أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 40 - صـ 1149

جلسة 7 من ديسمبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد رفيق البسطويسي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد أحمد حسن وعبد الوهاب الخياط نائبي رئيس المحكمة وعبد اللطيف أبو النيل ومحمد حسين مصطفى.

(185)
الطعن رقم 3788 لسنة 59 القضائية

(1) جمارك. تهريب جمركي.
التهريب الحكمي في مفهوم المادة 121/ 2 من القانون 66 لسنة 1963 المعدلة؟
(2) جمارك. تهريب جمركي.
متى يعد حائز البضائع الأجنبية. حسن النية. وفق حكم المادة الثامنة من اللائحة التنفيذية للقانون 75 لسنة 1980؟
(3) قرارات وزارية. لوائح تنفيذية. قانون "التفويض التشريعي".
حق السلطة التنفيذية تولي أعمال تشريعية بإصدار اللوائح التنفيذية. أساس وحد ذلك؟
(4) قانون "التفويض التشريعي". دستور. قرارات وزارية. تهريب جمركي. جمارك. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
صحة القرار الصادر بموجب التفويض التشريعي. رهينة بعدم وجود تضاد بينه وبين نص القانون المحدد لأوضاعه وشروطه.
تغليب نص القانون عند التعارض بينه وبين نص وارد في لائحته. واجب.
تضمين نص المادة الثامنة من اللائحة التنفيذية للقانون 75 لسنة 80 شروطاً على بيانات الفواتير. يتعارض مع إطلاق نص المادة 121/ 2 من القانون 66 لسنة 63 المعدل. مؤدى ذلك؟
المستندات المؤيدة لسداد الضرائب الجمركية. لم يشترط فيها الشارع إلا أن تكون دالة على السداد. تقدير ذلك لقاضي الموضوع دون التزام برأي لسواه. ولو كان وارداً في اللائحة التنفيذية للقانون.
1 - إن الفقرة الثانية من المادة 121 من قانون الجمارك الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1963 - بعد تعديلها بالقانون رقم 75 لسنة 1980 تنص على أنه "ويعتبر في حكم التهريب حيازة البضائع الأجنبية بقصد الاتجار مع العلم بأنها مهربة ويفترض العلم إذا لم يقدم من وجدت في حيازته هذه البضائع بقصد الاتجار المستندات الدالة على أنها قد سددت عنها الضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم المقررة. كما يعتبر في حكم التهريب تقديم مستندات أو فواتير مزورة أو مصطنعة أو وضع علامات كاذبة أو إخفاء البضائع أو العلامات أو ارتكاب أي فعل آخر يكون الغرض منه التخلص من الضرائب الجمركية المستحقة كلها أو بعضها أو بالمخالفة للنظم المعمول بها في شأن البضائع الممنوعة".
2 - إن المادة الثامنة من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 75 لسنة 1980 الصادر بها قرار نائب رئيس الوزراء للشئون المالية والاقتصادية رقم 105 لسنة 1980 تنص على أنه "يعتبر الحائز حسن النية ولا تحتجز بضائعه إذا كان تحت يده عند الضبط فاتورة صحيحة صادرة من مستورد أما الفواتير الصادرة من غير مستورد فلا يعتد بها إلا إذا أثبت فيها رقم القسيمة الجمركية وتاريخها وأقر من أصدرها بمسئوليته عنها وعما جاء بها من بيانات".
3 - من المقرر أن من حق السلطة التنفيذية طبقاً للمبادئ الدستورية المقررة أن تتولى أعمالاً تشريعية عن طريق إصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها إلا أن هذا الحق لا يعني نزول السلطة التشريعية عن سلطتها في سن القوانين بل هو دعوة لهذه السلطة لاستعمال حقها في وضع القواعد التفصيلية اللازمة لتنفيذ القوانين دون أن تزيد عليها شيئاً جديداً أو أن تعدل فيها أو تعطل تنفيذها أو أن تعفى من هذا التنفيذ، ومن ثم فإن اللائحة التنفيذية لا يصح أن تضع قيداً على خلاف نص القانون.
4 - يشترط لصدور القرار في حدود التفويض التشريعي ألا يوجد أدنى تضاد بينه وبين النص الوارد في القانون وأنه عند التعارض بين نصين أحدهما وارد في القانون والآخر وارد في لائحته التنفيذية، فإن النص الأول يكون هو الواجب التطبيق باعتباره أسمى درجة وأصلاً للائحة. لما كان ذلك، وكان النص في المادة الثامنة من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 75 لسنة 1980 سالفة الذكر على وضع شروط على الفواتير بأن يثبت فيها رقم القسيمة الجمركية وتاريخها وإقرار من أصدرها بمسئوليته عنها وعما جاء بها من بيانات يتعارض مع إطلاق نص الفقرة الثانية من المادة 121 من القانون رقم 66 لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 75 لسنة 1980 من أية شروط في شأن المستندات الدالة على سداد الضرائب الجمركية، إلا أن تكون دالة على ذلك السداد، وهو ما يخضع لتقدير قاضي الموضوع - ما دام سائغاً كما هو الحال في الدعوى الماثلة - وذلك دون التزام في ذلك برأي لسواه ولو كان وارداً في القرار الوزاري المعني. لما كان ذلك، فإنه يتعين الاعتداد بما نص عليه القانون في هذا الخصوص والالتفات عما فرضته اللائحة التنفيذية من شروط هذا الصدد، وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد ساير هذا النظر واطمأنت المحكمة إلى أن الفواتير التي قدمها المطعون ضده صحيحة وتفيد سداد الضرائب الجمركية عن البضائع محل الاتهام، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير مقبول.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه. حاز بضائع أجنبية بقصد الاتجار دون سداد الرسوم الجمركية. وطلبت عقابه بالمواد 121، 121 مكرراً، 122، 124 من القانون رقم 66 لسنة 1973 المعدل وادعى وزير المالية بصفته مدنياً قبل المتهم بمبلغ 10642.020 جنيهاً على سبيل التعويض ومحكمة جنح جرجا قضت حضورياً ببراءة المتهم مما أسند إليه ثانياً: برفض الدعوى المدنية وإلزام المدعي بالحقوق المدنية بالمصروفات. استأنف المدعي بالحقوق المدنية بصفته ومحكمة سوهاج الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعنت إدارة قضايا الحكومة عن المدعي بالحقوق المدنية بصفته في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن بصفته ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من تهمة حيازة بضائع أجنبية بقصد الاتجار دون سداد الضرائب الجمركية، ورفض الدعوى المدنية قبله قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه عول في قضائه على ما قدمه المطعون ضده من مستندات رغم عدم توافر الشروط المنصوص عليها في المادة الثامنة من قرار وزير المالية رقم 105 لسنة 1980 فيها، وأن القصور القائم بتلك المستندات في بعض بياناتها يدل على قيام قصد التهرب لدى المطعون ضده من سداد الضرائب كما أن الحكم المطعون فيه أورد في مدوناته أن على الطاعن بصفته الرجوع على المستورد بصدد ما شاب الفواتير من نقص رغم أن المطعون ضده هو المكلف بنفي الاتهام - مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن البين من الأوراق أن النيابة العامة أسندت إلى المطعون ضده أنه حاز بضائع أجنبية مهربة بقصد الاتجار دون الاحتفاظ بفواتير تفيد سداد الضرائب، وطلبت معاقبته بالمواد 121، 121 مكرراً، 122، 124 من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 75 لسنة 1980 وقرار وزير المالية رقم 105 لسنة 1980، ومحكمة أول درجة قضت بحكمها المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه ببراءة المطعون ضده ورفض الدعوى المدنية قبله، وبعد أن أورد الحكم المطعون فيه واقعة الدعوى عرض إلى واقعة الضبط بقوله "وبسؤال المتهم عن مستنداتها قدم أربع عشرة فاتورة طويت كلها على أن البضائع خالصة الرسوم الجمركية، وبيد أن محرر المحضر رأى أنها غير قانونية، وبعرض الأوراق على لجنة الفحص رأت أن هناك عشر فواتير منها غير مستوفاة للشروط القانونية، وأن هناك ثلاث فواتير مستوفاة بمراجعة بيانات اثنتين منها مع جمارك الإسكندرية تبين وجود خطأ في تاريخ اليوم أما الفاتورة الأخرى تبين أنها لنوعية بضائع غير المثبتة بها، أما الفاتورة الأخيرة فهي فاتورة قانونية ومستوفاة لشروطها. ثم أسس الحكم قضاءه ببراءة المطعون ضده ورفض الدعوى المدنية قبله على قوله "وباستعراض وقائع الاتهام موضوع الدعوى نجد أن المتهم تقدم بمستندات عن البضائع المضبوطة ثابت بها أن هذه البضائع خالصة الرسوم الجمركية، ولم يثبت أن هذه المستندات مزورة أو مصطنعة ومن ثم فإن المتهم بذلك أنكر علمه المفترض بتهريب هذه البضائع وأثبت عكسه، أما القول بأن بعض هذه الفواتير غير مستوفاة لبعض البيانات دون تحديدها وأن بعضها الآخر به بعض الخطأ في البيانات بشأن التاريخ ونوعية البضائع بين بيانات القسيمة الجمركية وتلك المحفوظة بجمارك الإسكندرية فإن ذلك لا يقيم الجريمة في حق المتهم ما دام أن القصد الجنائي والعلم المفترض لا يقوم قبله إلا بعدم تقديم مستندات دالة على سداد الرسوم الجمركية أو تقديمه مستندات مزورة أو مصطنعة، أما وقد قدم هذه المستندات ولم ينسب له أحد أنها مزورة أو مصطنعة فإن وجود قصور في بيانات بعض المستندات أو خطأ بين بيانات القسيمة الجمركية وتلك المحفوظة بالجمارك فإن ذلك أمر لا يد للمتهم فيه ولا يتعين قانوناً وعدالة محاسبته عليه". لما كان ذلك، وكانت الفقرة الثانية من المادة 121 من قانون الجمارك الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1963 - بعد تعديلها بالقانون رقم 75 لسنة 1980 تنص على أنه "ويعتبر في حكم التهريب حيازة البضائع الأجنبية بقصد الاتجار مع العلم بأنها مهربة ويفترض العلم إذا لم يقدم من وجدت في حيازته هذه البضائع بقصد الاتجار المستندات الدالة على أنها قد سددت عنها الضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم المقررة. كما يعتبر في حكم التهريب تقديم مستندات أو فواتير مزورة أو مصطنعة أو وضع علامات كاذبة أو إخفاء البضائع أو العلامات أو ارتكاب أي فعل آخر يكون الغرض منه التخلص من الضرائب الجمركية المستحقة كلها أو بعضها أو بالمخالفة للنظم المعمول بها في شأن البضائع الممنوعة".
وكانت المادة الثامنة من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 75 لسنة 1980 الصادر بها قرار نائب رئيس الوزراء للشئون المالية والاقتصادية رقم 105 لسنة 1980 تنص على أنه "يعتبر الحائز حسن النية ولا تحتجز بضائعه إذا كان تحت يده عند الضبط فاتورة صحيحة صادرة من مستورد أما الفواتير الصادرة من غير مستورد فلا يعتد بها إلا إذا أثبت فيها رقم القسيمة الجمركية وتاريخها وأقر من أصدرها بمسئوليته عنها وعما جاء بها من بيانات" لما كان ذلك، ولئن كان من المقرر أن من حق السلطة التنفيذية طبقاً للمبادئ الدستورية المقررة أن تتولى أعمالاً تشريعية عن طريق إصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها إلا أن هذا الحق لا يعني نزول السلطة التشريعية عن سلطتها في سن القوانين بل هو دعوة لهذه السلطة لاستعمال حقها في وضع القواعد التفصيلية اللازمة لتنفيذ القوانين دون أن تزيد عليها شيئاً جديداً أو أن تعدل فيها أو تعطل تنفيذها أو أن تعفى من هذا التنفيذ، ومن ثم فإن اللائحة التنفيذية لا يصح أن تضع قيداً على خلاف نص القانون. كما أنه يشترط لصدور القرار في حدود التفويض التشريعي ألا يوجد أدنى تضاد بينه وبين النص الوارد في القانون وأنه عند التعارض بين نصين أحدهما وارد في القانون والآخر وارد في لائحته التنفيذية، فإن النص الأول يكون هو الواجب التطبيق باعتباره أسمى درجة وأصلاً للائحة. لما كان ذلك، وكان النص في المادة الثامنة من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 75 لسنة 1980 سالفة الذكر على وضع شروط على الفواتير بأن يثبت فيها رقم القسيمة الجمركية وتاريخها وإقرار من أصدرها بمسئوليته عنها وعما جاء بها من بيانات يتعارض مع إطلاق نص الفقرة الثانية من المادة 121 من القانون رقم 66 لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 75 لسنة 1980 من أية شروط في شأن المستندات الدالة على سداد الضرائب الجمركية، إلا أن تكون دالة على ذلك السداد، وهو ما يخضع لتقدير قاضي الموضوع ما دام سائغاً - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - وذلك دون التزام في ذلك برأي لسواه ولو كان وارداً في القرار الوزاري المعني. لما كان ذلك، فإنه يتعين الاعتداد بما نص عليه القانون في هذا الخصوص والالتفات عما فرضته اللائحة التنفيذية من شروط هذا الصدد، وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد ساير هذا النظر واطمأنت المحكمة إلى أن الفواتير التي قدمها المطعون ضده صحيحة وتفيد سداد الضرائب الجمركية عن البضائع محل الاتهام، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه من رده على قصور بيانات بعض الفواتير المقدمة من المطعون ضده - من عدمه مسئولية الأخير عن ذلك وأن للطاعن بصفته الرجوع على المستورد الذي حررها فهو ليس إلا تزيداً لم يكن الحكم في حاجة إليه بعد أن أقام قضاءه على أسباب كافية بذاتها لحمله. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين التقرير بعدم قبول الطعن مع إلزام الطاعن بصفته المصروفات المدنية.