مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1968 إلى آخر سبتمبر سنة 1968) - صـ 730

(96)
جلسة 23 من مارس سنة 1968

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعادل عزيز زخاري ومحمد طاهر عبد الحميد ومحمد صلاح الدين محمد السعيد المستشارين.

القضية رقم 375 لسنة 11 القضائية

قرار إداري "سببه". موظف "تأديب". سلطة تقدير الجزاء التأديبي. مناطها. أن يكون التقدير على أساس قيام سببه بجميع أشطاره - مثال - إذا قام القرار على أساس مخالفتين لم تقم في حق المدعي سوى إحداهما - أثر ذلك - إلغاء القرار لإعادة التقدير على أساس استبعاد ما لم يقم على وجه اليقين وكان له أثره في تقدير الجزاء.
إنه ولئن كان للجهة الإدارية سلطة تقدير الجزاء التأديبي في حدود النصاب القانوني إلا أن مناط ذلك أن يكون التقدير على أساس قيام سببه بجميع أشطاره فإذا تبين أنه قدر على أساس مخالفتين لم تقم في حق المدعية سوى إحداهما فإن الجزاء الموقع عليها يكون والحالة هذه غير قائم على كامل سببه الأمر الذي يتعين معه إلغاؤه لإعادة التقدير على أساس استبعاد ما لم يقم على وجه اليقين في حقها وكان له أثره في تقدير الجزاء.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسب ما تبين من الأوراق تتحصل في أنه بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 3 من سبتمبر سنة 1963 أقامت السيدة سعاد حسين مصطفى الدعوى رقم 1797 لسنة 17 القضائية ضد السيد وزير الأوقاف وشئون الأزهر طالبة الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار الإداري المبلغ لها في 26 من مارس سنة 1963 والقاضي بمجازاتها بخصم عشرة أيام من مرتبها واعتباره كأن لم يكن مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الوزارة بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة وقالت شرحاً لدعواها إن القرار المذكور قضى بخصم عشرة أيام من مرتبها استناداً إلى أنها في يوم 21 من فبراير سنة 1962 لم تراع الدقة ولم تحكم الإشراف والرقابة على المعهد بأن جلست في الفناء وتركت فصلاً من الصف الأول بدون مدرسة وكلفت إحدى تلميذات الصف السابع بمراقبته وإلى أنها لم ترد على تحية السيد وكيل الإدارة - وذكرت المدعية أنه فيما يختص بالشق الأول من القرار فإن جلوسها في الفناء لم يكن إلا بقصد إحكام الرقابة على كل الفصول إذ لم يكن بالمعهد في ذلك الوقت سوى مشرفة واحدة لأن إحدى المشرفات وهي السيدة سنية صقر كانت في إجازة مرضية وكانت مشرفة نائبة قد تركت المعهد بعد خروج المشرفة النوبتجية ولم يكن به سوى مشرفة واحدة تتولى مراقبة المطبخ - فجلست هي بعد الإشراف على صرف التغذية بالقرب من فصل السنة الأولى لتراقب سير العمل بالمعهد وتباشر ما يعرض عليها من أعمال وكلفت إحدى كبيرات التلميذات بمراقبة الفصل وكانت الحصة حصة رسم. ولو وجه إليها وكيل الإدارة سؤالاً بهذا الخصوص لوقف على جلية الأمر. أما فيما يتعلق بالسبب الثاني للقرار وهي أنها لم ترد التحية على وكيل الإدارة فغير صحيح إذ شهدت السيدة عواطف زكي بأنها قد ردت التحية بأحسن منها. وذكرت المدعية أن قرار مجازاتها قد صدر مشوباً بسوء استعمال السلطة وأنها تظلمت منه في 7 من مايو سنة 1963.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلغاء القرار الصادر بمجازاة المدعية على أن المستفاد من الأوراق أنه بتاريخ 22 من فبراير سنة 1962 قدم السيد محمد المويلحي وكيل الإدارة العامة للبر والخيرات إلى المدير العام تقريراً بنتيجة زيارته معهد الأوقاف بحلمية الزيتون في 21 من فبراير سنة 1962 يتضمن مخالفة المدعية للتعليمات وعدم قيامها بواجب الاحترام نحو رئيس لها حيث وجدها جالسة في الفناء تاركة أحد الفصول محروماً من مدرسة ويعرض هذا التقرير على وكيل الوزارة المساعد أحاله في 26 من فبراير سنة 1962 إلى التفتيش العام لإجراء التحقيق اللازم وبعد إجراء التحقيق مع المدعية قدمت إدارة التفتيش مذكرة بنتيجة التحقيق إلى وكيل الوزارة المساعد في 3 من إبريل سنة 1962 متضمنة أنه لم يثبت عدم احترام السيدة الناظرة لوكيل الإدارة وأنها تقوم فعلاً بالتدريس وأن وجود الصف الأول دون مدرسة اكتفاء بالتلميذة الكبيرة كان بسبب نوع الدروس ولانشغال الناظرة في أعمال أخرى وفي 5 من إبريل سنة 1962 رأى وكيل الوزارة المساعد حفظ الموضوع لعدم صحة الشكوى ومجازاة وكيل الإدارة بالإنذار لإدلائه بأقوال وباتهامات ثبت عدم صحتها فقدم وكيل الإدارة تظلماً في 17 من إبريل سنة 1962 ورأى السيد مستشار الوزارة في 27 من مايو سنة 1962 إجراء تحقيق بمعرفة النيابة الإدارية وسحب الجزاء الموقع على السيد/ محمد المويلحي وصدر قرار وكيل الوزارة في 15 من أكتوبر سنة 1962 متضمناً سحب القرار الصادر في 5 من إبريل سنة 1964 بمجازاة السيد محمد المويلحي بالإنذار وإحالة أوراق الموضوع إلى النيابة الإدارية للتحقيق وقامت النيابة الإدارية في 22 من أكتوبر سنة 1962 بإجراء تحقيق سمعت فيه أقوال المتظلم كما حققت شكوى تقدمت بها المدعية في 28 من مارس سنة 1962 وانتهى وكيل النيابة المحقق إلى قيد الأوراق مخالفة ضد السيدة سعاد حسين مصطفى لأنها في يوم 21 من فبراير سنة 1962 بمعهد البنات بالزيتون لم تراع الدقة في عملها وخرجت على مقتضى الواجب بأن:
1 - جلست في فناء المعهد وتركت أحد فصول السنة الأولى خالياً من المدرسات بالرغم من أن الوزارة كلفتها في 10 من نوفمبر سنة 1960 بالتدريس في حالة غياب مدرسة الفصل.
2 - وأخلت بواجب احترام الرؤساء بأن لم تقم برد تحية وكيل الإدارة العامة للبر والخيرات - واقترح إحالة الأوراق للجهة الإدارية في المسألة المخالفة مع التخفيف عن الواقعة الأولى وحفظ الواقعة الثانية ووافق رئيس النيابة في 30 من ديسمبر سنة 1962 على القيد والوصف وأعدت إدارة الشئون القانونية بالوزارة مذكرة اقترحت فيها مجازاة المدعية بخصم ثلاثة أيام من مرتبها عن الواقعتين وبعرض المذكرة على السيد الوزير في 2 من مارس سنة 1962 أشر بمجازاة المدعية خصم عشرة أيام من مرتبها وهو القرار المطعون فيه - وتضمنت أسباب الحكم أن تأشيرة السيد الوزير المشار إليها تنصب على مجازاة المدعية عن ذات الوقائع التي سبق أن صدر قرار وكيل الوزارة المساعد بحفظها في 5 إبريل سنة 1962 - وما دامت الوقائع والتهم والظروف لم تتغير فإنه لا يجوز إعادة النظر فيها من جديد بعد أن أصبح القرار المذكور حصيناً من الإلغاء بانقضاء ميعاد الستين يوماً المحددة لطلب الإلغاء أو السحب فيكون القرار المطعون فيه بمجازاة المدعية خصم عشرة أيام من مرتبها عن ذات الوقائع والتهم مخالفاً للقانون متعيناً إلغاؤه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ إذ ذهب إلى أن القرار الصادر من وكيل الوزارة في 5 إبريل سنة 1962 قد سحب بالقرار المطعون فيه ذلك أن السحب قد تم بالقرار الصادر في 15 من أكتوبر سنة 1962 ومن مصدر القرار الأول بالموافقة على ما انتهى إليه مستشار الوزارة من وجوب إحالة الموضوع إلى النيابة الإدارية لإعادة تحقيقه لأن الأمر بإعادة تحقيق وقائع سبق صدور قرار بحفظها يعني العدول عن قرار الحفظ وقد تحصن هذا القرار الساحب بمضي المواعيد المقررة دون التظلم منه والطعن عليه - وتحقق علم المدعية به بمجرد إعادة التحقيق بمعرفة النيابة الإدارية وسؤالها عن الوقائع التي صدر بناء عليها القرار المسحوب - كما أخطأ الحكم في تفسير القانون حين انتهى إلى أن القرار الأول الصادر في 5 إبريل سنة 1962 قد تحصن من الإلغاء لفوات المواعيد إذ أن هذا القرار تضمن شقين متلازمين لا يقوم أحدهما دون الآخر هما حفظ الموضوع بالنسبة إلى المدعية ومجازاة المفتش إذ تناول التحقيق الذي بني عليه القرار اتهامات متبادلة من الجانبين بحيث إذا ثبت عدم صحة أقوال أحدهما جازت مجازاته وتعين حفظ الموضوع بالنسبة إلى الآخر فالقرار غير قابل للتجزئة والتظلم المقدم من المفتش في 17 من إبريل سنة 1962 وارد على القرار بشقيه وهما الجزاء الموقع عليه وحفظ الموضوع بالنسبة إلى المدعية باعتبار أن الأمر الثاني نتيجة للأول ومرتبط به الأمر المؤدي إلى قطع سريان ميعاد طلب إلغائه وبالتالي جواز سحبه بمعرفة جهة الإدارة ويظل الميعاد مقطوعاً سريانه إذا بان رغم فوات المواعيد أن جهة الإدارة قد استشعرت حق المتظلم واتخذت مسلكاً إيجابياً واضحاً في سبيل إجابته وكان فوات هذه المواعيد راجعاً إلى بطء الإجراءات وهو الأمر المتحقق في خصوصية هذه الدعوى مما يتعين معه القول بعدم تحصن القرار المتظلم منه وجواز سحبه بموافقة وكيل الوزارة على ذلك في 15 من أكتوبر سنة 1962 أو بموجب القرار المطعون فيه في ضوء ما تبين من تحقيق النيابة الإدارية الذي انتهى إلى صحة ما أسنده المفتش للمدعية ويكون ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من عدم جواز إعادة النظر في القرار الصادر في 5 من إبريل سنة 1962 في غير محله. وقد أودعت الوزارة مذكرة بدفاعها عقبت فيها على تقرير هيئة مفوضي الدولة وانتهت إلى التصميم على الطلبات الواردة في تقرير الطعن.
ومن حيث إنه يبين من الرجوع إلى الأوراق أنه بتاريخ 22 من فبراير سنة 1962 قدم السيد/ محمد السيد المويلحي وكيل الإدارة العامة للبر والخيرات تقريراً إلى رئيس الإدارة المذكورة تضمن أنه زار في 21 من فبراير سنة 1962 معهد الأوقاف للبنات بحلمية الزيتون فوجد السيدة الناظرة تجلس في الفناء المشمس وهي تتحدث مع إحدى المدرسات فألقى عليها التحية ولكنها ظلت جالسة باستهتار وعدم احترام في الوقت الذي كان فيه فصل السنة الأولى محروماً من معلمة لأن معلمته كانت في إجازة وكانت التلميذات هائجات صاخبات رغم أن الناظرة وضعت عليهن تلميذة من السنة السابعة. وأضاف أن الناظرة كانت تستطيع أن تملأ فراغ الفصل وأن هذه لم تكن المخالفة الأولى من نوعها إذ سبق أن زار المعهد في 6 من نوفمبر سنة 1960 ووجد الناظرة تجلس في الفناء المشمس وهي تتحدث إلى الحكيمة كما وجد أربعة فصول خالية من المدرسات وذكر أنه رغم أن القسم قد كتب في هذا إلى المدرسة في 9 من نوفمبر سنة 1960 وأشار باسم الوزارة إلى ضرورة توزيع التدريس على السيدة الناظرة في حالة غياب مدرسة وعدم وجود غيرها يحل محلها فإن الناظرة لا تزال تهمل شئون التلميذات وتترك الفصول خالية من المدرسات وتجلس في الشمس لتتحدث مع المعلمات في استهتار وعدم إحساس بمسئوليتها. وعرض هذا التقرير على وكيل الوزارة المساعد فأشر عليه في 26 من فبراير سنة 1962 بإحالته إلى التفتيش العام لإجراء التحقيق اللازم. وكلف أحد المفتشين بإجراء التحقيق وقد انتهى في تقريره المؤرخ في 22 من مارس سنة 1962 إلى أنه لم يثبت عدم احترام السيدة الناظرة لوكيل الإدارة وأن مصلحة التلميذات مقدرة وتقوم السيدة الناظرة فعلاً بالتدريس وأن وجود الصف الأول دون مدرسة اكتفاء بتلميذة كبيرة كان بسبب نوع الدرس إذ لم يكن يتسنى للناظرة تدريس الرسم لهذا الصف نظراً إلى انشغالها في باقي الأعمال الخاصة بشئون المعهد وأنه لذلك يرى حفظ الموضوع. وعرض هذا التقرير على وكيل الوزارة المساعد فأشر عليه في 5 من إبريل سنة 1962 بأن:
1 - يحفظ الموضوع بعد أن ثبت بالتحقيق عدم صحة الشكوى.
2 - يجازى السيد وكيل الإدارة بالإنذار إذ كان المتعين عليه أن يراعي مقتضيات منصبه فلا يدلي بأقوال أو اتهامات يتبين عدم صحتها.
وأبلغت مراقبة المستخدمين بهذا الجزاء في 23 من إبريل سنة 1962 وكانت الناظرة السيدة سعاد حسين قد تقدمت في 28 من مارس سنة 1962 بشكوى إلى مدير عام البر والخيرات قالت فيها إن تقرير السيد محمد المويلحي قد تضمن ألفاظاً ماسة بها وأنه تحدث عنها أمام مرؤوسيها في معهد طره بألفاظ تمس كرامتها واعتبارها وطلبت إحالة هذه الشكوى إلى التفتيش للتحقيق فيها - كما أن السيد/ محمد المويلحي كان قد تقدم أيضاً في 17 من إبريل سنة 1962 بشكوى إلى وكيل الوزارة المساعد ضد المفتش المكلف بالتحقيق نسب إليه فيها انحيازه إلى السيدة الناظرة وطلب إحالة شكواه والتحقيق الذي أجراه المفتش إلى النيابة الإدارية وعرضت الأوراق على السيد الأستاذ مستشار الوزارة فأشر في 27 من مايو سنة 1962 بأن يعرض الأمر على المهندس وكيل الوزارة المساعد مع التظلم المقدم من الأستاذ المويلحي والشكوى المقدمة من السيدة سعاد حسين - وبين أن المتظلم يطلب إحالة الموضوع إلى النيابة الإدارية وأن الشاكية تطلب إعادة التحقيق واقترح في حالة الموافقة على إجراء التحقيق بمعرفة النيابة الإدارية سحب الجزاء الموقع على المتظلم حتى يتم التحقيق - وقد وافق وكيل الوزارة المساعد على ذلك حسبما هو ثابت من تأشيرته المؤرخة 27 من مايو سنة 1967 - وفي 6 من أكتوبر سنة 1962 صدر قرار بسحب القرار الصادر في 5 من إبريل سنة 1962 المتضمن مجازاة السيد/ محمد المويلحي بعقوبة الإنذار - وبإحالة أوراق الموضوع إلى النيابة الإدارية للتحقيق وقد أحيلت إليها الأوراق في 16 من أكتوبر سنة 1962 وانتهت من تحقيقها إلى قيد الأوراق مخالفة إدارية ضد السيدة "سعاد حسين مصطفى" لأنها في يوم 21 من فبراير سنة 1962 لم تراع الدقة في عملها وخرجت على مقتضى الواجب الوظيفي بأن:
1 - جلست في فناء المعهد وتركت أحد فصول السنة الأولى خالياً من المدرسات بالرغم من أن الوزارة قد كلفتها بتاريخ 10 من نوفمبر سنة 1960 بالتدريس في حالة غياب مدرسة الفصل.
2 - أخلت بواجب احترام الرؤساء بأن لم تقم برد تحية وكيل الإدارة العامة للبر والخيرات عند زيارته للمعهد في يوم 21 من فبراير سنة 1962.
كما انتهت إلى إحالة الأوراق للجهة الإدارية لمساءلة المخالفة المذكورة مع التخفيف من الواقعة الأولى وحفظ الواقعة الثانية قطعياً لعدم الصحة. وأعدت إدارة الشئون القانونية بالوزارة مذكرة في شأن نتيجة تحقيق النيابة انتهت فيها إلى ثبوت المخالفتين المذكورتين معاً في حق المدعية واقترحت مجازاتها بخصم ثلاثة أيام من مرتبها وعرضت هذه المذكرة على السيد الوزير فأشر عليها في 2 من مارس سنة 1963 بقراره بالحفظ بالنسبة إلى السيد/ محمد المويلحي وبخصم عشرة أيام من مرتب المدعية التي تظلمت من هذا القرار ثم أقامت دعواها طالبة إلغاءه.
ومن حيث إن الثابت في الأوراق حسبما سبق البيان أنه بعد أن تقدمت المدعية بشكواها المؤرخة 28 من مارس سنة 1962 ضد السيد/ محمد المويلحي - وبعد أن تقدم السيد/ المويلحي بشكواه المؤرخة في 17 من إبريل سنة 1962 طالباً إجراء التحقيق بمعرفة النيابة الإدارية وبعد أن أبدى السيد مستشار الوزارة رأيه في 27 من مايو سنة 1962 مقترحاً في حالة الموافقة على إجراء التحقيق بمعرفة النيابة الإدارية - سحب الجزاء الموقع ضد السيد/ محمد المويلحي - وافق السيد وكيل الوزارة المساعد على ذلك في ذات التاريخ أي في 27 من مايو سنة 1962 وهذه الموافقة لا تقتصر في الواقع من الأمر على سحب القرار الصادر منه في 5 من إبريل سنة 1962 فيما تضمن من مجازاة السيد/ محمد المويلحي بالإنذار بل تنطوي أيضاً على سحب القرار المذكور فيما تضمنه من حفظ الموضوع بالنسبة إلى المدعية إذ أن هذا الحفظ قد تم بالنسبة إليها بناء على التحقيق الذي أجراه أحد مفتشي التفتيش العام فيما نسبه إليها السيد/ المويلحي في تقريره المؤرخ في 22 من فبراير سنة 1962 وهو التحقيق الذي كان محل طعنه في شكواه المؤرخة في 17 من إبريل سنة 1962 - فإجابة السيد المويلحي إلى طلبه إعادة التحقيق في هذا الشأن بمعرفة النيابة الإدارية وهو طلبه الذي تضمنه تلك الشكوى تنطوي على سحب قرار الحفظ المشار إليه.
ومن حيث إنه ولئن كان قد صدر في 6 من أكتوبر سنة 1962 قرار بإحالة أوراق الموضوع إلى النيابة الإدارية للتحقيق إلا أن هذا القرار لم يكن إلا تنفيذاً لقرار وكيل الوزارة المساعد الصادر في هذا الشأن في 27 من مايو سنة 1962 والمنطوي - حسبما سبق البيان على سحب قراره الصادر في 5 من إبريل سنة 1962 بحفظ الموضوع بالنسبة إلى المدعية وإذ تم سحب هذا القرار خلال الستين يوماً التالية لصدوره فإن هذا السحب يكون سليماً ولا مخالفة فيه للقانون ويكون الحكم المطعون فيه قد جانب الصواب إذ أقام قضاءه على أن قرار الحفظ سالف الذكر قد أصبح حصيناً من الإلغاء بانقضاء ستين يوماً على صدوره.
ومن حيث إنه بالرجوع إلى تحقيق النيابة الإدارية يبين أن المخالفة الأولى المسندة إلى المدعية ثابتة في حقها إذ أنها قررت في أقوالها أنها كانت عندما ذهب السيد/ محمد المويلحي إلى المعهد تجلس في الفناء في الوقت الذي كان فيه أحد الفصول خالياً من مدرسته تاركة هذا الفصل تحت إشراف إحدى تلميذات السنة السابعة، وتصرف المدعية على هذا النحو ينطوي على مخالفة لتعليمات الوزارة الصادرة في 10 من نوفمبر سنة 1960 من حيث وجوب قيامها بالتدريس بدلاً من المدرسة الغائبة ولا يرفع عنها المسئولية عن هذه المخالفة ادعاؤها أن جلوسها في الفناء كان لمراقبة الفصول الدراسية نظراً إلى عدم وجود مشرفات سوى واحدة كانت تشرف على إعداد الطعام في المطبخ وأنه لم يكن في الإمكان شغل الفصل الخالي بمدرسة لعدم وجود مدرسة خالية في ذلك اليوم - إذ أن الإشراف على الفصول لا يكون بالجلوس في الفناء - أما المخالفة الثانية وهي الإخلال بواجب احترام الرؤساء فإنه ليس فيما أجرته النيابة الإدارية من تحقيق ما يفيد ثبوتها قبل المدعية ولذلك انتهت بحق إلى حفظها قطعياً لعدم الصحة.
ومن حيث إنه يبين من القرار الصادر بمجازاة المدعية والمؤشر به على مذكرة إدارة الشئون القانونية - إنه قد قام على الأسباب التي تضمنتها تلك المذكرة وهي ثبوت المخالفتين المنسوبتين إلى المدعية في حقها رغم أن الثابت من التحقيق أنه لم يقع منها سوى إحداهما.
ومن حيث إنه ولئن كان للجهة الإدارية سلطة تقدير الجزاء التأديبي في حدود النصاب القانوني إلا أن مناط ذلك أن يكون التقدير على أساس قيام سببه بجميع أشطاره فإذا تبين أنه قدر على أساس مخالفتين لم تقم في حق المدعية سوى إحداهما فإن الجزاء الموقع عليها يكون والحالة هذه غير قائم على كامل سببه الأمر الذي يتعين معه إلغاؤه لإعادة التقدير على أساس استبعاد ما لم يقم على وجه اليقين في حقها وكان له أثره في تقدير الجزاء بخصم عشرة أيام من مرتبها.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلغاء القرار الصادر بمجازاة المدعية يكون قد أصاب الحق في النتيجة التي انتهى إليها للأسباب السابق بيانها الأمر الذي يتعين معه رفض الطعن وإلزام الوزارة الطاعنة بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الحكومة بالمصروفات.