مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1968 إلى آخر سبتمبر سنة 1968) - صـ 804

(108)
جلسة 14 من إبريل سنة 1968

برئاسة السيد الأستاذ مصطفى كامل إسماعيل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبي وأحمد علي البحراوي ومحمد فتح الله بركات وسليمان محمود جاد المستشارين.

القضية رقم 347 لسنة 9 القضائية

( أ ) دعوى "قبول الدعوى". ميعاد الستين يوماً - ثبوت أن جهة الإدارة قد سلكت مسلكاً إيجابياً جدياً نحو بحث تظلم المدعي - مقتضاه حساب ميعاد رفع الدعوى من تاريخ إبلاغ المتظلم بقرارها الذي يتضمن موقفها النهائي [(1)].
(ب) موظف "استقالة" تقديم الموظف طلباً بترقيته إلى الدرجة التالية طبقاً لقواعد الترقية التيسيرية التي تضمنها القانون 120 لسنة 1960 وإصدار قرار بإحالته إلى المعاش مع ضم سنتين إلى خدمته ومنحه علاوتين من علاوات الدرجة التي سيرقى إليها - استقالة مشروطة - عديمة الأثر قانوناً طبقاً للمادة 110 من قانون موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951.
(جـ) موظف "استقالة". القبول الضمني للاستقالة - لا يتحقق إلا بفوات المدة التي حددها القانون دون أن تصدر الإدارة قراراً صريحاً في الطلب - العبرة بتاريخ صدور القرار الإداري الذي يحدد موقف الإدارة من الطلب وليس بتاريخ إبلاغ هذا القرار إلى صاحب الشأن ذاته أو إلى الجهات التي يتبعها.
(د) موظف "استقالة". سلطة مقيدة وسلطة تقديرية. اختلاف سلطة الإدارة إزاء طلب اعتزال الخدمة طبقاً لأحكام القانون 120 لسنة 1960 الذي يقدمه شاغلو الدرجات الشخصية وذلك الذي يقدمه شاغلو الدرجات الأصلية.
1 - الثابت أن القرار المطعون فيه قد صدر في 2 من يوليه سنة 1960 وأن المدعي تظلم منه في 11 من يوليه سنة 1960، وبعد أن رأى السيد مفوض الوزارة في 6 من أغسطس سنة 1960، إجابة المتظلم إلى طلبه استطلعت المصلحة المدعى عليها رأي ديوان الموظفين الذي انتهى في 18 من نوفمبر سنة 1960 إلى عكس ما سبق أن ارتآه السيد المفوض ومن ثم فإنها تكون قد سلكت مسلكاً إيجابياً جدياً لبحث التظلم، ولم تبلغ المدعي بموقفها النهائي برفض تظلمه إلا في 13 من ديسمبر سنة 1960 وبناء عليه فإنه ينبغي حساب ميعاد رفع الدعوى من التاريخ المذكور فقط، وإذ أقيمت الدعوى في 31 من يناير سنة 1961 فإنها تكون مقبولة شكلاً لرفعها في الميعاد.
2 - إن الطلب الذي قدمه المدعي في 20 من إبريل سنة 1960 لإحالته إلى المعاش، كان طلباً مشروطاً بترقيته إلى الدرجة الخامسة طبقاً لقواعد المنسيين مع منحه علاوتين من علاوات الدرجة المرقى إليها، ومن ثم فإن هذا الطلب يكون عديم الأثر قانوناً طبقاً للمادة 110 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة.
3 - لا حجة فيما يذهب إليه المدعي، مؤيداً بالحكم المطعون فيه، من أن طلبه ترك الخدمة قد اعتبر مقبولاً بقوة القانون بمضي ثلاثين يوماً من تاريخ تقديمه إياه دون إبلاغه برفض الجهة الإدارية له، إذ العبرة إنما هي بتاريخ صدور القرار الإداري الذي حدد موقف الإدارة من طلبه وكشف عن إرادتها القاطعة في عدم إجابته إليه، لا بتاريخ إبلاغ هذا القرار إلى صاحب الشأن ذاته أو إلى الجهات التي يتبعها.
4 - إن المشرع قد هدف من إصدار القانون رقم 120 لسنة 1960 إلى علاج وضع الموظفين الشاغلين لدرجات شخصية بإيجاد وسيلة للتخلص من درجاتهم الشخصية قدر المستطاع، وهذه الحكمة التشريعية تعبر بذاتها عن مصلحة عامة تقوم عليها قرينة قاطعة لا تحتمل إثبات العكس في تحقق هذه المصلحة في ترك هؤلاء الموظفين خدمة الحكومة، لما في ذلك من إلغاء لدرجاتهم الشخصية وينبني على هذا أنه يلزم قبول طلبات ترك الخدمة المقدمة من الموظفين الشاغلين لدرجات شخصية بالتطبيق لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 المشار إليه، متى توفرت الشروط المطلوبة في هذا القانون دون أي قيد آخر لم يرد فيه، إذ أن سلطة الإدارة في قبول أو رفض الطلبات المقدمة من الموظفين الشاغلين لدرجات شخصية بالتطبيق لأحكام القانون سالف الذكر إنما هي سلطة مقيدة بالقانون فلا تملك الجهة الإدارية أن تضيف في هذه الحالة حكماً أو قاعدة تنظيمية لا ترقى إلى مرتبة القانون على خلاف أحكامه، أما بالنسبة إلى الموظفين الشاغلين لدرجات أصلية فإن أمرهم يختلف، إذ أن قيام المصلحة العامة في تركهم الخدمة بالتطبيق لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 لا يزال أمراً متروكاً لتقدير السلطة الإدارية التي لها أن تضع من القواعد التنظيمية أو التعليمات والضوابط ما ترى اتباعه عند النظر في طلبات تركهم الخدمة بالاستناد إلى أحكام القانون المذكور، وهذه التفرقة سبق أن استشفتها هذه المحكمة من روح القانون وأهدافه التي استبانت من مذكرته التفسيرية، فإذا ما رأت السلطة الإدارية، وضع قاعدة تنظيمية من مقتضاها عدم قبول ترك الخدمة بالتطبيق لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 المقدمة من الموظفين الشاغلين لدرجات أصلية الذين تقل المدة الباقية لهم في الخدمة عن سنة، وقدرت في هذا تحقيق مصلحة عامة تبتغيها، فلا تثريب عليها في ذلك بالنسبة إلى هذه الفئة من الموظفين.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد صدر بجلسة 29 من ديسمبر سنة 1962 فإن ميعاد الطعن فيه ينتهي في يوم 27 من فبراير سنة 1963، إلا أنه لما كان هذا اليوم - قد صادف نهاية أيام عيد الفطر - وهو عطلة رسمية - فإن ميعاد الطعن يمتد إلى أول يوم عمل يليه وفقاً لحكم المادة 23 من قانون المرافعات المدنية والتجارية وإذ أودع تقرير الطعن قلم كتاب هذه المحكمة في يوم 28 من فبراير سنة 1963، فإن الطعن يكون مرفوعاً في الميعاد، ويكون قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 375 لسنة 15 القضائية ضد وزارة الخزانة ومصلحة الضرائب بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 31 من يناير سنة 1961 وطلب الحكم: "بقبول هذا الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإجابة الطالب إلى طلباته وإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من رفض قبول طلب الإحالة إلى المعاش إعمالاً لنص المادة الأولى من القانون رقم 120 لسنة 1960 والحكم بقبول ترك الطالب الخدمة على أن يسوى معاشه حتى ولو تجاوز بهذا الضم سن الستين، وعلى أن يمنح علاوتين من علاوات درجته، وإلزام المدعى عليهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة". وقد أوجز المدعي أسانيد دعواه في أنه عين في أول فبراير سنة 1926 في وظيفة كتابية بوزارة المالية ثم نقل إلى مصلحة الضرائب وظل بها إلى أن رقي إلى الدرجة السادسة الكتابية اعتباراً من 25 من إبريل سنة 1956. ولما كان يبلغ سن الإحالة إلى المعاش في 20 من إبريل سنة 1961، فقد قدم طلباً إلى مدير عام رسوم الدمغة في 20 من إبريل سنة 1960 لترقيته إلى الدرجة الخامسة الكتابية طبقاً للقانون رقم 120 لسنة 1960 وكذا إحالته إلى المعاش مع ضم سنتين لمدة خدمته ومنحه علاوتين من علاوات الدرجة الأخيرة تطبيقاً لأحكام القانون سالفة الذكر، إلا أن مصلحة الضرائب رفضت الطلب الأول الخاص بترقيته وأغفلت الرد على الطلب الثاني الخاص بإحالته إلى المعاش. وقد قدم طلباً آخر في 5 من مايو سنة 1960 في هذا الشأن، غير أن هذا الطلب رفض بدوره بحجة أن القواعد التي وضعت لتنظيم اعتزال الخدمة طبقاً للقانون المتقدم ذكره لا تسمح بإجابة طلبه. فتظلم من قرار الرفض هذا في 11 من يوليه سنة 1960، وعلى الرغم من أن السيد/ مفوض الوزارة قد رأى إجابته إلى طلب الإحالة إلى المعاش فإنه أبلغ في 13 من ديسمبر سنة 1963 برفض تظلمه. وأضاف المدعي أنه لما كانت جميع شروط القانون رقم 120 لسنة 1960 متوفرة في حقه فإنه يكون على حق في طلباته. وقد دفعت الجهة الإدارية الدعوى بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظرها لأن المدعي من موظفي الكادر المتوسط، كما دفعت بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد لأن القرار المطعون فيه صدر في 2 من يوليه سنة 1960 وتظلم منه المدعي في 11 من يوليه سنة 1960، غير أنه لم يرفع دعواه إلا في 31 من يناير سنة 1961، وبالنسبة إلى موضوع الدعوى قالت إنه طبقاً للقواعد التي وضعت لتنظيم اعتزال الموظفين الخدمة في ظل القانون رقم 120 لسنة 1960، لا يجوز قبول استقالة المدعي لأن المدة الباقية له في الخدمة تقل عن سنة. وبجلسة 15 من نوفمبر سنة 1961 قضت محكمة القضاء الإداري "هيئة الفصل بغير الطريق التأديبي": "بعدم اختصاص هذه المحكمة بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى المحكمة الإدارية المختصة لوزارة الخزانة". وقد قيدت الدعوى بجدول المحكمة الإدارية لوزارة الخزانة تحت رقم 185 لسنة 9 القضائية. وبجلسة 29 من ديسمبر سنة 1962 قضت المحكمة الإدارية: أولاً: برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها شكلاً ثانياً: بإلغاء القرار الصادر بتاريخ 2 من يوليه سنة 1960 فيما تضمنه من رفض طلب المدعي إحالته إلى المعاش طبقاً لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960، وأحقية المدعي في المعاملة على مقتضى أحكام القانون المذكور وما يترتب على ذلك من آثار ثالثاً: إلزام الجهة الإدارية المصروفات ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة" وأقامت قضاءها فيما يتعلق بالدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد على أن الثابت أن القرار المطعون فيه قد صدر في 2 من يوليه سنة 1960 وأن المدعي تظلم منه في 11 من يوليه سنة 1960، وبعد أن رأى السيد/ مفوض الوزارة في 6 من أغسطس سنة 1960 إجابة المتظلم إلى طلبه استطلعت المصلحة المدعى عليها رأى ديون الموظفين الذي انتهى في 18 من نوفمبر سنة 1960 إلى عكس ما سبق أن ارتآه السيد/ المفوض، ومن ثم فإنها تكون قد سلكت مسلكاً إيجابياً جدياً لبحث التظلم، ولم تبلغ المدعي بموقفها النهائي برفض تظلمه إلا في 13 من ديسمبر سنة 1960 وبناء عليه فإنه ينبغي حساب ميعاد رفع الدعوى من التاريخ المذكور فقط، وإذ أقيمت الدعوى في 31 من يناير سنة 1961 فإنها تكون مقبولة شكلاً لرفعها في الميعاد، أما بالنسبة إلى الموضوع فإنه فضلاً عن أن القرار المطعون فيه صدر بعد انقضاء ثلاثين يوماً من تاريخ تقديم المدعي طلب اعتزال الخدمة في 5 من مايو سنة 1960، أي بعد أن اعتبرت الاستقالة مقبولة قانوناً، فإن القرار المذكور صدر مستنداً إلى سبب مخالف للقانون.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون، ذلك أن دعوى المطعون عليه غير مقبولة شكلاً، لأنه تظلم من القرار المطعون فيه في 11 من يوليه سنة 1960 ولكنه لم يرفع الدعوى إلا في 31 من يناير سنة 1961، وفيما يتعلق بموضوع الدعوى فإن الواضح من المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 120 لسنة 1960، إن قبول الاستقالة أو رفضها أمر تترخص فيه جهة الإدارة في ضوء اعتبارات الصالح العام.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق فيما انتهى إليه في قضائه من رفض الدفع المبدى من الحكومة بعدم قبول الدعوى شكلاً وقبولها، وذلك للأسباب التي قام عليها والتي تأخذ بها هذه المحكمة.
ومن حيث إنه فيما يختص بالموضوع يبين من مطالعة الأوراق أن المدعي من مواليد 20 من إبريل سنة 1901، وأنه التحق بخدمة وزارة المالية باليومية في أول فبراير سنة 1926، ثم نقل إلى الدرجة التاسعة اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1940 ورقي بعد ذلك إلى الدرجات التالية، وكانت آخر درجة رقي إليها هي الدرجة السادسة الكتابية الأصلية في 25 من إبريل سنة 1956 وبلغ مرتبه 20 جنيهاً في الشهر. وفي 20 من إبريل سنة 1960 قدم إلى مدير عام رسوم الدمغة طلباً، أشار فيه إلى أنه في 26 من مارس سنة 1960 صدر قرار جمهوري في شأن ترقية الموظفين المنسيين وتيسير خروجهم على المعاش، وأضاف أنه قد أمضى أكثر من 31 سنة في أربع درجات وأربع سنوات في الدرجة الأخيرة (السادسة)، وانتهى إلى طلب ترقيته إلى الدرجة الخامسة وإصدار قرار بإحالته إلى المعاش مع ضم سنتين إلى مدة خدمته ومنحه علاوتين من علاوات الدرجة الأخيرة (التي سيرقى إليها). ثم في 5 من مايو سنة 1960 قدم طلباً آخر لإحالته إلى المعاش مع ضم علاوتين من علاوات الدرجة الحالية، وقد تأشر على هذا الطلب في 21 من مايو سنة 1960 بحفظه، حيث إن السيد/ وزير الخزانة سبق أن أشر على الطلبات المماثلة بأن القواعد التي وضعت لتنظيم اعتزال الخدمة في ظل القانون رقم 120 لسنة 1960 هي ألا تقل المدة الباقية لبلوغ سن الستين عن سنة، الأمر المتحقق في حالة المدعي، فعاد المذكور وقدم طلباً ثالثاً في 16 من يونيه سنة 1960 وقد تأشر على هذا الطلب أيضاً بالحفظ في 2 من يوليه سنة 1960 للسبب ذاته فتظلم من رفض طلبه هذا في 11 من يونيه سنة 1960، وفي 13 من ديسمبر سنة 1960 أبلغ برفض تظلمه فأقام دعواه الراهنة في 13 من يناير سنة 1961، وقد أحيل إلى المعاش اعتباراً من 20 من إبريل سنة 1961.
ومن حيث إن الواضح مما سلف إيراده، أن الطلب الذي قدمه المدعي في 20 من إبريل سنة 1960 لإحالته إلى المعاش، كان طلباً مشروطاً بترقيته إلى الدرجة الخامسة طبقاً لقواعد المنسيين مع منحه علاوتين من علاوات الدرجة المرقى إليها، ومن ثم فإن هذا الطلب يكون عديم الأثر قانوناً طبقاً للمادة 110 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة، ويكون الطلب المعتبر في نظر القانون هو الطلب الذي قدمه المدعي في 5 من مايو سنة 1960 بترك الخدمة بالتطبيق لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 بتعديل أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 المتقدم ذكره، وقد رفض هذا الطلب في 21 من مايو سنة 1960 لافتقاد مقدمه الشرط الزمني الذي تضمنته القاعدة التنظيمية العامة الصادرة من السيد/ وزير الخزانة بما له من سلطة في هذا الشأن، ومن ثم لا حجة فيما يذهب إليه المدعي، مؤيداً بالحكم المطعون فيه، من أن طلبه ترك الخدمة قد اعتبر مقبولاً بقوة القانون بمضي ثلاثين يوماً من تاريخ تقديمه إياه دون إبلاغه برفض الجهة الإدارية له، إذ العبرة إنما هي بتاريخ صدور القرار الإداري الذي حدد موقف الإدارة من طلبه وكشف عن إرادتها القاطعة في عدم إجابته إليه، لا بتاريخ إبلاغ هذا القرار إلى صاحب الشأن ذاته أو إلى الجهات التي يتبعها.
ومن حيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت أن المشرع قد هدف من إصدار القانون رقم 120 لسنة 1960 إلى علاج وضع الموظفين الشاغلين لدرجات شخصية بإيجاد وسيلة للتخلص من درجاتهم الشخصية قدر المستطاع، وهذه الحكمة التشريعية تعبر بذاتها عن مصلحة عامة تقوم عليها قرينة قاطعة لا تحتمل إثبات العكس في تحقق هذه المصلحة في ترك هؤلاء الموظفين خدمة الحكومة، لما في ذلك من إلغاء لدرجاتهم الشخصية. وينبني على هذا أنه يلزم قبول طلبات ترك الخدمة من الموظفين الشاغلين لدرجاتهم الشخصية بالتطبيق لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 المشار إليه، متى توفرت الشروط المطلوبة في هذا القانون دون أي قيد آخر لم يرد فيه، إذ أن سلطة الإدارة في قبول أو رفض الطلبات المقدمة من الموظفين الشاغلين لدرجات شخصية بالتطبيق لأحكام القانون سالف الذكر إنما هي سلطة مقيدة بالقانون فلا تملك الجهة الإدارية أن تضيف في هذه الحالة حكماً أو قاعدة تنظيمية لا ترقى إلى مرتبة القانون على خلاف أحكامه، أما بالنسبة إلى الموظفين الشاغلين لدرجات أصلية فإن أمرهم يختلف، إذ أن قيام المصلحة العامة في تركهم الخدمة بالتطبيق لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 لا يزال أمراً متروكاً لتقدير السلطة الإدارية التي لها أن تضع من القواعد التنظيمية أو التعليمات والضوابط ما ترى اتباعه عند النظر في طلبات تركهم الخدمة بالاستناد إلى أحكام القانون المذكور، وهذه التفرقة سبق أن استشفتها هذه المحكمة من روح القانون وأهدافه التي استبانت من مذكراته التفسيرية، فإذا ما رأت السلطة الإدارية وضع قاعدة تنظيمية من مقتضاها عدم قبول ترك الخدمة بالتطبيق لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 المقدمة من الموظفين الشاغلين لدرجات أصلية الذين تقل المدة الباقية لهم في الخدمة عن سنة، وقدرت في هذا تحقيق مصلحة عامة تبتغيها، فلا تثريب عليها في ذلك بالنسبة إلى هذه الفئة من الموظفين.
ومن حيث إن المدعي كان يشغل الدرجة السادسة الأصلية، وهو مولود في 20 من إبريل سنة 1901 وقد بلغ سن الإحالة إلى المعاش في 20 من إبريل سنة 1961 ومن ثم فقد كانت المدة الباقية له في الخدمة وقت تقديمه طلب ترك الخدمة بالتطبيق لأحكام القانون رقم 120 لسنة 1960 المتقدم ذكره في 5 من مايو سنة 1960، تقل عن مدة السنة التي قررت القاعدة التنظيمية العامة الصادرة من وزير الخزانة بما له من سلطة في هذا المجال، جعلها حداً أدنى لقبول طلبات ترك الخدمة المقدمة استناداً إلى أحكام القانون سالف الذكر، ومن ثم فإن رفض طلب المدعي المشار إليه، يكون سليماً ومطابقاً للقانون.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم، تكون الدعوى غير قائمة على أساس سليم من القانون ويكون الحكم المطعون فيه، إذ أخذ بغير هذا النظر، قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه، ويتعين - والحالة هذه - القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.


[(1)] قارن حكم المحكمة الإدارية العليا بجلسة 29/ 11/ 1958 المنشور بمجموعة السنة الرابعة بند 22 صفحة 266.