مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1968 إلى آخر سبتمبر سنة 1968) - صـ 1001

(135)
جلسة 1 من يونيه سنة 1968

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد الستار عبد الباقي آدم ومحمد طاهر عبد الحميد ومحمد صلاح الدين محمد السعيد ومحمد بهجت محمود عتيبة المستشارين.

القضية رقم 1477 لسنة 10 القضائية

قومسيون طبي. موظف "إجازات". هيئة البوليس. سريان لائحة القومسيونات الطبية الصادرة في 13 من يونيو سنة 1945 على ضباط البوليس ورجال البوليس - أساس ذلك - القانون رقم 234 لسنة 1955 بنظام هيئة البوليس لم يقض بعدم إعمال هذه اللائحة كلها أو بعضها في شأن رجال هيئة البوليس ولم يتضمن أحكاماً تنظيمية تفصيلية تنبئ بالخروج على ما انطوت عليه هذه اللائحة من أحكام في شأن الإجازات الطبية للضباط.
يبين من الاطلاع على لائحة القوميسيونات الطبية الصادرة في 13 من يونيه سنة 1945 أنها خولت القومسيون الطبي العام والقوميسيونات الطبية بالمديريات والمحافظات وأطباء الصحة بالمراكز والأقسام سلطة الكشف الطبي على فئات الموظفين والمستخدمين والعمال وما إليهم لتقرير لياقتهم الطبية أو لتقدير سنهم أو لمنحهم الإجازات المرضية وحددت اختصاص كل من هذه الجهات الطبية في هذا الصدد وسلطة كل من القومسيون الطبي العام والقومسيونات الطبية بالمديريات والمحافظات في اعتماد الشهادات الطبية الصادرة من الهيئات الطبية الدنيا وبهذه المثابة فإن هذه اللائحة تسري على ضباط البوليس ورجال البوليس باعتبارهم من الفئات التي نصت عليها اللائحة وهو ما أكدته الكشوف المرافقة لهذه اللائحة والخاصة بتحديد درجة الإبصار المقررة إذ انطوت على تحديد درجة الإبصار اللازمة لضباط البوليس وغيرهم من رجال البوليس. ولم يخرج القانون رقم 234 لسنة 1955 بنظام هيئة البوليس الذي يحكم الواقعة الماثلة عن الحدود التي رسمتها لائحة القومسيونات الطبية المشار إليها فلم يقض بعدم إعمال هذه اللائحة كلها أو بعضها في شأن رجال هيئة البوليس ولم يتضمن أحكاماً تنظيمية تفصيلية تنبئ بالخروج على ما انطوت عليه هذه اللائحة من أحكام في شأن الإجازات الطبية للضباط. بل أنه على النقيض من ذلك جاءت المادة 47 من القانون رقم 234 لسنة 1955 سالفة الذكر مؤكدة خضوع ضباط البوليس في شأن إجازاتهم المرضية للنظام الذي حددته لائحة القومسيونات المشار إليها إذ نصت على أن "تمنح الإجازة المرضية بناء على قرار من القومسيون الطبي المختص". ولما كانت لائحة القومسيون الطبي العام قد حددت اختصاص كل من أطباء المراكز والأقسام والقومسيونات الطبية المحلية بالمديريات والمحافظات والقومسيون الطبي العام وبينت الحالات التي يتعين فيها اعتماد الإجازات المرضية والسلطة المختصة بذلك، فإن هذا النظام الذي رسمته لائحة القومسيون الطبي العام يكون هو الواجب الاتباع في شأن منح الإجازات المرضية لضباط البوليس مما لا حجة معه في الادعاء بأن القومسيون الطبي المحلي هو المختص بمنح إجازات ضباط البوليس دون معقب عليه من القومسيون الطبي العام في الحدود التي رسمتها لائحته. ولا ينهض حكم المادة 48 من القانون المذكور دليلاً على هذا الزعم فقد قضت هذه المادة بأنه "إذا استنفد الضابط الذي يصاب بمرض يحتاج البرء منه إلى علاج طويل إجازاته المرضية ذات المرتب الكامل ومتوافر إجازاته الاعتيادية يجوز لوزير الداخلية أن يمنحه إجازة استثنائية بمرتب كامل المدة اللازمة لعلاجه بحيث لا تجاوز تسعة أشهر ويرجع في تحديد الأمراض التي من هذا النوع ومدة العلاج إلى القومسيون الطبي العام". ومؤدى هذا النص أن المشرع خول القومسيون الطبي العام بوصفه الجهة الطبية الفنية العليا وتحديد الأمراض المشار إليها ومدة العلاج اللازمة لها وهو بصدد منح الإجازة الاستثنائية المنصوص عليها وذلك دون أن يرمي من ورائه إلى قصر اختصاص القومسيون الطبي العام في شئون إجازات الضباط على إبداء رأيه في هذا النوع من الإجازات الاستثنائية، إذ أن هذا المعنى لا يقتضيه النص ولا تحتمله صياغته.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة على ما يبين من الأوراق تتحصل في أن المدعي أقام أمام محكمة القضاء الإداري الدعوى رقم 84 لسنة 16 القضائية ضد السادة وزير الداخلية ووزير الصحة ومحافظ قنا طالب الحكم بإلغاء القرار الصادر من السيد مدير أمن قنا في 22 من مايو سنة 1961 بمجازاته بخصم ما يوازي مرتب يوم من راتبه الشهري مع خصم ماهيته مدة الانقطاع عن العمل "غيابه بدون مبرر" وقدرها 148 يوماً. وقال بياناً لدعواه إنه لم يتغيب دون مبرر وإنما تغيب لمرضه وقد اتبع الإجراءات المقررة للإبلاغ عن مرضه وكشفت عليه الهيئات الطبية المختصة التي ندبت لذلك ومنحته إجازة مرضية عن مدة تغيبه على الوجه الآتي:
( أ ) عن المدة من 25 من يناير سنة 1960 إلى 12 من مارس سنة 1960: فقد أبلغ بمرضه بعد انتهاء إجازته الاعتيادية التي انتهت في 24 من يناير سنة 1960 وعاده مفتش صحة ثاني الجيزة في 3 من مارس سنة 1960 ومنحه إجازة مرضية لمدة عشرة أيام تنتهي في 12 من مارس سنة 1960 ووافق القومسيون الطبي العام على هذه الإجازة دون أن تكون ثمة حاجة إلى هذه الواقعة لأن مفتش الصحة قررها في حدود اختصاصه. وأضاف أنه لما كان تقرير الإجازة المرضية بعد فترة انقطاع يقتضي حتماً اعتبار المدة السابقة عليها في حكم الإجازة المرضية فإن غيابه في الفترة من 25 يناير سنة 1960 إلى 12 من مارس سنة 1960 يكون إجازة معتمدة ضمناً من القومسيون الطبي العام.
(ب) عن المدة من 13 من مارس سنة 1960 إلى 11 من مايو سنة 1960: فقد أبلغ بعد انقضاء إجازته السابقة بأن لا يزال مريضاً وقد وقع القومسيون المحلي بالجيزة الكشف عليه ومنحه إجازة لمدة 60 يوماً من 13 مارس سنة 1960 إلى 11 من مايو سنة 1960.
(جـ) عن المدة من 12 مايو سنة 1960 إلى 20 من يونيو سنة 1960: أشار المدعي إلى أنه انتقل إلى القنال بناء على مشورة الأطباء المعالجين للاستشفاء وإتمام العلاج وأبلغ بأنه لا يزال مريضاً فعهد إلى قومسيون طبي القنال بالكشف عليه فمنحه إجازة لمدة 30 يوماً من 20 من مايو سنة 1960 مع احتساب المدة السابقة إجازة مرضية.
واستطرد المدعي أنه تسلم عمله في مديرية قنا اعتباراً من 21 من يونيو سنة 1960 وبعد انقضاء أربعين يوماً طلب للكشف عليه أمام قومسيون طبي قنا في 28 من يوليه سنة 1960 حيث قرر أنه بالكشف عليه لم يجد علامات مرضية تجزم بسابقة مرضه وأن حالته الصحية طبيعية، وقد استند القومسيون الطبي العام إلى ذلك وقرر عدم اعتماد الإجازات المرضية الممنوحة له بمعرفة القومسيونات المحلية وعدم احتساب المدة من 25 من يناير سنة 1960 إلى 20 من يونيو سنة 1960 إجازة مرضية وأن للمصلحة أن تحتسبها كما تشاء. وبناء على هذا صدر القرار المطعون فيه الذي نسب إليه أنه ادعى المرض وأنه تحايل على عدم المثول أمام القومسيون الطبي العام بشخصه رغم إعلانه كتابة بذلك.
وقد علل المدعي عدم مثوله أمام القومسيون الطبي العام بأنه كان ملازماً الفراش لمرضه هذا المرض الذي أيدته الهيئات الطبية المختصة التي وقعت الكشف الطبي عليه بما لا وجه معه لإهدار ما انتهت إليه، والاعتماد على تقرير قومسيون طبي قنا الذي وقع الكشف الطبي عليه بعد أربعين يوماً من شفائه التام. وأضاف أن القومسيون الطبي العام ناقض نفسه حين اعتمد الإجازة التي منحت له لمدة عشرة أيام من 3 من مارس سنة 1960 إلى 12 من مارس سنة 1960 ثم عاد وتنكر لها، كما أن القومسيون الطبي العام لا يختص باعتماد الإجازات المرضية الممنوحة لضباط الشرطة بواسطة الهيئات المحلية إذ أن اختصاصه ينحصر طبقاً للمادة 28 من القانون رقم 234 لسنة 1955 بشأن نظام هيئة الشرطة في حالات المرض الذي يحتاج المرء منه إلى علاج طويل تجاوز مدته التسعة أشهر. وانتهى المدعي من ذلك أن تغيبه عن العمل كان له ما يبرره.
وردت وزارة الداخلية على الدعوى قائلة إن المدعي كان يعمل ضابطاً بمحافظة قنا ومنح إجازة اعتيادية لمدة تبدأ من 31 من ديسمبر سنة 1959 وتنتهي في 24 من يناير سنة 1960 ولم يتوجه إلى عمله بعد انتهاء إجازته وأبلغ بمرضه وتقرر منحه إجازة لمدة عشرة أيام اعتباراً من 3 من مارس سنة 1960 ولم تتضمن الشهادة الطبية كيفية احتساب المدة السابقة على منحه هذه الإجازة والتي انقطع خلالها عن العمل. وفي 12 من مارس سنة 1960 أبلغ المدعي محافظة قنا بأنه لا زال مريضاً فأحيل إلى القومسيون الطبي المحلي بالجيزة الذي قرر منحه ستين يوماً وبعرض الأمر على القومسيون الطبي العام قرر في 25 من إبريل سنة 1960 عدم اعتماد هذه الإجازة وتشكيل لجنة من أعضائه لإعادة الكشف الطبي على المدعي وعندما توجهت اللجنة المشار إليها إلى محل سكنه بالجيزة في 26 من إبريل سنة 1960 لم تجده بمنزله وأخبرها والده بأنه سافر إلى الإسماعيلية دون أن يخبر بمحل إقامته بها أو يترك عنوان سكنه بها فنبهت عليه اللجنة بإخطاره بضرورة الحضور إلى القومسيون الطبي العام لتوقيع الكشف الطبي عليه إلا أن المدعي لم ينفذ ما طلب منه. وفي 11، 16 من مايو سنة 1960 أبلغ المدعي محافظة قنا بأنه لا يزال مريضاً وأنه يقيم طرف زوج شقيقته بنادي عائلات القوات المسلحة بفايد وأنه لا يمكنه عرض نفسه على القومسيون الطبي العام بالقاهرة. وقد كشف عليه بمعرفة القومسيون الطبي المحلي بالقنال وتقرر منحه إجازة لمدة ثلاثين يوماً اعتباراً من 28 من مايو سنة 1960 مع احتساب المدة السابقة إجازة مرضية. وبعرض هذه النتيجة على القومسيون الطبي العام قرر بتاريخ 10 من يونيو 1960 عدم اعتماد هذه النتيجة مع إخطار القومسيون الطبي المحلي بالقنال بتشكيل لجنة من أعضائه لإثبات حالة المدعي المرضية والتنبيه عليه بضرورة المثول أمام القومسيون الطبي العام إن كانت حالته تسمح بذلك غير أنه اتضح للجنة عند توجهها إلى محل إقامته أنه غادره دون أن يترك عنوان مسكنه الجديد. وفي 21 من يونيه سنة 1960 عاد المدعي إلى عمله دون أن يعرض نفسه على القومسيون الطبي العام. وقد وقع قومسيون طبي قنا الكشف الطبي عليه في 28 من يوليه سنة 1960 وانتهى إلى أن حالته طبيعية ولا يوجد أية علامة مرضية تجزم بسابقة مرضه. وبعرض هذا التقرير على القومسيون الطبي العام قرر عدم اعتماد الإجازات المرضية السابق منحها له في المدة من 25 من يناير سنة 1960 إلى 20 من يونيه سنة 1960. وبعد إجراء التحقيق اللازم قرر السيد مدير أمن قنا في 22 من مايو سنة 1961 مجازاة المدعي بخصم يوم من مرتبه مع خصم أيام الغياب وقدرها 148 يوماً من مرتبه لادعائه المرض وتجاوزه الإجازات الاعتيادية المقرر له. وقد تظلم المدعي من هذا القرار في 30 من يونيه سنة 1961 وأقام دعواه في 23 من أكتوبر سنة 1961.
وأشار الدفاع عن الحكومة إلى أن القومسيون الطبي العام يملك طبقاً للمادة 17 من لائحة القومسيونات التي كانت سارية وقت صدور القرار المطعون فيه سلطة تقديرية مطلقة في اعتماد أو عدم اعتماد الشهادات الطبية الصادرة من أطباء الأقسام بالقاهرة ومن القومسيونات الطبية في المديريات والمحافظات بمنح إجازات مرضية للموظفين والمستخدمين بما لا معقب عليها من القضاء باعتبار أن ما يصدر منها في هذا الشأن هو من الأمور الفنية واستناداً إلى هذا قرر القومسيون الطبي العام عدم اعتماد الشهادات الطبية الصادرة من القومسيونات المحلية في شأن المدعي بعد أن اتضح عدم صحة ادعاء المدعي بأنه كان مريضاً وبذلك تكون الدعوى قد افتقدت الأساس الذي تقوم عليه وطلبت الحكومة رفض الدعوى.
وبجلسة 10 من يونيه سنة 1964 قضت محكمة القضاء الإداري بإلغاء القرار المطعون فيه وأقامت قضاءها على أن التقارير الطبية الصادرة التي نسب إلى المدعي فيها التمارض تضمنت جميعها واقعة المرض ومن ثم فإن وصفه بالتمارض يكون وصفاً لا سند له من الواقع كما تكون إدانته لادعاء المرض إدانة لم تصادفه محلاً وأنه لا يغير من الوضع شيئاً عدم اعتماد القومسيون الطبي العام للتقارير التي أشارت إلى مرضه لأن التقارير الطبية تهدر واقعة ادعاء المدعي المرض وتنفيها عنه وبذلك ينهار السبب الأول من أسباب قرار الجزاء المطعون فيه ويكفي هذا لتعييب القرار دون حاجة إلى بحث السبب الآخر، ويتعين لذلك الحكم بإلغاء هذا الجزاء. وبالنسبة لخصم ماهية المدعي عن مدة الانقطاع وقدرها 148 يوماً استناداً إلى المادة 43 من القانون رقم 234 لسنة 1955 الخاص بهيئة الشرطة فقد أوضحت المحكمة أن المدعي قام بإخطار الجهة الإدارية بواقعة مرضه فور انتهاء إجازته الاعتيادية المسموح له بها وبذلك يكون عدم عودته إلى عمله له ما يبرره وذهبت المحكمة إلى أنه لا اعتداد بما قد يثار من أنه يتعين اعتماد الإجازات الممنوحة إلى القومسيونات المحلية من القومسيون الطبي العام استناداً إلى المادة 17 من لائحة القومسيونات الطبية وذلك لأن هذه اللائحة صدرت في سنة 1945 سابقة على القانون رقم 234 لسنة 1955 وقد قصرت المادة 48 من هذا القانون اختصاص القومسيون الطبي العام على تحديد الأمراض التي يحتاج البرء منها إلى علاج طويل وذلك إذا استنفذ الضابط إجازته المرضية ذات المرتب الكامل ومتوفر إجازاته الاعتيادية وأن المدعي لم يستنفد إجازاته المرضية وبالتالي فإنه يعتد بقرار القومسيون الطبي المحلي.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم اعتمد على التقارير الطبية المحلية في حين أن هذه التقارير لا يحتج بما ورد فيها إلا بعد اعتمادها من القومسيون الطبي العام طبقاً لأحكام المادة 17 من لائحة القومسيونات الطبية. ولما كان القومسيون الطبي العام قد رفض اعتماد الإجازات المرضية السابقة والشهادات الصادرة في هذا الشأن لعدم ثبوت مرض المطعون ضده خلالها فإنه لا يكون لهذه الشهادات المرضية أية حجة في إثبات المرض وكان يتعين الاعتداد بما ورد في التقرير المقدم من قومسيون طبي قنا والمعتمد من القومسيون الطبي العام الذي يدل على ادعاء المطعون ضده المرض خلال الفترة التي انقطع فيها عن العمل وبذلك يكون قرار الجزاء قد قام على سببه، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد خالف القانون. وأضاف الطعن أن ما انتهت إليه المحكمة من أن القانون رقم 234 لسنة 1955 سالف الذكر لم يخضع الإجازات التي تمنح من القومسيونات المحلية لاعتماد القومسيون الطبي العام لا سند له القانون. وخلص تقرير الطعن إلى طلب الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى المطعون ضده وإلزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة قدمت تقريراً انتهت فيه إلى أنها ترى قبول الطعن شكلاً وتعديل الحكم المطعون فيه على أساس أحقية المطعون ضده في مرتبه عن المدة من 25 من يناير سنة 1960 إلى 12 من مارس سنة 1960 فقط وبنت رأيها على أن أحكام القانون رقم 234 لسنة 1955 سالف الذكر لم يقصد إلى استحداث حكم جديد في شأن اختصاص السلطات الطبية المختصة المحددة في لوائحها الأمر الذي يتعين تطبيق حكم المادة 17 من لائحة القومسيونات الطبية التي تقضي بأن يصدق القومسيون الطبي العام على قرارات القومسيونات المحلية بالنسبة للإجازات المرضية إذا طالت بالامتداد عن ستين يوماً بناء عليه يكون الحكم المطعون فيه قد خالف حكم القانون. وأضاف التقرير أن المطعون ضده أخطر بمرضه عقب انتهاء إجازته الاعتيادية في 24 من يناير سنة 1960 ووقع مفتش صحة الجيزة قسم ثان الكشف الطبي عليه في 3 من مارس سنة 1960 ومنحه إجازة مرضية قدرها عشرة أيام من تاريخ الكشف عليه ولم يثر القومسيون الطبي العام بشأنها شيئاً وبذلك تكون المدة من 25 من يناير سنة 1960 إلى 12 من مارس سنة 1960 قد سويت باعتبارها إجازة مرضية أما الإجازات التالية فإن القومسيون الطبي العام لم يعتمدها في حدود سلطة التقدير به ودون انحراف منه.
وقد عقبت الجهة الطاعنة على تقرير السيد المفوض قائلة إن إبلاغ القومسيون الطبي العام مديرية أمن قنا بالإجازة التي قررها السيد مفتش صحة الجيزة للمطعون ضده اعتباراً من 3 من مارس سنة 1960 دون اعتراض لا يعني الموافقة عليها طالما لم تكن هنا موافقة صريحة ومن ثم فلا حجة فيما ذهب إليه تقرير السيد المفوض من استحقاق المطعون ضده أجره عن المدة من 25 من يناير سنة 1960 إلى 12 من مارس سنة 1960.
وقدم المطعون ضده مذكرة ردد فيها دفاعه السابق.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على لائحة القومسيونات الطبية الصادرة في 13 من يونيه سنة 1945 أنها خولت القومسيون الطبي العام والقومسيونات الطبية بالمديريات والمحافظات وأطباء الصحة بالمراكز والأقسام سلطة الكشف الطبي على فئات الموظفين والمستخدمين والعمال وما إليهم لتقرير لياقتهم الطبية أو لتقدير سنهم أو لمنحهم الإجازات المرضية وحددت اختصاص كل من هذه الجهات الطبية في هذا الصدد وسلطة كل من القومسيون الطبي العام والقومسيونات الطبية بالمديريات والمحافظات من اعتماد الشهادات الطبية الصادرة من الهيئات الطبية الدنيا وبهذه المثابة فإن اللائحة تسري على ضباط البوليس ورجال البوليس باعتبارهم من الفئات التي نصت عليها اللائحة وهو ما أكدته الكشوف المرافقة لهذه اللائحة والخاصة بتحديد درجة الإبصار المقررة إذا انطوت على تحديد درجة الإبصار اللازمة لضباط البوليس وغيرهم من رجال البوليس. ولم يخرج القانون رقم 234 لسنة 1955 بنظام هيئة البوليس الذي يحكم الواقعة الماثلة عن الحدود التي رسمتها لائحة القومسيونات الطبية المشار إليها فلم يقض بعدم إعمال هذه اللائحة كلها أو بعضها في شأن رجال هيئة البوليس ولم يتضمن أحكاماً تنظيمية تفصيلية تنبئ بالخروج على ما انطوت عليه هذه اللائحة من أحكام في شأن الإجازات الطبية للضباط. بل إنه على النقيض من ذلك جاءت المادة 47 من القانون رقم 234 لسنة 1955 سالفة الذكر مؤكدة خضوع ضباط البوليس في شأن إجازاتهم المرضية للنظام الذي حددته لائحة القومسيونات المشار إليها إذ نصت على أن "تمنح الإجازة المرضية بناء على قرار من القومسيون الطبي المختص". ولما كانت لائحة القومسيون الطبي العام قد حددت اختصاص كل من أطباء المراكز والأقسام والقومسيونات الطبية المحلية بالمديريات والمحافظات والقومسيون الطبي العام وبينت الحالات التي يتعين فيها اعتماد الإجازات المرضية والسلطة المختصة بذلك، فإن هذا النظام الذي رسمته لائحة القومسيون الطبي العام يكون هو الواجب الاتباع في شأن منح الإجازات المرضية لضباط البوليس مما لا حجة معه في الادعاء بأن القومسيون الطبي المحلي هو المختص بمنح إجازات ضباط البوليس دون معقب عليه من القومسيون الطبي العام في الحدود التي رسمتها لائحته. ولا ينهض حكم المادة 48 من القانون المذكور دليلاً على هذا الزعم فقد قضت هذه المادة بأنه "إذا استنفد الضابط الذي يصاب بمرض يحتاج البرء منه إلى علاج طويل إجازته المرضية ذات المرتب الكامل ومتوفر إجازاته الاعتيادية يجوز لوزير الداخلية أن يمنحه إجازة استثنائية بمرتب كامل المدة اللازمة لعلاجه بحيث لا تجاوز تسعة أشهر. ويرجع في تحديد الأمراض التي من هذا النوع ومدة العلاج إلى القومسيون الطبي العام". ومؤدى هذا النص أن المشرع خول القومسيون الطبي العام بوصفه الجهة الطبية الفنية العليا أمر تحديد الأمراض المشار إليها ومدة العلاج اللازمة لها وهو بصدد منح الإجازة الاستثنائية المنصوص عليها وذلك دون أن يرمي من ورائه إلى قصر اختصاص القومسيون الطبي العام في شئون إجازات الضباط على إبداء رأيه في هذا النوع من الإجازات الاستثنائية إذ أن هذا المعنى لا يقتضيه النص ولا تحتمله صياغته، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد خالف حكم القانون.
ومن حيث إن المادة السادسة عشرة من لائحة القومسيونات المشار إليها تنص على أن "جميع الشهادات الطبية الصادرة من القومسيونات الطبية في المديريات والمحافظات بمنح الموظفين والمستخدمين إجازات مرضية تزيد مع الامتداد عن ستين يوماً يجب أن ترسل مباشرة من القومسيونات الطبية في المديريات والمحافظات إلى القومسيون الطبي العام للتصديق عليها وبعد التصديق أو عدم التصديق أو تعديل مدتها يعيدها القومسيون الطبي العام..." وتنص الفقرة 21 من المادة السابعة عشرة على أن يختص القومسيون الطبي العام "باعتماد أو عدم اعتماد الشهادات الطبية الصادرة من القومسيونات الطبية في المديريات والمحافظات بمنح إجازات مرضية للموظفين الدائمين إجازات مرضية تزيد مع الامتداد عن ستين يوماً..." وتنص الفقرة 20 من المادة السابعة عشرة بأن يختص القومسيون الطبي العام "باعتماد أو عدم اعتمادات الشهادات الطبية التي يحررها أطباء الأقسام بالقاهرة بمنح إجازات مرضية تزيد عن عشرة أيام" وتشير الفقرة 13 من المادة الثامنة عشرة بأن تختص القومسيونات الطبية بالمديريات والمحافظات "باعتماد أو عدم اعتماد الشهادات الطبية المحررة بمعرفته أطباء المراكز بمنح إجازات مرضية تزيد مدتها عن عشرة أيام. أما الشهادات الطبية الخاصة بمنح إجازات مرضية تزيد على ستين يوماً فيجب إرسالها للقومسيون الطبي العام للنظر في التصديق عليها". ومقتضى هذه الأحكام أن الشهادات الطبية المحررة بمعرفة أطباء الأقسام بالقاهرة أو أطباء المراكز بمنح الموظفين إجازات مرضية تزيد على عشرة أيام يتعين عرضها على القومسيون الطبي العام في الحالة الأولى وعلى القومسيونات الطبية بالمديريات والمحافظات في الحالة الثانية للاعتماد، فإذا تجاوزت الإجازة الممنوحة للموظف ستين يوماً بالامتداد فإنه يتعين اعتمادها من القومسيون الطبي العام وبذلك لا تنتج الشهادة الطبية بمنح الإجازة المرضية في الحالات المشار إليها أثرها القانوني ولا تكون لها حجية في هذا الصدد إلا بعد عرضها على القومسيون الطبي صاحب السلطة النهائية في التعقيب عليها واعتمادها، واعتماد الشهادات الطبية المشار إليها أو عدم اعتمادها من الأمور الفنية ذات التقدير الموضوعي المنوطة قانوناً بالقومسيون الطبي العام أو القومسيونات الطبية في المديريات والمحافظات حسب الأحوال ومن ثم فإنها تستقل بها في حدود سلطتها التقديرية دون معقب عليها من القضاء الإداري ما لم يقم الدليل من الأوراق على انحرافها بسلطتها.
ومن حيث إن الثابت من الاطلاع على الأوراق أن المدعي منح إجازة اعتيادية لمدة 25 يوماً من 31 من ديسمبر سنة 1959 إلى 24 من يناير سنة 1960 لتأدية الامتحان بجامعة القاهرة المنتسب إليها ثم أبلغ بمرضه وحدد عنوانه بقسم ثان الجيزة ولما كان أخ المدعي قد قرر في 10 من فبراير سنة 1960 بأن أخاه مريض ولا يمكنه التوجه إلى القومسيون الطبي لشدة مرضه فقد انتدب القومسيون الطبي السيد مفتش صحة الجيزة/ 2 لتوقيع الكشف الطبي عليه فوجده مصاباً بالتهاب حاد بحوض الكلى ومنحه إجازة لمدة عشرة أيام اعتباراً من 3 من مارس سنة 1960 وعرض الأمر على القومسيون الطبي وقام السيد مدير عام مصلحة القومسيونات الطبية بإخطار السيد مدير قنا في 9 من إبريل سنة 1960 بالنتيجة دون أن يعترض عليها أو يعقب عليها وكان تحت نظره أن المدعي منقطع عن العمل من 25 من يناير سنة 1960. وقد عاد المدعي وأبلغ بأنه ما زال مريضاً فعهد القومسيون الطبي إلى السيد مفتش صحة الجيزة/ 2 بالاتحاد مع طبيب صحة الجيزة/ 1 بالكشف عليه، وبالكشف عليه في 10 من إبريل سنة 1960 وجد مصاباً بالتهاب حاد بحوض الكلى ومنح إجازة قدرها ستون يوماً ثم سمح له بعمل خفيف لمدة شهرين وقد رأى القومسيون الطبي العام في 26 من إبريل سنة 1960 عدم اعتماد الإجازة المذكورة وتشكيل لجنة طبية للكشف عليه بمنزله لتقرير حالته، وقد حددت اللجنة المشار إليها يوم 27 من إبريل سنة 1960 لتوقيع الكشف الطبي عليه إلا أن والد المدعي قرر في 26 من إبريل سنة 1960 أن ابنه سافر إلى الإسماعيلية للاستجمام ولم يترك عنوانه حتى يمكنه الاتصال به. وفي 11 من مايو سنة 1960 أبلغ المدعي بأنه مريض ويقيم طرف السيد/ طاهر فتحي القيسوني بسكنه بنادي عائلات القوات المسلحة بفايد، وبناء على هذا أخطر السيد مدير قنا القومسيون الطبي العام بتوقيع الكشف الطبي على المدعي في جلسة 16 من مايو سنة 1960 كما أخطر سيادته السيد محافظ الإسماعيلية لإعلان المدعي كتابة بتقديم نفسه إلى القومسيون الطبي العام في التاريخ المحدد. وقد أفادت محافظة الإسماعيلية برقياً في 13 من مايو سنة 1960 بأنها تلقت إشارة من رياسة القطاع بفايد بأن المدعي مريض وملازم الفراش ولا يمكنه التوجه إلى القومسيون الطبي العام ثم عادت محافظة الإسماعيلية وأبرقت في ذات اليوم بأن العسكري الذي توجه لإعلان المدعي كتابة قد أفاد بأنه لا يوجد عائلات بنادي العائلات. وقد عهد القومسيون الطبي العام إلى رئيس قومسيون طبي القنال انتداب من يلزم الكشف على المدعي وبناء على ذلك قام السيدان مفتشا صحة قسم/ 1، / 2 الإسماعيلية بالكشف عليه في 21 من مايو سنة 1960 وأثبتا أنه مصاب بالتهاب بالعصب الوركي وقررا له إجازة قدرها ثلاثون يوماً من تاريخ الكشف عليه وقد قرر القومسيون الطبي العام عدم اعتماد هذه الإجازة وأخطر قومسيون طبي القنال بإشارة في أول يونيه سنة 1960 بتشكيل لجنة للانتقال لتوقيع الكشف عليه بمحل إقامته وتكليفه بالحضور أمام القومسيون الطبي العام إذا كانت حالته تسمح بذلك. وقد أفاد السيد مدير عام منطقة بور سعيد الطبية بأن السيد حكمدار نادي العائلات بفايد قرر بأن السيد الرائد طاهر البسيوني انتهت مدة إقامته في 28 من مايو سنة 1960. وقد عاد المدعي إلى عمله في قنا في 21 من يونيه سنة 1960 وعرض على القومسيون الطبي بقنا في 28 من يوليه سنة 1960 الذي قرر بأن نبضه وحرارته طبيعيان وأنه بفحص بوله وجد طبيعياً وأثبت أنه لم يعد به أي علامات مرضية تجزم بسابقة مرضه وأن حالته الصحية طبيعية. وقد قرر القومسيون الطبي العام بجلسته المنعقدة في 10 من أغسطس سنة 1960 أنه بناء على ما قرره القومسيون الطبي العام في 27 من إبريل سنة 1960 وأول يونيه سنة 1960 بعدم اعتماد الإجازات الممنوحة لسيادته بمعرفة القومسيونات المحلية وبعد الاطلاع على قرار قومسيون طبي قنا فإنه يأسف لعدم احتساب المدة من 25 من يناير سنة 1960 إلى 20 من يونيه سنة 1960 إجازة مرضية. وبناء على ذلك أجري التحقيق مع المدعي وانتهى الأمر بأن أصدر السيد مدير قنا في 22 من مايو سنة 1961 قراراً بمجازاة المدعي بخصم ما يوازي مرتب يوم من راتبه الشهري مع خصم ماهيته مدة الانقطاع عن العمل وقدرها 148 يوماً لما نسب إليه من أنه تحايل على عدم المثول أمام القومسيون الطبي العام رغم إعلانه كتابة بذلك مما يؤخذ منه ادعاؤه المرض.
ومن حيث إن الوقائع السابقة وما لابسها من التصرفات التي لجأ إليها المدعي تكشف عن أنه قد عمد إلى التهرب من المثول أمام القومسيون الطبي العام للكشف عليه، إذ غادر المدعي محل إقامته في الجيزة وانتقل إلى الإسماعيلية وادعى والده في 26 من إبريل سنة 1960 أن ابنه لم يترك عنوانه لإمكان الاتصال به للحضور أمام القومسيون الطبي العام في 27 من إبريل سنة 1960 لتوقيع الكشف الطبي عليه، ولم يمتثل المدعي لطلب القومسيون الطبي العام في هذا الشأن. ثم أبرق المدعي بأنه يقيم بنادي العائلات بفايد لدى أحد ضباط القوات المسلحة وأنه ملازم الفراش لمرضه ولذلك لا يمكنه التوجه إلى القومسيون الطبي العام للكشف عليه في 16 من مايو سنة 1960، وفي نفس الوقت تبين للعسكري الذي كلف بإخطاره كتابة للتوجه إلى القومسيون الطبي العام في التاريخ المذكور أن أحداً لا يقيم بنادي العائلات مما ينتفي معه ادعاء المدعي ملازمته للفراش. وفي 28 من مايو سنة 1960 وبعد ستة أيام من الكشف عليه في القنال ومنحه إجازة قدرها ثلاثون يوماً تبين من أقوال حكمدار نادي العائلات بفايد أن المدعي قد انتهت إقامته في فايد ولم يخطر عن محل إقامته وبذلك لم يتيسر للجنة التي طلب القومسيون الطبي العام تشكيلها توقيع الكشف الطبي عليه. وظل المدعي على موقفه هذا إلى أنه تسلم عمله في قنا في 21 من يونيه سنة 1960 دون أن يمتثل لطلب القومسيون الطبي العام بالرغم من علمه بذلك وبالرغم من أن حالته الصحية على ما يتضح من كثرة تنقلاته في فترات متقاربة بين الجيزة والإسماعيلية وفايد وعدم التزامه محل إقامته لا توحي بأنه كان يلازم الفراش حقاً. هذا فضلاً عما ثبت للقومسيون الطبي العام من صحة ما انتهى إليه قومسيون طبي قنا من أنه لم يوجد بالمدعي علامات تجزم بسابقة مرضه وهو الأمر الذي بسببه لم يوافق القومسيون الطبي العام على احتساب مدة تغيبه إجازة مرضية وقد أكد السيد مدير عام الإدارة العامة للقومسيونات الطبية في كتابه المؤرخ في 6 من يناير سنة 1963 سلامة ما انتهى إليه القومسيون الطبي العام في هذا الشأن حيث أشار إلى أن توقيع الكشف الطبي على المدعي بعد أربعين يوماً من تماثله للشفاء تسفر غالباً عن ظهور بعض علامات إكلينيكية تدل على سابقة إصابته بحالة مرضية لمدة طويلة وأن القومسيون الطبي العام يستند في رأيه إلى العلامات الإكلينيكية عند إعادة الكشف عليه بعد تماثله للشفاء والاطلاع على جميع المستندات الطبية المتعلقة بفحص حالته وعلاجها. ومؤدى ذلك أن المدعي لم يمتثل لطلب القومسيون الطبي العام بعرض نفسه عليه كما أن عدم اعتماد القومسيون الطبي العام للإجازات التي منحت للمدعي في 10 من إبريل سنة 1960 و22 من مايو سنة 1960 للأسباب التي أشار إليها قومسيون طبي قنا تنطوي على ادعائه المرض وبذلك يكون قرار الجزاء قد قام على سببه مبرءاً من عيب عدم المشروعية.
ومن حيث إنه عن المدة التي انقطع فيها المدعي عن العمل فإن الثابت بالنسبة للفترة من 25 من يناير سنة 1960 إلى 12 من مارس سنة 1960 أن المدعي أبلغ بمرضه عقب انتهاء إجازته الاعتيادية في 24 من يناير سنة 1960 وأوضح عنوانه دون أي تقصير من جانبه وقد وقع السيد مفتش صحة قسم ثان الجيزة الكشف الطبي عليه بناء على طلب القومسيون الطبي العام في 3 من مارس سنة 1960 وقرر منحه إجازة لمدة عشرة أيام من تاريخ الكشف عليه بما يستفاد منه اعتماده فترة انقطاع المدعي السابقة على ذلك واعتبارها إجازة مرضية وكانت تخضع بهذه المثابة للاعتماد إلا أن القومسيون الطبي العام لم يعقب على شهادة السيد مفتش الصحة بذلك بل أبلغها إلى السيد مدير قنا في 9 من إبريل سنة 1960 دون أن يعترض عليها بما ينطوي على موافقته عليها خاصة إذا ما قورن هذا التصرف بموقف القومسيون الطبي العام بالنسبة للإجازات التي منحت للمدعي في 10 من إبريل و22 من مايو سنة 1960 إذ قرر في إخطاره بكل منها عدم اعتماده إياها، ويؤكد ذلك ويسانده أن قرار القومسيون الطبي العام الصادر في 10 من أغسطس سنة 1960 بعدم احتساب مدة الانقطاع من 25 من يناير إلى 20 من يونيه سنة 1960 إجازة مرضية أشار في ديباجته إلى ما يفيد أنه لم يعتمد الإجازة المرضية التي منحت للمدعي في تاريخي 10 من إبريل و22 من مايو سنة 1960 دون الإجازة الأولى.
ومن حيث إن محصل ما تقدم ولازمه أنه ما كان يجوز للقومسيون الطبي العام أن يعترض على الإجازة الأولى من 25 من يناير إلى 12 من مارس سنة 1960 بعد إذ أقرها ضمناً بعدم الاعتراض عليها وصارت بذلك نهائية لا تقبل التعقيب عليها ومن ثم تنحصر ولايته في عدم اعتماد الإجازتين التاليتين من 13 من مارس إلى 20 من يونيه سنة 1960 دون تعديه هذه الولاية إلى الإجازة الأولى.
ومن حيث إن المادة 43 من القانون رقم 432 لسنة 1955 سالف الذكر تقضي بأن كل ضابط لا يعود إلى عمله بغير مبرر بعد انتهاء مدة إجازته مباشرة يحرم من مرتبه عن مدة غيابه ابتداء من اليوم التالي لليوم الذي انتهت فيه إجازته مع عدم الإخلال بالمحاكمة التأديبية. وإذ كان المدعي قد منح إجازة مرضية انتهت في 12 من مارس سنة 1960 ولم يعد إلى عمله بغير مبرر بعد انتهائها على الوجه السالف البيان فإن ذلك يستتبع قطعاً حرمانه من مرتبه عن مدة غيابه ابتداء من 13 من مارس سنة 1960 فضلاً عن محاكمته إدارياً. ولما كانت الجهة الإدارية قد ارتأت بحق مجازاة المدعي بخصم يوم من مرتبه فإنها تكون قد التزمت سنن القانون بما لا وجه للنعي عليه، فيما ارتأته من مجازاة المدعي في حدود اختصاصها، أما بالنسبة للشق الثاني من القرار المطعون فيه الخاص بحرمان المدعي من مرتبه خلال مدة غيابه بغير مبرر فإنه يتعين قصر هذا الحرمان على الفترة من 13 من مارس سنة 1960 إلى 20 من يونيه سنة 1960 مع استبعاد الفترة من 25 من يناير سنة 1960 إلى 12 من مارس سنة 1960 من مغبة هذا الحكم.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وقد قضى بإلغاء القرار المطعون فيه فإنه يكون قد خالف حكم القانون ويتعين من ثم تعديله بالاقتصار على إلغاء القرار الإداري المطعون فيه بالنسبة إلى ما تضمنه من حرمان المدعي من مرتبه عن مدة تغيبه اعتباراً من 25 من يناير حتى 12 من مارس سنة 1960 ورفض ما عدا ذلك من طلبات المدعي على الوجه المبين بالأسباب مع إلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بتعديل الحكم المطعون فيه وذلك بإلغاء القرار الإداري المطعون فيه فيما تضمنه من خصم مرتب المدعي عن مدة انقطاعه عن العمل من 25 من يناير سنة 1960 حتى 12 من مارس سنة 1960 ورفضت ما عدا ذلك من طلبات المدعي على الوجه المبين بالأسباب وألزمته بالمصروفات.