مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1968 إلى آخر سبتمبر سنة 1968) - صـ 776

(103)
جلسة 7 من إبريل سنة 1968

برئاسة السيد الأستاذ مصطفى كامل إسماعيل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبي وأحمد علي البحراوي ومحمد فتح الله بركات وإبراهيم الشربيني المستشارين.

القضية رقم 350 لسنة 9 القضائية

اختصاص "اختصاص القضاء الإداري". القانون رقم 75 لسنة 1963 في شأن تنظيم إدارة قضايا الحكومة - نصه على تشكيل لجنة التأديب والتظلمات وعلى أنها تختص بإلغاء القرارات المتعلقة بأعضاء هذه الإدارة والتعويض عنها مما يدخل أصلاً في اختصاص القضاء. خروج القضايا المتعلقة بهذه القرارات من اختصاص محكمة القضاء الإداري - سريان ذلك على القضايا التي لم يقفل فيها باب المرافعة - وجوب الحكم بعدم الاختصاص - أساس ذلك.
ينص القانون رقم 75 لسنة 1963 في شأن تنظيم إدارة قضايا الحكومة في المادة 25 منه على أن:
"تشكل لجنة التأديب والتظلمات من أعضاء المجلس الأعلى منضماً إليه ستة من المستشارين بحسب ترتيبهم في الأقدمية. وتختص هذه اللجنة بتأديب أعضاء الإدارة وبالفصل في طلبات إلغاء القرارات المتعلقة بشئونهم وفي طلبات التعويض المترتبة عليها مما يدخل أصلاً في اختصاص القضاء. وتفصل اللجنة فيما ذكر بعد سماع أقوال العضو والاطلاع على ما يبديه من ملاحظات وتصدر قراراتها بالأغلبية المطلقة إلا في حالة التأديب فتصدر قراراتها بأغلبية ثلثي أعضائها. ويكون قرار اللجنة في جميع ما تقدم نهائياً ولا يقبل الطعن بأي وجه من الوجوه أمام أية جهة". وقد ورد بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون: "... كما استحدث المشروع أوضاعاً جديدة في شأن تأديب أعضاء الإدارة والنظر في قضايا الإلغاء أو التعويض المتعلقة بشئونهم، فجعل هذا وذاك من اختصاص لجنة يطلق عليها اسم (لجنة التأديب والتظلمات) تشكل من أحد عشر عضواً: هم أعضاء المجلس الأعلى منضماً إليهم ستة من المستشارين حسب ترتيب أقدميتهم. والنظام مستمد في جوهره مما هو متبع في مجلس الدولة".
إن نص المادة 25 من القانون رقم 75 لسنة 1963 آنف الذكر على هذا النحو الواضح هو نص معدل لاختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري، المحدد في قانون تنظيمه، وسالب لولايته، فيما يختص بنظر الدعاوى المتعلقة بإلغاء القرارات الخاصة بشئون أعضاء إدارة قضايا الحكومة، ما دام لم يفصل فيها حتى تاريخ العمل بهذا القانون، ولم يقفل فيها باب المرافعة قبل هذا التاريخ أيضاً، وذلك بالتطبيق لحكم الفقرة الأولى من المادة الأولى من قانون المرافعات المدنية والتجارية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 413 لسنة 16 القضائية ضد كل من وزارة العدل وإدارة قضايا الحكومة، بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 18 من يناير سنة 1962، وطلب فيها الحكم: "برد أقدمية الطالب في درجة محام إلى أول أكتوبر سنة 1960 تالياً مباشرة للسيد/ حافظ عبد الله مع ما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المدعى عليها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة". وتوجز أسانيده في أنه عين في إدارة قضايا الحكومة في 28 من إبريل سنة 1959 في درجة مندوب "أ". ونظراً لوجود خصومة بينه وبين بعض أهالي بلدته فقد اتهم في الجناية رقم 1552 لسنة 1960 جنايات أخميم. وعلى الرغم من كيدية هذا الاتهام فقد أصدر السيد وزير العدل القرار رقم 62 من أول أكتوبر سنة 1960 بترقية بعض زملائه الذين يلونه في ترتيب الأقدمية إلى درجة محام متخطياً إياه، فتظلم من هذا القرار في 12 من نوفمبر سنة 1960 وقيد تظلمه تحت رقم 317 لسنة 1960، وقد رأى السيد/ مفوض الدولة أن التظلم سابق لأوانه حيث لم يحدث تخط للمتظلم. وقد لبث يترقب صدور قرار في الجناية آنفة الذكر إلى أن علم بأن النائب العام أصدر قراراً بقيدها ضد مجهول وحفظها لعدم معرفة الفاعل. وعقب علمه بهذا القرار تقدم طالباً إصدار قرار بترقيته إلا أنه فوجئ بصدور القرار رقم 62 لسنة 1961 في 27 من سبتمبر سنة 1961 بترقيته دون إرجاع أقدميته إلى أول أكتوبر سنة 1960، وهو التاريخ الذي كان من الواجب ترقيته فيه، فتظلم من هذا الوضع في 28 من سبتمبر سنة 1916 طالباً رد أقدميته في درجة محام إلى التاريخ المذكور إلا أن الإدارة امتنعت عن إجابته إلى طلبه دون مبرر معقول. وقد أجابت إدارة قضايا الحكومة عن الدعوى بأن المدعي كان ترتيبه الأول في الأقدمية بين المرشحين للترقية إلى درجة محام، إلا أنه نظراً لاتهامه في 7 من يونيه سنة 1960 بالاعتداء على أحد الأشخاص بالضرب الذي تخلفت عنه عاهة مستديمة وذلك في الجناية رقم 1552 لسنة 1960 أخميم، فقد قررت الإدارة تأجيل نظر ترقيته إلى أن ينظر في الأمر في ضوء الحكم الذي يصدر أو التصرف الذي يتم في هذه الجناية، ومن ثم صدر القرار رقم 63 لسنة 1960 في 16 من أكتوبر سنة 1960 بترقية بعض زملائه. وقد تظلم المدعي من هذا القرار في 8 من نوفمبر سنة 1960. وفي 22 من مايو سنة 1961 أبلغت الإدارة بحفظ الجناية وقيدها ضد مجهول. ولما كانت حقيقة طلبات المدعي لا تعدو أن تكون طلباً بإلغاء القرار رقم 63 لسنة 1960 بتركه في الترقية إلى وظيفة محام وكان قد تظلم من هذا القرار في 8 من نوفمبر سنة 1960 ولم يقم دعواه إلا في 18 من يناير سنة 1961، فإن الدعوى تكون قد أقيمت بعد الميعاد المقرر قانوناً، ومن ثم تكون غير مقبولة شكلاً، أما فيما يتعلق بالموضوع فإنه عند صدور حركة الترقيات في أكتوبر سنة 1960 كان المدعي متهماً في الجناية آنفة الذكر، ومن شأن هذا الاتهام أن يلحق به شبهات تمس استقامته وسمعته ويقوم مانعاً من ترقيته. وبناء على هذا طلبت الحكم أصلياً بقبول الدعوى شكلاً واحتياطياً برفضها. وبجلسة 14 من يناير سنة 1963 قضت محكمة القضاء الإداري "هيئة التسويات": بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد وإلزام المدعي بالمصروفات". وأقامت قضاءها على أن المدعي إنما يهدف إلى إلغاء قرار وزير العدل رقم 63 لسنة 1960 الصادر في 16 من أكتوبر سنة 1960 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى درجة محام، وأن الثابت من الأوراق أنه تظلم من القرار المطعون فيه في 8 من نوفمبر سنة 1960، وأن جهة الإدارة ردت عليه بما يفيد رفض تظلمه في 8 من ديسمبر سنة 1960، إلا أنه لم يودع صحيفة دعواه قلم كتاب المحكمة إلا في 18 من يناير سنة 1962 أي بعد انقضاء الميعاد المقرر قانوناً لقبولها.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الجهة الإدارية قد اعترفت بأن التظلم المقدم من المدعي في 8 من نوفمبر سنة 1960 لم يكن له محل حيث لم يحدث تخط له في الترقية، وتبعاً لذلك فإن التظلم لا يرد إلا على القرار الذي يصدر بعد التصرف في الجناية التي اتهم فيها ولما كان القرار المذكور قد صدر في 27 من سبتمبر سنة 1961 بترقيته إلى وظيفة محام دون إرجاع أقدميته إلى أول أكتوبر سنة 1960 تاريخ نفاذ القرار رقم 63 لسنة 1960، وكان قد تظلم من هذا القرار في الميعاد القانوني ثم أقام دعواه في 18 من يناير سنة 1962، فإن الدعوى تكون قد روعيت فيها الأوضاع الشكلية، وعلى فرض أن التظلم يتعين وروده على القرار رقم 63 لسنة 1960، فإن الدعوى أيضاً تكون قد أقيمت في الميعاد القانوني ذلك أن المدعي قدم تظلماً من القرار المذكور ومن ثم يظل ميعاد الدعوى موقوفاً حتى يبت بقرار نهائي في الجناية المتهم فيها، ثم ينفتح الميعاد ويمتد إلى تاريخ علمه بهذا القرار علماً يقيناً لا ظنياً ولا افتراضياً.
ومن حيث إن القانون رقم 75 لسنة 1963 في شأن تنظيم قضايا الحكومة النافذ اعتباراً من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية في 12 من أغسطس سنة 1963 ينص في المادة 25 منه على أن: "تشكل لجنة التأديب من أعضاء المجلس الأعلى منضماً إليه ستة من المستشارين بحسب ترتيبهم في الأقدمية. وتختص هذه اللجنة بتأديب أعضاء الإدارة وبالفصل في طلبات إلغاء القرارات الإدارية المتعلقة بشئونهم وفي طلبات التعويض المترتبة عليها مما يدخل أصلاً في اختصاص القضاء. وتفصل اللجنة فيما ذكر بعد سماع أقوال العضو والاطلاع على ما يبديه من ملاحظات وتصدر قراراتها بالأغلبية المطلقة إلا في حالة التأديب فتصدر قراراتها بأغلبية ثلثي أعضائها. ويكون قرار اللجنة في جميع ما تقدم نهائياً ولا يقبل الطعن بأي وجه من الوجوه أمام أية جهة". وقد ورد بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون: ".... كما استحدث المشروع أوضاعاً جديدة في شأن تأديب أعضاء الإدارة والنظر في قضايا الإلغاء أو التعويض المتعلقة بشئونهم، فجعل هذا وذاك من اختصاص لجنة يطلق عليها اسم (لجنة التأديب والتظلمات) تشكل من أحد عشر عضواً: هم أعضاء المجلس الأعلى منضماً إليهم ستة من المستشارين حسب ترتيب أقدميتهم. والنظام مستمد في جوهره مما هو متبع في مجلس الدولة".
ومن حيث إن نص المادة 25 من القانون رقم 75 لسنة 1963 آنف الذكر على هذا النحو الواضح هو نص معدل لاختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري، المحدد في قانون تنظيمه، وسالب لولايته، فيما يختص بالدعاوى المتعلقة بإلغاء القرارات الخاصة بشئون أعضاء إدارة قضايا الحكومة وفي طلبات التعويض المترتبة عليها. وبهذه المثابة فإن القانون المذكور يسري بأثره الحال المباشر على المنازعة الراهنة التي تهدف في حقيقتها إلى إلغاء قرار إداري صادر في شأن أحد أعضاء إدارة قضايا الحكومة، ما دام لم يفصل فيها حتى تاريخ العمل بهذا القانون، ولم يقفل فيها باب المرافعة قبل هذا التاريخ أيضاً، وذلك بالتطبيق لحكم الفقرة الأولى من المادة الأولى من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم، ونتيجة له، تعين إلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى مع إلزام الحكومة بالمصروفات إذ كان القضاء الإداري مختصاً بنظرها وقت أن رفعت، ولم يصبح غير مختص بذلك إلا بمقتضى قانون جديد معدل للاختصاص صدر بعد رفعها وعمل به قبل قفل باب المرافعة فيها.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى، وألزمت الحكومة بالمصروفات.