مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1968 إلى آخر سبتمبر سنة 1968) - صـ 766

(101)
جلسة 6 من إبريل سنة 1968

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد الستار عبد الباقي آدم ومحمد طاهر عبد الحميد ومحمد صلاح الدين السعيد ومحمد بهجت عتيبة المستشارين.

القضية رقم 283 لسنة 12 القضائية

( أ ) عقد إداري. دعوى "دعوى الضمان - سقوطها". أحكام القانون المدني في شأن ضمان المقاول - إحالة العقد إلى تطبيق أحد هذه الأحكام - انصراف الإحالة إلى سائر أحكام الضمان ما دامت لا تتعارض مع روابط القانون العام - مثال.
(ب) دعوى "دعوى الضمان - سقوطها". المادة 654 من القانون المدني - نصها على سقوط دعوى الضمان بانقضاء ثلاث سنوات من وقت حصول التهدم واكتشاف العيب - يكفي أن يتكشف العيب أو يحدث الهدم ولو لم يتم العلم به فعلاً - إثبات ذلك يتم بكافة الطرق.
1 - إن القانون المدني تضمن أحكاماً خاصة في شأن ضمان المقاول لما يقيمه من منشآت أو مبان خروجاً على القواعد العامة في الضمان وإذا أحال العقد على تطبيق أحد هذه الأحكام كحكم المادة 651 من هذا القانون فإنه يتعين فهم هذه الإحالة على أساس انصرافها كذلك إلى باقي المواد المنظمة لأحكام الضمان ومنها المادة 654 ما دامت لا تتعارض مع روابط القانون العام.
2 - تسقط دعوى الضمان بانقضاء ثلاث سنوات من وقت حصول التهدم أو انكشاف العيب ومن المقرر في تفسير هذا الحكم أنه يكفي أن يظهر العيب خلال العشر سنوات حتى يمكن رفع دعوى الضمان وليس من الضروري أن ينتظر رب العمل تهدم البناء، وأنه يكفي أن ينكشف العيب أو يحصل التهدم حتى يستطاع العلم به، ولو لم يتم العلم به فعلاً، وأن وقت انكشاف العيب أو حصول التهدم يثبت بجميع طرق الإثبات لأن المطلوب هو إثبات واقعة مادية وأنه من المقرر كذلك أن مدة الثلاث سنوات هي مدة تقادم ترد عليها أسباب الانقطاع فتنقطع برفع الدعوى الموضوعية - ولا يكفي لرفعها أن يرفع رب العمل دعوى مستعجلة بطلب تعيين خبير لإثبات حالة البناء - وتنقطع أيضاً بإقرار المقاول أو المهندس بحق رب العمل في الضمان.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن - في أن محافظة القاهرة أقامت الدعوى رقم 4 لسنة 17 القضائية ضد السيد/ جندي الياس المقاول بصفته ممثلاً لشركة المشروعات الهندسية بصحيفة أودعتها سكرتيرية محكمة القضاء الإداري "هيئة العقود الإدارية والتعويضات" في 5 من مارس سنة 1963 طلبت فيها الحكم:
أولاً: بصدور الأمر بتقدير دينها ضد الشركة المدعى عليها تقديراً مؤقتاً بمبلغ 8332 جنيهاً و891 مليماً والإذن لها بتوقيع الحجز تحت يدها على المبلغ المستحق للسيد/ جندي الياس وقدره 1000 جنيه وذلك نظير مبلغ 8332 جنيهاً و891 مليماً وفوائده القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة الرسمية حتى تمام الوفاء وتحديد أقرب جلسة لتسمع الشركة المدعى عليها الحكم بصحة إجراءات الحجز وتثبيته وجعله نافذاً.
ثانياً: إلزام الشركة المدعى عليها بأن تدفع للمحافظة مبلغ 8332 جنيهاً و891 مليماً والفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة الرسمية حتى تمام الوفاء.
ثالثاً: إلزام المدعى عليها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقالت المحافظة المدعية - شرحاً لدعواها - إن بلدية القاهرة أسندت إلى الشركة المدعى عليها عملية تعديل المجاري المخصصة لبناء كلية طب الأسنان الجديدة بالقصر العيني..... وتم تنفيذ التعديل بل والاستلام الابتدائي في 7 من يناير سنة 1958 والاستلام النهائي في 2 من أغسطس سنة 1958، وفي 9 من هذا الشهر الأخير ظهر هبوط في المجاري المتعاقد عليها فطولبت الشركة بعمل الإصلاحات اللازمة ولكنها رفضت بمقولة إن الفيضان هو سبب الهبوط مما اضطر البلدية إلى إقامة الدعوى المستعجلة رقم 8018 لسنة 1959 مستعجل مصر لإثبات حالة الهبوط وبيان أسبابه وقدم الخبير الذي عين في الدعوى، تقريراً انتهى فيه إلى أن الهبوط قد حدث في أحد الأفرع المبين بالرسم المرفق بالتقرير... وعلل سبب الهبوط بأنه نتيجة الفيضان العالي في عام 1958.... وبجلسة 10 من مارس سنة 1960 قضت محكمة الأمور المستعجلة بإنهاء الدعوى... وقالت المحافظة إن تعليل الخبير لسبب الهبوط مخالف للواقع والقانون إذ توجد أفرع قديمة مجاورة في نفس نوع التربة وتحت نفس الظروف ومنفذة بذات الشروط والمواصفات المتعاقدة عليها مع الشركة منذ بضع سنوات ومر عليها الكثير من الفيضانات العالية دون أن يحدث بها أي خلل.. كما أن الخبير قد أخطأ بقصره الهبوط على أحد الأفرع رغم أنه حدث فيها جميعها وفي أجزاء متفرقة من كل فرع فأصبحت العملية غير صالحة مطلقاً مما اضطرت البلدية إلى تشغيل وحدات ميكانيكية حيث حدث الهبوط في 24 من أغسطس سنة 1958.. تكلفت هذه الوحدات مبلغ 150 جنيهاً شهرياً.. ومضت المحافظة تقول إن البلدية شكلت لجنة فنية لمعاينة الأفرع جميعها وتقدير ما أصابها من تلف نتيجة الهبوط.. وتمت المعاينة بحضور مندوب عن الشركة في أيام متفرقة كان آخرها يوم 13 من يوليه سنة 1961... وقررت اللجنة أن بالأفرع هبوطاً وكسوراً وبعض الرواسب المتحجرة واقترحت عمل مشروع آخر بدلاً منه مجاور له خوفاً من التربة في مسار المشروع الهابط.... ومن ثم قد أخطرت البلدية الشركة المدعى عليها بضرورة قيامها بإصلاح الأفرع الهابطة وذلك تطبيقاً لنص البند 57 من العقد وإعمالاً لنص المادة 651 من القانون المدني... ولكن الشركة امتنعت عن تنفيذ التزامها مما اضطرت معه البلدية إلى الاتفاق مع مقاول آخر لعمل الإصلاحات المطلوبة... وقد بلغت تكاليفها مبلغ 3033 جنيهاً و547 مليماً بما في ذلك المصاريف الإدارية بواقع 10% يضاف إليه مبلغ 5299 جنيهاً و344 مليماً، قيمة تكاليف الماكينة المساعدة التي عملت في المدة منذ حدوث الهبوط حتى تم الإصلاح... وانتهت المحافظة إلى أن جملة ما أصابها من أضرار بسبب خطأ الشركة المدعى عليها هو مبلغ 8332 جنيهاً و891 مليماً.. وأشارت المحافظة إلى أن السيد/ جندي الياس يستحق لديها مبلغ 1000 جنيه نتيجة عقد آخر، وهو الذي طلبت توقيع الحجز عليه.
وقد دفعت الشركة المدعى عليها الدعوى بدفعين:
أولهما: عدم اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى على أساس أنها ليست إلا دعوى ضمان منشأها القانون المدني إذ أنها تستند إلى نص المادة 601 منه ولا شأن لها بالعقد الإداري.
وثانيهما: بسقوط دعوى الضمان لفوات أكثر من ثلاث سنوات من تاريخ انكشاف العيب للمدعية إلى تاريخ إعلان الشركة بالدعوى في 26 من مارس سنة 1963 إذ أنها تقر بصحيفة دعواها أن الهبوط في المجاري ظهر في 9 من أغسطس سنة 1958... واستندت في هذا الدفع إلى المادة 654 من القانون المدني.
وردت المحافظة على الدفع الأول بأن اختصاص القضاء الإداري بالمنازعات الخاصة بالعقود الإدارية إنما هو اختصاص شامل لأصل تلك المنازعات وما يتفرع منها وأن الضمان الذي تستند إليه الدعوى ورد حكمه صراحة في المادة 57 من العقد.... وردت على الدفع بالسقوط بأن النص الذي تستند إليه الشركة في هذا الدفع ورد في القانون المدني ومن ثم فلا محل لتطبيقه في مجال القانون العام لأن القضاء الإداري لا يلتزم بتطبيق النصوص الخاصة بالتقادم إلا إذا وجد نص يقضي بذلك أو رأى تطبيقها على وجه يتلاءم مع روابط القانون العام... وأنه مع ذلك فإن المدة التي نصت عليها المادة 654 من القانون المدني لم تنقض حتى تاريخ رفع الدعوى لأن الشركة المدعى عليها تعتبر تاريخ الهبوط، في 9 من مارس سنة 1958، تاريخاً لانكشاف العيب يبدأ منه ميعاد السقوط في حين أن ذلك الميعاد يتعين أن يبدأ من 13 من يوليه سنة 1961 - باعتباره التاريخ الذي انكشف فيه العيب تماماً - أما الفترة السابقة على ذلك فقد انقضت في مطالبة الشركة المدعى عليها بالإصلاح وفي رفع دعوى إثبات الحالة.... ولما جاء التقرير غير صحيح شكلت البلدية لجنة فنية وضعت تقريرها في 13 من يوليه سنة 1961 كاشفة به العيب... وأنه إذا قيل بأن تقرير الخبير في الدعوى المستعجلة قد كشف عن وجوده فإنه بحساب الميعاد المنصوص عليه بالمادة المشار إليها اعتباراً من تاريخ الحكم في هذه الدعوى، وهو 10 من مارس سنة 1960، تكون الدعوى قد رفعت في الميعاد باعتبارها قيدت في المحكمة في 6 من مارس سنة 1963.. وذلك فضلاً عن أن التقادم تنقطع مدته إذ أقر المدين بحق الدائن إقراراً صريحاً أو ضمنياً... وأنه يستفاد من الخطابات المرسلة من الشركة استعدادها لعمل الإصلاحات اللازمة الأمر الذي تعتبر معه أنها قد أقرت بحق المدعية.
وبجلسة 14 من نوفمبر سنة 1965 قضت محكمة القضاء الإداري برفض الدفع بعدم اختصاصها بنظر الدعوى، وباختصاصها، وبقبول الدفع بسقوط الدعوى، وبسقوطها وألزمت المدعية بالمصروفات ومبلغ ثلاثة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة... وأقامت قضاءها - برفض الدفع بعدم الاختصاص - على أن العقد الذي أبرم بين المدعي والشركة توافرت فيه كافة شروط وأركان العقد الإداري وقد نص فيه على سريان الضمان الوارد بالمادة 651 من القانون المدني ولذلك فإن المحكمة تختص بنظره حيث إن المحكمة تختص بكل نزاع يترتب على العقد الإداري من أول تكوينه إلى آخر مرحلة في تصفية كافة العلاقات والحقوق والالتزامات التي نشأت عنه.. كما أقامت قضاءها - بسقوط الدعوى - على أن القانون المدني تضمن أحكاماً خاصة في شأن ضمان المقاول لما يقيمه من منشآت أو مبان خروجاً على القواعد العامة في الضمان وإذا حال العقد إلى تطبيق أحد هذه الأحكام كحكم المادة 651 من هذا القانون فإنه يتعين فهم هذه الإحالة على أساس انصرافها كذلك إلى باقي المواد المنظمة لأحكام الضمان ومنها المادة 654 ما دامت لا تتعارض مع روابط القانون العام.. وهذه المادة تنص على سقوط دعوى الضمان بانقضاء ثلاث سنوات من وقت حصول التهدم أو انكشاف العيب... ومن المقرر في تفسير هذا النص أنه يكفي أن يظهر العيب خلال العشر سنوات حتى يمكن رفع دعوى الضمان وليس من الضروري أن ينتظر رب العمل تهدم البناء، وأنه يكفي أن ينكشف العيب أو يحصل التهدم حتى يستطاع العلم به، ولو لم يتم العلم به فعلاً، وأن وقت انكشاف العيب أو حصول التهدم يثبت بجميع طرق الإثبات لأن المطلوب هو إثبات واقعة مادية... وأنه من المقرر كذلك أن مدة الثلاث سنوات هي مدة تقادم ترد عليها أسباب الانقطاع فتنقطع برفع الدعوى الموضوعية - ولا يكفي لرفعها أن يرفع رب العمل دعوى مستعجلة بطلب تعيين خبير لإثبات حالة البناء - وتنقطع أيضاً بإقرار المقاول أو المهندس بحق رب العمل في الضمان... ثم قالت المحكمة إن الثابت من الكتاب المرسل من البلدية للشركة بتاريخ 21 من يناير سنة 1959 أنها علمت بانكشاف العيب سنة 1963 ولم يتم إعلان الشركة بالدعوى إلا في 26 من مارس سنة 1962 ومن ثم يكون مدة السقوط التي نصت عليها المادة 654 من القانون المدني قد اكتمل انقضاؤها قبل تاريخ رفع الدعوى... وردت المحكمة على ما قالته المدعية - من قطع مدة التقادم بما تضمنته خطابات الشركة المرسلة إلى المدعية من إقرار ضمني بحق الأخيرة في الضمان - بأن هذا القول لا تراه المحكمة في محله لأن الشركة قد أشارت في هذه الخطابات على أنها مستعدة للقيام بالإصلاح بشرط محاسبتها عنه من جديد وهو أمر ينفي حصول الإقرار الضمني المشار إليه.
وقد طعنت المحافظة في الحكم المذكور بصحيفة أودعتها سكرتيرية هذه المحكمة في 13 من يناير سنة 1961 طالبة القضاء بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، فيما قضى به من قبول الدفع بسقوط الدعوى وبسقوطها مع إلزام محافظة القاهرة بالمصروفات ومبلغ ثلاثة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة - بالحكم:
أولاً: برفض الدفع بسقوط الدعوى.
ثانياً: بإلزام المطعون ضده بصفته بأن يدفع للمحافظة الطاعنة مبلغ 8332 جنيهاً و891 مليماً والفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة الرسمية حتى تمام السداد وتثبيت الحجز التحفظي المتوقع تحت يد المحافظة بتاريخ 6 من مارس سنة 1963 وصحة إجراءات هذا الحجز وجعله نافذاً مع المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
واستندت المحافظة في طعنها إلى ما استندت إليه من دفاع في دعواها وأضافت إليه أن العقد الإداري المبرم مع المطعون ضده قد أحال إلى المادة 651 من القانون المدني فيتعين أن تكون الإحالة قاصرة على حكم هذه المادة ولا النص صراحة على الإحالة إلى باقي أحكام الضمان في عقد المقاولة كما أن حكم المادة 654 من القانون المدني تتعارض مع روابط القانون العام.... وأن القاعدة في مدة التقادم أن تكون خمس عشرة سنة وهذه المدة تسري بالنسبة إلى كل التزام لم ينص القانون في خصوصه على مدة أخرى.
قدم المطعون ضده مذكرة طلب فيها الحكم برفض الطعن موضوعاً وتأييد الحكم المطعون فيه وإلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.. واستند في ذلك إلى أن محكمة القضاء الإداري قد أبدت في حكمها المطعون فيه الأسباب القانونية السليمة التي استندت إليها في تبرير حكمها بقبول الدفع بالسقوط.... وأنه ليس صحيحاً ما تثيره المحافظة الطاعنة في تقرير الطعن من الجدل حول ما ذهبت إليه محكمة القضاء الإداري.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أصاب وجه الحق فيما قضى به من سقوط الدعوى لانقضاء ثلاث سنين من تاريخ انكشاف العيب حتى رفعها.. وذلك للأسباب التي استندت إليها المحكمة بحكمها المذكور والتي تأخذ بها هذه المحكمة وتضيف إليها أن المادة 57 من العقد المبرم مع الشركة المدعى عليها تنص على أنه: "على المقاول أن يضمن الأعمال وحسن تنفيذها على الوجه الأكمل.. وذلك لمدة سنة ميلادية من تاريخ الاستلام المؤقت أو لأية مدة أطول يمكن أن تمد إليها مدة الضمان طبقاً للمادة 58 بدون أن يحدد أو يخل ذلك بشيء ما من سريان مفعول الضمان المقرر بنصوص القانون المدني المصري" ويبين من هذا النص أنه لم يحل فقط إلى المادة 651 من القانون المدني - التي تنص على أن "يضمن المهندس المعماري والمقاول متضامنين ما يحدث خلال عشر سنوات من تهدم كل أو جزء مما شيدوه من مبان أو أقاموه من منشآت ثابتة أخرى...." - وإنما أشار إلى سريان مفعول الضمان المقرر بنصوص القانون المدني ومنها نص المادة 654 - التي تنص على سقوط الدعوى بانقضاء ثلاث سنوات من وقت حصول الهدم أو انكشاف العيب.
ومن حيث إنه لا وجه لما ذهبت إليه الطاعنة في صحيفة طعنها - من أن حكم المادة 654 المنوه عنه يتعارض مع روابط القانون العام - ذلك أنه لا محل لأن يطول أمد رفع الدعوى أكثر من مدة ثلاث سنين حتى لا يظل موقف المتعاقد مع الحكومة معلقاً لمدة طويلة وذلك بغية أن تستقر الأوضاع بين الحكومة ومن يتعاقد معها.
ومن حيث إنه لا حجة كذلك لما أبدته الحكومة - من أن ميعاد السقوط يبدأ من 13 من يوليه سنة 1961، تاريخ المعاينة التي تمت بمعرفة اللجنة الفنية التي شكلتها البلدية لمعاينة الأفرع التي حصل بها الهبوط باعتباره التاريخ الذي انكشف فيه العيب - لا حجة في ذلك لأن الثابت من الكتاب المرسل من البلدية للشركة المدعى عليها في 22 من يناير سنة 1959 - والمشار إليه بالحكم المطعون فيه - أن البلدية قد علمت بانكشاف العيب في 24 من أغسطس سنة 1958... وعلى ذلك فإن هذا التاريخ هو الذي يبدأ منه الميعاد... ولما كانت الدعوى قد رفعت بإيداع صحيفتها سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 5 من مارس سنة 1963 - ومن ثم فإنه يكون قد مضى على انكشاف العيب أكثر من الثلاث سنين المنصوص عليها بالمادة 654 من القانون المدني.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أصاب وجه الحق فيما ارتآه - من أن مدة السقوط لم تنقطع، لا برفع الدعوى المستعجلة ولا بإقرار الشركة - لأن هذه المدة لا تنقطع كما قالت المحكمة وبحق، إلا برفع الدعوى الموضوعية. أما الخطابات التي تقول المحكمة إن الشركة قد أقرت فيها بحق البلدية، فقد أشارت الشركة في بعضها إلى أنها مستعدة للقيام بالإصلاح بشرط محاسبتها عنه وقالت في البعض الآخر إنه لا مسئولية عليها فيما حدث من هبوط وأنها مستعدة للإصلاح بالفئات المنصوص عليها بالعقد... وكل هذا ينفي حصول الإقرار الضمني من الشركة بحق البلدية في الضمان.
ومن حيث إنه لذلك يكون الطعن غير قائم على أساس سليم من القانون ويتعين لذلك القضاء برفضه مع إلزام الحكومة بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الحكومة بالمصروفات.