أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 39 - صـ 1001

جلسة 3 من نوفمبر سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ محمد رفيق البسطويسي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد أحمد حسن وعبد الوهاب الخياط نائبي رئيس المحكمة وعبد اللطيف أبو النيل وعمار إبراهيم.

(152)
الطعن رقم 4519 لسنة 57 القضائية

(1) حكم "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب معيب". تزوير. إثبات "بوجه عام" "خبرة".
وجوب إيراد الأدلة التي استندت إليها المحكمة وبيان مؤداها.
مجرد الاكتفاء بالإشارة إلى ما تضمنه تقرير الخبير من اصطناع أختام ومطبوعات. دون إيراد مضمونه. قصور.
(2) تزوير "أوراق رسمية". فاعل أصلي. اشتراك. إثبات "بوجه عام".
مجرد ضبط الورقة المزورة أو الخاتم المقلد، أو التمسك بذلك، أو وجود مصلحة للمتهم في تزويرها أو تقليده. لا يكفي مجرداً لإثبات إسهامه في التزوير أو التقليد كفاعل أو شريك أو علمه بذلك. حد ذلك؟
(3) اشتراك. إثبات "قرائن". محكمة النقض "سلطتها".
جواز إثبات الاشتراك بالقرائن. مناطه؟
سلطة محكمة النقض في تصحيح استخلاص محكمة الموضوع للاشتراك بما يتفق مع المنطق والقانون.
(4) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وجوب بناء الأحكام الجنائية على الجزم واليقين. لا على الظن والاحتمال.
(5) تزوير "أوراق رسمية". جريمة "أركانها". قصد جنائي.
القصد الجنائي في جريمة التزوير. تحققه بتعمد تغيير الحقيقة في المحرر مع انتواء استعماله في الغرض الذي زور من أجله.
(6) تقليد. جريمة "أركانها". قانون "تفسيره".
جريمة تقليد ختم أو علامة إحدى المصالح أو الجهات الحكومية المنصوص عليها في المادة 206 عقوبات. تحققها متى كان التقليد من شأنه خدع الجمهور في العلامات.
عدم اشتراط أن يكون التقليد متقناً ينخدع به المدقق فيه. كفاية وجود تشابه بين المقلد والصحيح قد يسمح بالتعامل بها، أو يخدع بعض الناس فيها.
(7) تقليد. جريمة "أركانها". قانون "تفسيره".
العبرة في التقليد بأوجه الشبه لا بأوجه الخلاف. بحيث يكون من شأنه أن ينخدع فيه الجمهور في المعاملات.
(8) نقض "أثر الطعن". ارتباط.
نقض الحكم في تهمة. يوجب نقضه بالنسبة لما ارتبط بها من تهم أخرى.
1 - من المقرر أنه يجب إيراد الأدلة التي تستند إليها المحكمة وبيان مؤداها في الحكم بياناً كافياً، فلا يكفي مجرد الإشارة إليها بل ينبغي سرد مضمون الدليل وذكر مؤداه بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة ومبلغ اتساقه مع باقي الأدلة حتى يتضح وجه استدلاله بها. إذ كان الحكم المطعون فيه قد اكتفى بالإشارة إلى ما تضمنه تقرير الخبير عن اصطناع بصمة خاتم وزارة الخارجية الممهور به الأوراق المضبوطة وكذلك اصطناع الرخص المضبوطة المنسوبة إلى وزارة الداخلية واصطناع مطبوع منسوب إلى مصلحة الأحوال المدنية دون أن يورد مضمون هذه المستندات جميعها، في حين أن الواقعة أسفرت عن ضبط العديد منها، كما أنه لم يعرض للأسانيد التي أقيم عليها هذا التقرير وهو ما لا يكفي في بيان أسباب الحكم الصادر بالعقوبة لخلوه مما يكشف عن وجه استشهاد المحكمة بهذا الدليل الذي استنبط منه معتقده في الدعوى.
2 - من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن مجرد ضبط الورقة المزورة أو الخاتم المقلد، أو التمسك بذلك، أو وجود مصلحة للمتهم في تزويرها أو تقليده، لا يكفي بمجرده في ثبوت إسهامه في تزويرها أو تقليده كفاعل أو شريك، أو علمه بالتزوير أو التقليد، ما لم تقم أدلة على أنه هو الذي أجرى التزوير أو التقليد بنفسه أو بواسطة غيره، ما دام أنه ينكر ارتكاب ذلك، وخلا تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير، من نسبة الأمر إليه.
3 - إن مناط جواز إثبات الاشتراك بطريق الاستنتاج استناداً إلى القرائن أن تكون هذه القرائن منصبة على واقعة التحريض أو الاتفاق أو المساعدة، وأن يكون استخلاص الحكم للدليل المستمد منها سائغاً، ولا يتجافى مع المنطق والقانون، فإذا كانت الأسباب التي اعتمد عليها الحكم في إدانة الطاعن والعناصر التي استخلص منها وجود الاشتراك، لا تؤدي إلى ما انتهى إليه فعندئذ يكون لمحكمة النقض بما لها من حق الرقابة على صحة تطبيق القانون أن تتدخل وتصحح هذا الاستخلاص بما يتفق مع المنطق والقانون.
4 - من المقرر أن الأحكام الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين من الواقع الذي يثبته الدليل المعتبر، ولا تؤسس على الظن والاحتمال من الفروض والاعتبارات المجردة.
5 - من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة التزوير إنما يتحقق بتعمد تغيير الحقيقة في محرر يتمتع بقوة في الإثبات، بطريقة من الطرق التي حددها القانون، تغييراً من شأنه أن يسبب ضرراً مع انتواء استعماله في الغرض الذي زور من أجله.
6 - من المقرر أن جناية تقليد ختم أو علامة إحدى المصالح أو إحدى جهات الحكومة المنصوص عليها في المادة 206 من قانون العقوبات تتحقق متى كان التقليد من شأنه خدع الجمهور في العلامات، ولا يشترط القانون أن يكون التقليد متقناً بحيث ينخدع به الفاحص المدقق بل يكفي أن يكون بين الختمين أو العلامتين المقلدة والصحيحة تشابه قد يسمح بالتعامل بها أو أن ينخدع بعض الناس فيها.
7 - إن العبرة في التقليد بأوجه الشبة لا بأوجه الخلاف بحيث يكون من شأنه أن ينخدع فيه الجمهور في المعاملات دون أن يشترط أن يكون الانخداع قد حصل وتم فعلاً.
8 - لما كانت الوقائع التي أثبتها الحكم في مدوناته وما أورده تدليلاً عليها، ولا يتضمن ولا يكفي لتوافر القصد الجنائي في جريمة التزوير - كما هو معرف به في القانون - كما خلا الحكم من بيان وجه ثبوت جريمة تقليد الأختام واستعمالها والأدلة التي استقى منها ذلك، كما أنه لم يف ببحث أوجه التشابه بين الأختام الصحيحة والمقلدة. فإن الحكم يكون معيباً بالقصور المعجز الذي يتسع له أوجه الطعن مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بالنسبة لجميع التهم المسندة للطاعن ما دام أن الحكم اعتبرها جرائم مرتبطة وقضى بالعقوبة المقررة لأشدها عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن - وآخرين قضى ببراءتهم بأنه: 1 - اشترك بطريق التحريض والاتفاق والمساعدة مع آخر مجهول في ارتكاب تزوير في محررات رسمية منسوب صدورها إلى إدارة المرور ومصلحة الأحوال المدنية التابعين لوزارة الداخلية هي "نماذج رخص القيادة درجة أولى أرقام....... و...... و..... و....... درجة ثانية أرقام....... و....... درجة ثانية رقم........ ورخصة دولية رقم....... ومطبوع البطاقة العائلية رقم...... عائلي حرف م" بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بطريق الاصطناع بأن حرض المجهول واتفق معه على إنشاء المحررات سالفة الذكر على غرار المحررات الصحيحة وساعده بأن أعطاه البيانات اللازمة فدونها المجهول وتمت الجريمة بناء على هذا التحريض وذلك الاتفاق وتلك المساعدة. 2 - اشترك بطريق التحريض والاتفاق والمساعدة مع آخر مجهول في ارتكاب تزوير في محررات رسمية الصادرة من مصلحة الأدلة الجنائية هي "صحف الحالة الجنائية المبينة بتقرير أبحاث التزييف والتزوير" يجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بطريق المحو بأن حرض المجهول واتفق معه على محو البيانات في منطقة الجدول السفلي الخاص بقسم البحث وساعده بأن قدم له الأدوات اللازمة لذلك فتمت الجريمة بناء على هذا التحريض وذلك الاتفاق وتلك المساعدة. 3 - قلد بواسطة غيره خاتم لإحدى المصالح الحكومية......... على النحو المبين بالتحقيقات. 4 - استحصل بغير حق على الأختام الثابتة بالمحررات المبينة بالتحقيقات وتقرير قسم الأبحاث واستعملها استعمالاً ضاراً بالجهة الخاصة بها. وأحالته إلى محكمة جنايات المنصورة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ 1، 2، 3، 41، 206، 211، 212 من قانون العقوبات وإعمال المادتين 17/ 32 من ذات القانون بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة ومصادرة المحررات المزورة المضبوطة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الاشتراك في تزوير محررات رسمية وتقليد أختام بعض المصالح الحكومية والاستحصال بغير حق على أختام جهات حكومية قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال، ذلك أنه أعرض عن دفاعه المبدى بجلسة المحاكمة والقائم على أن عمله في إدارة مكتب السفريات ينحصر في إجراءات توقيع العقود واتخاذ إجراءات تأشيرات السفر وحجز الأماكن، بدلالة أن ما ضبط لديه من جوازات سفر وأوراق صحيحة سلمت لأصحابها. كما أنه لم يزور أو يقلد شيئاً مما ذكر، ولم يعلن الحكم بتناول هذا الدفاع إيراداً ورداً على سند من القول بعدم التعويل على إنكار المتهم والاطمئنان لأدلة الثبوت، هذا إلى أن الأوراق المضبوطة والتي نعتت بالرسمية وهي رخصة القيادة والبطاقة العائلية - ليست كذلك - ولا تعدو أن تكون مجرد نماذج بيضاء خلوه من ثمة بيانات ولا تحمل توقيعات المختصين، كما وأن صحف الحالة الجنائية المنسوب إليه الاشتراك في تزويرها أيضاً - بطريق المحو - خالية من سائر البيانات ولم تضف إليها بيانات أخرى ولم يثبت استعمالها، وأن ما نسب إليه - إن صح - لا يعدو عملاً تحضيرياً وافتقر الحكم إلى بيان المحررات التي حملت أختاماً مقلدة وكيفية الاستحصال عليها بغير حق واكتفى في شأنها بالإشارة إلى ما جاء بالتحقيقات وتقرير أبحاث التزييف والتزوير دون أن يعني بإيراد مضمون كاف لهذا التقرير والأدلة التي حمل عليها هذه النتيجة. كما أغفل الحكم التدليل على ثبوت القصد الجنائي بالنسبة لجريمة التقليد ولم يبين الأساس الذي استمد منه اتجاه نية الطاعن إلى استعمال هذه الأختام في حين أنها ضبطت داخل حقيبة مغلقة ولا توجد مظاهر خارجية تنبئ عن استعمال الطاعن لها، وقد تضمن تقرير أبحاث التزوير ما يفيد سلامة الأختام الثابتة على المحررات، بينما جاء في موضع آخر منه أنه يتعذر إبداء الرأي بشأن ما تحمله النماذج البيضاء، ولم يقطع في شأنها لعدم موافاته بالأختام الصحيحة رغم طلبها وأخيراً فإن الحكم المطعون فيه لم يورد أوجه الشبه التي قد ينخدع بها الشخص العادي بالنسبة للأختام محل جريمة التقليد، كل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بالنسبة للطاعن والمتهمين الأربعة الآخرين المقضي ببراءتهم - خلص إلى القضاء بإدانته عن جرائم الاشتراك في ارتكاب تزوير في محررات رسمية منسوب صدورها إلى إدارة المرور ومصلحة الأحوال المدنية. والاشتراك في تزوير صحف الحالة الجنائية المبينة وتقليد أختام المصالح الحكومية - وزارة الخارجية قسم التصديقات وإدارة مرور القاهرة - واستحصل بغير حق على الأختام الثابتة بالمحررات المبينة بالتحقيقات واستعملها استعمالاً ضاراً بالجهة الخاصة بها. وطبق عليه المواد 40/ 1، 2، 3 و41 و206 و211، 212 من قانون العقوبات وأعمل حكم المادة 32/ 2 من قانون العقوبات وعامله بالمادة 17 من القانون المشار إليه وتساند الحكم في قضائه بإدانة الطاعن إلى شهادة المقدم..... رئيس قسم مكافحة جرائم الأموال العامة بالدقهلية وتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي الذي أورده في قوله "وثبت من قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي أن بصمات خاتم الشعار المنسوب إلى وزارة الخارجية الممهور به الأوراق المضبوطة لم يؤخذ من قالبه الصحيح بل أخذ من قوالب مصطنعة كما أن نماذج الرخص المضبوطة المنسوب صدورها إلى وزارة الداخلية ثبت أنها جميعاً مصطنعة كما أن المطبوع رقم...... حرف ( أ ) عائلي والمنسوب صدوره إلى مصلحة الأحوال المدنية "مصطنع". لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب إيراد الأدلة التي تستند إليها المحكمة وبيان مؤداها في الحكم بياناً كافياً، فلا يكفي مجرد الإشارة إليها بل ينبغي سرد مضمون الدليل وذكر مؤداه بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة ومبلغ اتساقه مع باقي الأدلة حتى يتضح وجه استدلاله بها. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اكتفى بالإشارة إلى ما تضمنه تقرير الخبير عن اصطناع بصمة خاتم وزارة الخارجية الممهور به الأوراق المضبوطة وكذلك اصطناع الرخص المضبوطة المنسوب إلى وزارة الداخلية واصطناع مطبوع منسوب إلى مصلحة الأحوال المدنية دون أن يورد مضمون هذه المستندات جميعها، في حين أن الواقعة أسفرت عن ضبط العديد منها، كما أنه لم يعرض للأسانيد التي أقيم عليها هذا التقرير وهو ما لا يكفي في بيان أسباب الحكم الصادر بالعقوبة لخلوه مما يكشف عن وجه استشهاد المحكمة بهذا الدليل الذي استنبط منه معتقده في الدعوى هذا فضلاً عن أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن مجرد ضبط الورقة المزورة أو الخاتم المقلد، أو التمسك بذلك، أو وجود مصلحة للمتهم في تزويرها أو تقليده، لا يكفي بمجرده في ثبوت إسهامه في تزويرها أو تقليده كفاعل أو شريك، أو علمه بالتزوير أو التقليد، ما لم تقم أدلة على أنه هو الذي أجرى التزوير أو التقليد بنفسه أو بواسطة غيره، ما دام أنه ينكر ارتكاب ذلك، وخلا تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير، من نسبة الأمر إليه، وكان التقرير الفني المقدم في الدعوى - على ما حصله الحكم في مدوناته - لم يرد به أن المتهم هو الذي ارتكب التزوير أو التقليد، وكان الحكم لم يعن باستظهار علم الطاعن بالتزوير أو التقليد، وكان مناط جواز إثبات الاشتراك بطريق الاستنتاج استناداً إلى القرائن أن تكون هذه القرائن منصبة على واقعة التحريض أو الاتفاق أو المساعدة، وأن يكون استخلاص الحكم للدليل المستمدة منها سائغاً، ولا يتجافى مع المنطق والقانون، فإذا كانت الأسباب التي اعتمد عليها الحكم في إدانة الطاعن والعناصر التي استخلص منها وجود الاشتراك، لا تؤدي إلى ما انتهى إليه فعندئذ يكون لمحكمة النقض بما لها من حق الرقابة على صحة تطبيق القانون أن تتدخل وتصحح هذا الاستخلاص بما يتفق مع المنطق والقانون، وكان من المقرر كذلك أن الأحكام الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين من الواقع الذي يثبته الدليل المعتبر، ولا تؤسس على الظن والاحتمال من الفروض والاعتبارات المجردة، وكان ما أثبته الحكم في سياق التدليل على الاتهام المسند إلى الطاعن، قد أقيم على الظن والاحتمال والفروض والاعتبارات المجردة، فإنه لا يكفي لإثبات ارتكاب الطاعن ما أسند إليه من اتهام - على السياق المتقدم - مما يصم الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب.
لما كان ذلك، وكان القصد الجنائي في جريمة التزوير إنما يتحقق بتعمد تغيير الحقيقة في محرر يتمتع بقوة في الإثبات، بطريقة من الطرق التي حددها القانون، تغييراً من شأنه أن يسبب ضرراً مع انتواء استعماله في الغرض الذي زور من أجله، وكان من المقرر أيضاً أن جناية تقليد ختم أو علامة إحدى المصالح أو إحدى جهات الحكومة المنصوص عليها في المادة 206 من قانون العقوبات تتحقق متى كان التقليد من شأنه خدع الجمهور في العلامات، ولا يشترط القانون أن يكون التقليد متقناً بحيث ينخدع به الفاحص المدقق بل يكفي أن يكون بين الختمين أو العلامتين المقلدة والصحيحة تشابه قد يسمح بالتعامل بها أو أن ينخدع بعض الناس فيها، وأن العبرة في التقليد بأوجه الشبة لا بأوجه الخلاف بحيث يكون من شأنه أن ينخدع فيه الجمهور في المعاملات دون أن يشترط أن يكون الانخداع قد حصل وتم فعلاً - لما كان ذلك وكانت الوقائع التي أثبتها الحكم في مدوناته وما أورده تدليلاً عليها، لا يتضمن ولا يكفي لتوافر القصد الجنائي في جريمة التزوير - كما هو معرف به في القانون - كما خلا الحكم من بيان وجه ثبوت جريمة تقليد الأختام واستعمالها والأدلة التي استقى منها ذلك، كما أنه لم يف ببحث أوجه التشابه بين الأختام الصحيحة والمقلدة. فإن الحكم يكون معيباً بالقصور المعجز الذي يتسع له أوجه الطعن مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بالنسبة لجميع التهم المسندة للطاعن ما دام أن الحكم اعتبرها جرائم مرتبطة وقضى بالعقوبة المقررة لأشدها عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات وذلك دون حاجة إلى بحث باقي ما يثيره الطاعن في طعنه.