مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1968 إلى آخر سبتمبر سنة 1968) - صـ 606

(81)
جلسة 25 من فبراير سنة 1968

برئاسة السيد الأستاذ مصطفى كامل إسماعيل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبي وأحمد علي البحراوي وسليمان محمود جاد وإبراهيم خليل الشربيني المستشارين.

القضية رقم 130 لسنة 9 القضائية

( أ ) موظف "مؤهل دراسي" القانون رقم 210 لسنة 1951. المادة 135 من القانون رقم 210 لسنة 1951 - نصها على منح بداية المربوط الجديد لمن يتقاضى من الموظفين الموجودين في الخدمة في أول يوليه سنة 1952 مرتباً يقل عن هذه البداية - استثناء من ذلك يمنح علاوة واحدة من علاوات الدرجة السادسة بفئتها الجديدة بما لا يجاوز بداية مربوطها من كان في الدرجة السادسة من حملة المؤهلات الدراسية بمرتب يقل عن 12جنيهاً شهرياً - عمومية هذا الحكم بالنسبة إلى جميع الدرجات فنية أو إدارية أو كتابية [(1)].
(ب) موظف "مؤهل دراسي - قواعد الإنصاف" شهادة الهندسة التطبيقية العالية - المرد في تقديرها إلى قواعد الإنصاف وليس إلى قانون المعادلات الدراسية - تفرقة قواعد الإنصاف بين المؤهل المسبوق بشهادة الدراسة الثانوية القسم الثاني أو الخاص وبين غير المسبوق بمثل هذه الشهادة ومغايرته في المرتب المقدر للمؤهل في كل حالة.
1 - إن مفاد نص المادة 135 من القانون رقم 210 لسنة 1951 المشار إليه أن المشرع قصد إلى إفادة الموظفين الموجودين في الخدمة في أول يوليو سنة 1952 تاريخ نفاذه، من الزيادات والتحسينات التي أدخلها على المرتبات والتي اشتمل عليها الكادر الجديد فاحتفظ لهم بدرجاتهم السابقة وبمرتباتهم في ذلك التاريخ وراعى جانب من يتقاضى منهم مرتباً يقل عن بداية المربوط الجديد للدرجة فقضى بمنحه هذه البداية، إلا أنه استثنى منهم من كان في الدرجة السادسة من حملة المؤهلات الدراسية المقدرة لها طبقاً لقواعد تسعير الشهادات الدرجة السادسة بمرتب يقل عن 12 جنيهاً شهرياً، فاجتزأ في شأنهم بمنحهم علاوة واحدة من علاوات الدرجة السادسة بفئتها الجديدة بما لا يجاوز بداية مربوطها وعمم هذا الحكم بالنسبة إليهم جميعاً بغض النظر عن طبيعة الدرجة التي يشغلونها سواء كانت فنية أو إدارية أو كتابية. ونص المادة 135 من القانون رقم 210 لسنة 1951 على النحو المتقدم نص قاطع لا يحتمل التأويل، وحكمه عام لا يقبل التخصيص، ومن ثم فهو يسري في شأن جميع الموظفين الموجودين في الخدمة من حملة المؤهلات الدراسية المقدرة لها وقت نفاذ أحكامه الدرجة السادسة بمرتب يقل عن 12 جنيهاً شهرياً فلا يمنحون بداية مربوط الدرجة السادسة الجديدة، وإنما يحصلون فقط على علاوة واحدة من علاواتها وفي حدود بداية هذا المربوط دون مجاوزتها.
2 - إنه لا شبهة في أن المرد في تقدير شهادة الهندسة التطبيقية العالية حتى أول يوليو سنة 1952 تاريخ نفاذ القانون رقم 210 لسنة 1951 سالف الذكر، إلى قواعد الإنصاف الصادر بها قرار مجلس الوزراء في 30 من يناير سنة 1944 وليس إلى قانون المعادلات الدراسية الذي لم يتضمن تقديراً خاصاً لهذا المؤهل، ولم يمس التقديرات المقررة بقواعد الإنصاف المشار إليها، ومن ثم فإن تسوية حملة المؤهل إنما تكون على مقتضى تلك القواعد وحدها وهي تفرق بين المؤهل المسبوق بشهادة الدراسة الثانوية أو الخاص فتمنح حامله 12 جنيهاً شهرياً وبين غير المسبوق بمثل هذه الشهادة فتمنحه 10 جنيه و500 مليم شهرياً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 108 لسنة 6 القضائية ضد وزارة التربية والتعليم بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 30 من أكتوبر سنة 1961. وطلب فيها الحكم "باستحقاق الطالب مرتباً قدره 15 جنيهاً بالدرجة السادسة بالكادر الفني العالي اعتباراً من تاريخ آثار وفروق مالية، والحكم بإلزام الوزارة المدعى عليها بالمصاريف ومقابل لذلك وتسوية حالته على هذا الأساس مع كل ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية، والحكم بإلزام الوزارة المدعي بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة، مع حفظ كافة حقوق الطالب الأخرى وقال بياناً لدعواه إنه حصل على دبلوم الهندسة التطبيقية العالية شعبة الهندسة الكهربائية في سنة 1949، والتحق بخدمة وزارة التربية والتعليم في وظيفة من وظائف التدريس من الدرجة السادسة الكادر الفني العالي اعتباراً من 14 نوفمبر سنة 1950 بمرتب شهري قدره 10 جنيه و500 مليم، وقبل العمل بقانون نظام موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951، كان مقدراً لدبلوم الهندسة التطبيقية العالية مرتب شهري قدره 12 جنيهاً في الدرجة السادسة إذا كان مسبوقاً بشهادة التوجيهية و10 جنيه و500 إذا لم يكن مسبوقاً بهذه الشهادة. ثم صدر القانون المتقدم ذكره متضمناً اعتبار دبلوم الهندسة التطبيقية العالية مؤهلاً للتعيين في الدرجة السادسة بمرتب 15 جنيهاً شهرياً سواء كان حامله حاصلاً على شهادة التوجيهية أم غير حاصل عليها، وقد استقر القضاء الإداري على أن التفرقة في المعاملة بين حملة الدبلوم المذكور على النحو المتقدم إنما تكون في الفترة الزمنية السابقة على نفاذ قانون نظام موظفي الدولة فحسب، لأن هذا القانون قد تضمن مزية جديدة لحملة المؤهل سالف الذكر، إذ جعل المرتب عند التعيين بأول مربوط الدرجة السادسة الوارد فيه بغير تخفيض، ومن ثم فإن من كان من حملة دبلوم الهندسة التطبيقية العالية موجوداً في الخدمة قبل نفاذ القانون رقم 210 لسنة 1951 في أول يوليه سنة 1952 يفيد من المزية الجديدة شأنه في ذلك شأن المعينين لأول مرة في ظل هذا القانون، إذ لا موجب للتفرقة في المعاملة ما دام الوضع القانوني لكل من الفئتين متساوياً بل الأقدمون أولى بالرعاية. وقد أجابت الجهة الإدارية عن الدعوى بأن المدعي عين في الدرجة السادسة بماهية قدرها 10 جنيه و500 مليم اعتباراً من 14 من نوفمبر سنة 1950 وذلك طبقاً للتقدير المقرر لمؤهله في قواعد الإنصاف، وأنه عقب صدور القانون رقم 210 لسنة 1951 زيد مرتبه الشهري إلى 12 جنيه و500 مليم اعتباراً من أول يوليه سنة 1952 تنفيذاً للمادة 135 من هذا القانون، وطلبت رفض الدعوى. وبجلسة 19 من نوفمبر سنة 1962 قضت محكمة القضاء الإداري "هيئة التسويات" باستحقاق المدعي لمرتب شهري قدره خمسة عشر جنيهاً أول مربوط الدرجة السادسة بالكادر الفني العالي اعتباراً من أول يوليه سنة 1952، وتسوية حالته على هذا الأساس مع ما يترتب على ذلك من آثار، مع قصر صرف المتجمد من الفروق المالية على ما لم ينقض عليه أكثر من خمس سنوات ميلادية سابقة على تاريخ رفع الدعوى في 30 من أكتوبر سنة 1961 وألزمت الحكومة بالمصروفات وأقامت قضاءها على أن للمحكمة الإدارية العليا قضاء سابقاً مفاده أن القانون رقم 210 لسنة 1951 قد تضمن مزية جديدة لحملة دبلوم الهندسة التطبيقية العالية غير المسبوق بالشهادة الثانوية القسم الثاني أو الخاص، وأنه من البداهة أن من كان في الحكومة قبل نفاذ القانون المذكور وكان حاملاً لمثل هذا المؤهل يفيد من هذه المزية الجديدة شأنه في ذلك شأن المعينين لأول مرة في ظل هذا القانون، إذ لا موجب للتفرقة في المعاملة ما دام وضعهما القانوني متساوياً تماماً بل الأقدمون أولى بالرعاية.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة لم يضع تقديراً للمؤهلات الدراسية كما فعل القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية وكذلك لم يتضمن هذا القانون الأخير في الجداول المرافقة له أي تقدير للمؤهل الذي يحمله المطعون عليه، ومن ثم فإنه يظل معاملاً بأحكام قواعد الإنصاف التي منح على أساسها راتباً شهرياً قدره 10 جنيه و500 مليم في الدرجة السادسة ولما كان هذا الراتب يقل عن بداية مربوط الدرجة السادسة في الجدول الملحق بالقانون رقم 210 لسنة 1951 فإن المطعون عليه يسري في حقه الحكم الانتقالي الذي أوردته المادة 135 من هذا القانون.
ومن حيث إنه لا خلاف بين طرفي المنازعة في أن المدعي حصل في سنة 1949 على دبلوم الهندسة التطبيقية العالية غير المسبوق بشهادة الدراسة الثانوية القسم الثاني الفني العالي اعتباراً من 14 من نوفمبر سنة 1950 بمرتب شهري قدره 10 جنيه و500 مليم وأنه عقب نفاذ القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة منح علاوة من علاوات الدرجة السادسة اعتباراً من أول يوليه سنة 1952 وصل بها مرتبه إلى 12 جنيه و500 مليم شهرياً وإنما يثور الخلاف حول ما إذا كان من حق المدعي بوصفه حاصلاً على دبلوم الهندسة التطبيقية العالية غير المسبوق بشهادة الدراسة الثانوية القسم الثاني أو الخاص أن يوضع عند نفاذ القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة في الدرجة السادسة بأول مربوطها وقدره خمسة عشر جنيهاً أم لا؟.
ومن حيث إن المادة 135 من القانون رقم 210 لسنة 1951 المتقدم ذكره تنص على أن "ينقل الموظفون إلى الكادر الجديد الملحق بهذا القانون كل بدرجته ومرتبه، إلا إذا كان المرتب يقل عن البداية في الدرجة الجديدة فيمنحون هذه البداية غير أن الموظفين المعينين في الدرجة السادسة ويحملون مؤهلات دراسية مقدر لها الآن في الدرجة السادسة أقل من 12 جنيهاً، يمنحون عند النقل علاوة واحدة من علاوات الدرجة الجديدة بحيث لا يزيد المرتب على بدايتها. ويسري ذلك على المعينين منهم في الدرجة السادسة الفنية أو الإدارية أو الكتابية.....
ومن حيث إن مفاد النص المتقدم أن المشرع في القانون رقم 210 لسنة 1951 المشار إليه قصد إلى إفادة الموظفين الموجودين في الخدمة في أول يوليه سنة 1952 تاريخ نفاذه، من الزيادات والتحسينات التي أدخلها على المرتبات والتي اشتمل عليها الكادر الجديد فاحتفظ لهم بدرجاتهم السابقة وبمرتباتهم في ذلك التاريخ وراعى جانب من يتقاضى منهم مرتباً يقل عن بداية المربوط الجديد للدرجة فقضى بمنحه هذه البداية، إلا أنه استثنى منهم من كان في الدرجة السادسة من حملة المؤهلات الدراسية المقدرة لها طبقاً لقواعد تسعير الشهادات الدرجة السادسة بمرتب يقل عن 12 جنيهاً شهرياً، فاجتزأ في شأنهم بمنحهم علاوة واحدة من علاوات الدرجة السادسة بفئتها الجديدة بما لا يجاوز بداية مربوطها وعمم هذا الحكم بالنسبة لهم جميعاً بغض النظر عن طبيعة الدرجة التي يشتغلونها سواء كانت فنية أو إدارية أو كتابية. ونص المادة 135 من القانون رقم 210 لسنة 1951 على النحو المتقدم نص قاطع لا يحتمل التأويل، وحكمه عام لا يقبل التخصيص، ومن ثم فهو يسري في شأن جميع الموظفين الموجودين في الخدمة من حملة المؤهلات الدراسية المقدرة لها وقت نفاذ أحكام الدرجة السادسة بمرتب يقل عن 12 جنيهاً شهرياً، فلا يمنحون بداية مربوط الدرجة السادسة الجديدة، وإنما يحصلون فقط على علاوة واحدة من علاواتها وفي حدود بداية هذا المربوط دون مجاوزتها.
ومن حيث إنه لا شبهة في أن المرد في تقدير شهادة الهندسة التطبيقية العالية حتى أول يوليه سنة 1952 تاريخ نفاذ القانون رقم 210 لسنة 1951 سالف الذكر، هو إلى قواعد الإنصاف الصادر بها قرار مجلس الوزراء في 30 من يناير سنة 1944 وليس إلى قانون المعادلات الدراسية الذي لم يتضمن تقديراً خاصاً لهذا المؤهل، ولم يعمل التقديرات المقررة بقواعد الإنصاف المشار إليها، ومن ثم فإن تسوية حالة حملة هذا المؤهل إنما تكون على مقتضى تلك القواعد وحدها وهي تفرق بين المؤهل المسبوق بشهادة الدراسة الثانوية أو الخاص فتمنح حامله 12 جنيهاً شهرياً وبين غير المسبوق بمثل هذه الشهادة فتمنحه 10 جنيه و500 مليم شهرياً.
ومن حيث إن المؤهل الحاصل عليه المدعي وهو دبلوم الهندسة التطبيقية العالية في سنة 1949، غير مسبوق بشهادة الدراسة الثانوية القسم الثاني أو الخاص حسبما سلف البيان، وهذا المؤهل مقدر له الدرجة السادسة بمرتب 10 جنيه و500 مليم شهرياً وقد عين المذكور بمقتضاه وبالتقدير المالي المقرر له اعتباراً من 14 من نوفمبر سنة 1950 في الدرجة السادسة بمرتب قدره 10 جنيه و500 مليم شهرياً، وتأسيساً على ذلك فإن حق المدعي عند نقله في أول يوليه سنة 1952 إلى الكادر الجديد الملحق بالقانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة إنما ينحصر في منحه علاوة واحدة من علاوات الدرجة السادسة بفئتها الجديدة، دون بداية مربوط الدرجة المذكورة، وهو ما أنفذته الجهة الإدارية بحق في شأنه نزولاً منها على حكم المادة 135 من القانون رقم 210 لسنة 1951 سالف الذكر، وهو الواجب إعماله متى تحقق موجبه بقطع النظر عن الآثار التي تنجم عن تطبيقه إذا لا مجال للاجتهاد في مورد النص الصريح.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم تكون الدعوى غير قائمة على أساس سليم من القانون ويكون الحكم المطعون فيه، إذ قضى بغير هذا النظر، قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه، ويتعين - والحالة هذه - القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.


[(1)] بعكس ذلك قضت المحكمة الإدارية العليا فيما يتعلق بحملة شهادة الهندسة التطبيقية العليا في القضية رقم 1763 لسنة 1762 لسنة 2 القضائية بحكمها الصادر بجلسة 12/ 7/ 1958 المنشور بمجموعة السنة الثالثة الجزء الثالث مبدأ رقم 163 ص 1551.