أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 40 - صـ 1117

جلسة 30 من نوفمبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد الوهاب الخياط نائب رئيس المحكمة وعبد اللطيف أبو النيل وعمار إبراهيم وأحمد جمال عبد اللطيف.

(181)
الطعن رقم 4821 لسنة 58 القضائية

(1) أغذية. محلات صناعية. قانون "سريانه" "تفسيره". نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون" "نظر الطعن والفصل فيه".
النص في المادة الرابعة من قرار وزير الصناعة رقم 153 لسنة 1983 على إلزام المنشآت الصناعية بوضع تاريخي الإنتاج وانتهاء الصلاحية للمنتجات المبينة به. سريانه اعتباراً من 17/ 4/ 1984. أساس ذلك؟
عدم وضع بيان تاريخي الإنتاج وانتهاء الصلاحية قبل العمل بأحكام قرار وزير الصناعة رقم 153 لسنة 1983. غير مؤثم. مخالفة ذلك. خطأ في القانون يوجب النقض والتصحيح.
(2) إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
دفاع الطاعن بنفي إنتاجه للغلاف الموضوع على السلعة وتقديمه مستندات تظاهر ذلك. جوهري. وجوب تمحيصه أو الرد عليه.
الدفاع المسطور بأوراق الدعوى قائم ومطروح على المحكمة في أي مرحلة تالية.
تحقيق أدلة الإدانة في المواد الجنائية. لا يصح أن يكون رهناً بمشيئة المتهم.
(3) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة. شرطه: أن تضمن حكمها ما يدل على مواجهتها عناصر الدعوى والإلمام بها. قعودها عن ذلك. قصور.
1 - لما كان البين من الأوراق أن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية قبل الطاعن بوصف أنه بتاريخ 27 من أكتوبر سنة 1983 أولاً: لم يدون تاريخ الإنتاج وانتهاء مدة الصلاحية على أحد المنتجات الغذائية (شاي). ثانياً: غلف السلعة المذكورة بغلاف غير مطابق لقرار الأوعية. وخلصت محكمة أول درجة إلى معاقبة الطاعن عن التهمتين وأيد الحكم المطعون فيه قضاء محكمة أول درجة، واستند الحكم في معاقبة الطاعن عن التهمة الأولى إلى قرار وزير الصناعة رقم 153 لسنة 1983، لما كان ذلك، وكان القرار آنف الذكر بعد أن نص في البند الرابع من المادة الثانية منه على إلزام المنشآت الصناعية المحلية المنتجة للمنتجات الغذائية المعلبة والمجمدة والمعبأة بأن تضع على عبواتها بياناً بتاريخ الإنتاج وتاريخ انتهاء الصلاحية وعدد المنتجات التي ينطبق عليها ومن بينها الشاي - موضوع الاتهام - نص في المادة الرابعة منه على أن يبدأ العمل بأحكام القرار بعد ستة أشهر من تاريخ نشره الذي تم في 17 من إبريل سنة 1983، وكان قرار وزير الصناعة رقم 836 لسنة 1983 قد نص في مادته الأولى على مد المهلة المنصوص عليها بالمادة الرابعة من القرار الوزاري رقم 153 لسنة 1983 سالفة الذكر ستة أشهر أخرى اعتباراً من 17 من أكتوبر سنة 1983 حتى 16 من إبريل سنة 1984 فإن مفاد ذلك أن أحكام قرار وزير الصناعة رقم 153 لسنة 1983 لا يبدأ العمل بها إلا اعتباراً من 17 من إبريل سنة 1984، لما كان ذلك، وكان قرار وزير الصناعة رقم 580 لسنة 1980 بشأن إلزام المنشآت الصناعية المنتجة للمواد الغذائية المعلبة والمجمدة بالبيانات الواجب وضعها على عبواتها من المنتجات الغذائية، الذي ألغي بالقرار رقم 153 لسنة 1983، قد خلا من النص على الإلزام بوضع أية بيانات على السلع المعبأة، وكانت واقعة عدم وضع بيان تاريخ الإنتاج وتاريخ انتهاء الصلاحية على إحدى السلع المعبأة - موضوع التهمة الأولى المسندة إلى الطاعن - قد حدثت بتاريخ 27 من أكتوبر سنة 1983 أي قبل العمل بأحكام قرار وزير الصناعة رقم 153 لسنة 1983 على ما سلف البيان، فإنها تكون بمنأى عن التأثيم، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر. وقضى على الرغم من ذلك بإدانة الطاعن عنها فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه. لما كان ذلك وكان العيب الذي شاب الحكم - في خصوص هذه التهمة - مقصوراً على الخطأ في تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم، فإنه يتعين حسب القاعدة الأصلية المنصوص عليها في المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن تصحح محكمة النقض الخطأ وتحكم فيها بمقتضى القانون وذلك بنقض الحكم المطعون فيه وإلغاء الحكم المستأنف والحكم ببراءة الطاعن من التهمة الأولى المسندة إليه.
2 - لما كان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أمام محكمة أول درجة أن المدافع عن الطاعن قدم حافظتي مستندات ومذكرة بدفاعه كما يبين من المفردات المضمومة أن الطاعن أقام دفاعه المثبت بهذه المذكرة - عن التهمة الثانية - على أن الشركة التي يعمل بها لا تقوم بإنتاج الغلاف الذي يتم وضعه على تلك السلعة وأنها تحصل عليه من إحدى شركات القطاع العام فضلاً عن أن هذا الغلاف مطابق للمواصفات المقررة واشتملت المستندات المقدمة من الطاعن على صورة من كتاب صادر من شركة...... يتضمن أن الغلاف من إنتاجها وأن الألوان المستخدمة فيه مطابقة لمواصفات هيئة التوحيد القياسي، وخلص الطاعن من ذلك إلى انتفاء مسئوليته عن هذه التهمة. لما كان ذلك، وكان دفاع الطاعن على هذا النحو دفاعاً جوهرياً - في خصوصية هذه الدعوى - إذ يترتب عليه لو صح أن يتغير وجه الرأي فيها، فإنه كان ينبغي على المحكمة تمحيصه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه أو الرد عليه بما يدفعه، أما وإنها لم تفعل والتفتت عن هذا الدفاع على الرغم من أنه أصبح واقعاً مسطوراً بأوراق الدعوى قائماً مطروحاً على المحكمة عند نظر استئناف الطاعن وهو ما يوجب عليها إبداء الرأي بشأنه وإن لم يعاود الطاعن إثارته، لأن تحقيق أدلة الإدانة في المواد الجنائية لا يصح أن يكون رهناً بمشيئة المتهم في الدعوى.
3 - الأصل أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة، إلا أنه يتعين عليها أن تورد في حكمها ما يدل على أنها واجهت عناصر الدعوى وألمت بها على وجه يفصح عن إنها فطنت إليها ووازنت بينها، فإن هي التفتت كلية عن التعرض لدفاع الطاعن وموقفه من التهمة التي وجهت إليه بما يكشف عن أن المحكمة قد أطرحت هذا الدفاع وهي على بينة من أمره فإن حكمها يكون فضلاً عن إخلاله بحق الدفاع مشوباً بالقصور في التسبيب.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: لم يقم بوضع تاريخ الإنتاج وتاريخ انتهاء الصلاحية على منتج غذائي "شاي" ثانياً: غلف السلعة بغلاف غير مطابق للمواصفات. وطلبت عقابه بالمواد 1، 2، 5، 6، 15 من القانون رقم 10 لسنة 1966 المعدل ومحكمة جنح شبرا الخيمة قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهم مائتي جنيه عن التهمتين والمصادرة والنشر في جريدتي الأهرام والأخبار على نفقة المحكوم عليه. استأنف ومحكمة بنها الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي عدم وضع بيان بتاريخ الصلاحية على السلعة المنتجة بمصنعه، وتغليفها بغلاف غير مطابق لقرار الأوعية، قد خالف القانون وشابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الواقعة محل التهمة الأولى غير مؤثمة عملاً بقراري وزير الصناعة رقمي 153، 836 لسنة 1983، وجاءت أسباب الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه في عبارة قاصرة، كما أن الحكم المطعون فيه حرر على نموذج مطبوع خلا من الأسباب، والتفت عن دفاع الطاعن - المؤيد بالمستندات - القائم على أن تبعة الاتهام بالنسبة للتهمة الثانية تقع على عاتق الشركة المصنعة للغلاف التي أقرت بسلامة الأغلفة. وهو ما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن البين من الأوراق أن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية قبل الطاعن بوصف أنه بتاريخ 27 من أكتوبر سنة 1983 أولاً: لم يدون تاريخ الإنتاج وانتهاء مدة الصلاحية على أحد المنتجات الغذائية (شاي). ثانياً: غلف السلعة المذكورة بغلاف غير مطابق لقرار الأوعية. وخلصت محكمة أول درجة إلى معاقبة الطاعن عن التهمتين وأيد الحكم المطعون فيه قضاء محكمة أول درجة، واستند الحكم في معاقبة الطاعن عن التهمة الأولى إلى قرار وزير الصناعة رقم 153 لسنة 1983، لما كان ذلك، وكان القرار آنف الذكر بعد أن نص في البند الرابع من المادة الثانية منه على إلزام المنشآت الصناعية المحلية المنتجة للمنتجات الغذائية المعلبة والمجمدة والمعبأة بأن تضع على عبواتها بياناً بتاريخ الإنتاج وتاريخ انتهاء الصلاحية وعدد المنتجات التي ينطبق عليها ومن بينها الشاي - موضوع الاتهام - نص في المادة الرابعة منه على أن يبدأ العمل بأحكام القرار بعد ستة أشهر من تاريخ نشره الذي تم في 17 من إبريل سنة 1983، وكان قرار وزير الصناعة رقم 836 لسنة 1983 قد نص في مادته الأولى على مد المهلة المنصوص عليها بالمادة الرابعة من القرار الوزاري رقم 153 لسنة 1983 سالفة الذكر ستة أشهر أخرى اعتباراً من 17 من أكتوبر سنة 1983 حتى 16 من إبريل سنة 1984 فإن مفاد ذلك أن أحكام قرار وزير الصناعة رقم 153 لسنة 1983 لا يبدأ العمل بها إلا اعتباراً من 17 من إبريل سنة 1984، لما كان ذلك، وكان قرار وزير الصناعة رقم 580 لسنة 1980 بشأن المنشآت الصناعية المنتجة للمواد الغذائية المعلبة والمجمدة بالبيانات الواجب وضعها على عبواتها من المنتجات الغذائية، الذي ألغي بالقرار رقم 153 لسنة 1983، قد خلا من النص على الإلزام بوضع أية بيانات على السلع المعبأة، وكانت واقعة عدم وضع بيان تاريخ الإنتاج وتاريخ انتهاء الصلاحية على إحدى السلع المعبأة - موضوع التهمة الأولى المسندة إلى الطاعن - قد حدثت بتاريخ 27 من أكتوبر سنة 1983 أي قبل العمل بأحكام قرار وزير الصناعة رقم 153 لسنة 1983 على ما سلف البيان، فإنها تكون بمنأى عن التأثيم، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر. وقضى على الرغم من ذلك بإدانة الطاعن عنها فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه. لما كان ذلك وكان العيب الذي شاب الحكم - في خصوص هذه التهمة - مقصوراً على الخطأ في تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم، فإنه يتعين حسب القاعدة الأصلية المنصوص عليها في المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن تصحح محكمة النقض الخطأ وتحكم فيها بمقتضى القانون وذلك بنقض الحكم المطعون فيه وإلغاء الحكم المستأنف والحكم ببراءة الطاعن من التهمة الأولى المسندة إليه.
ومن حيث إنه يبين من محاضر جلسات المحاكمة أمام محكمة أول درجة أن المدافع عن الطاعن قدم حافظتي مستندات ومذكرة بدفاعه كما يبين من المفردات المضمومة أن الطاعن أقام دفاعه المثبت بهذه المذكرة - عن التهمة الثانية - على أن الشركة التي يعمل بها لا تقوم بإنتاج الغلاف الذي يتم وضعه على تلك السلعة وأنها تحصل عليه من إحدى شركات القطاع العام فضلاً عن أن هذا الغلاف مطابق للمواصفات المقررة واشتملت المستندات المقدمة من الطاعن على صورة من كتاب صادر من شركة..... يتضمن أن الغلاف من إنتاجها وأن الألوان المستخدمة فيه مطابقة لمواصفات هيئة التوحيد القياسي، وخلص الطاعن من ذلك إلى انتفاء مسئوليته عن هذه التهمة. لما كان ذلك، وكان دفاع الطاعن على هذا النحو دفاعاً جوهرياً - في خصوصية هذه الدعوى - إذ يترتب عليه لو صح أن يتغير وجه الرأي فيها، فإنه كان ينبغي على المحكمة تمحيصه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه أو الرد عليه بما يدفعه، أما وأنها لم تفعل والتفتت عن هذا الدفاع على الرغم من أنه أصبح واقعاً مسطوراً بأوراق الدعوى قائماً مطروحاً على المحكمة عند نظر استئناف الطاعن وهو ما يوجب عليها إبداء الرأي بشأنه وإن لم يعاود الطاعن إثارته، لأن تحقيق أدلة الإدانة في المواد الجنائية لا يصح أن يكون رهناً بمشيئة المتهم في الدعوى. هذا إلى أنه إذا كان الأصل أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة، إلا أنه يتعين عليها أن تورد في حكمها ما يدل على أنها واجهت عناصر الدعوى وألمت بها على وجه يفصح عن إنها فطنت إليها ووازنت بينها، فإن هي التفتت كلية عن التعرض لدفاع الطاعن وموقفه من التهمة التي وجهت إليه بما يكشف عن أن المحكمة قد أطرحت هذا الدفاع وهي على بينة من أمره فإن حكمها يكون فضلاً عن إخلاله بحق الدفاع مشوباً بالقصور في التسبيب بما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة لما قضى به من معاقبة الطاعن عن التهمة الثانية.