مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1968 إلى آخر سبتمبر سنة 1968) - صـ 897

(120)
جلسة 11 من مايو سنة 1968

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عزيز زخاري وعبد الستار عبد الباقي آدم ومحمد طاهر عبد الحميد ومحمد بهجت عتيبة المستشارين.

القضية رقم 439 لسنة 11 القضائية

( أ ) عقد إداري "عقد توريد". الإدارة تملك تعديل شروط العقد - وجوب تعويض المتعاقد عما لحقه من ضرر نتيجة هذا التعديل.
(ب) عقد إداري "عقد توريد" عدم تمسك الإدارة بأحكام المادتين 102، 105 من لائحة المناقصات والمزايدات في حالة عدم تطابق الوزن على الوزن المشترط في العقد وقبولها التوريد على الرغم من عدم تطابق الوزن - يلزمها بأداء قيمة المقادير التي تسلمتها فعلاً طالما أن نصوص العقد قد خلت من نصوص تخول الإدارة عدم أداء مقابل لما يجاوز الوزن المحدد في العقد.
1 - لما كان تعديل العقد الإداري أمراً تملكه الإدارة المتعاقدة على أن تعوض المتعاقد معها عما لحقه من ضرر نتيجة هذا التعديل لذلك فإن المطعون ضده وقد أصابه ضرر من توريده الدواجن مذبوحة فإنه يكون له الحق في التعويض.
2 - إذا تسلمت الإدارة المقادير الموردة دون أن تتمسك بوجوب وزن الوحدات المطابقة أوزانها لشروط التعاقد وإعمال أحكام المادتين 102 و105 من لائحة المناقصات والمزايدات في حالة عدم تطابق الوزن على الوزن المشترط في العقد والتي تخول الإدارة رفض الأصناف الموردة وشراء الأصناف التي لم يقم المتعهد بتوريدها من غيره على حسابه أو إنهاء التعاقد فيما يختص بتلك الأصناف ومصادرة التأمين، لذلك فإن الإدارة وقد قبلت التوريد على النحو الآنف ذكره تكون ملزمة بأداء قيمة المقادير التي تسلمتها فعلاً طالما أن نصوص العقد المبرم قد خلت من نصوص تخول الإدارة عدم أداء مقابل لما يجاوز الوزن المحدد في حالة توريد وحدات تزيد عن هذا الوزن، لذلك يكون ما ذهبت إليه الطاعنة من وجوب إجراء المحاسبة على أساس الأوزان التي افترضها العقد والتي تقل عن الأوزان التي تم تسلمها فعلاً غير سديد.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 1025 لسنة 12 القضائية ضد السيد مدير جامعة القاهرة أمام محكمة القضاء الإداري بصحيفة أودعها سكرتارية تلك المحكمة في 10 من يوليه سنة 1958 طلب فيها الحكم بإلزام المدعى عليه بأن يدفع إليه مبلغ 568 جنيهاً و13 مليماً (خمسمائة وثمانية وستين جنيهاً و13 مليماً) والفوائد القانونية من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقال شرحاً لدعواه. إنه رست عليه عملية توريد دجاج وأرانب لمصلحة المستشفيات الجامعية وأنه أورد في عطائه الذي قبلته المصلحة المذكورة أن المحاسبة تكون على أساس التسعير الرسمي يضاف إليه 2% مقابل نفقات النقل بالنسبة للدجاج وبدون هذه النفقات بالنسبة للأرانب، وأنه قصد بذلك أن يكون توريد الأرانب والدجاج حياً لأن النوع الحي هو وحده المسعر وأنه قام بالتوريد فعلاً على هذا الأساس حيث قام في الفترة من أول يوليه سنة 1956 حتى ديسمبر سنة 1956 بتوريد الأرانب والدجاج حياً وتمت محاسبته على هذا الأساس غير أن مصلحة المستشفيات الجامعية أنذرته بضرورة توريد الأرانب والدجاج مذبوحاً وتحت تأثير التهديد أذعن لما أملته عليه المصلحة المذكورة معترضاً على هذا الإجراء محتفظاً بحقوقه وقد قام بالتوريد على الأساس الذي طلبته المصلحة في الفترة من 17 ديسمبر سنة 1956 حتى أواخر إبريل سنة 1957 وكانت مصلحة المستشفيات الجامعية قد رجعت إلى إدارة الفتوى والتشريع فأيدت وجهة نظره لذلك عادت المصلحة فقبلت منه توريد الأرانب والدجاج حياً في شهري مايو ويونيه سنة 1957 واستطرد المدعي يقول إنه أكره في الفترة من 17 من ديسمبر سنة 1956 حتى آخر إبريل سنة 1957 على توريد الأرانب والدجاج مذبوحاً وحوسب رغم ذلك على أساس التسعير الجبري الذي لا يطبق بداهة إلا على الدجاج والأرانب الحية وقد ترتب على ذلك أن حرم بدون وجه حق من فرق السعرين فبينما كانت الجامعة تحاسبه على أساس مبلغ 226.950 مليماً للكيلو جرام من الدجاج (بما في ذلك المشال) ومبلغ 155.750 مليماً للكيلو جرام من الأرانب فإن المحاسبة كان يجب أن تتم على أساس 430 مليماً للكيلو جرام من الدجاج و300 مليم للكيلو جرام من الأرانب وبذلك يكون فرق السعر بالنسبة للكيلو جرام من الدجاج مبلغ 203.50 مليم وفرق السعر بالنسبة للكيلو جرام من الأرانب مبلغ 234.25 مليم وبما أنه ورد 4417.372 كيلو جرام من الدجاج و1544.312 كيلو جرام من الأرانب فإنه يستحق قبل الجامعة:
4417.372 كيلو جرام × 203.50 مليم = 896 جنيهاً و947 مليماً فرق سعر بالنسبة للدجاج.
1544.312 كيلو جرام × 234.25 مليم = 361 جنيهاً و755 مليماً فرق سعر بالنسبة للأرانب.
ومجموع ذلك = 1258 جنيهاً و702 مليماً.
ولما كانت الجامعة قد حاسبته على أساس فرق سعر مقداره 690 جنيهاً و689 مليماً فإنه يستحق قبلها 1258 جنيهاً و702 مليماً - 690 جنيهاً و689 مليماً = 568 جنيهاً و13 مليماً فضلاً عن فوائد هذا المبلغ وهو المبلغ المطالب به.
وقدمت جامعة القاهرة مذكرة بدفاعها ضمنتها أنه بتاريخ 5 من مايو سنة 1956 طرحت إدارة مستشفيات جامعة القاهرة مناقصة عامة لتوريد الدجاج والأرانب للمستشفيات لعام 1956/ 1957 ونص فيها على أن التوريد يكون طبقاً للمواصفات العامة لأصناف الأغذية اللازمة لوحدات الوزارة والمصالح الحكومية وهي تقضي:
( أ ) تورد الطيور وتذبح وتنظف بالمستشفى ويزال الريش والأحشاء وجلود الأرانب التي ترد للمتعهد ثم تحفظ في ثلج يقدمه المتعهد إلى اليوم التالي حيث يتم الوزن النهائي الذي تجرى المحاسبة على أساسه.
(ب) يجوز التقدم بأسعار عن توريد الأرانب والدجاج حياً.
(جـ) تكون المحاسبة على أساس أسعار الجملة للتسعيرة الجبرية إذا كان الصنف مسعراً ما لم ينص المتعهد على غير ذلك في عطائه - وأن المدعي حدد في عطائه السعر على أساس السعر الإجباري للقطاعي بمدينة القاهرة بالنسبة للأرانب وبهذا السعر مضافاً إليه 2% مقابل المشال للدجاج. وتم تحرير العقد على أساس شروط العطاء وقام المدعي بالتوريد طبقاً للطريقة (ب) أي تسليم الأرانب والدجاج حياً ولما كان التوريد على هذا النحو يخالف ما تضمنه العقد وشروط العطاء وكانت هذه الشروط تحول الجامعة طلب توريد الأرانب والدجاج مذبوحاً بالطريقة ( أ ) لذلك فقد طلبت الجامعة أن يتم التوريد طبقاً لهذه الطريقة ومع ذلك فقد قبلت أن ترد إلى المدعي فرق الثمن بين الطيور الحية والمذبوحة بمقتضى تجربة وافق عليها المدعي وعلى أساس السعر الذي أسفرت عنه التجربة وهو 430 مليماً للكيلو جرام من الدجاج المذبوح ومبلغ 332.9 مليم للكيلو جرام من الأرانب وحسبت الفروق ورد إليه الفرق وقدره 696 جنيهاً و699 مليماً حيث صرف إليه مبلغ 690 جنيهاً و689 مليماً بعد استقطاع رسوم الدمغة، ونظراً لأن شروط المناقصة تقضي بتوريد دواجن وزن الواحدة حية 700 جرام وأن الجامعة لا تدفع مقابل ما يزيد عن هذا الوزن وأنه اتضح أن جملة وزن الدجاج المذبوح عند الاستلام 4417.372 كيلو جرام والأرانب المذبوحة 1544.312 كيلو جرام وهذا الوزن يحوي زيادة نشأت من توريد المدعي دواجن حية يزيد وزنها عن الوزن المحدد بشروط المناقصة ولو التزم المورد الوزن المشترط فإن وزن الدجاج المورد يتعين أن يكون 3532.630 كيلو جرام أما وزن الأرانب فيجب أن يكون 1263.799 كيلو جراماً وذلك حسبما أسفرت عنه التجربة ولما كان مرد هذا الاختلاف في الوزن إلى قيام المدعي بتوريد دواجن يزيد في وزنها عما هو مشروط في العقد فإنه لا يحق للمدعي اقتضاء قيمة فرق الوزن الناتج عن توريد دواجن تزيد وزنها عن الوزن المحدد في العقد.
وعقب المدعي على دفاع الجهة الإدارية بمذكرة قدمت بجلسة 11 من مايو سنة 1959 ضمنها أنه رغم تسليم الجامعة بأن كمية الدجاج الموردة تزن 4417.372 كيلو جراماً فقد افترضت أن وزنها 3532.630 كيلو جراماً كما افترضت أن وزن الأرانب الموردة 1263.799 كيلو جراماً في حين أن حقيقة وزنها 1544.312 كيلو جراماً وبررت هذا الخفض بأن شروط التوريد تنص على أن يتم التوريد طبقاً لأوزان محددة وأن أية زيادة في وزن الوحدة لا يدفع عنها أي مقابل وهذا تبرير يدحضه أن الأوزان التي افترضتها المصلحة للدواجن ليست حجة عليه لأن استمارات التوريد التي كانت تسلم إليه من المصلحة والتي تدون بها الأوزان لم يثبت بها سوى وزن الدجاج بعد ذبحه وتنظيفه وأنه لم يسلم خلال الفترة من 17 ديسمبر سنة 1956 حتى أواخر إبريل سنة 1957 دجاجاً حياً حتى كان يحتج بوزنه وإنما كان يورد دجاجاً مذبوحاً خالياً من الأحشاء وأن إدارة المستشفيات عندما أرادت حساب وزن الدجاج افترضت أنه جميعه من النوع الذي تزن الدجاجة منه 700 جراماً في حين أن التوريد اشتمل أيضاً على دجاج تزن الواحدة منه 1400 جراماً وهو وزن يرخص العقد بتوريده وينص على أن يحسب عند التوريد بدجاجتين وأنه جاء بكتاب مدير عام المستشفيات الجامعية الموجه إلى مدير عام الجامعة المؤرخ 11 من سبتمبر سنة 1957 أن المستشفيات لم تلتزم عند الاستلام بالوزن المقرر ارتكازاً على أن المحاسبة تكون على الوزن النهائي بعد الذبح والتنظيف وأنه أخذاً بهذا النظر قامت إدارة المستشفيات بالصرف إليه على أساس المقادير الموردة فعلاً لا على أساس المقادير التي رأت أخيراً افتراضها وأنه وإن كان قد اعترض على الثمن الذي دفع إليه فإن اعتراضه على السعر المخفض الذي أجري الحساب على أساسه وانتهى المدعي في مذكرته إلى أنه يتعين محاسبته على أساس المقادير التي سلمت إلى المستشفيات والثابتة في الاستمارات وذلك طبقاً لما يلي:
380.439 مليمجـ ثمن 884.472 كيلو جراماً قيمة الفرق بين وزن الدجاج المورد فعلاً والوزن الذي افترضته المصلحة محسوباً بالسعر المقبول من الطرفين.
93.382 مليمجـ ثمن 280 كيلو جراماً من الأرانب قيمة الفرق بين وزن الأرانب الموردة والوزن المفترض بالسعر المقبول من الطرفين.
88.180 مليمجـ فرق السعر بالنسبة للأرانب بين السعر الذي جاء نتيجة التجربة التي أجرتها إدارة المستشفيات الجامعية والسعر الذي طلبه المدعي في الفواتير المقدمة منه.
562.001 مليمجـ جملة المبلغ المستحق له.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً في الدعوى انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بندب خبير لتحديد تكاليف الكيلو جرام من الأرانب المذبوحة على أساس التسعير الجبري للأرانب الحية بمدينة القاهرة وقت التوريد وتقدير التعويض في ضوء ما يسفر عنه الرأي.
وبجلسة 17 من مايو سنة 1964 قررت المحكمة تكليف السيد/ مفوض الدولة استطلاع رأي أستاذ بقسم الإنتاج الحيواني بإحدى كليات الزراعة عن فرق الوزن بين الأرانب الحية والأرانب المذبوحة فأوضح السيد/ مفوض الدولة بجلسة 20 من ديسمبر سنة 1964 أنه بالاتصال بالدكتور محمد محمد علوقه الأستاذ المساعد بقسم الإنتاج الحيواني بجامعة القاهرة قرر أن نسبة الوزن الصافي بعد الذبح تبلغ 50% وذلك عندما يبلغ عمر الأرنب 44 أسبوعاً وهو السن الذي يكون فيه الأرنب صالحاً للبيع في الأسواق.
وقضت محكمة القضاء الإداري بجلسة 7 من فبراير سنة 1965 بإلزام جامعة القاهرة بأن تدفع للمدعي مبلغ 500 جنيه على سبيل التعويض والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 10 يوليه سنة 1958حتى تمام الوفاء والمصاريف المناسبة ومبلغ ثلاثة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من طلبات وأقامت قضاءها على أن عبارة العقد المبرم لم تحدد ما إذا كان التوريد من الدواجن الحية أو المذبوحة وأنه بالبحث عن النية المشتركة للمتعاقدين في ضوء طبيعة التعامل يتضح أن عطاء المدعي قدم على أساس أن يكون توريد الدواجن بالسعر الجبري للقطاعي بمدينة القاهرة وأن عبارة التسعير الجبري تنصرف بداهة إلى الدواجن الحية وأنه مما يؤيد هذا النظر أن مصلحة المستشفيات الجامعية وهي الجهة المتعاقدة تسلمت من المدعي دواجن حية منذ بدء تنفيذ العقد ثم عادت إلى مطالبة المدعي بضرورة توريد الدواجن مذبوحة وأن إلزام المدعي بذلك هو بمثابة تعديل لنصوص العقد وهو ما تملكه جهة الإدارة مع عدم الإخلال بحق المتعاقد في طلب التعويض عما أصابه من ضرر نتيجة لاستعمال جهة الإدارة حقها في تعديل العقد وأنه لذلك يكون للمدعي الحق في تعويض يتمثل في فروق أسعار الدواجن الحية والدواجن المذبوحة التي قام بتوريدها وأنه لا خلاف بين المدعي والجامعة في تحديد فرق أسعار الدجاج المذبوح وأن المحكمة ترى أن سعر الأرانب المذبوحة التي قدرتها الجامعة وهو 332.9 مليم للكيلو جرام سعراً مناسباً يتعين محاسبة المدعي على أساسه وأنه فيما يتعلق بالنزاع القائم بين المدعي ومصلحة المستشفيات الجامعية في أوزان الكميات التي قام بتوريدها المدعي فإنه يبين من شروط العقد أنه وإن كان من المتفق عليه أن يتراوح وزن الدجاجة الواحدة قبل الذبح ما بين 700 جرام إلى 1200 جرام وإذا تعذر توريد دجاج زنة الواحدة 700 جرام بسبب قلته في المدة من نوفمبر حتى فبراير التالي فيجوز توريد دجاج تزن الواحدة 1400 جراماً ومحاسبة المدعي على أساس أنه ورد دجاجتين كما نص على أن يكون وزن الأرانب قبل الذبح ما بين 700 إلى 1200 جرام إلا أنه في حالة تجاوز هذه الأوزان - بفرض صحة ما تدعيه المصلحة - فقد كان يجوز لجهة الإدارة أن ترفض استلام المقادير التي قام المدعي بتوريدها ومطالبته بتوريد الدجاج والأرانب بالأوزان المتفق عليها في العقد وإلا فلها أن تقوم بالشراء على حسابه كما لها أيضاً وبشرط قبول المدعي استلام الكميات الواردة مع تخفيض الثمن أما أن تقبل المصلحة المقادير الموردة ثم ترفض أداء ما يوازي هذه الزيادة فأمر غير مقبول لأنه من قبيل الإثراء بلا سبب. وأنه لذلك يتعين الحكم للمدعي بتعويض يعادل ثمن الفروق في أوزان الدجاج والأرانب التي أنقصتها المصلحة بدون حق وهي 884.742 كيلو جراماً من الدجاج و280.513 كيلو جراماً من الأرانب.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أنه لا يوجد خلاف بين الجامعة والمطعون ضده على أحقية الأخير في أن يقتضي فرق الثمن بين الطيور المذبوحة والحية وإنما الخلاف هو في طريق الحساب وأنه بالرغم من أن جهة الإدارة كان من حقها أن تلزم المطعون ضده بتوريد الطيور مذبوحة فإن الجامعة قبلت أن ترد فرق الثمن بين الدواجن الحية والمذبوحة على أساس ما أسفرت عنه تجربة أجرتها ووافق المطعون ضده على ذلك ووقع على المحضر الذي يحتوي على نتيجة هذه التجربة والأسعار التي أسفرت عنها وحسبت له الفروق وردت إليه وكانت جملة هذه الفروق مبلغ 696 جنيهاً و699 مليماً بلغ صافيه بعد استقطاع رسوم الدمغة مبلغ 690 جنيهاً و689 مليماً ولما كانت شروط المناقصة تقضي بتوريد دواجن وزن الواحدة حية 700 جرام كما تقضي بأن جهة الإدارة لا تدفع مقابل ما يزيد على هذا الوزن لذلك فإن الآثار المترتبة على إعمال هذا الشرط لا تعتبر من قبيل الإثراء بلا سبب.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة قدمت تقريراً برأيها انتهت فيه إلى أنه ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
ومن حيث إن الطاعنة قدمت مذكرة ضمنتها أن حساب الفروق على أساس الأسعار التي اعتمدتها المحكمة في أسباب حكمها وهي بواقع 430 مليم للكيلو جرام من الدجاج و332.9 مليم للكيلو جرام من الأرانب يسفر عن مبلغ 473 جنيه و822 مليم لا مبلغ 500 جنيه على ما قضى به الحكم وبذلك يكون تقدير هذه الفروق قد جاء متعارضاً مع الأسس التي وردت في أسباب الحكم واتخذها الحكم أساساً لهذا التقدير.
ومن حيث إنه يبين من أوراق الطعن أن مصلحة المستشفيات الجامعية طرحت عملية توريد الأرانب والدجاج اللازم للمستشفيات في المدة من أول يوليه سنة 1956 إلى آخر يونيه سنة 1957 طبقاً لشروط تنص على أن يكون التوريد طبقاً للمواصفات العامة لأصناف الأغذية اللازمة لوحدات الوزارات والمصالح الحكومية وهذه المواصفات بالنسبة للدجاج هي وجوب أن يتراوح وزن الدجاجة قبل الذبح بين 700 و1200 جراماً وأن لكل وزارة أن تحدد الوزن الذي يلائمها بين هذين الوزنين وإذا تعذر توريد دجاج تزن الواحدة 700 جرام بسبب قلته في المدة من نوفمبر حتى فبراير التالي فيجوز توريد دجاج تزن الواحدة 1400 جراماً وفي هذه الحالة يحسب هذا الوزن بدجاجتين، وبالنسبة للأرانب تقضي المواصفات بأن تورد حية بوزن يتراوح ما بين 700 إلى 1200 جراماً وأن لكل وزارة أن تحدد الوزن الذي يلائمها بين هذين الوزنين، وأنه يراعى أن يذبح الدجاج والأرانب وينظف بجهة الاستلام وتوزن مباشرة بعد إزالة الريش والأحشاء والكبد والقوانص والقلوب والرؤوس والرقاب والأجنحة وجلود الأرانب التي ترد إلى المتعهد ويكون الوزن النهائي في اليوم التالي وأنه يجوز التقدم بأسعار عن توريد الأرانب والدجاج حياً مع مراعاة المواصفات الخاصة بكل نوع، وبناء على ذلك تقدم المطعون ضده بعطاء حدد فيه سعراً للتوريد على أساس التسعير الجبري لمدينة القاهرة وحررت الإدارة معه العقد على أساس الشروط العامة والإضافية التي أرفقت بالعقد وطبقاً للمواصفات العامة لأصناف الأغذية اللازمة لوحدات الوزارات والمصالح الحكومية آنفة الذكر وقام المتعهد بتنفيذ العقد فورد الأرانب والدجاج حياً إلا أن مصلحة المستشفيات رأت أن توقيع المتعهد على شروط المناقصة دون تحديد الطريقة التي يتم بها التوريد يخولها الحق في اختيار طريقة التوريد على نحو أفضل بالنسبة لها وأنسب إلى الخزانة فرفض المتعهد ذلك واعترض على هذا الطلب بخطاب مؤرخ 2 من أغسطس سنة 1956 وبنى اعتراضه على أن إلزامه بالتوريد بهذه الطريقة يخالف شروط العقد إلا أن مصلحة المستشفيات الجامعية حذرت المتعهد بكتابها المؤرخ 12 من ديسمبر سنة 1956 من التوقف عن توريد الدواجن مذبوحة وإلا كان مسئولاً عن إعاقة العمل بمرفق المستشفيات وقد نفذ المتعهد ما أنذر به وفي ذات الوقت وجه إلى مصلحة المستشفيات الجامعية كتاباً مؤرخاً 13 من ديسمبر سنة 1956 تمسك فيه بوجهة نظره باعتبار أن سعر العقد المنسوب إلى السعر الجبري لا ينصب إلا على الأرانب الدجاج حياً إذ هي الخاضعة للتسعير الجبري وأنه رغبة منه في عدم تعطيل التوريد فإنه يقبل التوريد بعد الذبح والتنظيف بسعر 430 مليماً للكيلو جرام من الدجاج وهو السعر الذي يتم التوريد به إلى مستشفى الأمراض العقلية وذلك لحين عرض النزاع على إدارة الفتوى والتشريع المختصة واستمر المطعون ضده في توريد الأرانب والدجاج مذبوحاً إلى أن عادت المصلحة فقبلت توريد الدواجن حية وتم ذلك خلال الشهرين الأخيرين من مدة العقد، وقد أجرت مصلحة المستشفيات الجامعية تجربة للوقوف على مقدار نقص وزن الأرانب والدجاج بعد الذبح والتنظيف وتجديد سعر الأرانب والدجاج مذبوحاً وكان إجراء هذه التجربة في 11 من ديسمبر سنة 1957 ووافق المطعون ضده على نتيجتها في 22 من يناير سنة 1958 وقد أسفرت التجربة عن أن تقدير سعر الكيلو جرام من الدجاج المذبوح بمبلغ 445 مليماً وسعر الكيلو جرام من الأرانب المذبوحة بمبلغ 344.6 مليماً ولما كان المتعهد قد وافق على أن يحاسب على سعر الكيلو جرام للدجاج المذبوح بمبلغ 430 مليم وهو السعر الذي تم التوريد بموجبه إلى مستشفى الأمراض العقلية فقد أقرت ذلك مصلحة المستشفيات الجامعية كما خفضت سعر الكيلو جرام من الأرانب بنسبة التخفيض الذي تم بالنسبة للدجاج فحدد هذا السعر بمبلغ 332.9 مليم للكيلو جرام وحوسب المطعون ضده على أساس إنقاص وزن المقادير الموردة بمراعاة أن شروط المناقصة تقضي بتوريد دواجن وزن الواحدة حية 700 جراماً وأن من بين ما ورده دواجن يزيد وزن الواحدة منها عن هذا القدر وأن الإدارة لا تدفع مقابلاً لما يزيد عن الوزن المشترط.
ومن حيث إن المطعون ضده وقد حدد السعر المعروض في العطاء المقدم منه منسوباً إلى السعر الجبري للدجاج والأرانب بمدينة القاهرة فإن العرض المقدم منه لا ينصرف بداهة إلى الصنف المذبوح منها بعد نزع أحشائه وجلوده والذي لا يشمله التسعير الجبري على ما هو ثابت في الأوراق وإنما ينصرف إلى الدجاج والأرانب الحية التي يشملها هذا التسعير وقد توافقت إرادة الطرفين وانعقد اتفاقهما على أساس ما جاء بهذا العرض وعلى ذلك جرى تنفيذ العقد المبرم بينهما فقام المطعون ضده بتوريد الأرانب والدجاج حياً في الفترة من أول يوليه سنة 1956 حتى ديسمبر سنة 1956 دون اعتراض من الإدارة، لذلك فإن ما أوردته الطاعنة في صحيفة الطعن من أنه كان من حقها أن تلزم المطعون ضده بتوريد الدواجن مذبوحة بعد نزع أحشائها وجلودها يكون غير قائم على أساس سليم، ولما كان ذلك وكان إلزام المطعون ضده بتوريد الأرانب والدجاج مذبوحاً بعد نزع أحشائه على النحو الذي طالبت به الإدارة وانصاع إليه المطعون ضده بعد إنذاره أمر لا يخوله العقد المبرم وإنما هو في حقيقته تعديل لشروط هذا العقد الإداري تملكه الإدارة المتعاقدة على أن تعوض التعاقد معها عما لحقه من ضرر نتيجة هذا التعديل لذلك فإن المطعون ضده وقد أصابه ضرر من توريده الدواجن مذبوحة فإنه يكون له الحق في التعويض.
ومن حيث إنه بالنسبة لتقدير التعويض فإن الثابت في الأوراق أن توريد الأرانب والدجاج في الفترة التي ورد خلالها إلى مصلحة المستشفيات الجامعية مذبوحاً كان يتم بأن تسلم الدواجن حية على دفعات وتوزن كل دفعة جملة دون وزن الدواجن على حدة ثم تذبح في المستشفيات ويتم نزع الريش والأحشاء والجلود ثم تحدد أوزانها وقد تسلمت الإدارة المقادير الموردة دون أن تتمسك بوجوب وزن وحدات الأرانب والدجاج حياً وتسلم الدواجن المطابقة أوزانها لشروط التعاقد وإعمال أحكام المادتين 102 و105 لائحة المناقصات والمزايدات في حالة عدم تطابق الوزن على الوزن المشترط في العقد والتي تخول الإدارة رفض الأصناف الموردة وشراء الأصناف التي لم يقم المتعهد بتوريدها من غيره على حسابه أو إنهاء التعاقد فيما يختص بتلك الأصناف ومصادرة التأمين، لذلك فإن الإدارة وقد قبلت التوريد على النحو الآنف الذكر تكون ملزمة بأداء قيمة المقادير التي تسلمتها فعلاً طالما أن نصوص العقد المبرم قد خلت من نصوص تخول الإدارة عدم أداء مقابل لما يجاوز الوزن المحدد في حالة توريد دواجن تزيد عن هذا الوزن، لذلك يكون ما ذهبت إليه الطاعنة من وجوب إجراء المحاسبة على أساس الأوزان التي افترضها العقد والتي تقل عن الأوزان التي تم تسلمها فعلاً غير سديد.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق عندما أقر أحقية المطعون ضده في تعويض يتمثل في فروق أسعار الدواجن الحية والمذبوحة التي تم توريدها على أساس سعر الدجاج المذبوح 340 مليماً للكيلو جرام، وهو سعر وافق عليه الطرفان، وسعر 332.9 مليماً للكيلو جرام من الأرانب المذبوحة وهو سعر قدره بعد الرجوع إلى قسم الإنتاج الحيواني بكلية الزراعة بجامعة القاهرة، والتفت عن طلب الإدارة محاسبة المطعون ضده على أساس الأوزان التي افترضتها وقرر أحقيته في أن يحاسب على أساس المقادير التي قام بتوريدها فعلاً لا على أساس الأوزان المفترضة إلا أن الحكم بعد أن أقر مبدأ التعويض والأسس التي يقام عليها وهي أسس سليمة تقرها هذه المحكمة، فإنه وقع في خطأ عند إجراء الحساب على مقتضى هذه الأسس فقضى بأحقية المطعون ضده في مبلغ 500 جنيه في حين أن حقيقة ما يستحقه المطعون ضده محسوباً طبقاً للأسس المتقدمة بيانه الآتي:
884.742 كيلو جراماً من الدجاج × 430 مليماً = 380.439 مليمجـ (الفرق بين الوزن الفعلي للمقادير الموردة والوزن) الذي افترضته الإدارة وأجرت المحاسبة على أساسه) (بالنسبة للدجاج).
280.513 كيلو جراماً من الأرانب × 332.9 مليماً = 93.382 مليمجـ (الفرق بين الوزن الفعلي للمقادير الموردة والوزن) (الذي افترضته الإدارة وأجرت المحاسبة على أساسه) (بالنسبة للأرانب)
وجملة ذلك مبلغ = 473.821 مليمجـ.
ومن ثم يتعين تعديل الحكم المطعون فيه والاكتفاء بإلزام الطاعنة بهذا المبلغ مع فوائده القانونية والمصاريف المناسبة.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بتعديل الحكم المطعون فيه وذلك بإلزام المدعى عليها بأن تدفع للمدعي مبلغ 473.821 مجـ (فقط مبلغ أربعمائة وثلاثة وسبعين جنيهاً مصرياً وثمانمائة وواحد وعشرين مليماً) والفوائد القانونية بواقع أربعة في المائة سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 10 من يوليه سنة 1958 حتى تمام الوفاء والمصروفات المناسبة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات.