مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1968 إلى آخر سبتمبر سنة 1968) - صـ 753

(99)
جلسة 24 مارس سنة 1968

برئاسة السيد الأستاذ مصطفى كامل إسماعيل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبي وأحمد علي البحراوي ومحمد فتح الله بركات وسليمان محمود جاد المستشارين.

القضية رقم 240 لسنة 9 القضائية

( أ ) موظف "ترقية". "ضم مدة خدمة" - ضم مدة الخدمة السابقة طبقاً لأحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 يفسح للعامل مجالاً للطعن في قرارات الترقية الصادرة في ظل العمل بأحكام القرار الجمهوري المشار إليه في 20/ 3/ 1958 - عدم جواز الطعن في قرار الترقية الصادر في ذات يوم العمل بأحكام ذلك القرار الجمهوري.
(ب) موظف "ترقية". فترة اختبار - امتناع ترقية العامل في فترة الاختبار.
(جـ) موظف "ترقية". فترة اختبار - الإعفاء من فترة الاختبار، في حالة إعادة التعيين في خدمة الحكومة - شروطه.
1 - إن القرار المطعون فيه الصادر في 20 من فبراير سنة 1958 بالترقية إلى الدرجة الخامسة قد صدر في اليوم ذاته الذي صدر فيه القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958، الذي بمقتضاه أرجعت أقدمية المدعي في الدرجة السادسة الإدارية إلى 3 من فبراير سنة 1955، ولما كان حق المدعي في ضم مدة خدمته السابقة المستمد من القرار الجمهوري المشار إليه لم ينشأ في لحظة أسبق من تاريخ صدور قرار الترقية المذكور، فإن أقدميته في الدرجة السادسة قبل ضم تلك المدة لم تكن لتسعفه في الترقية ضمن من رقوا إلى الدرجة الخامسة الإدارية في 20 من فبراير سنة 1958.
2 - إن الموظف الذي يعين لأول مرة في خدمة الحكومة على إحدى الدرجات الدائمة يفرض عليه كشرط لبقائه في وظيفته بصفة نهائية، أن يقضي مدة الاختبار بصورة مرضية تدعو إلى الاطمئنان إليه وتبرر بقاءه وإلا فصل من وظيفته، فكأن وضعه بهذه المثابة خلال فترة الاختبار لا يكون إلا في أدنى الدرجات، فإن مقتضى ذلك هو عدم جواز ترقيته خلال تلك الفترة إلى درجة أعلى، لأن الترقية سوف تخرجه حتماً من هذه الدرجة الدنيا وتعفيه بالتالي من فترة الاختبار التي لا تكون إلا في هذه الدرجة، وبذلك يسلم له لزوماً بكفاية وصلاحية لم تكتمل له بما من شأنه إهدار حكم المادة 9 من القانون رقم 210 لسنة 1951 وغل يد الإدارة عن ممارسة حقها المقرر لها من حيث فصله من وظيفته إذا ما ثبت لها عدم صلاحيته للخدمة، فمتى كان تعيين الموظف على الوجه سالف الذكر، فإنه لا مناص من خضوعه لنظام الاختبار نزولاً على أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951.
3 - لا سبيل إلى التحلل من حكم المادة 19 من القانون 210 لسنة 1951 إلا إذا كان الموظف قد سبق تعيينه على إحدى الدرجات الدائمة أي على درجة من تلك التي تخضع لهذا النظام وثبتت صلاحيته فعلاً للبقاء في الوظيفة ثم أعيد تعيينه ثانية في ذات الدرجة، فإنه من البديهي أن يمتنع في هذه الحالة إعادة إعمال حكم المادة المذكورة لاستجلاء شأن ثبت التحقق منه بالفعل وعلى الوجه المقرر قانوناً، أما في غير هذه الحالة فإنه لا يجوز بغير إهدار حكم تلك المادة التحلل من الخضوع للنظام المتقدم ذكره.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 973 لسنة 15 القضائية ضد وزارة الخزانة بصحيفة أودعها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري "هيئة التسويات" في 22 من يوليو سنة 1961، بعد أن حصل على قرار من لجنة المساعدة القضائية بالمحكمة المذكورة في 8 من يونيو سنة 1961 بإعفائه من الرسوم القضائية في الطلب المقدم منه والمقيد بجدولها تحت رقم 177 لسنة 15 القضائية وطلب في صحيفة دعواه الحكم "باعتبار ترقيته إلى الدرجة الخامسة راجعة أصلياً إلى 20 من فبراير سنة 1958 واحتياطياً إلى 31 من يوليو سنة 1958 مع ما يترتب على ذلك من آثار مالية وغيرها مع إلزام المدعى عليه بالمصروفات والأتعاب". وقال بياناً للدعوى إنه تظلم في 27 من أكتوبر سنة 1960 من قرارات الوزارة الصادرة في 20 من أغسطس سنة 1958 (الصواب 20 من فبراير سنة 1958) والقرارات التالية بالترقيات إلى الدرجة الخامسة وذلك فيما تضمنته من تخطيه في الترقية إلى هذه الدرجة مع ما يترتب على ذلك من آثار، وعلى الرغم من أن مفوض الدولة قد رأى أحقيته في طلباته إلا أن السيد وكيل الوزارة أشار بأن يترك الأمر للقضاء فقدم في 19 من فبراير سنة 1962 طلب إعفاء من الرسوم القضائية، قيد تحت رقم 177 لسنة 15 القضائية وتقرر في 8 من يونيو سنة 1961 قبوله فبادر برفع دعواه خلال الستين يوماً التالية، ولذلك يعتبر طعنه في تلك القرارات مقبولاً شكلاً لأن الجهة الإدارية نازعت في ضم مدة خدمته السابقة ولم تضم له هذه المدة طبقاً للقرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 إلا بالقرار الوزاري الصادر في 8 من سبتمبر سنة 1960 وأضاف فيما يتعلق بالموضوع أن أقدميته الجديدة تخوله الحق في الترقية إلى الدرجة الخامسة في كل قرار تال لتاريخ سريان القرار الجمهوري المذكور، وأنه لما كانت أقدميته المعدلة بعد ضم مدة خدمته السابقة في الدرجة السادسة قد أصبحت راجعة إلى 3 من فبراير سنة 1955 فإن الأقدمية تسمح بترقيته بالقرار الصادر في 20 من فبراير سنة 1958 بصفة احتياطية. وقد أجابت الجهة الإدارية على الدعوى بأن المدعي حصل على بكالوريوس التجارة في سنة 1953 والتحق بخدمة الوزارة المدعى عليها في 5 من فبراير سنة 1958 في الدرجة السادسة الإدارية وتسلم العمل فعلاً في 16 من مارس سنة 1958، وعدلت أقدميته في تلك الدرجة إلى 3 من فبراير سنة 1955 بالقرار الوزاري رقم 510 الصادر في 8 من سبتمبر سنة 1960 بحساب مدة الخدمة السابقة التي قضاها باللجنة العليا للإصلاح الزراعي من 3 من فبراير سنة 1955 حتى 4 من فبراير سنة 1958 وبتسوية حالته على هذا الأساس مع صرف الفروق المالية المستحقة له اعتباراً من 16 من مارس سنة 1958 تاريخ تسلمه العمل بالوزارة على ألا يسبق زملاءه المعينين معه في 3 من فبراير سنة 1955، وذكرت الجهة الإدارية أن دعوى المدعي مقبولة شكلاً، أما فيما يتعلق بالموضوع، فلا يجوز له الطعن في القرار الصادر في 20 من فبراير سنة 1958 إذ أنه لم يكن في ذلك التاريخ موظفاً بالوزارة حيث إنه تسلم العمل بها في 16 من مارس سنة 1958، كما أنه ولئن كانت أقدميته المعدلة تسعفه في الترقية إلى الدرجة الخامسة الإدارية في حركة الترقيات الصادرة في 31 من يوليو سنة 1958 إلا أنه كان وقتئذ في فترة الاختبار، إذ لم يعين في وظيفته بصفة نهائية إلا بالقرار رقم 348 الصادر في 30 من سبتمبر سنة 1959 وما كانت تجوز ترقيته في تلك الفترة وأضافت أن أول حركة ترقيات بعد صدور هذه الترقيات يلحقه فيها دور الترقية كانت في 31 من ديسمبر سنة 1959، وقد عدلت فعلاً أقدميته في الدرجة الخامسة الإدارية على هذا الأساس. وبجلسة 17 من ديسمبر سنة 1962 قضت محكمة القضاء الإداري "دائرة التسويات" بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بتعديل أقدمية المدعي في الدرجة الخامسة الإدارية إلى 31 من يوليو سنة 1958 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الحكومة بالمصروفات". وأقامت قضاءها بالنسبة إلى القرار الصادر في 20 من فبراير سنة 1958 بالترقية إلى الدرجة الخامسة، على أن هذا القرار قد صدر في اليوم ذاته الذي صدر فيه القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958، الذي بمقتضاه أرجعت أقدميته في الدرجة السادسة الإدارية إلى 3 من فبراير سنة 1955، ولما كان حق المدعي في ضم مدة خدمته السابقة المستمد من القرار الجمهوري المشار إليه لم ينشأ في لحظة أسبق من تاريخ صدور قرار الترقية المذكور، فإن أقدميته في الدرجة السادسة قبل ضم تلك المدة لم تكن لتسعفه في الترقية ضمن من رقوا إلى الدرجة الخامسة الإدارية في 20 من فبراير سنة 1958. أما بالنسبة إلى القرار الصادر في 31 من يوليو سنة 1958 بالترقية إلى الدرجة الخامسة الإدارية فإنه إذا كانت للموظف مدة خدمة سابقة تزيد على الفترة المقررة للاختبار ثم أعيد تعيينه فإن هذا التعيين لا يعتبر تعييناً جديداً في حكم المادة 19 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة ويستتبع وضع الموظف تحت الاختبار مرة أخرى، ذلك أن صلاحية الموظف للوظيفة العامة في هذه الحالة قد ثبتت خلال فترة تعيينه الأولى ولم تعد جهة الإدارة بعد ذلك في حاجة إلى وضعه تحت الاختبار مرة أخرى وعلى هذا فإن تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة الخامسة بالقرار الصادر في 31 من يوليو سنة 1958 على الرغم من أن أقدميته في الدرجة السادسة كانت تسمح بترقيته بمقتضى هذا القرار، لا يقوم على أساس سليم من القانون ومن ثم يتعين إلغاء القرار المذكور فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة الخامسة الإدارية، إلا أنه لما كان الثابت أن المدعي قد رقي فعلاً إلى هذه الدرجة من 30 من نوفمبر سنة 1960 وأرجعت أقدميته فيها إلى 31 من ديسمبر سنة 1959 فإن مصلحته أصبحت مقصورة على الحكم له بتعديل أقدميته في تلك الدرجة إلى تاريخ صدور القرار المطعون فيه وهو 31 من يوليو سنة 1958 مع ما يترتب على ذلك من آثار. وقد أودع المطعون عليه في فترة حجز الطعن للحكم مذكرة حاصلها أنه أمضى فترة الاختبار بكفاية باللجنة العليا للإصلاح الزراعي إذ رقي في سنة 1957 من وظيفة مراجع حسابات في الربط المالي 15 - 25 جنيهاً إلى وظيفة مفتش حسابات في الربط المالي 20 - 30 جنيهاً، وأن مرتبه باللجنة العليا المذكورة بلغ أكثر من عشرين جنيهاً شهرياً بينما كان مرتبه خمسة عشر جنيهاً عند بدء تعيينه بالحكومة في الدرجة السادسة، وبالتالي فلا يعتبر هذا التعيين بمثابة نقل من وظيفته التي كان يشغلها باللجنة العليا تمتنع معه ترقيته قبل مضي سنة حسبما ورد بتقرير الطعن، وانتهى المطعون عليه في مذكرته إلى أنه يطلب أصلياً فتح باب المرافعة لضم ملف خدمة السيد/ محمد فريد فوزي وكيل حسابات وزارة السد العالي بمقولة إنه كان زميلاً له بالإصلاح الزراعي وأن حالة كل منهما مماثلة للأخرى، واحتياطياً الحكم برفض الطعن مع إلزام الحكومة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقد أعاد الكرة طالباً ضم ملف خدمة زميله المشار إليه لكون وزارة الخزانة قد ضمت له مدة خدمته السابقة ثم رقته إلى الدرجة الخامسة بعد شهر ونصف.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن المدعي عين بوزارة الخزانة في أدنى درجات الكادر الإداري بعد نجاحه في امتحان مسابقة، فيلزم إعمالاً لنص المادة 19 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بادئ الذكر، أن يظل تحت الاختبار لمدة سنة على الأقل وسنتين على الأكثر، ولا تعتبر مدة خدمته باللجنة العليا للإصلاح الزراعي مدة اختبار، كما أن صلاحيته للعمل باللجنة المذكورة لا تقتضي لزوماً صلاحيته للعمل الذي أسند إليه بوزارة الخزانة، إذ لهذه الوزارة سلطة تنفرد بها في تقدير تلك الصلاحية، وإذا لم يعتبر تعيين المطعون عليه بوزارة الخزانة تعييناً جديداً فإنه يكون في حكم النقل، وفي هذه الحالة لا تجوز ترقيته قبل مضي سنة على نقله إعمالاً لنص المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 المشار إليه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد صادف الصواب فيما انتهى إليه من عدم أحقية المدعي في طلبه الأصلي الخاص باعتبار أقدميته في الدرجة الخامسة الإدارية راجعة إلى 20 من فبراير سنة 1958، وذلك للأسباب التي بني عليها.
ومن حيث إن المادة 19 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة تنص على أن "يكون التعيين لأول مرة في أدنى الدرجات بوظائف الكادرين الفني العالي والإداري، ويكون التعيين في وظائف الكادر الفني المتوسط في الدرجتين السابعة والثامنة حسب الوظيفة المطلوب التعيين فيها، ويكون التعيين في وظائف الكادر الكتابي في وظائف الدرجتين الثامنة والتاسعة، وذلك مع عدم الإخلال بما جاء بالفقرة الأخيرة من المادة 50 ويكون التعيين في الوظائف المشار إليها تحت الاختبار لمدة سنة على الأقل وسنتين على الأكثر، فإن لم يتم الموظف مدة الاختبار على ما يرام فصل من وظيفته".
ومن حيث إنه سبق لهذه المحكمة أن قضت بأن الموظف الذي يعين لأول مرة في خدمة الحكومة على إحدى الدرجات الدائمة يفرض عليه كشرط لبقائه في وظيفته بصفة نهائية، أن يقضي مدة الاختبار بصورة مرضية تدعو إلى الاطمئنان إليه وتبرر بقاءه وإلا فصل من وظيفته، فكأن وضعه بهذه المثابة خلال فترة الاختبار هو وضع معلق لا يستقر إلا بإتمامها على هذا الوجه، وإذ كان وضع الموظف تحت الاختبار لا يكون إلا في أدنى الدرجات، فإن مقتضى ذلك هو عدم جواز إجراء الترقية إلى درجة أعلى، لأن الترقية سوف تخرجه حتماً من هذه الدرجة الدنيا وتعفيه بالتالي من فترة الاختبار التي لا تكون إلا في هذه الدرجة، وبذلك يسلم له لزوماً بكفاية وصلاحية لم تكتملا له بما من شأنه إهدار حكم المادة 19 آنفة الذكر وغل يد الإدارة عن ممارسة حقها المقرر لها من حيث فصله من وظيفته إذا ما ثبت لها عدم صلاحيته للخدمة، فمتى كان تعيين الموظف على الوجه سالف الذكر، فإنه لا مناص من خضوعه لنظام الاختبار نزولاً على أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 وإعمالاً لنص المادة 19، ولا سبيل إلى التحلل من حكم هذه المادة إلا إذا كان الموظف قد سبق تعيينه على إحدى الدرجات الدائمة أي على درجة من تلك التي تخضع لهذا النظام ويثبت صلاحيته فعلاً للبقاء في الوظيفة ثم أعيد تعيينه ثانية في ذات الدرجة، فإنه من البديهي أن يمتنع في هذه الحالة إعادة إعمال حكم المادة المذكورة لاستجلاء شأن ثبت التحقق منه بالفعل وعلى الوجه المقرر قانوناً، أما في غير هذه الحالة، فإنه لا يجوز بغير إهدار حكم تلك المادة، للتحلل من الخضوع للنظام المتقدم ذكره. وإذا كان خضوع الموظف المعين على الوجه المتقدم لفترة الاختبار أمراً لا محيص عنه، فغني عن البيان أنه يمتنع خلال هذه الفترة اتخاذ أي تصرف في شأنه، أن يتعارض مع وضعه فيها وذلك قبل أن يحسم موقفه بقضائه هذه الفترة بصورة مرضية وقبل أن يصدر قرار من الجهة الإدارية المختصة بتثبيته في وظيفته بصفة نهائية بعد ثبوت صلاحيته للبقاء في هذه الوظيفة.
ومن حيث إنه ثابت من الأوراق أن المدعي عين لأول مرة في خدمة الحكومة في 5 من فبراير سنة 1958 في وظيفة من الدرجة السادسة الإدارية وهي أدنى درجات الكادر الإداري، وأنه تسلم عمله بوزارة الخزانة في 16 من مارس سنة 1958 وظل تحت الاختبار حتى عين في وظيفته بصفة نهائية بالقرار رقم 348 الصادر في 30 من سبتمبر سنة 1959 ومن ثم فما كانت تجوز ترقيته إلى الدرجة الخامسة الإدارية قبل صدور القرار المذكور، ولا يحول دون تطبيق حكم المادة 19 من القانون رقم 210 لسنة 1951 آنف الذكر، من حيث ضرورة قضاء المدعي فترة الاختبار في الدرجة السادسة الإدارية التي عين فيها بوزارة الخزانة كونه قد سبق له قضاء مدة باللجنة العليا للإصلاح الزراعي مهما استطالت، إذ أن تعيينه في خدمة الحكومة هو تعيين جديد، بحكم الواقع منبت الصلة بالماضي، وخاضع لنظام مغاير تختلف أوضاعه وأحكامه عن النظام الذي كان يحكم علاقته باللجنة المذكورة، وآية ذلك أن المادة 12 من القانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعي المعدلة بالقانون رقم 131 لسنة 1953 قد تضمنت النص على أن اللجنة العليا للإصلاح الزراعي تكون لها الشخصية الاعتبارية، ولا تتقيد في أداء مهمتها بالنظم أو القواعد أو التعليمات التي تخضع لها المصالح الحكومية، على أن تكون حساباتها تحت رقابة ديوان المحاسبة، وقد أصدرت اللجنة تنفيذاً للمادة 12 المشار إليها، لائحة داخلية (نشرت في الوقائع المصرية في 11 من نوفمبر سنة 1954) تضمنت أحكاماً مغايرة لأحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة ولائحته التنفيذية الصادرة بالمرسوم الصادر في 12 من يناير سنة 1953، وتتضح هذه المغايرة على وجه الخصوص، فيما نصت عليه المادة 11 من اللائحة التنفيذية سالفة الذكر، من أن "يدون الرئيس المباشر ملاحظاته شهرياً على عمل الموظف المعين تحت الاختبار وذلك على النموذج الذي يعده ديوان الموظفين، وتعرض هذه الملاحظات على الرئيس الأعلى للرئيس المباشر في نهاية مدة الاختبار ليضع تقريراً على النموذج سالف الذكر موضحاً به رأيه وأسانيده" وقد خلت اللائحة الداخلية للجنة العليا للإصلاح الزراعي من نص مماثل أو مشابه فإذا جاز - والحالة هذه - ضم المدة التي قضاها المدعي باللجنة العليا للإصلاح الزراعي في حساب أقدميته في الدرجة السادسة التي عين فيها بخدمة الحكومة طبقاً لقواعد ضم مدة الخدمة السابقة التي يجيز حساب المدد التي تقضي بالهيئات والمؤسسات العامة فإن إعمال أثر ضم تلك المدة لا يشمل الترقية إلا بعد انحسام الموقف المعلق الخاص بثبوت صلاحيته للبقاء في وظيفته بالحكومة، ولا يتحقق هذا إلا بعد قضائه فترة الاختبار على ما يرام وفقاً للأحكام المقررة في هذا الشأن والتي شرعت لصالح المرافق العامة التي تقوم عليها الوزارات والمصالح الحكومية، ومن ثم فإن طلب المدعي الخاص باعتبار ترقيته إلى الدرجة الخامسة الإدارية راجعة احتياطياً إلى 31 من يوليو سنة 1958 تاريخ ترقية بعض موظفي وزارة الخزانة إلى الدرجة المذكورة، يكون على غير أساس سليم من القانون حقيقاً بالرفض ولا يغير من هذه الحقيقة أن تكون الوزارة المدعى عليها قد عاملت زميلاً له هو السيد/ محمد فريد فوزي، على حد قوله، على أساس آخر، إن خطأ أو صواباً، إذ ليس المقام مقام الحكم على صحة المعاملة التي تمت لهذا الزميل أو عدم صحتها، وإنما يتعلق الأمر بإنزال حكم القانون في الخصوصية المطروحة بحسب ظروفها ووقائعها الثابتة بالأوراق على وجهه الصحيح بما لا محل معه لإعمال القياس، ولا جدوى بالتالي من ضم ملف خدمة السيد المذكور ما دام غير منتج فيما يبتغيه المدعي من هذا الضم. وإذ قضى الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر، فإنه يكون قد جانب الصواب في تأويل القانون وتطبيقه ويتعين لذلك القضاء بإلغائه ورفض الدعوى برمتها مع إلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.