مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1968 إلى آخر سبتمبر سنة 1968) - صـ 591

(78)
جلسة 24 من فبراير سنة 1968

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعادل عزيز زخاري وعبد الستار عبد الباقي آدم ومحمد طاهر عبد الحميد المستشارين.

القضية رقم 1254 لسنة 12 القضائية

( أ ) عقد إداري "التعهد بخدمة الحكومة" - تعهد بالتدريس - هو عقد إداري توافرت فيه خصائص ومميزات العقود الإدارية.
(ب) عقد إداري "التعهد بخدمة الحكومة". "تفسير العقد الإداري" قبول الجهة الإدارية للعذر الذي أبدي عن عدم القيام بمواصلة التدريس للمدة المتفق عليها بسبب الزواج - ينطوي على تفسير للعقد على وجه اعتبر معه الزواج معفياً من المسئولية عن عدم مواصلة التدريس - لا يجوز لأحد الطرفين بعد ذلك أن يعدل عن هذا التفسير إلى تفسير آخر مخالف - لا يغير من ذلك كون الإدارة أثرت لدى اعتناقها لهذا التفسير باتجاهات محكمة القضاء الإداري التي عدلت عنها بعد ذلك.
1 - إن التعهد الصادر من المدعى عليها الأولى هو عقد إداري توافرت فيه خصائص ومميزات العقود الإدارية - وقد التزمت بالتدريس لمدة خمس سنوات عقب إتمام دراستها - وتضمنت شروطه النص على أنه في حالة عدم قيامها بذلك لغير عذر مقبول تلتزم بأداء ما أنفق من مصروفات على تعليمها.
2 - إن قبول الجهة الإدارية العذر الذي أبدته المدعى عليها عن عدم قيامها بمواصلة التدريس، وقد أبدي هذا العذر استناداً إلى أحد شروط العقد المبرم مع المدعى عليها الأولى - ينطوي في الواقع من الأمر على تفسير لهذا الشرط على وجه اعتبر معه الزواج عذراً معفياً من المسئولية عن عدم مواصلة التدريس - وهذا التفسير الذي اعتنقه الطرفان لا يخرج عن كونه كشفاً عن النية المشتركة التي التقى عندها - الطرفان بحيث يعتبر العقد مفسراً على هذا الوجه الذي تحتمله شروطه مكملة بقواعد العرف والعدالة ملزماً لهما معاً فلا يجوز لأحدهما بإرادته المنفردة أن يخرج عنه أو أن يعدل عنه إلى تفسير آخر مخالف له.
وإذا كانت الجهة الإدارية قد تأثرت في الأخذ بهذا التفسير بما كان قد صدر من محكمة القضاء الإداري من أحكام في هذا الشأن - وهو ما لا تثريب عليها فيه - فإن عدول هذا القضاء عن التفسير الذي جرى عليه فترة من الزمن ليس من شأنه إهدار ما اتجهت إليه إرادة الطرفين في صدد تفسير العقد المبرم مع المدعي. إذ العبرة بالقضاء الأول الذي يعتبر مكملاً لإرادتيهما ومحدداً لمضمون التزام المدعى عليها طبقاً للنية المشتركة للطرفين. فهذا القضاء يعتبر على هذا الوجه تفسيراً لهذه النية مكملاً لتلك الإرادة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من الأوراق تتحصل في أنه بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 8 من ديسمبر سنة 1964 أقام السيد محافظ الإسكندرية الدعوى رقم 566 لسنة 19 القضائية ضد الآنسة/ هانم عباس علي شريف الجندي والسيد/ محمد محمود الجندي طالباً الحكم بإلزامهما بالتضامن بدفع خمسة وسبعين جنيهاً والفوائد بواقع 4% من تاريخ الطلب حتى السداد ومقابل أتعاب المحاماة - وقال شرحاً لدعواه إن المدعى عليها الأولى قد التحقت بمعهد معلمات الورديان بالقسم الخارجي ابتداء من سنة 1954/ 1955 حتى يونيه سنة 1959 بعد أن وقعت في 19 من يوليه سنة 1954 تعهداً تعهدت فيه بأن تقوم بالتدريس مدة الخمس سنوات التالية لتخرجها وبأنها إذا لم تقم بذلك أو خرجت من المدرسة لعذر غير مقبول تكون ملزمة بدفع المصروفات التي أنفقتها الوزارة بواقع خمسة عشر جنيهاً عن كل سنة وضمنها المدعى عليه الثاني في تنفيذ التزاماتها - وعينت عقب تخرجها مدرسة بمدرسة السيدة عائشة الابتدائية المشتركة بالورديان ولكنها استقالت في 2 من إبريل سنة 1960 ولما كان ذلك إخلالاً بتعهدها فإنه يحق للمدعي مطالبتها بمبلغ خمسة وسبعين جنيهاً نفقات تعليمها.
وأجاب المدعى عليه الثاني على الدعوى بمذكرة قال فيها إنه بعد أن تخرجت المدعى عليها الأولى والتحقت بالعمل عدة أشهر تزوجت من الدكتور علي محمود الجندي المتمتع بالجنسية السودانية والذي يعمل بحكومة السودان واضطرت إلى مصاحبة زوجها حيث يعمل ويقيم بالسودان فاستقالت استناداً إلى هذا المسوغ الشرعي - فليس هناك خطأ منها - كما أنه لم يلحق الوزارة ضرر لأن الدولة تكفلت بتعميم التعليم مجاناً - فضلاً عن ذلك فإن الوزارة أصدرت في 6 من يناير سنة 1962 قراراً بإعفاء المدعى عليها وضامنها من النفقات تنفيذاً لقرار السيد الوزير بإعفاء اللاتي انقطعن عن الدراسة والتدريس بسبب الزواج - وأصبح هذا القرار نهائياً معصوماً من كل ما يهدده بالزوال.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدعوى على أنه ثابت من الأوراق أن المنطقة التعليمية بمحافظة الإسكندرية أصدرت قراراً في 28 من ديسمبر سنة 1961 بإعفاء المدعى عليها من نفقات التعليم بسبب زواجها وأن الثابت في هذا المجال أن أحكام القضاء الإداري كانت قد جرت فترة من الزمن على اعتبار الزواج عذراً معفياً من المسئولية بسبب الانقطاع عن الدراسة أو التدريس وأنه تنفيذاً لأحكام هذا القضاء قررت وزارة التربية والتعليم إعفاء الطالبات والمدرسات اللائي ينقطعن عن الدراسة أو التدريس وأنه تنفيذاً لأحكام هذا القضاء قررت وزارة التربية والتعليم إعفاء الطالبات والمدرسات اللائي ينقطعن عن الدراسة والتدريس بسبب الزواج وصدرت طبقاً لهذا القرار العام قرارات فردية في مختلف الحالات كالقرار الذي صدر بالنسبة إلى المدعى عليها - ثم عدل القضاء الإداري عن هذا المبدأ واعتبر الزواج غير معف من المسئولية عن الإخلال بالتعهد ومن ثم عدلت الوزارة عن الإعفاء سالف الذكر - ونظراً إلى أن... التعهد الصادر من المدعى عليها قد تضمن التزامها بدفع نفقات التعليم إذا أخلت بما تضمنه من التزامات لغير عذر مقبول وإلى أن جهة الإدارة المدعية قد قررت إعفاء المدعى عليها من الالتزام المفروض عليها عند تركها الخدمة بسبب زواجها فإنها تكون قد اعتبرت الزواج عذراً مقبولاً وأفصحت عن إرادتها واضحة باعتباره كذلك ومن ثم يكون الإعفاء قد وقع تطبيقاً للعقد فليس لها من بعد أن تعود فتنقض بإرادتها المنفردة ما نظمه العقد اتفاقاً وتعدل عما قررته في تفسير العقد وتعلق به حق المتعاقد معها ولا يحق لها أن تعدل عن إعفاء من سبق أن أعفتهم من نفقات التعليم بسبب الزواج إذ ليس لعدول القضاء الإداري عن اعتبار الزواج عذراً معفياً من الالتزام أثر على الحالات التي استقرت من قبل ونظمت فيها الروابط على أساس قواعد معينة إعمالاً لأحكام القانون الذي نطقت به أحكام القضاء الإداري - وإذ كانت المدعى عليها قد أعفيت من نفقات التعليم لانقطاعها عن العمل بسبب الزواج حسب القاعدة التي كانت سائدة وقت صدور ذلك القرار فإن الأمر يكون قد استقر ولم يعد جائزاً العودة إلى مناقشته من جديد وتكون الدعوى غير قائمة على أساس سليم.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه إذ اتخذ من تصرف لجهة الإدارة مخالف للقانون سنداً وجعله عرفاً مستقراً يتعين النزول على أحكامه - في حين أن الخطأ في فهم الواقع أو القانون ليس عذراً دافعاً للمسئولية واطراد العمل على مخالفة القانون لا يسبغ الشرعية على هذه المخالفة ولا يجوز أن يخالف العرف نصاً آمراً - وقد وقعت جهة الإدارة في خطأ في فهم القانون عندما قررت الإعفاء من الالتزام برد المصاريف الدراسية في حالة الانقطاع عن الدراسة والخدمة مدة الخمس سنوات التالية لتخرج المدعى عليها بسبب الزواج إذ الإدارة أمام نص آمر هو نص التعهد ولا يغير من الأمر اطراد الوزارة على الإعفاء في حالات مماثلة وليس بصحيح ما ذكره الحكم من أن استقرار القضاء الإداري على اعتبار الزواج عذراً يعتبر هو حكم القانون في هذا الخصوص ذلك أن الأحكام التي لها صفة الاستقرار يجب أن تكون صادرة من المحكمة الإدارية العليا التي لها القول الفصل في إرساء قواعد القانون الإداري ووضع التفسير السليم لأحكام هذا القانون، ولئن كان قد صدر حكم واحد من المحكمة الإدارية العليا باعتبار الزواج عذراً مقبولاً إلا أن هذا الحكم الواحد لا يكون ركن الاستقرار في أحكام القضاء التي قد تعتبر مصدراً للقانون الإداري - ومن ناحية أخرى فإن مجال اعتبار القضاء مصدراً هو حيث ينعدم النص حيث يوجد نص مكتوب فإنه يلزم تطبيقه والنزاع الحالي يدور حول تفسير العذر المقبول الوارد في التعهد - وليس يجدي المدعى عليها قولها في سبيل دفع المسئولية العقدية أن زواجها يعتبر عذراً مقبولاً ومبرراً لعدم قيامها بتنفيذ ما تعهدت به إذ لا تسقط المسئولية العقدية إلا في حالة القوة القاهرة - وأودعت المحافظة الطاعنة مذكرة بدفاعها أضافت فيها ما ورد بتقرير الطعن أن اعتبار الزواج عذراً معفياً من التزام المدعى عليها الأولى بالتدريس أمر يتعلق بالقانون ولا يتصل بالواقع فلا وجه لخضوعه لتقدير الجهة الإدارية لأن ذلك يعني أن تصبح أداة لتفسير القانون - وإذ كانت وزارة التربية والتعليم - ظناً منها بأن القضاء الإداري قد استقر على اعتبار الزواج من قبيل الأعذار المعفية من الالتزام بالتدريس وحقيقة الحال ليست كذلك - قد أصدرت قراراً بمضمون ذلك ورتبت عليه الإعفاء من الالتزام برد نفقات الدراسة - فإن هذا الإجراء ينطوي على خطأ في فهم القانون - فزواج المدعى عليها بإرادتها لا يعفيها من التزامها بالقيام بالتدريس ويترتب على انقطاعها عن عملها التزامها برد نفقات دراستها ولا تملك جهة الإدارة النزول عما قرره العقد الإداري من حقوق للمرفق العام تتمثل في تلك النفقات - أما القرار العام الصادر من الوزارة خلال شهر ديسمبر سنة 1916 وقرار المنطقة الصادر في 6 من يناير سنة 1962 بشأن إعفاء المدعى عليها الأولى فلا يمكن أن يرتب لها أي حق في الاحتجاج بهذا الإعفاء المخالف لشروط العقد وللأحكام القانونية لأنها لا تستمد حقها في الإعفاء من هذين القرارين وإنما تستمده من العقد أو القانون إن كان لها أصل حق بموجبها.
ومن حيث إن المدعى عليه الثاني قد عقب على الطعن بمذكرة ردد فيها ما سبق أن أبداه من دفاع أمام محكمة القضاء الإداري وأضاف أن المنازعة تتعلق بعقد رضائي وبتفسيره وأن وزارة التربية والتعليم قد استقرت وقت انحلال هذا العقد على فسخ أمثاله لعذر الزواج - وهذا الموقف من جانبها قد تلاقى مع وضع قانوني مشروع يسوغ التحرر من العقد لسبب يفرضه الشرع والقانون ويفرض على الزوجة طاعة زوجها ومصاحبته في معيشته وأنه لا ينبغي أن تضار المدعى عليها الأولى من رأي آخر يتعارض مع هذا الاستقرار الذي استتب وقت إنهاء الرابطة العقدية كما لا ينبغي أن تضار بالتحول في الرأي إن كان لهذا التحول سند من الحقيقة أو القانون.
ومن حيث إنه يبين من الرجوع إلى الأوراق أن المدعى عليها الأولى قد التحقت بمدرسة معلمات الورديان بالقسم الخارجي ابتداء من العام الدراسي 1954/ 1955 بعد أن وقعت في 19 من يوليه سنة 1954 تعهداً التزمت بمقتضاه بأن تقوم بالتدريس مدة الخمس سنوات التالية مباشرة لإتمام دراستها وفقاً للشروط التي تقرها وزارة التربية والتعليم وأنها إذ لم تقم بذلك أو تركت المدرسة لعذر غير مقبول قبل إتمام الدراسة أو فصلت منها لأسباب أدبية تكون ملزمة بدفع المصروفات التي أنفقتها الوزارة عليها بواقع خمسة عشر جنيهاً عن كل سنة دراسية أو جزئ وفي ذات التاريخ وقع السيد محمد محمود الجندي - المدعى عليه الثاني تعهداً التزم بمقتضاه بالتضامن مع المدعى عليها الأولى بدفع نفقات التعليم إذا لم تقم بالتدريس مدة الخمس سنوات التالية مباشرة لإتمام الدراسة أو إذا تركت المدرسة لغير عذر مقبول قبل إتمام الدراسة - وعقب تخرج المدعى عليها عينت مدرسة في 17 من ديسمبر سنة 1959 ولكنها تقدمت باستقالتها في 2 من إبريل سنة 1960 وانقطعت عن عملها - وفي 30 من يوليه سنة 1961 أرسلت منطقة الإسكندرية التعليمية كتاباً إلى كل من المدعى عليهما طالبة منهما سداد نفقات التعليم - فأجاب المدعى عليه الثاني على هذه المطالبة بأن المدعى عليها الأولى قد تزوجت في 9 من إبريل سنة 1960 وصحبت زوجها إلى السودان وأضاف أنه إذ كانت استقالتها بسبب زواجها - وهو سبب شرعي فإنها لا تعتبر مخلة بالتزامها ولا يكون هناك محل لمطالبتها بنفقات تعليمها - وطلب إعادة النظر في الأمر على ضوء ما تقدم - والمستفاد من كتاب إدارة الشئون القانونية بمديرية التربية والتعليم بمحافظة الإسكندرية المؤرخ 9 من مايو سنة 1964 أن المديرية المذكورة قد أقرت ما ذهب إليه المدعى عليه الثاني في شأن اعتبار الزواج عذراً مقبول لعدم قيام المدعى عليها الأولى بالتزامها بالتدريس مدة الخمس سنوات المنصوص عليها في تعهدها - وأنه لذلك قد تقرر في 28 من ديسمبر سنة 1961 إعفاؤها من نفقات التعليم بسبب الزواج - ثم رؤى بعد ذلك العدول عن اعتبار الزواج عذراً مقبولاً - فأقيمت ضد المدعى عليهما الدعوى التي صدر بها الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن التعهد الصادر من المدعى عليهما الأولى هو عقد إداري توافرت فيه خصائص ومميزات العقود الإدارية - وقد التزمت بمقتضاه بالتدريس لمدة خمس سنوات عقب إتمام دراستها - وتضمنت شروطه النص على أنه في حالة عدم قيامها بذلك لغير عذر مقبول تلتزم بأداء ما أنفق من مصروفات على تعليمها.
ومن حيث إن اعتبار الزواج عذراً مقبولاً يعفي المدعى عليها من مسئوليتها عن رد ما صرف من نفقات على تعليمها - أو عدم اعتباره كذلك - أمر يتعلق بتفسير الشرط الوارد في العقد المذكور والذي مؤداه ألا تخل بالتزامها بالتدريس بغير عذر مقبول.
ومن حيث إن المستفاد من الأوراق - حسبما سبق البيان - أن العذر الذي قدم إلى الجهة المختصة عن عدم قيام المدعى عليها الأولى بمواصلة التدريس مدة الخمس سنوات المنصوص عليها في تعهدها هو زواجها واضطرارها إلى السفر إلى السودان للإقامة مع زوجها - وأن هذا العذر قد قبل فعلاً في 28 من ديسمبر سنة 1961 وترتب على قبوله أن كفت مديرية التعليم عن المطالبة بما أنفق على تعليمها - من ذلك التاريخ حتى أقيمت الدعوى في 8 من ديسمبر سنة 1964.
ومن حيث إن قبول الجهة الإدارية لهذا العذر الذي أبدي استناداً إلى أحد شروط العقد المبرم مع المدعى عليها الأولى - ينطوي في الواقع من الأمر على تفسير لهذا الشرط على وجه اعتبر معه الزواج عذراً معفياً من المسئولية عن عدم مواصلة التدريس - وهذا التفسير الذي اعتنقه الطرفان لا يخرج عن كونه كشفاً عن النية المشتركة التي التقى عندها الطرفان - بحيث يعتبر العقد مفسراً على هذا الوجه الذي تحتمله شروطه مكملة بقواعد العرف والعدالة ملزماً لهما معاً فلا يجوز لأحدهما بإرادته المنفردة أن يخرج عنه أن يعدل عنه إلى تفسير آخر مخالف له.
وإذا كانت الجهة الإدارية قد تأثرت في الأخذ بهذا التفسير بما كان قد صدر من محكمة القضاء الإداري من أحكام في هذا الشأن - وهو ما لا تثريب عليها فيه - فإن عدول هذا القضاء عن التفسير الذي جرى عليه فترة من الزمن ليس من شأنه إهدار ما اتجهت إليه إرادة الطرفين في صدد تفسير العقد المبرم مع المدعى عليها الأولى. إذ العبرة بالقضاء الأول الذي يعتبر مكملاً لإرادتيهما ومحدداً لمضمون التزام المدعى عليها طبقاً للنية المشتركة للطرفين. فهذا القضاء يعتبر على هذا الوجه تفسيراً لهذه النية ومكملاً لتلك الإرادة.
ومن حيث إنه لذلك تكون مطالبة المحافظة المدعية للمدعى عليها بنفقات التعليم غير قائمة على أساس سليم - ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض دعواها قد أصاب الحق فيما انتهى إليه الأمر الذي يتعين معه القضاء برفض هذا الطعن وإلزام المحافظة بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت محافظة الإسكندرية بالمصروفات.