 1959.
ومن حيث إن الحاضر عن الحكومة، قدم صوراً من القرارات والمنشورات التي استندت إليها الحكومة في الطعن، كما قدم مذكرة، رجع فيها إلى ما ورد في قرار مجلس الوزراء الصادر في 5 من مارس سنة 1945 المشار إليه، بالنسبة إلى مدرسي التعليم الحر، وانتهى إلى أن هذا القرار لا يطبق إلا على المدرسين الذين سرت في شأنهم النظم الحكومية وهم الذين يصرفون مرتباتهم من بند الإعانات فلا يفيد منه غيرهم، وعقب على ما ارتأته هيئة مفوضي الدولة في تقريرها عن الطعن من تسوية حالة المدعي طبقاً لقرار المجلس الأعلى للتعليم الحر المؤرخ 6 من نوفمبر سنة 1945، في شأن تسوية حالة مدرسي التربية البدنية في الدرجة الثامنة بعد مضي خمس سنوات، وما رتبته على ذلك من استحقاق المدعي الدرجة الثامنة من سنة 1939، بأن المدعي لم يكن موظفاً عمومياً في ذلك الوقت ومن ثم يخرج النظر في هذه المنازعة عن اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري، كما أن إرجاع أقدمية المدعي في الدرجة الثامنة إلى ذلك التاريخ - بينما قضى الحكم المطعون فيه باستحقاقه هذه الدرجة من سنة 1950 - يخل بقاعدة بديهية من قواعد المرافعات، قوامها ألا يضار الطاعن من طعنه، وألا يفيد منه سواه.
ومن حيث إن المدعي قد قدم مذكرة برده على الطعن أبدى فيها أن آية مدرسة غير أميرية تعد التلاميذ لدخول الامتحانات العامة، تعتبر كمدرسة الأمريكان بميت يعيش التي كان يعمل بها قبل ضمه إلى الوزارة، وآية ذلك قيام الوزارة بضم مدتي خدمة السيد/ عباس عيدروس حسن من أول يناير سنة 1947 إلى 30 من يونيه سنة 1947 ومن أول مارس سنة 1949 إلى 30 من سبتمبر سنة 1950 بالمدرسة المذكورة إلى مدة خدمته بالوزارة طبقاً لقرار مجلس الوزراء المشار إليه حسبما يبين من الصحيفة رقم 21 من نشرة وزارة التربية والتعليم العدد رقم 162 (السنة الثالثة) الصادر في 16 من مارس سنة 1958 - المقدم بمحافظة المدعي - هذا إلى أنه لا شأن له بقرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1954 وقد قدم عدة طلبات، بضم مدة خدمته السابقة طبقاً لهذا القرار وخلص المدعي من هذا إلى طلب الحكم - بصفة أصلية - بالرأي الذي انتهت إليه هيئة مفوضي الدولة في تقريرها عن الطعن - وبصفة احتياطية - برفض الطعن مع إلزام الوزارة الطاعنة بالمصروفات.
ومن حيث إنه يبين من الرجوع إلى المذكرة التي رفعت إلى مجلس الوزراء، والتي صدر قرار المجلس في 5 من مارس سنة 1945 بالموافقة على الاقتراحات المبينة بها، أنها تضمنت ما يأتي: جاء في كتاب لوزارة المعارف العمومية، أنها كانت تضم المدارس التابعة لمجالس المديريات، والهيئات شبه الحكومية والخاصة، تدريجياً، أو تضعها تحت إشرافها الفني والإداري، وأن المنضمين لخدمة الوزارة من موظفي هذه الجهات، لم يعاملوا معاملة واحدة إذ احتفظ لموظفي ثلاث هيئات بحقوقهم دون بقية المنضمين، فشكا هؤلاء من ذلك، وقد كتبت وزارة المعارف إلى وزارة المالية، طالبة إنصاف الجميع ورفع الغبن عنهم، واقترحت تسوية حالتهم وحساب مدد خدمتهم السابقة بالتعليم الحر في الأقدمية وتحديد الماهية، وقالت وزارة المعارف - بالنسبة إلى المدرسين الذين لا يزالون يشتغلون بمدارس التعليم الحر - أن هؤلاء ليسوا موظفين بالحكومة، ولكنهم طبقاً لقرارات وزارة المعارف العمومية يعاملون معاملة موظفي الحكومة، من حيث الإنصاف، وقد حسبت لهم نصف المدة، وصرف لهم الإنصاف من بند "الإعانات" وتقترح الوزارة حساب مدتهم كاملة، وهذا يكسبهم على وجه التقريب علاوة عادية واحدة، والفرق الناتج عن ذلك يقدر بنحو 69000 جنيه سنوياً، ترى الوزارة فتح اعتماد به، ليتسنى تنفيذه، لأن المبلغ المقررة في بند "الإعانات" لهذه المدارس لا تكفي لذلك - ومن يعين منهم في خدمة الحكومة مستقبلاً، تحسب له المدة كاملة في الأقدمية وتحديد الماهية، ويعامل من حيث التثبيت طبقاً للقواعد المقررة للتثبيت بصفة عامة... وقد رأت اللجنة المالية فيما يختص بالمدرسين الذين ما زالوا يشتغلون بالتعليم الحر، "الموافقة على حساب المدة كاملة لهم على أن من يعين منهم في خدمة الحكومة في المستقبل، تحسب له المدة كاملة في الأقدمية وتحديد الدرجة، ويعامل من حيث التثبيت طبقاً للقواعد المقررة للتثبيت بصفة عامة وفتح اعتماد إضافي قدره 69000 جنيه في ميزانية وزارة المعارف العمومية للسنة المالية الحالية وذلك لصرف العلاوة التي يستحقونها من جراء حساب مدتهم بأكملها، على أن اللجنة ترى فيما يختص بهذا الفريق أن تعتبر هذه التسوية نهائية بشأنهم". وهذا هو ما وافق عليه مجلس الوزراء بالنسبة إلى هؤلاء المدرسين.
ويبين منه أن الذين يفيدون من أحكامه، هم معلمو التعليم الحر الذين كانوا في مدارس معانة، دون غيرهم، حسبما أكدت ذلك الوزارة في تقرير طعنها وفي مذكرتها المقدمة في الطعن.
ومن حيث إن مدة خدمة المدعي في التعليم الحر التي يطالب بضمها إلى مدة خدمته الحالية، وهي المدة من أول أكتوبر سنة 1934 حتى 30 من سبتمبر سنة 1950 قد قضيت في مدرسة حرة غير معانة حسبما هو ثابت من رد الوزارة على الدعوى الذي ذكرت فيه أن "مدرسة بطرس رزق بميت يعيش لم تكن معانة وأعينت فقط من أول أكتوبر سنة 1950". ومن ثم فإن المدعي لا يفيد من قرار مجلس الوزراء الصادر في 5 من مارس سنة 1945 آنف الذكر، ولا يغير من هذا النظر قيام الوزارة بضم مدتي خدمة سابقة تبين للسيد/ عباس عيدروس حسن، الذي كان يعمل في أثناء هاتين المدتين مدرساً بالمدرسة المذكورة قبل أن تعان، وذلك بالتطبيق لأحكام قرار مجلس الوزراء المشار إليه، لأن هذا الضم - إن صح - يكون قد تم على خلاف هذه الأحكام. كما سلف البيان، فلا يحتج به ولا يقاس عليه، ولا سيما أنه ليس مجال بحث في مقام المنازعة الراهنة.
ومن حيث إن الوزارة ذكرت في ردها على الدعوى، أنه لا يجوز تطبيق أحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 في شأن حساب مدد العمل السابقة في تقدير الدرجة والمرتب وأقدمية الدرجة، على المدعي، لأنه لم يقدم طلباً، بإفادته من هذا القرار خلال الميعاد المحدد فيه لتقديم طلبات حساب مدد العمل السابقة، وهو الميعاد الذي بدأ في 3 من مارس سنة 1958 وانتهى في 2 من يونيه سنة 1958، وقد بان من ملف خدمة المذكور أنه قدم ثلاث طلبات مؤرخة 23 من يناير سنة 1958 و11 من فبراير سنة 1959، 12 من أكتوبر سنة 1961 على التوالي، وجميعاً لم تقدم في الميعاد، ولم يستند المدعي فيها إلى قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 ولم يطلب إعماله في حقه، وإنما طالب فيها بضم مدة خدمته السابقة طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 5 من مارس سنة 1945، وقد أشار في طلبه المؤرخ 11 من فبراير سنة 1959 إلى أنه قدم طلباً آخر طالب فيه بضم مدة خدمته السابقة، أسوة بزميله السيد/ عباس عيدروس حسن، والطلب المشار إليه، وإن كان قيل بأنه قدم خلال الميعاد المحدد في قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 لتقديم الطلبات - وهو ما تنكره الوزارة، إلا أن المدعي لم يذكر أنه طالب فيه الإفادة من هذا القرار، بل استند فيه إلى القرار الذي ضمت وفقاً له مدة خدمة السيد/ عباس عيدروس حسن، وهو قرار مجلس الوزراء الصادر في 5 مارس سنة 1945 حسبما سلف بيانه، ومن ثم لا ينهض أي من الطلبات التي قدمها المدعي سنداً لإفادته من قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958، لعدم مراعاته الميعاد، فضلاً عن تخلف القصد لديه.
ومن حيث إنه لما كان قد صدر في أثناء نظر الدعوى، قرار رئيس الجمهورية رقم 943 لسنة 1962 الذي فتح للموظفين ميعاداً جديداً مدته ثلاثة أشهر لطلب ضم مدد خدمتهم السابقة طبقاً لقرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 وهو الميعاد الذي بدأ في 5 من مارس سنة 1962 وانتهى بعد ثلاثة أشهر من ذلك التاريخ، وقبل الفصل في الدعوى - وكان المدعي قد أقام دعواه، مؤسساً طلب ضم مدة خدمته السابقة فيها على قرار مجلس الوزراء الصادر في 5 من مارس سنة 1945 ومتمسكاً فيها بتطبيق هذا القرار على حالته دون سواه، فإن دعواه لم تكن بالتحديد الوارد فيها لطلباته، وسند هذه الطلبات، لتغني عن تقديمه طلباً بضم مدة خدمته السابقة طبقاً لأحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 خلال الميعاد ولا سيما إذا ما أخذ في الاعتبار تبيان المزايا في كل من هذين القرارين مما لا يمكن معه صرف القصد الضمني للمدعي إلى غير ما اتجه إليه قصده الصريح ومن ثم فإن المذكور يكون قد فوت على نفسه الفرصة التي أتاحها قرار رئيس الجمهورية رقم 942 لسنة 1962 - والرهينة بقيد عدم صرف الفروق الوارد فيه - للإفادة من قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم يكون المطعون فيه قد خالف القانون فيما قضى به من ضم مدة خدمة المدعي السابقة في التعليم إلى مدة خدمته الحالية، بالاستناد إلى قرار مجلس الوزراء الصادر في 5 من مارس سنة 1945، ويكون المدعي على غير حق في الإفادة من قراري رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 ورقم 942 لسنة 1962.
ومن حيث إنه ينبني على ما تقدم أيضاً، أن يكون ما قضى به الحكم المطعون فيه من استحقاق المدعي الدرجة الثامنة من أول أكتوبر سنة 1950 لا سند له من الواقع أو القانون، لكونه نتيجة ترتكن على أساس ثبت فساده، فتنعدم بدورها بانهيار هذا الأساس.
ومن حيث إن المدعي وقد ضم إلى خدمة الحكومة في وظيفة معلم للتربية البدنية، اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1950، لا يستحق الدرجة الثامنة بالتطبيق لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947 في شأن معلمي التربية البدنية، الذي قضى باعتبار كل من أمضى من هؤلاء خمس سنوات في خدمة جهة حكومية في الدرجة الثامنة، لأن هذا القرار قد نسخ اعتباراً من تاريخ العمل بالقانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة في أول يوليه سنة 1952، قبل أن يمضي المدعي في خدمة الحكومة المدة المبينة في هذا القرار.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم، يكون الحكم المطعون فيه، قد جانب الصواب في تأويل القانون وتطبيقه، ويتعين من ثم القضاء بإلغائه، وبرفض الدعوى، مع إلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.


[(1)] راجع حكم المحكمة الإدارية العليا في القضية رقم 1390 لسنة 7 ق بجلسة 29/ 11/ 1964 والمنشور بمجموعة السنة العاشرة المبدأ 12 ص 88 وحكمها الصادر في القضية رقم 1242 لسنة 8 ق بجلسة 18/ 3/ 1967.